رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قمة العشرين.. تحديات اقتصادية

مع أن الأزمة السورية طغت على أجواء اجتماعات مجموعة العشرين التي عقدت الأسبوع الماضي بعاصمة القياصرة "سانت بترسبيرغ" الروسية، إلا أن البنود الأساسية لجدول أعمال الاجتماعات تمحورت حول العديد من القضايا الاقتصادية المهمة التي لم تنل نصيبها من التغطية الإعلامية، وذلك رغم أهمية القرارات التي اتخذت بشأنها ليس لبلدان المجموعة فحسب، وإنما للاقتصاد العالمي ككل. وعلى النقيض من اتساع حدة الخلافات حول الأزمة السورية، فقد كان هناك توافق تام حول القضايا الاقتصادية المطروحة والتي لا بد من التنبيه إليها للاستفادة من نتائجها والتنسيق مع مجموعة العشرين بشأن تجنب تداعياتها السلبية. وتقف مسألة التهرب الضريبي على رأس القضايا التي تم بحثها في القمة، فالشركات متعددة الجنسيات تستولي على مليارات الدولارات سنويا من خلال التهرب الضريبي، مما يكلف بلدان العالم موارد مهمة يمكن أن تستغل لخفض العجز وتحسين مستوى الخدمات والتخفيف من ترسبات الأزمة وتسريع النمو وخلق المزيد من الوظائف، حيث تمكنت العديد من البلدان المتقدمة والناشئة في العامين الماضيين من استرجاع مبالغ كبيرة من خلال رصد حركة رؤوس الأموال ومحاصرة المتهربين والهاربين إلى "الجنات" الضريبية. من هذا المنطلق تم التطرق للمرة الأولى لشركات "التراستس" أو ما يسمى بصناديق الثقة التي تشكل مخارج قانونية تستخدمها الشركات متعددة الجنسيات للتهرب من الضرائب وتراكم الثروات، في الوقت الذي أسهمت فيه هذه الشركات من خلال تواجدها في ازدهار العديد من البلدان المتعاونة معها. ونظرا للتأثيرات الكبيرة التي يمكن أن تترتب على المشاكل المالية في البلدان الناشئة، وبالأخص الصين والهند وتركيا وروسيا، فإن الولايات المتحدة أبدت تعاونا كبيرا أثناء القمة للتخفيف من إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي ووعدت بالتدرج في إنهاء التسيير الكمي لوقف الخلل في تدفقات الرساميل العالمية والذي اضر بالبلدان الناشئة وأسهم في تراجع عملاتها بصورة كبيرة. وعلى اعتبار أن المواد الأولية، وبالأخص النفط أصبحت محددا رئيسا للنمو في البلدان الناشئة التي تعاني من مصاعب مالية ونقدية، فقد أدرج هذا البند على جدول أعمال القمة ووجد تفهما كبيرا من قبل البلدان المنتجة للنفط والممثلة في القمة بالسعودية التي رفعت إنتاجها إلى 10.3 مليون برميل يوميا لتلبية الطلب والحد من ارتفاع الأسعار، خصوصا وان بعض هذه البلدان، كتركيا نوه إلى أن الأسعار الحالية للنفط تؤثر بصورة سلبية على النمو ولا بد أن تنخفض بمقدار عشرة دولارات ليتراوح سعر البرميل ما بين 100 – 105 دولار. وبما أن موضوع النمو والوظائف جاء على رأس الاهتمامات، فقد اتفقت بلدان المجموعة على ضرورة مرونة أسعار المواد الأولية لدعم النمو وتوفير المزيد من فرص العمل، إذ رغم تحسن الأوضاع في البلدان المتقدمة، بما فيها منطقة اليورو، إلا أن الانتعاش ما زال ضعيفا بسبب أزمة البلدان الناشئة والتي تعتمد في نموها على وارداتها من مصادر الطاقة. لذلك، فإن التنافر الكبير في المجالات السياسية والذي ركز عليه الإعلام، قابله انسجام تام في القضايا الاقتصادية التي بقيت بعيدة عن وسائل الإعلام، وذلك رغم أهميتها للاقتصاد العالمي على اعتبار أنها تطال حياة كافة الناس، كما أشارت إلى ذلك بصورة صحيحة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل. والصحيح أن يتم التركيز إعلاميا في الدورات القادمة على كافة القضايا، وبالأخص الاقتصادية والتعاون الدولي ليعكس الغرض الحقيقي لمجموعة العشرين والتي تأسست لتكون بمثابة منتدى للتعاون والمساهمة في حل قضايا العالم الاقتصادية والمالية، تلك القضايا التي تزداد تعقيدا، بسبب ضعف دور الحكومات وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات وارتباط ذلك بمحددات التنمية المستدامة الخاصة بالمحافظة على البيئة والموارد والتقليل من التلوث، تلك المسائل التي تهم وتؤثر في كافة المجتمعات بغض النظر عن تفاوت مواقفها السياسية وأنظمتها الاقتصادية.

369

| 15 سبتمبر 2013

تكامل صناعة الطاقة الخليجية

في تطور لافت وقعت سلطنة عمان في الأسبوع الماضي اتفاقية طويلة المدى لمدة خمسة وعشرين عاما مع إيران بقيمة 60 مليار دولار لتزود السلطنة بالغاز الإيراني من خلال أنابيب تمتد بين البلدين، مما أعاد للأذهان مرة أخرى التردد القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي حول إقامة شبكة خليجية للغاز على غرار الربط الكهربائي الذي استفادت منه كافة دول المجلس دون استثناء. ومع أن التعاون الإقليمي أمر مطلوب ويساهم في تبادل المصالح المشتركة ويخفف من حدة الاحتقان في المنطقة، إلا أنه نادرا ما يوجد في العلاقات الدولية تعاون اقتصادي بصورة مطلقة وبعيدا عن الاعتبارات والضغوط السياسية، مما يتطلب التنوع في التزود بمتطلبات التنمية، وبالأخص مصادر الطاقة والتي تلعب دورا أساسيا في تحديد مسارات النمو. هناك تنام كبير للغاز في دول المجلس، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في إنتاج الكهرباء والتوسع في الصناعات البتروكيماوية، مما حدا ببعض دول المجلس إلى البحث عن مكامن جديدة، بما في ذلك التفكير في إنتاج الغاز الصخري عالي التكلفة والملوث للبيئة. يحدث ذلك في الوقت الذي تتوفر لدول المجلس فرص أفضل وأقل تكلفة لتلبية احتياجاتها من الغاز، وذلك من خلال إقامة شبكة خليجية متكاملة بين دول المجلس، مما سيعزز النمو في البلدان المصدرة والمستوردة ضمن هذه الشبكة، فبالنسبة للبلدان المصدرة، فإنها ستستفيد من انخفاض تكاليف النقل والتي تشكل نسبة كبيرة من قيمة الغاز، وذلك بفضل إمكانية مد خطوط الأنابيب بين دول متقاربة وفي نطاق جغرافي محدود. أما البلدان المستوردة، فإنه بالإضافة إلى تكاليف النقل المنخفضة، فسوف تحصل على إمدادات غاز مضمونة ولا تخضع لضغوطات سياسية بفضل التحالف والعضوية في مجلس التعاون والذي تجمع دوله مصالح مشتركة وعلاقات تاريخية مميزة، وذلك إلى جانب تلبية احتياجاته من الطاقة لتنمية قطاعاته غير النفطية. ومن ميزات التعاون الخليجي في هذا الجانب أنه لا يتأثر بمحاذير التعاون الإقليمي والخاضع للتقلبات السياسية، فالسوق الخليجية المشتركة أصبح قاسما مشتركا لدول المجلس، كما أن تأثر أي سوق خليجية ستجد لها انعكاسات في الأسواق الخليجية الأخرى، مما يعني أن تكامل أسواق دول المجلس أصبح حقيقة تجد انعكاساتها الإيجابية على كافة البلدان الأعضاء في التجمع الخليجي. ربما هناك محاذير فنية تتخوف منها البلدان المصدرة، أي تلك الخاصة بالأسعار، إلا أن هذه مسألة يمكن تجاوزها بسهولة من خلال اتفاق طويل المدى يحدد الكميات والأسعار على غرار الاتفاق العماني – الإيراني، خصوصا وأن عملية البيع والشراء ستتم من خلال شركات متخصصة وتتعامل من منطلقات تجارية وفق ما هو معمول به في أسواق الطاقة العالمية. إجمالا لا تعاني دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة من نقص في الإمدادات أو الاحتياطيات، بل إن دولة قطر تعتبر واحدة من أكبر مزودي الغاز في العالم إلى جانب روسيا وإيران، وإنما يكمن الأمر في الاحتياجات المتنامية بسرعة في بقية البلدان والتي يمكن لبعضها تطوير مصادرها وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلا أن ذلك سيكون مكلفا، مقارنة بالتزود من خلال الشبكة الخليجية في حالة إقامتها، مما يعني أن لهذه القضية أبعادا تجارية واقتصادية مهمة للغاية. لذلك، فإن هذا التوجه المستبعد حاليا من الأجندة الاقتصادية الخليجية يحمل أبعادا إستراتيجية تتعلق بأمن الطاقة في دول المجلس وما قد يترتب عليه من تحالفات إقليمية تعبر عن مصالح الأطراف المتعاقدة والمتبادلة للمصالح الاقتصادية والتي تحدد الكثير من التوازنات في العلاقات الدولية. انطلاقا من هذه الأهمية، فإنه يمكن إدراج إقامة شبكة الغاز الخليجية على جدول أعمال القمة القادمة لدول المجلس والمزمع عقدها بدولة الكويت نهاية العام الجاري، مما سيشكل نقلة نوعية في صناعة الطاقة الخليجية بشكل خاص والتعاون الخليجي بشكل عام.

345

| 08 سبتمبر 2013

انهيار عملات "بريكس"

هل وصلت تداعيات الأزمة المالية العالمية متأخرة لبلدان مجموعة بريكس ومعهم تركيا لتبدأ عملاتهم في التراجع الكبير والذي يشبه الانهيار؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لا علاقة لها بالأزمة؟ أسئلة مهمة تخص مختلف بلدان العالم، وبالأخص بلدان منطقة الخليج العربي، وذلك بعد أن احتلت الهند والصين رأس قائمة التجارة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي وتحولت إلى أكبر مستورد لصادرات النفط والبتروكيماويات والألمنيوم الخليجية. ذلك يعني أن أي تغيرات كبيرة لاقتصادات هذه البلدان ستترك آثارا على اقتصادات بلدان المنطقة وعلى الاقتصاد العالمي ككل، وهو ما يستوجب الاستعداد له أو تجنب تداعياته إذا ما تدهورت الأوضاع الاقتصادية هناك. من حيث المبدأ لا يرتبط التدهور الحالي في عملات المجموعة بالأزمة المالية العالمية بصورة مباشرة، وإنما بخروج بلدان منطقة اليورو ومعها الاقتصاد العالمي من عنق زجاجة الأزمة وأوجد ظروفا مستجدة وغير كثيرا في أمزجة وتوجهات المستثمرين الذين حزموا حقائبهم في بداية الأزمة نحو الاقتصادات سريعة النمو، مما رفع الطلب بصورة كبيرة على عملاتها الوطنية والتي ارتفعت تجاه العملات الرئيسية في العالم. مؤخرا وبعد بروز العديد من المؤشرات للنمو الإيجابي لمنطقة اليورو والولايات المتحدة وبريطانيا والذي ترافق مع مخاوف بشأن تباطؤ اقتصادات بلدان بريكس بالإضافة إلى تركيا أثار مخاوف المستثمرين من إمكانية انخفاض قيمة الأصول في هذه البلدان والمقيمة بالعملات المحلية والتي كانت تعاني في الأصل بسبب ارتفاع معدلات التضخم والذي وصل إلى 9.3% في الهند لعام الماضي، مما شكل ضغوطا كبيرة على الروبية والتي انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 20% منذ يناير 2012 تجاه الدولار، حين انخفضت الليرة التركية إلى مستوى قياسي لتقترب من ليرتين للدولار، وذلك إلى جانب الانخفاض الكبير في العملة الروسية، في الوقت الذي حافظت فيه العملة الصينية المنخفضة أصلا على تماسكها. وتملك البلدان المنطقة، وبالأخص دول الخليج العربية استثمارات ضخمة في تلك البلدان، حيث مازالت هذه الأصول تدر عوائد جيدة، وذلك رغم انخفاض قيمتها عند معادلتها بالعملات الأجنبية أو الخليجية، إلا أن ما يكتسي أهمية أكبر هنا هو انخفاض معدلات النمو في الهند والصين عن المستويات المرتفعة التي بلغتها في السنوات الأخيرة، وذلك رغم أن هذه المعدلات مازالت مرتفعة نسبيا. وإذا ما استمرت حالة التباطؤ، فإن ذلك سينعكس على صادرات دول المجلس لهذه البلدان، وبالأخص الصادرات النفطية ومنتجات البتروكيماويات والتي تشكل عمود الصادرات الخليجية والتي تواجه إجراءات حمائية في الأسواق الأوروبية، مما يعني أنه من صالح دول مجلس التعاون الخليجي مساعدة بلدان بريكس على تجاوز أزمة العملات. ومع أن هناك جوانب إيجابية لعملية الانخفاض تتمثل في إمكانية زيادة الصادرات، إلا أن المبالغة في الانخفاض ستكون له جوانب سلبية كثيرة، مما يتطلب من بلدان بريكس إعادة النظر في سياساتها النقدية للحد من التضخم ودعم عملاتهما الوطنية. صحيح أنه لا تتوفر لديها نفس الأدوات النقدية المتوفرة لدى كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أن أوضاعها المالية مازالت من القوة بحيث يمكن توجيه السياسة النقدية بما يتناسب ومصالحهم ومصالح شركائهم الأساسيين. وإضافة إلى ذلك، فإن البيروقراطية والفساد والقيود المعقدة، بما فيها قيود المصارف المركزية مازالت تشكل عوائق أساسية أمام الاستثمارات الأجنبية وتشكل عامل طرد إضافي يساعد على إعادة النظر في توجهات المستثمرين الأجانب. إذن المطلوب من بلدان المنطقة التقليل من التداعيات المحتملة لانهيار عملات بلدان بريكس والتي قد يكون مؤقتا، حيث مازالت هذه البلدان تملك مقومات نمو قوية، إلا أن إعادة التقييم أمر مطلوب بين فترة وأخرى في العلاقات الدولية، وذلك بناء على المستجدات والتطورات المتلاحقة.

347

| 01 سبتمبر 2013

تطور شركات الطيران الخليجية

في العام الماضي أطلق رئيس شركة لوفتهانزا الألمانية كريستوف فرانز تصريحات هستيرية ضد شركات الطيران الخليجية قائلا: "إن كل ما يجيده الخليجيون هو إقامة شركات طيران في الصحراء وإطلاقها بأسعار تنافسية في الأسواق الدولية". حينها أشرنا إلى أن هذه التصريحات تعبر عن انزعاج أوروبي عام من النجاحات الكبيرة التي حققتها شركات طيران الإمارات والاتحاد والقطرية، وذلك بعد جهود سنوات من العمل المتواصل والذي أوصل هذه الشركات إلى مد خطوطها لقارات العالم وتقديم أفضل الخدمات للمسافرين، مما أهلها للمنافسة واكتساب ثقة المسافرين، بمن فيهم الأوروبيون. وبدلا من أن يأخذ رئيس لوفتهانزا بعين الاعتبار التطورات المتلاحقة في العلاقات الاقتصادية الدولية، والتي يأتي من ضمنها انتهاج سياسة الأجواء المفتوحة واشتداد المنافسة وأن يعمد إلى معالجة الخلل الذي أصاب إدارة شركته، فإنه لجأ إلى الحل الأسهل، وهو انتقاد الشركات الأخرى التي استوعبت هذه التغيرات، علما بأن الأمر لا يتوقف على إقامة شركات طيران فحسب، إذ إن ذلك لا يكفي لتحقيق النجاح، فدول مجلس التعاون الخليجي استثمرت أكثر من 50 مليار دولار في السنوات القليلة الماضية في إقامة بنية متطورة لأنشطة الطيران، وبالأخص التوسعات الكبيرة التي شهدتها مطارات أبو ظبي ودبي والدوحة. مؤخرا أعاد السيد فرانز تقييم موقفه وصرح قائلا إن شركة لوفتهانزا التي يديرها تسعى إلى التعاون وإيجاد شراكات مع شركات الطيران الخليجية، وهو ما يمثل عين الحكمة ويعود بالفائدة على مؤسسته وعلى الشركات الخليجية التي تحقق النجاح تلو الآخر وتتطور بصورة لافتة للنظر وتثير الإعجاب، وهو يعرف قبل غيره من أن مجالات التعاون متوفرة ومتعددة وأن هناك شركة ألمانية أخرى هي "اير برلين" استفادت كثيرا من شراكتها وتعاونها مع الاتحاد للطيران بأبو ظبي، وأنه لولا هذا التعاون لفقدت الشركة الألمانية قدرات تنافسية مهمة. وفي هذا الصدد تمكن للوفتهانزا الاستفادة من تجربة شركة كوانتس الأسترالية وتعاونها مع طيران الإمارات.. لذلك، فإن شركات الطيران الخليجية الثلاث لم تتحول إلى شركات عالمية فحسب، وإنما أصبح التعاون معها من قبل الشركات الأخرى طريقا للنجاح، وهو ما استوعبته العديد من إدارات شركات الطيران في العالم والتي كان آخرها إدارة لوفتهانزا. أما أوجه التعاون والشراكات فهي متعددة وتشمل نقل الركاب والشحن الجوي والترانزيت وتسهيل تبادل المقاعد، إذ عادة ما ترحب الشركات الخليجية بمثل هذا التعاون، وذلك رغم قوة موقعها وقدراتها التنافسية ومستوى الخدمات الراقية التي تقدمها. هذا هو الاستيعاب الصحيح لعالم المنافسة في الأجواء المفتوحة والذي يعتبر جزءا من عالم العولمة الذي أدى إلى انفتاح الأسواق وزيادة شدة المنافسة، حيث لا يمكن إيقاف هذا المد العالمي الجديد من خلال الانزعاج من نجاحات الآخرين، وإنما من خلال التعاون معهم والاستفادة من خبراتهم، خصوصا وأن أهم شركتين لصناعة الطيران في العالم، وهما الإيرباص الأوروبية وبوينغ الأمريكية أصبحتا تعتمدان بصورة متزايدة في تسويق طائراتهما الحديثة على شركات الطيران الخليجية والتي تستحوذ على أكثر من %80 من مبيعاتها في الشرق الأوسط. عالم الطيران والمنافسة في الأجواء سوف يشهد في السنوات القادمة المزيد من التغيرات والتي لا بد من استيعابها والتعامل معها بما يتناسب وما يشهده العالم من تغيرات تقلب الموازين السابقة وتبرز معها قوى ومؤسسات جديدة تعكس موازين القوى الاقتصادية في عالم متغير، حيث تتطلب الحكمة التعامل مع هذه التغيرات بما يتناسب والمستجدات الدولية.

480

| 25 أغسطس 2013

قفزة أسواق المال الخليجية

أشرنا في مقالة سابقة بداية هذا العام إلى أن أسواق المال الخليجية "البورصات" تخلفت عن اللاحق بركب القفزات التي حققتها أسواق المال الأوروبية والآسيوية والأمريكية الشمالية والتي عادت جميعها إلى مستويات ما قبل الأزمة مع بداية العام، حيث تجاوز مؤشر الفايننشال تايمز 6500 نقطة وكذلك مؤشر داو جونز الذي تجاوز 15 ألف نقطة. ولم يمض وقت طويل حتى لحقت أسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي بركب الأسواق العالمية لتحقق قفزات متتالية وبالأخص بعد إدراج سوقي أبوظبي ودبي وسوق الدوحة للأوراق المالية ضمن الأسواق الناشئة بعد سنوات من المحاولات التي أجلت أكثر من مرة. وخلال شهر رمضان وحده ارتفع سوق دبي بنسبة كبيرة بلغت 14% وسوق أبوظبي بنسبة 7% وكذلك بقية أسواق دول المجلس والتي وصلت إلى مستويات ما قبل الأزمة في سبتمبر من عام 2008. حدثت هذه الارتفاعات رغم استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مما يعكس ثقة المستثمرين، بما فيهم الأجانب بأسواق دول المجلس والتي تشهد استقرارا في أوضاعها الاقتصادية والأمنية، مما يؤهلها لاستقطاب المزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. وبانضمام أسواق أبوظبي ودبي والدوحة لمؤشر الأسواق الناشئة، فإن ذلك يخلق ظروف استثمارية مستجدة تتيح إمكانات كبيرة لتطوير قدراتها وقدرة الشركات المدرجة فيها لتحقيق مستويات أداء عالية في الفترة القادمة، في حين يشكل ذلك دافعا لبقية دول المجلس لتعديل أوضاعها لتستجيب لمتطلبات الانضمام للأسواق الناشئة للوصول إلى انسجام أكثر بين أسواق دول المجلس التي أصبحت تشكل سوق مشتركة وجاذبة للاستثمار. أما سوقا الإمارات وسوق الدوحة، فإن عملية الانضمام المتوقع استكمالها في الأشهر القليلة القادمة، فإنها المحافظة على انضمامها تضعها أمام تحديات عديدة تتعلق باستكمال التشريعات والأنظمة المتعلقة بالإدراج والإفصاح والشفافية والتي ستكسبها المزيد من ثقة المتعاملين وتتيح لها التحضير للالتحاق بالأسواق المتقدمة. وضمن عملية التطوير، فإن أسواق دول المجلس كافة ما زالت بحاجة للشركات صانعة السوق والتي تلعب دورا كبيرا في استقرار الأسواق وتطورها بصورة طبيعية وتحد من المضاربات العشوائية التي تضعضع الثقة وتشكل عامل طارد للاستثمارات، بما فيها الاستثمار المؤسسي والذي يشكل بدوره عامل استقرار مهما. ويبدو أن الأسواق الثلاثة إضافة إلى بقية أسواق دول مجلس التعاون تملك القدرات اللازمة لتطوير بنيتها التشريعية التي تمكنها من تحقيق المزيد من المكاسب، إذ يتوقع أن تستمر عملية صعود الأسواق في الأشهر لقادمة، خصوصا أن الشركات المدرجة، وبالأخص البنوك والشركات العقارية حققت نتائج فاقت التوقعات في الربع الثاني من العام الجاري، حيث يتوقع أن يستمر هذا التحسن في الأداء في الربعين الثالث والرابع. ومع أن مرحلة الصعود ستتخللها فترات تصحيح بين فترة وأخرى، وهي ظاهرة صحية للحد من المضاربات الضارة وتعزيز مواقع الاستثمار المؤسسي الذي دخل بقوة واستقطب المزيد من الاستثمارات، إلا أن أداء معظم الشركات المدرجة والأوضاع الاقتصادية الجيدة في دول المجلس تشير إلى أن الاتجاه التصاعدي لأسواق دول المجلس سيكون هو الغالب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عمليات الإدراج للشركات الجديدة والتي كانت شبه متوقفة في الأسواق الخليجية في السنوات الخمس الماضية ستستأنف من جديد، حيث يتوقع أن يتم إدراج شركات جديدة، وبالأخص في الإمارات والسعودية وقطر، مما سيشكل عامل إنعاش إضافي لأسواق المال في دول المجلس، وذلك بعد فترة من الركود في الإصدارات الجديدة. ورغم إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع والتي قد تؤثر في قرارات المستثمرين، إلا أنه لا توجد بوادر حتى الآن لرفع أسعار الفائدة على العملات الرئيسية في العالم، بما في ذلك الدولار الأمريكي الذي ترتبط به معظم عملات دول المجلس، مما يعني أن الآفاق العامة لنمو أسواق المال الخليجية تبدو إيجابية لحد بعيد في الفترة القادمة.

339

| 18 أغسطس 2013

مستجدات النفط والغاز الصخريين

مازالت عملية إنتاج النفط والغاز الصخريين تثير الكثير من الجدل، وبالأخص في البلدان الأوروبية، سواء من حيث تأثيرها على مستقبل إمدادات الطاقة وأسعار النفط أو بتأثيراتها البيئية الضارة والتي تنبه بمخاطرها المنظمات المدافعة عن البيئة وتطالب بوقف عملية الإنتاج. ولمعرفة مدى التفاوت في المواقف بين البلدان الأوروبية يمكن الإشارة إلى تصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في العيد الوطني والذي أشار فيه إلى أن إنتاج النفط الصخري سوف لن يتم في فرنسا ما دام رئيسا، أي خلال السنوات الثلاث القادمة أو الثماني سنوات إذا ما أعيد انتخابه. في المقابل تقدم جارته بريطانيا تسهيلات كثيرة للشركات العاملة في إنتاج الغاز والنفط الصخريين، حيث قررت مؤخرا تخفيض الضرائب على إنتاج الغاز الصخري بنسبة كبيرة من 62% إلى 30%، مما يعد واحدا من أقل نسب الضرائب على إنتاج الغاز في العالم، وذلك رغم الاحتجاجات من قبل أنصار البيئة والتحذيرات الخاصة بالانبعاثات الغازية الضارة. من جانبها تسير عملية إنتاج الغاز الصخري بوتيرة سريعة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحولت إلى مصدر للغاز بفضل التطور السريع الذي شهدته عملية الإنتاج في السنوات القليلة الماضية، أما ألمانيا واليابان، فإن التردد والمخاوف البيئية ما زالت تشكل هاجسا لمتخذي القرار. والحقيقة أن لهذا الجدل الحامي ما يبرره، فهذه البلدان بحاجة ماسة لتنويع مصادر احتياجاتها من الطاقة وتقليل اعتمادها على الخارج، وبالأخص من منطقة الشرق الأوسط المضطربة، في الوقت الذي سيترتب على عملية تكسير الصخور نتائج بيئية كارثية تتمثل في تلوث الهواء بسبب تسرب الغازات وكذلك تسمم مصادر المياه الجوفية وتشكل زلازل قد تصل إلى 5 درجات بسبب طريقة الإنتاج التي تترتب عليها فراغات وضغوط على الطبقات الأرضية. ومع أن دول الخليج قد لا تضطر إلى إنتاج النفط والغاز الصخريين بفضل احتياطياتها الكبيرة وبسبب التكلفة العالية للإنتاج الصخري، إلا أنها لابد أن تراقب عن كثب الجدل الدائر والذي يمكن أن يؤدي إلى التأثير على أسعار النفط في الأسواق العالمية باتجاه انخفاض هذه الأسعار وهو ما حدث بالفعل من خلال لانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار الغاز بعد تضاعف إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة. أما البلدان النامية الأخرى، ومن ضمنها البلدان العربية غير النفطية، فإنه رغم توفر النفط والغاز الصخريين في أراضيها، إلا أن معظمها لا يملك الأموال اللازمة للاستثمار في هذا المجال، وذلك رغم ارتفاع الطلب على للطاقة، مما يعني أن إنتاج النفط والغاز الصخريين سوف يقتصر في الوقت الحاضر على الأقل على البلدان الغنية التي تملك قدرات تمويلية، بما فيها بعض البلدان الناشئة، كالصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية والتي لا يشكل أنصار البيئة فيها قوة ضغط مؤثرة، كما هو الحال في أوروبا والولايات المتحدة، مما سيسهل من عملية التوسع في الإنتاج. إذن يقف العالم على أعتاب تطور مثير في إنتاج الطاقة، وذلك بفضل التطور التكنولوجي، فإذا ما تمكنت البلدان المتقدمة من حسم مواقفها مع المنظمات المدافعة عن البيئة، فإن التأثيرات في صناعة الطاقة ستكون كبيرة، أما في حالة ما تمكنت هذه المنظمات من عرقلة عملية التوسعات الإنتاجية، فإن هذه التأثيرات ستكون أقل شأنا. من خلال التفاوت ما بين الموقفين الفرنسي والبريطاني وما بينهما من مواقف أوروبية غير واضحة يتضح أن هذه المعركة بين المؤيدين والمعارضين لإنتاج النفط والغاز الصخريين ستكون معقدة وطويلة، خصوصا أن منظمات أنصار البيئة أصبحت رقما انتخابيا مؤثرا في البلدان الأوروبية لا يمكن تجاهله، وذلك بعد أن أصبحت طرفا رئيسيا في التشكيلات الحكومية في العديد من البلدان الأوروبية، حيث سيتوقف على هذا التفاوت مستقبل إنتاج الغاز والنفط الصخريين وتأثيراتهما على الإمدادات والأسعار أو كما يقول وزير الطاقة الأمريكي من أنهما سيغيران شكل تجارة الطاقة وسيولدان تداعيات جيو – سياسية عديدة.

458

| 11 أغسطس 2013

إفلاس ديترويت

مع أن إعلان إفلاس مدينة ديترويت الأمريكية يأتي ضمن خطوة لحمايتها من الدائنين، وهي أكبر مدينة تعلن إفلاسها في الولايات المتحدة حتى الآن، حيث بلغ حجم الديون المترتبة عليها 18 مليار دولار تقريبا، إلا أن هذا الإعلان يحمل بين طياته الكثير من العبر والدروس التي يمكن أن تستفيد منها بلدان العالم ومدنه، فمدينة ديترويت ظلت وعلى مدى خمسة قرون عاصمة عالمية لصناعة السيارات، إذ تواجدت فيها أهم ثلاث شركات لصناعة السيارات الأمريكية، وهي جنرال موتورز وكرايسلر وفورد. ولم تستغل مدينة ديترويت الواقعة في ولاية ميشيجان العصر الذهبي لصناعة السيارات الأمريكية، وهو عصر طويل نسبيا امتد لنصف قرن، فوقعت في خطأين رئيسيين، الأول أن أنشطتها الاقتصادية اقتصرت أساسا على صناعة السيارات والخدمات المرتبطة بها ولم تحاول تنويع اقتصاد المدينة واستغلال كونها ولاية أمريكية تتمتع بوجودها ضمن أكبر سوق في العالم. وثانيا، في الوقت الذي زحف فيه الترهل تدريجيا لصناعة السيارات الأمريكية والتي أصيبت بنوع من الغرور، كانت صناعة السيارات في البلدان الأخرى، وبالأخص في ألمانيا واليابان تحقق تقدما سريعا من خلال تطوير هذه الصناعة وإدخال تقنيات جديدة، في حين ظلت صناعة السيارات الأمريكية معتمدة على تاريخها العريق الذي تجاوزه الزمن وطالته عمليات فساد أضرت به كثيرا. ومع أن إدارة المدينة انتبهت للتغيرات التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة وأدخلت تغيرات تقنية مهمة في السنوات القليلة الماضية، إلا أن الوقت كان متأخرا، حيث تغيرت أصول اللعبة ودخل السوق وبقوة منافسون جدد، ككوريا الجنوبية والبرازيل ومؤخرا الصين، وذلك إضافة إلى المنافسين التقليدين في أوروبا واليابان. والنتيجة كانت كارثية على مدينة ديترويت، حيث تعتبر هذه الأزمة انعكاسا لأزمة صناعة السيارات الأمريكية من جهة وأزمة هذه المدينة من جهة أخرى والتي هجرها معظم سكانها والذي يبلغ الآن 700 ألف نسمة، مقابل أكثر من مليونين قبل الأزمة، كما أن هناك ما يقارب من 80 ألف منزل وبناية سكنية وتجارية إما أنها هدمت أو أصبحت خالية، بحيث تبدو الصور وكأن المدينة قد تحولت إلى مدينة أشباح بطيئة الحركة وتدهورت فيها مستويات الخدمات الضرورية، مما يعني أن مزيدا من السكان سوف يرحلون عنها في الفترة القادمة، خصوصا وأن الضرر ربما يطال المتقاعدين أيضا، إذ يدور الحديث حاليا عن إمكانية إلغاء معاشات التقاعد، وذلك رغم أن هذه المعاشات تتمتع بحماية الدستور. يحدث ذلك في مدينة أمريكية وفي أغنى دولة في العالم، فما هو الحال إذا ما تكرر ذلك في دولة نامية وفقيرة، إذ إن العواقب ستكون وخيمة، مما يتطلب الاستفادة من هذه التجربة ومن تجارب أخرى غنية، فمدينة مانشستر البريطانية والتي كانت مركزا عالميا لصناعة الأقمشة كادت أن تنهار بعد أن انهارت فيها هذه الصناعة بسبب المنافسة الخارجية والتي أزيحت من خلالها إنجلترا كأكبر مصدر للأنسجة في العالم، إلا أن القائمين عليها اتخذوا خطوات سريعة لتنويع اقتصاد المدينة والتي تحولت مع مرور الوقت إلى مركز للتعليم الجامعي، مثلها مثل مدن عريقة، كأكسفورد وكامبردج، وذلك إلى جانب تنمية قطاعات خدمية وإنتاجية أخرى مربحة، مما جنب المدينة الانهيار ووضعها من جديد بقوة على خارطة الاقتصاد البريطاني. بالتأكيد ليس من السهل القيام بعملية التنوع أو التحول من مركز لقطاع اقتصادي معين إلى قطاع آخر، إلا أن استشفاف المستقبل ومراعاة التحولات التكنولوجية والعلمية التي تؤدي إلى إحداث تغيرات في طبيعة السلع المستهلكة ومدى تلبيتها لاحتياجات المستهلكين في ظل ثورة المعلومات مسألة مهمة للحفاظ على النمو والبقاء ضمن دائرة المنافسة، حيث تعتبر الصعوبات التي تمر بها شركة "نوكيا" الفنلندية لصناعة الهواتف المتحركة مثال آخر على سرعة هذه التغيرات التكنولوجية والتي لابد من مجاراتها والتأقلم معها من خلال تطوير الأدوات الإدارية والاهتمام بالابتكارات والمواهب القادرة على الاختراع والإبداع.

841

| 05 أغسطس 2013

بريطانيا.. تحديات اقتصادية

تواجه بريطانيا في الفترة القادمة تحديين يهددان كيانها الاقتصادي وقوة أسواقها المالية، باعتبار لندن أهم سوق مالي في العالم إلى جانب نيويورك وجنيف وفرانكفورت، حيث يتمثل هذان التحديان في سعي بعض القوى اليمينية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي ومحاولات القوميين الاسكتلنديين للانفصال عن المملكة المتحدة. وحول هذين الأمرين من المتوقع أن ينظم استفتاءان سيتوقف عليهما مستقبل بريطانيا الاقتصادي والسياسي، إذ تهيمن على هذين التوجهين بعض النعرات القومية البعيدة عن الظروف الموضوعية التي تعبر عن حقيقة المصالح المتحققة. وفيما يتعلق بالمسألة الأولى الخاصة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فإنه رغم الاستقلال النسبي لبريطانيا عن السياسات الاقتصادية الأوروبية لكونها ليست عضوا في العملة الأوروبية الموحدة " اليورو " إلا أنها مرتبطة بصورة وثيقة مع بقية المكونات الاقتصادية الأوروبية، وبالأخص في المجال التجاري، حيث تستحوذ تجارة بريطانيا مع بلدان الاتحاد على نسبة تتراوح ما بين 78-80 من التجارة الخارجية البريطانية. وتتمتع هذه النسبة الكبيرة من قيمة التجارة الخارجية للندن بإعفاءات جمركية بفضل الاتحاد الجمركي بين بلدان الاتحاد، علما بأن هناك حرية تامة لانتقال الاستثمارات والأيدي العاملة، إذ تعتبر بريطانيا من أكثر البلدان استقطابا لرؤوس الأموال الأوروبية، وذلك بحكم موقعها المالي ونشاط قطاعها العقاري المنظم تنظيما جيدا. لذلك، فإن أي حديث عن الانسحاب من الاتحاد سوف يلغي هذه التسهيلات ويعيد علاقة بريطانيا ببقية البلدان الأوروبية إلى المربع الأولى وستتعرض صادراتها لعوائق جمركية، مما سيضعف قدراتها التنافسية في الأسواق الأوروبية ويؤدي إلى تراجع الصادرات في الوقت الذي هي بحاجة لدعم أسواقها الخارجية لاستعادة الحيوية لقطاعات الإنتاج والخدمات هناك. لقد وصلت بلدان الاتحاد الأوروبي إلى درجة عالية من التنسيق والتكامل الاقتصادي بحيث أصبح من الصعب انفراد دولة واحدة باتخاذ مثل هذا القرار في حالة معالجة القضية بصورة موضوعية بعيدة عن التشنج القومي أو المزايدات الانتخابية، في الوقت الذي تدعم فيه الحكومة وقطاع الأعمال بقاء بريطانيا في مؤسسات الاتحاد، وبالأخص الاقتصادية منها، وذلك لعلمهم الأكيد بالعواقب التي يمكن أن تترتب على عملية الانسحاب. أما التحدي الآخر، فإنه يكمن في الاستفتاء المقرر في اسكتلندا والخاص بانفصالها عن بريطانيا والذي يروج له لحزب القومي الاسكتلندي والذي تبدو مواقفه متناقضة، ففي الوقت الذي يغض فيه النظر إلى المصالح والروابط الاقتصادية الاسكتلندية من خلال الاندماج التام ضمن المكون الاقتصادي البريطاني، فإنه يدعو إلى زيادة اندماج اسكتلندا في السوق الأوروبية المشتركة، بل والانضمام إلى العملة الأوروبية الموحدة، مما يعني أن موقف الحزب لا ينطلق من المصالح الاقتصادية، بقدر الانطلاق من مواقف قومية والسعي إلى الانفصال عن بريطانيا بأي ثمن. يحدث ذلك في بلد أوروبي متقدم في كافة المجالات، في الوقت الذي تتطلب فيه الظروف الدولية ومتطلبات العولمة معالجة القضايا الاقتصادية بمرونة وبرغماتية تعبر عن المصالح أكثر من تعبيرها عن تطلعات قومية لا تتناسب والتوجه العالمي نحو التكامل الاقتصادي، حيث يشهد العالم بروز تكتلات اقتصادية كبيرة وقادرة على المنافسة في ظل انفتاح الأسواق وإلغاء الحواجز المعيقة لحركة التجارة وانتقال رؤوس الأموال عبر القارات. وفي المنطقة العربية تشكل مثل هذه القناعات عوائق حقيقية أمام التعاون الاقتصادي، حيث تساهم النزاعات العرقية والإقليمية في إضعاف العلاقات الاقتصادية وتفقد بسببه بلدان المنطقة فرص استثمارية وقدرات تصديرية كبيرة يمكن أن تساهم في إقامة المزيد من المشاريع وترفع من القدرات التنافسية في الأسواق وتوفر ملايين فرص العمل وتؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة، مما يعني أن النمو الاقتصادي والتنمية بحاجة لتقييم موضوعي ولنظرة برغماتية تستجيب للتغيرات الدولية وتغلب من خلالها المصالح بصورة أساسية.

480

| 21 يوليو 2013

إيران والمقاطعة الاقتصادية

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر بلدان العالم استخداما للمقاطعة الاقتصادية لتحقيق أهداف سياسية وإستراتيجية، إلا أن معظم هذه المحاولات واجهتها صعوبات بالغة، إما بسبب عدم جدية واشنطن في فرض هذه العقوبات أو بسبب عدم نضوج الظروف الخاصة بنجاحها لوجود البدائل التي تقلل من أهميتها. وتعد العقوبات الأمريكية المفروضة على كوبا والمستمرة منذ أكثر من خمسين عاما من أشهر هذه العقوبات والتي كان آخرها تلك المفروضة على إيران، وبالأخص على صادرات النفط الإيرانية والتي أثرت في البداية في حجم الصادرات وأدت إلى تدهور الاقتصاد الإيراني وانهيار عملته الوطنية " التومان ". وبغض النظر عن إيجابية العقوبات أو سلبيتها من وجهات النظر المتعددة، إلا أن متابعة تطورها تشير إلى أنها تدخل ضمن عملية الشد والجذب بين واشنطن وطهران، وفقا لتطور مفاوضات برنامج إيران النووي من جهة وتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى، مما يضع موضع الشك فعالية هذه المقاطعة. ففي البداية أصدر البيت الأبيض قرارا يعاقب فيه مستوردي النفط الإيراني، حيث أدى ذلك إلى التزام معظم الدول بالمقاطعة وانخفاض صادرات النفط من إيران بنسبة 50%، مما ترك آثارا شديدة على الاقتصاد وهددت معه طهران بإغلاق مضيق هرمز إذا ما توقفت صادراتها. ونتيجة لذلك انخفضت واردات اليابان من النفط الإيراني بنسبة 50% والصين والهند وكوريا الجنوبية بنسبة تتراوح ما بين 25- 30%، وهي البلدان الرئيسية المستوردة من إيران، إلا أن ارتفاع الأسعار أدى إلى التأقلم مع هذا التراجع، وذلك رغم تداعياته المؤلمة. حدث ذلك في الوقت الذي فشلت فيه مفاوضات 5+1 حول البرنامج النووي وازدادت فيه نفقات إيران العسكرية، وبالأخص بعد زيادة تورطها في النزاع السوري الداخلي وتمويلها لعمليات "حزب الله" اللبناني وتعويض النظام السوري عن الخسائر الكبيرة التي تعرض لها نتيجة للحرب الأهلية هناك، هذا عدا تورطها في نزاعات إقليمية أخرى، كاليمن ودعمها لمنظمات موالية لها في بلدان الخليج العربي. في ظل هذا التدهور في الأوضاع المالية الإيرانية استثنت الولايات المتحدة العام الماضي الصين والهند، وهما من أكبر مستوردي النفط الإيراني من العقوبات، تلتها بقرار آخر يقضي باستثناء عشرة بلدان آسيوية من بينها كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة من مقاطعة النفط الإيراني، مما يعني أن قرار المقاطعة الأمريكية ألغي من الناحية العملية، إذ أن هذه البلدان تستورد أكثر من 65% من صادرات النفط الإيرانية. وفي الشهر الماضي استثنت الولايات المتحدة صادراتها لإيران من بعض أنواع التقنيات الحديثة، وهو أمر آخر يضع جدية هذه المقاطعة على المحك، إذ يتزامن ذلك أيضاً مع جولة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول جدوى هذه المقاطعة التي تثار من حولها ضجة إعلامية كبيرة. وبالإضافة إلى الجوانب السياسية والمساومات الخاصة بالمقاطعة الاقتصادية، فإن هناك مافيات السوق السوداء والتي تستفيد من عمليات تهريب النفط والمنتجات النفطية عبر بلدان أخرى ومن خلال شركات تجني أرباحا طائلة من وراء عمليات التهريب بغض النظر عن تفاوت مواقفها السياسية والتي قد تصل لحد العداء. فبعد غزو الكويت ومقاطعة النفط العراقي أسس نجلا رئيسا البلدين في التسعينيات، شركة مشتركة لتهريب النفط العراقي وتصديره عبر إيران رغم العداء المستحكم بين البلدين في ذلك الوقت. من هنا لا يمكن التعويل كثيرا على المقاطعات الاقتصادية، فهناك مساومات سياسية وأخرى تتعلق بالمصالح والمضاربات وعمليات التهريب التي تجمع الأعداء بفضل تلاقي المصالح الهائلة التي تدار ببراجماتية لا تعترف بغير سطوة المال وتعظيم المكاسب والأرباح.

963

| 16 يوليو 2013

آفاق التعاون الخليجي الأوروبي

تتمتع بلدان أوروبا الشرقية ببعض الخصوصيات، وذلك رغم انضمامها للاتحاد الأوروبي، إذ أنها تمتلك ثروات طبيعية هائلة لم تستغل بصورة مثلى حتى الآن، فالأنظمة السابقة لم تملك القدرة اللازمة لاستثمار الفرص المتوافرة بسبب هيمنة الدولة على الاقتصاد والانغلاق على الاستثمارات المحلية والأجنبية الخاصة، إذ ظل الكثيرمن مجالات الاستثمار مهملة لفترة طويلة. ومع انهيار المعسكر الشرقي ورفع القيود عن الاستثمارات المحلية والأجنبية، ومن ثم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي انفتحت آفاق واسعة للتعاون الاقتصادي والاستثماري في بلدان أوروبا الشرقية، خصوصا وأنها لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية العالمية وأزمة منطقة اليورو، إذ أنها ظلت بعيدة نسبيا عن هذه الأزمات، وذلك بسبب ضعف اندماجها بالنظام المالي العالمي وعدم انضمام معظمها للعملة الأوروبية الموحدة حتى الآن. من هنا جاء الاهتمام الخليجي بزيادة التعاون الاقتصادي والاستثماري مع هذه المجموعة من البلدان والتي تعتبر إلى جانب أهميتها الاقتصادية سوقا واعدة للصادرات الإماراتية والخليجية ومصدرا مهما للمواد الغذائية لدول المجلس. وضمن نطاق هذا الاهتمام، فقد ذكرت صحيفة البورصة الرومانية نقلا عن وزير الاقتصاد والتجارة والأعمال الروماني أن الإمارات تعتبر الشريك التجاري الأول لرومانيا في منطقة الخليج، حيث ارتفع التبادل التجاري بينهما بنسبة 83% خلال عامين ليصل الى 530 مليون دولار عام 2011 مقابل 290 مليون دولار في عام 2009 و340 مليون دولار في عام 2010. وبالإضافة إلى دولة الإمارات وقعت دول مجلس التعاون اتفاقيات عديدة لتنمية التعاون الاقتصادي وإقامة مشاريع مشتركة مع بعض بلدان أوروبا الشرقية، كالتعاون ما بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية واتفاقيات الطاقة بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية. لذلك، فإن آفاق التعاون بين الجانبين تبدو واعدة إلى حد بعيد، ففيما يتعلق بدولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، فإن زيادة التعاون الاقتصادي مع بلدان أوروبا الشرقية يمكن أن يحقق العديد من المكاسب، فأولا سيفتح مثل هذا التوجه أسواقا كبيرة للمنتجات الخليجية من البتروكيماويات والألمنيوم ومشتقات النفط. وثانيا، فإنه يتوقع أن تتوافر لدول المجلس وصناديقها السيادية فوائض نقدية كبيرة بفضل استمرار بقاء أسعار النفط عند معدلات مرتفعة في الفترة القادمة، حيث يمكن توجيه جزء من هذه الفوائض للاستثمار في بلدان أوروبا الشرقية لتحقيق عوائد جيدة ولتنويع المساحة الجغرافية للاستثمارات الخليجية في الخارج، وبالتالي تقليل المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، مثلما حدث أثناء الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي مؤخرا. وثالثا يمكن أن يساهم مثل هذا التوجه في المساهمة في تحقيق بعض التوجهات الاستراتيجية لدول المجلس، كتحقيق الأمن الغذائي، فبلدان أوروبا الشرقية تملك أراضي زراعية شاسعة لم تستغل حتى الآن وتتوافر فيها مصادر المياه. ورابعا، يمكن لبلدان أوروبا الشرقية أن تكون مصدرا للمواد الخام اللازمة لبعض الصناعات الخليجية وبأسعار مناسبة، كالحديد وصناعة المواد الغذائية، وذلك إلى جانب التعاون التقني والعلمي في العديد من المجالات، بما فيها مجال تطوير مصادر الطاقة البديلة والذي يوليه الجانبان أهمية كبيرة. وفي هذا الجانب يمكن لبلدان أوروبا الشرقية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي السعى للإسراع في توقيع اتفاقية المنطقة التجارية الحرة بين المجموعتين الخليجية والأوربية والتي ما زالت معلقة منذ أكثر من عشرين عاما. أما البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كروسيا الاتحادية وبلاروسيا، فإنه يمكنها توقيع مثل هذه الاتفاقية مع دول مجلس التعاون الخليجي، مما سيكون له انعكاسات إيجابية على التعاون الاقتصادي بين هذه الأطراف. ولنجاح هذ المساعي، فإن الأمر يتطلب وضع الأسس اللازمة لعلاقات اقتصادية وتجارية مستقبلية تعبر عن مصالح الطرفين، وهو أمر ممكن ويحمل بين طياته آفاقا مستقبلية واعدة للمجموعتين الخليجية والأوربية الشرقية.

690

| 14 يوليو 2013

الخليج والتنمية المتوازنة

تشكل التنمية المتوازنة بين المناطق الجغرافية قضية أساسية على جدول أعمال البرامج الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص للبلدان الكبيرة نسبيا، كالإمارات والسعودية وعمان، حيث تملك كل دولة تجربة في تنمية المراكز البعيدة عن المدن الرئيسية. وفي الوقت الذي تتواجد في هذه المناطق مواقع الإنتاج الرئيسية للثروات الطبيعية، كالنفط والغاز ومكامن الذهب والنحاس، فإن نصيبها من الاستثمارات في القطاعات غير النفطية ما زال متواضعا، إما بسبب نقص البنى التحتية وإما بسبب تفضيل المستثمرين في القطاع الخاص مراكز الإنتاج في المدن الرئيسية. ونظرا للعديد من التغيرات تبذل بعض دول المجلس حاليا جهودا لإيجاد تنمية متوازنة بين مناطقها الجغرافية، حيث تعتبر تجربة الإمارات نموذجا للعمل المتواصل لإيجاد تنمية متوازنة ليس بين إمارات الدولة فحسب، وإنما بين المناطق المتباعدة داخل كل إمارة، إذ تتبادر للأذهان بشكل خاص تجربة إمارة أبوظبي لتطوير المنطقة الغربية. ومنذ تسلم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان – ممثل الحاكم في المنطقة الغربية زمام الأمور هناك تحولت هذه المنطقة إلى ورشة عمل كبيرة تنفذ من خلالها عشرات المشاريع التنموية في مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث يتوقع أن يكون لعملية التطوير هناك نتائج إيجابية كبيرة على معدلات النمو في دولة الإمارات وإمارة أبوظبي بشكل خاص. وتمثل المنطقة الغربية أهمية اقتصادية كبيرة وتوفر فرصا نادرة للاستثمار وفرص العمل للمواطنين، إذ يمكن الإشارة إلى أنه في هذه المنطقة يتم إنتاج 90 من النفط والغاز ويعمل بها أكبر مصانع البتروكيماويات وتبنى فيها أربع محطات لإنتاج الطاقة النووية وأكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية، كما يتم فيها تنفيذ مشاريع لإنتاج المواد الغذائية بتكلفة 98 مليون دولار وتقوم بإنتاج 45% من قيمة الناتج المحلي، في الوقت التي يسكنها 11% فقط من إجمالي السكان. ويتم في الوقت الحاضر تنفيذ خطة الغربية لعام 2030، حيث يتوقع أن تعمل الخطة على إيجاد التناسب والتوازن المطلوب بين الثقل الاقتصادي للمنطقة الغربية ودورها التنموي في استيعاب الاستثمارات والقوى العاملة. وفي هذا الصدد تعمل الدولة على توفير البنى التحتية، بما فيها استكمال مشروع قطار الاتحاد الذي تم البدء في بناء خطوطه من هذه المنطقة بالذات، في الوقت الذي يتم العمل فيه على جذب استثمارات القطاع الخاص إلى جانب الاستثمارات الحكومية، إذ يتوقع أن تستقطب المنطقتان الصناعيتان في مدينة زايد والرويس استثمارات كبيرة خلال المرحلة القادمة. وإلى جانب ذلك، فإن توجه دولة الإمارات لزيادة إنتاج النفط بنسبة 30% في السنوات الأربع القادمة ليصل حجم الإنتاج إلى 3.5 مليون برميل يوميا في عام 2017، مقابل 2.7 مليون برميل يوميا حاليا سيساهم في دعم هذه التوجهات وإكساب المنطقة الغربية المزيد من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية. وبحلول عام 2030 وبفضل المشاريع المزمع تنفيذها هناك، بما فيها مشاريع البنية التحتية، فإن الصورة العامة للمنطقة الغربية ستتغير تماما وستتغير معها التركيبة الاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الإمارة والتي ستغدو أكثر توازنا من الناحيتين الاقتصادية والسكانية، حيث يتوقع أن تتوفر آلاف من فرص العمل للمواطنين في شتى القطاعات. لقد أضحت تجربة التنمية في المنطقة الغربية من أبوظبي نموذجا لكيفية تنمية الأطراف البعيدة في البلدان الخليجية والتي تتشابه فيها الظروف والإمكانات، إذ بالإضافة إلى تقوية إدماج هذه المناطق في الهيكل الاقتصادي العام للدولة، فإنها يمكن أن تساهم بصورة فعالة في التنوع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، وهو الهدف الاستراتيجي الذي تسعى كافة دول المجلس إلى تحقيقه لدعم نموها واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي.

310

| 07 يوليو 2013

حرب تجارية محتملة

تلوح في الأفق حرب تجارية ضارية بين الاتحاد الأوروبي والصين التي يحتل اقتصادها الآن المركز الثاني، كأكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة والتي لن تكون بدورها بعيدة عن هذه الحرب التي يحاول الجانبان تفاديها بشتى الطرق، وذلك لتجنب أضرارها البالغة ليس على اقتصاد الجانبين فحسب، وإنما على الاقتصاد العالمي ككل. والبداية كانت مع إعلان الاتحاد الأوروبي مؤخرا عزمه فرض رسوم لمكافحة الإغراق على واردات الألواح الشمسية الصينية بنسبة كبيرة تبلغ 47% اعتبارا من بداية شهر يونيو الجاري، وتهدف هذه الخطوة إلى حماية الاستثمارات الأوروبية الكبيرة الموظفة في إنتاج الألواح الشمسية عالية التكلفة، مقابل الألواح الصينية الرخيصة. وردت الصين بسرعة على الخطوة الأوروبية معلنة فتح تحقيق لمكافحة إغراق أنابيب الصلب عالية الأداء من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان، تلتها بخطوة أخرى تتعلق بفتح تحقيق آخر حول واردات النبيذ القادمة من الاتحاد الأوروبي، مما ينذر بحرب تجارية لا يرغب أي من الطرفين في حدوثها. وفي هذا الشأن ذكرت صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الحاكم في الصين "أن الصين تحاول تجنب حرب تجارية مع أوروبا"، كما أن المتحدثة باسم وزارة التجارة الصينية صرحت بأن "بلادها تريد التفاوض مع الجانب الأوروبي بشأن القضايا موضع الخلاف من أجل الحفاظ على التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني - الأوروبي". من جانبه دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى عقد اجتماع للاتحاد لبحث النزاع التجاري مع الصين والذي يهدد بإلحاق أضرار بصادرات فرنسا، في حين رفض الاتحاد الأوروبي الاتهامات الصينية بشأن عملية الإغراق. تأتي هذه التهديدات والتهديدات المضادة في وقت يمر فيه اقتصاد الجانبين بظروف صعبة تتطلب التعاون، فالأزمة المالية ما زالت تعصف بمنطقة اليورو، وذلك رغم انخفاض حدتها في الآونة الأخيرة، في حين هناك مؤشرات إلى إمكانية انفجار فقاعة ائتمانية في الصين ربما تشكل تهديدا للاقتصاد العالمي ككل، حيث ارتفع إجمالي الائتمان من 9 تريليونات دولار قبل الأزمة إلى 23 تريليون حاليا وفق وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني. ومع أن كل طرف يحاول تحقيق مكاسب تجارية إضافية لتعزيز موقعه في التجارة الدولية، إلا أنه يسعى في الوقت نفسه إلى تجنب حرب تجارية مدمرة، علما بأن النمو الاقتصادي العالمي الهش لا يمكنه تحمل مثل هذه الحرب بين أكبر اقتصادين عالميين بعد الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك هناك احتمالان حول سير تطور الأحداث والتي ستجد لها انعكاسات ذات طابع عالمي، الأول أن تنجح المفاوضات بين الجانبين ويتم تجنب النزاع، وذلك من خلال التوفيق بين مصالح الطرفين، وبالأخص الاتفاق حول التعاون بين مصنعي الألواح الشمسية الأوروبية والصينية، خصوصا وأن هناك طلبا عالميا متناميا على هذه المنتجات، وذلك بفضل المشاريع الضخمة المنفذة والمتوقع تنفيذها في العديد من بلدان العالم في السنوات القليلة القادمة، وبالأخص بعد انخفاض تكاليف إنتاجها بفضل التقنيات الصينية. أما الاحتمال الآخر، فإنه يتمحور حول فشل المفاوضات ودخول الطرفين ومعهما العالم في حرب تجارية تأتي في غير موعدها وستقضي على الآمال الضعيفة بشأن تعافي الاقتصاد العالمي، وبالأخص اقتصاد منطقة اليورو والاقتصاد الصيني المهدد بالتباطؤ. وإذا ما حدث ذلك، فإن غبار الأزمة سوف يصيب الجميع، ففي الوقت الذي ربما تنخفض فيه أسعار السلع الواردة من أوروبا والصين والعديد من المناطق، فإن التردي الاقتصادي سوف يؤدي إلى انخفاض الطلب على مصادر الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار إلى ما دون المائة دولار للبرميل. ولتفادي ذلك، فإنه تمكن للبلدان المؤثرة اقتصاديا المساهمة في حل الخلافات القائمة بين الجانبين الأوروبي والصيني وإشراك منظمة التجارية العالمية والتي تملك بنية قانونية وتشريعية تتيح حل الخلافات بالطرق الودية، حيث سبق لها وأن أسهمت في حل العديد من الخلافات التجارية بين بلدان العالم، مما قد يوقف اشتعال هذه الحرب ويجنب العالم هزة اقتصادية جديدة.

307

| 30 يونيو 2013

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3543

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2580

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2154

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2061

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1554

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1266

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

921

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

897

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

876

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

861

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

831

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

768

| 30 أكتوبر 2025

أخبار محلية