رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
السلوك الاجتماعي هو تعبير عن الثقافة السائدة بالمجتمعات البشرية والتي تم تعريفها كمنظومة متكاملة تضم النتاج التراكمي لمجمل موجات الإبداع والابتكار التي تتناقلها أجيال الشعب الواحد، في جميع المجالات لترسم الهوية المادية والروحية للأمة لتحديد خصائصها وقيمها وصورتها الحضارية، وتطلعاتها المستقبلية ومكانتها بين بقية الأمم. فالثقافة إرث تاريخي يحمل الطابع المميز لكل أمة، فهي غير قابلة للعولمة، إذ أن محاولة عولمة أي ثقافة تعني في الحقيقة السعي إلى بسط هيمنتها على الثقافات الأخرى، إما بطمسها أو تحييدها. وبما ان الثقافة هي انعكاس لهوية الأمة وشخصية شعوبها المتباينة فإن ذلك يدفع بالضرورة إلى أهمية تعميق أعمدة تلك الهوية ومقوماتها الأساسية، ولكننا على الدوام نكرر القول إنه لا مستقبل لمن لا ماضي له بشرط التوقف عن التهويل أو التهوين عند فتح ملف الذكريات القومية. وبما ان الثقافة العربية هي نتاج التداخل بين عناصر الزمان والمكان والسكان، وما ينجم عن ذلك من خلطة بشرية تشد الناس إليها وتدفعهم دفعاً إلى إثراء الثقافات الأخرى والتواصل معها، لأن مفهوم الحضارات بطبيعته إيجابي، وبينها قدر كبير من التواصل والتداخل أكثر مما بينها من صدام أو صراعات، والتاريخ يعرف ذلك جيداً. فالمكون الثقافي الحديث للعرب يعتمد على درجة الانسجام بين عاملين أساسيين وهما الأصالة والمعاصرة، رغم تباعدهما الزمني فلا تناقضات بينهما، لأن البشرية قد تجاوزتها كما أن القطاعات الكبرى من المفكرين والمثقفين في الدول المختلفة تمكنوا من صياغة أدوارهم في الحاضر والمستقبل، وخرجوا من جلباب الماضي وأرديته البالية، فلم يعد هناك مبرر للتباكي على عصر التميز، والسعي إلى تصحيح الصورة المغلوطة مع إدماجها بالمواقع الحيوية من أجل التمكين لثقافتنا الحقيقية كي تسود. ولا بد أن ندرك أن الثقافة بطبيعتها تجمع ولا تفرق، تهز الأعماق بأفكار الثورات التصحيحية، لكنها تتطلع في الوقت ذاته إلى الارتباط القوي بالعناصر الجديدة للثقافة المعاصرة. كما إن الثقافة العربية لا تعرف الانغلاق، ولا تؤمن بالغلو والتشدد، لكنها تمضي بين ذلك قواماً، إنها ثقافة امتصت روح العروبة، واستوعبت تعاليم الإسلام، وآمنت بأن مفهوم الحضارة يعني بالضرورة التواصل بين الثقافات والاندماج بين عناصرها في توليفة إنسانية تتذوقها البشرية في كل الاماكن والعصور. حيث نشهد في العصر الحديث امتداداً مهولاً وتفرّداً مرعباً لما بات يعرف بصناعة ثقافة الجماهير أو «جمهرة الثقافة» التي تشكل الآلية الإعلامية فيها الأساس لإنتاج الوعي. فقد حققت ثورة الاتصالات والمعلومات قفزة كبيرة في آليات تشكيل الوعي، واستطاعت بواسطة هذه الآليات أن تسيطر بسهولة أكبر على عملية صوغ الرأي العام المحلي والعالمي. هكذا بات تشكيل الوعي الجماعي وترويض العقل وهزيمته أموراً في غاية السهولة لمن يمتلك هذه الماكينة ويحسن استخدامها. فالمجتمع الواعي هو الذي يصنع قيمه وعاداته بنفسه، من خلال المحافظة على جذوره وعمقه التاريخي ليجعل من ثقافته وعاء حضاريا يحفظ للأمة هويتها، ويضمن، في الوقت ذاته، انخراطها في الحضارة الحديثة، ويكسبها السمات التي تميز موقعها العلمي/ الحضاري/ الإبداعي، على الخريطة الكونية… ولا يمكنني القول إن جميع المجتمعات العربية وصلت لهذا المستوى من الوعي ولكن ما لمسناه خلال كأس العالم 2022 في المجتمع القطري من المواطنين والمقيمين ينم عن مستوى وعي عال لامس قلوب كل الضيوف والمشاركين وتجاوز الحدود الجغرافية ليبلغ الصين. وإن كانت هناك شريحة بسيطة قد تكون ارتأت بأنه ليس لها دور في هذا المونديال العالمي ففضلت ان تغادر البلاد خوفاً من الازدحام او للاستفادة من الاجازة الرسمية. إلا ان الغالبية العظمى انخرط بالمشاركة والحضور وتفاعل مع الحشد مستخدماً جميع وسائل التواصل لنشر صورة مشرفة عن الثقافة القطرية، حيث قام 20 ألفا بالتطوع للمساهمة في إنجاح البطولة، كما تكاتفت كل الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة لإبراز الصورة الكلية الجميلة لقطر. في حين شارك عموم الشعب في حضور المباريات والفعاليات المصاحبة لكأس العالم، فقام الأطفال بتوزيع الاكلات الشعبية بالطرقات إظهاراً للكرم العربي وقام آخرون بنشر الكتيبات الإسلامية لنشر تعاليم ديننا الحنيف في حين ساهم الكثيرون بإظهار سماحة هذا الدين من خلال لطافة المعاملة وبشاشة الوجه فتميزت الشوارع والأماكن بتواجد الزي القطري لتتناقله كل الوفود حول العالم وتحاول ان تحاكيه مرددة تحية الإسلام باللغة العربية. لتنتشر ثقافة جماهيرية مؤثرة على الرأي العام العالمي معلنة فوز الثقافة القطرية في هذا الحدث العالمي والذي يمثل خطوة تاريخية ورمزية، مما يمنح الدوحة مكانة وتأثيرًا ثقافيًا دوليًا. إلى جانب تعزيز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.
3378
| 30 نوفمبر 2022
لقد أنعم الله علينا بأن نكون من أفراد هذا المجتمع القطري الصغير والذي لا يوازي حيا من أحياء بعض المدن (كما أطلق علينا)، ولم يكن ذلك عائقاً أو هاجساً، بل كان وما زال من أكبر التحديات التي خلقت دافعا قويا للتقدم والتميز. فلقد تجاوزنا منذ القدم الكثير من المحن والحروب التي سطرها التاريخ عبر الزمن. وتناقلت الأجيال صمود وتماسك وشجاعة هذا الشعب العظيم الذي اثبت للعالم اجمع بأنه رغم قلة عدد السكان وصغر الحجم الجغرافي وكذلك مناخه الصحراوي يستطيع ان يتجاوز كل الصعاب وينافس أكبر الدول ويتميز بين أقرانه متشبثاً بالعزيمة والإصرار للاستحواذ على شرف استضافة أكبر تجمع كروي في العالم. واضعين نصب اعيننا مكانة هذه الأمة بين الأمم لرسم مسيرتها الكبرى في خطى متناغمة وموازية للصورة الحضارية العالمية التي ينهجها العالم دون ان نغفل عن ارثنا الحضاري وتاريخنا العربي الإسلامي. فمنذ القدم نهجت دولة قطر سياسة الحفاظ على الهوية الوطنية والتي ترتكز على عدة ثوابت أهمها الدين الإسلامي واللغة العربية وكذلك الثقافة المحلية لكون الشعب القطري جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية. وهذه الثوابت هي المحددات التي تتمسك بها الدولة ويتمسك بها أفراد المجتمع، والتي لا يمكن التنازل عنها بقوة الدستور. فدولة قطر ذات سيادة، وتتمتع باستقلال تام يمنع أي تدخّل في الدولة على المستويين الداخلي أو الخارجي، وممارسة سلطتها، فلا تخضع لأي توجيهات ولا تتنازل عن مبادئها وموروثاتها المجتمعية. وكل ذلك ترجمه حفل افتتاح كأس العالم 2022، منذُ كان حلماً واثناء رسم خريطة الطريق ووصولاً لمراحل التنفيذ، حيث خُطط لإقامته في استاد البيت المستوحى تصميمه من بيوت الشعر القديمة التي سكنها اجدادنا في البادية منذ قرون، لتستشعر بحفاوة الترحيب وكرم الضيافة عند اقترابك من (الدوه) العملاقة التي تتوسط المدخل وسط نقوش السدو وخطوطها السوداء والبيضاء والتي عادة تُعرف القبائل العربية بها لتضيف مزيجاً فريداً من عبق الماضي وبين حداثة التطور السريع والنهضة التي تعيشها البلاد. وفي إطار التمسك بالثقافة المحلية تم اختيار تعويذة (لعيب) وهو عبارة عن مجسم بزي عربي، يتكون من شماغ أبيض مع تدلي حبال من العقال وهو ما يتميز به العقال القطري ليكون رمزاً تاريخيا لهذا الحدث الكروي. والذي تميز حفله بالإبهار البصري حيث استخدمت فيه أحدث تكنولوجيا الإضاءة والصوت لعرض القرش الحوتي الذي يتخذ قطر له موطناً منذ القدم للإشارة لمهنة الغوص التي اشتهرت بها دول المنطقة، كما سلط الضوء على دور النساء بتلك الحقبة وهن يقمن بدق البن (القهوة) بالهاون لاستقبال الضيوف متزينين بالزي الشعبي بتفاصيله الجميلة، إظهاراً لدور المرأة العربية ومكانتها بالمجتمع منذ القدم وهي تُحمل في الهودج على ظهور الجمال في لوحة فنية رائعة مزجت الحياة البرية بالبحرية والتي كانت سائدة بمجتمعاتنا العربية. كما تم استعراض للعرضة التراثية القطرية وإبراز دور الرجال في حماية الوطن من خلال تكاتف كل القبائل خلف قيادتهم الحكيمة حاملين السلاح الرئيسي عند العرب (السيف) مرتدين ملابسهم التقليدية يتوسطهم علم البلاد مرفرفاً. هذا وتناول الافتتاح العديد من المعاني والرسائل الجلية التي تحاكي ماضي كرة القدم في المنطقة وما آلت اليه الآن في تعبير عن الوفاء والاجلال لما قام به الأمير الوالد من جهود ساهمت في نهضة الكرة القطرية وتحقيق الحلم الذي كان صعب المنال. كما حُرص في الافتتاح على ابراز الشخصيات القطرية من مطربين وملهمين في محاكاة بين الشرق والغرب لتصحيح المفاهيم وبناء جسور من الحوار المتبادل بهدف التعايش والاحترام والتقبل بين الثقافات العالمية المختلفة. مرتكزين على اللغة العربية في غالبية فقرات الحفل التي افتتحت بتلاوة آيات من القرآن الكريم واختتمت بكلمات من سمو الأمير يدعو فيها للتسامح والتواصل الإنساني الحضاري. لصياغة ملحمة وطنية متكاملة لتغيير الصورة النمطية بصورة ذهنية واضحة لما وصل اليه العرب والمسلمون. ولنتشارك الفخر والاعتزاز ونطوق أنفسنا بشرف نتقاسمه مع كل الدول العربية. فلقد تحقق الحلم الذي راودنا وأصبح الوعد واقعاً رغم كل حملات التشوية والتشكيك التي شُنت على البلاد والتي لم تشهدها أي استضافة في تاريخ بطولات كأس العالم. ليس لأننا دولة عربية أو اسلامية فقط بل لكوننا نملك كل مقومات إنجاح تنظيم أكبر مونديال عالمي في حين لا تتجاوز مساحة ارضنا ١٢ ألف كم٢.
3567
| 23 نوفمبر 2022
قبل اثني عشر عاما تراقصنا فرحاً وتعالت أصواتنا تنشد (فوق اصعدي فوق اصعدي)، خرج الجميع للشوارع مبتهجاً بهذا الحدث الكبير وتلألأت سماء الدوحة بالألعاب النارية وأقيمت الاحتفالات احتفالاً بفوز دولة قطر بتنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، فلقد كان فوزاً كاسحاً وتحدياً كبيراً للدول الكبرى المنافسة. وهو كذلك تحدٍّ أكبر لدولة قطر وكل من يقيم على أرضها، لكونه أول مونديال يُقام بالشرق الأوسط والمنطقة العربية. وكذلك لكونها دولة صغيرة جغرافياً ولا تمتلك في حينها البنية التحتية اللازمة لمثل هذه البطولات العالمية. فتعرضت قطر لحملة غير مسبوقة لم تشهدها أي دولة مضيفة، بلغ بعضها حد الافتراء. كما شكَّل هذا الفوز صدمة وضربة موجعة لعدد من الدول والتي لم تتمالك غضبها فكشفت أوراقها وكشَّرت عن أنيابها لتعيق وتثير الشكوك في قدرة قطر على تنظيم مثل هذا الحدث العالمي. ولم يقتصر الأمر على ذلك فلقد تعرضت البلاد للعديد من الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة الحصار ثم تلاها انتشار جائحة كورونا وما سببته من تعطيل لجميع المخططات والأعمال بشتى أنواعها. وبالرغم من كل هذه الضغوطات والمعوقات والهجوم المستمر إلا أن قطر سارت في خطاها بإصرار وعزيمة فاقت الوصف ولم تدخر جهداً أو مالاً أو وقتاً خلال تلك السنوات لبناء البنية التحتية والتي تُعد جزءاً من إستراتيجية قطر 2030. فتم بناء الملاعب الجديدة وتجديد الملاعب الموجودة وكذلك بناء مترو الأنفاق المتطور وتحديث شبكة الطرق والمواصلات وكذلك بناء مطار جديد وتحديث المطار القديم وقامت ببناء العديد من الفنادق والأماكن الترفيهية والسياحية. في حين أن تأثير تلك البنية التحتية التي تم إرساؤها لن يقتصر فقط على فترة كأس العالم، بل سيمتد إلى ما بعدها، خاصة في ظل إطلاق مشاريع ضخمة في مجال إنتاج الغاز المسال، وما يعنيه ذلك من توفير موارد مالية يمكن أن تستخدم لتنويع النسيج الاقتصادي للدولة. حيث توقع صندوق النقد الدولي مؤخراً أن تصل نسبة النمو الاقتصادي لقطر إلى 4.9 بالمائة، مدعوماً ومدفوعاً بالعديد من العوامل الأساسية، في مقدمتها الارتفاع المستمر لأسعار الغاز والاستضافة التاريخية لهذا المونديال. فكأس العالم ستكون بوابة قطر نحو آفاق نمو أرحب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن المتوقع أن تجتذب البطولة على مدى 29 يوما أكثر من 1.5 مليون زائر للدوحة وهو رقم قياسي، كما يقدر الفيفا بأنه من الممكن أن يسعى نحو 40 مليون شخص لزيارة قطر بعد انتهاء البطولة. هذا ولا يمكننا تجاهل أن 5 مليارات نسمة من كوكب الأرض والذي يبلغ 8 مليارات سيتعرفون بشكل أفضل على قطر عبر وسائل الإعلام المطبوعة وشبكات الإذاعة والتلفزيون، ومن منشورات التواصل الاجتماعي التي ستصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، والصحفيين المتواجدين في قطر وخارجها، مما سيساهم في مزيد من الانتشار لصورة قطر حول العالم. فهذه الاستضافة ما هي إلا مبادرة حكومية لتحويل قطر إلى مجتمع عالمي وتوفير مستوى معيشة أعلى. طامحة في أن تصبح مركزا إقليميا للأعمال وإلى زيادة عدد السياح إلى ثلاثة أمثاله ليبلغ ستة ملايين سائح سنويا بحلول 2030. وها نحن الآن تفصلنا أيام قليلة عن أكبر حدث كروي للعبة الشعبية الأولى، حيث سيتزامن هذا الحدث العالمي مع احتفالات الدولة باليوم الوطني حاملاً شعار "وحدتنا مصدر قوتنا" لإرسال رسالة واضحة وصريحة لجميع الأمم بأن قطر ما قامت ونهضت وتطورت إلا بوحدة الشعب وتكاتفه مع الحكومة في السراء والضراء داخلياً وخارجياً ولا نغفل الوحدة الوطنية بالتقارب والتلاحم بين الدول الصديقة العربية والغربية. فطيلة عقود خاض الشعب القطري أحداثاً تاريخيّة كبرى، قدّم فيها العديد من التضحيات، ليرسم مساره بخيوط من ذهب متحدياً كل الصعاب للتوحد تحت راية واحدة ولتعزيز وحدته الوطنية والتي هي مصدر قوته، مما خط علامات فارقة في هويته ونسيجه الاجتماعي والسياسي. مفتخراً بانتمائه وولائه لقيادته الحكيمة التي دائماً تقوده إلى بر الأمان بتحقيقها تطلعاته وإيفائها للوعود التي قطعها القطريون على أنفسهم وأمام العالم ليكسبوا التحديات الحضاريّة. فهنيئاً لكل قطري هذا الحصاد الذي زرعه الأجداد والآباء بغرس قيم الإصرار والتكاتف والوفاء والعزّة والتلاحم المجتمعي للمضي في تحقيق الأهداف ونسج خيوط المحبة بكتابة وتسطير ملحمة جديدة تتبناها الأجيال القادمة.
1044
| 16 نوفمبر 2022
السلام هو الركيزة الأساسية التي تُبنى عليها الشعوب والأمم، حيث إنه العامل الأساسي الذي يضمن استقرار البلاد وبقاءها، فتحقيق السلام والاستقرار المجتمعي يساعد الفرد على الحياة الكريمة والاستقرار الذهني والعقلي، مما يجعله فردا منتجا وداعما لمجتمعه. كما أن السلام يخرج أفضل ما يتميز به الإنسان من صفات وسمات، فالانسجام البشري والتفاهم بين أفراد المجتمع، يؤدي إلى التجانس الفكري، لبناء مجتمع قوي خال من الآفات، مثل الصراعات، الضغائن، وغيرها. وبما ان دولة قطر في مقدمة الدول التي تروج لثقافة السلام والتسامح ونشر المحبة بين الأمم والشعوب باختلاف ثقافاتها ومعتقداتها وسياساتها. فإنه يتوجب علينا جميعاً "مواطنين ومقيمين" تبني هذه السياسة داخلياً وخارجياً وأن نكون أداة لنشر السلام والمحبة والتسامح على الدوام. وبالأخص الآن ونحن على مشارف تنظيم دولتنا الحبيبة قطر لكأس العالم ٢٠٢٢حيث سيتوافد إلينا العديد من الوفود العربية وغير العربية للمشاركة بهذا المحفل العالمي، فستتعدد الثقافات والمعتقدات والعقائد في محيطنا الجغرافي المحدود. وبما انه ليس مطلوبا منا مجاراتها أو التصديق عليها لكونها ثقافة دخيلة غير دائمة وذات تأثير محدود جداً وستنتهي بانتهاء الفترة المخصصة للبطولة. فإنه من الضروري ان نستمسك بقاعدة الكلمة الطيبة والقول الحسن والابتعاد عن الالفاظ المؤذية. فالمؤمن هو من حفظ لسانه لقوله تعالى: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، فلا تعني حرية التعبير التطاول والغوص بالنوايا ومحاسبة الآخرين بالهجوم والتشهير. بل يمكنك ابداء رأيك بطريقة متحضرة وعملية بالابتعاد عن الشخصنة واستخدام الكلمات الطيبة ذات المفعول السحري لكونها تجمع وتؤلف القلوب بعكس العبارات ذات الايحاءات السلبية والتي تفرق الجماعات وتشحن النفوس. إذاً فلنحرص على عدم اصدار الاحكام على الاخرين. وثق جيدا بأن كل شخص يرى أنه الأمثل وأنه الأكثر صوابا مثلك تماما، ولذلك فلا تزكِّ نفسك لأن الله أعلم بالمتقين، وانتبه فقط لذاتك ولا تصدر أحكاما على أحد، فعندما تبدأ بإصلاح نفسك وتحاول سعيا لنشر السلام والمحبة حقا لن يكون في قلبك مجال لنقد أو غيبة أو الدخول في نوايا أحد، واعلم جيدا أن إصدار الأحكام والدخول في النوايا من آفات الروح والمجتمع وأن الله نهى عن سوء الظن والغيبة، ونشر الفتن. فإن ما يبني الأمم هو التسامح والوحدة والسلام فكلنا إنسان وكل منا له الحق في أن يعيش حراً، فالحرية قيمة عالية، احذر أن تسلبها من أحد حتى ولو بمجرد إصدار حكم عليه بين نفسك. فتسلح بأداة السلام وأفعل ما أمر الله به، من حسن الخلق لتظهر سماحة ديننا الكريم وعمق الالتصاق بين الأفراد في المجتمع القطري والذي ينتج عنه علاقات طيبة ومحترمة ترسخ قواعد العلاقات الإنسانية بمبدأ الحب والسلام والتسامح الذي قد يفقده البعض في علاقاته مع الآخرين فيفتقده المجتمع كنتيجة حتمية حينما يتخلى الأفراد عن القيم الإيجابية، ويبدأ كل منهم بمحاسبة الآخر. كما يجب أن نبدأ جميعا في إرساء كل القواعد المتعلقة بالقيم الإنسانية المحترمة التي تقود صاحبها للعمل بهدف تحقيق ونشر ثقافة السلام والتسامح لتطوير المجتمع الى الأفضل. ولن يحصل المجتمع على أفضليته بين المجتمعات إلا بحصوله على القيم المدروسة المخطوطة والمعنوية، تلك التي تتداخل في الإطار الإيجابي للقيم فينتج عنها الإسهام في بناء وتدعيم ثقافة السلام. والوصول الى هذا التناغم المجتمعي ليس بالشيء الهين السهل وإنما يتم من خلال تفكير وبحوث وتعليم وتطوير الذات البشرية حتى يمتلك قدرته على التفريق بين الصواب والخطأ والمفهوم واللا مفهوم والوعي واللاوعي، ومعاندة المعوقات التي تعوق فكرة نشر السلام والمحبة. كما أن إشاعة ونشر ثقافة التسامح يجب أن تبدأ من خلال تأصيل العديد من القيم والمواقف وأساليب الحياة التي تستند إلى الاحترام الكامل لمبادئ السيادة وحقوق الإنسان والحريات والاعتماد على الحوار المنطقي بين الأفراد والمؤسسات وترسيخ مفهوم التعاون بين الجميع بما يتيح إخراج السلوك المنطقي الذي يحمي الفرد من الفرد ويحمي المجتمع من الفرد ويحمي الفرد من نفسه. يا سادة... دعونا نبدأ في دعوة الناس لنشر الحب والتسامح والسلام بآليات جديدة ورؤى عميقة وقناعات محترمة. وذلك لا يمكن تحقيقه دون جهود مبذولة من الجميع وعلى كل الأصعدة والمستويات، فالحب والتسامح من أولويات التنمية السليمة للنهج القطري حكومة وشعباً. ودورنا الآن تفعيل هذه المنهجية لنشر السلام والمحبة للجميع.
2868
| 09 نوفمبر 2022
لكل منا مجتمع يساهم فيه ويشاركه التجارب والخبرات وكذلك المصالح. ولكن هناك من يتميز بمشاركاته ويعكس تأثيراً إيجابياً في مجتمعه من خلال العديد من السلوكيات والأفكار المثمرة، بسبب فهمه وسلامة إدراكه للمشكلات المختلفة التي يواجهها المجتمع. فالفئة التي تُحدث تفاعلا بين نفسها وعالمها المادي المحيط بها يكون لها دور هام في التطور المجتمعي، سواء كان هذا الدور إيجابياً أو سلبياً، لكون الافكار الإنسانية قد تساعد على تطور المجتمع أو قد تكون عائقاً أمام هذا التطور. وبما ان الوعي المجتمعي ركيزة من ركائز تقدم أي مجتمع وتطوره، بل وله دور كبير في استقرار المجتمع والنهوض به والرفع من شأن أفراده. فإن أهميته تكمن في مستوى تطوره بالمجتمعات وضرورة توجيهه من خلال تعزيزه عند الافراد بشكل عام وفئة الأطفال خاصة، ليس فقط بسبب الآثار المترتبة على الحياة ولكن لمساعدتهم على تحقيق أقصى استفادة من تعليمهم في المدرسة، حيث يمكن للأطفال ذوي الوعي الاجتماعي القوي التكيف بسهولة أكبر مع البيئات المتغيرة، والانخراط في سلوكيات تخريبية أقل. علاوة على كونه نقطة انطلاق لمجتمع متحضر يتمتع أفراده بالوعي الايجابي. ويشير الوعي إلى "إدراك الإنسان لذاته ولما يحيط به إدراكاً مباشراً، وهو أساس كل معرفة". لذا فإنه لا يمكننا فصل الوعي المجتمعي عن الوعي الذاتي، لأننا بالكاد نستطيع التفكير في أنفسنا إلا بالإحالة إلى جماعة اجتماعية من نوع ما، ولا إلى الجماعة بدون الإشارة إلى أنفسنا. وإذا تأملنا الإدراك الواعي لكوننا جزءاً من مجتمع مترابط مع الآخرين وجدنا أن هذا التعريف يرقى بالفرد إلى مستوى واضح من الوعي لكونه جزءاً من كل أكبر. وهو يشمل المستوى الذي يعي فيه الفرد كيف ومتى يتأثر بالآخرين، وكذلك كيف يمكن أن تؤثر أفعاله في الآخرين ومحيطه المادي. ولا يكون ذلك التأثر والتأثير إلا من خلال الاهتمام بالآخرين ومشاعرهم سواء المعلنة او غير معلنة، وإدراك السياق والبيئة وإدارة العلاقات مع تقدمنا في النمو. كما تساعدنا مهارات الوعي الاجتماعي على فهم كيف يتناسب المرء مع المجتمع والعالم ويساهم فيه، وكذلك كيف نحصل على ما نحتاجه من العالم على المدى الطويل دون ان نتسبب بأي شكل من اشكال الضرر التي قد تلحق بالمجتمع أو البيئة المحيطة وكذلك الكرة الأرضية. ولهذه المهارات دور بارز في عملية فهم الاحتراف في مكان العمل، بالإضافة إلى تسهيل مشاركة المعلومات والتواصل والتعاون مع الآخرين. من وجهة نظر شخصية، يعد الوعي الاجتماعي جزءاً أساسياً من تكوين الصداقات والعلاقات، مما يساعدنا على عيش حياة سعيدة ومرضية من خلال الفهم العميق لأفكار الآخرين وإدراك ما هو حجم مخاوفك الحقيقية، والتركيز على الأشياء الجيدة بدلاً من التركيز على الأشياء السيئة. وهذا بدوره يساعدك في الحفاظ على سلوك إيجابي ونشر تلك الإيجابية لكل من هم حولك. ولتطوير الوعي المجتمعي علينا ان ننمي الوعي العاطفي لفهم ما يشعر به المرء وتقدير كيف يمكن للحالات المزاجية المختلفة أن تؤثر على من حولنا بشكل واسع ومنتشر. بالإضافة الى فن التحكم في الاستجابة لهذه العواطف وتوقع النتائج مع مهارة النظر في مشاعر وظروف الأفراد الآخرين واحترامها. لذا فإن معرفة نفسك هي الخطوة الأولى نحو معرفة الآخرين. إلى جانب ذلك، فإن توسيع وعيك الذاتي سيسمح لك أيضًا بالعمل على آلية الاستجابة الخاصة بك. مما يعني أنك ستعرف كيف تستجيب حاليًا للبيئات الاجتماعية المختلفة وكيف يمكنك تحسينها بالمستقبل من خلال التعاون مع الأفراد والمجموعات لإيجاد الحلول الأفضل لذاتك ومجتمعك مع أهمية مراقبة الآخرين ومشاهدة كيف يتفاعلون مع تعليقاتك ويتفاعلون مع الأحداث الخارجية المختلفة. لهذا، عليك أن تصبح أكثر تركيزًا وأن تستمع للآخرين بعناية أكبر لإلقاء نظرة خاطفة على الحالات العاطفية للناس. ويمكنك أيضًا طلب التعليقات من الأشخاص القريبين منك حول شعورهم تجاه مهاراتك الاجتماعية، كما يساعد التأمل اليقظ والممارسات الأخرى للحث على الهدوء كثيرًا في طريقك للتواصل مع الآخرين وبيئتك. كلما كنت أكثر هدوءًا واهتماماً، كلما أصبحت أفضل في مراقبة نفسك والآخرين والمواقف المختلفة للوصول إلى مستويات أعلى من الوعي في رحلة التطور البشري. الخلاصة، كلما تعمقت في أعماق نفسك، زادت سهولة صعودك لسلم الوعي.
2856
| 02 نوفمبر 2022
الخوف شعورٌ عاطفي طبيعي يصيب الإنسان عند تعرضه لموقف أو لشيء يُشعره بالخطر، بحيث يسبب له التوتر، والقلق، والفزع، فقد يكون الخوف شيئاً صحياً فيبقيه آمناً. وذلكَ عندما يُحذّر الشخص من شيء يُشكّل خطراً حقيقياً عليه. وقد يكون الخوف غير ضروري، فيصبح الإنسان بسببه أكثر حذراً مما يجب. وبالتالي سيتجنّب ما يخيفه ويتعزز شعور الخوف أكثر لديه. هناك مخاوف بالعمق يمكن التغلّب عليها إذا سعى الشخص لتخليص نفسه من هذا الشعور المزعج، أمّا إذا كان الخوف مَرضياً فيمكن للشخص مراجعة طبيب للمساعدة على تخطي شعوره، وكذلك يمكن التحدث مع شخص قريب عن مشاعره حتى يقدم له يد العون ويرشده للطريق الصواب. وبما أن هذا الشعور يعيق تقدّم الإنسان سواء في حياته الشخصية أو في علاقاته الاجتماعية أو حتى على الصعيد العملي، لكون هذه المشاعر المربكة قد تسبب تأخيرا أو تعطيلا في اتخاذ القرارات وخاصة المصيري منها. لشعور المرء بأنه مكبل بحالة من القلق النفسي من جراء تراكم الخبرات المؤلمة السابقة والتي قد يكون متجاهلها أو غير معترف بوجودها. والحقيقة أن البعض قد ينجح في تخطي الخوف عندما يدرك أن هذه المشاعر المزعجة قد غيرت مجريات حياته بشكل سلبي. ولكن قد يبقى الخوف عائقاً وحاجزاً في حياة الكثير من الناس، الذين يتعايشون معه وكأنه من المُسلمات فلا يقتربون منه كي لا يؤذيهم أكثر، كما أنهم لا يعترفون بوجوده، لكونه أمرا طبيعيا بمحيطهم الاجتماعي. لذا أرجوك اعترف لذاتك بأن هناك الكثير من الصدمات التي قد تكون تعرضت لها في فترات الطفولة أو الشباب ولكنك لا تعي أنها ما زالت ترافقك حتى اليوم، وتتحكم في أفكارك وعاداتك وتسيطر على معاييرك بشكل غير مباشر. ويمكنك ملاحظة ذلك في تصرفات من هم خارج محيطك، فإن كنت تخاف من حشرة معينة، راقب وستلاحظ أن هناك أشخاصا لا يخافون منها وكذلك هناك أطفال لا يهابونها بعكس محيطك الذي تتشابه به المخاوف وإن تباينت. فبالرغم من أنه ليس صعباً أو مستحيلاً التخلص من هذا الشعور إن تمكنا من الاعتراف به وهذه هي نقطة البداية. فإن لم تعترف بألمك كيف لي أن أعالجك؟ اجتهد في ذاتك وابحث عن حلول للقضاء على مسببات هذه المشاعر الضارة المتراكمة منذ الطفولة، فكل شخص يكمن بداخله العديد من المخاوف التي نتجت من التعرض لحادث ما. وإن كان يجهلها أو يتجاهلها ليواري جزءا دفينا لمرحلة أو مراحل قاسية تعرض فيها لصدمات بسبب الظروف أو الأشخاص المحيطين به. ولنعلم جيداً أننا جميعاً نملك مخاوف، فأنت لست وحدك بهذا الصندوق بل إن مخاوفنا مشتركة وصدماتنا متشابهة. تذكر بأنه باعترافنا سنُشجع الآخرين على أن يحذوا حذونا ليتخلصوا من مخاوفهم المكبوتة. لذا فلنتفق بدايةً بأن الاعتراف بهذه المخاوف لن يقلل من قدرك أو ينتقص من كرامتك، لكون الاعتراف هو بداية العلاج. إذاً عليك أن تحدد مخاوفك من خلال العودة للماضي بالغوص في خفايا الأمور والتدقيق في أبسط الأحداث لتستشعر البذرة الأولى وتستكشف أطرافها ومسبباتها والنتائج المترتبة عليها. ثم دونها بقلم وورقة واصفاً محيطها، معبراً عن كل المشاعر الحسية والمعنوية تجاهها. تخلص من كل المشاعر المؤذية بكتابتها لتقرر أنك اكتفيت من حملها كل تلك السنين وأنه آن الأوان للتخلص منها للأبد، مع مراعاة كتابة التفاصيل الدقيقة التي ستتذكرها مصحوبة بالعواطف التي رافقت هذا الموقف. ومع تقمص المشهد مرة أخرى يمكنك ترجمته بالكتابة لتعود لقراءته اليوم التالي. وصدقني ستنبهر من كمية المشاعر والتفاصيل التي ستطفو على السطح. ناهيك عن الارتياح الذي سيصاحب التخلص من تلك المشاعر التي لم تعد أصلاً بحاجة لها. ثم ابدأ بالتعبير عنها من خلال التحدث عن هذه المخاوف كل واحدة على حدة مع شخص مقرب إليك، تثق به. شارحاً له سبب أو أسباب الخوف مقروناً بتفنيده وعدم قناعتك ببقاء هذا الشعور بداخلك، وبأنك قررت أن تتخلص منه للأبد. وهكذا ستلاحظ أن مخاوفك ستتلاشى مع الوقت عندما تقرر عدم التركيز عليها. كما ستكتشف جمال الحياة بعد أن تكسر حاجز الخوف وتتحرر من عبوديته، لتُحلّق مع النسور مرتفعاً ومبتعداً عن كل ما يؤذيك.
4599
| 27 أكتوبر 2022
"كرامة الإنسان ليست حقاً أصيلاً وحسب، بل هي الأساس لكافة الحقوق الأساسية الأخرى. ولذا، فإن الكرامة، ليست مفهوماً مجرداً فهي حق إنساني لكل فرد على هذه البسيطة. واليوم، يعاني العديد من الذين يعايشون الفقر المزمن من الحرمان من كرامتهم، وغياب احترامها". هكذا يظهر شعار هذا العام، لإحياء اليوم العالمي للقضاء على الفقر، المدى الذي أسهمت من خلاله عدة عوامل، على مدى السنوات الماضية، في تحول الفقر إلى معضلة كبرى، في أنحاء متفرقة من العالم، لدرجة أنه بات ذا تأثير سلبي على الكرامة الإنسانية للملايين، وتؤكد الأمم المتحدة أنه ورغم استمرارها في الالتزام بوعدها بالقضاء على الفقر في العالم بحلول عام 2030، فإن الواقع الحالي يظهر أن 1.3 مليار شخص، ما يزالون يعيشون في فقر "متعدد الأبعاد"، وأن نصفهم تقريباً من الأطفال والشباب. حيث حدد خط الفقر العالمي الجديد مبلغ 2.15 دولار، وهذا يعني أن أي شخص يعيش على أقل من هذا المبلغ في اليوم يُعد شخصاً في حالة فقر مدقع. ووفقا للعديد من التقارير الدولية، خلال الأعوام الماضية، فإن أزمة تفشي كورونا ثم ما تلاها من غزو روسي لأوكرانيا، أديا بصورة كبيرة، إلى عرقلة الجهود الدولية، للقضاء على الفقر، وساهما في زيادة عدد الفقراء في العالم. وكان لجائحة كورونا الأثر الأكبر، في إظهار اتساع الفجوة، بين الأغنياء والفقراء، وكذلك إبراز فشل نظام الحماية الاجتماعية وغياب المساواة، فزادت الشركات قوة، في وقت ضعفت فيه قوة الطبقة العاملة وتآكلت حقوقها، في ظل عمليات تسريح قاسية بفعل الجائحة. وبما أن الفقر لا يمكن اختزاله فقط في الجانب المادي المتمثل في توفير العمل والعيش الكريم والسكن والتعليم والصحة وغير ذلك بل يتعداه إلى الجانب المعنوي المتمثل في الكرامة الإنسانية والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين وتكافؤ الفرص الوظيفية والحياتية والعدل بحيث يصبح الجميع متساوين، فإنه يمكننا قياس الفقر من خلال مستوى المعيشة والصحة وتوفير الغذاء. كما يعتبر مستوى التعليم في أي دولة في العالم من بين المؤشرات المعتمدة لقياس مدى انتشار الفقر فيها، فزيادة وصول الأطفال إلى التعليم تزيد من فرصة تكافؤ الفرص وتحسين ظروف العيش المادية والمعرفية والصحية، لكن المشكلة تكمن في أن حوالي 258 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس في العالم. ولا يذهب الأطفال إلى المدرسة لأسباب عديدة جميعها هي نتاج الفقر، فأكثر من 70 % من المدارس في كثير من الدول في قارة أفريقيا لا تتوفر فيها مياه صالحة للشرب أو مرافق صحية، كما أن معدل سوء التغذية أكثر بـ 50 % مقارنة بباقي أنحاء العالم، ونسبة إكمال التعليم الابتدائي أقل بـ 18 %. وقضيتا الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميتين، بل هما نتيجتان لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشاً في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية، إن العنف الصامت والمتواصل للفقر —الإقصاء الاجتماعي والتمييز الهيكلي وغياب التمكين— يُعجز المحاصرين في براثن الفقر المدقع عن الهروب ويُنكر إنسانيتهم. في عالم يتسم بمستوى لم يسبق له مثيل من التنمية الاقتصادية والوسائل التكنولوجية والموارد المالية، لم يزل الملايين الذين يعيشون في فقر مدقع يمثلون عارا أخلاقيا، فالفقر ليس مسألة اقتصادية فحسب، بل هو ظاهرة متعددة الأبعاد تشمل نقص كل من الدخل والقدرات الأساسية للعيش بكرامة. وقد قامت دولة قطر من خلال جميع مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية بدعم الدول الأقل نمواً للقضاء على الفقر من خلال إطلاق العديد من المبادرات والمساعدات لتحسين أمنها الغذائي وتطوير حلول مستدامة لتعزيز قدرتها على الصمود، في جميع المجالات. كما تعمل جميع المنظمات العالمية على دعم كل السبل للقضاء على جميع أنواع الفقر في العالم. ورغم تضافر الجهود العالمية إلا أن الفقر ما زال موجوداً. حيث يصادف هذا العام الذكرى الثلاثين لليوم الدولي للقضاء على الفقر، الذي فيه سيُشاد بالملايين الذين يعانون الفقر لما يتحلون به يوميا من شجاعة، كما سيُقر فيه بالتضامن العالمي الأساسي والمسؤولية المشتركة التي نتحملها للقضاء على الفقر ومكافحة جميع أشكال التمييز. وسنؤكد على الالتزامات التي نتعهد بها جميعا بما يحقق الاجتماعية والسلام ويعود بالنفع على كوكب الأرض.
2433
| 19 أكتوبر 2022
ظهر مصطلح الاستدامة منذ ثمانينيات القرن العشـرين، أول ما استخدم بمعنى الاستدامة البشرية على كوكب الأرض وهذا مهد إلى التعريف الأكثر شيوعا للاستدامة والتنمية المستدامة، حيث عرفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في عام 1987: بأنه التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة. وتركز الاستدامة على التوازن بين احتساب احتياجاتنا إلى استخدام التكنولوجيا بشكل اقتصادي، والحاجة إلى حماية البيئات التي نعيش فيها. ولا ترتبط الاستدامة بالبيئة فقط، بل إنها تتعلق بصحة المجتمعات، مع ضرورة اختبار التأثيرات بعيدة الأمد للأفعال التي تقوم بها البشرية من جميع النواحي البيئية والاجتماعية والتعليمية والصحية والاقتصادية.. وبما أن رؤية قطر الوطنية 2030 بركائزها الأربعة تمثل إستراتيجية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة تهدف إلى تحويل قطر بحلول عام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة مع الحفاظ على البيئة والاستمرار في وتأمين العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل. فإننا نحتفل هذا الأسبوع بالنسخة الوطنية السابعة لأسبوع قطر للاستدامة والذي يوفر منصة لتشجيع جميع القطاعات والأفراد للمساهمة في تحقيق رؤية قطر وترسيخ ثقافة الاستدامة، لذا فإنه من واجبنا كأفراد اتباع أسلوب المعيشة المستدامة الذي يسعى لتقليص استخدام الفرد والمجتمع لمصادر الأرض الطبيعية والشخصية، وهو الأسلوب الأمثل لتقليص انبعاثات الفرد الكربونية. لكوننا نعيش في عالم حديث متحضر نستهلك فيه الكثير من الموارد الطبيعية والطاقة يوميا، باستخدام المعدات والأجهزة، التي تحتاج إلى الطاقة الكهربائية. كما أننا نقوم بنشاطات متنوعة تؤثر بشكل مباشر بمعدل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون باستخدامنا وسائل النقل المختلفة، ونشاطات غير مباشرة ناتجة عن دورة حياة المنتجات التي نستخدمها (من مرحلة استخراج المواد الأولية إلى مرحلة التصنيع وصولا إلى مرحلة النقل والتوزيع النهائية). فلا تقتصر مهمة تحقيق الاستدامة على العلماء والحكومات والشركات بل يمكن لأي شخص اتخاذ خطوات بسيطة لتوفير استخدام الطاقة وخفض التلوث وحماية المصادر الطبيعية للحد من تقليل بصمته الكربونية. بالالتفات إلى الطرق والعادات المؤدية إلى ذلك: كقيامنا بشراء المنتجات المحلية قدر الإمكان، لكون هذه المنتجات لا تحتاج للشحن لمسافات طويلة، ذلك يعني أنها تستهلك طاقة أقل لتوصيلها إلى موقعك التجاري المفضل. كما بمقدورك استخدام أكياس يمكن إعادة استعمالها عند شراء الحاجات المنزلية والاحتفاظ بها في موقع سهل المنال مثل صندوق السيارة لتعيد استعمالها مجدداً. وهناك وسيلة بسيطة لتوفير الطاقة والحفاظ على البيئة ولا تحتاج منك إلى جهد كبير، بإطفاء الضوء عند مغادرة الغرفة، وينطبق ذلك على بقية الأجهزة الإلكترونية. ويمكنك أيضاً استخدام مصابيح الهالوجين أو الفلوريسنت التي توفر الطاقة بنسبة تصل إلى 25 % ويمكن لها أن تدوم ثلاثة أضعاف عمر مصابيح الإنارة العادية. كما يمكنك أن تحافظ على الطاقة باستخدام الستائر أو الشمسيات خلال فصل الصيف لحجب نوافذك وخفض امتصاص الحرارة بنسبة 80 %. يمكن لذلك أن يكون له فوائد كبيرة في توفير الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على التكييف. وكذلك الترشيد في استخدام المياه، عن طريق الحد من إهدار هذه النعمة التي تصل إلى منزلك دون أن تتكبد العناء في تصفيتها أو نقلها. في حين أن استخدام النباتات الداخلية كمصفاة للتخلص من الملوثات التي تبثها المعدات الإلكترونية تساهم في الوقت ذاته في تبريد الهواء في الغرفة أو المكتب. وكذلك التشجير للمسطحات الخارجية وتشييد المباني الخضراء ينقي الجو ويضفي صيغة جمالية. ولا نغفل أهمية محاولة استخدام وسائل النقل الجماعية في تقليل البصمة الكربونية وكذلك الحرص على إعادة تدوير المواد والتقليل من النفايات. والعديد من العادات التي تنمي الوعي المجتمعي بالميزة الأساسية التي تنطوي عليها الاستدامة، وهي تلك المتعلقة بكونها ميزة تنافسية للشركات التي تتبناها، والتي تتخذها إستراتيجية أساسية، فالناس لن يُقبلوا، ربما الآن أو بعد حين، إلا على الشركات التي تعمل على نجاة المجتمع، والحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية البيئة. وتظهر أهمية الاستدامة، في شكلها الأكثر عمومية، في أنها السبيل الوحيد للنجاة، ولإطالة أمد ما لدينا من موارد ضئيلة ومحدودة، إنها، باختصار، إستراتيجية لنجاة كل شيء على الأرض. فلنحرص جميعاً على المشاركة والتفاعل مع هذا النهج للحفاظ وحماية أجيالنا القادمة.
3915
| 12 أكتوبر 2022
كيف تنظر للحياة؟، سؤال بسيط تعكس كيفية إجابتك عنه أسلوبك في التفكير وسلوكك تجاه نفسك، وما إذا كنت متفائلًا أم متشائمًا، حيث يبدأ التفكير دائماً بالحديث مع النفس، كتدفق ليس له نهاية للأفكار الخفية التي تجري في رأسك، وقد تكون تلك الأفكار التلقائية إيجابية أو سلبية، ويكون بعض حديثك مع النفس نتاجاً للعقل والمنطق وهذا أمر جيد وطبيعي. ولكن قد يأتي حديث آخر إلى النفس نتيجة مفاهيم خاطئة تشكلت لديك بسبب نقص المعلومات، أو توقعات ناتجة عن أفكار مسبقة نتجت عن خبرات قديمة، أو مخاوف واستنتاجات مسبقة لمستقبل مجهول. فإذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك سلبية، فسوف تكون نظرتك للحياة متشائمة على الأرجح، أما إذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك إيجابية، فإنك على الأرجح شخص متفائل، أي أنك شخص يمارس التفكير الإيجابي. ولا يعني التفكير الإيجابي أن تتجاهل مواقف الحياة المزعجة، بل المقصود بالتفكير الإيجابي أن تتعامل مع المواقف المزعجة بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية، بحيث تعتقد أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ، وتبني أفكارك وتجاربك القديمة على النوايا الحسنة وليس السلوكيات المتباينة. وهناك سمات للتفكير السلبي، فيمكننا من خلالها تحديد النمط الذي نتبعه في تحليل الأمور، منها تضخيم النواحي السلبية لموقف ما وتجاهل جميع النواحي الإيجابية فيه، بالإضافة لشخصنة الأمور وتأنيب الذات بمحاسبتها على أبسط الأمور، وأن تتوقع الأسوأ تلقائياً دون أن تكون هناك حقائق تدل على أن الأسوأ سيحدث، أو أن تلقى اللوم دوماً على الآخرين بالبحث عن شماعة لأخطائك، أو بالتركيز على النواقص والبحث عن الكمال. والخبر الجميل هو أنه يمكنك أن تتعلم كيف تحوِّل هذا التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي، وهو عملية بسيطة، لكنها تحتاج إلى وقت وممارسة لتكتسب عادة جديدة في نهاية الأمر، كأن تحدد أولاً جوانب الحياة التي تفكر فيها بطريقة سلبية والبدء بشكل بسيط بالتركيز على أحد الجوانب لتتعامل معه بطريقة أكثر إيجابية، بالإضافة إلى ضرورة أن تقيّم نفسك يومياً وأن تكون منفتحاً على المزاح والضحك ولست متجهماً طوال اليوم ولا يكون ذلك إلا بمخالطة الأشخاص الإيجابيين والتعود على الحديث الإيجابي مع النفس، كأن تُذكر نفسك كل يوم بكمية النعم والمميزات الجميلة التي تمتلكها، وتبتعد عن تأنيب الذات. لذا ابدأ بهذه القاعدة البسيطة: لا تُحدِّث نفسك بأي شيء لم تكن لتقوله للآخرين، كن لطيفاً مع نفسك وشجعها. ولكن التحدي الأكبر هنا هو الاعتراف، هل يمكنك أن تجاهر مع ذاتك وتقر بأنك تفكر بسلبية؟ أو أنك تتصنع الإيجابية؟. قد تكون هذه الخطوة غامضة بعض الشيء، ولكن عليك أن تلاحظ أفكارك وتقيم حياتك لتحدد تحديداً دقيقاً مدى سعادتك ورضاك عن مُحيطك وحياتك بشكل عام، وجميعنا يعلم أن قلب الحقائق وتجاهلها لن يضيف لحياتنا سوى المصاعب والتعقيدات التي ستفاقم سلبياتنا، فأسهل طريق للوصول لبر الأمان هو الاعتراف مع الذات والتعاطي بشفافية مع أفكارنا محاولة منا لرؤية الأمور من منظور مختلف، لعل هذه الزوايا الجديدة تفتح لنا آفاقا من التغييرات وتمهد لدرجات أعلى من الوعي. ولتتأكد من تحليل تفكيرك أخبرني هل تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ أم الفارغ؟، فبإجابتك على هذا السؤال بشفافية وتجرد ستنتبه لتلك الأفكار المتراكمة منذ عقود والتي كانت جزءاً أساسياً من مصادر التوتر والقلق، والتي قد تؤدي إلى حالة من الاكتئاب بسبب اجترارك لمخاوف قديمة أو استرسالك لمستقبل مجهول ووضع تصورات مربكة لما قد يحدث مما سيفاقم من حالة الإحباط والتشاؤم لديك، وذلك بسبب تركيزك على النصف الفارغ من الكوب. لذا.. تعلم أن توقف أفكارك السلبية بتوجيه اهتماماتك إلى أنشطة محفزة بالتحرك وعدم الاستسلام لهذه الأفكار، والتدرب على عدم الحكم على الأحداث بسلبية، كيلا تغدو متشائماً فتفقد الحظوظ الجميلة التي لا تفارق الأشخاص الإيجابيين والذين يتمتعون بمنافع صحية ويتأقلمون بطريقة أفضل مع المواقف المسببة للتوتر، فيتجاوزونها بطريقة أسهل وأسرع، ولا يسمحون لها بالتأثير على أفكارهم المستقبلية، ليقينهم التام بأن نصف الكوب الممتلئ نعمة وعليهم المحافظة عليها بتقديرها والتمتع بتوفرها وكذلك بالطموح إلى زيادتها من خلال حسن ظنهم بمستقبل يفيض به الكوب ليغدو كوباً ممتلئاً.
2976
| 28 سبتمبر 2022
كثيراً ما ننغمس بين المسؤوليات والمتطلبات الحياتية، فنخوض التجارب ونمارس المهام ونقوم بواجباتنا نحوها، من خلال تعاملنا مع افراد أسرتنا ومحيطنا المجتمعي وكذلك نحو وظائفنا وخططنا اليومية أياً كانت مستمرة أو متقطعة. فكل دور نؤديه لفرد أو جهة هو بمثابة كمية كبيرة من الجهد الجسدي والفكري بالإضافة لحمولة ضخمة من المشاعر نقدمها طواعية أو مجبرين لفترات متفاوتة ومتباينة، فتمتص قوانا الفكرية والجسدية وتحطم مشاعرنا عندما نخطئ في تقديرها أو نقدمها للاخرين كفرض كفاية أو مجاملات مجتمعية وننتظر المقابل. إن قاعدة كل جهد يجب ان يليه تقدير أو منفعة، وإلا فإنه لا جدوى من تقديم هذا الجهد وان كان بسيطاً، ليحل محله السخط والتنافر. مع مرور الزمن سنكتشف بأنها لم ولن تجلب لنا إلا التعاسة، في حين قيامنا بأمور أخرى دون انتظار أي مقابل من ورائها تشعرنا بالرضا عن ذواتنا كتربية أبنائنا وقيامنا بأعمال تطوعية. وبما ان الانسان يقضي في المتوسط قرابة ثماني سنوات من حياته في العمل. وهو جزء كبير من حياتنا لا بد أن نوليه اهتماماً كبيراً. لذا ينبغي أن نركز فيه للوصول لمستوى الرضا والسعادة، حتى لا ينتهي قطار العمر ونكتشف في النهاية أننا قضينا هذه السنوات من حياتنا بطريقة لم نشعر خلالها بإنسانيتنا. لذلك علماء النفس صنفوا العمل من حيث الممارسة إلى "وظيفة أو رسالة". فيكون العمل وظيفة عندما يكون الدافع الرئيسي من القيام به: هو الحصول على أجر مع نهاية كل شهر، يحقق من خلالها الاستقرار والامان المالي. فربما يكون الشخص غير راضٍ تماما عن العمل الذي يقوم به، ولا يجد فيه ما يحقق له رغباته؛ ولكن دافع الحاجة والرغبة للمال هي من تقف خلفه. ويكون العمل رسالة: عندما يكون هناك ارتباط وجداني وعاطفي مع المهام التي يقوم بها. فيشعر الشخص من خلالها بأنها جزء اساسي من حياته. فيحقق فيها قدرا عاليا من الاشباع والرضا الشخصي. كونها المرحلة التي تتوافق فيها التحديات مع نقاط القوة التي يمتلكها الشخص. ولا ينطبق ذلك على العمل الوظيفي فقط، بل إن كل ما نقوم به من جهد يُعد عملا انسانيا ويستحق منا سلوكيات وأفكارا ومشاعر، يمكننا تصنيفها كوظيفة أو رسالة لأن الاكتشافات الاخيرة تكاد تكون صادمة؛ حيث تذكر أن كل رسالة يمكن أن تكون وظيفة، وكل وظيفة من الممكن أن تكون رسالة. فالمدرس الذي يدرس من أجل الحصول على مرتب آخر الشهر فهو يؤدي وظيفة، بينما عامل النظافة الذي يعتقد أنه يساهم في خلق بيئة نظيفة وصحية ليعيش الناس بسعادة فهو يؤدي رسالة. وبما اننا جميعاً نبحث عن السعادة والراحة النفسية في اعمالنا، وليس البحث عن المال في مقابل التعاسة وعدم تحقيق الذات. يقوم علم النفس الإيجابي، على التركيز على كل ما يخلق الرضا والاشباع الشخصي، كالتركيز على دور المشاعر الإيجابية، وتوظيف نقاط القوة والفضائل في خلق حالة من الإشباع الدائم، والوصول لما يسمى بالتدفق حيث يصل الشخص فيها لحالة انسجام مع العمل أو الجهد الذي يقوم به، فلا يشعر خلالها بالوقت. وهذا يحدث لنا أحيانا عندما نقوم بمهمة معينة، ونستغرق فيها بتركيزنا، فنشعر بعد فترة بأن الوقت مر سريعا ونحن منغمسون بسعادة ورضا. إذا فجميعنا يمكننا فعل ذلك لكونه غير محصور على فئة معينة شديدة المهابة كالدعاة والأطباء والعلماء وغيرهم، فهو أمر غير خارق وكل ما علينا فعله هو ان نتدرب على النظر للمهام المنوطة بنا كرسالة نستمتع بها ونتقنها بشغف دون انتظار مقابل بل فقط لتحقيق ذواتنا وتنمية مهاراتنا الذاتية. إن الرسالة الصريحة التي اريد أن اوصلها في النهاية، أننا نستطيع أن نصل إلى الرضا الشخصي في أعمالنا؛ لو استطعنا أن نعمل في مجالات تتوافق مع نقاط القوة والقدرات والمواهب التي نمتلكها، او أن نُكيف اعمالنا الحالية بحيث تجعلنا نستغل نقاط تميزنا. اعرف أن هناك أشخاصا يمتلكون مئات الأسباب تمنعهم من الوصول للإشباع والتدفق في حياتهم، لكن ما أعرفه أيضا هو أن حياتنا وسعادتنا لا تقبل المساومة. فما أجمل ان نوجد معنا اسما وذا قيمة لما نقوم به، بحيث يتجاوز ذواتنا لخدمة مجتمعاتنا والبشرية بشكل عام.
990
| 21 سبتمبر 2022
ثقافة الكلمة هي من ثقافة التفكير الايجابي والتي بدورها ثقافة عميقة تبدأ ذهنياً باستدعاء الكلمة والصورة وتدوين فكرتها بإبداع. فكل ما يدور في أذهاننا من كلمات منطوقة او مكتوبة بشكل ايجابي تؤدي الى اثبات هويتنا الايجابية. وكم هي هذه الكلمة الايجابية مطلوبة في منظومة التفاهم في المجتمعات وبين مجموعات البشر. ولا شك ان التفنن في تركيب الحروف الايجابية يساعد في صنع فن الكلمة وفن الجملة الايجابية الجميلة. فإن شعباً يتفنن في تركيب حروفه وكلماته جملاً وعبارات ايجابية جميلة ليستحق الارتقاء في حياته لمجرد استخدامه تلك التراتيب والتراكيب ان كانت في حياته اليومية او في مدوناته من المطبوعات والاخبار والجرائد او حتى كتاباته الشعرية او النثرية وكذلك تخيلاته وافكاره الذهنية. ويُطلق مصطلح التفكير الإيجابي عادة للإشارة إلى موقف معين أو معتقَد أو حالة عقلية أو القيام بسلوك معين يعبر عن سمة إيجابية، ومع ذلك، فقد أشار العالمان ويلكينسون وكيتشنجر سنة 2000 إلى أنه عندما يقول شخص ما -أنا إيجابي-، فإن ما يقوله ليس بالضرورة هو ما يفكر فيه، علاوة على ذلك فإن التفكير الإيجابي يحمل معاني متعددة حسب الأفراد، والخبرات الفردية الخاصة لكل منهم والفروق الفردية بينهم، والسياق التي تحصل فيه الأحداث والتي يتصرف فيها الفرد بطريقة توصف بأنها إيجابية. ولكن هناك فكرة عامة ومقبولة على نطاق واسع، بأن حياة الأشخاص ذوي التفكير الإيجابي هي أفضل من حياة ذوي التفكير السلبي، حيث تم التوصل في بعض النقاشات والدراسات العلمية إلى أن التفكير الإيجابي كان له علاقة سببية مباشرة بالحياة المتسمة بالرفاهية والصحة النفسية. والتي قد يعيش فيها الإنسان، من خلال مساعدته على التأقلم مع الواقع والتكيف العقلي، وإعادة صياغة أو تفسير الصعوبات بطريقة أكثر ملائمة لحياة الأشخاص، ويفترض أن هذا التأثير -بشكله غير المباشر- يُمكّن الأشخاص من التقدم في الحياة أو التخلص من الأمراض، وبالتالي فإن من المُرجح أن أهمية التفكير الإيجابي تكمن في كونه يساعد في خلق تصور أو اعتقاد لدى الأشخاص لنوعية حياة أفضل من خلال تقليل مستوى التوتر وتنمية قدرة الأشخاص على حل المشكلات في الحياة اليومية وذلك من خلال التحدث الذاتي الإيجابي أو الأفكار التلقائية الإيجابية، إذ اقترح علماء النظريات النفسية المعرفية أن الأفكار التلقائية قد تعكس أشكال التفكير المعتادة أو سمات الشخصية، والتي بدورها تمارس تأثيرات قوية على العواطف والسلوكيات وعند ملاحظة أنماط الاستجابة لدى الأفراد، يمكن الاستنتاج بأن الأفكار التلقائية الإيجابية ترتبط بشكل عكسي بالسلوكيات السلبية والتأثيرات السلبية، إن تحفيز الإدراك الإيجابي والتفكير الإيجابي يؤدي إلى تأثير سلبي أقل وتأثير إيجابي أكثر، وقد لاحظت بعض الدراسات هذا التأثير على عينات كثيرة، لا سيما لدى عينات من النساء المكتئبات، أو عينة من كبار السن، إذ ظهر هذا التأثير بشكل واضح ومميز في علاج الأمراض النفسية والجسدية، حيث حاولت إحدى الدراسات النفسية تقديم منظور بنائي حول أهمية التفكير الإيجابي في علاج مرضى السرطان، عبر استخلاص البيانات من الدراسات النظرية حول دور الإيجابية في تفاعلات الرعاية الصحية، من أجل تحديد الآثار المترتبة على التفكير الإيجابي في المستقبل، وتوصلت النتائج إلى أن مرضى السرطان يسعون بشكل كبير إلى القيام بتفاعلات ذات طبيعة تعزيزية وعلاجية مع موظفي الرعاية الصحية، وقد تكون الإيجابية جزءًا من هذه العملية. بدليل قول الدكتور جون ديمارتيني "إن أي مرض عضال يمكن علاجه من داخل الإنسان نفسه". ولكن بالمقابل ربما تتعجب من معلومة ان الأفكار السلبية لها إدمان يفوق إدمان المخدرات آلاف المرات، فمع مرور الوقت تتأصل الفكرة السلبية في داخلك حتى تصل إلى مرحلة تعتقد أنها جزء منك مسببة لك العديد من الأمراض النفسية والجسدية. لذا عليك أن تعلم ان كل النصائح التي تتلقاها حول ضرورة التفكير الإيجابي هي ببساطة عديمة الفائدة طالما لم تتخلص من الأفكار السلبية أولاً. ولن يكون ذلك سهلاً أو سريعاً ولكن الرغبة في تصحيح توجهاتنا وأفكارنا وتنمية ثقافة الفكر الإيجابي لدينا كفيلة بإن نقاوم الأفكار السلبية من خلال الخروج عن الجو المعتاد للتخلص من الضغوط وتغير لغة الجسد والتحدث عن المشاعر وذلك لأن أفكارنا وعواطفنا هي المسؤولة عن إعادة ضبط وتنظيم وتشكيل أجسادنا.
3612
| 14 سبتمبر 2022
التغيير عملية صعبة ومعقدة، تخرجنا من منطقة الراحة، لتربكنا وتنسف واقعنا، كما أن التغيير قد يثير التساؤلات ويفتح المجال للاعتراضات والجدل وقد يصل الأمر للتصادم مع الآخرين. هذا هو حديث الأرواح المتحجرة التي فقدت متعة الحياة. التجارب المتراكمة والمخاوف الممزوجة بالقيم السلبية على مر السنين، حولتهم إلى رهائن لهذه المعتقدات الخاطـئة التي كبلت أفكارهم فغدا كل ما هو جديد صعب المنال، وكل ما هو مختلف مخيفاً، أحاطوا أنفسهم بأسوار من صنع أيديهم، وبرمجوا أدمغتهم بأفكار سلبية تحثهم على الجمود. ولو أنهم بذلوا القليل من الجهد لتذوقوا طعم لذة الحياة.. فالإنسان على الدوام بحاجة إلى إجراء تغييرات في حياته ليواكب العصر ولا يغدو يعيش روتيناً مملاً وكأنه قالب صمم له وهو بالمقابل انصهر بداخله ليتناسب وينتمي لهذا القالب. التغيير هو عملية تحول من واقع وحالة نعيش فيها إلى حالة نرغب بها ونصبو للانتقال إليها، ونتناول هنا التغيير الإيجابي الذي يُعد قوة داخلية ضرورية للإنسان، ولها أهمية كبيرة في خروج الفرد من حالة يرفضها إلى حالة يقبلها، متحدياً كل الصعوبات التي قد يتعرض لها في المستقبل، لذا فإنه يحتاج إلى إرادة وتصميم، بالإضافة لاتباع وسائل وطرق ملموسة تمكنه من الوصول إلى هدف معين، إلا أننا لسنا هنا في طور شرح طرق التغيير، لأن عملية التغيير تتباين بين الأشخاص والظروف وكذلك المجتمعات، فما يناسبني قد لا يناسبك والعكس صحيح. لذلك علينا أن ندرك ونراعي العديد من الأمور الأساسية عندما نضع نية التغيير، ومن بعض تلك الأساسيات التي يجب عدم إغفالها معرفة ان هناك العديد من التجارب لأشخاص تمكنوا من تغيير أنفسهم (وتحدوا) واقعهم بالعزيمة والإصرار. إذاً (فالتغيير) ليس مستحيلاً وكل ما نحن بحاجته هو اليقين التام بقدراتنا لتحقيق الأهداف من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين. كما أن علينا الابتعاد عن الأشخاص المثبطين للعزائم وأصحاب الإيحاءات السلبية الذين يحاولون إقناعنا بأن الحياة والظروف هي التي تتحكم بنا وليس هناك مجال للتغيير أو تطوير الذات. هذا وليس مطلوب منك التعجل، (فالتغيير) السليم يحدث بالتدرج، ويبدأ باستبدال كل عادة سلبية على حدة من خلال وضع خطة يتم اتباعها وتغييرها عند الحاجة لتناسب مع المستجدات. احرص على ألا تحاول الإنصات إلى ذكريات الماضي ولا ترهق نفسك بالتفكير بتلك الفترة، وإنما اجعل نظرك دائماً للفترة المقبلة من حياتك مع تصور حدوث التغيير، وما ستكون عليه بإذن الله تعالى. غيّر استراتيجية عملك عند عدم الوصول إلى النتائج التي تطمح للوصول إليها، ولا تحاول الجلوس واليأس والفشل، وإنما اتبع طرقاً أخرى لتحقيق الأهداف. ابدأ دائماً بخطوات صغيرة ولا تحاول القفز في خطوات واسعة وكبيرة؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى الفشل والشعور بالإحباط، وابدأ بتطبيق الأهداف السهلة ثم الأصعب فالأصعب. لا تنتظر تغير الظروف لتكون في صالحك، وإنما غير الظروف لتكون لمصلحتك ولتستطيع تحقيق أهدافك، أعط نفسك مكافآت عند تحقيقك أي هدف أو تُحدِث أي تغيير، لتشجع نفسك على الاستمرار في التغيير. يقول العالم وليام جيمس: (إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية)، وهذا يوضح إمكانية التغير نحو الأفضل في أي وقت من الأوقات، وفي أي مرحلة من المراحل، توكل على الله تعالى، وابدأ التغيير من داخل قلبك وعقلك، لتغير معتقداتك الخاطئة، واقتنع بنفسك، وآمن بقدرتها على التغير، خاطب نفسك باللغة الإيجابية والمحفزة للعمل، ولا تحاول الإنصات لأي عبارات محبطة قد تقودك للخلف، حدد هدفك من التغيير بوضوح لتستطيع رسم الطريق الذي تنوي السير فيه. خذ ورقةً وقلماً واكتب ما هي الأمور التي تحب أن تغيرها في نفسك؛ مثل: ترك التدخين، أو حفظ القرآن الكريم، أو إنزال الوزن، أو صلة الأرحام، أو تطوير مهارات العمل، وبعد ذلك اكتب السلبيات التي تنتج في حال لم تحقق هدفك، والنتائج الإيجابية التي تنتج عند تحقيق الهدف، فذلك يشحن طاقتك باستمرار. وقبل كل ذلك عليك أن تدرب عقلك على فكرة التغيير من خلال التجرد من جميع الخبرات السابقة والمعوقات التي قد تكون موجودة في خيالك أنت فقط ومن الضروري جداً أن تكون على يقين تام بإن الله لن يكتب لك إلا الخير لقوله تعالى (أنا عِندَ ظَنّ عَبدي بِي)، أحسنوا الظن ودائماً انتظروا الأجمل لتستشعروا السعادة عند بلوغ الأهداف، ولتنعموا بطعم حلاوة التغيير، لقوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). Instagram: Sha.Alkubaisi Twitter: AlKubaisiSha
2304
| 31 أغسطس 2022
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...
6735
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...
6405
| 14 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...
3411
| 12 أكتوبر 2025
في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...
2790
| 12 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2082
| 16 أكتوبر 2025
مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...
1815
| 10 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
1650
| 16 أكتوبر 2025
قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....
1524
| 14 أكتوبر 2025
الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...
1185
| 14 أكتوبر 2025
لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...
1062
| 14 أكتوبر 2025
حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...
966
| 10 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
834
| 16 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل