رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
إن تقصير المسلمين في النصيحة، يتأتى من جانبين، الأول تركهم إسداء النصيحة، والثاني تركهم أخذها إن قيلت، والجانب الأول في غاية الخطورة؛ لأن النصيحة هي وسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فحين تركها تفقد الأمة خيريتها، التي استحقتها بهذه الصفة قال تعالى :( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، ولا نكن كاليهود الذين من خصالهم الذميمة، أنهم لا يتناهون عن المنكر فلعنهم الله لهذه الصفة، كما جاء ذلك في سورة المائدة، أما الذين آمنوا فصفتهم في قوله تعالى: (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). أما الجانب الثاني، فحري بكل امرئ عاقل، الحذر من العجب برأيه، فقديماً قالوا (من استبد برأيه هلك)، وعليه أن يستمع لمن ينصحه، ويوسع صدره له، ويقربه من مجلسه، ويظن به الخير، ويشكره على فضله، وثم أمر هام ينبغي أن يضعه في حسبانه، وهو أنه ما كل ناصح يكون ملخصاً في نصحه، ولا كل مخلص تأخذ منه النصيحة، ولكن إذا توّفر مع جانب الإخلاص، الدين والعلم، وجبت حينئذ طاعته، وإلى هذا المعنى أشار الشاعر في قوله: فما كل ذي لب بمؤتيك نصحه وما كل مؤتٍ نصحه بلبيب ولكن إذا ما استجمعا عند واحد فحُقَّ له من طاعة بنصيب وإن لم تأت البادرة بالنصيحة من أخيه، كان الأجدر به أن يستنصحه، ولا ينسى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(رحم الله امرأً أهدى إلينا عيوبنا)، ولا يفوتني ما في قوله من دقة وبلاغة في التعبير، ففي اختياره كلمة (أهدى) دون سواها، فلم يقل مثلاً أعلمنا أو أخبرنا أو ذكر لنا عيوبنا ، دلالتين، الأولى أنه يفرح ويستأنس بمن يطلعه على عيوبه، كفرحه وسعادته بأخذ الهدية، والدلالة الثانية ما توحي به كلمة أهدى، من أن الذي يعطي الهدية، تقضي عليه طبيعة الحال بداهة، أن يهديها بأسلوب، تغمره الرقة والرفق واللطافة، لا الشدة والعنف والفظاظة، وهذا هو المطلوب فعله من الناصح تجاه المنصوح له. وثمة أدبين يحسن بالناصح ألا يدعهما، أولهما ألا يدخل مع من ينصحه في جدال؛ لأن الجدل يؤدي إلى تمسك الآخر برأيه، وعبر عن هذا المعنى، أحمد شوقي وهو من معانيه المبتكرة، وحكمه السائرة فقد قال رحمه الله رحمة واسعة: لك نصحي وما عليك جدالي آفة النصحِ أن يكون جدالا وثانيها، أن يكون النصح سراً لا جهراً، وإلا صارت النصيحة فضيحة !! وفي هذا يقول شوقي رحمه الله، مكرراً أيضاً المعنى الأول: آفة النصح أن يكون جدالاً وأذى النصح أن يكون جهارا وقيل في هذا المعنى أيضاً: تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه وأنا يعلم الله ما أردت إلا التذكير والموعظة، وأقول كما قال الله تعالى حكايةً عن هود عليه السلام (وأنا لكم ناصح أمين)، متمثلاً بقول الشاعر: ولقد نصحتك إن قبلت نصيحتي والنصح أغلى ما يباع ويوهب.
1801
| 17 يوليو 2013
من ينظر في واقع المسلمين اليوم، وكان له قلب ألقى الله فيه الإسلام والإيمان، لا جرم أنه سيصيبه من الحزن والأسى، والألم والكمد، ما يدمي قلبه ويحرق كبده ويقض مضجعه، على ما آلت إليه أحوالهم في مختلف مجتمعاتهم، على صعيد الأفراد والأسر والجماعات، من مثل الفرقة والتخاصم والهجر والتباغض وفراغ القلوب من المودة والألفة والخيانة بالقول والفعل ...الخ، وما ذاك إلا لأنهم ضيعوا حقوق بعضهم على بعض، التي أوجبها الله عليهم، وأكد على أهميتها في شرعه وحثهم على آدائها، كما أن له تعالى حقوقاً فرضها على عليهم، تمثل عبوديتهم وخضوعهم له جل وعلا . وأهم هذه الحقوق وآكدها وأعظمها خطراً وأجلها قدراً، (النصيحة)، فإن النبي عليه الصلاة والسلام، كان يبايع أصحابه على النصح لكل مسلم، بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فلم نبالغ ونبعد عندما قلنا أنها فريضة، فقد جعلها النبي في المرتبة الثالثة بعد فريضتي الصلاة والزكاة، وهذا ترتيب أهمية، ويتضح ذلك جلياً في قول النبي عليه الصلاة والسلام :(الدين النصيحة)، وهي جملة إسمية، مكونة من مبتدأ وخبر، أخبر بها النبي عن الدين بالنصيحة، ويدل معنى هذا الإخبار على أن النصيحة (عماد الدين وقوامه)، كما قال العلماء، وأنها ركن ركين، وأصل أصيل في الدين، وهذا هو الأسلوب النبوي في استخدام الجملة الإسمية، لإثبات شيءٍ لشيء، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام:(الحج عرفة)، أي أن الوقوف بعرفة، ركن لا بد منه لصحة الحج . والحكمة من مشروعية النصيحة هو تقويم النفس، بإصلاح عيوبها، ومعالجة أخطائها، وإكمال نواقصها، وزيادة محاسنها، لتصبح نفساً زكية، لكن لابد أولاً من معرفة هذه العيوب، ولمّا كان الإنسان مفتتنًا بنفسه، وبكل ما يصدر عنها من عمل أو قول، يكثر ذهوله عن مثالب وسيئات نفسه، بل قد يراها أحياناً حسنات، لذا فهو في حاجة إلى من يبصره بموضع الخلل والزلل من نفسه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(إن أحدكم مرآة أخيه، فإذا رأى به أذى فليمطه عنه). وانظر وتأمل في عظم الحب والأخوة في الله، المتجسدة في قول النبي: (فليمطه عنه) بلام الأمر والضمير العائد على الأخ الذي يرى الأذى في أخيه، ولم يقل (ليميطه عنه) بلام التعليل، ويكون الضمير بذا عائداً على من به الأذى، ولله كم في ذلك من رحمة ومودة !!!، لذا قال الله تعالى :(إنما المؤمنون إخوة). الحديث ذو شجون، لا تزال له بقية ، نكملها غداً بمشيئة الله تعالى، والسلام ختام.
702
| 16 يوليو 2013
لا حاجة للإسهاب والإطناب في ذكر مآثر ومناقب الإمام الشافعي - رحمه الله - فالمعروف لا يعرف، لا سيّما لو كان كالشمس في كبد السماء، وكالبدر في الليلة الظلماء، وحسبنا من ذلك، أن نذكر شهادة إمام أهل السنة والجماعة، الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – في فضله وهي قوله:(كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس)، وتخيل أنت دنيا بلا شمس، وأناساً بلا عافية، كيف يمكن أن يكونا، إلا ظلاماً دامساً وأطلالاً دوارساً. جاء عن الإمام الشافعي، أنه لما قدم مصر، التقى بالعالم الفقيه، عبدالله بن عبدالحكم، أحد تلاميذ الإمام مالك بن أنس،إمام دار الهجرة – رحمهما الله – فقال للشافعي: إن عزمت أن تسكن مصر فليكن لك قوت سنة – بمفهومنا اليوم أن يكون لك رصيد في المصرف - ومجلس من السلطان تتعزز به – ما يعرف اليوم عند عامة الناس بالواسطة - فرد عليه الشافعي قائلاً: يا أبا محمد، لقد ولدت بغزة، وربيت بالحجاز، وما عندنا قوت ليلة، وما بتنا جياعاً قط، يا أبا محمد من لم تعزه التقوى فلا عز له. لله درك يا شافعي، ورضي الله عنك، قولك (من لم تعزه التقوى فلا عز له)، أصاب كبد الحقيقة وصادف المحز، كيف لا وتقوى الله رأس الأمر كلِّه، كما أخبر الصادق المصدوق، عليه الصلاة والسلام، وإني ذاكر تعريفها، بإيجاز شديد، هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية من خشيته ولا تكون إلا بأمرين، أحدهما التزام أوامره، والآخر اجتناب نواهيه . بتقوى الله تُحقق للمسلم العزة بمعانيها الحقة والجمة، من الشرف والسناء والمنعة والنصر والتمكين، وعلى نور سبيلها المبين، ونهج صراطها المستقيم، تُحصّل من الله، فإن العزة له ولا تنال إلا بطاعته قال تعالى:(من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)، وقال عز ِمن قائل:(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) . كل عزة بغير تقوى الله باطلة زائفة زائلة ، وكل تعزز بغير الله هو في الحقيقة ذل ، قال النبي عليه الصلاة والسلام:(كل عز ليس بالله فهو ذل)، وقال أيضاً :(من أحب أن يكون أكرم الناس، فليتقي الله عز وجل) . اللهم إنا نسألك خشيتك في السر والعلانية، في الغيب والشهادة ، ونسألك أن تعزنا بعزة التقوى، يا عزيز يا كريم، اللهم آمين.
14211
| 15 يوليو 2013
لقد عظم الله شأن الزكاة وأهميتها في كتابه العزيز، عندما قرنها بعمود الإسلام، الصلاة، ثمانٍ وعشرين مرة، فهي قرينة وشقيقة الصلاة، وأقول بأنهما ( توأمان سياميان) – نسبة إلى سيام تايلاند حالياً، أول دولة ولد فيها توأمان ملتصقان– لا يفصلهما عن بعضهما، ويفرق بينهما، إلا ظالم لنفسه، جاحد لدين ربه. لخليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام، أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، مقولة مازالت ترن في أذن التاريخ، قالها رداً على بعض القبائل التي قالت: نصلي ولا نزكي، ألا وهي (والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة ...)، ولما أشار عليه الفاروق أن يرفق بهم، ويتألف قلوبهم، رد عليه أبوبكر معنفاً إياه:(أجبار في الجاهلية ، خوار في الإسلام يا عمر؟ ...) لإدراكه رضي الله عنه، مدى فداحة منع الزكاة، يا ليت بعض المسلمين يعقلون قوله هذا، ويتعظون به، ممن يتعبدون الله بمختلف العبادات والطاعات، من صلاة وصيام وحج وعمرة ...إلخ ، إلا هذه العبادة المالية، فعندما يسمعون مناديا ينادي للزكاة، تراهم ينكصون على أعقابهم ويرجعون القهقري، خوفاً وضناً بأموالهم من الإنفاق، فما أحراهم بأن نخاطبهم بقول أمير الشعراء أحمد شوقي : أكلٌّ في كتاب الله إلا زكاة المال ليست فيه بابا وله أيضاً رحمه الله بيتان، من أجمل ما قال وأصدقه شعوراً، نرجو من الله أن تكون لسان حال كل مسلم، هما إنـي ولا منُّ عليـك بطاعـة أجلّ وأغلى في الفروض زكاتي أبالغ فيها وهي عدل ورحمة ويتركها النسـاكُ في الخلواتِ إن لي عتباً على الدعاة والخطباء، لكونهم لا يولون الزكاة جانباً كبيراً من الاهتمام، على قدر حقها، وذلك في دروسهم وخطبهم، ليعلموا الناس كل ما يتعلق بفقه الزكاة، بينما ينشغلون بتناول أمور ومسائل في الدين، حكمها دون حكم الزكاة فريضةً ووجوباَ، وثمة أمر هام ينبغي الإلتفات إليه، وهو أن الزكاة يجب إعطاؤها للفقير، ابتداءً، قبل جعله يعرض نفسه لذل المسألة لها، وإلا ضاعت الحكمة من فرض الزكاة بأن يصان ماء وجهه، وتطييب نفسه، وإزالة ما عساه قد دخل صدره من غل على المجتمع . والله لو أخرج كل مسلم الزكاة المستحقة عليه، لانقلبت إحصاءات الفقر في العالم الإسلامي رأسا على عقب، ولأشارت إلى انخفاض معدل الفقر إلى الصفر، ولا سمعنا بما يسمى خط الفقر ومن هم تحته، مع فائض في الأموال يمكن استثماره في مشاريع التنمية، قال فيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري : يا قوت ما أنت ياقوت ولا ذهبٌ فكيف تعجز أقواما مساكينا وأحسب الناس لو أعطوْا زكاتهمُ لما رأيت بني الإعدام شاكينا فالله الله في الزكاة أيها المسلمون، والعتبى العتبى قبل سوء العقبى، والتوبة التوبة قبل مغبة الحوبة.
1792
| 14 يوليو 2013
لا ريب أن المال من أشد الشهوات التي زين حبها في نفس الإنسان، تعلقاً بشغاف قلبه، وتغلغلاً في أعماق نفسه، وتسلطاً على فكر عقله، ما انفك يسعى بكل قواه لجمعه ومقتناه، والبعض – نسأل الله العافية – لا يبالي أكان ذلك من حل أم حرام، والبعض الآخر، جعل المال غايته في هذه الحياة، فهو محبوبه ومعبوده، الذي ملك عليه جوانحه وجوارحه، ولا يؤدي حق الله فيه، أما من طلب المال من أبواب الرزق المباحة، وحفظه من أدناس وأرجاس الحرام، وأدى حق الله فيه ، فطوبى له، قال عليه الصلاة والسلام (نعم المال الصالح ، للرجل الصالح). وما حق الله الواجب في المال إلا الزكاة، وما أردت وما قصدت في مقالتي هذه، أن أبين حكمها في الإسلام، وما يتعلق بها من شروط وأحكام، فهذا مما يجب أن يكون معلوماً من الدين بالضرورة، عند كل مسلم حق، وأذكر أني قرأت مرةً، شعاراً قصد به حث المسلمين على إخراج الزكاة، هو هذا ( الزكاة فريضة وليست سنة فبادر بإخراجها )، فعجبت له والله!، يا ويحنا! وهل من المسلمين العاقلين، من يعتقد أو يظن أنها سنة، وليست فريضة، فقلت في نفسي كم تعكس شعارات الناس درجة ضعف الإسلام وقوته في زمنهم . من يتأمل معاني الزكاة في اللغة، وهي النماء والطهارة والبركة، يجد أنها نفسها آثارها المترتبة عليها، والحاصلة في المال والنفس معاً، ففي المال تحصل البركة والزيادة ويحصن من التلف والخسارة، لكونه صار مالاً طاهراً عند الله بفضل إخراج الزكاة، أما أثرها في النفس يكون بتطهيرها وتنقيتها من رذائل الشح والأثرة والجشع والطمع، حتى لكأنما هذه الأكدار والأقذاء، تخرج مع المال، وهذا ما أراده النبي بقوله (إنما الصدقة أوساخ الناس)، لتصبح نفساً زكية متحلية بالخلال الحميدة، بحيث تستحق الفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة، قال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ... ) الآية. ولفظ الصدقة يطلق على الزكاة، كما يطلق في الأصل على الصدقة النافلة، وما ذاك إلا للإشارة على أنهما دليل وبرهان على صدق إيمان ويقين مخرجهما، جاء في الحديث الشريف (قد افترض عليهم صدقة في أموالكم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم) وانظر وتأمل في قول المصطفى عليه الصلاة والسلام :(تؤخذ من أغنيائهم ، وترد إلى فقرائهم)، بالضمير المتصل الدال على الجمع ، والفعل ترد ولم يقل مثلاً (تؤخذ من الأغنياء وتعطى إلى الفقراء) ، ليدل على أن المجتمع الإسلامي بأغنيائه وفقرائه شيء واحد، كالجسد الواحد أو كالبنيان المرصوص، لا فرق بينهما في نظرة الإسلام، فهما جميعاً سواءٌ في المجتمع، كركاب السفينة الواحدة، المنتفعين جميعاً بسيرها، والمتضررين جميعاً بغرقها، وأن الزكاة تؤخذ من أغنيائهم ، وترد ليس إليهم، وإنما إلى فقرائهم. الحديث ذو شجون ، لا تزال له بقية ، نكملها غداً بمشيئة الله تعالى، والسلام ختام.
1424
| 13 يوليو 2013
كم هي كبيرة معاناة أهلنا في الشام !!، سواء من كان منهم في خارج الوطن أو في داخله، إن قلم البليغ ولسان الفصيح وبيان الأديب، ليعجزون كلهم أجمعون، عن وصف شدتها وفداحتها والتعبير عن قسوتها وفظاعتها. إن أعداد النازحين عن مدنهم وقراهم، التي عاثت فيها آلة الحرب فساداً، بأيدي الظالمين الغاشمين ومن معهم من الطائفيين الحاقدين، في زيادة مطردة، يلجؤون إلى الدول المجاورة، مستغيثين ، مستنجدين، ربما يجدون فيها مخيمات لإيوائهم، التي باتت تعج بمن فيها، ولا توفر لهم أقل الأسباب المعينة على المعيشة الكريمة، فكيف بها تستقبل أعداداً غيرهم، تقطعت بهم الأسباب، وسدت في وجوههم السبل، خرجوا من ديارهم، فارين بأرواحهم، لا تملك أيديهم سوى ثيابٍ على أجسادهم مغبرة ممزقة . والذي يزيد من إيلام جراحهم، ومن وطأة بلاياهم، أنهم لا يجدون من يمد لهم يد العون، ولا من يعزيهم في خطبهم الجلل، فينفس كربتهم، ويفرج همهم، ويخفف نكبتهم، بما يغني ويجدي في سد خلتهم وعوزهم، فتلك المخيمات والملاجئ، التي استقبلتهم – بعضهم لايزال في العراء -، لا كالمخيمات ولا كالملاجئ، إذ لا توفر لهم في معظمها أقل أساسيات الحياة السوية، لا يصلح فيها المأوى والمطعم والمشرب والخلاء، يصدق فيها المثل القائل كالمستجير من الرمضاء بالنار. إن جرح المصيبة كبير، كل يوم هو في اتساع، وتصرف المسلمين فيه دون طول الذراع، وها نحن في شهر رمضان المبارك، فإن كانت إغاثتهم وإسعافهم، في سائر العام واجبة ، فهي في رمضان أوجب، وإن كان الجهاد بالأموال في غيره من الشهور عظيم، فهو فيه أعظم، إلى من نكلهم أيها المسلمون؟!، إلى الغرب بجمعياته ومنظماته، المتشدقة بحقوق الإنسانية والحرية، التي لم ينبض لها عرق، ولم يتحرك فيها ساكن، إزاء ما يحدث في سوريا، وما يكابده السوريون اللاجئون، إن ما يحدث لشعب سوريا ليس اختباراً وابتلاءً لهم فحسب، بل هو أيضاً اختبار وابتلاء لنا في أخلاقنا وضمائرنا، وكما قد قيل، أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، وكما جاء في الأثر، أن المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، وأن مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فما بالنا، لا نتألم لألمهم، ولا نتوجع لوجعهم، هل ماتت أحاسيسنا، فانعدمت مشاعرنا؟!، أم استولت عليها الأثرة، وحب الذات، فلم تعد تعبأ بشقاوة ومعاناة الغير، ولا تكترث بأحزانهم وآلامهم، إلى الله المشتكى والمنتهى . وللحوادث سلوان يسهلها وما لما حل بالإسلام سلوان لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان لكنّ أملنا ورجاءنا بالله العظيم عظيمُ، وبإذن الله لا يخيب، (سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا) و (ألا إن نصر الله قريب ) . اللهم كن لعبادك المستضعفين، وأهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين، واشف صدور عبادك المؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم، يا قوي يا متين، اللهم آمين .
668
| 13 يوليو 2013
فرض الله جل وعلا على عباده صيام أيام شهر رمضان المعدودات، شهر الخيرات والبركات، َتنَزل من رب الأرض والسموات، ورتب على ذلك أجراً عظيماً للصائمين المؤمنين، تطمع فيه نفوسهم، وتطمح إليه أبصارهم، هو غاية ما يرجون من أمانيهم في حياتهم الدنيا، بينه عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح،(من صام رمضان إيماناً، واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، وفي زيادة صحيحة أيضاً،(وما تأخر)، ومعنى إيماناً أي تصديقاً بفريضته، واحتساباً أي إخلاصاً لله، ورغبةً في ثوابه. ولفضل هذا الشهر الذي أنزل الله فيه كتابه العزيز المعجز، في ليلة القدر المباركة، سن لنا نبينا عليه الصلاة والسلام، قيام لياليه ما يعرف بصلاة التراويح، وقد صلاها النبي بالصحابة جماعة في المسجد، ليلتين أو ثلاث، ثم لم يصل بهم بعدهن، خشية أن تفرض عليهم، وهو عليه الصلاة والسلام، الرحمة المهداة للعالمين، الذي قال فيه الله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)، ما عنتم أي ما يشق عليكم، ولعمري إن هذه الآية وحدها، لتزرع محبة النبي في القلب، ولو كان حجراً صلداً. ولكن لفضل الله ورحمته بهذه الأمة، التي مما ميزها به، أنه تعالى يثيبها على العمل القليل، أجراً جليلاً، جعل لقيام رمضان من الأجر، ما هو مساوياً لأجر الصيام، ترغيبا فيه، وحثاً عليه، وانظر ولا تعجب من عظم فضل الله، وسعة رحمته، قال عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً، واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، حديث صحيح. لعل الكثير من المسلمين لو علموا هذا، سقط في أيديهم، على ما فرطوا، في صلاة التراويح، الذين هم معها على أحوال شتى، فمنهم من لا يصليها إطلاقاً، بزعمه أنها ليست فرضاً، أو من لا يحرص عليها في كل ليالي رمضان، وإن صلاها لا يتمها مع الإمام، ومنهم من يسيء أداءها متعمداً ببحثه على إمام ينقرها نقر الدجاج، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقياماً بواجب النصيحة، فإني أنصح لأئمة المساجد، بأن يراعوا الله أولا في أنفسهم، ثم في المصلين، ولا ينبغي لهم، بأي حال من الأحوال، أن ينهوا التراويح في أقل من أربعين دقيقة، على أقل تقدير. وأسدي نصيحة أخرى للمصلين، بأن يصبّروا أنفسهم مع الإمام إلى أن يفرغ من صلاته، لتكتب لهم قيام ليلة، لقول الهادي البشير، صلوات الله وسلامه عليه: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة). واعلم أن صلاة التراويح، هي نفسها صلاة القيام، وصلاة الليل، وتسمى صلاة التهجد إذا صليت من بعد النوم، أسماء متعددة لمسمى واحد، وخصت باسم صلاة التراويح في رمضان، جمع ترويحة؛ لأن المسلمين منذ عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي جمع الناس لأدائها جماعة، كانوا يأخذون قسطاً من الراحة، بعد كل أربع ركعات؛ لأنهم كانوا يطيلون القراءة. اللهم وفقنا لصيام وقيام رمضان، إيمانًا واحتساباً، وتقبل منا، ليغفر لنا ما تقدم من ذنبنا، وما تأخر، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين.
2046
| 12 يوليو 2013
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...
8799
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...
7161
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...
3312
| 13 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...
2370
| 07 أكتوبر 2025
في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...
1833
| 12 أكتوبر 2025
مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...
1710
| 10 أكتوبر 2025
قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن...
1692
| 08 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...
1686
| 08 أكتوبر 2025
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...
1092
| 09 أكتوبر 2025
حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...
948
| 10 أكتوبر 2025
سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...
942
| 09 أكتوبر 2025
يخوض منتخبنا انطلاقاً من الساعة السادسة مساء اليوم...
894
| 08 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية