رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

النقطةُ العمياءُ اجتماعياً

توجدُ مساحةٌ حولَ السيارةِ لا يمكنُ للمرآةِ أنْ ترصدَها، تُسمى بالنقطةِ العمياء، التي تُعَـدُّ سبباً في كثيرٍ منْ حوادثِ السيرِ. ولو نظرنا حولَنا لَلاحظنا أنَّ معظمَنا توجدُ في حياتِـهِم نقاطٌ عمياءُ تُسبِّبُ مشكلاتٍ أُسريةً واجتماعيةً تنتجُ عنها اضطراباتٌ نفسيةٌ، وانحرافاتٌ أخلاقيةٌ وسلوكيةٌ. والأمرُ الـمُستغربُ أنَّ أكثرَنا يعتقدونَ أنَّها موجودةٌ في الآخرينَ فقط، وكأنَّها مثلُ الـموتِ الذي يهربون من خوفِهِم منه بافتراضِهِم أنَّـهُ شيءٌ يحدثُ لسواهم، رغم إيمانِهِم بأنَّهُ أمرٌ لا مفرَّ لجميعِ الأحياءِ منه. وهذه الحالةُ منْ الهروبِ النفسيِّ نجدُها في كلِّ مجالاتِ الحياةِ الخاصةِ والعامةِ.عندما نبحثُ في أسبابِ جنوحِ الأحداثِ، فسنجدُ أنَّ معظمَها ناتجٌ عن خللٍ في العلاقاتِ بينَ الزوجينِ، وعلاقاتِهِما بأبنائِهِما. فمثلاً، بعضُ الأزواجِ يُبصرونَ كلَّ الصفاتِ الرائعةَ في نساءِ الأرضِ، وينظرونَ بإعجابٍ شديدٍ إلى أدبِ وذكاءِ أبناءِ الآخرينَ، أما جمالُ و رِقَّـةُ وطيبةُ زوجاتِهِم، وأدبُ وذكاءُ ومواهبُ أبنائِهِم، فإنَّها أمورٌ تقعُ في الـمساحةِ التي لا تُغطيها النقطةُ العمياءُ في نفوسِـهِم وعقولِهِم. وأيضاً، تلعبُ نفسُ النقطةِ عندَ الزوجةِ دوراً كبيراً في تحطيمِ وجودِ الأبِ في نفوسِ الأبناءِ، عندما تندبُ حظَّها الذي جعلَـهُ زوجاً لها، وتُصِـرُّ على أنَّها لم تَـرَ منه أبداً ما يُسعـدُها، ولا تنظر إلى حنانِهِ وسعيه الدائمِ لرعايةِ أسرتِـهِ، وضمانِ ما يُحقق لها حياةً كريمةً طيبةً. وبالطبعِ، فإنَّ ذلك، يؤثر سلباً وبشدةٍ على الاتزانِ النفسيِّ للأطفالِ، ويجعلُهُم يهربونَ من واقعِهِم الـمريرِ إلى العُزلةِ، أو السلوكِ العنيفِ الذي يتحدُّونَ به قِـيَـمَ الـمجتمعِ وضوابطَهُ الأخلاقيةَ. وهذا يؤدي إلى جُنوحِهِم الـمُبكرِ.وفي حياتِنا العامةِ، نجدُ أشخاصاً لا يَفصلونَ بينَ الخاصِّ والعامِّ في تعامُلِهِم معَ الآخرينَ. فمنهم مَنْ يثورُ إذا كانَ يقودُ سيارتَـهُ ثم رأى شخصاً في سيارةٍ مجاورةٍ ينظرُ إليه، فتمنعُهُ نقطتُهُ العمياءُ منْ تقديرِ الأمرِ منطقياً، ويعتبرُهِ جريمةً انْـتُهِـكَتْ بها خصوصيتُهُ. ومنهم مَنْ يتعاملُ معَ الـمُراجعينَ في موقعِ عملِـهِ وكأنَّهُم أناسٌ مُزعجونَ عليهم إطاعتُـهُ دونَ نقاشٍ، ولا ينظرُ إليهم كبشرٍ لهم مصالحُهُم التي ترتبطُ بأدائِـهِ مهامَّ عملِـهِ على أكملِ وجهٍ، وبإجابتِـهِ عن استفساراتِـهِم بصبرٍ. وفي الـمقابلِ، نجدُ أنَّ النقاطَ العمياءَ لبعضِ الـمراجعينَ تَحولُ بينهم وبينَ الالتزامِ بالنظامِ، فيرونَ في الـموظفِ أو العاملِ شخصاً لابدَّ من التعاملِ معه بجلافةٍ وكأنَّـهُ آلة لا مشاعرَ فيها.أما النقطةُ العمياءُ الأشدُّ خطراً، فهي التي تمنعُ أولياءَ الأمورِ من رؤيةِ الخللِ في تنشئتِهِم لأبنائِـهِم، ورعايتِهِم لهم. فنجدُهم يَشنُّونَ الحملاتِ الظالـمةَ على الـمُدرسينَ، ويحَـمِّلونَهُم تراجعَ الـمستوى الدراسيِّ لأبنائِهم. وإذا قلنا لهم إنَّ الخللَ في الأسرةِ، اتَّسَعَتْ مساحةُ النقطةِ لتَشملَنا، فنُصبحُ في نَظَرِهِم أغبياء مُدَّعينَ. والضحايا، في هذا الصراعِ، هم الأبناءُ الذين يتضاءلُ احترامُهُم للمُدرسينَ، فيُهملونَ في دراستِهِم اعتماداً على أنَّ أولياءَ أمورِهِم في صفِّهِم مطلقاً.كلمةٌ أخيرةٌ:إذا لم نَسعَ بجدٍّ للتوعيةِ بثقافةِ النقدِ الذاتيِّ فلن نتمكنَ منَ التَّغَلُّبِ على نقاطِنا العمياءِ، وسنظلُّ قابعينَ في قواقعِ الأنا الـمُتَضَخِّـمةِ في نفوسِنا بعيداً عنْ مفاهيمِ احترامِ الآخرِ، وتقديرِهِ، وتَفَهُّمِ ما يقولُهُ ويفعلُهُ.

636

| 21 فبراير 2017

العربي: لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد

يبدو أنَّ القلبَ العرباويَّ لم تَكفِـهِ جراحُـهُ الغائراتُ، فكانَ على موعدٍ مع انهيارٍ عظيمٍ في روحِـهِ الـمعنويةِ، وتَـصَـدُّعٍ هائلٍ في وجودِهِ الكرويِّ ذي الصَّرحِ الجماهيريِّ الضخمِ، فخسرَ فريقُ الأحلامِ بنتيجةِ 7 — 0 أمامَ السد؛ في مباراةٍ كتبتْ سطوراً منَ الانكسارِ قلَّما عرفها تاريخُـهُ، في مأساةٍ جعلتْ أملَ العرباويينَ وعاشقي القلعةِ الحمراءِ ينحصرُ في مجردِ عدمِ هبوطِها إلى دوري الدرجةِ الثانيةِ، بدلاً منَ الأملِ في عودتِها للمنافسةِ، والإسهامِ في كتابةِ تاريخِنا الكرويِّ. لسنا بحاجةٍ للحديثِ عن لاعبينَ لا ندري إنْ كانوا لاعبينَ حقاً، أو أطيافَ فاشلينَ لا يستحقونَ اللعبَ باسمِ القلعةِ الحمراءِ، ولا عن خططٍ باهتةٍ للمدربِ لتوظيفِ مهاراتِهم الـمُفترضَـةِ في الـمباراياتِ، ولكننا بحاجةٍ لتوجيهِ نداءٍ إلى رئيسِ النادي، سعادةِ الشيخِ خليفة بن حمد بن جبر آل ثاني، الذي يثق العرباويونَ به، ويرَوْنَ فيه رُباناً قديراً للسفينةِ العرباويةِ، وينتظرونَ منه إصلاحَها، وإعدادَ طاقمٍ جديدٍ لها، يستطيعُ الإبحارَ بها مواجهاً الأمواجَ الهائلة للتحدياتِ والصعوباتِ. نحن نتحدثُ عن إدارةٍ جديدةٍ برئاستِـهِ، تتكوَّنُ من مختصينَ في كلِّ الشؤونِ، أي إدارةٌ تكنوقراطيةٌ يكونُ أعضاؤها مؤمنينَ بأنَّ عضويَّاتِـهِم تكليفٌ، وبَذْلُ جهودٍ جبَّارةٍ، وليستْ تشريفاً وظهوراً إعلامياً.حتى نهايةِ الـموسمِ الكرويِّ، نتمنى على سعادةِ رئيسِ النادي، أنْ يُـعِـدَّ للموسمِ الـمُقْبلِ ليكونَ نقطةً للصحوةِ العرباويةِ. فالنادي بحاجةٍ لـمُموِّلينَ، ولإدارةٍ ماليةٍ يتولاها مختصونَ وهم كُثْرُ في صفوفِ العرباويينَ، بحيث يستطيعونَ جَذْبَ الـمُموِّلينَ والتخطيطَ السليمَ للموازنةِ العامةِ له، وجدولةَ الديونِ، والاستعدادَ لـمواجهةِ الظروفِ الطارئةِ، بصورةٍ لا تؤثِّرُ على الخططِ الـموضوعةِ للنهوضِ به. وهذا كلُّهُ بحاجةٍ لوجودِ شفافيةٍ في مخاطبةِ العرباويينَ والإعلامَ، بتلك الخططِ وكيفيةِ تنفيذِها مرحلياً، فتعودُ الجماهيرُ إلى الـملاعبِ، وتُبْعَثُ الثقةُ في نفوسِ الـمُموِّلينَ. أما سياسةُ التبريرِ الإعلاميِّ والانزواءِ، فقد مارستها الإداراتُ السابقةُ دون جدوى.الوقتُ غيرُ مناسبٍ لإلقاءِ اللومِ على هذا الطرفِ أو ذاك، ولا مجال للحديثِ عن الشِّلَلِـيَّةِ، لأنَّ ذلك مجردَ هروبٍ من مواجهةِ الواقعِ، الذي ينتظرُ العرباويونَ من سعادةِ رئيسِ النادي، قيادةَ القلعةِ الحمراءِ، لـمواجهتِـهِ وتغييرِهِ.كلمةٌ أخيرةٌ:أعظمُ الجروحِ العرباويةِ إيلاماً، هي التي تكون في الروحِ والنفسِ، فتستنزفُ رصيدَ الاعتزازِ والإحساسِ بالانتماءِ، لنادي القرنِ العشرين.

523

| 18 فبراير 2017

آنَ أوانُ التأثيرِ في المجتمع

يبدأ النجاحُ عندما ننتقلُ بالأفكارِ إلى طورِ التنفيذِ، كما هو الحالُ معَ اليومِ الرياضيِّ الذي بدأ بأفكارٍ حولَ تفعيلِ دورِ الرياضةِ في الـمجتمعِ بحيثُ تكونُ ركيزةً للتغييرِ الإيجابيِّ لأنماطِ التفكيرِ والسلوكِ الفرديِّ والجماعيِّ، ثم أصبحَ مناسبةً وطنيةً تبدو أهميتُها في صيرورتِهِ إجازةً رسميةً للقطاعينِ العامِّ والخاصِ، ويُحْـتْفَى به إعلامياً بالتغطيةِ للفعالياتِ والأنشطةِ التي تُقامُ في كلِّ أنحاءِ بلادِنا. ولأنَّـهُ يومٌ منَ الأيامِ التي نقفُ فيها معَ النَّفسِ لـمراجعةِ ما حققناه، وما نعملُ لتحقيقِـهِ. فهو معيارٌ نقيسُ به مدى نجاحِنا في تفعيلِ الرياضةِ كمقياسٍ للتَّحَضُّرِ والتنميةِ الاجتماعيةِ. ولو نظرنا بعينٍ مُدَقِّـقَـةٍ فإنَّنا سنلاحظُ أنَّهُ، رغمَ نجاحاتِنا بالانتقالِ به ليكونَ حَدَثاً وطنياً يتفاعلُ معه الناشئةُ والشبابُ، وهما الشريحتانِ الأكبرُ في مجتمعِـنا، لكنَّها لم تبلغِ الـمستوى الذي نطمحُ إليه. فالطلابُ يتعاملونَ معَـهُ كإجازةٍ رسميةٍ تعني، بالنسبةِ إليهم، النومَ والراحةَ لا غير، دون أنْ يرتبطَ في أذهانِـهم بحَدَثٍ ذي بُعْـدٍ اجتماعيٍّ حقيقيّ . وهذا يدفعُنا لإعادةِ النَّـظَـرِ في تعطيلِ الـمدارسِ خلالَـهُ، لأنَّ الواجبَ يقتضي مشاركةَ الطلابِ من الجنسينِ فيه بحضورٍ كثيفٍ وفاعلٍ، وهو أمرٌ لا يمكنُ تحقيقُـهُ إلا بدوامٍ رسميٍّ للمدارسِ تُقيمُ فيه كلُّ مدرسةٍ فعالياتٍ لطلابِها، وتشاركُ بعددٍ منَ الـموهوبينَ رياضياً وفنياً وأدبياً في الفعالياتِ والأنشطةِ الجماهيريةِ في الأماكنِ العامةِ، والـمُجَمَّعاتِ الثقافيةِ والسياحيةِ الكبيرةِ، والأنديةِ الرياضيةِ.ومنْ جانبٍ آخرَ، فإن التجديدَ في فقراتِ الفعالياتِ أمرٌ لابد منه، لأن الناشئةَ والشبابَ يعيشونَ في عالمٍ منفتحٍ إعلامياً، ويُعايشونَ التَّـقَـدَّمَ والتَجـدُّدَ الهائلينِ في كلِّ نواحي الحياةِ على كوكبنا عَبْرَ القنواتِ الفضائيةِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وبذلك يمتلكونَ القدرةَ على الحُكمِ بجودةِ ما يُقَـدَّمُ لهم. فليس منَ الـممكنِ جَذبُهُم للتفاعُلِ مع فعالياتِ هذا اليومِ، والـمشاركةِ فيها، إلا بالتخطيطِ والإعدادِ السليمِ لها، لتكونَ في مستوياتٍ عاليةٍ من التَّـقَدُّمِ والتَّطَوُّرِ. أما الاكتفاءُ، على سبيلِ الـمثالِ، بمهرجانٍ للمَشي على الكورنيش، وألعابِ شَـدِّ الحبلِ، ومسابقاتِ الجري، ، فهذا أمرٌ لا يجذبُ حتى صغارَ السنِّ في عصرنا. فتنبغي، إذن، متابعةُ ما تقومُ به الدولُ الأخرى في أيامٍ مثيلةٍ له، للاستفادةِ منْ تجاربِها في تقديمِ الأفضلِ لهم ليكونَ حضورُهم فاعلاً، يبعثُ الحياةَ والروعةَ فيه، ويعكسُ الوجهَ الحضاريَّ لـمجتمعِنا، والصورةَ الـمُشرقةَ لإنسانِنا الحيِّ الـمُبدعِ القادرِ على الاستجابةِ للتغييراتِ الإيجابيةِ العظيمةِ في مسيرةِ نهضتِنا. وأيضاً، نرى أن الوجودَ الإعلامي الكثيفَ للفنانينَ، ممثلين وتشكيليينَ، والشعراءِ، والأدباءِ، والرياضيينَ في فترةِ الإعدادِ له، ثم مشاركتهم في فعالياتِـهِ وأنشطتِهِ، أمرانِ مهمانِ جداً، وبخاصةٍ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ. فنحنُ ندركُ أنَّ جانباً ضخماً من جَـذبِ الجمهورِ يقومُ على ارتباطِ الحَـدَثِ بالأشخاصِ الذينَ يقومونَ بالدعايةِ التطوعيةِ له. إذنْ، منَ الـمهمِّأنْ تكونَ الحملاتُ الإعلاميةُ احترافيةً متجدِّدَةً في أدواتِها، وليستْ جامدةً مستندةً إلى الـمدرسةِ القديمةِ القائمةِ على افتراضِ أن الجمهورَ يتأثَّـرُ بأيَّـةِ دعايةٍ كانتْ.كلمةٌ أخيرةٌ : نتمنى على الجميعِ الخروجَ، اليومَ، إلى أماكنِ إقامةِ الفعالياتِ، لأن ذلك جزءٌ من رسالتِنا الحضاريةِ التي نُوجِّهها إلى العالَمِ.

356

| 14 فبراير 2017

الانطباعُ الأولُ الـمُتَحَكِّـمُ

لأحدِ أصدقائي جَدَّةٌ طيبةُ القلبِ جداً، عندما تسمعُ بالديكتاتورية تشعرُ بالأمنِ والراحةِ النفسيةِ لأنها توحي لها بالدكاترةِ، والـمستشفياتِ، والرعايةِ الطبيةِ والنظافةِ. وبلغَتْ قناعتُها بروعةِ الديكتاتوريةِ أنَّها شاهدتْ برنامجاً وثائقياً عن استبدادِ الديكتاتورِ الدمويِّ أوغستو بينوشيه الذي حكم السلفادور بالحديدِ والنارِ من 1974 حتى 1990م، فتعاطفتْ بشدةٍ مع بينوشيه لأنَّهُ دكتور محترمٌ، وأخذتْ تشتمُ الذين ثاروا عليه(!!!).في قضايانا الاجتماعيةِ العامةِ والخاصةِ، توجدُ حالةٌ أُسَمِّيها الانطباعَ الأولَ الـمُتَحَكِّمَ، وتتمثلُ في أننا ننظرُ إلى القضيةِ من زاويةٍ لا نُغَيِّـرُها، ونتفاعلُ معها وَفْقَ انطباعِنا الأولِ عنها، وتتحكَّمُ بنا مشاعرُنا الأولى تجاهها. في حينِ أنَّ لكلِّ قضيةٍ اجتماعيةٍ أبعاداً كثيرةً نفسياً وعقلياً، ودرجاتٍ عِـدَّةً منَ الصوابِ والخطأ لابدَّ من قراءتِها وتحليلِها دائماً، لنصلَ إلى حلولٍ تجعلُ أطرافَها يلتقونَ في منطقةٍ وسطى. ومنْ هذه القضايا، جنوحُ الأحداثِ، أيْ: ارتكابُهُم جُنَحاً أو جرائمَ جنائيةً، أو قيامُهُم بسلوكٍ شائنٍ لا يتناسبُ مع القيمِ والأخلاقِ السائدةِ. فعند مناقشتِها يتجهُ النقاشُ دائماً إلى توجيهِ اللومِ إلى شبحٍ غيرِ مُحَـدَّدِ الهُوِيَّـةِ هو الـمجتمعُ، ويتحدثُ معظمُنا عنه وكأنَّـهُ شخصٌ واحدٌ ذو مشاعرَ وأفكارٍ لا تتبدلُ ولا تتطورُ إيجاباً، وليس مجموعةً كبيرةً من الأفرادِ الذين لهم أفكارٌ ومشاعرُ ومصالحُ لا يمكنُ حَصْرُها. والـمُسْتَغَرَبُ في النقاشِ أنَّهُ يدورُ، في معظمِ الأحيانِ، حولَ فسادِ الأخلاقِ كسببٍ رئيسٍ في القضيةِ، ولا يُفَسِّرُ أحدٌ الـمقصودَ بذلك، بل يستمرُّ الجدالُ العقيمُ، وينتهي بلا فائدةٍ.مناقشةُ الجنوحِ ينبغي فيها أولاً التَّخصصُ في علومِ النفسِ والاجتماعِ والقانونِ، ليكونَ التحليلُ علمياً قائماً على نَهْجٍ سليمٍ في البحثِ والاستنتاجِ. ولتفعيلِ جهودِ الـمختصينَ لابد منْ العنايةِ بنَشْرِ الوعي بالـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ الفرديةِ والجماعيةِ لنستطيعَ صياغةَ رؤيةٍ تساعدُ في خَفْضِ نسبتِـهِ، أو الحَدِّ منَ العواملِ الـمُسبِّبَةِ له. فالأبوانِ مسؤولانِ مسؤوليةً كاملةً أخلاقياً وتربوياً عن جنوحِ الأبناءِ، وليس منَ العدالةِ ألَّا يقوما بدورِهما الطبيعيِّ في تنشئتِهم وتهذيبِهم بحيث يَتَخَلَّقُ في نفوسِهِم انضباطٌ ذاتيٌّ. ولكنَّ الأبوينِ قد لا يكونانِ واعيينِ بالـمُتغيِّراتِ الكبيرةِ في الـمجتمعِ، أو أنَّهما يعيشانِ حياتَهما الأُسريةَ الخاصةَ بلا إدراكٍ لأنَّ جزءاً ضخماً منها هو جزءٌ كبيرٌ من إعدادِ الإنسانِ الـمواطنِ الـمتعلِّمِ القادرِ على التمييزِ بين الصوابِ والخطأ. وهنا، تبدأ الـمسؤوليةُ الجماعيةُ التي يُسْهِمُ فيها الأدبُ، قصةً وروايةً وشعراً، والفنُّ التمثيليُّ والـمسرحيُّ والتشكيليُّ، والتعليمُ، والصحافةُ، والتلفزةُ، في التوعيةِ، لأنَّ الناسَ يتأثَّرون مباشرةٍ بما يقرأونَـهُ ويسمعونَـهُ ويشاهدونَـهُ، أكثرَ منْ تأثُّرِهم بندواتٍ موسميةٍ يطغى عليها الجانبُ العلميُّ البَحْتُ الذي يمتازُ بأفكارِهِ الـمُجَرَّدةِ الصالحةِ لـمخاطبةِ الـمختصينَ، أو الذين لديهم إلـمامٌ بها.إذنْ، نحنُ نتحدثُ في قضيةٍ لا يمكنُ إيجادُ حلولٍ لها في يومٍ وليلةٍ، وليس من الـمعقولِ حَصْرُ الحلولِ في جانبِ تشديدِ القوانينِ العقابيةِ فقط. بل علينا الحديثُ في كلِّ جوانبها النفسيةِ، والتربويةِ، والأُسريةِ، والاقتصاديةِ، بهدوءٍ شديدٍ ودونَ إثارةٍ وانفعالاتٍ نتهرَّبُ بها من مسؤوليتنا الاجتماعيةِ الخاصةِ والعامةِ فنُلقي اللومَ على الـمجتمعِ والآخرينَ. ومِنَ الأهميةِ بمكانٍ أنْ يكونَ أحد مجالاتِ التوعيةِ هو تَخليقَ قبولٍ بدورِ الـمؤسساتِ الأُسريةِ التي لها وَضْعٌ قانونيٌّ يُمَكِّنُها منْ القيامِ بدورٍ كبيرٍ في هذا الصددِ.كلمةٌ أخيرةٌإذا أردنا معرفةَ كيفَ سيكونُ غدُنا، علينا الاهتمامُ الكُليُّ بمتابعةِ القضايا التي تتصلُ بأبنائنا وشبابِنا، وتؤثِّـرُ فيهم بصورٍ شَتَّى.

825

| 07 فبراير 2017

الشَّـعْـوَذَةُ ولعنةُ الـموتِ والإرادةُ

‎ ذكرَ عالمُ الاجتماعِ الكبيرُ؛ كلود ليڤي ستراوس، أنَّ الساحرَ في القبائلِ الـمعزولةِ عنِ العالَمِ في أمريكا الجنوبيةِ يقومُ بإلقاءِ لعنةٍ بالـموتِ على شخصٍ، ويروي كيفَ يتقبَّلُ الشخصُ مصيرَهُ وكأنَّـهُ قَدَرٌ محتومٌ، فتتلاشى إرادتُهُ، ويبدأُ في رَفْضِ الطعامِ والشرابِ، ويذوي جسدُهُ بالتزامُنِ مع اضمحلالِ نزعتِـهِ للحياةِ حتى يموتَ فعلاً. وهذه الحالةُ من استلابِ الإرادةِ، والخضوعِ لأشخاصٍ لهم قدراتٌ خارقةٌ، معروفةٌ في ثقافاتِ كلِّ الشعوبِ مع اختلافٍ في صورِها ودرجاتِ تَقَبُّلِها. ففي هذه الثقافاتِ، توجدُ قصصٌ شعبيةٌ عن بيوتٍ قديمةٍ وأراضٍ بعيدةٍ عن العمرانِ تسكنُها مخلوقاتٌ كالجنِّ، أو كائناتٌ مُخْتَلَقَـةٌ كالأرواحِ الشريرةِ والأشباحِ. والـمُلاحَظُ فيها أنَّ جميعَها تُروى نقلاً عن فلانٍ أو فلانة، وقلَّما يكونُ الراوي طرفاً قد عاشَ إحداها، فينقلُ إلى الناسِ خبراتِـهِ ومشاهداتِـهِ. وبالطبعِ، فإنَّ الحديثَ في هذا الجانبِ ممتعٌ يجذبُ الناسَ لسماعِـهِ كنوعٍ منَ الرغبةِ في الخوفِ أو زيادةِ نسبتِـهِ في النفسِ بالتطرُّقِ لأشياء لا يمكنُ التعاملُ معها بالعقلِ والـمنطقِ، وتوحي بالشرِّ الـمُطْـلَقِ الذي لا تحكمُهُ مشاعرُ الرحمةِ. والبعضُ يلجأونَ إليه كنوعٍ منَ الهروبِ من واقعٍ مريرٍ يضغطُ عليهم ولا يستطيعونَ مواجهتَهُ، فينشغلونَ بعوالمَ مجهولةٍ تعيشُ فيها كائناتٌ لا تخضعُ للقوانينِ الطبيعيةِ، ويتمنونَ لو تواصلوا معها وأخضعوها لتفعلَ لهم أموراً كالخوارقِ والـمعجزاتِ، وبذلك تنشأ الشعوذةُ وينشطُ الـمُشَعْوِذونَ في استغلالِ سعي الناسِ لتحقيقِ أمنياتِهِم.على سبيلِ الـمثالِ، في إحدى الـمناطقِ يوجدُ بيتٌ معروفٌ لكثيرينَ باسمِ مُستأجرِهِ، يجتمعُ فيه رجالٌ وشبابٌ في ليالٍ بعينِها، فيعلو قَـرْعُ الطبولِ، ورنينُ الصَّاجاتِ، والغناءُ، حتى منتصفِ الليلِ. ويروي الناسُ عنه أموراً تُخيفُ الأقلَّ وعياً وتعليماً وثقافةً، كإقامةِ حفلاتِ الزَّارِ، وحلولِ الجنِّ في أجسادِ بعضِ الحاضرينَ الذينَ يأخذونَ بالصُّراخِ الهستيريِّ وهم يتواثبونَ راقصينَ بجنونٍ، أو يتمرغونَ بالأرضِ كالـممسوسينَ. وذات يومٍ، كنتُ أقفُ مع صديقٍ لي في شارعٍ داخليٍّ قريبٍ إلى هذا البيتِ، فمرَّ بنا رجلٌ كهلٌ طويلُ القامةِ، نحيفٌ، يرتدي ثوباً لم يُكْـوَ منذُ أيامٍ، وينتعلُ نعالاً بلاستيكياً، وهو يدخنُ لفافةَ تبغٍ بشراهةٍ. وإذ بصديقي يقول لي إنَّ الرجلَ هو مستأجِـرُ البيتِ، وإنَّهُ معروفٌ بعلاقاتِهِ بالعالمِ السفليِّ. فنظرتُ إلى هذا الشخصِ الذي يعتقدُ الناسُ بقدراتِـهِ على التواصلِ معَ الجنِّ والسيطرةِ عليهم، فرأيتُ فيه شخصاً أقلَّ منْ عاديٍّ، ومنَ الأشخاصِ الذين لا نتذكرهم إلا إذا رأيناهم، وننساهم بمجردِ ذهابِـهِم. وتذكرتُ ما رواه ستراوس، ووصلتُ إلى نتيجةٍ تقولُ إنَّ ما نقبلُ به بإرادتِنا هو الذي يصنعُ قوةَ الـمُشَعْوِذينَ التي يهيمنونَ بها علينا. في دينِنا الحنيفِ، لا وجودَ لهؤلاءِ الـمُشَعْوِذينَ، ولا لأكاذيبِ السَّحَـرَةِ. بل إنَّ الـمصطفى، ص، أخبرنا بأنَّ قراءةَ الـمُعَوِّذَتَينِ والدعاءَ كافيانِ لتحصينِنا منْ كلِّ الشرورِ، لكنَّ بعضَنا يجعلونَ للهِ شركاءَ فيصدقونَ أنَّهم قادرونَ على التحكُّمِ في مصيرِ إنسانٍ، والسيطرةِ على إراداتِ الآخرينَ. وهذا، بالطبعِ، جانبٌ مُهْمَلٌ جزئياً في البحوثِ والدراساتِ الاجتماعيةِ والنفسيةِ، ولا يجدُ توعيةً دينيةً وعلميةً مُختصةً لإزالتِهِ منَ العقلِ الجمعيِّ.كلمةٌ أخيرةٌ:لو كانَ هؤلاءِ الـمُشَعْوِذونَ صادقينَ، لَكانَ منَ الواجبِ على الدولِ التوقُّفُ عن تطويرِ السلاحِ، وإعدادِ الجيوشِ، وأنْ تستعينَ بهم، فتوفِّـرَ موازناتٍ ضخمةً للتنميةِ والإعمارِ.

488

| 31 يناير 2017

عُصاباتٌ وعُصابيُّونَ

العُصاباتُ؛ جَمْعُ عُصابٍ، هي اضطراباتٌ في الشخصيةِ والاتِّزانِ النفسيِّ، تُسبِّبُها الصراعاتُ النفسيةُ الناجمةُ عن التنشئةِ الأُسَريةِ غيرِ القويمةِ، والتجاربِ الـمُوجِعَةِ الـمُتتاليةِ. وتُضافُ إلى الأسبابِ، بنسبةٍ ضئيلةٍ، العواملُ الوراثيةُ، وعدمُ التوازنِ في الـمُرَكَّباتِ الكيميائيةِ والهرمونيةِ في الـمخِّ. وتظهرُ في مُسْتَوَيَينِ، الأولُ: نفسيُّ يبدو في صورٍ منها القلقُ، والخوفُ، والغضبُ، وانخفاضُ التقييمِ للذاتِ، والتَّشَوُّشُ. والثاني: سلوكيٌّ يتمثَّلُ في التَّهَوُّرِ، والخُمولِ، وتَجَنُّبِ الآخرينَ، والعُزْلةِ، والسَّلبيةِ، والسُّخريةِ، والعدوانيةِ.معظمُ الناسِ عُصابيونَ بدرجاتٍ متفاوتةٍ، ومستوياتٍ مختلفةٍ. فالأبُ الذي يتصرَّفُ بعدائيةٍ مُفرطَةٍ مع أبنائه في سنِّ الـمراهقةِ وبداياتِ الشبابِ، هو شخصٌ عُصابيٌّ يُعاني خوفاً مَرَضياً لا شعورياً بأنَّ دورَهُ في الحياةِ بدأ يصغُرُ، وأنَّ شبابَ الآخرينَ وحيويَّتَهم إيذانٌ بانتهاءِ شبابِـهِ وتضاؤلِ حيويَّـتِهِ. والشابُّ الذي تَعَرَّضَ لصدمةٍ عاطفيةٍ شديدةٍ في سنٍّ مُبَـكِّرةٍ أدَّتْ إلى خَلَلٍ في تقييمِـهِ للآخرينَ، يُصبحُ عُصابياً في تَعامُلِـهِ معَ الـمرأةِ والفنونِ والآدابِ، فيميلُ لا شعورياً للقمعِ والاستبدادِ بحُجَّةِ الحِفاظِ على الأخلاقِ والقِـيَمِ. والفتاةُ التي نشأتْ في أسرةٍ مُضطربةٍ لا يوجدُ فيها استقرارٌ، وتسودُ علاقاتِ الأبوينِ بالأبناءِ فيها القسوةُ أو الإفراطُ في التدليلِ، تُصبحُ عُصابيةً فتميلُ للسخريةِ منَ الذاتِ عَلانيةً كنوعٍ منَ التَّصَرُّفِ الاستباقيِّ الذي يحميها من انتقاداتِ الآخرينَ لأسرتِها. أو تنغمسُ لا شعورياً في التفكيرِ السَّلبيِّ تجاههم حين يتحدثونَ بإيجابيةٍ عن حياتِهِم الأُسَرَيةِ الطيبةِ، وكأنهم يتعمدونَ الإيحاءَ لها بسلبياتِ حياتِها الأُسريةِ. وقِسْ على ذلك في مواضعَ كثيرةٍ من حياتِنا كلِّها.الأمرُ الـمُلاحَظُ في الحالاتِ العُصابيةِ الـمُتقدِّمَةِ التي تتخذُ أشكالاً مَرَضيةً ملحوظةً، أنَّ بعضَها يجعلُ العُصابيَّ يلوذُ بالأشخاصِ الذينَ هم مَوضِـعُ خوفِـهِ وشكوكِـهِ. فإنْ كانوا ذوي وعيٍ وثقافةٍ، ويمتلكونَ حِساً رفيعاً بمسؤولياتِهِم الإنسانيةِ والاجتماعيةِ، فسيكونونَ أسباباً في تخفيفِ اضطرابِ شخصيتِهِ واتِّـزانِـهِ النفسيِّ. أما إذا كانوا ذوي وعيٍ مُتَدَنٍّ وثقافةٍ ضحلةٍ، فإنهم سيُمارسونَ عليه عُصاباتِهم التي تتحكَّمُ بهم لا شعورياً، فيستفحلُ اضطرابُهُ، وقد يصلُ الأمرُ إلى بلوغِـهِ الذُّهانَ، أي الخَلَلُ في كلِّ أو إحد مُكَوِّناتِ التفكيرِ الـمَنطقيِّ والإدراكِ الحِسيِّ. فقد عرفتُ أشخاصاً عانوا تجاربَ مؤلِـمَةً في حياتِهم الأُسريةِ والاجتماعيةِ، نَجَمَ عنها أنَّ دائرةَ مخاوفِهم وشكوكِهم اتَّسَعَتْ لتشملَ الأقاربَ من الدرجتين الأولى والثانيةِ، والأصدقاءَ، وأصدقاءَ الأصدقاءِ. ولحُسنِ حظِّهِم فإنَّ شخصاً أو أشخاصاً داخلَ الدائرةِ أدركوا معاناتِهِم، فتعاملوا معهم بصبرٍ شديدٍ وعقلانيةٍ، وأصرُّوا على التواصُلِ معهم، فحالوا بينهم وبين بلوغِ الذُّهانِ، لكنهم لم يتمكنوا من علاجِ الحالاتِ العُصابيةِ لأنَّ ذلك لا يكونُ إلا بإشرافِ الأطباءِ النفسيينَ الـمُختَّصينَ.لابد لنا من التوعيةِ دائماً بأنَّ الأمراضَ النفسيَّةَ ليستْ ما نراهُ في السينما العربيةِ التي تُسَطِّحُ القضايا، وتنشرُ احتقاراً للعلمِ والـمعرفةِ في مجتمعاتِنا، وإنما هي كالأمراضِ الجسديةِ، بعضها هَيِّنٌ كالزُّكامِ الذي يشبِهُ في درجتِهِ العُصابَ القائم على اضطرابٍ لا يبدو واضحاً إلا في حالاتٍ محدودةٍ، وبعضُها عُضالٌ قد يستعصي أحياناً على العلاجِ الناجعِ كالسرطانِ الذي تُشبِهُ بعضُ أنواعِـهِ في درجتِهِا بعضَ حالاتِ الذُّهانِ. كلمةٌ أخيرةٌ:إحدى مظاهرِ التقدُّمِ تتمثَّلُ في وجودِ وعيٍ عامٍّ بوجوبِ احترامِ الآخرينَ، والتعامُلِ مع معاناتِهِم النفسيةِ والعقليةِ والحِسيةِ كجزءٍ من معاناتِنا الخاصةِ بحيثُ نسعى جاهدينَ للتخفيفِ من وطأتِها، أو الإسهامِ في ذلك.

1564

| 24 يناير 2017

قضيةُ الطلاقِ منْ زاويةٍ أخرى

الحقيقةُ التي لا يرغبُ كثيرونَ في معرفتِها، هي أنَّ مجتمعَـنا شهدَ نهضةً عظيمةً في التعليمِ والاقتصادِ والعمرانِ والـمَدَنيةِ، لكنه لم يَخْـطُ حضارياً خطواتٍ تتناسبُ معها. وأقصدُ بحضاريٌّ أنَّ أنماطَ التفكيرِ السائدةِ اجتماعياً لم تتبدَّلْ كثيراً عَـمَّا كانتْ عليه في النصفِ الثاني من القرنِ العشرين. فقد تعلَّمَ الذكورُ والإناثُ تعليماً عالياً رفيعاً، وأسهمتِ الـمرأةُ في العملِ العامِّ، وتعدَّدَتْ منابرُ التعبيرِ، لكننا وقفنا عندَ الاكتفاءِ بالتفاعلِ الظاهريِّ مع التغيُّراتِ، وعزلنا أنفسَنا عنِ التفاعلِ الحقيقيِّ الذي يُغَـيِّرُ أنماطَ تفكيرِنا ونظرتِنا إلى الحياةِ. فنحنُ نبحثُ لأبنائِنا عن زوجاتٍ فيهنَّ كمالٌ مُطْلَـقٌ، ونقبلُ لبناتِنا أزواجاً نرى فيهم نفسَ الكمالِ، والـمصيبةُ أنَّ هذا الكمالَ يقومُ على رؤيتِنا الأخلاقيةِ وتقييمِنا الاقتصاديِّ فقط، وليس على جوانبَ تتعلقُ بالاستعدادِ النفسيِّ والعقليِّ لبناءِ الأسرةِ، أو على التوافقِ بينَ الشابينِ، الذكر والأنثى. وتتعاظمُ الـمصيبةُ عندما نظنُّ أنَّ قدراتِنا على التمحيصِ لا يمكنُ أنْ يعتورَها خَـلَلٌ، فنتخذُ القرارَ بالنيابةِ عنهم، وإنْ كنا أحياناً نُشركُهُم فيه كنوعٍ من عدمِ استعدادِنا لتَحَـمُّلِ الـمسؤوليةِ عنه. وأيضاً، نقومُ أحياناً بالخضوعِ لإرادةِ أبنائنا من الجنسينِ في اختيارِ الشريكِ رغم علمِنا بأنه خَيارٌ خاطئٌ. ومن جانبٍ آخرَ، نلاحظُ أنَّ السُّكونَ الحضاريَّ اجتماعياً، يساعدُ في تفاقُمِ سلبياتِ القضيةِ، حينَ يتحدثُ كثيرونَ عن البنتِ التي ليس لها إلا بيت زوجِها في نهايةِ الـمَطافِ، مهما بلغَتْ من مستوًى تعليميٍّ أو وظيفيٍّ. وعنِ الشابِّ الذي لا يُصلِحُ حالَهُ إلا الزواجُ، وكأنَّ انحرافاتِهِ السلوكيةَ أمرٌ طبيعيٌّ، لأنَّ كلَّ الرجالِ يمرونَ بمرحلةٍ سلوكيةٍ منحرفةٍ. وسواها من مقولاتٍ تجدُ آذاناً مُصغيةً لها، وعقولاً قابلةً لتَبَـنِّيْها. مما يدفعُنا للبحثِ عن وسائلَ للتأثيرِ في أنماطِ التفكيرِ السائدةِ لنُسْهِمَ حقاً في إيجادِ حلولٍ، بدلاً من الانشغالِ في الجدالِ السقيمِ عن الأسبابِ.انتقلَ الطلاقُ، في مجتمعِنا، من كونِـهِ مشكلةً فرديةً يُعاني منها عددٌ محدودٌ منَ الناسِ، ليصبحَ قضيةً عامةً تؤثرُ سلباً بصورٍ متعددةٍ على الـمجتمعِ كلِّهِ، وتأخذَ مكانَها إلى جانبِ قضايا اجتماعيةٍ أخرى كالعنوسةِ، وعزوفِ الشبابِ عن الزواجِ، وما ينتجُ عنها منْ تأثيراتٍ على القِـيَمِ والأخلاقِ والسلوكِ. والـمُستغرَبُ في الـمعالجةِ الإعلاميةِ لها أنَّ معظمَنا يُرددونَ الأفكارَ السقيمةَ التي يستمدونَها من الـمُعالجاتِ الركيكةِ في الأفلامِ والدراما العربيةِ، وقلَّما نجدُ قراءاتٍ سليمةً أو دراساتٍ مُحْكَـمَةً يمكنُها الإسهامَ في إيجادِ حلولٍ لها. فمثلاً، نلاحظُ في الطَّرحِ الإعلاميِّ أنَّهُ يقومُ على الحديثِ عن الـمرأةِ التي خرجتْ من بيتِها للتعليمِ والعملِ فأهملَتْ بيتها وزوجَها، مما يجعلُنا ننظرُ إلى التعليمِ بسلبيةٍ، وإلى دورِ الـمرأةِ في الـمجتمعِ والدولةِ بدونيةٍ واستهانةٍ. أو يتحدثُ عن الرجلِ الـماجنِ الذي لا يُبالي بزوجتِـهِ وأبنائِـهِ، مما يُشْـعِرُنا بأنَّ الـمجتمعَ خالٍ من الـمشاعرِ الإنسانيةِ النبيلةِ. أو عنِ الفروقِ في الـمستوى الـماديِّ والاجتماعيِّ بين الزوجينِ، فتترسخُ في نفوسِـنا رؤيةٌ طبقيةٌ لا إنسانية. في حينِ أنَّ ذلك، كُلَّهُ، قدْ يكونُ من أسبابِ الطلاقِ في حالاتٍ قليلةٍ، لكنه ليس كذلك في معظمِ الحالاتِ.كلمةٌ أخيرةٌ: القضايا الاجتماعيةَ ليستْ كمياتٍ فيزيائيةً تسري عليها نفسُ القوانينِ في كلِّ الحالاتِ، وإنما تُقاسُ بمعاييرَ نفسيةٍ وأخلاقيةٍ تختلفُ منْ شخصٍ لآخرَ.

810

| 16 يناير 2017

لغة الخطاب بين الواقعِ والمُفْترَض

‎هناك بونٌ شاسعٌ بين أنْ نخاطبَ أنفسَنا ونجادلَ بعضَنا، وأنْ نتوجَّهَ بخطابِنا إلى الناسِ. ففي الأولى، نحن ننشغلُ بالأفكارِ المُجَرَّدةِ، ونُعنَى بالحُجَّةِ الكلاميةِ التي يُرَدُّ عليها بحُجَّةٍ كلاميةٍ دون الوصولِ إلى نتيجةٍ سوى تكرارِ نفسِ الأفكارِ والرؤى. أما في الثانيةِ، فنحنُ نتعاملُ مع الواقعِ كما هو وليسَ كما نفترضُهُ، فنكونُ أكثرَ حرصاً في لغةِ خطابِنا لأننا نبحثُ عن التأثيرِ في الناسِ إيجاباً وليسَ بهَدَفِ مجادلتِهِم بما نراه صالحاً لهم.‎فالمثقفُ، والمُبدعُ، والداعيةُ، والمُختصُّ في مجالٍ علميٍّ أو معرفيٍّ، وكلُّ مواطنٍ ومواطنةٍ يستخدمانِ وسائلَ الاتصالاتِ، مسؤولونَ عَمَّا يُقَدِّمونَهُ للآخرينَ.‎من مهماتِ الكُتَّابِ الصحفيينَ والروائيينَ والقصصيينَ، الانطلاقُ من فكرةِ صلاحِ المجتمعِ والإنسانِ، وقابليتِهِما للتغييرِ الإيجابيِّ في الرؤى والفِكرِ والسلوكِ. فالمجتمعُ صالحٌ لأنَّ الصلاحَ يرتبطُ بوجودِ الصالحينَ فيه، دينياً ووطنياً وإنسانياً، وهم كُثْرُ. والإنسانُ مفطورٌ على الخيرِ، قابلٌ للاستجابةِ الخَيِّرةِ عندما نعرفُ كيفَ نُخاطبُهُ. فلا ينبغي أنْ يكونَ تركيزُنا على سلبيةٍ سلوكيةٍ هنا، وأخلاقيةٍ هناك، فنتخذهما ذريعةً لحديثٍ طويلٍ نجلدُ فيه الذاتَ فنُعَطِّلُ الحراكَ الفكريَّ لدى شريحةٍ من الذينَ يتأثَّرون بما نكتبُ.‎في بلادِنا، أمورٌ رائعةٌ تتحقق يوماً فآخر، من تغييراتٍ هائلةٍ في البُنى الاجتماعيةِ وأساليبِ التفكيرِ والسلوكِ، نتيجةً لانتشارِ التعليمِ والتَّوَجُّهِ نحو الاختصاصِ في كلِّ المجالاتِ، ولوجودِ خطط تهدفُ لتحقيقِ رؤيتنا الوطنية للمستقبلِ، وهي خطط تقوم على استثمارِ كفاءاتِ ومُؤهِّلاتِ الإنسانِ المواطنِ وتنميتِها وتطويرِها.‎إذا أردْنا أنْ يكونَ دورُنا فاعلاً في النهضةِ الشاملةِ فعلينا البدءُ بالحديثِ عن مجتمعِنا بمقاييسِهِ وليس بالمقاييس التي كانت سائدةً في ستينياتِ وسبعينياتِ وثمانينياتِ القرنِ الماضي، حيثُ نُركِّزُ على الصِّدامِ بينَ الموروثِ الاجتماعيِّ والحداثةِ بصورةٍ لا تُعَبِّرُ عن الواقعِ المُعاشِ وما يشهدُه من تبدلاتٍ تشملُ كلَّ شيءٍ.آخر الكلام:‎المجتمعاتُ كيانٌ حيٌّ فيه عشراتُ آلافِ الأفكارِ التي يتعاملُ من خلالِها الناس مع الحياةِ، وينبغي الحرصُ على هذا التنوُّعِ كنتيجةٍ لازمةٍ للتجدُّدِ والتطوُّرِ، لا أنْ نتعاملَ معه وكأنه ظاهرةٌ سلبيةٌ. فعلينا التأكيدُ ما استطعنا على القبولِ بالآخرينَ واحترامِهِم حتى لو لم نكن نتفقُ معهم في الأفكارِ، لأنَّ قيامنا بذلك يُعَزِّزُ فرصَ الحوارِ والوصولِ إلى اتِّفاقٍ على الأهدافِ والغاياتِ والسُّبُلِ اللازمةِ لتحقيقها. وهذه من المهامِ الرئيسةِ لأصحابِ الأقلامِ ومنتجي الأعمالِ الفنيةِ والمبدعينَ.

530

| 10 يناير 2017

الحداثة ودور المرأة في المجتمع القطري

الحَدَاثةُ منَ المفاهيمِ الواضحةِ وشديدةِ الغموضِ في آنٍ. فنحنُ نفهمُ، مباشرةً، أنَّها تتصلُ بالتَّمَدُنِ والتَّحَضُرِ الاجتماعيينِ، وبتغييرِ أنماطِ التفكيرِ والسلوكِ لتتناسبَ معَ العصرِ، لكننا نقفُ أمام مدلولاتِ ذلك كلِّهِ مُتسائِلينَ عنْ أبعادِها وآلياتِها في مجتمعِنا القطريِّ. فمجتمعُنا مجتمعٌ مسلمٌ محافظٌ، وتتعدَّدُ فيه الركائزُ التي عِمادُها الأخلاقُ والتقاليدُ والأعرافُ، مِـمَّا يجعلُ منْ بَحْثِ معاييرِ الحداثةِ، وتَجَلِّياتِها فيه، أمراً بالغَ الصعوبةِ. ولأنَّ الجانبَ الاجتماعيَّ، في نظري، هو أحدُ المقاييسِ الرئيسةِ التي تعكسُ حداثةَ المجتمعِ، فإنَّني سأتحدثُ عنه وأَسْتَدِلُّ به.انشغلتُ زمناً بملاحظةِ نموِّ دورِ المرأةِ في مجتمعِنا، وهو نموٌّ ضخمٌ جداً إذا قِيْسَ بالفترةِ الزمنيةِ التي استغرقَها. فخلالَ العشرينَ عاماً المُنصْرِمَةِ، تعاظَمَ وجودُ الدورِ، وتَبَدَّى جَلياً في وجودِ المرأةِ الملحوظِ في العملِ الحكوميِّ الذي كان، في معظمِ مستوياتِهِ، حِكراً على الرجالِ. ولستُ مِمَّنْ يقولونَ بأنَّ دورَ الدولةِ، مُمَثَّلَةً في قيادتِها الحكيمةِ، هي التي لعبتْ الدورَ الأكبرَ في ذلك، ولكنني أؤمنُ بأنَّ التعليمَ، والرفاهَ، والاستقرارَ الاقتصاديَّ والسياسيَّ، وشعورُ الإنسانِ القطريِّ بأنَّهُ قيمةٌ عظمى في وطنِـهِ، جميعُها عواملُ أنتجتْ قُبولاً بالحداثةِ الاجتماعيةِ التي تبدو أهمُّ ملامحِها في خروجِ المرأةِ من بيتِها، وتَغَلُّبِها على التقاليدِ التي عَطَّلَتْ طويلاً دورَها الفاعلَ في مسيرةِ الوطنِ.ننظرُ إلى نتائجِ هذا الدورِ، فنجدُها رائعةً في مستوياتٍ عِدَّةٍ. ففي المستوى الاقتصادي، لم يكنِ الأمرُ تحقيقَ الاستقلاليةِ الاقتصاديةِ للمرأةِ، حسبَ الـمفهومِ الغربيِّ، وإنما كانَ عنصراً مساعداً في استقلاليةِ الأسرةِ حديثةِ النشوءِ. فالزوجُ والزوجةُ الشابانِ كلاهما يعملُ، وكلاهما يُسْهِمُ في بناءِ الأسرةِ الناشئةِ بعيداً عن تَحَكُّماتِ أسرتيهما التي كانت ترتكزُ في السابقِ على دَعمِهما اقتصادياً لزمنٍ قد يطولُ. و في المستوى الاجتماعيِّ، حققَ نموُّ دورِ المرأةِ تَقَدُّماً في الوعيِ الاجتماعيِّ. فانخفضتْ نسبةُ تأثيراتِ الميولِ الذُّكوريةِ للاستئثارِ بكلِّ الأدوارِ، مما ساعدَ على تَقَلُّصِ نِسَبِ العُنْفِ الأُسَرِيِّ، ونشوءِ فِكْرٍ جديدٍ يؤمنُ أصحابُهُ بالعدالةِ والانضباطِ الاجتماعيينِ في العلاقاتِ الأُسَرِيَّةِ والاجتماعيةِ. وفي المستوى السُّلوكيِّ، أصبحَ الانضباطُ في التعبيرِ والفِعْلِ سائداً، حتى إنَّ القضايا المُرتبطةَ بالجُرْمِ الجنائيِّ، كالتَّعَدِّي الجسديِّ والَّلفظيِّ، أصبحتْ غير موجودةٍ نسبياً، لأنَّ وجودَ المرأةِ في كلِّ مجالاتِ العملِ خَلقَ شعوراً بوجوبِ الاحترامِ للجميعِ.كلمة أخيرة:ينبغي علينا، مواطنينَ ومواطناتٍ، أنْ نسعى دائماً لترسيخِ مبادئِ عقيدتِنا الإسلاميةِ السَّمحاء في نفوسِ الناشئةِ والشبابِ، لتظلَّ حداثةُ مجتمعِنا مُسَوَّرَةً بأخلاقٍ رفيعةٍ تُهَذِّبُ النفوسَ، وتُرَسِّخُ الوعيَ بِقَدَرِنا الرائعِ كجزءٍ منْ أمةٍ إسلاميةٍ، وكعضوٍّ حيٍّ في أمتنا العربية.

1177

| 03 يناير 2017

حَلَبْ، لَـبِّيْـه

قالتْ قطرُ ما يجولُ في نفوسِ العربِ والـمسلمينَ والشرفاءِ في العالم: حلب، لَبِّـيه. ووقفَ سموُّ الأميرِ الـمفدى، كعادتِهِ، مع أشقائنا وأهلنا في سوريا، مُوَجِّهاً بأنْ لا تكون احتفالاتٌ في اليومِ الوطنيِّ تضامناً مع أوجاعِ الأمةِ في حلب التي تشهدُ هجمةً بربريةً لم تعرفها الإنسانيةُ.حلب، لَبِّيه؛ شعارٌ يختصرُ مشاعرَ الشعبِ القطريِّ بقيادةِ سموِّ الأميرِ الـمفدى الناطقةَ بإنسانيتِهِ وإسلامِهِ وعروبتِهِ. وقد سألني أخٌ من الجزائر عن السببِ في قولِنا: لبِّيه، بدلاً من: لبَّيكِ. فقلتُ له إنَّ ضميرَ الغائبِ في لهجتِنا الـمَحكيةِ يدلُّ على الإجلالِ والفداءِ. فحين نقولُ لـمَنْ نحبُّهم جداً: لَبِّيه، فكأننا نقول لهم إنهم جزءٌ من ضميرِنا ووجدانِنا، وإنَّ وجودَهُم مُطلقٌ في وعينا. ونحنُ، ككلِّ العربِ، ننظرُ إلى سوريا كركيزةٍ رئيسةٍ في إسلامنا وعروبتنا. وحلبُ الحمدانيين، حلبُ عبدالرحمن الكواكبي، حلبُ العروبةِ والإسلامِ، هي إحدى أهم الركائزِ التي تصنعُ سوريا التي نحبُّها ونفتديها.في اليومِ الوطنيِّ، احتفلنا بانتمائنا لأمةٍ عظيمةٍ، وتعلمنا أنَّ قائدَ مسيرتِنا ونهضتنا، سموَّ الأميرِ الـمفدى، تعيشُ في وجدانِهِ هذه الأمةُ بأحلامِها وآمالها ومواجعِها وألامِها. فسموُّهُ لم يتردد في التعبيرِ عنا حينَ وَجَّهَ بأنْ يكونَ يومنا الوطنيَّ مناسبةً للتضامنِ مع حلبَ. وهذا الـموقفُ ليس غريباً عن بلادِنا الحبيبةِ التي وقفتْ بصلابةٍ وعزمٍ مع غزةَ هاشمٍ، وليبيا عمر الـمختار، وعراق العباسيين، ويمنِ عروبتنا النقيةِ، وكلِّ ديارِ العروبةِ والإسلامِ، مُسخِّرَةً مكانتَها الدَّوليةَ، وعلاقاتِها السياسيةَ، وإمكاناتِها الاقتصاديةَ لتقديمِ ما يمكنُ من دَعْمٍ للأشقاءِ في العروبةِ والإسلامِ.نقولُ، نحن القطريينَ، لحلبَ إننا معها ومع سوريا، صفاً واحداً في مواجهةِ البربريةِ والاستبدادِ. نقولُ إنَّ الألمَ والفجيعةَ يعتصرانِ قلوبَنا، ولكننا نؤمنُ جازمينَ بأنَّ الأمةَ قد تضعفُ فيستنسرُ بُغاثُ الطيرِ عليها، لكنها لا تموتُ، وإنما تقوى لتنهضَ ثانيةً، فتصنع التاريخَ، وتبني الحاضر، وتؤسِّسُ للمستقبلِ. وفي سوريا الحبيبةِ، كما في سواها من ديارِنا العربيةِ، تقومُ الشعوبُ بإعادةِ صياغةِ واقعِها، دافعةً الأثمانَ الباهظةَ من الدماءِ الزكيةِ لأبنائها، واللهُ معها، ثم أشقاؤها العربُ والـمسلمونَ، وأخوتُها في الإنسانيةِ.

805

| 22 ديسمبر 2016

قطر تستحق الأفضل من أبنائها (2)‎

قضيةُ التعليمِ، في بلادِنا، ذاتُ شجونٍ، فهي موضوعٌ دائمٌ للنقاشِ والجَدَلِ، وكُلُّ شخصٍ يطرحُ رأيَـهُ فيها، ويُطالَبُ بأشياءَ يَغْـلِـبُ عليها الجانبُ الشخصيُّ في النَّظرةِ وتعميمِ الأحكامِ. في مسيرتِنا الـموندياليةِ، يلعبُ التعليمُ الدورَ الرئيسي في إعدادِ الـمُجتمعِ، وتهذيبِ أنماطِ التفكيرِ والسلوكِ، والارتقاءِ بقِـيَمِ الـمُواطَنَةِ والإنسانيةِ والحريةِ وقُبولِ الآخرِ.. فالجيلُ الحاليُّ على مقاعدِ الدراسةِ، سيكونُ العنصرَ الرئيسَ في مجتمعِنا سنة 2022م، والواجهةَ التي يرانا العالَـمُ من خلالِها، آنذاك. وبذلك، نجدُ لزاماً علينا بَـذْلَ جهودٍ جبَّارةٍ لإعدادِهِ مَعرفياً وأخلاقياً. وليسَ كالـمدرسةِ وسيلة للوصولِ إلى غاياتِنا. الـمشكلةُ التي تواجهُنا تَـتَمَـثَّلُ في القُصُورِ الواضحِ للجسمِ التعليميِّ عنِ التأثيرِ في الطلابِ أخلاقياً وسلوكياً، بسببِ الانصرافِ عن الجانبِ التَّربويِّ والتركيزِ على الجانبِ التعليميِّ.. ولا يستقيمُ القولُ بأنَّ منهجَ التربيةِ الإسلاميةِ كافٍ كوسيلةٍ للتربيةِ والتعليمِ في آنٍ، فنحنُ نعلمُ أنَّ الناشئةَ والشبابَ يتعاملون معه كمنهجٍ حِفْـظِيٍّ.. فما الحلُّ، إذن، لتفعيلِ الدورِ التربويِّ للمدرسةِ في مجتمعنا لإعدادِه للاستحقاقاتِ النَّهضويةِ الـمُستقبليةِ، ومنها الـمونديالُ؟الحلُّ يكونُ بإنشاءِ لجنةٍ عليا يَرأَسُها وزيرُ التعليمِ والتعليمِ العالي، تضمُّ الـمُختَصِّـينَ في علوم التربيةِ والاجتماعِ والنفسِ من الوزارةِ وجامعةِ قطرَ ومراكزِ الأبحاثِ في الدولةِ، للإعدادِ لـمشروعٍ وطنيٍّ يبدأُ عملَـهُ بدراساتٍ نظريةٍ وميدانيةٍ خلالَ العامِ الدراسيِّ الحاليِّ، وينتهي إلى إعدادِ منهجٍ تطبيقيٍّ يتمُّ تدريبِ الـمُعلمينَ والـمُعلماتِ والـمسؤولين الاجتماعيين والإداريين في الـمدارسِ على وسائلِ تنفيذِهِ، بحيثُ يُطَبَّـقُ بدءاً من العامِ الدراسيِّ القادمِ.. ولابدَّ أنْ نؤكِّـدَ، هنا، أنَّهُ منهجٌ عامٌّ يتداخلُ مع تدريسِ الـمناهجِ الدراسيةِ وليس مستقلاً عنها. كلمةٌ أخيرةٌ:ما نُقَـدِّمُـهُ، اليومَ، للناشئةِ والشبابِ، هو الذي يُحَـدِّدُ الآفاقَ التي ستصلُ إليها بلادُنا في الـمستقبلِ.

346

| 22 نوفمبر 2016

قطر تستحق الأفضل من أبنائها

ليس كالإنجازِ وسيلةً تتحدث بها الدولُ عن نفسها، وليس كلغة الإعلام الذكية الـمُرْتَـكِـزةِ على الإبهارِ البصريِّ والسَّـمْـعِـيِّ أسلوباً ننقل من خلاله ما نريد قوله عن مجتمعاتنا وأنفسنا. ولا نقصد بالإنجازِ إحرازَ البطولاتِ وإقامة الندوات والفعاليات، وإنما هو ما تحقق من تغييرٍ مُلاحَـظٍ في الشخصية القطرية من ناحية النَّـظَـرِ إلى الرياضة كثقافةٍ وسبيلٍ للنهوض بالمجتمع، عبر إنشاءِ مؤسساتٍ رياضيةٍ تستند إلى العلم والمعرفة والإعداد البدني لطلابها، كما هو الحال مع أسباير. لم ننجح، حتى يومنا، في تقديم أسباير للعالَـمِ كما ينبغي، وظلَّ حديثنا عنها عاماً يدور حولها كصرحٍ رياضيٍّ فريدٍ من نوعه في الشرق الأوسط كله. أما جهودها وأساليب التعليم والتدريب فيها، والأهداف التي حققتها أو تسير على درب تحقيقها، فلا نتحدث عنه إلا قليلاً. وكم فاجأَ الكثيرين أنَّ برنامجاً رياضياً أمريكياً، اسمه بيوت المجد، Houses of Glory، يهتم بالصروح الرياضية الكبيرة في العالم، قد خصص جانباً من إحدى حلقاته للحديث عن أسباير بصورة جمعت بين الإمتاع البصري وثراء الأفكار، وتردد اسم قطر خلالها مراتٍ عِـدَّةً كدولة تمارس دورها بصورة متقدمةٍ في إعداد إنسانها وتأهيله.لقد كان للإنجاز الـمُتمثلِ في أسباير دور إعلامي رائد في تقديم بلادنا للآخرين الذين يريدون منا أن نتحدث لنقول شيئاً عن أنفسنا نردُّ به على الـمُغْـرِضينَ بأسلوبٍ حضاريٍّ يشير إلى ما تحقق ويتحقق في بلادنا. وهذا يدفعنا لنتمنى على لجنة المشاريع والأرث أن تتجه لتسويق بلادنا ومجتمعنا وإنساننا عبر الحديث عن أمثال هذه المنشآت الضخمة ذات الطابع الرياضي في الصحافة ووسائل الإعلام الخارجية، ومع المؤسسات المدنية والرياضية والتعليمية في دول العالم.كلمة أخيرة :لابد من الدعوة لإيجاد لجنةٍ تجمع لجنةَ الإعدادِ عن المونديال والمسؤولين في صحفنا المحلية، مهمتها وَضْـعُ الخطط الإعلامية الملائمة للحَـدَثِ الكوني، وكذلك التَّـوَجُّـهُ بخطابٍ جديدٍ إلى عالَـمِـنا العربي، يهدفُ إلى ترسيخِ فكرةِ أنَّ إقامةَ المونديالِ في قطر الحبيبة هو إنجازٌ للإنسان في وطننا العربي الكبير.

375

| 14 نوفمبر 2016

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7890

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6747

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3462

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2835

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2811

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1980

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1554

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1341

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1203

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1071

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

765

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

762

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية