رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لست بصدد الكتابة، عن فيلم «حياة الماعز»، الذي استحوذ على مساحة واسعة، من الهرج والمرج، لأنه يحمل في ظاهره دفاعاً مزيفاً عن «حقوق الإنسان»، استناداً إلى حالة فردية فوضوية شيطانية إجرامية استبدادية استعلائية لا تخلو معظم المجتمعات، التي تدعي أنها «ديمقراطية» من أشكالها وإشكالياتها. ولن أخوض مع الخائضين في سلوك هذه الشخصية المريضة، بداء العداء للآخرين التي تدور أفعالها غير القانونية في حلقة مفزعة من العنف والقسوة والسادية وإثارة الكراهية ضد الإنسان الآخر، والاستخفاف بحياته وحقوقه وحريته وكرامته. ولكن مع حلول الذكرى السنوية الأولى للحرب الوحشية، التي تشنها الحكومة اليمينية الصهيونية على الشعب الفلسطيني، أكتب عن «الحالة الماعزية»، التي تحاول إسرائيل أن تفرضها على الفلسطينيين، وتمارس خلالها كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية. أكتب عن حرب الإبادة الجماعية والاعتداءات الهمجية والانتهاكات الحقوقية والممارسات العنصرية والسياسات القمعية، التي تطبقها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، والمداهمات العسكرية التي تستهدف الإنسان الفلسطيني في مخيمات وبلدات الضفة الغربية المحتلة. أكتب عن معنى أن تكون إنساناً فلسطينياً تعيش محاصراً ومستهدفاً في وطن محتل، في إطار وضع مختل، تحاول إسرائيل أن تفرض عليك «حياة الماعز»، لتعيش على هامش الدنيا بلا حقوق وبلا سيادة وبلا حرية وبلا دولة وبلا استقلال، وسط «ظروف ماعزية» صعبة، ينظر لك الغرب في إطارها أنك «إرهابي»، لمجرد أنك تقاوم الاحتلال وتسعى لتغيير الاختلال وتمارس حقك المشروع في النضال. أكتب عن العدوان الوحشي الهمجي البربري الصهيوني على أهلنا في غزة، الذي دخل عامه الثاني، وما زالت إسرائيل ترتكب خلالها جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وتستخدم في سبيل ذلك كل أذرعها العسكرية وكل وسائلها الإجرامية وكل أدواتها الشيطانية، والاستيطانية والدموية والاستخباراتية والتهويدية والتهديدية بشكل يتنافى مع القيم الإنسانية والمواثيق الدولية والقواعد الحقوقية والمبادئ القانونية. أكتب عن الغارات الصهيونية المتواصلة والاعتداءات الإسرائيلية المتصلة على مختلف المناطق والبلدات والقرى و«الضيعات» اللبنانية، وتأثيرها الكارثي على الشعب اللبناني، دون احترام سيادة «بلد الأرز»، ودون التزام إسرائيل بسلامة شعبه وشعابه وتشعباته الشعبية. أكتب عن «الهدهد»، الذي قامت إسرائيل باصطياده، بعد اختراق الدائرة المغلقة المحيطة به، عبر العملاء الذين يعملون لصالح «الموساد»، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى إسناد، لأنها مسنودة بالوقائع التي يعرفها الأشهاد، وخصوصاً أن الاختراقات الاستخباراتية الإسرائيلية، أصبحت وتيرتها في لبنان أكثر وأكبر وأخطر من المعتاد. أكتب عن مأساة اللبنانيين الذين يتألمون من بشاعة العمليات العدوانية الصهيونية المسعورة، وكارثة الفلسطينيين الذين يحترقون بنيران الحرب المستعرة. أكتب عن المنطقة التي تتأرجح في هذه اللحظة الحرجة على حد السكين، حيث لا تهدأ فيها الأوضاع ولا تستكين. أكتب عن العدوان الوحشي الصهيوني الذي ينتقل من ساحة عربية إلى أخرى، ومن مدينة فلسطينية إلى بلدة لبنانية، محاولاً توسيع دائرة الحرب وإشعال الحرائق في المنطقة والتعامل مع حواضرها وكأنها «حظائر»، لا تختلف حياة الساكنين فيها المسكونين بحبها، عن «حياة الماعز». أكتب عن أحداث «المقصب الآلي» الإسرائيلي الذي يستهدف الإنسان الفلسطيني واللبناني، بدعم وتشجيع وإسناد وتغطية وتدمير وتدبير وتمرير وتبرير من «الكفيل الأمريكي». وبالنسبة لذلك «الوكيل»، المتخصص في صناعة «الويلات»، لشعوب المنطقة، وأقصد تحديداً الولايات المتحدة، فإن كل ما تفعله إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني مباح، في إطار ما تسميه واشنطن «الدفاع عن النفس». وكل عدوان لها متاح، ويحظى بالقبول والسماح والتعبير الدبلوماسي بالارتياح، سواء كان الهدف مقاتلا مقاوما أو المستهدف مواطنا مسالما. وهكذا، فإن كل جرائم إسرائيل البشعة، ضد المدنيين الفلسطينيين، والأبرياء اللبنانيين، تدخل في إطار «الدفاع عن النفس» وفقاً للمنطوق الأمريكي الغربي الرسمي الذي يفتقد إلى المنطق. ويبقى «الزلمة» الفلسطيني هو الإنسان الوحيد في الدنيا الذي ليس له الحق في الدفاع عن نفسه وعن حريته وكرامته، وفقاً لوجهة النظر الغربية الغريبة المنحازة لإسرائيل. مع إنكار حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وعن أرضهم المحتلة وعن حقوقهم المغتصبة وعن حريتهم المسلوبة وعن سيادتهم المنزوعة وعن كرامتهم المنتهكة وعن قطاعهم المستهدف وعن مخيماتهم المضروبة وبلداتهم المدمرة و«بياراتهم» المخربة وعن طموحاتهم المرفوضة بإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس. ومع استمرار الحرب الإسرائيلية الوحشية، يبحث الأهالي في قطاع غزة عن أي طعام يسدون به رمقهم، فلا يجدون شيئاً يأكلونه، سوى الشعير المخصص لعلف الحيوانات، والعشب الذي لا تأكله سوى المواشي. هناك في غزة، تتواصل أزمة الجوع الكارثي، وتتضاعف موجات الوجع النفسي والألم الجسدي بين الأهالي الذين يضطرون إلى تناول طعام لا يصلح للاستخدام الآدمي. هناك يعيش أهل غزة وأصحابها وسكانها المسكونون بحبها، بين أنياب الفقر ومخالب القهر ويواجهون نقصاً كارثياً في الغذاء والدواء ورشفة الماء، فلا يجدون، وكأنهم في بيداء تبيد ساكنها، لا مسار فيها إلا نحو الموت ولا طريق فيها إلا نحو الهلاك، ولا اتجاه فيها إلا نحو السراب. وفي سياق ذلك «السراب السياسي»، تتعامل إسرائيل مع مبدأ «حل الدولتين»، الذي يحظى بإجماع دولي، وكأنه نوع من الوهم البصري، الذي لا وجود له وراء الأفق الفلسطيني. ولهذا نجد حكومة التطرف الصهيوني تتحسس منه ولا تتحمس له، وتحاول من خلال انتهاكاتها وجرائمها واعتداءاتها وأفعالها العدوانية، إظهار أنها غير معنية به وأنها غير مكترثة بتطبيقه. وما من شك في أن رئيس حكومة التطرف الصهيوني، عندما يواصل عدوانه على قطاع غزة، ولا يلتزم بتنفيذ قرارات القانون الدولي. وعندما ينتهك بغاراته الوحشية المتواصلة على الشعبين الفلسطيني واللبناني، مواد القانون الدولي. وعندما لا يعترف بقواعد الحرب، التي ينص عليها القانوني الإنساني الدولي، وفي مقدمتها عدم استهداف المدنيين، وعدم الإضرار بالآمنين، وعدم محاصرتهم وتجويعهم، وتقييد فرصهم في الحصول على المواد الحياتية والمواد الغذائية والإعاشية والدوائية الأساسية، فهذا يعني أن نتنياهو يتصرف، وكأن الأمم المتحدة مجرد «حظيرة». وها هو يتعامل مع «مجلس الأمن» وكأنه «حضيرة». والشرعية الدولية، يعتبرها مجرد «حصيرة»، يستطيع أن يدوس عليها، وعلى قراراتها، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وآخرها، قرار «الجمعية العامة»، الذي يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي المحتلة، الصادر بموافقة 124 دولة، يمثلون أكثر من ثلثي الدول الأعضاء، في المنظمة الأممية. ولا أنسى القرار الأممي رقم «2735»، الذي يطالب بالوقف الفوري التام والكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، مع إطلاق سراح الأسرى وعودة المدنيين إلى ديارهم، فضلاً عن التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع، في جميع أنحاء القطاع، وفقاً للصفقة المقترحة، التي أعلنها الرئيس بايدن في (31 مايو) الماضي. ورغم المقترحات الإيجابية في «الصفقة»، ما زالت إسرائيل تواصل «الصفاقة»، وها هو العدوان الصهيوني ينتقل من جبهة إلى أخرى، ومن جهة إلى غيرها، ليبقى القطاع مشتعلاً والحريق متأججاً والوضع ملتهباً والظلم مستعراً والضيم مسعوراً ضد الفلسطينيين. وفي سياق هذه الأوضاع العدوانية والأحوال العنصرية المدانة قانونياً وحقوقياً وإنسانياً تتعامل حكومة الاحتلال، مع الفلسطينيين، بمنتهى الاختلال، ليس بصفتهم كائنات إنسانية لهم حقوق وطنية أصلية واجبة النفاذ واستحقاقات قانونية متأصلة واجبة التنفيذ، ولكنها تتعامل معهم وكأنهم «حيوانات بشرية»، وتسعى أن تفرض عليهم «الحالة الماعزية» بالقوة العسكرية. ولا يحتاج هذا الأمر الثابت إلى إثبات، لأنه مثبوت في تصريحات علنية عنصرية، أطلقها وزير العدوان الصهيوني «غالانت»، وكررها أكثر من مرة قائلاً: «لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة، لن يكون هناك كهرباء ولا ماء ولا طعام، نحن نقاتل الحيوانات البشرية، ونتصرف وفقاً لذلك»! ووسط هذا «الواقع الماعزي» الماثل، والظرف السياسي المائل، في قطاع غزة، تبقى جهود وقف الحرب التي دخلت عامها الثاني بلا طائل. ويبقى الفلسطيني يعاني في قطاعه المحتل من دمار هائل وإجرام غائر، وتجويع قاتل. ويبقى مصير «المحتجزين» في كلا الطرفين معلقاً عند مواقف أشد المتطرفين، وهم عتاة المجرمين في حكومة الائتلاف الصهيوني، وأقصد أحمقهم الأحمق «بن غفير»، والأخرق «سموتيرتش». وثالثهم الأخفق «نتنياهو»، الذي يسعى بشتى الوسائل الخبيثة، والمخططات الخسيسة، لإعادة احتلال قطاع غزة وابتلاع الضفة الغربية المحتلة وفرض «الحياة الماعزية» على المنطقة، بقيادة «الراعي» الإسرائيلي ودعم «الكفيل» الأمريكي. وكل هذا، يدخل في صميم مخططات نتنياهو الشيطانية، الساعي لتغيير العقيدة السياسية للمواطن العربي، المرتكزة على مبدأ «أن فلسطين هي قضيتنا المركزية وأن تحريرها واجب قومي». لكن تغيير هذا الأمر الأخطر يشكل هدفاً استراتيجياً صهيونياً، في سياق المخطط الأكبر، لتغيير الواقع الحالي في الشرق الأوسط، وإعادة تشكيل المنطقة، ليصبح الإنسان العربي «مطبعاً» ومطيعاً ومطواعاً، وتابعاً للسياسات الصهيونية، على حساب تصفية القضية الفلسطينية وتفكيك ثوابتها ومواصلة انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني المهمش سياسياً والمهشم حقوقياً وإجباره على أن يعيش في وطنه المحتل «حياة الماعز». بالإضافة إلى إخضاع العالم العربي، ليصبح تحت الهيمنة الإسرائيلية. ومن يدري، ربما بعد نهاية هذه الحرب الوحشية، تطالب إسرائيل، بالانضمام إلى جامعة الدول العربية. ونقل مقر «الجامعة» إلى تل أبيب. وتعيين المتطرف «بن غفير»، أو المتعجرف «سموتيرتش»، أميناً عاماً للجماعة.. عفوا أقصد «الجامعة».
405
| 08 أكتوبر 2024
كنت قد عزمت، أن أدع قلمي ساكناً، وأتركه ساكتاً، ليبقى صامتاً، لا ينطق بحرف واحد، ولا ينبض بكلمة وحيدة، ولا يدوّن جملة مفيدة، ولا يرسم فاصلة جديدة، ولا يخوض في قضايا الداخل والخارج! لكن كارثة غزة، بكل الدماء التي تسيل من صميمها، والأشلاء التي تتناثر في حميمها، حركت في داخلي فورة إنسانية، ولا أقول «ثورة حماسية»، لأكتب عن المجازر الوحشية، التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وقبل الاسترسال، في هذا المجال، عبر هذا المقال، لا بد من الاستهلال، وليس أفضل في هذا الشأن من الاستدلال. وهذا يتحقق، من خلال الإشادة، وليس الإشارة فحسب، بالوساطة القطرية الحيوية الإيجابية، التي تقوم بها الدوحة، من أجل التوصل إلى صيغة أو «صفقة» لوقف إطلاق النار في غزة، بالتنسيق مع الوسطاء الآخرين، وسط ظروف إقليمية بالغة التعقيد، ومتغيرات ميدانية بالغة التصعيد. وما من شك في أن نجاح الوساطة النزيهة، في هذه اللحظة المفصلية، بل المصيرية، يرتبط بضرورة خفض التصعيد العسكري الإسرائيلي المتصاعد، في القطاع الفلسطيني المقطع. هناك في قطاع غزة، المقطوع الأوصال، وأيضاً في مخيمات الضفة الغربية، شمالاً، في طولكرم، وطوباس وجنين، حيث تتواصل الاقتحامات، والاعتداءات الإسرائيلية، وتتوسع الهجمات العدوانية، واسعة النطاق. هناك حيث تتزايد الانتهاكات الصهيونية، التي ترتكبها وحدات الجيش الإسرائيلي، ضد المدنيين، ولا أقول «المدانين»، بمشاركة قطعان من المستوطنين. هناك تشهد قضية فلسطين، أخطر مراحلها، وتعيش أصعب فصولها، منذ نكبة 1948، مع إصرار الإرهابي نتنياهو، وحكومته المتطرفة، على إلغاء الوجود الفلسطيني، عبر تدمير وتهجير الفلسطينيين، في محاولة صهيونية، للتخلص منهم، ومن مقاومتهم، ومن حقوقهم، ومن قضيتهم إلى الأبد. ووسط هذا الواقع الفلسطيني المؤلم، والظرف السياسي المظلم، يتواصل تعثر المفاوضات، وتتبعثر أوراق المباحثات، في العديد من الجولات، التي عقدت لتقليص الفجوات، وإزالة العقبات. وتتعطل العديد من المحاولات، التي بذلت حتى الآن، من أجل الوصول إلى اتفاق، لوقف إطلاق النار، وإطلاق سـراح الأسرى والمحتجزين في كلا الجانبين، تمهيداً لإنهاء الحملة العسكرية الوحشية الإسرائيلية، ضد الفلسطينيين. وفي سياق ذلك التعثر السياسي، والتبعثر الدبلوماسي، الذي تقوده الولايات المتحدة، المنحازة لإسرائيل، قولاً وفعلاً وتفاعلاً، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية، غاراتها وتوغلاتها وتغولاتها، على جميع فئات ومكونات الشعب الفلسطيني. وتستمر في حرق الأرواح البريئة كل يوم، واستهداف التجمعات المدنية، وتفجير الأحياء السكنية، وتدمير المربعات الحضارية، المتمثلة في المستشفيات والمدارس والجامعات، وجميع المؤسسات، وسحق كل مظاهر الحياة الفلسطينية، ومحوها من خريطة الوجود. وما من شك، في أن هذا التصعيد، على كل صعيد، تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة، بالدرجة الأولى، التي يبدو أنها لا تريد تغيير الواقع الاستعماري، الاستيطاني، غير الإنساني في الأراضي المحتلة. ولهذا تسعى واقعياً وعملياً وفعلياً وميدانياً، لتثبيت الاحتلال، وانتهاك حقوق الفلسطينيين، من خلال قيامها بتوفير الدعم العسكري، والحماية السياسية، للكيان الصهيوني، ليواصل حربه ضد الشعب الفلسطيني. والمفجع أن هذه الحرب الطاحنة، يختلط في أحداثها البشعة، الخوف مع الفزع، ويمتزج في تطوراتها الوقحة، الهلع والجزع، بعدما فقدت الإنسانية قيمها وقيمتها، مع استمرار همجية الاحتلال، في حصد أرواح آلاف الأطفال. ومع مواصلة إسرائيل حربها الوحشية، ضد الفلسطينيين، التي انتهكت خلالها القوانين الإنسانية، وتجاهلت المعايير الدولية، وتجاوزت الضوابط القانونية، في مجال حماية المدنيين، أتوقف عند قوائم الشهداء الأبرياء، ضحايا الحرب الإسرائيلية، الذين ارتقت أرواحهم إلى السماء. هناك في غزة المنكوبة، أكثر من (40 ألف) روح فلسطينية بريئة، أزهقتها إسرائيل قصفاً. هناك أكثر من (40 ألف) نفس بشرية، فتكت بها حكومة التطرف الصهيوني. هناك أكثر من (40 ألف) حياة، دمرتها إسرائيل، وشطبتها من قوائم الأحياء. هناك الجموع الفلسطينية متأثرة، الأشلاء متناثرة، الأجساد متحللة، الأجسام متفحمة، ولا شيء في غزة، غير رائحة الدم! هناك الجروح لا تلتئم، الإصابات لا تندمل، الأوجاع لا تتعافى، الدمار في كل مكان، والفلسطيني لا يشعر بالأمان. هناك في غزة، لا وجود لما يسمونه «حقوق الإنسان»، ولا قيمة لما يُعرف أممياً باسم «القانون الدولي الإنساني» ولا مكان إلا للمجازر الوحشية، والمقابر الجماعية. هناك المجرم نتنياهو، ولا يوقف طاحونة القتل. المتطرف «بن غفير»، لا يوقف خطاب الكراهية. المتعجرف «سموتيرتش»، لا يوقف تصريحاته العدوانية. هناك يتواصل التوحش الإسرائيلي، لحكومة المتوحشين الصهاينة، ضد المدنيين الفلسطينيين، بدعم أمريكي، وصمت غربي، وخواء عربي، وخوار أممي! هناك لا تكاد تجف دماء مجزرة، حتى نتابع أخرى، أكثر بشاعة منها، دون أن يستيقظ ضمير العالم، ودون أن يتحرك النظام الرسمي العربي، لإيقاف المذابح، باستثناء الموقف الأخلاقي والأخوي، والإنساني، والسياسي، الذي تتبناه الدبلوماسية القطرية، سعياً لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى في كلا الجانبين وإنهاء الحرب. هناك في خان يونس، وتل الهوى، ودير البلح، ومخيم الشاطئ، ومخيم النصيرات، وسائر المخيمات. وأيضاً في بيت حانون، وحي الزيتون المأساة الفلسطينية لا حدود لها، والمعاناة الإنسانية لا سقف لها، ومواكب الشهداء لا نهاية لها، ومثلها مراسم العزاء. هناك نهشت الكلاب الضالة جثث ضحايا أبرياء، تركت في الطرقات، وغيرها جثامين المئات من الشهداء، تحللت في شوارع القطاع المقطع! هناك سويت أحياء سكنية كاملة بالأرض، خلال تفجيرات عدوانية متعمدة ومتعددة، قام بها جنود الاحتلال، خلال اقتحاماتهم للمربعات المدنية. هناك قام الجنود الصهاينة، بإحراق المباني، وإضرام النيران في المساكن عمداً، لجعلها غير صالحة للسكن، بناء على أوامر مباشرة من قادتهم، تطبيقاً لسياسة الأرض المحروقة. وأمام هذا الاستهداف الإسرائيلي الممنهج، والعدوان الصهيوني المبرمج، أستطيع القول باللهجة «الغزاوية»: «ما ضلش حدا» يأمن على حياته في غزة! والمؤلم إلى أقصى درجات الألم، أن هذا هو واقع الحال في غزة، التي يعاني أهلها من سوء الأحوال، واشتداد الأهوال، وعجز العقل، مع تواصل هذه الجرائم الصهيونية البشعة، عن التمييز بين الواقع والخيال، حيث تفوح هناك رائحة الموت، وتسيل دماء الشهداء بين الركام، وتنتشر بقايا الأشلاء بين الحطام! والأكثر إيلاماً، أن القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من (10 شهور)، تسبب في حدوث كارثة إنسانية، لا يمكن تخيلها، ومجاعة غذائية لا يمكن تحملها، ومعاناة بشرية لا يمكن وصفها، ولا يمكن قبولها، ولا يمكن تمريرها، ولا يمكن تجميلها، ولا يمكن التسامح معها، ولا يمكن السماح بها. والمعيب، ولا أقول العجيب، أن الإدارة الأمريكية، التي صدعتنا بخطابها «الزئبقي»، عما تسميه «حقوق الإنسان» بعدما نصبت نفسها، للدفاع عن «حريات الشعوب»، تتجاهل استغاثات الفلسطينيين، وصرخات المنكوبين، ونداءات المستضعفين في غزة! وتتعامى عن مشاهدة المستهدفين، من الأبرياء المدنيين، الذين تستهدفهم الصواريخ الإسرائيلية، والغارات الصهيونية يومياً. فلا ترى المشهد الفلسطيني الدامي، إلا بعين الكيان الصهيوني، ولا تسمع إلا بأذن نتنياهو، ولا تنطق إلا بلسان حكومته المتطرفة. وما يثير السخط على وجه الخصوص، أن الولايات المتحدة، وتوابعها من دول الغرب الأوروبي، تشاهد المجازر الوحشية، التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، والتي تنقلها قناة «الجزيرة» بكاميراتها، وعدسات مصوريها، وتقارير مراسليها، وغيرها من القنوات الفضائية العالمية. لكن واشنطن، وتوابعها تبدو غير مكترثة، بارتفاع أعداد الضحايا الأبرياء، وغير متأثرة بالقصف الإسرائيلي الهمجي، الذي تسبب في سفك الكثير من الدماء، وغير مبالية بتقطيع أجساد أطفال فلسطين، وتحويلها إلى أشلاء. ومع تواصل هذا العدوان الإسرائيلي، غير المسبوق، نقف أمام إجرام صهيوني فادح، ومشهد دموي واضح، وموقف سادي فاضح، تجسده حكومة الاحتلال الإرهابية، وجيشها الغاشم، ولا أقول الغانم، المدجج بكافة أسلحة القتل والتدمير. وما يثير العجب، ولا أقول الإعجاب، أن «أنتوني بلينكن»، رئيس الدبلوماسية الأمريكية، كرر خلال زيارته التاسعة إلى المنطقة، منذ السابع من أكتوبر، تصريحاته «الزئبقية»، معلناً حرص بلاده على «تهدئة التوترات في المنطقة»! ولا أدري كيف تهدأ التوترات في الشرق الأوسط، مع استمرار الولايات المتحدة، تزويد إسرائيل، بالسلاح الأمريكي المدمر، الذي تستخدمه حكومة الإرهاب الصهيوني، لقتل الفلسطينيين؟ وكيف يمكن أن تتوقف الاضطرابات في المنطقة، مع إصرار واشنطن على استخدام «الفيتو»، في مجلس الأمن، لإجهاض أي قرارات أممية تدين إسرائيل؟ وكيف يمكن أن تنتهي الصراعات في الشرق الأوسط، بينما الولايات المتحدة، تتماهى مع الموقف الإسرائيلي، المناهض لحقوق الفلسطينيين المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؟ وكيف يمكن أن يتحقق «الاستقرار الإقليمي»، بعد إعلان حكومة التطرف الإسرائيلي، أن إسرائيل لن تنسحب من المواقع «الاستراتيجية»، التي احتلتها، وسيطرت عليها، خلال حربها على قطاع غزة، وتحديداً محور «نتساريم»، الذي يقسم القطاع المقطع، إلى قسمين: شمالي وجنوبي. بالإضافة، إلى سيطرتها على محور «فيلادلفيا» المعروف فلسطينياً باسم «صلاح الدين»، الذي يستمد أهميته الاستراتيجية، من احتضانه «معبر رفع»، المنفذ الرسمي الحيوي الوحيد، على الحدود الفلسطينية المصرية. ونشر قواتها على طوله، مثل «ورم سرطاني» مما يشكل تهديداً مستمراً للأمن القومي المصري، بعد اقتحامه بالدبابات الإسرائيلية، وإحكام قبضتها العسكرية عليه، في انتهاك سافر غادر، لمعاهدة «السلام» الموقعة عام 1979، بين القاهرة وتل أبيب. يحدث هذا الانتهاك الصهيوني، في ظل وقوف الولايات المتحدة، موقف المتفرج على ما يجري في المنطقة المضطربة، رغم أنها الراعي الرسمي، والضامن السياسي الدولي، لاتفاقية السلام المثيرة للجدل الموقعة بين مصر وإسرائيل. أقول هذا في إطار «حرية التعبير»، التي تدعي واشنطن أنها تؤمن بها، وفي سياق هذه الحرية أيضاً أقول لوزير الخارجية الأمريكي، الذي اعتاد خلال زياراته للمنطقة، إظهار انحيازه المفضوح للموقف الإسرائيلي، وإطلاق تصريحاته «اللزجة»، التي لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، إلا لصالح إسرائيل: إذا كنتم تريدون فعلاً «تهدئة التوترات في المنطقة»، أوقفوا الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، والانتهاكات الصهيونية لحقوق الآخرين. وتوقفوا عن تزويد إسرائيل بالأسلحة المدمرة، التي تستخدمها في قتل الفلسطينيين الأبرياء. وبادروا بوضع قواعد «حل الدولتين» في الشرق الأوسط، قبل نهاية الفترة المتبقية من ولاية «بايدن»، المخضبة بدماء المدنيين. وعدا ذلك ستبقى «حركاتكم»، ولا أقول تحركاتكم الدبلوماسية، في المنطقة، مجرد حركات «زئبقية» لكسب الوقت، وإطالة الحرب الإسرائيلية. وستبقى محاولاتكم «الرخوة»، لوقف إطلاق النار، مجرد غطاء لتحقيق أهداف نتنياهو، وحكومته المتطرفة، المتعطشة لسفك المزيد من دماء الفلسطينيين. ومع عدم ظهور أي مؤشرات إيجابية حتى الآن، ولا إشارات عملية في المفاوضات، تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق أو صيغة أو «صفقة» لوقف الحرب المسعورة، ستبقى الكارثة الإنسانية، التي يعاني منها أهلنا في غزة، تعكس حالة غير مسبوقة، من الظلم الأمريكي، والضيم الدولي. كما تعكس حالة مخزية، ولا أقول مخجلة، من الخنوع والخضوع والعجز العربي، ممثلة في «الجامعة العربية»، العاجزة عن التحرك، أو حتى إطلاق حراك دبلوماسي، لوقف انتهاكات إسرائيل. وكأن ما يجري في غزة لا يعنيها، ولا يهم «أمينها العام» الذي يتابع الأحداث، وكأنه يشاهد مسلسل «الاختيار» أو فيلماً من أفلام «الأكشن»، التي يمثلها «نمبرون» المدعو محمد رمضان! ووسط غياب «جامعة العرب»، عن وقف المجازر الوحشية، التي ترتكبها إسرائيل ضد العرب، والمذابح التي تستهدف خلالها أبناء العرب، وشيوخ العرب، ونساء العرب، وأطفال العرب في قطاع غزة، ستبقى مواكب الشهداء، تشهد على تضحيات الفلسطينيين، الذين اختارهم الله، وشرفهم بنيل الوسام الإلهي. وما من شك في أن شهداء غزة، ومدن وقرى الضفة المحتلة، يصنعون بأرواحهم معراجاً، إلى النصر المبين، ويعبدون بدمائهم طريق الحرية والاستقلال. ستظل أسماؤهم، رجالاً ونساء، شيوخاً وأطفالاً، محفورة في سجلات التاريخ، ومحفوظة في الذاكرة، والقلوب والضمائر الحية. فسلام عليهم يوم ولدوا.. ويوم استشهدوا، ويوم صاروا عند ربهم أحياء يرزقون. وهذا مني سلام آخر، على شهداء غزة. وسلام دائم على شهداء فلسطين. والمجد، والنصر، للمقاومة الفلسطينية
1224
| 03 سبتمبر 2024
ليس سهلاً، تكرار الإنجاز الرياضي، على المستوى القاري، فهذا يحتاج إلى خليط من الأداء البطولي، والعطاء الرجولي.. بالإضافة إلى حزمة متجانسة، ومجموعة متمرسة، وإدارة متحمسة، إضافة إلى الانضباط التكتيكي، والتنويع الخططي، والتركيز الذهني، والتوظيف المهاري، والتخطيط الميداني، لقهر القوى الكروية الكبرى، المتطلعة لتحقيق المجد الكروي. لكن منتخبنا الوطني لكرة القدم نجح في تشكيل تلك الخلطة، وترجمتها إلى خطة، ساهمت في تجاوزه ذلك التحدي، ليشق طريقه بنجاح، مدافعاً بجدارة عن لقبه الآسيوي، مستفيداً من متلازمة التوفيق والتفوق، إلى جانب الكثير من التألق الذي رافقه خلال مسيرته الظافرة، خلال البطولة. هنا في «استاد لوسيل» حقق منتخبنا العنابي الفوز بكأس آسيا، للمرة الثانية على التوالي، متجاوزاً صقور وصخور البطولة، بعد فوزه المستحق على منتخب الأردن في النهائي الآسيوي العربي، وإحرازه ثلاثة أهداف، مقابل هدف يتيم لمنتخب «النشامى». لقد سطر فريقنا العنابي اسمه في كتاب التاريخ الرياضي، وحفر منتخبنا الوطني، طريقه نحو الإنجاز القاري، مثلما نحت العرب «الأنباط» الصخور الصلبة في الجنوب الأردني، وأقاموا مدينتهم الصخرية، في «البتراء»، لتكون شاهدة على إنجازهم المعماري، وإرثهم الحضاري، الباقي منذ عام «312» قبل الميلاد. هناك وسط الجبال الشاهقة، التي تشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية. هناك في المدينة الأثرية الساحرة، التي كانت عاصمة «الأنباط»، ويعود تاريخها إلى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وأصبحت تابعة لمحافظة «معان»، التي ينحدر منها النجم الأردني «يزن النعيمات»، هداف «النشامى»، الذي أحرز هدف الأردن الوحيد، في النهائي الآسيوي. هناك حيث توجد الأيقونة الأثرية، التي يسمونها «الخزنة»، وتتصدر المدينة الحجرية، ويحيط بها الغموض، وتحوم حولها الأساطير، اعتقاداً أنها تحتوي على «الكنز»! هناك، ومن هناك في «بلاد الكنز»، إلى هنا في قطر، لا يوجد «كنز» بالنسبة لمنتخبات الأمم الآسيوية، أغلى من «كأس آسيا»، تلك التحفة الفنية، التي لا تشابهها في تصميمها، وتدانيها في هندستها، وتضارعها في هيئتها، وتحاكيها في هيبتها، وتماثلها في روعتها، كأس أخرى في القارة. ومن أجل هذه الكأس، كان نجوم منتخبنا العنابي على موعد مع ملحمة كروية، تمثلت في تحقيق الوعد، المتمثل في الفوز ببطولة كأس آسيا، للمرة الثانية على التوالي. هنا في «استاد لوسيل المونديالي»، سطر نجوم منتخبنا العنابي، تفاصيل ملحمتهم البطولية، وحققوا إنجازهم القاري، في النهائي الآسيوي العربي، على إيقاع «المهباش» الأردني! هنا كانت رائحة القهوة العربية، تفوح في الملعب، وكان صوت «سميرة توفيق» يصدح في المدرجات، مردداً أغنيتها الشهيرة: «بالله تصبوا هالقهوة وزيدوها هيل» «واسقوها للنشامى في ملعب لوسيل». .. ولأن قطر، تشتهر بالترحيب بضيوفها، وإكرام زائريها، فقد حرص النجم المتألق «أكرم عفيف»، الفائز بجائزة أحسن لاعب في البطولة، على تكريم الضيوف بطريقته الخاصة، فأحرز أهدافه الثلاثة، بكل جود وكرم في مرماهم من نقطة الجزاء! لقد سجل «الكريم أكرم» أهدافه في مرمى الكرام، من «3» ركلات جزاء، احتسبها الحكم الصيني «مانينغ» في الدقائق «22» و«72» و«90 + 5». وبهذا رفع الهداف «العفيف» رصيده، إلى «8» أهداف، توج بها هدافاً للبطولة. أما هدف الأردن الوحيد، فقد جاء في الدقيقة «68» ليتوج النشاط الهجومي المنظم، الذي بذله منتخب «النشامى»، عندما أرسل «علي علوان» كرة عرضية عالية استقبلها «يزن النعيمات» بمهارة، داخل المنطقة القطرية الخاصة والخالصة، وسددها بيسراه قوية في الشباك، محرزاً هدف التعادل، وكانت النتيجة وقتها تشير إلى تقدم منتخبنا العنابي. بعد إحراز الهدف الأردني الرائع، بإمضاء اللاعب «الزين يزن»، كثف منتخب «النشامى» هجماته على المرمى القطري، وكانت محاولاته لتعزيز النتيجة، أشبه بالبحث عن «رأس غليص»، خارج إطار المسلسل الأردني الشهير، حيث امتازت الهجمات الأردنية المتواصلة والمتسلسلة، بالكثير من التشويق والإثارة، واتصفت بالقوة والجسارة، وتميزت بالسرعة والإغارة على مرمى قطر! لكنها افتقدت إلى الجدارة، في إنهاء الهجمة، والقدرة على تسديد الكرة داخل المرمى القطري، بسبب المرونة والمهارة، التي يشتهر بها الحارس «مشعل»، الذي أشعل المدرجات بتصدياته الحاسمة، فاستحق أن يفوز بجائزة أحسن حارس في بطولة آسيا. قبل انطلاق المباراة، كان منتخب النشامى «معنعن»، وتعني أنه كان في ذروة الفخر الوطني، وله الحق أن يفخر، بإنجازه الكروي غير المسبوق، بالوصول إلى نهائي كأس آسيا. ومن حقه أيضاً أن يكون فخوراً بقدرات ومهارات لاعبيه، وأن يفخر أيضاً بإمكانيات مدربه «حسين عموتة» التدريبية، وعقليته التكتيكية، وله أن يفخر دائماً بجمهوره الوفي، وتشجيعه القوي. ولكل هذا كان طامحاً ولا أقول طامعاً في الفوز بكأس آسيا، وخصوصاً بعد نجاحه في اجتياز جميع المطبات، وتخطيه كل الصعوبات، وتجاوزه جميع العقبات، التي واجهها قبل وصوله إلى النهائي. ولهذا أراد أن «يكزدر»، أكثر من مرة بالقرب من مرمى قطر، لكن منتخبنا الوطني، أعاده إلى الواقع، بأدائه الرائع، بعدما قطع عليه جميع الطرق، لتحقيق طموحه المشروع، ومن بينها الطريق إلى شارع «الرينبو»، الواقع في «جبل عمان»، المتفرع من الدوار الأول، والشوارع المؤدية إلى «الشميساني» و«جبل الحسين» وغيرها! وهكذا كانت محاولات الأردن، لإحراز الهدف في الشوط الأول، أشبه بمن يحاول الغوص في أعماق «البحر الميت»، فيظل طافياً فوق سطح الماء، بسبب شدة ملوحة المياه، وافتقادها لمقومات الحياة! هكذا سارت أحداث مباراة قطر والأردن في النهائي الآسيوي العربي، وهكذا دارت مجرياتها المتأرجحة، بين حضارة «الأنباط» الأثرية، وحضارة «العنابي» الكروية. وهكذا احتفظ منتخبنا الوطني، بلقبه القاري، للمرة الثانية على التوالي. وهكذا أصبح المنتخب «الأدعم»، بطلاً لكأس الأمم الآسيوية، لكرة القدم، وسيداً لمنتخباتها، «وزعيماً» لفرقها. وستبقى مباراة النهائي، راسخة في ذاكرة البطولة، وثابتة في تاريخها وعقول متابعيها، ليس لأن الحكم الصيني، الذي أدارها، احتسب «3» ركلات جزاء مستحقة لصالح «العنابي»، ولكن لأن بطل آسيا، الذي صنع في قطر، نجح في الدفاع عن لقبه، بمنتهى الإصرار. علماً بأن احتساب «3» ضربات جزاء، في مباراة حاسمة، ليس بدعة، ولا يستدعي إثارة الشكوك، والغمز واللمز، والقيل والقال، لمن يفقهون في كرة القدم، ويفهمون قوانينها، ويتابعون مبارياتها. وخير مثال على ذلك، احتساب الحكم «3» ضربات جزائية لصالح البرازيل، ضد الأرجنتين، في المباراة التي أقيمت في الثالث من يونيو عام 2004 في مدينة «بيلوهوريزونتي» البرازيلية، خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم، نجح الهداف البرازيلي «رونالدو»، في إحرازها في الدقائق «17» و«69» والدقيقة السادسة من الوقت المحتسب بدل الضائع، لتنتهي المباراة بفوز منتخب «السامبا» بثلاثة أهداف، مقابل هدف واحد لمنتخب «التانغو»، سجله «خوان بابلو سورين» في الدقيقة «80». والمفارقة، أنها نفس نتيجة مباراة قطر والأردن، في نهائي كأس آسيا، التي شهدت تألق المتألق «أكرم عفيف»، بمنتهى التوهج والاقتدار. وهكذا كانت الأقدار، وفي خضم ذلك الانتصار، لا أنسى الإشارة، بل الإشادة، بدور المدرب الإسباني «ماركيز لوبيز»، الذي استلم مهمة تدريب العنابي، قبل نحو «36» يوماً على انطلاقة البطولة. وتحديداً في السادس من ديسمبر الماضي، بعد الاستغناء عن البرتغالي «كارلوس كيروش»، حيث نجح في إعادة الثقة في أوساط المنتخب، بعدما تسبب سلفه في اهتزازها، في ظل انعدام حالة اليقين، في قدرات فريقه، وعدم ثقته في شخصية البطل، وفقدانه روح الانتصار. ولعل ما يميز المدرب الإسباني، الذي يسمونه في بلاده «تان تان»، وجود حالة من التشابه الشكلي بينه وبين الشخصية الكاريكاتورية، التي ابتدعها الكاتب البلجيكي «هيرجيه»، في سلسلة رواياته الخيالية المثيرة! وبعيداً عن التشابه في المظهر، قبل أن يتعرض شعر المدرب إلى التجريف، فهما يعتمدان على الجرأة، ويتميزان بالشجاعة، ويتصفان بالذكاء، ويقبلان بالتحدي، ويرتكزان على التخطيط السليم، لفك رموز القضايا المعقدة. وهذا ما فعله مدرب الوكرة، الذي استعان به الاتحاد القطري لكرة القدم لقيادة العنابي في كأس آسيا، ونجح في فك طلاسم المنتخبات التي واجهها، في إطار المغامرات التي تحبس الأنفاس، التي خاضها، وقاد خلالها «العنابي»، للفوز بكأس البطولة، بجدارة واستحقاق، للمرة الثانية على التوالي، والاحتفاظ بلقبه القاري، بطلاً لكأس الأمم الآسيوية.
993
| 13 فبراير 2024
لا معنى لحديثكم عن «حقوق الإنسان» وأنتم تدعمون الجاني لافتراس الضحية رسالة مفتوحة إلى «الرئيس بايدن».. وتوابعه أكتب لك هذه الرسالة المفتوحة، في هذا الظرف الفلسطيني العصيب، ووسط هذا الصمت العالمي العجيب، الذي يشهد على الهوان العربي الغريب، ويبصم على مستقبل دولي مريب. أكتبها من عاصمة دولتنا قطر الدوحة، التي تبذل جهودها الدبلوماسية الحميدة، ومساعيها الدولية الحثيثة، بالتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية، للإفراج عن «الأسرى» المحتجزين، في قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية. .. وتحديداً حركة «حماس»، كخطوة ربما تشكل الأساس، لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم، على أهلنا في قطاع غزة، الذي دخل أسبوعه الرابع، بدعم من إدارتكم المنحازة لإسرائيل. ومع تزايد ضحايا الحرب المدمرة، بين صفوف المدنيين الأبرياء، والأطفال الضعفاء، لا نفهم سبباً يدعو واشنطن، لعدم تأييد الدعوات، التي تطلق حالياً في مختلف الأرجاء، لوقف إطلاق النار، غير أن الولايات المتحدة، تسعى لنشر الدمار، في غزة، وإشعال النار في المنطقة! واسمح لي، أن أضع رسالتي، على مكتبك «البيضاوي»، في «البيت الأبيض»، وأخاطبك فيها، بمنتهى الصراحة «البيضاء»، مستنداً على ضرورة التفكير، بعيداً عن التنظير، ومرتكزا على مبدأ «حرية التعبير»، باعتباري «ناشطا قطريا»، مدافعا بقلمي، وقبل ذلك بعقلي وقلبي ولساني، عن فلسطين المحتلة، وقضيتها العادلة، وحقوقها المغتصبة، وشعبها المنكوب، ووطنها المسلوب. وأخاطبك، انطلاقاً من موقفنا الثابت في قطر، في مختلف الأوساط الشعبية، وعلى كافة الأوساط الرسمية، تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتنا المركزية، التي لا تهاون فيها، ولا مساومة عليها، ولا تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق. والمؤسف، أن تحظى إسرائيل بدعمكم، وتنال تشجيعكم، وتستحوذ على إسنادكم، وتطغى بتأييدكم، لمواصلة عدوانها على الفلسطينيين! وهو العدوان الهمجي، الأكثر دموية، والأشد وحشية، والأعلى جنائزية، بالنظر إلى أعداد الشهداء، من الضحايا المدنيين، الأبرياء، الذين تجاوزوا ثمانية آلاف وخمسمائة شهيد، ويزيد، وآخره الغارة الجوية التي نفذتها قوات الاحتلال على مخيم جباليا شمال القطاع، مساء أمس الأول ـ الثلاثاءـ وأدت الى استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين، وقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية بأن عدد الضحايا في مجزرة جباليا قد يكون الأكبر، وقد يناهز عدد ضحايا مذبحة المستشفى المعمداني! والمؤلم، بل الأشد إيلاماً، أن واشنطن تشجع المعتدي الإسرائيلي، على الاستمرار في عدوانه، وتدعم المجرم الصهيوني، لمواصلة ارتكاب جرائمه! وتشجع «الإرهابي نتنياهو» على إرهاب الفلسطينيين، وقتل المدنيين، عبر تقديم إدارتكم، كافة أشكال الدعم السياسي، والعتاد العسكري، والإسناد اللوجستي لإسرائيل. وبطبيعة الحال، فإن هذا الدعم الأميركي، يجعل سلطة الاحتلال، تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي. .. ويشجعها على الإمعان، في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم الإذعان لصوت الضمير الإنساني. وما من شك، في أن الولايات المتحدة، بانحيازها الأعمى لحكومة الإرهاب الصهيوني، في عهدكم «الميمون»، ولا أقول الملعون! .. وتشجيعها المجنون، للعدوان البربري الوحشي الهمجي الإسرائيلي، المتواصل على الفلسطينيين، تشكل صدمة إنسانية، وتسبب انتكاسة حضارية، لا يمكن للجنس البشري، أن يتجاوز آثارها السلبية، لعشرات السنين. ولا يمكن للتاريخ أن يتجاهل، انتهاك حقوق الفلسطينيين، ولو بعد حين. السيد الرئيس «الديمقراطي» المنحاز لإسرائيل، قولاً وفعلاً وتفاعلاً وانفعالاً. لم يعد هناك أي معنى، لحديثكم الممجوج، وخطابكم المرجوج، عن «حقوق الإنسان»، وعن الحرية، والديمقراطية، والعدالة، وسيادة القانون، وغيرها من الشعارات الزائفة، التي تحاولون تسويقها إلينا، وتمريرها علينا، وإقناعنا بها، ونحن نجدكم تدعمون الجاني، لافتراس الضحية! ونجدكم «تبربرون»، أقصد تبررون العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، بدعوى «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»! وكأن «الدفاع عن النفس»، حكر على الصهاينة! والملاحظ أنكم، في نفس الوقت، تتجاهلون، حق الشعب الفلسطيني، في الدفاع عن وطنه السليب، وأرضه المغتصبة،، وحقوقه المنتهكة، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس. وتعلم أيها الرئيس، بحكم دراستك التاريخ، وعلوم السياسة، والقانون، وتجربتك السياسية الطويلة، أن كل احتلال، تواجهه مقاومة وطنية، تتصدى له في الحال، حتى نيل الاستقلال. والمقاومة الفلسطينية الباسلة، لا تخرج عن هذا الإطار، ولا تشذ عن هذه القاعدة، التي مارستها كل شعوب العالم، ضد الاستعمار. ولا يخفى عليكم أيها الرئيس بايدن، أنه منذ عام 1948، وهو تاريخ «النكبة»، التي تم فيها تأسيس الكيان الصهيوني، في الوطن الفلسطيني المحتل. ومن بعده عام 1967، تاريخ «النكسة»، ولا أقول «النكتة»، التي احتلت فيها إسرائيل الأراضي العربية، لا تزال حكومة الاحتلال، تتنكر لحقوق الفلسطينيين، التي يفترض أن يحصلوا عليها، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. ولا تزال القضية الفلسطينية، أكثر قضايا العالم قهراً، وأشدها قمعاً، وأكثرها إيلاما، وأطولها عمراً. وحتى اليوم لم تتحرك الولايات المتحدة، لإيجاد حل عادل لها، ولم تتخذ إدارتكم أية إجراءات جدية، أو خطوات عملية لمعالجتها جذرياً، وحلها جوهرياً، وفق الحلول العادلة، والمعالجة الدائمة، المنصوص عليها، في قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة، ومن بينها مبدأ «حل الدولتين». وعلى هذا الأساس، ينبغي فهم أسباب أحداث السابع من أكتوبر، التي أصابت إسرائيل في الصميم، بأنها ناجمة عن سنوات من المواقف المدمرة، والسياسات المتفجرة، التي اتخذتها إسرائيل، ضد الفلسطينيين، بتشجيع من إداراتكم المتعاقبة، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. السيد الرئيس الأمريكي، صاحب التصريحات الدرامية! المؤسف، أنكم تتفرجون على العدوان البربري الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني، وكأنكم تتابعون باستمتاع شديد، أحداث أحد أفلام «الكاوبوي»، التي تسمونها «الويسترن» التي اشتهر بها «كلينتستوود»، وتحديداً فيلم «الطيب والشرس والقبيح»! وأستطيع القول، إن «الطيب» هو الإنسان الفلسطيني، الباحث عن حقوقه المشروعة، الطامح لإقامة دولته المستقلة. و«الشرس»، هو المحتل الإسرائيلي، الذي يتجاهل القرارات الدولية، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويواصل الاعتداء بشراسة على الشعب الفلسطيني، ويمثله المحتال نتنياهو، الذي يعيش أسوأ فتراته، في رئاسة حكومة الإرهاب الصهيوني. أما «القبيح»، فهو كل سياسي أوروبي، لا يؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، وكل رئيس غربي يؤيد إسرائيل، في عدوانها الهمجي على أطفال فلسطين. السيد «بايدن»، ولا أقصد الواهن، تعلم، أن العالم يعلم، بأن دولتكم «العظمى»، قامت على جماجم الهنود الحمر، وإبادة الشعوب الأصلية في القارة الأمريكية، في أكبر عمل إرهابي في تاريخ البشرية. لكن ذلك الإرهاب الذي مارسه أجدادكم، لا يعطيكم الحق، في الوقوف مع إسرائيل، لشن حرب إبادة جماعية للفلسطينيين. ومع استمرار الإرهاب الإسرائيلي المنظم، ومواصلة جيش الاحتلال، قصف الأحياء السكنية، وهدم المرافق المدنية في قطاع غزة، بإطلاق الصواريخ، وإلقاء القنابل، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، الذي يستهدف البشر ولا يترك الشجر ولا يستثني الحجر. ينفطر قلبي ألماً، ويعتصر فؤادي حزناً، على شهداء فلسطين، الأبرياء المدنيين، ومنهم عائلة الزميل الإعلامي «وائل الدحدوح» مراسل قناة الجزيرة في غزة، الذين استهدفتهم غارة «إرهابية» إسرائيلية، فاستشهدوا. وكان بينهم حفيده «الرضيع آدم»، الذي لا يزيد عمره عن (45 يوماً)، ويحمل اسم سيدنا آدم «أبو البشرية»، عليه السلام، الذي من نسله كان النسل، وجاءت أنساب الناس كلهم إليه، بمختلف أشكالهم وكل ألوانهم، وكافة معتقداتهم الدينية والدنيوية. ولم يكن ذلك الشهيد الفلسطيني، المولود حديثاً «متورطاً» في أي نشاط سياسي، أو فعل «نضالي»، أو حراك «ثورجي»! وهو لم يطلق صاروخاً، من «صواريخ القسام» على «تل أبيب». ولم يوجه طائرة مسيّرة، ولم يفجر سيارة مفخخة، مليئة بالمتفجرات، في عمق الكيان الصهيوني. ولم يرتدِ حزاماً ناسفاً، لتفجير إحدى المستوطنات الواقعة في غلاف غزة. ولم يصدر «بياناً ثورياً»، يفيض بعبارات «الكراهية»، ويمتلئ بمفردات «معاداة السامية»! بل كان ذلك «الشهيد الرضيع»، الذي لا يزيد عمره على شهر ونصف، ينتظر رضعة الحليب، وتغيير حفاظات «البيب بيب»! هناك في «مخيم النصيرات»، نزحت عائلة «آدم»، من منطقة «تل الهوى»، بحثاً عن الأمان، فاستهدفتهم الغارة الإسرائيلية بالعدوان! واغتالت (12) من أفراد العائلة «الغزية» النازحة، بينهم (9) أطفال أحدثهم «الدحدوح» الصغير. وهذه أحوال أطفال القطاع، المقطوع الأوصال، بين طفل جائع وآخر ضائع، وواحد ينتظر الغداء، وثانٍ يحتاج إلى الدواء، وثالث يتلهف إلى الكساء. ورابع يتيم، فقد والديه، في القصف الإسرائيلي، وخامس وسادس وعاشر، يعيشون وسط الرعب! ومثلهم آلاف الأطفال، يحاصرهم الخوف، والدمار، والدماء والأشلاء، والموت الذي لا يفرق، بين الصغار والكبار. السيد رئيس الولايات المتحدة.. التي تتباهى بدفاعها عن «حقوق الإنسان»! هناك في غزة المحاصرة، يتعرض الإنسان الفلسطيني، في هذه الساعات، إلى القصف الأعنف براً وبحراً وجواً، ويستهدفه العدوان. هناك أصبح سفك الدماء، وإزهاق أرواح الأبرياء، مشهداً يومياً، وفعلا اعتياديا. هناك أصبح الموت، شاهداً على المشهد الفلسطيني الدامي، الذي قتلت فيه عائلات بأكملها، ومحيت من الوجود، وحذفت من السجلات، ودمرت خلاله أحياء بكاملها، فأصبحت بلا حدود! هناك في هذه اللحظات، تشن الآلة العسكرية الإسرائيلية حرباً وحشية، همجية، بربرية «نازية»، ضد الفلسطينيين هدفها الإبادة الجماعية، وأساسها تغيير الخريطة الإقليمية. وما من شك في أن المجازر، التي ترتكبها إسرائيل حالياً، ضد الشعب الفلسطيني، تشكل «وصمة عار» لإدارتكم، لأنكم تؤججون الحرب الوحشية، وتشجعونها بتصريحاتكم التحريضية. وهي «وصمة عار» في سجل الرئيس الفرنسي «ماكرون»، الذي يصم أذنيه، عن صرخات أطفال غزة واستغاثاتهم! وبدلاً من أن يسعى لوقف الحرب، نجده يطالب بتشكيل «تحالف دولي»، لمحاربة المقاومة الفلسطينية، للتغطية على فشله الذريع، في منطقة «الساحل» الإفريقي! وهي «وصمة عار»، في ملف المستشار الألماني، «أولافشولتس»، الذي يشاهد سفك دماء الفلسطينيين، ولا يدعو لوقف الحرب الهمجية، وكأنه يتابع مباراة مثيرة، في «البوندسليغا»، بين فريقي «ليفركوزن» و«بايرن ميونخ»! وهي «وصمة عار»، لرئيس وزراء بريطانيا «ريشي سوناك» الذي يتحدث عن ما يسميه «الإرهاب الفلسطيني» ويتجاهل إرهاب «الهندوس» ضد المسلمين في الهند، من أنصار حزب «بهاراتياجاناتا»، الذي يشبه في توجهاته المتطرفة، حزب «الليكود» في إسرائيل. وهم أولئك «الإرهابيون»، الذين هدموا المسجد «البابري»، في السادس من ديسمبر عام 1992، وتسببوا في صراع طائفي واسع النطاق، هو الأعنف في الهند، منذ استقلالها عام 1947. فأي قيم إنسانية، تتشدقون بها، يا «ساسة الغرب»، المنحاز لإسرائيل، وأنتم تتغاضون عن قتل الأبرياء، من الأطفال والنساء، في غزة، المخضبة بالدماء؟! وأي «حضارة»، تتباهون بها، وأنتم تؤيدون العدوان الوحشي الإسرائيلي، على الشعب الفلسطيني، وكأن الصراع بين الطرفين بدأ في السابع من أكتوبر، وليست له جذور تاريخية؟! وتتجاهلون أن «الطوفان»، جاء نتيجة سنوات من القهر والظلم والحرمان والاحتقان والعدوان، تفننت فيها سلطات الاحتلال، في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني. وما من شك، في أن العدوان الإسرائيلي، المتواصل على قطاع غزة، يكشف زيف شعاراتكم يا دعاة «السلام»، أقصد «التسليم»، أعني «الاستسلام» للواقع الاستعماري، الذي تريد أن تفرضه إسرائيل بالقوة، على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مشاريع «التطبيع»! أخيراً، إذا كانت الولايات المتحدة، حريصة في عهدكم، على تحسين صورتها المهزوزة، واسترجاع مصداقيتها المفقودة، في العالمين العربي والإسلامي، ينبغي على إدارتكم، إثبات أن حياة الفلسطينيين، لا تقل أهمية عن الإسرائيليين. وهذا يتحقق بالعمل الفوري، لوقف الحرب الهمجية، التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. وينبغي عليكم، إثبات أن الحقوق الإنسانية، متساوية، ولا تتغير في سياستكم، باختلاف الأديان، والألوان، ولا يتم سحقها عندما يتفجر «الطوفان»! كما ينبغي عليكم إثبات أن «القانون الدولي» يشمل الجميع، بلا استثناء، ويطبق على الجميع بلا استعلاء. وهذا يعني ضرورة الضغط على إسرائيل، المتعجرفة، المتغطرسة، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. وينبغي عليكم أيضاً، تنقية الأجواء المسمومة في المنطقة، بسبب إنحيازكم لإسرائيل، والعمل على ترسيخ دعائم السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، على أساس «حل الدولتين». وبغير ذلك، ستبقى أيها «الرئيس بايدن»، في أنظار كل الشرفاء في العالم، أنك «المهادن» لحكومة الإرهاب الإسرائيلي. وأنك «المتهاون» مع انتهاكاتها الحقوقية ضد الفلسطينيين. وأنك «المتعاون»، مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ضد الشعب الفلسطيني.
1680
| 02 نوفمبر 2023
لا يحتاج الأمر إلى جدال أو سجال لإثبات الاختلال في موقف واشنطن تجاه الاحتلال الانتهازية الأمريكية.. والقضية الفلسطينية يوماً بعد يوم، من أيام العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وتواصل الصمود الفلسطيني المليء بالعزة، تتكشف المؤامرة الكبرى والتي تقودها الولايات المتحدة وتوابعها من دول الاتحاد الأوروبي، لتصفية القضية الفلسطينية، بعد شيطنة المقاومة، ومحاولة محو هويتها، وتشويه صورتها في أوساط الرأي العام الغربي، وإلصاق تهمة «الإرهاب»، بعملياتها النضالية، وأعمالها البطولية. ولا يحتاج الأمر إلى نظر عميق، وبحث دقيق، أو جدال، أو سجال، لإثبات الاختلال، في الموقف الأمريكي، المؤيد لهذا العدوان على الشعب الفلسطيني. فالتصريحات الصادرة من الرئيس الأمريكي «بايدن» ووزير خارجيته اليهودي «بلينكن» تؤكد عدم وجود أي انضباط أخلاقي، أو ضبط سياسي، أو ضابط إنساني، ولا أية ضوابط قانونية في موقف الإدارة الأمريكية، تجاه مخطط الإبادة الجماعية التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية، لطمس كل ما هو فلسطيني، وكل من له علاقة بالمقاومة. بالإضافة إلى محاولة فرض واقع إسرائيلي على الأرض، في قطاع غزة، يعمل على تفكيك القضية الفلسطينية، وتصغيرها، وتصفيرها بل وتصفيتها، عبر تهجير الفلسطينيين خارج قطاعهم المحتل، وتشريدهم خارج الوطن الفلسطيني، بعيداً عن القطاع المقطوع الأوصال! ولم تكن الولايات المتحدة بحاجة لإظهار هذا الكم الهائل من التواطؤ المفضوح، مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة. فهذه الانتهازية الأمريكية، ليست سراً من أسرار الكون، ولا تعتبر أمراً جديداً، لأن كل الإدارات المتعاقبة، التي حكمت «البيت الأبيض»، أظهرت وقوفها إلى جانب إسرائيل سياسيا، وتأييدها عسكرياً، ودعمها اقتصادياً. لكن الجديد المتجدد، في الموقف الأمريكي الحالي، هو تحول الرئيس «بايدن» إلى بوق إسرائيلي، عبر تبني الخطاب الصهيوني، وكأنه الناطق الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية! وتمثل تصريحات الرئيس الأمريكي عن أحداث فلسطين المروعة، حالة مخزية من حالات غياب الضمير، وإنكار القيم الإنسانية، ومبادئ حقوق الإنسان، ومواد القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويكفي تصريحه الذي أكد فيه أنه لو لم توجد إسرائيل لأوجدناها. ويشكل «الرئيس بايدن»، في انحيازه الماجن لإسرائيل، محاولة ممجوجة، لإقصاء الفلسطينيين من الحياة، ومن الوجود، ومن الأرض، ومن الحضور، ومن الحاضر والمستقبل، ومن الوطن الفلسطيني المحتل. وبدلاً من سعي الولايات المتحدة للظهور كوسيط دولي نزيه، وسعيها لإيجاد حل سياسي شامل ودائم وعادل للقضية الفلسطينية، يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، ويرتكز على القوانين الدولية، نجدها تدعم الإرهاب الصهيوني، وتشجع العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، الذي أدى خلال الأسبوعين الماضيين إلى سقوط أكثر من (2055) طفلاً شهيداً. أما الأطفال الذين نجوا من نيران القصف العشوائي، ولهيب الحرائق، فإنهم يعانون من صدمات نفسية وحالات عصبية، بعدما أصبحوا أيتاماً بلا عائل، بعد فقدانهم عائلاتهم التي رحلت عن عالمنا. ولا أنسى استشهاد أكثر من (5087) شهيداً، بينهم (1119) امرأة، بالإضافة إلى أكثر من (15273) مصاباً. وهكذا، ونحن نتابع «المصاب الفلسطيني» الجلل الذي أصابنا بكثير من العلل، تواصل إسرائيل حملات التدمير وعمليات التهجير والتشريد في قطاع غزة، استناداً إلى «الضوء الأخضر» الساطع من البيت الأبيض في واشنطن. وها هي تفعل كل ما تريد في مخططها الشيطاني ضد الشعب الفلسطيني، وتواصل عدوانها الوحشي، وانتقامها الهمجي على الفلسطينيين، دون أن نسمع من الإدارة الأمريكية كلمة انتقاد واحدة، أو إدانة انتهاكاتها للقانون الدولي! والمعيب، أن الدعم الأمريكي المريب لإسرائيل وصل إلى درجة أن وزير خارجية الولايات المتحدة «أنتوني بلينكن» يتباهى بأصله، ويتفاخر بنسبه، ويؤكد يهوديته، ويعلن في «تل أبيب»، خلال زيارته «التضامنية» أنه أتى إليها بصفته مواطنا «يهوديا»، وليس كوزير خارجية دولة عظمى، يفترض أن يقوم بدبلوماسية نشطة لوقف الحرب والقصف العشوائي، وعمليات العنف الدموي. ووصلت به الحالة اليهودية المتورمة، والنرجسية المتضخمة، لدرجة أن تدمير غزة على رؤوس ساكنيها الأعزاء، وقتل سكانها الأبرياء، وتشريد أهلها الأوفياء، لم يحرك ساكناً في كيانه، ولم يوقظ ذلك الشيء «الظلامي» في داخله، الذي يسمونه الضمير الإنساني! ولأن الطبع اليهودي يغلب على التطبع، ولا أقصد «التطبيع»، نجد وزير الخارجية الأمريكي يدعم الغطرسة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، ويشجع العربدة الإسرائيلية في قطاع غزة، دون أن يسعى لتجنيب المدنيين الفلسطينيين تبعات القصف العشوائي الإسرائيلي، ودون أن يعمل من أجل خفض التصعيد العسكري الذي يستهدفهم، وهو ما أثار حفيظة الكثير من موظفي خارجيته الذين أبدوا استياءهم من تعامله مع هذا الملف، ومن التعامل الهمجي مع الفلسطينيين بوجه عام، ووصل الأمر إلى أن يعد الموظفون رسالة ينتقدون فيها تجاهل وزارتهم التام لمعاناة المدنيين الفلسطينيين، وقد أقر بلينكن بالفعل بالأثر العاطفي الذي تركته هذه الحرب على موظفيه، ولم يقف الأمر عند وزارة الخارجية، حيث يشهد الكونجرس حاليا تزايدا في الاستياء، وقد قام حوالي 400 موظف بالتوقيع على خطاب يدعو لدعم وقف إطلاق النار. ولعل ما يثير الامتعاض هو دخول «ريشي سوناك»، بصفته رئيس وزراء بريطانيا على خط الأزمة، ومشاركته في حفلة الانتهازية الغربية، واتهامه للمقاومة الفلسطينية بأعمال «الإرهاب»! وما دام مهتماً ـ ولن أقول متهماً ـ بفتح ملف الأعمال «الإرهابية» المروعة في الشرق الأوسط، من الضروري أن يحدثنا عن الفظاعات، والانتهاكات الحقوقية التي ارتكبها الجيش البريطاني خلال غزو العراق. هناك في «بلد الرشيد»، خلال غزو الإنجليز بلاد الرافدين، انتهكوا الحقوق، وقتلوا الأبرياء، واعتدوا على النساء، وعذَّبوا المعتقلين، وأرهبوا كل العراقيين! ولا أعتقد أن «ريشي سوناك»، يملك «ذاكرة نملة» ليتجاهل تورط القوات البريطانية، في جرائم الحرب واسعة النطاق، والانتهاكات الجسيمة، التي ارتكبها جنودها خلال احتلال العراق، من مارس 2003، حتى مايو 2009، وتمثلت في الاعتداءات على العراقيين، واعتقالهم قسرياً، واحتجازهم بشكل غير قانوني، وإساءة معاملتهم، وتعذيبهم في سجن «أبو غريب»! والغريب أنه رغم كل هذه الحقائق الموثقة، لم تبادر الحكومة البريطانية بفتح تحقيق جنائي محلي لمساءلة المتورطين. بل على العكس، تدخلت بشكل سافر في مسار العدالة، وضغطت لإغلاق التحقيق الجنائي المفتوح في المحكمة الجنائية الدولية! وأريد إبلاغ «ريشي سوناك»، وأنا أهز رأسي يميناً ويساراً، على طريقة «أميتاب باتشان» وزميله «شاروخان»، أن بريطانيا استندت على «كذبة كبرى» لغزو العراق، روَّجها الرئيس الأمريكي الأسبق «بوش». وقام جنود الدولتين بأعمال إرهابية مروعة ضد العراقيين، وانتهاكات بشعة بحق المدنيين، دون أي اعتذار، أو اعتبار لمنظومة «حقوق الإنسان» التي يتبجحون بها! بل على العكس من ذلك، كانوا يرسخون خلال غزوهم غير الشرعي وغير القانوني للعراق، منهجهم الاستعماري، القائم على إثارة المصائب وكثرة المصاعب للشعوب. ولا أنسى قيام «الأمير هاري»، نجل الملك تشارلز، حفيد الملكة اليزابيث، بأبشع «عمل إرهابي» فردي، عندما اعترف في مذكراته، التي نشرها بعنوان «سبير» أي «الاحتياطي»، أنه قتل (25 أفغانياً) بدم بارد، خلال خدمته العسكرية في أفغانستان، مشبهاً ذلك بإزالة «قطع شطرنج من فوق اللوح»! وفي إطار «لعبة الشطرنج» القذرة التي تمارسها بريطانيا «العظمى»، وكشفت خلالها ادعاءاتها الكاذبة عن حقوق الإنسان، ودورها في إشعال الحروب، وسرقة ثروات الشعوب، وتأجيج الصراعات في المنطقة، أتوقف عند ذلك الوعد المشؤوم الذي أطلقه «أرثر بلفور» وزير الخارجية البريطاني في رسالته الموثقة بتاريخ الثاني من نوفمبر 1917، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين! لقد شَكَّلت تلك الرسالة أبشع دعم بريطاني رسمي لانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني الذي كان يشكل الأغلبية العظمى من السكان المحليين في فلسطين المنكوبة. وأريد أن أسأل «ريشي سوناك» رئيس وزراء بريطانيا، باللغة «السنسكريتية» التي يفهمها، وأنا أهز رأسي يميناً ويساراً مجدداً: ألا يعتبر ذلك الوعد شكلاً من أشكال «الإرهاب الدبلوماسي»، الذي تسبب في اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي؟! ومشكلة هذا «البريم منستر»، الذي وصلت شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية قبل عام تقريباً أنه يريد أن يثبت للعالم أنه إنجليزي أكثر من الإنجليز! ولهذا فهو يزايد عليهم في كل التوجهات والاتجاهات والملفات، وآخرها موقفه المعلن، ولا أقول الملعون، سيراً على خطى بلفور، عندما أعلن خلال زيارته «التضامنية» إلى «تل أبيب»، أنه فخور بالوقوف مع نتنياهو في أحلك أوقات إسرائيل كصديق لليهود. .. وأنه سيقف متضامناً معهم، ومع شعبهم، وأنه يريدهم أن ينتصروا، دون أي احترام للقانون الإنساني، ودون أي التزام بمواد القانون الدولي، التي تنص على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وبعيداً عن هذه الانتهازية السياسية الغربية، أتوقف أخيراً عند الدبلوماسية القطرية الحكيمة، التي تسعى لخفض التصعيد، ووقف الأعمال العدائية، وتجنيب المدنيين تداعيات الحرب المدمرة. وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بنجاح الوساطة القطرية في الإفراج عن «محتجزتين» أمريكيتين، مما يعكس نبل أخلاق قطر، وحرص الدوحة على سلامة المدنيين. ويثبت للعالم قدرة القوة الناعمة القطرية على رفع المعاناة عن الأبرياء، ومحاولة احتواء الأزمة المتفاقمة، وتخفيف تداعياتها المتراكمة على أرواح المدنيين الضعفاء. ومع كتابة السطور الأخيرة في مقالي، يبقى تأكيد حرصي على وضع «الكوفية الفلسطينية» حول عنقي، ذلك الوشاح التراثي النضالي، الأبيض المرقط بالأسود، تأكيداً بأن «فلسطين قضيتي». وتجسيداً لموقفي الثابت، دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس. وتعبيراً عن تضامني مع أهلنا في غزة، الذين يتعرضون لحملة «إبادة جماعية»، في هذا الزمن الرديء، الذي غابت فيه القيم الإنسانية، وانتهكت فيه الحقوق الفلسطينية، وضاعت فيه العدالة الدولية.
1317
| 24 أكتوبر 2023
موقف واشنطن وتوابعها أعطى «نتنياهو» تفويضاً لارتكاب «جرائم حرب» «الطوفان».. وازدواجية «حقوق الإنسان» أكتب هذا المقال رافعاً علم فلسطين، ليرفرف عالياً فوق أوراقي، وليضيء بجلاء كل مقالاتي، تعبيراً عن تضامني مع القضية الفلسطينية العادلة بكل تواضع، وبإيمان ثابت لا يتراجع، وعلى نحو راسخ لا يتزعزع، وبيقين صلب لا يتصدع،، معبراً عن تعاطفي العميق، وإحساسي الوثيق مع الشعب الفلسطيني الشقيق، المحاصر في قطاع غزة الذي يتعرض لأبشع المجازر، تحت وطأة القصف الوحشي الإسرائيلي الجائر. أكتب هذه السطور، ترحماً على أرواح الشهداء، أولئك الضحايا الأبرياء، من الأطفال والنساء، الذين امتلأت بهم القبور، وبكت عليهم العيون والصدور!. أكتب هذه العبارات بينما تسيل من عيني العبرات، وتنساب على وجهي الدمعات، حزناً على المستضعفين، في مدن وقرى فلسطين، هناك في قطاع غزة الحزين، حيث يواجهون الموت جوعاً أو مرضاً أو قهراً أو فقراً، أو عطشاً.. وحيث لا ماء ولا غذاء، ولا دواء، ولا كهرباء، بل شلال لا ينقطع من الدماء!. أكتبها إلى الأشقاء الصامدين الصابرين، الذين يعانون من الشقاء، ولا يكفون عن الحزن والبكاء، سلاحهم الأول التوجه إلى الله بالدعاء، هناك في القطاع الفلسطيني، المقطوع، المعزول عن العالم، الذي تفوح من جميع أركانه رائحة الموت. أكتبها بكل «حماس»، وبكل إحساس إنساني صادق، إلى أصحاب الصمود الأسطوري، من أبطال المقاومة الفلسطينية، الذين يقدمون أروع التضحيات، في الذود عن المقدسات، دفاعاً عن وطنهم السليب، وأرضهم المحتلة، وكرامتهم المهدورة، ومقدساتهم المنتهكة، وحقوقهم المغتصبة. أكتبها في هذه اللحظة المصيرية المفصلية الدموية، التي تشن فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ـ بدعم أمريكي ـ حرباً همجية وحشية، على أهلنا في قطاع غزة، لإبادتهم، بدعوى محاربة «الإرهاب الفلسطيني»!. .. وبعيداً عن هذا التوصيف الغربي، المنحاز للعدوان الإسرائيلي، وهذا التصنيف الأوروبي، الذي يدين «المقاوم»، وينتصر للمستعمر المجرم!. لا أضيف جديداً، عندما أقول إن رجال المقاومة الفلسطينية، يمارسون حقهم الوطني المشروع في مقاومة الاستعمار، وهو الحق الذي مارسه الشعب الأمريكي نفسه، ضد المستعمر الإنجليزي، ومارسته كل الشعوب المتطلعة لنيل الحرية والاستقلال، في جميع قارات العالم. .. وأذكر الرئيس الأمريكي «بايدن»، الذي وصل إلى إسرائيل، الأربعاء، والذي كان ألمح سابقاً - بكل أسف- إلى وقوف الفصائل الفلسطينية وراء القصف الذي تعرض له مستشفى المعمداني، ووزير خارجيته «بلينكن»، وأعضاء الإدارة الأمريكية المنحازة إلى إسرائيل، أن الولايات المتحدة لم تحصل على استقلالها من المستعمر الإنجليزي، إلا بالكفاح المسلح، والنضال، والقتال، حتى نالت الاستقلال عام 1776. لقد خاض «الوطنيون» الأوائل في أمريكا، حرباً دموية، ولا أقول «إرهابية» ضد بريطانيا الاستعمارية، في ما يعرف بالحرب الثورية الأمريكية عام 1775، حتى تمكنت فصائل المقاومة من الانتصار، وإعلان وثيقة الاستقلال عن التاج البريطاني، في الرابع من يوليو 1776. ولعل أبرز ما تضمنته هذه الوثيقة، مجموعة من الحقوق، أهمها حق الناس، في الإطاحة بأي حكومة تسلبهم حقوقهم الوطنية. وبطبيعة الحال، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نسمي الدفاع عن هذا الحق «إرهاباً»، وإلا يمكننا اعتبار جميع قادة الاستقلال الأمريكي «إرهابيين»!. وأقولها بصراحة، بل بمنتهى الصراحة: أين الإدارة الأمريكية، من ممارسات «إرهاب الدولة» التي تقوم بها الحكومة «الإرهابية» الإسرائيلية، ضد الإنسان الفلسطيني؟ أين الولايات المتحدة، من سياسات نتنياهو المتطرفة، التي يواصل خلالها سحق حقوق الفلسطينيين، ويمارس في إطارها العقاب الجماعي، ضد الشعب الفلسطيني؟ أين واشنطن من توسيع مشاريع الاستيطان، في الأراضي المحتلة، التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأين هي من سياسات التهجير القسري، والتشريد القهري؟ أين زعيمة العالم المتحضر، من اعتداءات المستوطنين، الذين استباحوا المقدسات وانتهكوا الحرمات؟ والمؤسف أن الولايات المتحدة، والدول الغربية، أعطت نتنياهو المترنح داخلياً، تفويضاً رسمياً، لارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين، بعدما تسابقت لإعلان تأييدها للعدوان الإسرائيلي، الذي تجاوزت فيه «إسرائيل» ما يسمونه في الغرب «حق الرد»، بشكل يتعارض مع القانون الدولي، ويتقاطع مع القيم الإنسانية. ويكشف العدوان الإسرائيلي الغاشم، على أهلنا في قطاع غزة، الذي يتواصل بمباركة أمريكية «ازدواجية المعايير» الغربية! فالولايات المتحدة، التي تقدم نفسها على أنها نصيرة الشعوب المتطلعة للحرية، هرعت لنصرة «المظلوم» في أوكرانيا، لكنها تقف مع الظالم في فلسطين المحتلة!. والمعيب حقاً أن واشنطن، التي تتشدق في خطابها السياسي، بالدفاع عن الحقوق والحريات الإنسانية، تنتهك في تعاملها مع القضية الفلسطينية، المبدأ الأساسي الراسخ في الفقه القانوني، بأن جميع المعايير المتعلقة بإنفاذ العدالة، ينبغي تطبيقها على الجميع بلا تمييز، وبلا تحيز، وبلا ممارسات انتقائية أو انتقامية. وما من شك، في أن النهج غير القانوني، الذي تعتمده الإدارة الأمريكية، في تسامحها مع جرائم الكيان الصهيوني، تسبب بتفشي حالة مزمنة، من فقدان الأمل، في إيجاد حل سياسي عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، خصوصاً مع غياب أي جهد أمريكي حقيقي، لتطبيق مبدأ «حل الدولتين». ولا أبالغ عندما أقول: إننا سئمنا من الجعجعة الأمريكية المتكررة، عن الحقوق التي لا يتم ترسيخها في فلسطين المحتلة، وعن الحريات التي لا يتم تطبيقها لصالح الإنسان الفلسطيني، وعن السلام المزعوم، الذي لا وجود له في الشرق الأوسط، إلا لتحقيق مصالح إسرائيل!. وما من شك في أن تطبيق الولايات المتحدة، سياسة الكيل بمكيالين، خلال تعاملها مع القضية الفلسطينية، بات يشكل دعماً للجرائم، التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. .. وبات يشجع حكومة التطرف الإسرائيلي، على تعميق تسلطها على القانون الدولي، من خلال الاستخفاف بقرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وإجهاض أي فرصة، لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط. .. كما بات يشجع الإرهابي نتنياهو، على تنفيذ مخططاته الإجرامية، وسياساته التوسعية الاستعمارية ضد الفلسطينيين. ونتيجة لذلك مضى 75 عاماً على نكبة فلسطين، ولا دولة فلسطينية مستقلة تلوح في الأفق!، ولا حقوق للفلسطينيين، واجبة التنفيذ!، ولا احترام في القدس المحتلة للمقدسات!، ولا شيء في جعبة الولايات المتحدة، المنحازة لإسرائيل، سوى ازدواجية المعايير. ولهذا نجد واشنطن لا تتردد في فرض عقوبات حازمة على روسيا، بسبب عدوانها على أوكرانيا، وفي نفس الوقت، نجدها مع توابعها في لندن وباريس وبرلين، يغضون النظر، عن انتهاكات إسرائيل، وجرائمها الوحشية ضد الفلسطينيين!. والغريب بل والعجيب المريب، أنهم في الغرب يتحدثون عن «حرية التعبير»، وعن حق المواطن في التظاهر، لكنهم يمنعون الجماهير، من تنظيم المظاهرات دعماً للقضية الفلسطينية!. يحدث ذلك في فرنسا، صاحبة الثورة، التي أعدمت الملك لويس السادس عشر، بالمقصلة في 21 يناير 1793، بعد إسقاط النظام الملكي، وسفكت الدماء في ساحة الكونكورد!. يحدث هذا في «فرنسا المكارونية»، نسبة إلى رئيسها الماكر «ماكرون»، المطرود من النيجر، المتباهي بدفاعه عن الحقوق، المتغاضي عن الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني!، المتباكي على سقوط «المدنيين» في إسرائيل، المتناسي استهداف الأبرياء الفلسطينيين، خلال القصف الهمجي الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة. .. وأتوقف عند «جريمة الجرائم»، المتمثلة في قصف مستشفى المعمداني، هناك في القطاع المتقطع الأوصال، حيث المذبحة البشرية، التي ارتكبها جيش الاحتلال، في اليوم الحادي عشر، من عدوانه الغاشم على الفلسطينيين، مخلفاً أكثر من 500 شهيد ومئات المصابين، ليتجاوز عدد الشهداء، خلال أيام العدوان، أكثر من 3 آلاف و200 شهيد، أغلبهم أطفال ونساء. ولو كان «النظام الدولي»، الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن يسير في سيرها ويدور في فلكها من دول الغرب الأوروبي، ذلك النظام المنحاز لإسرائيل قولاً وفعلاً وتفاعلاً، نجح في محاسبة «حكومة تل أبيب»، على جرائمها الموثقة ضد الفلسطينيين، مثلما يحاسب روسيا على حربها ضد أوكرانيا، فلربما كان بالإمكان، إنقاذ آلاف الأرواح البريئة، في فلسطين الجريحة، من كلا الجانبين، بدلاً من استمرار سفك الدماء، والمعاناة، وتوسيع رقعة الدمار. وأستطيع التأكيد، بشكل أكيد، أن حكومة التطرف الإسرائيلي، وحدها، تتحمل مسؤولية اتساع دائرة العنف الدموي، بسبب اعتداءاتها المتكررة على الفلسطينيين، وانتهاكاتها السافرة للمقدسات، بقيادة وزيرها المتطرف «ايتمار بن غفير»، واستفزازات رعاياها من المستوطنين العنصريين، وسياساتها التوسعية، وحركاتها الاستيطانية، في الأراضي المحتلة، مما تسبب في انسداد الأفق السياسي وتصاعد موجات العنف. .. وقبل التباكي الغربي، على ضحايا «الطوفان الفلسطيني»، ينبغي أن يركز المجتمع الدولي اهتمامه، ويصب كل تركيزه على حقيقة أن قضية فلسطين المحتلة، ما زالت معلقة، ولم يتم إيجاد حل عادل وشامل لها. وأن الشعب الفلسطيني، لم يحصل على حقوقه المشروعة، غير القابلة للانتقاص، على النحو المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة، المتمثلة في حقه في الاستقلال الوطني، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس. وينبغي على «الغرب المتحضر»، أن يتحمل مسؤولياته، ويعمل على وقف العدوان المتواصل، على الشعب الفلسطيني، الذي يطالب بحقوقه المشروعة. هناك، في القطاع المحاصر، حيث يفقد السكان، مع تواصل العدوان، الخدمات الأساسية، والضرورية اللازمة، لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة! هناك، تستهدف حكومة التطرف الإسرائيلي، السكان المدنيين، وممتلكاتهم، ومنشآت البنية التحتية، والمدارس والمستشفيات والمساجد! هناك يتواصل الحصار الجائر، ويستمر الدمار الشامل، ويتجاوز العدوان الإسرائيلي على غزة، المفهوم المتعارف، كما يسمونه «الدفاع عن النفس». هناك تتقطع الأنفاس، حيث تستخدم إسرائيل أفدح، بل أفظع أساليب العدوان الوحشي والأسلوب الهمجي، بمباركة وتشجيع وتأييد، ودعم وإسناد، من الولايات المتحدة وتوابعها. هناك، يعاني قطاع غزة المحاصر، منذ أكثر من 17عاماً، من حصار خانق، وعدوان حارق، وتسلط إسرائيلي مارق، تسبب في أوضاع كارثية وأحداث مأساوية، وغير إنسانية للفلسطينيين. ومن البديهي، بل من الطبيعي، أن ينتج عن كل هذا الاحتقان، شيء لم يكن في الحسبان، يسمونه «الطوفان»!.
1041
| 19 أكتوبر 2023
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1137
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1098
| 22 ديسمبر 2025
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
852
| 24 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
699
| 18 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
666
| 21 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
660
| 19 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
651
| 18 ديسمبر 2025
هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...
594
| 19 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
546
| 18 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
540
| 23 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
510
| 23 ديسمبر 2025
لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...
507
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية