رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قصة (دموع مختلفة): "قصَّ عليها رؤياهُ في ثوان، فمسحت الدمعة الأولى من خده. بعدها بدقائق أسقطت أمطارًا من الدموع، حيث كان يُمهّدُ لإخبارها بقراره الزواج من أخرى".نحن هنا أمام مشهد درامي مثير، ولعل الزواج من أخرى يعتبر من المحرمات والمأساويات لدى المرأة الأولى. وهو موضوع اجتماعي هام، إذ يستحيل أن تتنازل المرأة كي تحتل أخرى مكانها، أو على الأقل تكون على خط متوازن معها في احتلال قلب وتفكير الزوج. كان استخدام كلمة (رؤياه) موفقا جدًا، حيث جسّدت الحالة التي قد تكون مختلقة أو لربما غير صادقة. لأن الرجل إن كان يحبُّ زوجته هذا الحب الذي يجعله يذرف الدموع، لن يُقبل على الزواج من أخرى؟! هل هي دموع التماسيح؟ أم أن الزوج يريد خداع زوجته بتلك الدمعة، والتي قامت الزوجة بطيبتها، بمسحها بيدها، قبل أن يُفجّر القنبلة في وجهها. ونلاحظ جملة (أسقطت أمطارًا)، جاءت في مقاربة مع (الدمعة الأولى)، التي سقطت من عين الزوج. كما أن فعل (السقوط) لم يأت عفويًا، كما هو الحال في (فسقطت أمطارٌ)، بل يُنبئ المشهد عن أن الفاعل هي الزوجة، وهي من قام بفعل الإسقاط. فهل نحن أمام حالة صدق من قبل الزوجة؟ أم أنها حالة مختلقة أيضًا! كما هو حال الزوج! ولقد جاء العنوان جزءًا من القصة (دموع مختلفة)، حيث يضع القارئ في مكان التوجس والبحث عن مدى صدقية أي من الدموع (دمعة الزوج) أم (أمطار دموع الزوجة)!هكذا تسير قصص الكتاب في 115 صفحة من القطع المتوسط، سلاسة، جمال الوصف، شفافية البديع، التركيز والتكثيف، الوضوح والغموض في آن واحد، كي تتاح الفرصة للقارئ لاكتشاف معالم المعاني المتوارية خلف الكلمات.ظاهرة جميلة في منطقة الخليج العربي، نأمل أن يتم تناولها بالبحث والدراسة.
381
| 05 سبتمبر 2016
الحراك الإبداعي الثقافي في منطقة الخليج العربي، يأتي امتداداً للحراك في دائرته العربية الأوسع. ولقد برزت القصة القصيرة جداً خلال العشر سنوات الماضية كملمح يتماشى مع روح العصر، واتجاهات الاختصار، وظاهرة ( المايكرو) التي وصلت إلى الأزياء النسائية قبل عشرين عاماً. وضمن هذا الإطار يأتي إصدار الزميل الدكتور سعيد محمد السيابي (أحلام الإشارة الضوئية)، الذي يضمن 109 قصص من هذا النوع القصير.لستُ بصدد تقديم دراسة عن الكتاب هنا، فقد يكون ذلك تالياً، ولكن للفائدة العامة، وللمهتمين لهذا النوع من الأدب، سوف أنتقي بعض النماذج وأُعلق عليها.قصة (البنطلون):"كان يتفاخر أمام أمّه بأنه سيحتفل بمرور سبعة أشهر منذ قرر ارتداء البنطلونات والقمصان فقط. أوقفه ع مواصلة حديثه صوت ارتطام غراب على زجاج النافذة التي اهتزت. فسقطت صورة الأب الذي كان مرتدياً خنجره - بالأبيص والأسود- والمعلقة على الجدار. تهشمت الصورة أمام أمّه".نلاحظ في هذا المشهد ثنائية التمسك بالتقاليد والتحلل منها! وهو بوحٌ غير مباشر، واستحضار لمدى هجمة المدنية على المجتمع الذي يضرب في عُمق التاريخ. وتُغنى تلك السطور الأربعة عن عشرين صفحة من الإنشاء والإطناب لشرح الموضوع. وهذه الميزة الأساسية في القصة القصيرة جداً؛ خصوصاً في ظل سرعة إيقاع الحياة، وعدم إقبال كثيرين على القراءة، ضمن الهجمة الاستهلاكية على المجتمع العربي. ناهيك عن جمالية استخدام الكلمات، فالغراب الذي ارتطم بالنافذة، إشارة إلى سوء المنقلب، لأن رؤية الغراب فألٌ غير حسن. وكان استخدام الكاتب للغراب للوصول إلى المعنى العام الذي يريد الوصول إليه، وهو الاستغراب من حالة التخلص من الأصالة، ليس في لبس البنطلون فحسب، بل في الإقبال النهم على كل ما هو غربي، وهو ما يتصل أيضاً بتشكل الهوية العامة للمجتمع. كما يُمثل سقوط صورة الأب – المرتدي خنجرهُ- باللون الأبيض والأسود، إشارة احتجاج تأتي من التاريخ ضد تصرّف الابن الذي لم يحافظ على تراثه وهويته. وإشارة الكاتب إلى اللونين الأبيض والأسود تعطينا فكرة غياب الأب أو رحيله منذ فترة ليست بالقصيرة، لأن الصورة غير ملونة.قصة تختصر حياة بعض شباب اليوم مع الموضات الغربية، وصرخة احتجاج ضد التغريب الذي يجتاح المجتمعات العربية. قصة (انكشاف):"لم تمسك الطعام في يدها، مُربيتها كانت تغرسُ كل شيء في فمها، ولكن ما أن طارت إلى عش الزوجية، حتى تحولت القطة السمينة المُدللة إلى ما يُشبه هيكلاً عظمياً".هذه صورة اجتماعية لواقع مرير تعيشه الفتاة في منزل والدها، حيث يقوم على خدمتها الخدم والحشم، ولا تتجشم الفتاة عناء رفع اللقمة إلى فمها، وهذه إشارة بليغة لمعنى الدلال والاتكالية على الغير وضعف الشخصية. كما أن الكاتب لجأ إلى بعض المفردات القوية الدالة على إدانة الفعل، كما نرى في كلمة (تغرس) بدلاً من تُطعم، أو تُلقي، لأن تُغرس تعطي انطباعاً أو تؤسس لمشهد فيه الكثير من الحركة الدالة على سلبية عملية الإطعام. وكذلك لفظة (القطة السمينة)، في إشارة إلى أن البنت المُدللة لا تتحرك، وطلباتها مُجابة، بحيث اكتنز جسدها باللحم والشحم. ولها تفاسير أخرى، منها: أن البنت لا تمارس الرياضة وتأكل كثيراً، ولا تهتم بأي شأن من شؤون الحياة من حولها، حيث يقوم آخرون بها نيابة عنها. كما أن استخدام كلمة (عُش) يرمز إلى هشاشة المكان بالنسبة لفتاة سمينة! ولم يقل الكاتب (بيت الزوجية) مثلاً! لأن دلالة كلمة (عُش) أبلغ في المقاربة الواضحة مع (القطة السمينة)، حتى تكون في النهاية (هيكلاً عظمياً)، بعد أن تفقد الدلال وملامح الاتكالية. إنها إشارة إلى أن (عُش الزوجية) يفصح عن أن الزوج ليس من الأثرياء، كما هو الحال في بيت أبيها، ولقد بنى الزوج (عُشه) على قدر ما لديه من مال، ولم يكن لديه خدم أو حشم!.هذا الاختزال – في التوجه الجديد في القصة القصيرة جداً – يوفر الوقت على القارئ ويُعمق الفكرة، ويُتيح المساحة للتأمل والتأويل وتفسير المشهد حسب حالة كل قارئ!
1502
| 04 سبتمبر 2016
الحديث عن الثقافة المحلية ذو شجون! كما هو الحديث عن الصحافة الثقافية، الذي لا يشعر بأهميته أو ضرورته إلا المشتغلون الحقيقيون في هموم الثقافة، والذين يشعرون بأن لهم دورًا أساسيًا للارتقاء بمفاهيم المجتمع عبر النشر العاقل للحراك الثقافي، وتقديم الرؤى الخلاقة للوصول بالمجتمع إلى الدرجات التي ينشدها في كافة مناحي الحياة. الحديث عن الصحافة الثقافية لا يقل أهمية عن الثقافة ذاتها، كون هذه الصحافة مرآة عاكسة للحراك والإنتاج الثقافي، وما يدور في خلد المثقفين، وما ينتجونه من أعمال تخدم مجتمعهم، ويساهمون بذلك في رفد الثقافة العربية الشاملة. ومن خلال تجربتنا مع الصحافة الثقافية لأكثر من 46 عامًا، منذ انطلاقة مجلة العروبة، وحتى اليوم، مرورًا بالمجلات المتخصصة مثل: مجلة الدوحة، مجلة العهد، مجلة الجوهرة، أخبار الأسبوع، بروق.. وغيرها من المجلات التي توقف أكثرها، إلى جانب الصحف اليومية والتي تنشر مواد متعلقة بالثقافة، وبعضها خصَّص ملاحق لهذا الموضوع. ولقد واجهت الصحافة الثقافية مجموعة من الملاحظات التي لابد وأن تتم معالجتها بطرق عقلانية، كي نضمن "استواء" ثقافة النشر، وعدم انحيازها عن سوية تقديم الحقيقة للجمهور دونما مواربة أو مجاملة لهذا الطرف أو ذاك. ومن تلك الملاحظات: 1 - ارتباط مواضيع المجلة الثقافية بجنسية القائم على المجلة، ولقد عاصرنا وجودًا واضحًا لجنسيات معينة تُنشر مواضيعهم كل شهر!؟ مع تجاهل البعض الآخر، كما ترتبط الصفحة الثقافية في بعض الصحف بعلاقات بعض المحررين العاملين على الصفحة، مع بعض "الأصدقاء" الذين يتم نشر إنتاجهم أو الإشارة إليه حتى أكثر من ثلاث مرات في العام!؟ وهذا مخالف لمهنية النشر، رغم تواضع ذاك الإنتاج. 2 - غلبة الجانب التقريري "المادح" على الروح الخلاقة والنقد التوجيهي الذي يُعين المبدع على المزيد من الابتكار والتجديد، وتحديث أدواته مع تقدم سِنه. 3 - تواضع مستوى بعض المحررين أو المتعاونين مع بعض الصحف، وعدم التزامهم بالمرجعيات والأصول الثقافية، كما أن بعضهم لا يعرف المبدعين الحقيقيين، أو يكون انتقائيًا في عرض موضوعاته؛ ويعمد إلى تجاهل الرموز الثقافية المحلية. 4 - عدم سلامة (التأريخ الثقافي)، وذلك أن بعض المحررين لا يودون أن يجتهدوا في البحث، وقراءة المُنتج الثقافي بشكل مُركز. ونتيجة لذلك، ظهرت بعض القضايا والإشارات في صحافتنا افتقد بعضُها الدقة والحقيقة، وتم الترويج لإنتاج وأشخاص أبعد ما يكونون عن الثقافة، فمثلًا ينبري أحدهم للحديث عن الرواية القطرية!؟ وسِنُّه وخبرته لا تؤهلانه لهذا الحديث، لأنه لم يقرأ الروايات القطرية، ولم يُحللها، فيقوم بعمل تحقيق عن الرواية، لا يُشارك فيه أيَّ راوٍ أو روائية قطرية!؟ وهذا مخالف للواقع ولأمانة النشر. ونشَر هذا المحرر كلامًا على لسان أكثر من خمسة من المُستَنطقين على أنهم من الرواة، وهم ليسوا كذلك، ولم نقرأ لهم أي روايات!؟ فهذا تجنٍّ على الموضوعية، ونقلٌ غير دقيق عن الحقيقة!. ولا يجوز لمثل هذا المحرر أن ينشر ذاك التحقيق، في الوقت الذي يوجد في قطر أكثر من 10 كتّاب روائيين، أصدر بعضهم أكثر من 4 روايات التزمت بخصائص السرد المعروفة، تجاهلهم ذاك المحرر في وضح النهار. فلمصلحة مَن يتم تزيّف الواقع الثقافي؟ ولمصلحة مَن يتم الترويج لبعض كتاب القصة القصيرة أو المذكرات أو الخواطر على حساب الرواية القطرية التي وصل عددُها حتى اليوم إلى 24 رواية فيها القيم الفنية التي تستحق أن يُطلق عليها اسم (رواية)؟ نحن نعتقد أن دور الصحافة تنويري، يعتمد على إبراز الحقيقة للقارئ وعدم تزيّف الواقع، ولكن ما نقرأه من خط يد بعض المحررين يخالف هذا الاتجاه، ويخلق "أصنامًا"، يدعو المحرر إلى الانحناء لها على حساب التأريخ الثقافي.
451
| 29 أغسطس 2016
يعتمد نجاح أي برنامج تلفزيوني على (كاريزما) المقدم، إذ مهما كان الإعداد جيدًا، والديكور مبهرًا، والمؤثرات السمعية والبصرية رائعة، يظل المقدم هو المحور الأساسي لإنجاح أي برنامج تلفزيوني. وخرجت علينا بعض المحطات العربية مؤخرًا ببعض المقدمين الذين لم يتمرسوا مهنة وتقنية التقديم، ما أضاع جهود القائمين على تلك المحطات، وسبب إفقارًا للموارد المالية، نظرًا للبذخ الواضح على بعض هذه البرامج وعدم وجود مردود لا معرفي ولا مالي. وإذ ندرك أهمية حضور المقدم ولباقته في التعامل مع الجمهور ومع الضيف، فإننا ندرك أيضًا أهمية ثقافة المقدم وخلفيته العلمية والمهنية، وقدرته على التواصل مع الجمهور عبر العين، وعدم الضياع بين سطور جهاز القراءة، وأهمية إظهاره لضيفة بالصورة اللائقة، وتجنب ما قد يضايق الضيف من حيث طرح أسئلة الإثارة والمحاصرة – طبقًا لنظرية الدوان حول الذات التي يمارسها بعض المقدمين – أو الاستهزاء برأي الضيف إن خالف رأي أو فكر المقدم، فإن البرنامج يظل مستندًا على المقدم. وتوقفت محطة بأكملها لأن المقدم الرئيسي فيها لا يمتلك كاريزما التقديم، كما توقف أحد البرامج مؤخرًا بسبب عدم التزام المقدم بمواصفات ومهنية التقديم التلفزيوني، ولكن مازال الفضاء مزدحمًا ببعض المقدمين الذين لا يقدمون شيئًا جديدًا، وإن قدموا فكرة جيدة، فإنهم "يحرقونها" بعدم التقديم اللائق الذي يحترم عقلية المشاهد، ومن أمثلة ما نشاهده هذه الأيام في بعض التلفزيونات العربية: 1 - عبادة المقدم لنفسه، ودورانه حولها، دونما اعتبار للموضوع الذي يقدمه ولا لأهمية المشاهدين. 2 - التمثيل الواضح – لدى بعض المقدمات – واستعراض المخرج لملامح من جسدها، دونما مبرر، أو قيامها بتسبيل عينيها عندما يتحدث الضيف، أو قيامها بـ"غمز عينها" للانتقال من فقرة إلى أخرى، وهذه من الأمور غير المهنية وتتعارض مع أخلاقيات العمل التلفزيوني. 3 - كثرة "الردح" والصراخ في بعض البرامج التي تبث على الهواء، ونحن ندرك أن التلفزيون وسيلة إقناع، وله لغته الخاصة عبر الصورة والكلمة، ولا يمكن أن يقتنع المشاهد بأسلوب الردح أو الصراخ، حيث يمكن أن نرى المقدم يستخدم يديه ورجليه ورموشه وحواجبه، بل ويلجأ أحيانًا إلى "اللطم"، كل ذلك من أجل أن يقول للمشاهدين: أنا لدي نهج جديد في التقديم (New Look)، وهذا أسلوب طارد للمشاهدين، بل ويجلب السخرية والتأفف من المقدم وللمحطة أيضًا، ولقد توقفت بعض إحدى المحطات العربية لأنها خالفت النهوج الإعلامية التي نُدَرّسها في الجامعة. 4 - تدني ثقافة المقدم، وظهوره في موقف الضعف عندما يأتي بضيف له خبرة في الثقافة أو الفن أو العلوم الاجتماعية، حيث نجد المقدم يرتجف، ويريد إنهاء البرنامج بأقصى سرعة، كما نجده يتقيد بأسئلة المعد، ويقرأها قراءة مدرسية، دونما تجاوب أو اندماج في الموضوع الذي يطرحه مع الضيف. وهذه النوعية من المقدمين والمقدمات لا يضيفون شيئًا في هذا الفضاء المزدحم، وهم في الأغلب يعتمدون على التلقين من المعد عبر سماعة الأذن، حيث نلاحظ الارتباك الواضح على وجوههم أثناء البرنامج، وللأسف مازال لدينا من هذه النوعية ومن أكثر من خمس سنوات! 5 - ضعف اللغة العربية لدى كثيرين من مقدمي البرامج، وهذا يخالف أساسيات البث، بل لقد تحولت محطات بأكملها إلى محطات ناطقة بـاللهجة المحلية، في مخالفة للقوانين المحلية التي تؤكد ضرورة استخدام اللغة العربية الفصحى كلغة للإعلام والتعليم، ونلاحظ الارتباك عند هؤلاء عندما يأتي بيان من جهة رسمية بلغة عربية فصحى!. ولقد تسرع الكثير من الشباب في الظهور على الشاشة دون تدريب، وظلوا "محلك سر" حتى اليوم. 6 - إن الانتقائية، وعدم وجود لجان لقراءة النصوص أو مشاريع البرامج في بعض المحطات العربية، يساهم في "تمرير" بعض البرامج "المزاجية" غير الهادفة، أو إنها تأتي مجاملة لشخص ما "مرضيّ عنه"!؟ أو تلك البرامج "المنسوخة" عن برامج أجنبية لا تناسب الذوق العربي الإسلامي، ولا تتفق مع أخلاقيات شعوب المنطقة العربية. 7 - تسابق بعض المحطات العربية – لكسب الإعلان – في تقديم بعض "النجوم"، خصوصًا المطربين والمطربات والممثلين والممثلات لتقديم البرامج. وهذا أمر يحتاج إلى وقفة، فقد يكون المطرب أو الممثل أو المطربة أو الممثلة جيدين في الغناء على المسرح، ولكنهم لا يتقنون أساسيات التقديم. ولقد ظهرت برامج – لمرة واحدة – وفشلت لأن المقدم أو المقدمة لم يكن على المستوى اللائق للتقديم. 8 - التقديم التلفزيوني يعتمد على حسن استواء وجه المقدم، وعدم وجود تشوهات خَلقية في صوته أو صورته، ولكننا نلاحظ وجود بعض الوجوه التي "فُرضت" لأزمان طويلة على الشاشة، لم يكن الله قد خلقها لتظهر على الشاشة، وإن أبدعت في مجالات أخرى!؟ توجد وجوه فيها "تضاريس" حادة أو متداخلة، أو أن الزمن قد رسمَ آثاره عليها، ولكننا نشاهدها على الشاشة منذ أكثر من 25 عامًا!؟ موهبة التقديم وبعد فإن التقديم التلفزيوني مهمة ليست بالسهلة، وتحتاج إلى موهبة فطرية تؤسّس بالاطلاع والتدريب، بل وتحتاج إلى توجيه من قبل أصحاب المحطات المتخصصين. لأن المشاهد – والإنسان – عموماً يحكم على الصورة الأولى، أو الانطباع الأول، فإذا ظهر المقدم بصورة غير مقبولة ، فإن المشاهد لن يدير مؤشر التلفزيون على المحطة مرة ثانية.
21464
| 21 أغسطس 2016
اختطفتك يدُ الموت يا عبد العزيز ونحن بعد لم نرتوِ من صفائك ونقائك ونظرتك الموغلة في عُمق حال العرب والمسلمين، ولم تشبع العصافير والزوايا من ألحانك الشجية التي تُضفي على الأشياء الجامدة قبساً من حياة.مررتَ سريعاً يا عبد العزيز بعد أن نثرتَ عبق ألحانك في زوايانا المأتمية، وعروقنا التي عانت وطأة المواقف، وبعد أن أوقدتَ شموعَك على طريق عذاباتنا مع حبيباتنا وأمهاتنا وأحيائنا البريئة من الجسرة وحتى فويرط.مررتَ يا عبد العزيز نسمةً رقيقة على هامات (الرجال الأولين)، وبلسماً شافياً لكل الذين في (يوفهم عطش)، وتأسيتَ للورود (التي ذبلت في قلبها)، بينما كانت (سما قلبك تشتي)!أَسرتَنا يا عبد العزيز من الشهقة الأولى (عيشي يا قطر.. يا قطر عيشي)، وزرعتَ أقماراً في فلوات الصمت والحيرة، مروراً بتلك اللهفة التي تسربل بها وجدانُك في الغربة (جيتك.. جيتك يا قطر.. جيت من عقب غربة وسفر.. جيتك وشفتك عروس حلوة في حضن القمر)، وأنت الذي لم تعرف العروس ولا دفء الأحضان!! كم كنت مؤثراً يا عبد العزيز؟.كنا نتساءل في غيابك، بعد رحلة امتدت من عام 1967 وحتى عودتك من الدراسة في القاهرة: متى سوف يتزوج عبد العزيز؟، فكلنا تزوجنا وأنجبنا. وعندما نلقاك بالأسئلة تبتسم.. تمسك المصحف بيد والعود باليد الأخرى، وترحل في سماواتك المجهولة.داعبَ عودُك قدسَنا السليبة (أحبك يا قدس لا تسأليني لماذا وكيف أحب؟) ولكأن حبك من نوع نادر لم تعرفه قلوب البشر؟. كافح عودُك ونبضك ضد القمع والجبروت.. فكانت (قمع ستان) حاضرة بكل تفاصيلها المخيفة وحرابها وانكشاريتها. رحلتَ مع المدارات المخيفة على (سفينة الأحزان)، وأنت لا تعرف السباحة في بحر يخنق الإنسان! تجاورت عيناك بيروتَ لحظةَ مأتم، فكانت آهة (آه.. يا بيروت.. سامحينا إن جعلناك وقوداً وحطب)!حفظت يا عبدالعزيز تراثنا الساكن في قلوب الأولين، وشاركت صبيان الحارات البريئة في (الكرنعكوه والعايدوه)، في مشهد طفولي يؤسس لعلاقة الإنسان بالأرض. مسحَت أناملك الرقيقة جباهَ كل البحارة القطريين عندما رسمت (أم الحنايا)، وتأملت شقوقَ غضب حبل الغوص في أيادي البحارة، (يا نوخذاهم خفف عليهم. ترى البحر غصبن عليهم...ترى حبال الغوص قطَّع أياديهم)، وكنت مع البحارة ضد غضب البحر وغضب النوخذا!.حفظت لنا (حنا جيناكم.. يا عمير العميري)، وصورت لنا البنت المخطوبة مُردداً لسانَ حال طالبيها: (بنتكم نبيها.. والغالي نعطيها..) وأدخلت ثنايا التراث في ذاك اللحن الجميل. تراث قد لا تحفظه الكتب ولا المقالات، لكنه استوطن آذاننا وحفر اسمه في التاريخ.كنت لصيقاً للعشاق، وأصحاب الرسائل الموشاة بالورود والقلوب المجروحة! فكانت (للحين للحين.. حبك في قلبي ما محته السنين)، وصورت مرارة الفقد الأكبر في (صرتي نصيب غيري وللحين هواي الأول)، كان العطش يلازمك في رحلة تأسيس فرقة الأضواء وخلال دراستك في القاهرة، رغم الظروف التي أحاطت بتلك الدارسة؟. فكانت (بيوفي عطش) وظل هذا العطش معك حتى يوم لقاء الوداع في (أبوهامور)! رحلتَ ولم تستطع المعاجم تفسير كل ذاك العطش وأنت أيضاً لم ترسم لونه. غادرتنا وتركتنا مع حيرتنا كيف نُفسّرك؟ وكيف نُترجم عطشَك الذي تجاوز غضبَ الصحارى وملوحةَ البحر.لم يكن لديك وسيلة سوى أن (تصدّر للورق همّك)، وأيضاً نحن لم نستوعب نحن مساحة ذاك الهَم، ولا وطأته عليك، كونك آثرك الصمت حتى في جلساتنا!؟ لما صمتَ يا عبد العزيز عن البوح وأنت أكثر الناس إعلاناً عن مشاريع الحب والتسامح والعدالة بين البشر!. كانت عيناك تفضحك أحياناً وتُخبرنا باتجاهات ذاك الهَم، ولكننا نعجز عن تفسير لغة عينيك. فرحل التفسير معك إلى قبرك!ومع كل حالات الفقد التي وضعتها في سلة أحزانك، كانت (عندي أمل.. طال الزمان وإلا قصر..عندي أمل.. بيجي يوم وبنلتقي).. ولعسف الأيام وكِبرِ المعاناة لم يحصل ذاك اللقاء المستحيل!؟ تبدد الأمل رغم أنك تجاهر لسنين (واقف على بابكم ولهان ومسيّر)، لم يستجب أهل الدار للوله، ولا (للوقوف على البيبان..من حرتين في الحشا من كثرة الأشجان)!وفي مساءات القاهرة عام 1975 كنتَ تغازلُ الغروب وتتأمل (المغربية) العائمة على نهر النيل، سؤال العين المسكونة بالتوق (اسئلت عينك.. ادمعت عيني وتشاكينا)! كنت تحمل شكوى العشاق والمنكوبين بداء الفراق، وتردِّد بداخلك (لي يطرى عليك الأول.. وتطرا لي سوالفكم)، كنت تحملنا معك يا عبد العزيز، تماما كما كنت تحمل الوطن أينما حللت.اقتسمنا معك الأمل يا عبد العزيز، كما اقتسمنا حرَّ الصيف في مقر فرقة الأضواء والمكيف المقهور، أو في المطعم المقابل لمطار الدوحة القديم، أو في استديوهات إذاعة قطر.واليوم يا عبد العزيز ضاع من يدنا الأمل لأنك رحلت قبل الوقت، وتيبَّست أناملُك قبل الوقت، وخيَّم علينا (الصَبا) قبل الوقت. آه يا عبد العزيز كم كنت حنوناً.. شغوفاً.. رقيقاً.. حكيماً.. مبدعاً وأنت تقود الفنانين في وقفة حازمة وعالمة. كم كنت مبدعاً في زمان يقطعون فيه وريد الأشجار كما يقطعون وريد الأطفال (قصوك يا السدرة يللي في وسط البيت.. قصوك وعروجك للحين في قلبي.. ترويج عروقي وعروق من حبيت)، صمت قلبك يا عبد العزيز، ماتت السدرة، وزادت وحشة الكون ومساحات العذابات وبعُدت الشقة بين ألحانك وكلمات الكون.ماتت السدرة وهجم الهجيرُ على الأطفال الذين يلتقون تحتها ويجمعون (الكنار)، تناثر الأطفال في الشوارع تتخطفهم آلاتُ الموت (السيارات) وضاعت البراءة التي تسكن وجوههم.. ومات (الكنار) في التراب.وطناً كنتَ يا عبد العزيز.. مدرسة.. شوقاً.. رقة! كلماتٍ كُنتَ جافت الأبجدية، لحناً لم يُشفَ من آهات القلوب الممزقة وأصحاب الحِيل الضعيفة.كما أحببناكَ يا عبد العزيز وكم سنُحبك رغم أنك أوجعتَنا برحيلك! سنُحبك لأنك أحببتَ الجميع، وأوصلتَ نبض الوطن والعشق إلى آذاننا بكل محبة وصدق. وكأن ذلك قدر (يا قطر يا قدر مكتوب.. في كل خطوة يتابعنا.. لا أحد يا قطر يقدر.. عن ترابك يفرقنا) والذي يتأمل هذا اللحن، يشعر بأنه يصلح نشيداً آخر للوطن.وها أنت قد عُدت لترابها محمولاً على الأعناق نحو أبدية لا يعلم مداها إلا الله! نعم إنه قدرٌ مكتوب، وإنها قمة التحدي! فأن تكون فوق التراب ولا تكون، كأنك تحت التراب!؟ قدرية.. وفلسفة أدركتها يا عبد العزيز منذ زمن طويل.التحق بوالديك يا عبد العزيز.. وظَللهُما بحنانك اللامحدود، فإيمانك وسجادتك وعلمك ونقاؤك الذي لم تعرفه وسائل الإعلام، سوف يُعينك على تحقيق ما لم نستطع تحقيقه في عالم يُسمُونه الدنيا التي تظل صغيرة مهما عشنا أيامها الطوال (إصغيرة هالدنية.. هالدنية إصغيرة.. ما جنه كنا إصغار)، كبرنا يا عبد العزيز، وكبرت معنا همومنا، واستَشرست من حولنا الزهور والقناديل والنوارس، وما زال سؤال مساءات القيظ في الدوحة يحتل أعيننا؟
1623
| 27 يوليو 2016
في كل رمضان، تنشط شركات الإنتاج التلفزيوني لإنتاج برامج تغري المحطات الفضائية بكسب أكبر مساحة من الإعلان. وبالتالي زيادة أرباح تلك الفضائيات. ويُلاحظ أن برامج الإثارة، ونعني بها تلك التي تخالف المألوف، وتخرج على العادة، ولا تسكت عن المسكوت عنه اجتماعية، وتلك التي تضع الإنسان في مواضع الترويع والهلع والحط من قدره، وتلك التي يظهر فيها جوانب من الحياة العامة ليس مكانها الشاشة! أو التي تستغل عاهات البعض، كي تمرر مواقف عليها بقصد الإضحاك أو التعليق عليها من قبل المشاهدين، أو "استدرار" ردة الفعل.مثل هذه البرامج تتجاوز منظومات القيم المتعارف عليها في ثقافة التلفزيون، وتحاول استدرار البكاء أو العطف من أجل استدرار الفلوس!؟ ومثل هذه البرامج لا يجوز أن يُصرف عليها ما يُصرف، حتى وإن جاءت بالإعلان! فالفلوس لا يمكن أن تُقاس بلحظة معاناة إنسان أو إذلاله أو تحقيره أو ترويعه!؟ حتى وإن وافق في النهاية على بث المادة (عايزنا نذيع.. هنذيع) كما ورد في برامج الكاميرا الخفية سابقًا!الفن التلفزيوني مجال خصب لكل الأفكار، ولقد شاهدنا نسخًا من برامج الكاميرا الخفية من إنتاج غربي، يستحيل أن تتضمن ما يخدش كرامة الإنسان، أو الاقتراب من تحقيره أو التلذذ بإظهار عاهته أو إذلال الأطفال. فالإنسان كائن حساس ولقد جُبل على الخير والأمان والتسامح والإنسانية، وإن أي لقطة تتجاوز هذه القيم لا يمكن أن يتسامح معها الإنسان، حتى وإن كانت من أجل الإضحاك!؟ واليوم، ومع ازدياد ساعات مثل هذا الإنتاج (الغالي / الرخيص)، ومع تطور وسائل الاتصال، وتعدد خريجي جامعات وكليات الإعلام، لابد من البحث عن قوالب جديدة، غير مُستنسخة من أفكار أجنبية، وتقديمها للمشاهد العربي. ومما يجدر ذكره هنا أن نجاح برنامج في بيئة غربية أو أمريكية أو أسترالية، لا يعني نجاحه في البيئة العربية، نظرًا لاختلاف الثقافة والمفاهيم والدين والعادات والتقاليد.ونصل إلى مفهوم الإثارة! ما هي الإثارة؟في (مختار الصِحاح) أُرجعت الإثارة إلى فعل (ثارَ) مثل ثار الغبار، وبابه (ثورانًا)، وثوّر فلانٌ الشّر (تثويرًا)أي هيجه وأظهره. (مختار الصحاح، ص 81-89)وتأتي كلمة إثارة مرادفة لكلمات مثل:استفزاز، اضطراب، اندلاع، اهتياج، ثائر، تحريك، تشويق، تشويش، تهييج، ثوران، إغراء، تأليب، حضّ، حالة تهييج، انفعال. (موقع www.almaany.com)ويُلاحظ أن كل تلك الكلمات تأتي في سياق سلبي (Negative connotation) لوصف الحالات التي يمر بها الإنسان خلال ظهوره في أحد تلك البرامج المعنية بالإثارة. كما يُلاحظ أن معظم تلك الكلمات تأتي ضد رضا وراحة وطمأنينة الإنسان.فلماذا يتمادى منتجو هذه البرامج في غيّهم!؟ ويُمعنوا في إيذاء الآخرين وترويعهم، بل وإيذاء المشاهدين وترويعهم!؟هل كل فلوس الإعلان تساوي دمعة إنسان بريء، قد يتواجد صدفة في مكان تصوير البرنامج؟وهل كل فلوس الأرض تساوي مشهد ضرب طفل في مكان عام (حتى لو كان تمثيلًا) أمام الناس؟وهل كل فلوس الأرض تساوي ردة فعل التحريض التي قد تدفع إنسانًا عاقلًا ومتزنًا أن يضرب ويحاول الثأر لمشهد ظُلمِ إنسان مثله، وبذلك يرتفع ضغطه وصراخه ولربما استخدم يده، لوقف الظلم والأذى عن إنسان، ثم يأتي له المذيع باسمًا ليقول له: أنت معنا في برنامج....؟ ألم تتطور العقلية العربية بعد أكثر من 60 عامًا من ظهور التلفزيون في الأرض العربية؟ (بدأ البث التلفزيوني – أبيض وأسود- في العراق عام 1956).ألم يفكر مسؤولو التلفزيون العربي في برامج تصلح للذات العربية وهمومها، حتى لو كانت ترفيهية، دون استنساخ الأفكار الغربية والأمريكية!للأسف، تكرر سوء استخدام التكنولوجيا في العالم العربي لمدة ستين عامًا! ومنذ عشرة أعوام يتكرر سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة خلاف استخدام جميع المجتمعات على كوكب الأرض.
362
| 17 يوليو 2016
قبل ثماني سنوات، كتبت في الشرق مقالًا بعنوان "فهد الكبيسي باعث الأفراح"، وكان الفنان فهد لا يزال في بداية طريقه الفني، حيث أقام حفلًا لتدشين أحد ألبوماته الناجحة، ومما ترسّخ في بالي من ذاك المقال ما يلي: "فهد الصغير أصبح اليوم كبيرًا في تحملّه لمسؤولية المحافظة على النجاح الذي وصل إليه، ومكانته في عيون المبدعين والصحفيين، لأنه يحب عمله ويعطي كل فرد من أفراد فريقه حقه من التكريم والإشادة، كما فعل في عرضه الإلكتروني خلال الحفل المذكور. فهد الكبيسي (القطري) ظاهرة فنية تستحق الإشادة والدعم والمؤازرة. فبلد الخير قطر تستحق أن يظهر فيها كل عام نجم جديد، في المجالات المختلفة، ويستحق فهد وإخوانه من الفنانين والمبدعين الدعم والرعاية من قبل الجهات المختصة ومن وسائل الإعلام. فشكرًا لفهد الكبيسي على تلك الروح التي بدت عليه في حفل تدشين الألبوم الجديد، وشكرًا لكل وسائل الإعلام التي تسانده ليشق طريقه نحو المزيد من النجاحات".ولقد أثبت الفنان فهد الكبيسي حُسن الظن فيه، بعد ثماني سنوات من صياغة ذاك المقال الذي يستحقه. لم يلتئم شملُ أدباء وفناني وإعلاميي قطر منذ زمن طويل، قد يكون الاجتماع الأول والثاني لمشروع "الجمعية القطرية للأدباء والكتاب" قبل أكثر من خمسة عشر عامًا. ولكن فهد الكبيسي استطاع بحُسن تدبيره، وقدرته التواصلية، أن يجمع ذاك الجمع من الأدباء والفنانين والإعلاميين، وأشعرَهم بدفء اللقاء من خلال كلمته الضافية المرتجلة بكل وضوح ورصانة. وفعلًا وجدنا أنفسنا أمام أدباء وفنانين لم نلتقيهم منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، كما التقينا الشباب من الإعلاميين، الذين نراهم لأول مرة وجهًا لوجه، ولربما بعضهم لا يعرفنا حق المعرفة. كان اللقاء بين كُتاب الدراما، والممثلين، والشعراء، والأكاديميين الإعلاميين، والمخرجين مفعمًا بالتمنيات الطبية، أعاد إلينا دفء مشاعر اللقاءات القديمة في رحاب إذاعة قطر منذ 1969 وأروقة تلفزيون قطر عام 1970، والمسارح القطرية؛ ومنها فرقة الأضواء منذ عام 1968. ومثل هذه اللقاءات تدعم الحركة الفنية والأدبية بشكل عام، وتوطد علاقات المبدعين ببعضهم.وفي كلمته الضافية أشار سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة إلى اعتماد اللقاءات مع الأدباء والفنانين والمبدعين بشكل دوري، وهذا ما أثلج صدورنا، وما لم نعتد عليه في السابق، ونحن نشكره على تلك المبادرة الطيبة.زميلنا مستشار وزير الثقافة لشؤون المسرح الفنان غانم السليطي، عبّر عن دواخلنا عندما أشار في كلمته إلى أهمية اعتماد يوم 17 رمضان من كل عام، يومًا للقاء الأدباء والكتاب والفنانين والإعلاميين، وأن صوت الريان قد تعهدت بذلك، كما أشار وذّكرَ الحضور بأهمية وجود مظلة حقيقية تجمع الأدباء والكتاب والفنانين، يكون لها كيان مستقل ودائم.هذان المقترحان، كانا من غَرس ابننا الفنان فهد الكبيسي الذي أوجدَ الأرضية الصالحة لشجون اللقاءات الأدبية والثقافية والفنية، في وقت قلّ فيه الالتقاء بين منسوبي تلك المجالات التي ترفد الحراك الثقافي والفني في البلد، وتدعم الجهود نحو تأصيل الثقافة والحركة الفنية عامة.نأمل أن تتواصل على أرض قطر الطيبة اللقاءات المثمرة المعبّرة عن أصالة هذا المجتمع، وتطلع أبنائه نحو المزيد من الإنتاجية والإبداع لما يعود من ذلك على المجتمع بالخير والنماء والتطور.
499
| 13 يوليو 2016
فرحت جدًا – وأنا بالكويت – أن تخصص جريدة الأنباء صفحة كاملة للحديث عن تدشين الفنان القطري فهد الكبيسي لألبومه الجديد تحت عنوان (أسئلة)، وكانت الصفحة بعنوان (فهد الكبيسي مشروع فني قطري ناجح)! وأحسستُ بأن نجاح هذا الفنان الغض ينبع من كونه ابنًا بارًا بوالديه، فقد كان والده حاضرًا على الطاولة الرئيسية في الحفل الجميل المؤثر الذي أقيم بفندق (شرق) في ليلة جميلة وأثيرة من الليالي التي نفتقدها في قطر!؟ حيث تجمع حشد كبير من محبي فهد من الفنانين والمبدعين والأكاديميين الذين حرص فهد على دعوتهم وإشراكهم في فرحته، فيما يشيحُ الآخرون بوجوههم عنهم!؟ ومصدر فرحي الآخر أن الفنان فهد قدّم والده على نفسه واعترف بدوره في تأييده وتشجيعه! وكان ذلك نموذجًا للابن المؤدب المتأدب العارف بأخلاق القطريين الذين لا ينسون أهلهم وذويهم وهم يرتقون سلم الشهرة، حتى تاريخه لم أستمع إلى الألبوم كاملًا، لكنني سمعت صوت فهد الشجي وأعجبت بحرصه على انتقاء الكلمات والألحان! ولأن فهد قد وصل إلى الغناء العاطفي عبر الأناشيد أولًا، فإن المقام يسمح بأن نقترح عليه أن يعمل على غناء القصيدة العربية الفصحى، حيث نجح فنانون كبار في تمرير القصيدة العربية عبر الأغنية، وهذه مساهمة تعليمية كبرى منهم في تأصيل اللغة العربية والحفاظ عليها، وردًا على الدعاوى التي تردد أن الأغنية تلهي الناس عن أمورهم الأخرى!؟ كلنا سمعنا الكلام الجميل الذي شدت به أم كلثوم، حيث تأكد اللغة العربية السليمة لدينا عبر ترديد الأشعار التي غنتها، فكلنا يذكر: هذه ليلتي وحلم حياتي بين ماض ٍ من الزمان ِ وآتِالهوى أنت كله والأماني فاملأ الكأسَ بالغرام وهاتِحيث نجد ملامح اللغة العربية سهلة وجميلة في (ماض ٍ) المجرورة و(آتٍ) المجزومة، وكذلك صيغة الأمر في (املأ) و(هات ِ).وتقول: بعد حين ٍ يُبدل الحبُ دارا والعصافيرُ تهجرُ الأوكاراونجدها هنا تكسر (حين) ونجد المفعول به (دارا) والفاعل (العصافير) والمفعول به (الأوكارا)! وأنا أجزم أن مذيعاتنا الصغيرات سوف يستفدن من تعلم اللغة عبر هذه الأغنية الجميلة المتموسقة في عالم من الأغنيات الهابطة الركيكة! نقول إن القصيدة العربية الجميلة لا تحتاج إلى عبء التلحين بقدر ما تحتاج إلى حنجرة جميلة تخرجها إلى الناس من رقادها القديم في الكتب! وهذا متوفر ولله الحمد عند ابننا فهد! فرحتي الأخرى هي قدرة الفنان فهد الكبيسي على مواجهة الجمهور ولباقته التلقائية في الرد على أسئلة الصحفيين – فلا يطبه العرق أو ترتجفه رجله ولا يتلعثم – وهذا لا يتوفر عند كثيرين ممن سبقوا فهد في مجال الفن.فرحتي الأخرى هي نجاح قطري!! وأُدرك أن النجاح يغضب البعض ويوغر صدورهم! ويدفعهم إلى قذف الأشجار المثمرة بالحجارة والمنجنيق، ولكن ابننا فهد حتمًا سوف يتجاوز هذه المرحلة، لما يملكه من شخصية متواضعة صادقة وشفافة بعيدة عن ملامح المكر والدهاء والاحتيال والتشظي، وهو قد نشأ في منزل كريم، كان لنا شرف جيرته سنوات عديدة حيث تعرفنا على والديه الكريمين منذ كان فهد في الثالثة من العمر.وفرحتي الأخرى أن صحيفة كويتية خصصت لفهد صفحة كاملة، في حين "ضنت" صحف أخرى بثلث صفحة عليه! وهذا شأن المبدع في بلاده، فالتكريم والاحتفاء يكون كبيرًا في الخارج، في حين يتم تغييبه إعلاميًا في الداخل، بل وبعضهم يمنع صوره وأخباره وإنجازاته – وهو حق مشروع للمواطن – بصورة فجة وغير متوافقة مع مهنة الصحافة! من هنا، فإننا يجب أن نفرح لنجاح أي قطري في أي مجال، مهما حاول الإعلام تغييبه عن الساحة! وأن نسأل عن بعضنا وإبداعاتنا، وأن ننتمي لهذا الوطن بصورة تلقائية! ذلك أن الإنسان الصادق المخلص لعمله سوف يصل إلى الناس مهما أوصدوا الأبواب أمامه! ونحن هنا نأمل أن تفتح كل الأبواب أمام الفنان فهد الكبيسي، وعلى علاقة بنجاح القطري نحن سعدنا جدًا – بل ودمعت عيوننا فرحًا– ونحن نشاهد فوز الشاعر القطري خليل الشبرمي التميمي ببيرق الشعر في مسابقة شاعر المليون! ونرجو له التكريم اللائق، وشعرنا أيضًا بأن نجاحه وفوزه نجاح وفوز لكل القطريين! نحن نريد هذه الروح بيننا، وأن يساعدنا الإعلام في ذلك! فهذا الوطن به كفاءات إبداعية كبيرة، ومن الواجب تشجيعها ودعمها في كافة المجالات! كان بجانبي في ذلك الحفل الجميل بوفيصل (غانم السليطي) وبدأ متأثرًا من المآل الذي آل إليه الحال في عالم الفن! والتعامل مع الفنانين، وكان يود أن ينطلق نحو المايكروفون ليعبّر عما بداخله من هواجس، ولقد خرجت من الحفل – لارتباطي المسبق – ولا أدري إن أخرج (بوفيصل) ما كان يعتمر بداخله أم لا!؟ وتلك قضية تحتاج إلى صفحات ولا يناسبها هذا المقام.الخبر الذي أعلنه مسؤول عن التوزيع بأن مبيعات الألبوم وصلت إلى 15 ألف نسخة خلال أسبوع – من ألبوم فهد – يؤكد شعبية هذا الفنان وحب الناس له، ونأمل أن تكون المبيعات (مليونية)، فالإنسان الذي يتعب ويجد ويسهر الليالي حلال عليه التمتع بثمرة النجاح، وحري بنا كلنا أن نشجعه ونبتاع شريطه الجميل.إن احتفاء فهد بوالده واحتفاء والده (صديقنا خالد الكبيسي) يعطينا المؤشر لنجاح العلاقة بين الأب والابن، حتى وإن اقتربنا من مواضيع شائكة مثل الغناء والدين أو وضع البعض الغناء في خانة المحرمات! وهذا مثال للآباء جميعًا أن يبحثوا في نفوس أبنائهم عن مواطن الإبداع – ليس في الغناء لأنه نادر جدًا – بل في مواطن الإبداع كافة، فكم من العبقريات تم وأدها من قبل الوالدين بحكم التسرع والعناد والخوف من المجتمع وقوة البأس التي تمارس على الطفل!؟فهد الذي كان يومًا طفلًا يمر ببابنا نجده اليوم طائرًا مغردًا في السماء العربية، تنقل صوته وصورته الفضائيات العديدة، وتنشر صوره المجلات والصحف العربية، وتعرفه على العالم العربي ليأخذ مكانه في عالم الفن بين الفنانين الشباب الذين نأمل لهم النجاح.فهد الصغير أصبح اليوم كبيرًا في تحمله لمسؤولية المحافظة على النجاح الذي وصل إليه، ومكانته في عيون المبدعين والصحفيين، لأنه يحب عمله ويعطي كل فرد من أفراد فريقه حقه من التكريم والإشادة كما فعل في عرضه الإلكتروني خلال الحفل المذكور.
928
| 03 يوليو 2016
كنت أستمع يوم 19/6/2016 (14 رمضان الكريم) بعد الساعة الواحدة والنصف ظهرا إلى حديث ديني يقدمه شخصان. أحدهما يبدو من خلال لهجته أنه من منطقة الشام أو لبنان. ولقد استفزني هذا الشخص لأنه لا يجيد نطق الحروف. ونحن ندرك أن بيان القرآن الكريم وإعجازه في حسن نطق الحروف والكلمات كي يستقيم المعنى ، وأن أي خلل في توصيل سلامة الحرف يعني تشويه المعنى. لكن المشارك في تلك الحلقة قد خالف وشوَهَ كلمات القرآن الكريم وما جاورها أثناء حديثه من أحاديث نبوية أو توجيهات عامة. وكان يحوّل "الثاء" إلى "سين"، ويحوّل "الذال" إلى "زين" ، ويحوّل "الظاء" إلى "زين" وهكذا. ولقد جاءت بعض كلماته كالتالي: - إن "اللزين" آمنوا....- إن "سلاسة أرباع" العالم......- "كزلك" في سورة يوسف.....- لقد شبعت الأمة من "الزُّل" والهوان...- "لزالك" أنصح.....- إن "سقتك" في نفسك....- وأنهم سيدعون "سبورا"....- وأن "المزايقات" التي يتعرض لها....بالطبع هذه عينة لنطق ذاك الداعية أو المفسر ، حيث لم يتسن لي تسجيل كلماته ، ولكن يمكن الرجوع إلى الحلقة والتأكد من ذلك. وهو يستمر على الطريقة نفسها في "لحن" غير مُحبب ومرفوض من كلام ذاك الداعية إلى آذان المستمعين ، بل في طريقة مُنفِّرة ما يجعل المرء يتحوَّل عن المحطة.نحن نعلم أن سلامة النطق ، وعدم وجود عيوب خَلقية في نُطق الإنسان، وسلامة جهاز التنفس من الأبجديات الأولى لدخول الإنسان دار الإذاعة والجلوس أمام المايكروفون. كما لا يجوز للشخص ( الألثغ) أو الذي يشوه مخارج الحروف أن يكون في الإذعة أو يكون مدرسا. مهما بلغ من علم ومعرفة ، لأن الصوت وسلامة النطق هو المعوِّل الرئيسي في نقل الأفكار والمواعظ والمعارف للمستمعين.وإذا كان البرنامج قد تم شراؤه من الخارج ، أي جاء جاهزا ، فنحن نعرف أنه يوجد في كل محطة مراقب للبرامج أو مساعده أو حتى رئيس قسم البرامج الدينية ، حيث لا بد من أن يستمع أحد هؤلاء للبرنامج قبل إقراره للبث. ويلاحظ تلك الملاحظات التي تشوه البرنامج ، وتُربك المستمعين ، بل ولا تليق بمكانة القرآن الكريم، أو البرنامج الدعوي.إن إعجاز القرآن الكريم في بلاغته وفصاحته ، وحُسن تلاوته . كما أن معاني القرآن الكريم لا تستقيم إلا بحُسن نطق الحروف! وكلما كانت الحروف واضحة وسليمة ، كان وصولها أنجح وأسرع إلى أذن المستمع.قد نتسامح مع ضيف يقلب "الراء" إلى "غين" في مقابلة قصيرة ، أو مع متحدث يقلب "القاف" إلى "غين" كما يفعل بعض الخليجيين وإخواننا السودانيون ، حيث يقول بعضهم: "مباركين على "الاستغلال" وهم يعنون "الاستقلال"، أو كما يقول بعض السودانيين الذي وصل للخرطوم : " أنا لساتي جاي من "غطر" (ويعني قطر) .. وهكذا.هذا يمكن التسامح معه ، لأنه لا يتكرر، حتى وإن كان في الراديو ، لكن أن يقلب داعية متخصص في الأمور الدينية والمواعظ بعض الحروف المهمة في اللغة العربية ببرنامج ديني توجيهي ، ويشوه مقاصد وكلمات القرآن والسنة ، فهذا لا يجوز التسامح معه ، ولا بد من إيقاف مثل هذه البرامج أو رفضها قبل شرائها أو الشروع في تسجيلها. ولربما كان البرنامج يوميا طوال الشهر الكريم.
1199
| 26 يونيو 2016
لابد من الإقرار بحتمية التغيّر، وبأن لكل عصر أدواته وأفكاره وشخوصه. وأن التغيّر لابد وأن يكون للأفضل وللأحسن في استخدم إمكانيات العصر لرفاهية الإنسان. فاختراع القطار قللَ من الاعتماد على السيارات، ووفر على الركاب المال وتبعات اقتناء سيارة! ووجود الإنترنت جدّد وحدّثَ أساليب التواصل والنشر، فيما عُرف بالإعلام الإلكتروني. وبظهور جيل من المتعلمين المتنورين قلّت الأمراض على أيدي الأطباء ووجود الأمصال والعمليات الجراحية. وبسن القوانين تمت محاربة الجريمة وتجاوز حدود الآخرين، وتيسير حياة الناس وطمأنتهم بوجود جهاز أمني يحفظ حقوقهم.ولقد واجه الإعلام حتمية التغيّر أيضًا! فظهرت النماذج الأصلية للبرامج وتلك المُستنسخة، بعد استخدام الأقمار الصناعية في البث التلفزيوني في السبعينيات من القرن الماضي. وبالتالي تبدّلت اللغة التي يستخدمها ذاك الإعلام، أو جوانب منه، فيما عُرف بالبرامج المباشرة، التي تبث حوارات على الهواء مباشرة، وغلب على هذه النماذج اللغة الصحفية في ندرة، واللغة المحلية (الخاصة بجنسية المذيع) في الأغلب.الخطورة جاءت مع الجيل الإعلامي الشاب، الذي دخل بعض أفراده الإعلام حبًا في الظهور، وسهولة في الدوام، دونما وعي بأهمية إتقان لغة التواصل الأساسية وهي اللغة العربية السليمة. فالجيل الحالي -في الأغلب- ومنه الجيل الذي لا يزال على مقاعد الدراسة الجامعية ضعيف في اللغة العربية، ولا يحب أغلبه النحو والصرف، وهي اللغة الرسمية للبلاد، ولغة القرآن الكريم. ولعل المرء يتأسى عندما يواجه طالبًا في المرحلة الجامعية يكتب كلمة لكن.. هكذا (لاكن)، أو كلمة هذا..هكذا (هاذا)، أو كلمة رغبةً.. هكذا (رغبتًا)، أو كلمة يؤثر سلبًا.. هكذا (سلبن)!ومع إغراء لغة التكنولوجيا المترجمة، وحبًا في إبراز المعاصرة، كما كان يفعل بعضنا في السبعينيات بحشر كلمة إنجليزية في الحوار، أو ما تفعله بعض الممثلات في الأفلام، عندما يُبرزن ثقافتهن الأجنبية بإدخال كلمات فرنسية أو إنجليزية في الحوار العربي! فإن شباب اليوم يقومون بالشيء نفسه ولكن بشكل آخر، حيث يستخدمون كلمات غير عربية، لأنهم لا يعرفون ولا يحاولون التعرف على مثيلاتها أو نظيراتها في اللغة العربية! ولقد سمعت برنامجًا من إحدى المحطات الإذاعية الخليجية قبل أيام، أغرقت المذيعة فيه باستخدام المصطلحات الخاصة بأدوات التواصل الاجتماعي، ومما سمعته: - (الكومنتات) اللي وصلتني...- عندم جم (كومنت).....- واحد (ليّك) للثاني...- (التويترة) وصلت..- وحدة (منشنت) لي...- ساعات تويتر يجب لك (الهدك)..- No Way آنه بأخلص البرنامج وبأروح (كوفي شوب)....- عاد ودي بـ (سلفي) على كيفك.....- لو سمحت سو لي (آد).....- عندي 50 ألف (فولور).....هذا نموذج للغة الاتصال الشبابية اليوم في بعض المحطات الخليجية، وهو خروج على لغة الاتصال الرصينة ذات المعاني السامية.فإذا ما أتينا إلى التلفزيون، وهو جهاز خطير ومؤثر، وجدنا الكثير من النماذج التي حادت عن جدية وجادة الإعلام الوقور، وأصبحت منصات لـ(الردح) أو (النميمة) أو تشويه سمعة هذه البلاد أو تلك، أو تقديم برامج تشبه البرامج المدرسية التي يلتزم فيها المقدم والمقدمة بنص المعد شكلًا وروحًا، دونما أن تظهر شخصية أي منهما، كونهما قليلي الخبرة، وغير مُلمين باللغة العربية التي تسمح لهما بالانطلاق دونما أخطاء. فنلاحظ كثرة (الاحتفاءات)، و(المبالغات) في السلام والتحيات، حيث يضيع جلُّ وقت البرنامج في ذلك، وأيضًا يتم استخدام لهجة محلية "مقعرة" قد لا يفهمها أهل البلاد أنفسهم، ومشرفو تلك البرامج لا يدركون أن البث أصبح فضائيًا، وأن الجمهور في الجزء الآخر من العالم العربي أو أوروبا وأمريكا لا يعرفون تفاصيل اللهجة المحلية، وإن كانوا يتفقون على فهم اللغة الفصحى.خطورة هذه الاتجاهات "الجديدة" في التواصل الإعلامي تكمن في تلاشي اللغة العربية، وتعويد الجمهور على لغة "هجينة" ليس لها أساس أو مرجعية أو مفهوم في القاموس العربي! كما أن خطورتها تتبدى في إقناع المتلقي العربي أن هذه هي لغة التطور المعاصرة، وهي لغة التحضر والحضارة، بينما التحضر والحضارة يكمنان في التمسك باللغة الفصحى الحاضنة للعلوم والتاريخ والآداب.لغة الإعلام بحاجة إلى إصلاح، ولن يُصلحها إلا من يتقنها، لأن هذه الاتجاهات تخالف كثيرًا من المواثيق الإعلامية العربية، والعديد من القرارات الحكومية التي تفرض استخدام اللغة العربية الفصحى لغة رسمية في كل الدوائر الحكومية، وبما أن الإعلام الرسمي من الدوائر الحكومية، فلا بد أن يطبق ذلك عليها.نحن هنا نتحدث عن اللغة الوسطى أو لغة الصحافة، ولكن لا يجوز لهذه اللغة أن تنصب اسم (كان)، أو تصرف (الممنوع من الصرف)، ولا تتجاهل ما بعد (لم) الجزم، ولا نعني بهذا استخدام لغة (ابن المقفع)، أو (الجاحظ) في البرامج. نحن مع استخدام اللغة الوسطى، ولكن دونما خروج على أساسيات اللغة العربية!
571
| 06 يونيو 2016
في تقرير لمجلة (الأجواء المفتوحة) ، النسخة العربية، ورد تساؤل يقول: "هل تسير الصحافة الورقية المعهودة في طريق الانقراض! إنما هو السؤال الآن: متى سيكتمل حدوث ذلك؟" وتشير المجلة إلى أنه مع حلول شهر أبريل الحالي تكون قد مرت إحدى عشرة سنة على التنبؤ الذي أطلقه قطب الإعلام ورئيس (نيوز كوربوريشن) روبرت ميردوخ، حيث تنبأ عام 2005 بنهاية عهد الصحافة الورقية. ويورد التقرير تنبؤا آخر لـ (فيليب ماير) مؤلف كتاب (تلاشي الصحيفة، إنقاذ الصحافة في عصر المعلومات) يقول: "إنه لو كُتب له العيش، فسوف يشهد قيام آخر قراء الصحف بإعادة تدوير النسخة الأخيرة من الصحيفة الورقية بحلول عام 2040". ويأتي التقرير بمعلومات مهمة حول قراءة الصحف، ومنها دراسة معهد (بيو) التي تذكر أن "معظم قراء الصحف ما زالوا يميلون إلى الصحف المطبوعة، أما الوضع على الإنترنت، فتأتي معظم الحركة التي تشهدها مواقع الصحف الكبيرة والتطبيقات المرتبطة بها من الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة أكثر منها من مستخدمي الأجهزة المكتبية مع بقاء الزوار مدة 3 دقائق فقط على الموقع في كل زيارة".وبطبيعة الحال، فإن سهولة الوصول إلى مواقع الصحف وتوافرها في أي مكان في العالم، وقابلية البحث عن الصحف في أي زمان، والتحديث الذي يطرأ على المواقع مع اللحظة، والمقدرة على التفاعل مع الصحيفة، إضافة إلى الإفلات من الرقابة التي تفرض على الصحف الورقية، كل ذلك يجعل الإقبال على الصحف الإلكترونية في تزايد. ويُربط الموضوع برمته بالمناخ السياسي السائد، ودرجة تحضّر المجتمعات، ففي حين يُلاحظ أن الصحف الإلكترونية التي تستخدم اللغة الإنجليزية قد سجّلت ارتفاعًا في عدد قرائها، فإن مناطق مثل الصين واليابان والهند قد سجلت ارتفاعًا كبيرًا في مبيعات الصحف الورقية. ولقد تم تسجيل صدور (ذا نيو داي) كأول صحيفة ورقية جديدة في بريطانيا خلال 30 عامًا، في شهر فبراير من هذا العام! ؟ ولقد استغرب محللون صدور الصحيفة الورقية في هذا الوقت الذي يشهد تراجعًا في قراءة الصحف الورقية، وإغلاق بعضها مثل (الإندبندنت) و (الإندبندنت أون صاندي) البريطانيتين، حيث بقيتا على الإنترنت فقط.سوف يبقى الحديث لوقت ليس بالقصير حول بقاء الصحف الورقية أو أفولها. ولقد تنبأ أحد المتداخلين قبل عشر سنوات في منتدى الإعلام العربي بدبي، أن الصحافة الورقية في العالم العربي سوف تتلاشى بعد سبع سنوات من ذاك التاريخ الذي تحدث فيه! ؟ وهاهي العشر سنوات قد مرّت وما زالت الصحافة الورقية تتسيد الموقف! ؟كما أن الكتاب الورقي بحد ذاته لم تؤثر فيه الطفرة التكنولوجية، وما زال حتى الآن في أمريكا وأوروبا والشرق الأقصى متسيدًا، وما زالت دور النشر تطبع ملايين النسخ من الكتب سنويًا، رغم التصاق الناس بالهاتف وغيره من إلكترونيات التواصل في تلك الأصقاع.لا أعتقد بوجود (حرب) في المفاهيم والأفكار حول هذه القضية! ولكن الحوار قد يُثري تلك المفاهيم والأفكار! بل إن الدراسات الميدانية قد تعزز وجهتي النظر غير المتوائمتين.إن كثيرين ممن تجاوزوا الخمسين يجدون متعة كبيرة في قراءة الصحيفة الورقية أو احتضان الكتاب! رغم وجود فئة ضئيلة تحولت إلى الإنترنت لذات الغرض، وقد لا تتجاوز هذه الفئة نسبة 20% من القراء، في ذات الوقت، فإنهم في عمر الشباب من 25 - 35، وإن التصقوا بأدوات التواصل فإنهم ليس بالضرورة يقرَؤون الكتب أو الصحف عبر الإنترنت، لأنهم مشغولون بمواضيع أخرى بعيدة عن هذا المجال، وإن كنا نعرف فئة ضئيلة تقرأ ذلك عبر الإنترنت.
349
| 22 مايو 2016
اختلف علماء اللغة والروائيون حول تحديد مصطلح السيرة، التي حفلت بها الرواية العربية. ومصطلح السيرة يعني "التحدث بأحاديث الأوائل وسرد أخبارهم"، كما دلل على ذلك الفيروز آبادي وابن منظور. ومن هذا المنطلق كان هنالك الظهور "العام" للسيرة، وبعد ذلك تطور المفهوم ليشمل الظهور "الخاص" في السيرة الروائية. وهو الشكل الأدبي الذي تم تعريفه بـ"درس حياة فرد من الأفراد ورسم صورة دقيقة لشخصيته" (أحمد آل مريع، السيرة الذاتية، مقاربة الحد والمفهوم، ص 15). ولقد وصف المفكر الإنجليزي توماس كارليل (Thomas Carlyle) السيرة كالتالي: "السيرة حياة إنسان، وقد نَعتت الموسوعة الأمريكية هذا الوصف بأنه أوجزَ تعريفٍ للسيرة " (المصدر السابق، ص 16).وهنالك السيرة الذاتية، واتفق على تسمية هذا النوع من الأداء الأدبي ترجمةَ ذاتية (Autobiography) والسيرة الغيرية (Biography) . ومن أمثلة ذلك "الأيام" لطه حسين، و"سبعون" لميخائيل نعيمة، وأعمال توفيق الحكيم.. وغيرها. ولقد حفظ لنا التاريخ نماذج لفن كتابة السيرة الذاتية، مثل سيرة "ابن منقذ" القائد العسكري، و"أبو حامد الغزالي"، و"ابن خلدون"، و"الأسيوطي"، و"الفخر الرازي"، وغيرهم. واتُفق على أن هذا النوع من الأدب "يعود إلى عهد الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، حيث رُصدت حياته وغزواته، ومن أشهرها ما كتبه ابن هشام، وما كتبه ابن اسحق، والواقدي و أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي، حتى العصور الحديثة على نحو ما فعل العقاد في سلسلة "العبقريات"، ومحمد حسين هيكل في "حياة محمد" وطه حسين في "على هامش السيرة"، وغيرهم" (عبد الفتاح صبري، التعالق مع السيرة الذاتية، ص 19).ويُرجع بعض الباحثين هذا الفن الأدبي إلى اليونانيين، حيث اعتبروا أن الترجمة والسيرة الذاتية تعبران عن معنى واحد، ويعنيان تحديدًا هذا النوع من الكتابة التي يروي فيها المؤلف حياته بقلمه". (المصدر السابق، ص22). ونظرًا لخصوصية المجتمع العربي، ووجود قانون "العيب" أو المحاسبة الاجتماعية، لجأ كُتّاب السِيَر الذاتية الخاصة إلى "التحايل" أو "خيانة الفن الأدبي، بإخفاء بعض الحقائق، أو المبالغة في الوصف، في بعض الحالات، ما أفقد النص قيمته الحقيقية وأزال عنه "صدقيته"، وسقط بذلك مفهوم العقد الضمني بين الكاتب والقارئ.وهنالك من الكُتاب من يلجأ إلى "التواري" خلف شخصية من الشخصيات ويجعلها تتحدث أو تفعل ما يريد الكاتب أن يقوله أو يفعله. وفي هذا يقول الدكتور عبد الله إبراهيم: "أظهر التحليل أن ابن طفيل لجأ إلى المواربة، والتكتم، وتوسّل بالحكاية الرمزية نظيرًا تمثيليًا لحكايته المضمرة، جاعلًا من شخصيتها الأساسية قناعًا له، لسببين اثنين، هما: قصور وسائل التعبير، والخوف من فضح إشراقيته، لكن المتن السردي للحكاية السيّرية قدّم كشفًا باهرًا للمشكلات الدينية والدنيوية التي تعترض الإشراقيين، ومنهم ابن طفيل. (د.عبد الله إبراهيم، السيرة العربية ..تشكل النوع الأدبي والبنية السردية، ص 52) .ولقد حدث الشيء نفسه في بعض الأعمال الروائية القطرية، التي لم يستطع الكاتب أو الكاتبة الظهور الواضح، وظهرت بعض الأعمال بشكل "تصويري فوتوغرافي" افتقد إلى الحسّ الأدبي، الذي يشكل أساس السرد الروائي. إن قصر التجربة لدى بعض الكتاب يبرر هذا الاتجاه، ناهيك عن قانون "العيب" وتداعياته. خصوصًا لدى الكاتبة "الأنثى" التي لا تزال تحاذر من البوح الحقيقي، أو السرد الواضح لمجريات الأحداث التي "تلتقطها" كاميراتها التاريخية . كما جاءت بعض السِير الروائية على شكل "مذكرات تسجيلية" لأحداث يومية تحدث للكاتبة، وهي متوارية خلف النص، أقرب للتسجيل الصارم الذي لا يلتفت إلى ماهية الأدب أو دور اللغة بكل أبعادها الجمالية في تشكيل النص السِيري. ونتج هذا بسبب عدم وضوح المصطلح الروائي، ودخول المذكرات اليومية من نافذة الرواية، الأمر الذي اعتُبر "تطفلًا" غير حميد في فن الرواية النبيل.إن شرط الصدق يجب أن يكون واضحًا في السرد الذاتي/السيرة الروائية، ويجب ألا يتدخل الكاتب كثيرًا في "تنقية" النص، وتقريبه من حالة "التصنّع" المشوه الذي يُربك القارئ، ولا يقدم له نصًا إبداعيًا جماليًا كما يتوقع.
2305
| 15 مايو 2016
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4038
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1731
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1572
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1134
| 07 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
885
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
549
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية