رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

كَـعْـبُ أَخِـيل في نفوسنا

في الأساطيرِ الإغريقيةِ، كان أَخيل ابناً لـلملكِ بيليوس، من إحدى حورياتِ البحرِ وتُدعى ثِيتس. وأرادتْ أمُّهُ أنْ تجعلَـهُ خالداً، فَغَمَرَتْـهُ في نهرِ استيكس الـمُقَدَّسْ، وهي مُمْسِـكَةٌ بكعبِـهِ، فصارَ جسدُهُ مَحْمياً منَ الجراحِ الـمُمِيتةِ ما عدا كعبَـهُ. ولَـمَّا حاصرَ اليونانيونَ مدينةَ طروادةَ، كان في صفوفِهِم، وقَتَـلَ كثيراً منَ الطرواديين، حتى رماهُ أحدُهُم بسَهْمٍ مسمومٍ في كعبِـهِ، ولَقِـيَ مَصرعَهُ، فصارَ كعبُـهُ رمزاً لنقاطِ الضَّعْفِ القاتلةِ في الإنسانِ. لو دَقَّـقْـنا النَّظَـرَ في نفوسِـنا، فسنجدُ أنَّ لكلِّ واحدٍ منا نقطةَ أو نقاطَ ضعفٍ نحرصُ على ألَّا يعرفَ الآخرونَ شيئاً عنها، رغم أنَّ بعضَها ليس إلا أوهاماً تَضَخَّمَتْ حتى صارتْ كالحقيقةِ نعيشُها في اللاشُعور. فَـمِـنَ الأشخاصِ، مَنْ يكونُ ذا مكانةٍ في المجتمعِ، وبين أخوتِـهِ وأهلِـهِ لأنَّهُ حصلَ على شهادةٍ دراسيةٍ عليا، وشَغَلَ لسنواتٍ طوالَ وظيفةً مرموقةً. وعندما تقاعدَ، شعرَ بأنَّـهُ يندثرُ، وتَوَهَّمَ أنْ لم يَبقَ في الحياةِ مُتَّسَـعٌ ليُقَـدِّمَ جديداً، أو أنْ يسيرَ في طريقٍ يستثمرُ فيه علمَهُ وخبراتِـهِ وعلاقاتِـهِ لإفادةِ الناسِ بجديدٍ في مجالِ تخصصِـهِ. وهنا، يَتَّخِـذُ صراعُـهُ النفسيُّ صوراً عدَّةً يُخفي وراءها كَعْبَ أخيل الذي هو شعورُهُ الوهميُّ بانتهاءِ دورِهِ في الحياةِ. فيبدأُ بانتقادِ الشبابِ الـمُتميِـزينَ بوعيهم وثقافتِهم، وانتقاصِ ما يقدمونهُ منْ إبداعٍ أدبي أو فكري أو فني. وتَتَضَخَّمُ مُعاناتُهُ، بمرورِ الأيامِ، فيفرُّ منها بتضخيمِ الأنا في نفسِهِ حتى لا يكادُ يرى سوى نفسِـهِ. وأحدُ الأشخاصِ تَعَرَّضَ لتجربةِ زواجٍ مَريرةٍ معَ زوجةٍ مُتَـنَمِّرَةٍ لم يجدْ منها إلا احتقاراً لكل ما يفعلُـهُ. وعندما طَلَّقَها أصبحَ زواجُهُ الفاشلُ كَعْبَ أخيل الذي يحاولُ سترَهُ عنِ العيونِ كي لا يُتَّخَـذَ سبيلاً للسخريةِ منه. وصارَ يعيشُ حياتينِ، أولاهما معَ الناسِ كشخصٍ سَوِي مُتَّزنٍ ذي شخصيةٍ قويةٍ، والثانية مع نفسِـهِ التي يجلدُها ويَقسو عليها بشعورِهِ بدُونيَّتِـهِ. وإحدى الفتياتِ الـمُراهقاتِ، لم تُساعدُها بيئتُها الأُسَريةُ الـمُتَصَدِّعةُ على تكوينِ شخصيةٍ متماسكةٍ كإنسانةٍ ذاتِ رأيٍ ومواقفَ مستقلَّةٍ، فأخذتْ تُخفي حقيقةَ مُعاناتِها الأُسَرِيَّةِ، وتعيشُ في عالمٍ معزولٍ خاص بها، تداوي به كَعْبَ أخيل في نفسِها بالأحلامِ والهروبِ منَ الواقعِ. بل إنَّها قد تبحثُ عنِ التعويضِ العاطفيِ في أشخاصٍ لا إيمانَ يَعصمُهـم، ولا قِـيمَ تجعلُهُم يرونَ فيها إنسانةً مسكينةً، منَ الخطيئةِ الإضرارُ بها. وفي حالتِها، يكونُ الكعبُ حفرةً بلا قاعٍ، مملوءةً بالمصائبِ والبلايا التي تتهدَّدُها في شرفِها وسُمعتِها. والصراعُ النفسيُّ بسببِ نقاطِ الضعفِ الحقيقيةِ والـمُفْتَرَضَةِ ليس مجردَ صراعٍ داخلي لا يبدو للعينِ الـمُدَقِّـقَةِ، وإنما يتخذُ صوراً سلوكيةً تدلُّ عليه. فالشخصُ الذي له أبٌ مدمنٌ على الـمخدراتِ أو معاقرةِ الخمرِ نجدُهُ في حالتينِ: الأولى؛ كشخصٍ انعزاليٍّ يخشى مخالطةَ الناسِ خوفاً من أنْ يكونوا عارفينَ بسيرةِ أبيه، فينظرونَ إليه بدونيةٍ، ويَتخذونَها سبيلاً لتجريحِـهِ والغَضِ من شأنِـهِ. والثانيةُ؛ كشخصٍ انفعالي مرحٍ جداً، يقولُ نكاتاً عن والدِهِ، ويسخرُ من نفسِـهِ، و له شعبيةٌ بين رفاقِـهِ الذين لا يدركون أنَّـهُ يتألمُ بشدةٍ، ويتمنى لو لم يكنْ أبوه هذا الرجلَ الـمُنحرفَ. وفي كِـلْـتَا الحالتينِ، نجدُ أنَّ كعبَ أخيل الذي يُخفيه عن الناسِ هو تَـمَنِّـيهِ موتَ أبيهِ، وهو أمرٌ يُفْزِعُـهُ كثيراً، فيهربُ منه إلى مزيدٍ منَ العُزلَـةِ أو الانفعالِ الـمُبالَغِ فيه. ولكن، ما هو دورُنا في التخفيفِ من تأثيراتِ كعبِ أخيل الـموجودِ في نفوسِ كثيرينَ منا؟. الإجابةُ، بالطبعِ، ليستْ بالبساطةِ التي نعتقدُها، لأنَّنا لا نستطيعُ الهروبَ من مواجهةِ حقيقةٍ تقولُ إنَّ جزءاً من ثقافتِنا الـمُجتمعيةِ فيه قسوةٌ وأنانيةٌ تتناقضانِ مع روحِ وإنسانيةِ الإسلامِ الحنيفِ. فنجدُ أنَّ التَّشَفِّي بروايةِ القصصِ الـمُضَخَّمَةِ عن المُعاناةِ النفسيةِ لفلانٍ و فلانةٍ، أمرٌ طبيعيٌّ في مجالسِنا، والـمُصيبةُ، أنَّنا نُخفي تَشَفِّـينا بغلافٍ منَ التعاطفِ، ولا ندرك كم نحنُ خاطئونَ. إذن، لابدَّ منْ إسهامِ كلِّ واحدٍ منا في نَشْـرِ مفاهيمِ القبولِ بالآخرِ، واحترامِ خصوصيتِـهِ، وصولاً إلى ترسيخِ ثقافةِ التَّعدديةِ الـمجتمعيةِ التي تنهضُ بها الشعوبُ والأممُ. كلمة أخيرة: قد تكونُ كلمةٌ طيبةٌ نقولُـها هي بذرةُ الأملِ التي نُلقيها في نفسِ شخصٍ، فتنمو، وتُزهِـرُ، وتُثمرُ بالخيراتِ، وتُغيِّرُ مسارَ حياتِـهِ. كاتِـبٌ وَإِعْـلاميٌّ قَـطَـرِيٌّ ‏[email protected]

2779

| 30 مارس 2021

الجريمةُ الاجتماعيةُ السَّلبيةُ

في القانونِ الجنائيِّ، عندما يقومُ شخصٌ بإطلاقِ النارِ على آخرَ فيقتلُهُ، فإنَّ جريمتَـهُ تكونُ إيجابيةً، أيْ توفرَ لها الفِـعلُ: إطلاقُ النارِ، والنتيجةُ: مقتلُ إنسانٍ. أما عندما يمتنعُ شخصٌ عن القيامِ بأمرٍ فيُسبِّبُ امتناعُهُ موتَ إنسانٍ، كأنْ تمتنعُ الأمُّ عن إرضاعِ صغيرِها فيموتُ، فإنَّ الجريمةَ تكونُ سلبيةً. وفي الحالتينِ، تكونُ العقوبةُ واضحةً مُفَصَّلَةً، ويتمُّ إيقاعُها بالـمجرمِ وحدَهُ دونَ أنْ يُضارَّ الذينَ لا ذَنْبَ لهم. أما في حياتِنا، فكثيرٌ منَ الجرائمِ الاجتماعيةِ لا ينالُ مرتكبوها عقوبةً، رغم أنَّها تُحطِّمُ سُمعةَ إنسانٍ، وتُدَمِّـرُ أُسَراً. وأسوأُ نتائجِها تكونُ شعورَ ضحاياها بالعَداءِ تجاهَ الـمجتمعِ وقِـيَـمِـهِ. لننظرْ، مثلاً، إلى ما يحدثُ لشابٍّ ارتكبَ جريمةً، كتعاطي الـمخدراتِ، وعُوقِـبَ بالسَّجنِ، وعُولِجَ وصَلُحَ حالُـهُ، لنرى كيفَ يقومُ أفرادٌ كُثْرُ في الـمجتمعِ بمعاقبتِـهِ، ومعاقبةِ أسرتِـهِ، بقسوةٍ ولؤمٍ مُفرطَينِ. فنجدُهُم لا يُبالونَ ببحثِ الأسبابِ التي دفعتهُ لتعاطي الـمخدراتِ، ولا بالآلياتِ التي عُولجَ بها منَ الإدمانِ، وإنما يأخذونَ بانتقادِهِ، والتشكيكِ به، ووَصْفِ أسرتِـهِ بالفسادِ. وهنا، يجدُ أفرادُ الأسرةِ أنفسَهُم في مواجهةٍ ظالـمةٍ معَ مجتمعٍ لا يستطيعُ بعضُ أبنائِـهِ أنْ يَتَحلوا بالروحِ الإنسانيةِ للإسلامِ الحنيفِ. ولننظرْ إلى قيامِ شابٍّ تافهٍ بالإساءةِ لسُمعةِ فتاةٍ، فيذكرُها بالاسمِ، ويروي عنها أموراً يختلقُها، لنرى كيفَ يُنَصِّبُ بعضُ الأفرادِ أنفسَهُم قُضاةً، فيحكمونَ عليها وعلى أسرتِها بالفسادِ. بل، ويقومونَ بروايةِ قصصٍ لا منطقَ فيها عنها وعن أخواتِها، لدرجةِ أنَّ الذينَ تربطُهُم بأسرتِها علاقاتُ جوارٍ طيبةٍ يشعرونَ بالخطرِ على بناتِـهم وأُسَرِهِم، فينضمونَ إلى قافلةِ الظلمِ الاجتماعيِّ، بلا تفكيرٍ، ويعاقبونَها بالعَزْلِ وإظهارِ الكراهيةِ لها. فماذا ننتظرُ من هاتِـهِ الـمظلوماتِ اللاتي صارَ مصيرُهُنَ بائساً، ولم يَعُدْ بإمكانِـهِنَّ مجردَ الحلمِ بحياةٍ زوجيةٍ هانئةٍ كسواهُنَّ منَ الفتياتِ؟. الـمجتمعُ، في الحالتينِ وسواهما، يقومُ بالجريمةِ السلبيةِ، لأنَّ كثيراً منْ أبنائِـهِ يمتنعونَ عن القولِ والعملِ الكفيلينِ بفَضْحِ ومعاقبةِ الـمجرمينَ الإيجابيينَ الذين ينشرونَ أموراً تُؤثِّرُ سلباً وبشدةٍ على مصائرِ أناسٍ أخطأوا وتابوا، أو اتُّهِموا بالخطيئةِ. وترجعُ سلبيتُهُ إلى أنَّ النهضةَ الاجتماعيةَ، والتَّحضُّرَ، والتَّمَدُّنَ لم ترافقها تنميةٌ أخلاقيةٌ كافيةٌ تستندُ إلى الروحِ الإنسانيةِ، والرحمةِ، والعدالةِ في ديننا الإسلاميِّ الحنيفِ. لكنَّ الجيلَ الشابَّ في بلادِنا الحبيبةِ بدأ في ممارسةِ دورِهِ في تلك التنميةِ عَبْرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، مما يجعلُنا نشعرُ بالاطمئنانِ إلى الغدِ الاجتماعيِّ والأخلاقيِّ لـمجتمعِنا. كلمةٌ أخيرةٌ: منهجُنا في حياتِنا الاجتماعيةِ يستندُ إلى حديثِ الأغلى منْ حياتِنا ودُنيانا، ﷺ: (كُلُّ بَنِـيْ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْـرُ الخَطَّائِـيْـنَ التَّـوَّابُونَ إبْراهِـيْـمُ فَـلامَـرْزِي كاتِـبٌ وَإِعْـلاميٌّ قَـطَـرِيٌّ [email protected]

3158

| 02 مارس 2021

الشَّـعْـوَذَةُ ولعنةُ الـموتِ والإرادةُ

ذكرَ عالمُ الاجتماعِ الكبيرُ؛ كلود ليڤي ستراوس، أنَّ الساحرَ في القبائلِ الـمعزولةِ عنِ العالَمِ في أمريكا الجنوبيةِ يقومُ بإلقاءِ لعنةٍ بالـموتِ على شخصٍ، وكيفَ يتقبَّلُ الشخصُ مصيرَهُ وكأنَّـهُ قَدَرٌ محتومٌ، فتتلاشى إرادتُهُ، ويبدأُ في رَفْضِ الطعامِ والشرابِ، ويذوي جسدُهُ بالتزامُنِ مع اضمحلالِ نزعتِـهِ للحياةِ حتى يموتَ فعلاً. وهذه الحالةُ من استلابِ الإرادةِ، والخضوعِ لأشخاصٍ لهم قدراتٌ خارقةٌ، معروفةٌ في ثقافاتِ كلِّ الشعوبِ مع اختلافٍ في صورِها ودرجاتِ تَقَبُّلِها. ففي هذه الثقافاتِ، توجدُ قصصٌ شعبيةٌ عن بيوتٍ قديمةٍ وأراضٍ بعيدةٍ عن العمرانِ تسكنُها مخلوقاتٌ كالجنِّ، أو كائناتٌ مُخْتَلَقَـةٌ كالأرواحِ الشريرةِ والأشباحِ. والـمُلاحَظُ فيها أنَّ جميعَها تُروى نقلاً عن فلانٍ أو فلانة، وقلَّما يكونُ الراوي طرفاً قد عاشَ إحداها، فينقلُ إلى الناسِ خبراتِـهِ ومشاهداتِـهِ. وبالطبعِ، فإنَّ الحديثَ في هذا الجانبِ ممتعٌ يجذبُ الناسَ لسماعِـهِ كنوعٍ منَ الرغبةِ في الخوفِ أو زيادةِ نسبتِـهِ في النفسِ بالتطرُّقِ لأشياء لا يمكنُ التعاملُ معها بالعقلِ والـمنطقِ، وتوحي بالشرِّ الـمُطْـلَقِ الذي لا تحكمُهُ مشاعرُ الرحمةِ. والبعضُ يلجأونَ إليه كنوعٍ منَ الهروبِ من واقعٍ مريرٍ يضغطُ عليهم ولا يستطيعونَ مواجهتَهُ، فينشغلونَ بعوالمَ مجهولةٍ تعيشُ فيها كائناتٌ لا تخضعُ للقوانينِ الطبيعيةِ، ويتمنونَ لو تواصلوا معها وأخضعوها لتفعلَ لهم أموراً كالخوارقِ والـمعجزاتِ، وبذلك تنشأ الشعوذةُ وينشطُ الـمُشَعْوِذونَ في استغلالِ سعي الناسِ لتحقيقِ أمنياتِهِم. على سبيلِ الـمثالِ، في إحدى الـمناطقِ يوجدُ بيتٌ معروفٌ لكثيرينَ باسمِ مُستأجرِهِ، يجتمعُ فيه رجالٌ وشبابٌ في ليالٍ بعينِها، فيعلو قَـرْعُ الطبولِ، ورنينُ الصَّاجاتِ، والغناءُ، حتى منتصفِ الليلِ. ويروي الناسُ عنه أموراً تُخيفُ الأقلَّ وعياً وتعليماً وثقافةً، كإقامةِ حفلاتِ الزَّارِ، وحلولِ الجنِّ في أجسادِ بعضِ الحاضرينَ الذينَ يأخذونَ بالصُّراخِ الهستيريِّ وهم يتواثبونَ راقصينَ بجنونٍ، أو يتمرغونَ بالأرضِ كالممسوسينَ. وذات يومٍ، كنتُ أقفُ مع صديقٍ لي في شارعٍ داخليٍّ قريبٍ إلى هذا البيتِ، فمرَّ بنا رجلٌ كهلٌ طويلُ القامةِ، نحيفٌ، يرتدي ثوباً لم يُكْـوَ منذُ أيامٍ، وينتعلُ نعالاً بلاستيكياً، وهو يدخنُ لفافةَ تبغٍ بشراهةٍ. وإذ بصديقي يقول لي إنَّ الرجلَ هو مستأجِـرُ البيتِ، وإنَّهُ معروفٌ بعلاقاتِهِ بالعالمِ السفليِّ. فنظرتُ إلى هذا الشخصِ الذي يعتقدُ الناسُ بقدراتِـهِ على التواصلِ معَ الجنِّ والسيطرةِ عليهم، فرأيتُ فيه شخصاً أقلَّ منْ عاديٍّ، ومنَ الأشخاصِ الذين لا نتذكرهم إلا إذا رأيناهم، وننساهم بمجردِ ذهابِـهِم. وتذكرتُ ما رواه ستراوس، ووصلتُ إلى نتيجةٍ تقولُ إنَّ ما نقبلُ به بإرادتِنا هو الذي يصنعُ قوةَ الـمُشَعْوِذينَ التي يهيمنونَ بها علينا. في دينِنا الحنيفِ، لا وجودَ لهؤلاءِ الـمُشَعْوِذينَ، ولا لأكاذيبِ السَّحَـرَةِ. بل إنَّ الـمصطفى، ﷺ، أخبرنا بأنَّ قراءةَ الـمُعَوِّذَتَينِ والدعاءَ كافيانِ لتحصينِنا منْ كلِّ الشرورِ، لكنَّ بعضَنا يجعلونَ للهِ شركاءَ فيصدقونَ أنَّهم قادرونَ على التحكُّمِ في مصيرِ إنسانٍ، والسيطرةِ على إراداتِ الآخرينَ. وهذا، بالطبعِ، جانبٌ مُهْمَلٌ جزئياً في البحوثِ والدراساتِ الاجتماعيةِ والنفسيةِ، ولا يجدُ توعيةً دينيةً وعلميةً مُختصةً لإزالتِهِ منَ العقلِ الجمعيِّ. كلمةٌ أخيرةٌ: لو كانَ هؤلاءِ الـمُشَعْوِذونَ صادقينَ، لَكانَ منَ الواجبِ على الدولِ التوقُّفُ عن تطويرِ السلاحِ، وإعدادِ الجيوشِ، وأنْ تستعينَ بهم، فتوفِّـرَ موازناتٍ ضخمةً للتنميةِ والإعمارِ. كاتب و إعلامي قطري [email protected]

1954

| 02 فبراير 2021

عُصاباتٌ وعُصابيُّونَ

العُصاباتُ؛ جَمْعُ عُصاب، هي اضطراباتٌ في الشخصيةِ والاتِّزانِ النفسيِّ، تُسبِّبُها الصراعاتُ النفسيةُ الناجمةُ عن التنشئةِ الأُسَريةِ غيرِ القويمةِ، والتجاربِ الـمُوجِعَةِ الـمُتتاليةِ. وتُضافُ إلى الأسبابِ، بنسبةٍ ضئيلةٍ، العواملُ الوراثيةُ، وعدمُ التوازنِ في الـمُرَكَّباتِ الكيميائيةِ والهرمونيةِ في الـمخِّ. وتظهرُ في مُسْتَوَيَينِ، الأولُ: نفسيُّ يبدو في صورٍ منها القلقُ، والخوفُ، والغضبُ، وانخفاضُ التقييمِ للذاتِ، والتَّشَوُّشُ. والثاني: سلوكيٌّ يتمثَّلُ في التَّهَوُّرِ، والخُمولِ، وتَجَنُّبِ الآخرينَ، والعُزْلةِ، والسَّلبيةِ، والسُّخريةِ، والعدوانيةِ. معظمُ الناسِ عُصابيونَ بدرجاتٍ متفاوتةٍ، ومستوياتٍ مختلفةٍ. فالأبُ الذي يتصرَّفُ بعدائيةٍ مُفرطَةٍ مع أبنائه في سنِّ الـمراهقةِ وبداياتِ الشبابِ، هو شخصٌ عُصابيٌّ يُعاني خوفاً مَرَضياً لا شعورياً بأنَّ دورَهُ في الحياةِ بدأ يصغُرُ، وأنَّ شبابَ الآخرينَ وحيويَّتَهم إيذانٌ بانتهاءِ شبابِـهِ وتضاؤلِ حيويَّـتِهِ. والشابُّ الذي تَعَرَّضَ لصدمةٍ عاطفيةٍ شديدةٍ في سنٍّ مُبَـكِّرةٍ أدَّتْ إلى خَلَلٍ في تقييمِـهِ للآخرينَ، يُصبحُ عُصابياً في تَعامُلِـهِ معَ الـمرأةِ والفنونِ والآدابِ، فيميلُ لا شعورياً للقمعِ والاستبدادِ بحُجَّةِ الحِفاظِ على الأخلاقِ والقِـيَمِ. والفتاةُ التي نشأتْ في أسرةٍ مُضطربةٍ لا يوجدُ فيها استقرارٌ، وتسودُ علاقاتِ الأبوينِ بالأبناءِ فيها القسوةُ أو الإفراطُ في التدليلِ، تُصبحُ عُصابيةً فتميلُ للسخريةِ منَ الذاتِ عَلانيةً كنوعٍ منَ التَّصَرُّفِ الاستباقيِّ الذي يحميها من انتقاداتِ الآخرينَ لأسرتِها. أو تنغمسُ لا شعورياً في التفكيرِ السَّلبيِّ تجاههم حين يتحدثونَ بإيجابيةٍ عن حياتِهِم الأُسَرَيةِ الطيبةِ، وكأنهم يتعمدونَ الإيحاءَ لها بسلبياتِ حياتِها الأُسريةِ. وقِسْ على ذلك في مواضعَ كثيرةٍ من حياتِنا كلِّها. الأمرُ الـمُلاحَظُ في الحالاتِ العُصابيةِ الـمُتقدِّمَةِ التي تتخذُ أشكالاً مَرَضيةً ملحوظةً، أنَّ بعضَها يجعلُ العُصابيَّ يلوذُ بالأشخاصِ الذينَ هم مَوضِـعُ خوفِـهِ وشكوكِـهِ. فإنْ كانوا ذوي وعيٍ وثقافةٍ، ويمتلكونَ حِساً رفيعاً بمسؤولياتِهِم الإنسانيةِ والاجتماعيةِ، فسيكونونَ أسباباً في تخفيفِ اضطرابِ شخصيتِهِ واتِّـزانِـهِ النفسيِّ. أما إذا كانوا ذوي وعيٍ مُتَدَنٍّ وثقافةٍ ضحلةٍ، فإنهم سيُمارسونَ عليه عُصاباتِهم التي تتحكَّمُ بهم لا شعورياً، فيستفحلُ اضطرابُهُ، وقد يصلُ الأمرُ إلى بلوغِـهِ الذُّهانَ، أي الخَلَلُ في كلِّ أو أحد مُكَوِّناتِ التفكيرِ الـمَنطقيِّ والإدراكِ الحِسيِّ. فقد عرفتُ أشخاصاً عانوا تجاربَ مؤلِـمَةً في حياتِهم الأُسريةِ والاجتماعيةِ، نَجَمَ عنها أنَّ دائرةَ مخاوفِهم وشكوكِهم اتَّسَعَتْ لتشملَ الأقاربَ من الدرجةِ الأولى والثانيةِ، والأصدقاءَ، وأصدقاءَ الأصدقاءِ. ولحُسنِ حظِّهِم فإنَّ شخصاً أو أشخاصاً داخلَ الدائرةِ أدركوا معاناتِهِم، فتعاملوا معهم بصبرٍ شديدٍ وعقلانيةٍ، وأصرُّوا على التواصُلِ معهم، فحالوا بينهم وبين بلوغِ الذُّهانِ، لكنهم لم يتمكنوا من علاجِ الحالاتِ العُصابيةِ لأنَّ ذلك لا يكونُ إلا بإشرافِ الأطباءِ النفسيينَ الـمُختَّصينَ. لابد لنا من التوعيةِ دائماً بأنَّ الأمراضَ النفسيَّةَ ليستْ ما نراهُ في السينما العربيةِ التي تُسَطِّحُ القضايا، وتنشرُ احتقاراً للعلمِ والـمعرفةِ في مجتمعاتِنا، وإنما هي كالأمراضِ الجسديةِ، بعضها هَيِّنٌ كالزُّكامِ الذي يشبِهُ في درجتِهِ العُصابَ القائم على اضطرابٍ لا يبدو واضحاً إلا في حالاتٍ محدودةٍ، وبعضُها عُضالٌ قد يستعصي أحياناً على العلاجِ الناجعِ كالسرطانِ الذي تُشبِهُ بعضُ أنواعِـهِ في درجتِهِا بعضَ حالاتِ الذُّهانِ. كلمةٌ أخيرةٌ: إحدى مظاهرِ التقدُّمِ تتمثَّلُ في وجودِ وعيٍ عامٍّ بوجوبِ احترامِ الآخرينَ، والتعامُلِ مع معاناتِهِم النفسيةِ والعقليةِ والحِسيةِ كجزءٍ من معاناتِنا الخاصةِ بحيثُ نسعى جاهدينَ للتخفيفِ من وطأتِها، أو الإسهامِ في ذلك. [email protected]

2826

| 19 يناير 2021

طرائفُ عربيةٌ

قبل أيام، كان مذيعٌ في إحدى القنوات الفضائية المصرية منفعلاً بشدة، وهو يتحدث بحماسةٍ عن ترامب كزعيمٍ قويٍّ، ويهاجم بايدن بألفاظٍ مُقذعةٍ. وفجأة، صمتَ لثوانٍ، ثم قال إنه تلقى خبراً مفاده أن الرئيس السيسي أرسل برقية تهنئة لبايدن، وعاد للحديث فأخذ يهاجم ترامب الذي لا يعرف للدبلوماسية معنى، وينشر الفوضى في العالم، ويمدح بايدن بأنه رجلٌ دبلوماسيٌّ هادئ حكيمٌ. وفي نفس اليوم، كان رأس هرم التطبيل والنفاق الإعلاميينِ: عمرو أديب، يتحدث عن وجوب فوز ترامب لأنه رئيس قوي لدولة قوية، وأن الشعب الأمريكي بحاجة إليه. ويبدو أنه تلقى الخبر الذي تلقاه زميله، لكنه كان أكثر احترافيةً منه، نظراً لخبراته الطويلة في النفاق، فأخذ يتحدث عن الديمقراطية التي تتيح للشعب اختيار رئيسه، فيكون فوز ترامب أو بايدن أمراً طبيعياً. لكن الأكثر طرافةً، كان ما قاله معتز عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي بدأ حياته صغيراً بوصلة تطبيل ونفاق لحسني مبارك، ثم تطفل على ثورة 25 يناير 2011م، وقفز منها إلى أحضان الانقلاب عليها في الثالث من يوليو 2013م. فقد كان واضحاً في أن ترامب كان نعمةً للنظام الانقلابي، بينما سيكون بايدن نقمةً عليه لأنه سيحاسبه على جرائمه ضد معارضيه، وعلى تحويل مصر، دولةً ومجتمعاً، إلى كيانٍ عسكريٍّ لم يشهد التاريخ مثيلاً له في الاستبداد والفساد وسوء الإدارة. هذه المشاهد الثلاثة، تختصر الحالة الرسمية المصرية في التعامل مع الانتخابات الأمريكية، لأن الغياب الكلي للشعب المصري عن إدارة شؤون بلاده، جعل من استمرار النظام الانقلابي بنفس آلياته في الاستبداد والفساد مرهوناً بكونه أداةً لقوى خارجيةٍ تدعمه. وبالطبع، فإن أعظم تلك القوى هي الولايات المتحدة، أما أبوظبي فإنها منشغلةٌ باستعداداتها لاحتمال تولي بايدن الرئاسة، ولا يعنيها، في قليل أو كثير، شأن موظفها الذي عينته رئيساً لمصر، بل إنها تعمل على إغراقه أكثر فأكثر في صراعات لن ينتج عنها إلا مزيدٌ من تهميش مصر، وإفقار شعبها، وزيادة عزلتها دولياً وعربياً. وفي جانب آخر، كان موقف عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي، فريداً من نوعه. فقد تميز الرجل بتحولاته المسرحية السريعة والمفاجئة من النقيض إلى النقيض، إذ كان أشد إسلامية وعروبةً من الجميع في مواقفه الرافضة كلياً للعلاقات مع الكيان الصهيوني، ثم انقلب على مواقفه في مشهد مسرحي مبتذل فأعلن أنه مع قيادة بلاده في كل ما تراه لصالح الإمارات. المهم، هو أن الرجل كاد يتمزق حماسةً وهو يتحدث عن وجوب فوز ترامب لأن بايدن سيفتح قنوات للتواصل مع الإسلاميين، وسيسعى لتقوية القوى المناهضة لسياسات الحلف الصهيوعربي. وفجأةً، قام بمشهد مسرحي آخر، فأعلن أن بايدن هو السياسي الذي يحتاج إليه العالم للتخلص من الآثار المدمرة للترامبية السياسية. التغيرات المسرحية لعبد الخالق، تشير إلى أنه يتعامل مع الشأن الأمريكي كما تتعامل قيادته مع الشأن المصري، ويتخيل أن الناخبين الأمريكيين سيتأثرون بما قاله دعماً لترامب، أو أن بايدن سيلتفت إليه، أو أن المؤسسات الأمريكية ستخاف من تلميحه بقطع التمويل الإماراتي، فتندفع لإرضاء أبوظبي بفرض ترامب على الشعب الأمريكي، مما يؤكد أن عبدالخالق لم يزل يعيش أوهام الحلم الإمبراطوري لقيادة بلاده، ولا يريد الاعتراف بحجمها الحقيقي الضئيل في المنطقة والعالمينِ العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي. نعود للفكاهة الإعلامية المصرية؛ فقد انطلق المتطفلون على الإعلام والفكر والثقافة، ممن يُسَمون أنفسهم بالإعلاميين، في تحليلاتٍ ساذجةٍ متهافتةٍ عن معاداة بايدن لتركيا، وأنه سيقوم بتحطيم اقتصادها، وتغيير سياساتها. وبالطبع، فإن هذه التحليلات تأتي في إطار إنكار الواقع، وهي آلية دفاعية يلجأ إليها الضعفاء عندما يواجهون قوةً قاهرةً لا يمكنهم مجابهتها. فالولايات المتحدة، مهما كانت مواقفنا من سياساتها، لها سياسات كونية ترتبط بمصالحها الاقتصادية والسياسية، ولا شأن لها بالعواطف المُهَلْهَلَةِ التي تصلح في دول لا معنى فيها للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أن تركيا دولة ديمقراطية، وشعبها هو الذي اختار قيادته، فاستطاعت أن تكون لاعباً إقليمياً ودولياً مهماً، وليست دولةً وظيفية لا يأبه أحدٌ لمواقفها السياسية، ولا دور لها حتى في وسط جيرانها الجغرافيين. كاتب و إعلامي قطري [email protected]

4209

| 17 نوفمبر 2020

طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنا

كانت الجراحُ المفتوحةُ في كلِّ جسد خبيب بن عدي، رضي الله عنه، تؤلمُهُ، فيتشاغلُ عنها بالتسبيح والتكبير في قلبه، وكان ينظر إلى الناس الذين تمر بهم الناقة التي حمله المشركون عليها، ويدعو الله أن يهديهم إلى نور الإسلام. وفجأةً، شعرَ بألم عظيمٍ في خاصرتِهِ؛ إذ احتك جرحٌ غائر فيها بظهر الناقة، فتساقطت قطعٌ من اللحم والجلد اليابسين، فتذكر وجه الحبيبِ المصطفى، ﷺ، وشعر بأنه يحبه حباً عظيماً، وأن مواجعه تزول أمام هذا الحب النقي. ولما وصلت الناقة به إلى الموضع الذي قرر المشركون قتله فيه، طلب أن يصلي ركعتين، فأذنوا له، ثم اقترب منه أحدهم، وقال له: يا خبيب، أتحبُّ أنَّ محمدًا مكانك؟، فقال: واللهِ، ما أحبُّ أني في أهلي وأنَّ محمدًا شِيْكَ بشوكةٍ. ثم قتلوه، رضي الله عنه وأرضاه. بهذا الحبِّ العظيم لرسولنا الكريم، ﷺ، سيقف المسلمون بين يدي الله، يومَ القيامة، فيكون حبُّهم لله ورسوله، ﷺ، شفيعاً لهم بإذنه تعالى. منذ أسابيع، والشعوب العربية والإسلامية غاضبة مما حدث، وترفض أي محاولة لإنهاء هذا الغضب. واللافت للنظر في ردود الفعل أنها شعبيةٌ خالصةٌ ليس فيها أثرٌ لتوجيهات رسمية، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، هو المُستَهدف بالإساءة علانية ولن نقبل، نحن المسلمين، بمجرد الإشارة بسوء إلى خير البشر، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وللناس كافة. ولذلك، لم نطالب حكوماتنا باتخاذ خطوات سياسية، وإنما قمنا بأقل ما يمكننا القيام به فأوجعنا المسيئين والصليبيين الجدد والمتصهينين العرب. وعلى هوامش هذه الوقفة الشعبية الإسلامية العظيمة، يوجد مشهدانِ مضحكان: الأول هو ما يردده إعلام الانقلاب في مصر، والثاني ما يردده إعلام أبوظبي وذبابها الإلكتروني. فإعلام الانقلاب يكاد يتمزق غيظاً وهو يرى أن الشعب المصري الكريم يمارس حريته، ككل الشعوب العربية والإسلامية، دون أن ينادي بمطالب سياسية، لأن الإعلام يدرك أن ذلك يعني أن الشعب تجاوز نظامه الانقلابي المستبد، وأخذ يتوحَّدُ في نطاقٍ لا يمكن للنظام والإعلام الدخول فيه، ألا وهو النطاق النفسي العقائدي. ولذلك، أخذ المتطفلون على الإعلام والثقافة والفكر في مصر يحاولون مخاطبة المصريين بلسان الخائف على مصالحهم إن استمروا في ردود أفعالهم، وتناسوا أن عشرات الآلاف من النخب المثقفة والقيادية في السجون، وأن الملايين من الفلاحين فقدوا مصدر رزقهم بسبب بيع السيسي لحقوق مصر في مياه النيل، وأن مئات الآلاف يُطردون من مناطق سُكناهم لتقوم أبوظبي بإنشاء مناطق سياحية فيها، وأن قناة السويس مُهدَّدَة بالبوار، لأن أبوظبي اتفقت مع الكيان الصهيوني على تصدير النفط عَبُرَ الأراضي المحتلة، لتمرَّ أنابيب نفطها بين عشرات آلاف قبور الشهداء في تلك الديار المقدسة. أما الإعلام والذباب الإلكتروني في أبوظبي، فإنهما لا يتحدثان إلا عن الدولة الإماراتية (العظيمة) التي تقود العرب، وتواجه الأتراك. ويتناسيان أن بعض الدول العظمى ليست مجرد مالٍ حرامٍ يُنثر على العملاء، ولا مؤامراتٍ تُحاك ضد الدول والشعوب. ويغفلان عن أن مجرد الإيهام بوجود صراع تركي إماراتي هو أمر مضحك؛ فتركيا ليست مجرد دولة حقيقية ديمقراطية، وإنما هي القوة الصاعدة في العالم الإسلامي والعربي، بنتاجها الصناعي والتجاري والعسكري، وبسياساتها التي جعلتها مركزاً لاحترام ومحبة الشعوب العربية والإسلامية. فبالله عليكم، يا سياسيون ويا إعلاميون ويا ذباب إلكتروني في الإمارات، ماذا تتوقعون من الشعوب وهي تتابع (بطولات) قيادتكم في التصهين والعداء لكل عربي ومسلم؟ وماذا تنتظرون منها وأردوغان يقف بشموخ وهو يردد: طلعَ البدرُ علينا، ويعلن رَفْضَ بلاده للإساءة إلى الرسول، ﷺ، والإسلام والمسلمين؟. هل ستقولون إنه يدغدغُ مشاعر المسلمين؟ إن كان ذلك صحيحاً، فجزاه الله خيراً، وليتكم تدغدغون مشاعرهم مرةً واحدة بموقف فيه خيرٌ لهم. ونعود، مرةً أخرى، إلى المسيئين لنقول لهم: إن الغالبية العظمى من المسلمين لا يعملون طبالين لقيادتي أبوظبي والقاهرة وأشباههما الذين باعوا كل شيء ليبقوا؟، لقد تحقق لهم البقاء لكنهم أصبحوا منبوذين مكروهين من الأمة كلها، فهنيئاً لكم بهم. كلمة أخيرة: فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَـــــــواءُ فَإِنَّ أَبِيْ وَوَالِدَتِيْ وَعِــــرْضِي لِعِرْضِ مُحَـــــمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ [email protected]

4629

| 03 نوفمبر 2020

العاجزون

المشكلة الحقيقية التي نواجهها، نحن المسلمين، ليست تصريحات ماكرون ولا توجهات اليمينيين المتطرفين في أوروبا، وإنما هي في وجود تيار صهيوعربي تقوده أبوظبي يُحرِّضُ على المسلمين، ويدعم كل الأعمال العنصرية ضدهم في العالم. ولعلَّ أبسط مثال لها هو الحملة الشعواء التي قام بها اللوبي الصهيوإماراتي ضد قيام دولة قطر بتخصيص موازنة لتعليم اللغة العربية في مدارس ثانوية بالولايات المتحدة قبل سنوات قلائل، متهماً بلادنا بأنها تسعى لنشر الإرهاب من خلال هذا العمل الحضاري العظيم. أما أعظم تجليات العداء للإسلام والمسلمين فتتمثل في تصريحات شوقي علام، مفتي مصر، الذي أخذ يُحرِّضُ الغرب على المواطنين الأوروبيين المسلمين قائلاً: إن أكثر من نصفهم دواعش وإرهابيين، متناسياً أن التحريض على مسلم هو من أعظم الأمور مقتاً عند الله. ولكننا لا نعتب عليه؛ فالرجل مجرد موظف رسمي في نظام انقلابي، ولا ننتظر منه إلا مزيداً من إعلان الكراهية لأمتنا وعقيدتنا إرضاءً لنظامه الذي تديره أبوظبي. بعد احتلال ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر لفرنسا سنة 1940م، تكونت في باريس حكومةٌ خاضعة لألمانيا، فأعلن أربعمائة سجينٍ فرنسيٍّ عصيانهم في أحد السجون الفرنسية بالجزائر، سنة 1941م، احتجاجاً على خضوع رئيسها: فيليب بيتان للحكم النازي، فأمرت قيادة السجن الحراس، وهم من الجزائريين المسلمين، أن يطلقوا النار على السجناء، فرفضوا لأن الإسلام يُحرِّم قَتْل الأسرى والعُزَّلِ. وكان بين هؤلاء السجناء الفيلسوف الفرنسي الكبير: روجيه غارودي، الذي كانت تلك الحادثة بدايةً لمسيرةٍ طويلةٍ في حياته لدراسة الإسلام، انتهت سنة 1982م بإعلان إسلامه. وكان طوال عمره ضيفاً دائماً على وسائل الإعلام الفرنسية، لكنه أخذ يقرأ التاريخ من زوايا الواقع والحقائق، وبدأ ينتقد ما فعلته وتفعله بلاده والدول الغربية في العالم الإسلامي، ثم شكَّكَ في المحرقة اليهودية: الهولوكوست، استناداً إلى حقائق تاريخية منطقية، فحُكِمَ عليه بالسجن سنةً، وابتعدت عنه وسائل الإعلام حتى وفاته سنة 2012م، رحمه الله. هذه القصة، تؤكِّدُ على أن تصريحات الرئيس ماكرون ضد الإسلام والمسلمين ليست وليدة اليوم، وإنما ترتكز على إرثٍ من العنصرية والاستعلاء تمتد جذوره عميقاً في العقلية الفرنسية المُتخمة بتاريخ طويل من الاستعمار والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها فرنسا ضد المسلمين حين استعمرت بلادهم. ونحن لا نتحدث عن تاريخٍ بعيدٍ، وإنما عن تاريخٍ قريبٍ نسبياً كانت ساحاته الجزائر وتونس وسوريا وسواها من دول عربية إسلامية في النصف الأول وبدايات النصف الثاني من القرن العشرين. قراءة تاريخ الاستعمار الأوروبي لبلادنا الإسلامية تجعلنا ندرك أن فرنسا لم تُقدم للشعوب إلا الجرائم ضدها، ونَهْبَ ثرواتها، ودعم طغاتها. ولم تتميز سياساتها بنوع من الدهاء السياسي الذي تميزت به سياسات الاستعمار البريطاني، وإنما كانت أعمال عُنف لا مثيل لها. واليومَ، يدرك ماكرون أن بلاده ليست لاعباً حقيقياً في العالم، وإنما هي دولة من الدرجة الثالثة في التأثير السياسي؛ ويأتي ترتيبها بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا عالمياً، وبعد تركيا القوة الصاعدة الجديدة في الشرق والعالمين العربي والإسلامي. ولذلك، نجده يحاول الرجوع إلى حالة الصدام الحضاري بين أوروبا والعالم الإسلامي، لأنه يتوهم أن هذا الأمر سيساعد بلاده على قيادة كتلة سياسية واقتصادية ضخمة هي الاتحاد الأوروبي. نقول لماكرون، الذي صدَّعَ رؤوسنا بالحديث عن القيم العلمانية لفرنسا، إن الجرائم تقع بدوافع انفعالية دينية في كل الدنيا، لكن التحقيق بشأنها يظل دائماً في إطار أنها جرائم فردية، وتتم معالجتها بالقانون وليس بالعنتريات العنصرية ضد أكثر من ملياري مسلم في الدنيا. وكان الأولى بماكرون أن يقتدي ببريطانيا وألمانيا اللتين تتعاملان مع مواطنيهما المسلمين كجزء أصيل من النسيج البشري والحضاري لشعبيهما، ولا تسمحان بتعالي النبرة العنصرية الرسمية ضدهم. فقد كان بإمكانه أن يتحدث كرئيس لكل الفرنسيين، ويدعو لنقاش وطني يطرح من خلاله المسلمون الفرنسيون قضاياهم، ويطالبون بقانون يمنع التعرُّض لعقيدتهم ورموزها أسوةً باليهود الفرنسيين. لكنه يدرك أن ذلك سيُفقده أصوات الغوغائيين اليمينيين المتطرفين، فاندفع يهاجم الإسلام بصورة شعبوية لا تليق بمكانته كرئيس لفرنسا. كلمة أخيرة: الإسلام ليس مجرد عقيدة دينية، وإنما هو روح إنسانية حضارية عظيمة لا يمكن لأحد أن يُشوهها، أو يطعن في نُبلها وتحضُّرها وإنسانيتها. كاتب وإعلامي قطري [email protected]

5388

| 20 أكتوبر 2020

ابنُ تيمية رجلٌ بأمةٍ

(1) معركة الشَّقْحَب: عدما وصلت طلائع التتار إلى دمشق، سنة 699 هـ/ 1300م، فَرَّ معظمُ الأمراءِ وقادةِ الجيشِ، فهبَّ ابن تيمية لتثبيت الناس، ودعوتهم للصمود، وأرسل إلى سلطان مصر: الناصر قلاوون طالباً منه النجدة. واستجاب له السلطان، فقاد جيش مصر متوجهاً إلى دمشق التي وصلها في الثاني من رمضان، سنة 702 هـ/ 1303م، فخرج إليه الناس يستقبلونه، وفي مقدمتهم الشيخ الجليل أحمد بن تيمية، واستقبل الناصرُ قلاوون الشيخَ بالترحاب والإجلال، فلولاه لَاجتاح التتار دمشق وتوجهوا إلى مصر ثم إلى الديار المقدسة. و في السابع والعشرين من نفس الشهر، وقعت معركة الشَّقْحَبِ بين المسلمين والتتار، وشارك ابن تيمية فيها، والتف المسلمون حوله، يستمدون منه عزيمةً وإرادةً، فانتصروا، وبدأوا في تطهير الشام والعراق من فلول التتار. (2) حيٌّ رغم موته: سبعة قرونٍ مضت على وفاة الشيخ أحمد بن تيمية، رحمه الله، ولم يزل حياً في عقول وضمائر المسلمين، ولم يزل نفرٌ من المتثافقين والمغرضين يهاجمونه بشدةٍ، ويطعنون فيه، ويتهمونه بأنه الركيزة العقائدية للتطرف والإرهاب، رغم أن معظمهم لم يقرأوا كتبه، ولا اطَّلعوا على سيرته، وإنما يستندون في ادِّعاءاتهم إلى أقوال هذا أو ذاك من المبغضين للإسلام والمسلمين، مما يدفعنا للإجابة عن سؤالين محددين، هما لماذا بقي الشيخ حياً حتى اليوم؟، ولماذا هذا الهجوم الضاري عليه اليوم؟. (3) الفقيه المجاهد: لا يمكن أن نفهم السبب في الحملات على ابن تيمية إلا إذا عرفنا السبب في عدم قيام معظم المشايخ بالدفاع عنه بعدما قضوا أعمارهم و هم يستندون إلى نتاجه الفقهي، وهو أمرٌ لا نستغربه منهم لأن الأقنعة سقطت عن وجوههم خلال السنوات القلائل الماضية، وتبيَّنَ للجميع أنهم يجعلون طاعة وليِّ الأمر مُقَدَّمَةً على طاعة الله، ولو قام بارتكاب الكبائر جَهاراً، ويجعلون قُدسية القرآنِ الكريم مرهونةٌ بأن تكون سوره وآياته مُتماشيةً مع سياسات وليِّ الأمر. أما ابن تيمية، فلو كان حياً، اليومَ، لَما قَبِلَ بصفقة القرن، ولَخاطَبَ الناس يدعوهم لرفضها، ولذلك، تُشجع بعض الأنظمة على تشويه صورته لأنها تريد ترسيخ وجود العلماء الذين يطيعونها، ويَلوون الآيات والأحاديث لدعم سياساتها فقط. (4) الفقيه الحَداثيُّ: عندما نقول: مجتمعٌ إسلاميٌّ، فإننا نقصد أن الغالبية العظمى من أبنائه هم من المسلمين، و هم يتساوون مع غير المسلمين في الحقوق والواجبات، وجميعهم محكومون بالدستور والقانون المعمول بهما في الدولة. ولو عُدنا إلى ابن تيمية، فسنجده متقدماً على عصره في هذا المفهوم؛ إذ عرض عليه التتار إطلاق سراح الأسرى المسلمين فقط، فأصرَّ على إطلاق سراح غير المسلمين أيضاً، لأنهم أهل ذمة. وبمعنًى آخر، أن غير المسلمين هم مواطنون في الدولة، وما يجري على المسلمين يجري عليهم. وهذا ينفي مقولة العنصرية الدينية التي يرمونه بها. (5) الفقيه اللاتكفيري: نعلم جميعاً أن لفظة "التكفير" أصبحت أداةً لإرهاب المسلمين ليتخلوا عن شعورهم الديني البسيط بتميُّزهم. فالمسلمون يعتقدون جازمين أن {الدِّيْنَ عِنْد اللهِ الإِسْلامُ}، وأن الجهادَ مُقَيَّدٌ بردِّ العدوان عليهم، وأن من حقهم الارتكاز إلى الشريعة كمصدر رئيس من مصادر التشريع في دولهم. والمُلاحَظُ في الحملةِ ضد ابن تيمية أنها ترتكز على اقتطاع أجزاء من فتاواه عن سياقها، ودون البحث في الأسباب التاريخية التي دعت إليها. فقد كانت الأمةُ، أنذاك، مُهدَّدَةً بالتتار وبقايا الصليبيين، وكان بعض المسلمين وغير المسلمين يتعاملون معهم ضد أمتهم، فكان لابد من إظهار كفرهم بسبب خيانتهم. أما الجانب الآخر من فتاواه بشأن التكفير، فينبغي النظر إليها من زاويةٍ إيمانيةٍ بحتةٍ خاصةٍ بالرؤية العقائدية للمسلمين إلى أنفسهم كأمة، ولا ينبغي أن نسمح بتثاقف البعض بأنها سبب للعنف والإرهاب، لأن الشيخ الجليل لم يقم بقيادة المسلمين للفتكِ بسواهم، بعد الانتصار في معركة الشَّقْحَب، بل إن أجراس كنائس دمشق، وترانيم نصاراها، ومزامير يهودها، كانت تُجلجلُ مع تكبيرات المسلمين، وهم، جميعاً، يندفعون لاستقباله برفقة السلطان الناصر قلاوون عند بواباتها. إن هذا المشهد وحده يُبرِّؤه من أقاويل المتثاقفين والمغرضين الذين معظمهم باحثون عن الشهرة، ولاهثون وراء المال الحرام لبعض الأنظمة.

9334

| 19 مايو 2020

الأبعاد المستقبلية لكورونا

عندما يصرح هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي السابق، أن ما بعد كورونا لن يكون كما قبله، فهذا يعني أنه تم البدء في رسم ملامح المستقبل السياسي والاقتصادي للعالم في مرحلة ما بعد كورونا، وأن الذين يقومون بذلك سيجعلون من الشعوب الأضعف والأقل تقدماً أكباش فداء تتم التضحية بها لضمان استمرار قيادة الغرب للعالم. فالمرض لن ينهي التاريخَ البشريَّ، لكنه سيغير مساراته. والمشكلة التي نواجهها، نحن العرب والمسلمين، تتمثل في أننا لم نخرج بعد من تأثيرات الصدمة الأولى لاجتياح الفيروس للعالم، وما زلنا منشغلين بمآسينا التي نشارك نحن في صنع كثير منها. بداية، لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة بشأن الفيروس، تتعلق بأن الجهود المبذولة في كل دول العالم لمواجهته تقتصر، حتى اللحظة، على إبطاء انتشاره، لأن انتشاره بسرعة سيؤدي إلى انهيار المنظومات الطبية التي ستعجز عن التعامل مع أعداد هائلة من المصابين به، فتكون النتائج وخيمةً على كل المستويات: الإنسانية والسياسية والاقتصادية. وإذا نظرنا إلى عالمنا العربي، فسنجد مستويين للتعامل مع الأزمة؛ الأول، هو وجود قيادات تسخر موارد الدولة ومؤسساتها لحماية الإنسان، كما هو الحال في بلادنا. والثاني، وجود قيادات تتعامل مع الأزمة بخفة سياسية وإعلامية، ولا مبالاة بالتكلفة الإنسانية، كما هو حال القيادة المصرية، مثلاً. وبين هذين المستويين، تتناثر مآسٍ عظيمةٌ في صعوبة التعامل معه، كما هو الحال في غزة واليمن وليبيا والصومال. نعود إلى انعكاسات متلازمة الأمراض السياسية والإنسانية لكورونا علينا، فنجد نتيجتين هامتين: الأولى، هي أن جائحة كورونا عطلت تنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة، ولم يعد بإمكان الأنظمة العربية المنخرطة فيه العمل على إنجاحه، لأن الجائحة لها أبعادٌ أعظمُ من قدرة تلك الأنظمة على احتوائها. فقد بدأت معظم الشعوب العربية والإسلامية في تخليق مقاومة نفسية ذاتية للمرض تتمثل في التعامل معه كعقوبة إلهية لا يزيلها إلا العودة إلى الله. وهذا يعني أن حالةً إيمانيةً نقيةً تتحكم في كل مواقف الشعوب من كل القضايا، ولن يستطيع أحد مواجهة الرفض الشعبي لمحاولات التخلي عن القدس والأقصى، وتشريع وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين. ويقودنا هذا الأمر إلى استشراف المستقبل من زاوية أخرى تتصل في وجوب تخلي بعض الأنظمة عن استبدادها داخلياً، وسياساتها الرعناء خارجياً، وأن تسمح بوجود سقف مرتفع من الحريات في بلادها، لتضمن تأييد شعوبها لسياساتها العامة في مواجهة أي محاولات للجماعات المتطرفة لاستغلال الجائحة وما سينتج عنها لنشر الإرهاب والعنف. أما النتيجة الثانية، فتتمثل في زوال خيمة الردع الممتد عن بعض الدول العربية؛ أي قيام دولة عظمى كالولايات المتحدة بحماية دول الخليج كنوع من الردع لقوة عظمى إقليمياً كإيران. فقد تبين أن حدوث أزمة عالمية عامة، كانتشار الفيروس، شغل به الدول الكبرى داخل حدودها السياسية، وأصبح الشأن المحلي هو موضع اهتمامها الوحيد، مما أحدث فراغاً أمنياً ستمتد تأثيراته لسنوات. وهذا يدفعنا للتفكير جدياً في إقامة تكتلات إقليمية في المستقبل تكون تركيا جزءاً منها، لأنها قوة صاعدة حضارياً وسياسياً وعسكرياً، ولها توجهاتها التي تتلاقى مع مصالحنا العربية. وكالعادة، سيخرج علينا المتصهينون العرب بدعاواهم السياسية الفارغة حول ما يسمونه مطامع عثمانية، في حين يصرخون، هم أنفسهم، بشرعية احتلال فلسطين، ويتطاولون على ما أكده القرآن الكريم والحديث الشريف من قدسية الأقصى المبارك. ونُذكٍّر هؤلاء بالمعتمد بن عباد، ملك قرطبة وإشبيلية في الأندلس، ونقول لهم: إن إِبْلَ ابن تاشفين ستظل طاهرةً أبداً، بينما ستظل خنازير ألفونسو نجسةً دنسةً إلى قيام الساعة. كلمة أخيرة: كلُّ قضاء الله خيرٌ. وندعوه تعالى أن يحفظ ديار الإسلام والعروبة، ويعز شعوبها بالإيمان والعلم والنهضة الحضارية الشاملة. كاتب و إعلامي قطري [email protected]

3999

| 07 أبريل 2020

حملةُ الأكاذيبِ - النتائجُ الإيجابيةُ

ليل الثلاثاءِ الماضي، كانتْ قلوبُنا، نحنُ القطريينَ، كقلوبِ معظمِ المسلمينَ، مُنشغلةً بأفراحِها لقُربِ استضافةِ شهرِ رمضانَ المُبارك لنا في عالمٍ من الإيمانِ والعملِ الصالحِ، ولم نفكرْ، حينها، بأنَّ قلوبَ آخرينَ تستعدُّ لاستقبالِهِ بأكاذيبَ ضد بلادنا، يشعلونَ بها نيرانَ فتنةٍ جديدةٍ في جسدِ أمتينا العربيةِ والإسلاميةِ المُثخنِ بالجراحِ. لكن اللهَ تعالى جعلَ من أكاذيبِهم سبباً لإثباتِ أمورٍ تُثلجُ قلوبَ قومٍ مؤمنينَ. فرغم ضراوةِ الحملةِ، كانت إيجابياتُها أكثرَ وأكبرَ منْ سلبياتِها. ولنقرأْ ذلك في نقاطٍ: 1) بيَّنَتِ الحملةُ غيرةَ الشعبِ القطريِّ على وطنِهِ، والتفافَهُ حولَ قائدِهِ؛ سموِّ الأميرِ المُفدى. فكانت التغريداتُ، ومنشوراتُ الفيس بوك، ومحادثاتُ الواتس أب، وسواها من وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، تزدهي بحبِّ قطرَ، وتُخاطبُ سموَّهُ بثقةٍ في حكمتِهِ بعباراتٍ تؤكدُ حقيقةً واضحةً تُخبرُ الدنيا أنَّ قطرَ وقائدَها وشعبَها كلٌّ واحدٌ. وهذا الأمرُ جعلَ الحملةَ تفقدُ قوةَ اندفاعتِها الأولى، فتراجعَ مُرَوِّجوها إلى جُحورِهم الموبوءةِ بالكذبِ والفتنةِ وانعدامِ الأخلاقِ.2) لاحظَ الجميعُ القدراتِ الهائلةَ لوزارةِ الخارجيةِ في التعاملِ معَ الأزمةِ وإدارتِها بدبلوماسيةٍ رفيعةٍ، ودونَ ضجيجٍ إعلاميٍّ. وهو جانبٌ بالغُ الأهميةِ في التأكيدِ على أمرينِ؛ الأولُ: أنَّ بلادَنا دولةُ مؤسساتٍ حقاً. والثاني: أنَّ الوزارةَ تملكُ رصيداً ضخماً من الخبراتِ التراكميةِ في العملِ الدبلوماسيِّ، وهو ما بدا واضحاً في تصريحاتِ سعادةِ وزيرِ الخارجيةِ، وجهودِ المسؤولينَ في الوزارةِ، والحراكِ المُتَزنِ للتواصلِ معَ الأشقاءِ والأصدقاءِ لتبيينِ الحقائقَ كما هي، وليس كما حاول المُغرضونَ المُرجفونَ أنْ يقولوا. 3) تَبَيَّنَ للجميعِ أمرٌ مهمٌّ جداً هو مكانةُ قطرَ وقائدِها وشعبِها في نفوس الأشقاءِ العربِ، وخاصةٍ أشقاءنا في بيتِنا الخليجيِّ. فطوالَ الأيامِ الماضيةِ، كنتُ أتابعُ بدقةٍ ما يُنْشَرُ في وسائلِ التواصلِ العربيةِ والخليجيةِ، فلاحظتُ أنَّنا بدأنا نجني ثمارَا إنسانيةِ وإسلاميةِ وعروبةِ سياساتِ بلادِنا، والرمزيةِ الأخلاقيةِ العاليةِ لسموِّ الأميرِ في العقلِ الجمعيِّ لشعوبِ أمتِنا العربيةِ، وذلك من خلالِ تأكيدِ كثيرٍ مما قرأتُهُ على الثقةِ بصدقِ ما صرحتْ به بلادُنا، رسمياً وشعبياً، وتكذيبِ ما ردَّدَهُ الإعلامُ الرخيصُ. 4) استطاعتْ بلادُنا الحبيبةُ، بقيادةِ سموِّ الأميرِ، أنْ تخاطبَ العالمَ بلغةِ تَحَضُّرِها ومَدَنيتِها. فصرَّحَتْ، منذُ الوهلةِ الأولى، أنَّها ستلجأُ للقانونِ الدَّوليِّ في سعيها للكشفِ عن حقيقةِ جريمةِ الاختراقِ الإلكترونيِّ لوكالةِ الأنباءِ القطريةِ، والملاحقةِ القانونيةِ لكلِّ الذين خططوا لها، وشاركوا فيها، وحَرَّضوا عليها. وكم هو رائعٌ أنْ تكونَ بلادُنا بهذا السموِّ الحضاريِّ، لكنَّ الأروعَ هو الاحترامُ البالغُ لها ولقيادتِها من المجتمعِ الدَّوليِّ حين أكدت دولٌ كثيرةٌ على استعدادِها للمشاركةِ بلجنةِ التحقيقِ. فهكذا تُدارُ الأزماتُ، وبهذا يكونُ العملُ الجادُّ مثمراً.5) شعبُنا القطريُّ، أثبتَ رُقيَّهُ، ونُبْلَ أخلاقِهِ، ووعيَهُ السياسيَّ الرفيعَ، في وسائلِ التواصل الاجتماعيِّ. فلم نجد في معظمِ ما نشرَهُ إلا تعبيراً عن مشاعرِهِ بالانتماءِ الراسخِ للبيتِ الخليجيِّ، وإيمانِهِ بوحدةِ المصيرِ الخليجيِّ. وكان لذلك أثر عظيم في مساندةِ أشقائنا لنا في مواجهةِ حملةُ الأكاذيبَ عَبْرَ إنشاءِ وُسُومٍ (Hashtags) عَبَّروا في تغريداتِهِم فيها على مشاعرَ محبةٍ وتضامنٍ مع قطرَ الغاليةِ وسموِّ أميرِها وشعبِها. كلمةٌ أخيرةٌ:قطرُ تبني مواقفها على الحقِّ والعدالةِ، وترتكزُ في سياساتها الخارجية على تحقيقِ المصالحِ العليا لدول وشعوبِ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ، وأمتينا العربيةِ والإسلاميةِ، وهذه حقيقةٌ مُطْلَقَةٌ تَمحقُ أكاذيبَ المُغرضينَ، وتُخمدُ نيرانَ فتنةِ المُرجفينَ.

1357

| 30 مايو 2017

المسؤولية الاجتماعية الوطنية

الـمسؤولية الاجتماعية للفردِ، بإيجاز، هي يقينُة بأنَّ عليه العملَ، في حياتِـهِ الخاصةِ والعامةِ، لتحقيقِ مصالح لوطنِـه ومجتمعِـه. وانطلاقا من هذا الـمفهومِ، فإنَّ مستواها الوطنى هو أعلى مستوياتِـها، ففيه يُمارسُ الـمواطنُ دورَه كسفير ينقلُ الصورةَ الحقيقية للإنسانِ القطريِّ الـمُبدعِ الذي يعيشُ في دوله مؤسسات ترتكزُ نهضتُها على القِيَمِ الإنسانيةِ الرفيعةِ للإسلامِ الحنيفِ، وعلى التفاعلِ الإيجابى مع الحضاراتِ والشعوبِ.عندما نتحدثُ عن الـمسؤولية الاجتماعيةِ، فإننا ننطلقُ من وطن ومجتمع حيّ، ومن رؤية لسمو الأميرِ الـمُفدى ترتكزُ إلى إيمانِـهِ وثقتِـهِ بأبناءِ شعبِـهِ وقدرتِـهِم على الإبداعِ والوصولِ ببلادِنا إلى مرتبة رفيعة منَ الـمَـدَنيةِ والتَّحَـضُّرِ، ومن إمكانات وأجهزة رسمية مُسَـخَّـرة لرعايةِ الإنسانِ وتنميةِ قدراتِـهِ وتأهيلِـهِ ليشاركَ في بناءِ الصَّرحِ الوطنيِّ ذي الركائزِ الإسلاميةِ والعربيةِ والإنسانيةِ. من مسؤوليتنا الاجتماعيةِ الوطنيةِ أنْ نصنعَ التأثيرَ لبلادنا في صفوفِ أشقائنا العربِ والـمسلمينَ، وأخوتِـنا في الإنسانيةِ، من خلالِ التعاملِ الإنسانيِّ، واحترامِ الآخرينَ، والتركيزِ على ما يجمعُنا بهم. وبالطبعِ، فإنَّ ذلك يكونُ عَـبْـرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، ومنها، بخاصة، الفيس بوك والتويتر اللذانِ أصبحا أهمَّ منابرَ يلتقي فيها الشبابُ العربُ من الجنسين، فيتحدثونَ عن قضاياهم الخاصةِ والعامةِ، ويتبادلونَ الآراءَ والخبراتِ بحرية مطلقة. ولو تابعنا مواقعَهُما الكبرى في وطنِـنا العربيِّ، فسنلاحظُ نُدرةَ مشاركةِ شبابِـنا فيها، وأنَّ دورَهم في صُنْعِ تأثير لبلادِنا في الـمشاركينَ فيها يكادُ يكون معدوما. وهذا أمر يدفعُنا لـمطالبةِ شبابِنا الـمثقف بأنْ يكونَ لهم دور فيها، وندعوهم لضرورةِ التَّحَـكُّمِ في انفعالاتِهِم، لأنَّ كلمة طيبة تجتذبُ النفوسَ والعقولَ أكثرَ بملايينِ الـمراتِ من انفعالات فيها غضب ولغةُ خطاب عنيفة. ومن الـمسؤوليةِ الاجتماعية الوطنيةِ، أيضا، أنْ يقومَ شبابُنا الـمُبدعونَ في شتى الـمجالاتِ بالإسهامِ بأعمال فنية، وأدبية، وعلمية، وشعرية مُصَوَّرة ينشرونها في اليوتيوب، بحيثُ تكونُ واجهة حضارية راقية لبلادنا وشعبنا. وهذه الأعمالُ ذاتُ تأثير إيجابيّ عظيم لانَّها جزء من القوةِ الناعمةِ التي تجعلُ لنا تواجدا رائعا في نفوسِ وعقولِ مشاهديها العربِ وغيرِ العربِ، وتُمَـكِّنُنا من الحديثِ عن مستقبل من العلاقاتِ القويةِ التي تربطُنا ببلادهم وشعوبِهم. من جانب آخرَ، نعتبُ على تلفزيونِ قطر وقناةِ الريانِ، فلديهما إمكانات هائلة، فنيا وماديا، لكن معظمَ برامجهما التي تتصل بشبابِـنا وقضاياه تفتقرُ إلى التجديدِ في الطرحِ، ولا نجدُ فيها إبهارا بصريا وسمعيا يُؤهلها لتكونَ برامجَ جاذبة للشباب. لذلك نتمنى عليهما السعي لتقديم شبابِـنا الـمبدعِ والـمختصِّ في كلِّ الـمجالاتِ في صورة يمكن استثمارُها وطنيا في وسائل التواصل الاجتماعيِّ واليوتيوب، وشبابُنا قادرون على نشرِها على أوسعِ نطاق. إننا نتحدث عن دور ينبغي التوعية به في وسائلِ الإعلامِ، وداخل الهيئاتِ التعليمية، مُسْـتَـهْـدِفِـينَ، في ذلك، الناشئةَ والشبابَ، وهم الفئةُ العُـمْـرِيَّـةُ الأوسعُ في بلادنا، والأقدرُ بحكم السِّـنِّ على قبولِ الـمفاهيمِ الجديدةِ والعملِ بها بتلقائية، حين تصيرُ جزءا من تكوينهم العقليِّ والنفسيِّ كلمة أخيرة:استثمارُ قدراتِـنا، كأفراد، على التأثيرِ الحضاريِّ في الآخرينَ هو ركيزة مهمة في مسؤوليتنا الاجتماعيةِ الوطنيةِ.

1590

| 23 مايو 2017

خطابٌ باسمِ أُمَّـةٍ

خطابُ سموِّ الأميرِ الـمُفدى، في افتتاحِ الدورةِ السابعةِ عشرةَ لـمنتدى الدوحةِ، كان بياناً ناطقاً باسمِ شعوبِ أمتينا العربيةِ والإسلاميةِ، نقلَ فيه سموُّهُ إلى العالمِ نَبضاتِ قلبِ الإنسانِ العربيِّ والـمسلمِ الداعيةِ للسلامِ، والـمناديةِ بالـمَدنيةِ والتحضرِ، والـمؤمنةِ بالـمُواطنةِ في دولٍ تحترمُ إنسانَها، وتعملُ حكوماتُها لضمانِ حرياتِـهِ وحقوقِهِ.في حديثِ سموُّهُ عن الإرهابِ، كان واضحاً في عباراتِـهِ التي حَـدَّدَ فيها أسبابَ نشوئِـهِ، و هي: الاستبدادُ، والتهميشُ، والإفقارُ، وإرهابُ الدولةِ ضدَّ مواطنيها، وعَجزُ الشبابِ عن مجردِ الحلمِ بغدٍ أفضل. وهذه هي الحقيقةُ التي لا يريدُ كثيرونَ رؤيتَها لأنهم يسعونَ دائماً إلى القفزِ عنها بهدفِ إلصاقِ الإرهابِ بالإسلامِ الحنيفِ، و هم لا يدركونَ مدى خطورةِ ذلك على النسيجِ الاجتماعيِّ في بعضِ دولِنا العربيةِ التي تتمتع بفسيفساءٍ دينيةٍ رائعةٍ أفسدها الطغيانُ، وصار الدينُ فيها عَصباً حساساً لا ينبغي الـمَسُّ به بسفاهةٍ كما يفعلون. وكان لسوريا الذبيحةِ نصيبُ الأسدِ في حديثِ سموِّهِ عن الـمُهَجَّرينَ بسببِ الجريمةِ الأسديةِ الهائلةِ التي دمرتْها، وقتلتْ مئات الألافِ من أبنائها، وجعلتْها ساحةً لقوًى طائفيةٍ تُشاركُ بحماسةٍ في ذَبْحِ السوريينَ وتشريدِهم. وهنا، نجد أنفسنا أمام الواقعِ كما هو، بعيداً عن محاولاتِ الإعلامِ الأسديِّ والإيرانيِّ بخاصةٍ لتحميلِ الضحايا الـمسؤوليةَ عنْ ذبْحِـهِم وتهجيرِهم. وكم كانتْ رائعةً إشارةُ سموِّهِ إلى تهافتِ الادِّعاءاتِ بأنَّ هجرةَ السوريينَ سببُها الفقرُ وضيقُ العيشِ، لأنَّ هذه الادِّعاءاتُ تصبُّ في خانةِ التغطيةِ على الأسبابِ الحقيقيةِ، و هي الجريمةُ الأسديةُ. أما حديثُ سموِّهِ عن تهجيرِ العراقيينَ الـمسيحيين، فهو تأكيدٌ على السياسةِ الإنسانيةِ الكليةِ لبلادِنا في تعاملِها مع أشقائنا العربِ دون تمييزٍ بينهم في دينٍ أو مذهبٍ أو عِـرْقٍ. فقطرُ ترى في العربيِّ إنساناً أولاً وآخراً، و له الحقُّ، كلُّ الحقِّ، في أنْ يعيشَ في وطنِـهِ مُكرَّماً، آمناً، مُرفَّهاً لأنَّهُ مواطنٌ وليس لشيءٍ آخرَ. وبالطبعِ، فإنَّ غيابَ تلك السياسةِ من قواميس الأنظمةِ الاستبداديةِ وبعضِ وسائلِ الإعلامِ، أسهم في الحالةِ الـمأساوية التي جعلتْ النسيجَ الاجتماعيَّ هشاً في دولٍ تُشكِّلُ ركيزةً في وعينا التاريخيِّ كسوريا والعراق. إنَّ الإنسانَ العربيَّ الـمُتحضرَ، الـمُتمدنَ، الطيبَ الذي رآه العالَمُ في خطابِ سموِّهِ، هو الذي تسعى بلادُنا إلى الإسهامِ في تنميةِ بلادِهِ، والتخفيفِ من معاناتِـهِ، والسعيِ إلى إيجادِ البيئةِ الحضاريةِ التي تؤمِّنُ له حياةً حرةً كريمةً واعدةً بالأفضلِ في مستقبلِـهِ، مُستندةً في ذلك إلى الأخلاقِ والقيمِ النابعةِ من الإسلامِ الحنيفِ والعروبةِ الإنسانيةِ. عندما نقولُ إنَّ سموَّ الأميرِ الـمفدى، شخصاً وشخصيةً اعتباريةً، ركيزةٌ في صُنْـعِ الدورِ والتأثيرِ لبلادِنا في أوساطِ أشقائنا العربِ، فإننا نتحدثُ عن واقعٍ حيٍّ. فسموُّه رجلُ دولةٍ وسياسيٌّ من الطرازِ الرفيعِ، وإنسانٌ ذو حضورٍ فيه مهابةٌ ومودةٌ، مما يجعلُنا نتطلعُ دائماً إلى دورٍ أعظمَ تأثيراً لبلادِنا في الـمنطقةِ والعالمِ.كلمة أخيرة : تحيةُ احترامٍ وتقديرٍ للمنظمينَ والـمشرفينَ على منتدى الدوحة، لأنهم ينقلونَ بحُسنِ تنظيمِهِم وإشرافِهِم الصورةَ الحقيقيةَ لبلادِنا كوطنٍ متقدِّمٍ حضارياً، يقبلُ بالرأي والرأي الآخر، ويعملُ جاهداً لإثراءِ مسيرةِ الإنسانيةِ نحو التعايشِ والعدالةِ بالحوارِ الهادفِ البنَّاء.

1317

| 16 مايو 2017

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7890

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6747

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3462

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2835

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2811

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1980

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1554

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1341

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1203

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1071

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

765

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

762

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية