رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أردوغان وبوتين.. وما بعد سوتشي

شكل لقاء سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، خيبة أمل لكثير من المراقبين والمتابعين، وربما للرئيس التركي ذاته، إذ لم يُسفر اللقاء عن شيء ملموس بالنسبة لتركيا، عزّزه عدم صدور بيان مشترك مع اختتام المباحثات، وعدم ظهورهما في مؤتمر صحفي مشترك، مما عكس مدى الهوّة بينهما في المسائل والملفات العالقة. المحادثات التي جرت لثلاث ساعات بحضور مترجمين فقط، ليست بالطويلة ما دام وقت الترجمة يستغرق ربما نصف اللقاء أو أكثر، وجاء وصف بوتين للمحادثات بالمفيدة، ووصفها أردوغان بالبناءة، ليعكس أنهما لم يتوصلا لشيء، فترجمة اللغة الديبلوماسية لهذه الأوصاف، تعني أنهما لم يتفقا على شيء، وما تزال الخلافات بلا تجسير. أتى الرئيس التركي للمحادثات من أمريكا غاضباً على رئيسها جو بايدن، وانتقده بشكل واضح، فلم يكن مستعداً للتراجع عن صفقة إس 400 الروسية التي تطالبه واشنطن بالتراجع عنها، وزاد من غضبه من واشنطن رفضها تزويدها تركيا بطائرات إف 35 التي دفعت تركيا ثمنها من قبل، كما لم تُعدْ قيمة الصفقة المدفوعة لتركيا، وهو الأمر الذي ذكرني بصفقة طائرات إف 16 الباكستانية، التي كان الرئيس الباكستاني الجنرال الراحل ضياء الحق قد اشتراها من أمريكا، لكن ماطلت في التسليم، وبعد رحيله وتصاعد التوتر الذي حصل على خلفية تفجير باكستان لقنبلتها النووية عام 1998، متحدية طلب واشنطن بعدم التفجير، رفضت واشنطن تسليمها صفقة الطائرات، وعرضت بديلاً عنها شحنة قمح، فرفضت باكستان، فكان أن عرضت واشنطن أن تسمح للأردن ببيعها طائراتها المنسّقة من إف 16 التي غدت قديمة مقارنة بالتحديثات التي طرأت على الطائرة ذاتها، وقبلت باكستان مرغمة. الرئيس الروسي بوتين يبدو أنه حقق كثيراً مما كان يطمح إليه بعلاقاته مع تركيا خلال الفترة الماضية، فقد استطاع إبعادها عن الناتو، وخلق شرخاً بينها وبين أمريكا، أما على صعيد الغاز الطبيعي الروسي فجعل منه شريان حياة للاقتصاد التركي، وبأسعار أغلى مما يبيعه للدول الأوروبية، ويأتي احتياج السوق التركي لـ 8 ملايين متر مكعب من الغاز الروسي، ليعزز اعتماد الاقتصاد التركي على الغاز الروسي، ولم يتعهد بوتين في مباحثاته مع أردوغان بتخفيض سعر الغاز، كما كانت تركيا ترغب، وإنما اكتفى باستعداده العمل على توفيره، ويأتي ارتفاع سعر الغاز الروسي مع ازدياد طلب السوق الصيني الضخم له. حديث الرئيس أردوغان مع اختتام الزيارة بالسعي لشراء بوارج حربية، ومحطتي وقود تعملان بالوقود النووي من روسيا، بالإضافة إلى النسخة الثانية المتطورة من صواريخ إس 400 وهو الأمر الذي قد يجلب لتركيا مزيداً من العقوبات الأميركية، وبالمقابل سيشعر بوتين أن لا بديل لتركيا عنه. التحدي التركي الحقيقي اليوم هو الواقع في الشمال السوري المحرر، وتحديداً في إدلب حيث الحديقة الخلفية للأمن القومي التركي، وهي التي تتعرض لغارات شبه يومية من قبل الطيران الروسي، الذي طال في الفترة الأخيرة حتى مناطق ضمن الحماية التركية في عفرين وغيرها، ومع الإصرار الروسي على تنفيذ عمليات اقتحام لإدلب، فهذا سيعني أن أكثر من 3 ملايين يقيمون هناك سيتدفقون إلى تركيا، التي تعاني من غضب المعارضة التركية لوجود المهاجرين السوريين فيها، الأمر الذي بدأ منذ الآن يلعب دوراً في اتجاه الرأي العام التركي بشأن الانتخابات المقبلة، ولذلك فقد صعّد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن من رده بشكل واضح على التصريحات الروسية المتعددة، عن ضرورة انسحاب القوات التركية من سوريا، بالقول: "إن لتركيا حقاً بالوجود مثل الحق الأميركي"، الأمر الذي سيبقي المنطقة على وقع ترانزيت سياسي يدفع ثمنه السوريون وجيرانهم وتحديداً تركيا.

24833

| 05 أكتوبر 2021

روسيا وحصاد الوهم في سوريا

تدخل بعد ثلاثة أيام الذكرى السنوية السادسة للاحتلال الروسي لسوريا، هذا الاحتلال الذي حدده الرئيس فلاديمير بوتين بثلاثة أشهر فقط، أملاً في استعادة مناطق الثورة لصالح بشار الأسد، لكن ها نحن اليوم سندخل العام السابع للاحتلال الروسي، ولا تزال أكثر من ثلث الأراضي السورية خارج سيطرة الاحتلال، بل لا تزال تنافسه في سوريا أربعُ قوى أخرى إقليمية ودولية، مما يجعله يغرق سياسياً في سوريا، إذ لا فرقَ كبيراً بين الغرق السياسي والغرق العسكري، وربما يخالفني الكثير في العنوان وفيما أذهب إليه، ولكن ما زلت مُصراً على أن الغرق السياسي لا يختلف عن الغرق العسكري. كانت روسيا تظن أنها بتدخلها في سوريا، ستحسم المعركة لصالح ذيلها خلال أشهر، فمُنحت شيكاً دولياً وإقليمياً على بياض، بل حظيت بدعم لا محدود من أجل انتزاع أراضي الثورة، وجرّبت أكثر من 325 سلاحاً جديداً، كما قال وزير الدفاع الروسي، ومعه توعد الروس بأن تغدو سوريا مختبراً وحقل رماية لأسلحتهم وتدريب جيشهم، ولكن مع هذا لم تتمكن حتى اليوم من حسم المسألة سياسياً، فلا يزال فرض بشار الأسد على الشعب السوري وهماً سياسياً، وهو الذي صوّت أكثر من 14 مليون بأقدامهم ضده وضد أسياده المحتلين، فآثر المهجرون حياة الشتات ومخيمات الغربة على البقاء تحت عباءة الاحتلال والعصابة الطائفية المجرمة. تُمني نفسها روسيا بالسيطرة على بعض الجغرافيا، ولكنها خسرت معها جغرافية قلوب السوريين وعقولهم، وخسرت معها عقول العرب والمسلمين، نتيجة مجازرها اليومية في سوريا، فحالة الاستنزاف الروسية تتواصل على مستوى العلاقات الدولية والإسلامية، فضلاً عن استنزاف اقتصادي حقيقي يومي لست سنوات، وليس ثمة ضوء في نفق سياسي مظلم دخلته روسيا في سوريا، والأسوأ من ذلك كله هو النزيف الذي تتعرض له وسط حاضنة الفئة المقربة المسيطرة على السلطة نتيجة الحياة الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعيشها، مقارنة بالحياة التي تعيشها المناطق المحررة، فلا وقود، ولا كهرباء ولا رواتب تكفي لسدّ الرمق في المناطق المحتلة، الأمر الذي خلق حالة تمرد حقيقية انعكست في مظاهرات، وحالات توتر اجتماعي يومي، صاحبه تدفق الآلاف على مقر الهجرة والجوازات للحصول على وثائق سفر للخروج من البلد الذي لم يعد صالحاً للسكن بحسب كل من حالفه الحظ وغادر. مقابل هذا النزيف الروسي لم يبق أمام موسكو إلا اللعبة المفضلة، لعبة قمار القصف العسكري، فتواصل قصفها الأهالي، وتنقض اتفاقياتها مع تركيا، والنتيجة الغوص أكثر فأكثر في الوحل السياسي السوري، ومعه الوحل السياسي المنطقوي، فهي تدرك أكثر من غيرها أن الأسد وعصابته لا يمكن تسويقهم للشعب السوري، ولا للمنطقة والعالم، والبديل عنه مهما كان موالياً لموسكو لن يعوّضها ما ارتكبته من جرائم ومجازر بحق السوريين، الذين يرون أن سبب معاناتهم الحقيقية طوال تلك السنوات روسيا. بعد غد سليتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقد استبقها الأخير كالعادة بوليمة من دماء السوريين، فبعد أن كان وزير خارجيته لافروف يتحدث عن بؤرة إدلب الإرهابية كما وصفها، كانت طائراته تغير على مناطق محمية من قبل شريكه التركي في عفرين وتقتل 11 من جنود الحمزات حلفاء تركيا، الأمر الذي أكّد مجدداً بأن كل من يخرج على الأسد بنظر موسكو إرهابي، لا فرق بين درعا وإدلب وحمص وعفرين ومناطق الأكراد. المكوك الروسي يواصل تحركاته السياسية نفسها منذ ست سنوات بين مناطق الأكراد، وتركيا ودول الجوار، أما تحركاته على الأرض السورية فهي المعتادة من جرائم وقصف ومجازر، ومع هذا لا يزال الروسي يعيش حالة انعدام الوزن السياسي، فسوريا لن تكون من صالحه أبداً، ولعل انشغاله اليوم بالجبهة الأفغانية بعد الفراغ الذي خلّفه رحيل القوات الأمريكية والغربية، سيحدّ من تحركاته، وفي حال حصول الانسحاب الأمريكي من العراق وسوريا فإن المنطقة ستشهد فراغاً أكبر، ربما يساعد الثورة وحلفاءها على النفاذ من الصدوع والشقوق الجديدة، مما سيضع الروسي أمام تحديات جديدة، تكبر وتتوسع معها جغرافية تحدياته من أفغانستان إلى سوريا ما بعد الانسحاب الأمريكي، ينضاف إليها انشغال حليفه الإقليمي إيران اليوم بالفراغ الأفغاني، والعراقي مع انسحاب الأمريكي، فضلاً عن انشغال حليفه المليشياوي حزب الله بالداخل اللبناني اليوم مع الانهيارات اللبنانية التي نشهدها، والتي يبدو أن كرة ثلجها ستكبر.

16131

| 28 سبتمبر 2021

الهند.. ضحية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

تتناسب هزائم الهند وخساراتها بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان، طردياً مع انتصارات خصمها اللدود باكستان ومكاسبه، فالهند التي استقوْت بالغزو الأمريكي على أفغانستان عام 2001، بسطت نفوذها وتأثيرها هناك، وحلّت محلّ النفوذ الباكستاني، مما عمّق حضورها في مجالات عدة. عادة ما يتناسب حضور البلدين في أفغانستان عكسياً، فالأخيرة لا تتسع لكليهما، ولذا فإن حاكماً أقلوياً فيها، يعني نفوذاً هندياً ومعه نفوذٌ إيراني، وإنَّ حاكماً بشتونياً في كابول يعني بالمجمل نفوذاً باكستانياً، ولعل هذا ما عناه رئيس وزراء باكستان (عمران خان) حين قال: "لقد كسرت طالبان قيود العبودية عن أفغانستان". قبل أربع سنوات بدأت واشنطن بتكثيف جهودها لمحاصرة الصين، وتطويقها، لقناعتها أنها عدوها المقبل، وساحة حربها هي بحر الصين الجنوبي، فسارعت إلى تشكيل مجموعة (كواد) الرباعية، التي تضم كلاً من أمريكا وأستراليا واليابان والهند، ومن الطبيعي أن تكون الأخيرة في الواجهة، نظراً لحدودها الطويلة معها، وتاريخها الصدامي، تُغذيه خلافات حدودية، وتحالفٌ يجمعها مع عدوها الآخر وهو باكستان، مما يُفاقم من التحديات الهندية. ومع خسارة نيودلهي الإستراتيجية جرّاء الانسحاب الأمريكي كلَّ ما استثمرته في أفغانستان لعقدين، فقد خسرت معه ما برمجت عليه عقيدتها العسكرية، في تطويق خصمها الباكستاني من الجبهتين الهندية - الكشميرية، والأفغانية، وهو حصار فرض على باكستان تنازلات مؤلمة بتراجع موقفها تجاه كشمير (رقبة باكستان)، وفقاً لتوصيف مؤسس باكستان محمد علي جناح، أو بتقليص خياراتها فيها وانعكاسات ذلك على المنطقة، بعد أن كانت بوابة حصرية لكل من يريد العلاقة مع أفغانستان، لاسيما أن حليفها الطالباني في السلطة اليوم، مما يجعلها تتفرغ لجبهتها الوحيدة مع الهند، وإن كانت الهجمات المسلحة القادمة من أفغانستان تبقى تهديداً معتبراً. الأسوأ من ذلك كله هندياً، ملء باكستان فراغها الذي خلفته هناك، ضاعفه الخوف من إمكانية عودة أجواء عام 1990، يوم أدى انسحاب السوفييت من أفغانستان إلى اندلاع شرارة الانتفاضة الكشميرية، ولعبت حينها الأحزاب الكشميرية المسلحة المتدربة في أفغانستان الدور الأكبر فيه، فدفعت الهند ثمن مواجهة تلك الانتفاضة المسلحة، التي لا تزال ذيولها وتفاعلاتها حتى اليوم، وعودة نشاط تلك الجماعات، بدعم باكستاني وأفغاني خفي أو علني، سيعيد الخطر ربما بأقوى من السابق، ولعل هذا ما عناه جنرال هندي متقاعد، حين وصف الواقع الأفغاني ما بعد الانسحاب الأمريكي بأنه: "نكد إستراتيجي هندي". اليوم ترى نيودلهي أنها خُذلت أمريكياً ثانية، يوم استبعدتها من حلف ثلاثي جديد، لمواجهة الصين، فقصرته على نفسها وبريطانيا وأستراليا، وتركت البلدين الآسيويين (الهند واليابان)، اللذَيْن كانا بالأمس في حلف رباعي للغرض ذاته، وحدهما في مواجهة استحقاق عداءٍ صيني، وفوق هذا، أتى الفراغ الذي خلّفه رحيل القوات الأمريكية والغربية من أفغانستان، لتملأه كتلٌ منطقوية مجاورة ومعادية لها، مما يزيد من فاتورتها أمنياً واقتصادياً، اختصره رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بقوله: "أمريكا تركت المنطقة وسخة، وتريد من الآخرين تنظيفها اليوم". ومع هذا لا تزال ثمة أوراقٌ هندية، وإن كانت تبدو ضعيفة بحسب المخاوف الباكستانية، ومن أبرزها، ما يتردد عن دعمها لمقاتلي حركة طالبان باكستان، المقيمين في أفغانستان، وكذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إذ تعتقد إسلام آباد أن نيودلهي تقوم بدعمهما واستخدامهما ضد إسلام آباد، وقد كثفت حركة طالبان باكستان عملياتها الأخيرة ضد الجيش الباكستاني، في مناطق القبائل الباكستانية المحاذية لأفغانستان، فقتلت في هجوم واحد سبعةً من أفراد الجيش، مما دفع مدير مخابراتها العسكرية الجنرال فائز حميد للتوجه إلى كابول، للبحث في وجود عناصر مقاتلي طالبان باكستان على الأراضي الأفغانية، ولكن على ما يبدو لم يلقَ رداً إيجابياً، كون الحكومة الأفغانية لا تزال مشغولة بأوضاعها الداخلية، وعاجزة عن اتخاذ قرار بهذا الحجم في الأيام الراهنة. إعلامي وكاتب سوري

9475

| 21 سبتمبر 2021

لثماني سنوات في سوريا عالم القطب المتوحش الواحد

لا شيء تغير طوال السنوات الثماني الماضية الإبادةهي الإبادة والقاتل هو القاتل العالم يستنزف أخلاقه وإنسانيته فلا الحاضر سينسى ولا المستقبل سيغفر ويعفو لسنوات ثمانٍ خلت والسوريون يعيشون حالة عالم القطب المتوحش الواحد، عالم تقوده احتلالات إجرامية متوحشة، لا تعرف سبيلاً إلا مزيداً من شرب الدماء وافتراس البشر، فمن يخال أن عصر الواحد والعشرين، عصر المعلوماتية وما بعدها، عصر الحداثة وما وراءها، فقد أبعد النجعة، فكشفت الشام عن خطله، فلا يزال في هذا القرن بشر متوحشون يلتهمون بشراً وعلى مدى ثماني سنوات، والأغرب من ذلك أن بشراً آخرين يصمتون. والأعجب من هذا وذاك أن آكلي لحوم البشر هؤلاء لا يستحون ولا يخجلون من المجاهرة بفعلهم هذا الذي يضفون عليهم مراسيم كنسية وطائفية، ويحصل هذا دون أن يرد عليهم أتباع تلك الديانات فيوقفوهم عند حدهم قولاً، ناهيك عن الفعل بمقاومتهم ومحاربتهم للكف عن استخدام الدين المشترك بينهما لغايات دموية، ستلقي بظلالها وترسباتها ربما لعقود وقد يكون لقرون على حياتنا جميعاً، مما يجعل الفاعل والصامت شريكاً سواءً بسواء، لا فرق بين صامت وناطق. تعلمنا من خلال دروس التاريخ قانون الدفع البشري، ورأينا ما حل بالحروب الساخنة من حرب غربية أولى وثانية لا علاقة للعالم كله بها، لكن أرغمنا على ابتلاع الطعم بأنها حرب عالمية أولى وثانية، ومن بعدها كانت الحرب الباردة التي تدافع فيها الغرب والشرق، إلى أن وصل التدافع ذروته في أفغانستان، وحتى في البوسنة والهرسك والعراق وغيرهما كان هناك شيء من التدافع، ولكن ما إن حل الأمر بالشام حتى رأينا القطب الواحد المتوحش يسرح ويمرح وحده، بل عن وجود تعاون وتنسيق ومباركة أمريكية وغربية لفعل المتوحشين، فحين يعجز عن قتل من يريدهم في المناطق المحررة، أو حين تهتز شرعية قتله وذبحه وإبادته وتهجيره، نرى الطائرات الأمريكية قد أقلعت للتذكير بأن ثمة إرهاباً وشرعية لا تزال موجودة لاستمرار مبررات طاحونة القتل والدمار والخراب، على الرغم من أن نملة أمريكية أو غربية لم تقتل على يد قاتل مفترض من الشمال السوري المحرر، أو أن مجهولاً واحداً يقيم في الشمال المحرر قام فهدد الغرب والشرق ليكون مبرراً لكل هذا القصف والقتل والإبادة، بينما رأينا من يهددهم صباح مساء ويلعنهم ظهراً وعشياً لا يقتربون منه. تستمر المذبحة وتتواصل المأساة، مأساة البشر كلهم وليست للسوريين فقط، فإن كان السوريون يدفعون ثمناً جسدياً بموتهم أو بهجرتهم، فإن العالم يستنزف أخلاقه ويستنزف معها إنسانيته، فلا الحاضر سينسى ولا المستقبل سيغفر ويعفو ما جرى للشمال السوري المحرر من إبادة على أيدي مجاميع ناطقة أو صامتة. لا شيء قد تغير طوال السنوات الثماني الماضية، الإبادة هي الإبادة والقاتل هو القاتل سوى دخول قتلة صامتين جدد بالأمس ليكونوا قتلة ناطقين اليوم، والضحية هي الضحية في عمليات الترانسفير والتهجير تحت سمع العالم وبصره متوحشاً فاعلاً ناطقاً أو متوحشاً صامتاً، والسعيد هو من يهاجر، ومن يلقى مركوباً لينقل به عائلته وسقط متاعه، والساحة هي الشمال المحرر وعاصمته إدلب التي آثرت الانشقاق عما سعى العالم إلى الترويج لنا ولغيرنا بأنه عالم القرية الكونية الواحدة، لنجد أن الشمال المحرر انشق عنه أو شقوه عنهم، فأسلموه للإبادة البشرية، ليواجه أخدود القرن الحادي والعشرين على أيدي فراعنة متوحشين جددا ولكن بحداثة أسلحة يستخدمها القتلة مستغلين كل سنوات التطوير البشري لأسلحة القتل والإبادة على مدى كل القرون الماضية، لتصب حممها ولهيبها على أجساد غضة، كل ذنبهم أنهم رفضوا أن يعيشوا في جلباب عصابة طائفية مجرمة نُقل عن مؤسسها حافظ الأسد أنه نسج نظامه أو لا نظامه على ما يريده نسيج النظام أو اللانظام الدولي، وبالتالي فسقوط نظامه أو لا نظامه يعني سقوط النظام أو اللانظام العالمي. المصدر: الجزيرة نت

3878

| 03 يناير 2020

باكستان وقطر.. دبلوماسية مصالح الشعوب

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مصالح الشعوب هي الدائمة في سياسات ودبلوماسيات الدول، وبقدر نجاح الدول في ربط شعوب الدول الأخرى بها بقدر نفوذها في مجال غيرها وحيّزه، وربط الشعوب لا يتأتى إلاّ بالاستجابة لمصالحها ومنافعها، لتجعل منها الحارس الأول والأخير على مصالحك كدول بعيدة عن دول تلك الشعوب، هذه الشعوب المستفيدة من هذه المصالح والمنافع ترى وتلمس وتشعر أنها بغير ذلك ستكون هي المتضررة الأولى والأخيرة من تقاعسها في الدفاع عن تلك المنافع أو المصالح لا فرق..أقدم هذه المقدمة الصغيرة وأنا أرقب في باكستان تطور العلاقات بينها وبين قطر، وقدرة البلدين على فعل ما عجزت عنه قوى إقليمية كبرى طوال أكثر من عقد، فالحكاية بدأت بعطش باكستان إلى الغاز والطاقة، وهو ما أرغم مصانع ضخمة على الإغلاق، ودفعها للهجرة إلى دول أخرى، مما خلق بطالة وعطالة خطيرة في صفوف الباكستانيين، بالإضافة إلى اصطفاف طوابير السيارات العاملة على الغاز أمام محطات الغاز الباكستانية، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة مما خلق اضطرابات اجتماعية كادت تودي بحكومات..تنازعت باكستان طوال هذه الفترة دول ومصالح كثيرة واستغرق ذلك سنوات طويلة حتى حسمت إسلام آباد خيارها باللجوء إلى الخيار القطري بعيداً عن الغاز التركماني المشجع روسيا، وعن الغاز الإيراني، الذي تبين كلفته أعلى بكثير من سعر السوق العالمي، يُضاف إليه لعبة المصالح الهندية ـ الإيرانية المتشعبة في هذا الملف الذي دفع طهران إلى تقديم ميناء تشاربهار كاملاً للبضائع الهندية ليكون بوابة تلك البضائع إلى آسيا الوسطى وهو ما يُلحق أفدح الضرر بالبضائع والتجارة الباكستانية نظراً لبعد تشاربهار حوالي 30 كم فقط عن ميناء غوادر الباكستاني، والذي لا تُقارن مكانته الاستراتيجية بالأول نظراً لعمق مياهه بحيث يُوفر رسوّ البوارج الكبرى وهو ما أسال لعاب الصين له، فدفعها إلى تعزيز حضورها البحري في جوادر، فتقاطعت مصالح باكستان والصين فيه، والحديث عنه يطول.نجح السفير القطري صقر بن مبارك المنصوري خلال فترته القصيرة كسفير لبلاده في باكستان في إنجاح مشروع الغاز المسال القطري، وبدأت أولى شحناته ترد إلى الأسواق الباكستانية ويتوقع أن تسدّ قطر بهذه الاتفاقية ثلث احتياجات باكستان الغازيّة، ولكن ما تُعوّل عليه باكستان أيضاً هو الاستثمار القطري في مجال محطات توليد الطاقة الكهربائية وهو عطش باكستاني يصل إلى حدّ الظمأ الحقيقي، حيث ستقوم قطر بإنشاء محطات توليد كهرباء قد تصل طاقتها إلى 2900 ميجاوات وهو سيسدّ تقريباً كل حاجة باكستان من الطاقة الكهربائية والتي شلّت على مدى عقدين الحياة الاقتصادية الباكستانية..وتأمل المحافل السياسية والاقتصادية الباكستانية أن يكون لهذه المشاريع البعيدة المدى والحيوية والاستراتيجية تأثير مباشر على المواطن الباكستاني إذ إن كلفة الكهرباء ستنخفض بشكل كبير، بالإضافة إلى انخفاض كلفة الغاز، فضلاً عن عودة افتتاح المصانع المغلقة وضخ الحياة مجدداً إلى العجلة الاقتصادية وطاحونتها التي نشف ماؤها..مثل هذه المشاريع الحيوية والبعيدة عن السياسة ستكون مقدمة لتعاون ربما أكبر وأوسع بين البلدين، وقد يكون مثالاً وأنموذجاً يُحتذى في عالم الدول.

4379

| 09 مارس 2016

المجتمع الدولي والإباحية السياسية في دول الربيع العربي

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم أعثر على تعبير يفي ما يمارسه ما يُسمى بـ"المجتمع الدولي" إلا هذا التعبير، فلذلك المعذرة من القراء الكرام، فأنّى تلفتّ منذ اندلاع ثورة الشام المباركة وحتى الآن تجد رقصة الستربتيز تتواصل حتى لم يبق شيء على جسد هذا المجتمع الدولي المتعرّي تمامًا أمام الشعوب، حينها بدأ بممارسة الإباحية السياسية وعلى المكشوف ودون خجل أو مواربة. لا أدري من أين أبدأ بممارساتهم الإباحية، فهي متعددة على امتداد دول الربيع العربي، لكن الخيط والحبل السُري الذي يجمعها كلها هو الوقوف كالجدار الفولاذي بوجه الربيع العربي وأشواق الشعوب إلى الحرية والتخلص من الران الاستبدادي الذي حكمها لعقود.لنبدأ من آخر تقليعات منظمة الصحة العالمية التي عجزت عبقريتها الصحية المتراكمة لعقود أن تجد من يُقيّم التأثيرات النفسية على اللاجئين السوريين إلاّ زوجة الشبيح نائب وزير خارجية العصابة الطائفية الحاكمة في دمشق فيصل مقداد، وكأن منظمة الصحة العالمية تعيش على كوكب آخر لا علاقة له بإبادة الشام التي تضم أعرق مدن التاريخ، وكأن المنظمة لا تعرف أن زوج موظفتها المصون ليس شريكًا في هذه الإبادة الجماعية، فقد كنّا نسمع عن الخصم والحكم، فبتنا نسمع عن القاتل ومُقيّمك فيما إذا تضررت نفسيًا من جرائمه أم لا؟ومن قبل مارست، ما تُسمى زورًا وبهتانًا بـ"الأمم المتحدة"، الإباحية السياسية في سنوات الثورة الشامية فأشرفت على اقتلاع شعب بأكمله من مدن عريقة كحمص والزبداني، وعجزت عن إدخال حبة دواء أو علبة حليب بدون استئذان من طاغية الشام، وصمتت صمت القبور عن مشاركة كل الميليشيات الطائفية من باكستان وأفغانستان إلى لبنان والعراق وإيران، وأشغلت نفسها بداعش، بينما تلك العصابات تقتل المدنيين وتفتك بالبلد على مدى سنوات دون أن يرفّ جفن للمنظمة العتيدة.وعلى امتداد سنوات الجمر السوري كانت المنظمة تُغيّر مبعوثيها إلى طاغية الشام كما نقوم نحن بتغيير ثيابنا، لرفضه التعامل مع هذا المبعوث أو ذاك حتى وقع الاختيار على دي ميستورا، فكان خير مستشار وناصح لطاغية الشام ولا يزال، ولم تحرك المنظمة ساكنًا وهي ترى عشرات الآلاف من صور التعذيب النازي الطائفي، تمامًا كما لم تحرك ساكنًا وهي ترى استخدام كل ما صنفته بأسلحة محرمة دوليًا في أجساد السوريين، والأنكى من ذلك كله تزويرها تقارير عن واقع المأساة السورية بطلب من عملاء العصابة الطائفية، وإرسالها مواد غذائية للمناطق المحاصرة حين سمحت العصابة الطائفية، ولكن كانت مواد فاسدة حيث فضحهم الناشطون في تلك المدن المحاصرة.نذهب إلى مصر فنرى التآمر الكوني على ثورة شعب عريق ليفرضوا قزما عسكريا على شعب حضاري، ومع كل ساعة وليس يوما نسمع عن أعاجيب السيسي وعصابته، ونسمع عن سخرياته التي فاقت البلهاء والأغبياء و..و.. فساعة يطالب بتبرع بجنيه مصري، وساعة يتمنى أن يُباع ويفتتح بذلك سوق نخاسة، وأخرى يريد التعاون مع دول الرز، وحين ثبت متلبسا بكذبه ومراوغته، رأيته يتجه إلى طهران وحزب الله، فلا دين يحكمهم ولا عقل ولا منطق، وهذا ينطبق على حزب الله كما ينطبق على السيسي، فبالأمس كانت مصر رمز الخيانة وكامب ديفيد، واليوم أصبحت وجهة من أجل مكافحة الإرهاب السني المتمرد على كذبهم وأساطيرهم.بالطريق نُعرج على اليمن فنجد الكذب العالمي بتعاونه ودعمه عصابة حوثية عفاشية انقلبت على خيار الشعب، ولا يخجل المبعوث الأممي من أن يواصل مهمته بعد أن أوصل الحوثيين إلى صنعاء، والأنكى من ذلك، يخرقون قرارات أممية ويضربون بها عرض الحائط ولا مساءلة، ولو فعلها غيرهم لقامت حرب عالمية ثالثة ورابعة وخامسة.في ليبيا وما أدراك ما ليبيا، صورة الإباحية السياسية مقززة، فبعد أن دفعت دول مجرمة الانقلابي حفتر لينقلب على ثورة الشعب الليبي وينقلب معها على خياره الانتخابي على الرغم من أنه لم يفز فيها الإسلاميون، وصمتوا وصبروا وقبلوا بنتائج الانتخابات، ولما فشل في فرض إرادته وإرادة أسياده على الشعب الليبي المظلوم، انبرت فرنسا وأوربا من أجل إنقاذه، والذريعة جاهزة: مكافحة داعش، التي أتتهم من السماء على طبق من ذهب.في العراق المجتمع الدولي متآمر حتى النخاع الشوكي ضد شعب العراق، وبعد أن أسقط صدام حسين سلّم البلد بكل أريحية وفرح وسرور للعصابات الطائفية والصفويين، ولم يكتف بذلك، بل وواصل تثبيتهم في العراق، فأمريكا تقصف من الجو، وسليماني يتقدم من البر، ومن يرفع عقيرته يُتهم بأنه داعشي أو زرقاوي أو صدامي أو تكفيري، والسليم من انضم لحلفهم الطائفي وشاركهم إباحيتهم السياسية.لكن مع كل هذا الليل المظلم ثمة أضواء باهرة، فإصرار الشعوب على انتزاع حقوقها مهما كلف الثمن وتآمر الشرق والغرب يعكس حجم المؤامرة، تمامًا كما يعكس عظم الشعوب المنتفضة، وتأتي أضواء التحرك السعودي والخليجي والتركي في مواجهة هذا الصلف والإباحية الدولية، ليزيد من جرعة الأمل.

3632

| 02 مارس 2016

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5355

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

4743

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

4203

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1806

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1503

| 08 أكتوبر 2025

1338

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

1017

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

906

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

795

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

783

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...

729

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

720

| 06 أكتوبر 2025

أخبار محلية