رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيرة هي قصص الذين يخشون من المجاهرة بعروبتهم وانتمائهم العربي خصوصا بعد الأوضاع التي سادت الدول العربية في العقدين الاخيرين. وكثيرة هي قصص المعاناة التي يعيشها الشباب العربي في المطارات الاجنبية. وهناك قصص أكثر إيلاما للباحثين عن جنسية أجنبية وكأن العروبة صارت عبئا يثقل العقول والنفوس بعدما تحطمت الامال والاحلام. هذه الصورة المحزنة لا تجدها في الدوحة حيث نجحت قطر في جعل العروبة الأكثر حضورا في المونديال وأصبحت الصورة في الدوحة: انت عربي ارفع رأسك... في الدوحة أينما وليت وجهك تجد العروبة ربيعا يزهر فرحا في وجوه الناس وتسمعه صوتا هاتفا من الحناجر المفعمة بالحماس العربي وصورا للاعلام العربية تعانق العلم الفلسطيني في كل الاماكن والاحياء. في الدوحة العروبة حاضرة في الملاعب والاستادات وفي الفعاليات المصاحبة... في الدوحة لن تطأطئ رأسك ولن تخشى مجاهرتك بانتمائك العربي.. في الدوحة تعيش انتماءك العربي بفخر واعتزاز. في الدوحة تجاهر بعروبتك كما لم تجاهر بها يوما. هذا الوصف ليس واقعا افتراضيا عبر الوسائل الرقمية. إنه حقيقة ساطعة لمسها القاصي والداني وعاشتها الجماهير العربية بكل معانيها. كل عربي جاء الى مونديال قطر عاش تجربة زهوة الفخر بالانتماء العربي. وهي تجربة غير مسبوقة ستبقى خالدة في ذاكرة التاريخ تتوارثها الاجيال المتعاقبة. كان البعض يظن أن اقصى حد للحلم العربي هو استضافة المونديال في أول عاصمة عربية. لكن قطر شاءت أن تهدي الشعوب العربية وسام الفخر والاعتزاز بعروبتهم عبر تجربة لا توصف فاقت كل التوقعات تكاملت فيها كل العناصر لتجعل المونديال تجربة عربية لا تنسى. لقد اتخذت البصمة العربية في المونديال خطا تصاعديا بدأ من الافتتاح الذي حضرت فيه اللغة العربية لأول مرة بحوار أداره الرائع غانم المفتاح يعكس القيم العربية والتعاليم الاسلامية، وتوج بحضور كبير ووازن لقادة الدول العربية والخليجية والاسلامية. وقد كان لافتا توشح الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بالعلم القطري. مما دشن حالة تفاعل عربية من القادة الى الجمهور. وهي حالة جديرة بالاهتمام. ثم جاءت مباراة السعودية والارجنتين التي اشعلت الحماس العربي ليس في قطر بل على مستوى الوطن العربي من المحيط الى الخليج وكان لافتا ايضا توشح كثير من القيادات والرموز بالعلم السعودي مما عزز مشاعر التضامن العربي بلمسة غير مسبوقة. وكانت فلسطين العلامة الفارقة في مونديال قطر حيث وضع كبار المسؤولين واللاعبين ربطة يد تحمل العلم الفلسطيني فيما انتشرت الاعلام الفلسطينية في الملاعب ومناطق المشجعين واماكن الفعاليات كانت فلسطين تنبض في قلوب الجماهير العربية بمختلف جنسياتهم وتصدح في حناجرهم وكوفية يتوشحون بها. ولم يكن بين تلك الجماهير من يخشى التعبير العفوي عن تضامنه مع فلسطين. وهي طبعا صورة يستحيل ان تجد لها مثيلا في عواصم اخرى. صورة التضامن العربي تجلت بتفاعل الجماهير العربية مع بعضهم بطريقة لم تقوَ السياسة يوما على توحيدهم بهذا المستوى من صدق المشاعر. صورة رائعة غيبتها السياسة والصراعات المقيتة عن الاذهان. كنت تجد الجمهور العربي يهتف بصوت واحد لقطر عندما يلعب المنتخب القطري ويهتفون للسعودية عندما يلعب منتخبها وكذلك الحال لتونس والمغرب. كان المشهد في الدوحة اشبه بلوحات ابداعية تجسد التضامن العربي في مشهد أقرب إلى سيمفونية عربية ستعزف طويلا بأوتار التاريخ. مع كل مباراة لمنتخب عربي كانت الارض تتكلم عربي باصوات جماهير تهتف بصوت واحد فلا تعرف المصري من المغربي ولا السوري من التونسي ولا اللبناني من الخليجي ولا الجزائري من العراقي. مشهد سيلهم كثيرا من المبدعين العرب لانتاج اعمال ابداعية من افلام وثائقية وكتب وروايات وقصائد. هذ المشهد العربي النادر ما كان ليتحقق لولا رغبة قطر قيادة وشعبا. وتقدمت القيادات والرموز المشجعين للمنتخبات العربية وتوشحوا بالاعلام العربية في تفاعل عفوي وصادق لمسته الجماهير العربية التي اشتعلت حماسا وفخرا بعروبتها وزهوا بأجمل مشاعر الانتماء العربي في دوحة العرب.
3009
| 16 ديسمبر 2022
ما تشهده المناطق القطرية هذه الأيام يفوق بكثير ما تشهده الملاعب من مباريات ومنافسات، حيث نبض الثقافة يغطي جميع المناطق. وكأننا في أعراس ومهرجانات ثقافية بكل الفنون والألوان تستقطب الجماهير من مختلف الجنسيات والثقافات التي لم تخف إعجابها وانبهارها بما تشاهده في هذه الفعاليات. وعندما نتأمل عدد الأنشطة والفعاليات المصاحبة لمونديال قطر 2022 ندرك أننا أمام رقم قياسي غير مسبوق (حوالي 6 الاف نشاط موزعة على فعاليات رئيسية). وهذا الكم من الفعاليات قد تعجز وسائل الاعلام عن تناوله بشكل مفصل. لكن الجماهير التي جاءت إلى قطر من أنحاء العالم تعيش تجربة لا تنسى مع الفعاليات الثقافية. وقد أخبرني صديق جاء مع أسرته من كندا (اعتاد حضور المونديال في العواصم العالمية) أن النسخة القطرية من المونديال فاقت كل التوقعات فلا يوجد وقت ضائع حيث برامج الفعاليات الثقافية والترفيهية تغطي كل دقيقة من وجودهم في الدوحة معرباً عن سعادته أن الفعاليات تشمل الكبار والصغار وجميع الأعمار. ويشير الى نقطة بالغة الأهمية تعريف الجمهور بالهوية العربية والإسلامية حيث كان يعاني في ربط أولاده بجذورهم العربية بعدما اندمجوا في المجتمع الكندي في حين أن الفعاليات المصاحبة سهلت عليه هذه المهمة. لقد نجحت قطر في تحويل المونديال إلى عرس ثقافي يمد جسور التواصل والتفاعل بين الشعوب والحضارات وذلك عبر برامج انشطة وفعاليات مدروسة بإتقان بحيث تلبي التطلعات وترضي جميع الاذواق مع الحرص على الحضور الخليجي والعربي في هذه الفعاليات. واذا كان مصطلح:"الدوحة عاصمة الرياضة العالمية" يتردد على السنة جمهور المونديال فإنه يصح القول ان الدوحة في هذه الأيام عاصمة الثقافة العالمية فهي تحاكي جميع الثقافات وتقدم أنشطة تعبر عن تمازج الحضارات وتفاعلها. وحدها الفعاليات الثقافية تصنع قصصا وتجارب تبقى محفورة في ذاكرة ضيوف الدوحة من مختلف الأجناس والجنسيات. ولذلك اختارت اللجنة العليا للارث برامج ثقافية وترفيهية تغطي المناطق بمشاركة وتكاتف جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة وقد كان لوزارة الثقافة الحضور الأساسي والبصمة المميزة في الانشطة والفعاليات فيما حضرت كتارا لتتبوأ بجدارة لقب نبض الثقافة في المونديال بوصفها قرية كونية للثقافة العالمية لتسجل رقماً قياسياً يتجاوز الثلاثمائة فعالية وتستقطب أكبر نسبة من جماهير المونديال. إلى جانب فعاليات الجماهير في حديقة البدع وبرامج مؤسسة قطر ومبادرة "قطر تبدع" لمتاحف، فيما درب لوسيل تحول الى وجهة دائمة للجمهور. وحاز كورنيش الدوحة على النصيب الأكبر حيث خصصت واجهة بحرية بطول 6 كيلومترات. وتألق سوق واقف بفعالياته المفضلة لجمهور المونديال، وكذلك جزيرة المها وسوق الوكرة. وتم تتويج هذه الفعاليات بالبرامج الإحتفالية باليوم الوطني وأبرزها فعاليات درب الساعي التي دشنها سعادة وزير الثقافة وتضم أكثر من اربعة الاف فعالية ونشاط متنوعة تمنح الزائر فرصة التعرف على التراث القطري والثقافة القطرية وطبيعة الحياة في قطر. لقد نجحت قطر في تقديم نسخة مونديالية مبهرة تخطف الأنظار على كل المستويات وخصوصاً في الرياضة والفعاليات الثقافية. ووضعت أمام الراغبين باستضافة النسخ القادمة من المونديال تحديا جديدا من خلال الفعاليات الثقافية وهو تحد يستعصي على الاخرين انجازه. يمكن القول ان هذا الكم القياسي من الفعاليات المصاحبة يجعل مونديال قطر 2022 ينفرد ببصمة ثقافية حملت رسالة إنسانية بطريقة إبداعية حيث معظم الناس تفضل الحصول على قصص مبتكرة تتعرف من خلالها على الافكار والقيم والفنون والأدب وبالتالي فإن جمهور المونديال يغادر الدوحة وقد حفظت ذاكرته عاداتنا وقيمنا الثقافية. فالثقافة كما يقول الروائي الفرنسي ميلان كونديرا "ذاكرة الشعب والوعي الجماعي".
2079
| 02 ديسمبر 2022
لا أذكر منذ متى تنتظر الشعوب العربية إنجازات بحجم الأمة، ولا أذكر عدد الأجيال المتعاقبة التي توارثت طعم الهزائم ومرارة الخيبات السياسية والتنموية، ولا أذكر منذ متى أصبحت طموحات الإنسان العربي مجرد أمنيات بتخفيف المعاناة، لكني أذكر تاريخ ولادة حلم أكبر إنجاز عربي في هذا العصر وهو فوز قطر عام 2010 باستضافة مونديال 2022، متفوقة بذلك على المنافسين الكبار الذين حاصروا هذا الفوز بأحقادهم وحملات الشيطنة. كان يمكن لهذا الفوز أن يتحول إلى خيبة يطويها النسيان كحال الكثير من المشاريع العربية، وكان يمكن أن تصاب العزيمة القطرية بالإحباط مع تنامي الحملات الشرسة وتواصلها بشكل تصاعدي على مدى 12 عاماً وتتراجع عن استضافة المونديال. كانت الحملات تطغى على تفكيرنا وأفكارنا خلال متابعتنا الإعلامية لمسيرة المونديال خطوة بخطوة على مدى 12 عاماً حتى دخل الشك على نفوس بعض الزملاء وأصبح احتمال سحب الاستضافة هاجساً في ظل حملة لم يعرف تاريخ الكرة مثيلاً لها، فالإعلام الغربي كان يقابل ما تنجزه قطر من مشاريع مونديالية بمزيد من التشهير والتشويه حتى ذهب البعض للحديث عن العواصم البديلة المرشحة لاستضافة المونديال. لكن قطر اختارت الطريق الصعب طريق التحدي لتحقيق إنجاز عالمي بنكهة عربية، مستندة بذلك إلى معادلة فريدة وهي صلابة الإرادة وحسن الإدارة في التعامل مع شروط الاستضافة للمونديال وتنفيذ مشاريع عملاقة ورائدة في البنى التحتية والعمرانية والصحية والخدمية والسياحية، فضلاً عن المنشآت الرياضية المبهرة والمميزة لتجعل من نسخة المونديال في قطر أفضل نسخة في تاريخ المونديال على الإطلاق. لقد جعلت قطر من المونديال فرصة لتحقيق نهضة شاملة وغير مسبوقة في جميع المجالات، حيث تطالعك دولة حديثة بأفضل وأرقى مواصفات العصر التي لا تتوافر في كثير من الدول التي استضافت دورات سابقة من المونديال. نجحت قطر وأخفق المراهنون على فشلها، أدارت ملف المونديال بطريقة احترافية ستتحول لاحقاً إلى دراسات وأبحاث ورسائل ماجستير ودكتوراه ولكل الباحثين في إدارة الملفات الكبرى، وتمكنت من تفنيد الاتهامات والادعاءات التي أثيرت بأسلوب على قدر عال من الاحترافية، حيث كان ردها العمل الجاد والدؤوب وإنجاز المشاريع على أفضل وجه. واستطاعت بجدارة تحقيق إنجاز العصر، والإنجاز ليس النجاح باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم بل بتقديم نسخة تاريخية مبهرة وعلامة فارقة تعجز أوروبا نفسها على الإتيان بمثلها. إن نجاح قطر في خوض التحدي يمنح الشعوب العربية جرعة أمل وثقة بالمستقبل ودرساً مهماً، وهو أن المستحيل يصبح حقيقة بعزيمة تقوم على صلابة الإرادة وحسن الإدارة. ورب قائل ما الذي يجعل من استضافة المونديال أبرز إنجاز عربي في هذا العصر وحلماً عربياً راودنا منذ طفولتنا؟ عندما نستعرض الدول التي استضافت المونديال نجد معظمها في أوروبا ولم يسبق لدولة عربية أو إسلامية استضافة مثل هذا الحدث الكروي العالمي، وأذكر عندما كنت أتابع مع زملاء إعلاميين ومثقفين عرب تصفيات كأس العالم في تسعينيات القرن الماضي سأل أحد الزملاء هل سيأتي اليوم الذي سنشاهد فيه المونديال في عاصمة عربية ؟ احدهم قال: "حلم صعب المنال". ورد آخر: "ليس في زماننا ربما في زمان أحفادنا". فيما رد ثالث: "دعونا نحلم فليس في الحلم خطأ ". وربما هذا التساؤل تبادر إلى أذهان جمهور الكرة على امتداد الوطن العربي، لأن هذا الحلم يتطلب التنمية والاستقرار والازدهار والكثير من الشروط التي يصعب توفرها، فالغرب يعتبر أن هذه البطولة التي تستقطب جماهير العالم من كل القارات وتدخل عبر الفضائيات إلى كل البيوت هي ملكية خاصة لا يحق للآخرين امتلاكها واكتشاف أسرارها والتأثير في الرأي العام العالمي من خلالها، فكيف يمكن السماح لدولة خليجية عربية مسلمة وشرق أوسطية أن تنتزع هذه الملكية وتستضيف أنجح بطولة في تاريخ المونديال؟ لقد انتزعت قطر هذا الإنجاز الكبير من عرين الأسود لتقدمه لكل العرب كما قال سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: "باسم كل العرب نرحب بالعالم في مونديال قطر". في مونديال قطر لم يعد العرب مجرد مشاهدين ومشجعين بل أصبحوا لأول مرة مستضيفين ومشاركين ومؤثرين في أكبر جمهور عالمي يقاس من خلاله الرأي العام. وأصبحت المصطلحات العربية متداولة بكل لغات العالم وعلى ألسنة ملايين الجماهير المونديالية، وسوف تسجل محركات البحث أرقاماً قياسية قد تصل إلى مليارات المرات في استخدام المصطلحات العربية والبحث عن تاريخ المنطقة العربية وعادتها وتقاليدها. لقد أتاحت قطر الفرصة التاريخية لكي يرى العالم بأسره الوجه العربي المشرق عن قرب وعن كثب لا كما تنقله وسائل الإعلام الغربي وفقاً لأجندتها ورؤيتها، والتي غالباً ما تظهر الوجه العربي بطريقة مشوهة. مونديال قطر2022 سيبقى تاريخاً مشرقاً لإنجاز الحلم العربي وتدشين عصر تحقيق الأحلام العربية.
2262
| 20 نوفمبر 2022
كان العقد الأخير حافلا بالأحداث المؤلمة على مستوى الوطن العربي، ارتفع فيه منسوب الفرقة والشرذمة بين الدول العربية وتفاقمت الأزمات في ظل التحولات الكبرى في الأقليم، حتى كاد المواطن العربي ينسى الحلم العربي بالعمل المشترك وغرق في هموم البحث عن أمنه واستقراره وقوت يومه. وفي المقابل كانت قوى إقليمية تسعى مع الدول الكبرى لتقاسم مناطق النفوذ في الجغرافيا العربية. وكان للبنان النصيب الأكبر من هذا الواقع المؤلم حيث بلغ مرحلة خطيرة من الشرذمة والصراع جعلت هويته العربية في مهب الصراعات الإقليمية. لم يتقدم أحد في هذه المنطقة للبحث عن القواسم المشتركة والعمل على ما يجمع ـ وهذا شأن الحكماء ـ سوى قطر التي اختارت أن تحيي الحلم العربي وتكسر العتمة العربية بشمعة أمل اشعلتها عبر استضافة بطولة كأس العرب وهي أهم حدث على مستوى العمل المشترك. فقد غابت المناسبات العربية الجامعة. فيما كثر النافخون في نار الخلافات وتأجيج الصراعات. وعلى الرغم من هذا الواقع كانت قطر الأكثر إصرارا وإيمانا بالعرب وبطاقة الشباب العربي وقدراته. فقد سبق أن أهدى سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مونديال قطر لكل العرب، حيث أعلن خلال تسلم راية المونديال من روسيا عام 2018: "باسم كل العرب نرحب بالعالم في مونديال قطر ". هذا المبادرة الرياضية الجامعة تعكس مدى حرص قطر على تجيير إنجازاتها لكل العرب وتسخير طاقاتها لاحياء الأمل العربي بالتلاقي على القضايا الجامعة وأولها الرياضة ثم الثقافة والاقتصاد. وإذا كانت قطر برعت بدبلوماسية الحوار والتلاقي عبر وساطاتها الناجحة فهي ايضا أثبتت نجاحها بدبلوماسية الرياضة التي تفتح آفاقا طيبة في جدران الجمود السياسي على المستوى العربي. وكان من ثمار هذه الدبلوماسية الحكيمة كسر العزلة العربية تجاه لبنان عبر زيارة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون إلى الدوحة، الذي أعرب خلال محادثاته مع سمو الأمير عن أمله بان تكون الرياضة المدخل الطبيعي لجمع الشمل العربي دائماً. مهنئا قطر على نجاحها في استضافة وتنظيم كأس العرب ومشاركة الدول عربية. ومن المؤكد ان العمل العربي المشترك لايجاد حلول للازمات تصدر محادثات سمو الأمير مع كبار الضيوف من المسؤولين العرب على امل ان يعود الاستقرار قريباً إلى ربوع الدول العربية لتنهض شعوبها من جديد، وتسلك مسار التقدم والتنمية المستدامة. دبلوماسية قطر الرياضية تجعل لبنان الفائز الأول بكأس الأمل بعودة العرب إلى لبنان وعودة لبنان إلى الحضن العربي وكسر جدار العزلة عبر وساطة قطرية هي ثمرة محادثات الرئيس اللبناني مع سمو الأمير. وينتظر أن يبدأها رئيس الدبلوماسية القطرية سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. كأس العرب في دوحة العرب تضيء شعلة الأمل العربي بأن ما يجمع العرب أكثر بكثير مما يفرقهم. [email protected] @hhamoush
2956
| 30 نوفمبر 2021
في العقد الأخير من القرن الماضي كانت الصحافة الورقية في الوطن العربي تعيش عهدها الذهبي قبل أن تدخل الفضائيات على خط المنافسة وقد تجلى ذلك من خلال انفراد CNN بتغطية حرب تحرير الكويت عام 1990. وبعد ذلك بدأت تتراكم مؤشرات انحسار الصحافة الورقية في ظل ازدهار موجة الفضائيات والثورة الرقمية. وفي خضم ذلك كله تسيدت المشهد الإعلامي في القرن الماضي. أطلت الجزيرة كأول قناة إخبارية عربية لتدشن فجرا جديدا للإعلام العربي وحجزت موقعا مرموقا على خريطة الإعلام الدولي. في بداية انطلاقتها عام 1996 أثارت الجزيرة الكثير من الجدل في الأوساط الإعلامية والسياسية وكنا نتساءل بشغف عن أجندة هذه القناة التي جاءت من خارج السياق وعن قدرتها على الاستمرار وعما إذا كانت ستضيف جديدا إلى الساحة الإعلامية. وغالبا ما كان النقاش ينتهي بأن الجزيرة تجربة جريئة جديرة بالاهتمام. ولم يكن أحدنا يتوقع أن تصبح الجزيرة منارة الإعلام العربي. مضت الجزيرة بثبات لم نعهده في المؤسسات الإعلامية العربية وكانت تتطور وتتقدم شيئا فشيئا. وتمكنت خلال السنوات الخمس الأولى من إرساء هويتها وحضورها. وسرعان ما بدأ هذا الحضور يتجذر ويتطور بشكل قياسي مستفيدة من الأحداث الكبرى التي توالت في المنطقة، فمن أحداث 11 سبتمبر عام 2001 إلى غزو أفغانستان ثم غزو العراق عام 2003 ثم التطورات الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 بعدها الحرب على غزة عام 2008. هذه الأحداث التاريخية الكبرى التي شهدتها المنطقة شكلت منصة انطلاقة صاروخية للجزيرة في فضاء الإعلام العربي. وذلك بفضل عنصرين جوهريين أولهما المستوى الرفيع في التغطية الميدانية والتي ضاهت في مهنيتها ومصداقيتها أعرق الشبكات الأمريكية والأوروبية. وثانيهما انحيازها لقضايا الشعوب العربية مما جعلها ضمير الشعوب العربية. وقد دفعت الجزيرة ثمنا باهظا لهذا الخيار تمثل بالاعتداء على مقراتها في أكثر من عاصمة وتقديم كوكبة من الزملاء الشهداء الذين كانوا يضحون بأنفسهم لأجل الوصول إلى قلب الحدث. هذا النجاح أسس لمرحلة إستراتيجية في مسيرة الجزيرة بدأت مع الربيع العربي عام 2011، حيث دشنت الجزيرة دورا قياديا في رصد الثورات هو الأول من نوعه على مستوى العالم. وأصبحت الجزيرة من شاهد على التاريخ إلى صانع للتاريخ. وكان لبلوغ الجزيرة هذا المستوى من الدور الريادي والنوعي أثمان باهظة رشقت به بشتى الاتهامات السياسية الباطلة وأصبح إسكاتها مطلبا بين الدول. لكن ذلك لم ينل من عزيمة الجزيرة. التي واصلت تألقها لتصبح الخبر الأول في وسائل الإعلام العالمية والمصدر الأول للخبر إقليميا ودوليا. استحقت معه أن تدرج على قائمة القنوات التي يشاهدها صناع القرار في العالم. وفي كثير من المحادثات السياسية بين قطر وعدد من الدول كانت الجزيرة البند الأول في المحادثات وشرطا لحل الخلافات. لكن ذلك أكسبها مناعة مهنية عالية وحصَّن سياستها التحريرية من الرضوخ لكل أنواع الضغوط والابتزاز وكان من ثمار ذلك ارتفاع عدد مشاهدي الجزيرة إلى نسب قياسية يعجز الآخرون عن اللحاق بها. 1 نوفمبر سيبقى علامة فارقة في تاريخ المنطقة وفي مسيرة الإعلام العربي. فقد صنعت الجزيرة بصمتها الخاصة وغيرت المشهد الإعلامي العربي مثلما ساهمت بتغيير المشهد السياسي في الشرق الأوسط. تجربة الجزيرة فريدة ويصعب تقليدها واللحاق بها كونها ترتكز على مقومات متعددة تغطي جميع جوانب الإعلام عبر شبكة متكاملة تواكب العصر إلى درجة يندر أن تجد وسيلة تواصل رقمية تغيب عنها الجزيرة فهي موجودة مع الجميع وللجميع وفي كل مكان. حاولت مؤسسات عربية تقليد الجزيرة لكنها أخفقت وسقطت في اختبار المصداقية وسقطت تلك المؤسسات أيضا عندما تعاملت مع المشاهدين على أنهم تلاميذ يمكن تضليلهم. بينما الجزيرة أثبتت أنها تحترم عقول المشاهدين، فلا تملي عليهم وجهة نظرها ولا تدس السم في العسل كما تفعل بعض الفضائيات. لقد التزمت الجزيرة بأن الخبر هو الخبر وليس وجهة نظر. ولذلك اعتمدها الناس وجهة للتحقق من كثير من الأخبار الزائفة والمضللة والمفبركة التي تضج بها وسائل التواصل. لقد أصبحت الجزيرة نهجا إعلاميا يتعلمه الراغبون بتعلم الصحافة واحترافها، وأصبحت المدرسة الصحفية الأولى فيما طوى الزمن ما كان يعرف بالمدرستين الصحفيتين اللبنانية والمصرية اللتين كانتا سائدتين في القرن الماضي. الجزيرة في يوبيلها الفضي دشنت عهدا ذهبيا للإعلام العربي. ودشنت أول دور قيادي للإعلام في صناعة التاريخ. [email protected]
2472
| 01 نوفمبر 2021
صدر القرار الأميري بتأسيس الحي الثقافي كتارا بتاريخ 9 ديسمبر 2010، وقد جاء القرار ليبعث الأمل في نفوس أهل الثقافة، حيث كانت الساحة الثقافية العربية تشهد ركوداً بسبب تراجع شأنها في أولويات الحكومات العربية إلى أدنى المستويات. اليوم وبعد مضي عشر سنوات على القرار الذي صدر بإنشاء الحي نستطيع أن نكتشف أهمية هذا المشروع الكبير في إثراء الحياة الثقافية القطرية العربية، خصوصاً وأن الهدف من المشروع لم يكن مجرد بناء عمراني للأنشطة الثقافية والفنية، بل يتعداه إلى أهداف عميقة المضمون ذات رؤية ثاقبة. الأهداف التي تضمنها قرار تأسيس كتارا وفقا لرؤية القيادة هي جعل الحي الثقافي بيئة مناسبة لرعاية وتفعيل النشاط الثقافي والإبداعي الفكري والفني، وتهيئة الحي الثقافي ليكون ملتقى للمبدعين والمثقفين، و نشر الوعي الثقافي من خلال تنظيم المهرجانات والمعارض والندوات، وغيرها من الأنشطة ذات الطبيعة الثقافية. ولعل أهمية تلك الأهداف تكمن في أنها تقوم على جعل كتارا بيئة حاضنة للنشاط الثقافي والإبداعي والفكري. فالإنسان كما هو معلوم ابن بيئته، وكلما توفرت البيئة المناسبة لمجال من المجالات ظهرت الكفاءات وازدهر النشاط، وهذا ما نجحت كتارا بتوفيره، حيث شكلت بيئة خصبة للثقافة والإبداع في كل المجالات. في الذكرى العاشرة للحي الثقافي كيف تبدو صورة كتارا؟ يمكن الجزم أن هذا المشروع الرائد والعملاق أصبح مدينة ثقافية متكاملة الأركان فريدة في جوهرها ومعالمها وأنشطتها وإنجازاتها التي عززت حضور الثقافة العربية في المشهد الثقافي العالمي، وأغلب الظن أنه لا يوجد مثيل لهذا الإنجاز في الشرق الأوسط؛ فخلال تجربتي في العمل الإعلامي في أكثر من دولة عربية كنت أشاهد كيف تتبخر الأفكار وتتلاشى المشاريع وتندثر الإنجازات، أما في الدوحة فقد كان الأمر مختلفا مع قيادة تحول الأفكار إلى مشاريع، والمشاريع إلى إنجازات. لقد استطاعت مؤسسة الحي الثقافي أن تتحول إلى القلب النابض للحياة الثقافية العربية من خلال أنشطتها الدائمة والدؤوبة التي لا تعرف الجمود والتوقف صيفاً وشتاءً وعلى مدار العام. ويندر أن تجد أسبوعاً واحداً خالياً من الفعاليات بمختلف أشكالها: مهرجانات، جوائز، معارض، ندوات، واحتفالات في الأدب والترجمة والشعر والرسم والتراث والفلوكلور والموسيقى والسينما وجميع الفنون. قيمة الفعاليات الثقافية في كتارا ليس في كثرتها، بل في نوعيتها ومستواها ورسالتها، حيث تستضيف كتارا سنوياً جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي وهي جائزة عالمية تهدف لتشجيع الترجمة والتعريب وتكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب. وهناك جائزة كتارا لشاعر الرسول التي تعتبر أول نشاط ثقافي ـ ديني يُنظم على مستوى الوطن العربي، ونجحت في استقطاب أوسع مشاركة عربية وإسلامية. وتأتي جائزة كتارا للراوية العربية كواحدة من أهم الفعاليات التي تثري الساحة الثقافية العربية وتسعى إلى تشجيع وتقدير الروائيين العرب للمضي قدما في طريق الإبداع لرفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية العربية، وقد توجت هذه الجائزة بتدشين أول مكتبة للرواية العربية. وتشمل أجندة الفعاليات باقة مهمة من المهرجانات نذكر منها، مهرجان أجيال السينمائي المخصص للشباب، ومهرجان الجاز الأوروبي، ومهرجان التنوع الثقافي، ومهرجان العود، ومهرجان كتارا للمحامل التقليدية الذي يعتبر أول مهرجان يُحيي التراث البحري العريق للمنطقة والسفن التقليدية التي تحمل الغواصين لصيد اللؤلؤ، و مهرجان مرمي لصيد الصقور، إلى جانب فعاليات واحتفالات متنوعة تجعل من الثقافة وجهة محببة تستقطب الناس، ولا ننسى الأعوام الثقافية التي تجمع سنويا بين قطر وإحدى دول العالم. في كتارا تتكامل البيئة الثقافية شكلا ومضمونا، حيث أصبحت مدينة مترامية الأطراف، تمتد على مساحة مليون مترمربع؛ يبدأ مداها الطبيعي بتلال كتارا وحدائقها وينتهي عند أجمل شواطئ الدوحة. وبين جنبات هذا المدى أكثر من 15 مَعلماً فريداً أبرزها المسرح الروماني المكشوف الذي يعتبر جوهرة الفنون الهندسية، ويتسع لحوالي 7 آلاف متفرج. وهناك دار الأوبرا ومقر أوركسترا قطر الفلهارمونية، و مسرح الدراما الذي احتضن الكثير من العروض العربية والعالمية، وهناك القاعات المتعددة الأغراض والقبة الفلكية ومركز كتارا للفنون والمقرات الدائمة لكثير من المؤسسات الثقافية والفنية وأبرزها مؤسسة الدوحة للأفلام. كيفما وليت ناظريك ستجد تمازج الحضارات واجتماع الثقافات العالمية والعربية والفنون الهندسية والعمرانية التي تتباهى بطابعها القطري والإسلامي وخدماتها العصرية، حتى الحدائق والأشجار تم اختيارها بعناية من دول الشرق والغرب لتلتقي في مكان واحد وبيئة واحدة تعبيراً عن رسالة كتارا بتفاعل الثقافات. لقد نجحت كتارا بفضل رؤية القيادة أن تحتل موقع الصدارة في الخريطة العالمية للثقافة، وأن تعيد الساحة الثقافية القطرية والعربية إلى أوج النشاط والازدهار. [email protected]
4040
| 23 ديسمبر 2020
في العقد الأخير بدأنا نشهد أزمة متصاعدة تعصف بالصحف الورقية عالميا وعربيا. وساد انطباع عام أن سبب الأزمة هو ثورة التكنولوجيا التي حولت العالم بأسره إلى عالم رقمي استدعت تخلي الجمهور عن النسخة الورقية والاتجاه إلى كل ماهو إلكتروني. لكن واقع الأمر يشير إلى أن الأزمة أعمق بكثير من مجرد تحول من مطبوع إلى رقمي.هذه القضية لها أبعاد جوهرية أهمها خسارة الصحافة المطبوعة لأهم مكوناتها وهو الخبر. فقد تربع الخبر على عرش الصحافة لعقود طويلة وكان الخبر مصدر الجذب السحري لمختلف شرائح المجتمعات نحو الصحف. واستطاعت الصحف أن تستثمر الخبر لأبعد حدود في تغطية مواردها وفي تنافسها ومسيرة نجاحها. لكن التطور الذي حصل مع انتشار ظاهرة الهواتف الذكية حرر الخبر من حبسه الذهبي على متن صفحات الصحف واصبح في متناول جميع البشر بفضل التطبيقات الكثيرة على الهواتف الذكية التي تتيح الحصول على الخبر لحظة بلحظة في سائر انحاء العالم.خسارة الصحف لحصرية الخبر أفقدها مكونها الاساسي، وتراجعت مبيعاتها ومواردها الاعلانية إلى جانب غياب الجهات الداعمة، مما جعلها امام خيارات التحول إلى صحافة خدمات والتي تقوم على تقديم خدمات صحفية للمعلن والقارئ أو صحافة ما خلف الخبر التي تقوم على تحليل الاحداث وكتابة القصص الاخبارية التي لاتتوفر في الخبر عادة. ولو نظرنا إلى خريطة الصحف العربية لوجدنا أن الصحف التي قامت على الخبر السياسي بدأت تتلاشى وبعضها اقفل أبوابه وبعضها الآخر على وشك وبعضها الثالث يدرس التحول والتغيير. فيما نجحت صحف ما بعد الخبر واثبتت حضورها رغم انها صدرت في الاعوام الاخيرة وخلال ازمة الصحافة. أما صحافة الخدمات فقد ازدهرت وانتعشت وحققت نموا كبيرا.ويلخص أحد رواد الإعلام المخضرمين المشهد بقوله: مقابل كل صحيفة متعثرة يتم افتتاح عشر شركات للخدمات الصحفية والعلاقات العامة. ولعل في ذلك ما يستدعي وقفة تأمل أمام كل أصحاب المؤسسات الصحفية والعاملين في الحقل الإعلامي.
3608
| 22 ديسمبر 2016
إرتبط الإنسان بالصورة منذ فجر التاريخ؛ ولذلك تدرج في صناعة الصورة بكل أنواع الفنون من النحت إلى الرسم، وصولا إلى الصورة الفوتوغرافية ذات اللونيين الأبيض والأسود عام 1859، ثم تطورها المتلاحق، وصولا إلى الثورة الرقمية التي حررت الصورة من المحترفين وجعلتها في متناول الجميع، حيث باتت الصورة منتجا يوميا للإنسان يكاد يوازي ما ينتجه من الكلام، ما يكرس واقعا أن البشرية تعيش الآن في عصر الصورة. إرتباط الإنسان بالصورة لم ينحصر يوما بالصورة المادية للشكل والمظهر، بل امتد إلى الصورة المعنوية التي تعكس الجوهر، وهي التي عرفها الإنسان عبر الشعر والنثر والرواية وجميع فنون البيان والكلام والإعلام، وهي التي اصطلح على تسميتها بالصورة الذهنية أو النمطية. وتلعب الصورة الذهنية دورا رئيسا في تكوين الآراء واتخاذ القرارات وتشكيل سلوك الأفراد وتؤثر في تصرفاتهم تجاه الجماعات وتكمن خطورتها في قدرتها على نقل المعلومات عن الأفراد والمجتمعات والشركات إلى العقل البشري الذي يرسم الصورة ويصدر انطباعه السريع وفقا للمعلومات التي قد تكون خاطئة ومدسوسة أو متعمدة مثلما قد تكون صادقة وسليمة. ولذلك مثلت الصورة بشقيها المعنوي والمادي مصدر إلهام وإبداع كما مثلت دليلا قاطعا للنطق بالرأي والأحكام، ما جعلها مرتكزا أساسيا لصناعة الرأي العام وتكوين الانطباع حول أي شخص أو موقف أو عنوان. هذه الحقيقة الجوهرية شكلت النقطة المحورية التي ترتكز عليها استراتيجيات العلاقات العامة في حملاتها لتحسين الصورة أو لتظهيرها بالشكل النمطي المناسب، وقد اجتهد خبراء العلاقات العامة في صناعة الصورة للتأثير على الجمهور. وفي العقود الأخيرة شهدنا أشكالا مختلفة من حملات العلاقات العامة التي استخدمت الصورة في السياسة والاقتصاد والفن والترويج. وقد حققت تلك الحملات نجاحات مبهرة تؤكد أن من يمتلك مهارات استخدام الصورة يحكم العالم.
1072
| 17 نوفمبر 2016
سطرت قطر صفحة مشرقة في ذاكرة اللبنانيين والعرب تضاف إلى سجل أياديها البيضاء الحافل بالمبادرات الإنسانية التي حازت على إعجاب وتقدير زعماء العالم ومنظمة الأمم المتحدة، حيث تحولت قطر، بفضل السياسة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى وجهة دائمة لكل الباحثين عن حلول سلمية لأي نوع من المشاكل والأزمات في العالم. ولعل أول ما خطر على بالي وأنا أتابع مجريات الوساطة القطرية الناجحة بتحرير العسكريين اللبنانيين، أن قطر حقا باتت كعبة المضيوم لجميع أبناء الوطن العربي والإسلامي. لقد لبت قطر النداء وكانت عند مستوى الآمال التي علقت عليها، فقبل عام جاء رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام إلى الدوحة، مناشدا سمو الأمير المفدى بالمساعدة في ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين في جرود عرسال. وبعد مراحل شاقة من المفاوضات وتعثرها، جدد أهالي العسكريين النداء إلى سمو الأمير للمساعدة، فكانت توجيهات سموه بمضاعفة الجهود حتى توجت الوساطة بالنجاح وأوفت قطر بوعدها وتحققت آمال اللبنانيين في دوحة العرب. لقد شاهدنا وشاهد العالم بأسره تلك اللحظة النادرة التي احتفل فيها لبنان الرسمي بتحرير الأسرى، فيما قطر تبدو الشريك الحقيقي والفعلي لفرحة اللبنانيين بهذا الإنجاز، عبر وجود السفير القطري في لبنان، علي بن حمد المري، إلى جانب رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في مراسم استقبال المحررين في القصر الحكومي. لقد ترافق الحضور القطري في مراسم الاحتفال الرسمي والذي ينطوي على رمزية معاني التقدير مع عبارة «شكرا قطر»، التي رددها اللبنانيون في ظل الفرحة الغامرة، والتي أعلنها رسميا بالصوت العالي الرئيس سلام عبر توجيه الشكر الخاص الكبير إلى سمو الأمير، على جهوده ودوره في إنهاء ملف الأسرى. هذا الإنجاز يتوج الوساطات الإنسانية الناجحة لملفات رهائن هي الأكثر تعقيدا وارتباطا بمناطق ساخنة وبصراعات ونزاعات إقليمية ودولية، فقد سبق أن نجحت قطر في إطلاق سراح الجنود الفيجيين ضمن قوات حفظ السلام في الجولان، بالإضافة إلى إطلاق سراح رهائن إيرانيين في سوريا، ورهائن أمريكيين في أفغانستان وغيرها، أبرزهم الصحفي الأمريكي بيترثيوكرتيس. غير أن لبنان تبقى له الحصة الكبرى من الوساطات والمبادرات، فبالأمس القريب تم إطلاق سراح مخطوفي اعزاز ومن ثم الراهبات الاثنتي عشرة اللاتي تم اختطافهن من دير مارتقلا في مدينة معلولا بسوريا. إن أيادي قطر البيضاء تجاه لبنان ليست محصورة بالوساطة لإطلاق سراح المختطفين، بل هي سجل دائم وحافل وتاريخ مشرق من المساعدات والمبادرات والمواقف، فقد كانت قطر السباقة في كسر الحصار عن لبنان في حرب 2006 وكان سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أول زعيم عربي يزور ضاحية بيروت الجنوبية وهي تحت الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي وكانت قطر أول المبادرين لإعادة إعمار قرى الجنوب اللبناني التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية. وعندما اشتد الخلاف السياسي بين الأطراف اللبنانية وكاد لبنان أن يقع فريسة حرب أهلية طاحنة كانت الدوحة أول عاصمة عربية تحتضن اللبنانيين وتجمعهم في حوار وطني توج باتفاق الدوحة. سجل المبادرات القطرية تجاه لبنان حافل بالكثير من المواقف الناصعة والخالدة في ذاكرة اللبنانيين والعرب وفي ذلك دليل واضح على تميز العلاقات الأخوية بين البلدين. وعلى رؤية القيادة الحكيمة وسياستها الرشيدة في مد يد العون والمساعدة لتبقى قطر كعبة المضيوم ووجهة المظلوم وملاذا لكل باحث عن مساعدة أو أمل مفقود. وقد يكون من الطبيعي أن يتطلع اللبنانيون بكثير من الأمل والثقة إلى مبادرة قطرية تكسر الجمود الذي يسيطر على المؤسسات اللبنانية. لذلك ستبقى طلبات المساعدة والتوسط تتهافت إلى الدوحة من القريب، لأنها تقرن دائماً أقوالها بالأفعال وتسابق لفعل الخير وقيادة الوساطات الناجحة، ولهذا حظيت جهودها برضا الأشقاء والأصدقاء على الصعيدين الإقليمي والدولي.
687
| 03 ديسمبر 2015
الخلاصة التي يخرج بها المتابع لمجريات فعاليات بطولة العالم الرابعة والعشرين لكرة اليد للرجال — قطر 2015، هي ان الدوحة اعطت قيمة مضافة لمونديال اليد وليس العكس.. فالبطولات السابقة التي استضافتها عواصم اوروبية وعالمية اكتسبت من المونديال اكثر مما أعطت. لكن الدوحة قدمت لمونديال اليد مالم تقدمه دولة اخرى بشهادة قادة الرياضة والخبراء ووسائل الاعلام العربية والعالمية. ولعل افضل تعبير عن ذلك قول الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد "إن تجربة قطر تعد نموذجا عصرياً جعل من الاستضافات القادمة لبطولة العالم تحدياً لتخطي معدلات النجاح التي حققتها دولة قطر". لقد استطاعت قطر ان ترفع سقف مواصفات الاستضافة للمونديال على جميع المستويات مما يجعلها تحديا حقيقيا للعاصمة التي تستضيف المونديال القادم. وهذا الامر يعتبر بمثابة رصيد كبير منحته الدوحة للاتحاد الدولي لكرة اليد.ان ما قدمته الدوحة للمونديال اكثر من ان يعد، لكن يمكن استعراض عناوينه الرئيسية بالآتي:اولا: نجاح الدوحة بتقديم حفل افتتاح غير مسبوق بتاريخ المونديال وهو الامر الذي دفع بهذه الرياضة الى واجهة الحدث الرياضي العالمي، من خلال الاهتمام الكبير لوسائل الاعلام العالمية بتسليط الضوء على الحفل المتميز الذي وصفه الاتحاد الدولي لكرة اليد بانه "ترك ارثا حضاريا كبيرا امام العالم، امتزج فيه التراث القطري مع العالمي في لوحات فنية جميلة تربط الماضي بالحاضر، وامتزجت فيه القيم العربية الاصيلة مع الخصال الرياضية في الشجاعة والمهارة واللياقة والقوة والسرعة التي تتميز بها كرة اليد".ثانيا: استندت الدوحة في استضافتها لمونديال اليد الى دعم كبير من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي على ضوئه تم حشد كافة الإمكانات، من أجل إنشاء صروح رياضية عملاقة ذات معايير وجودة عالمية، بما عزز فعاليات المونديال التي تزامنت مع افتتاح صالة لوسيل الرياضية التي تعتبر الاكبر والافضل في المنطقة الى جانب استخدام الصالات ا لرياضية الاخرى التي تعد الامثل لاستضافه بطولة العالم لكرة اليد.ثالثا: اعتماد اللجنة العليا المنظمة لبرامج تنظيم للفعاليات، استخدمت فيها اعلى التقنيات والمعايير، انطلاقا من رؤية قطرية جديدة حافلة بروح الابتكار والتجديد، بمستويات رفيعه من الجودة والتميز تعزز مكانة الاتحاد الدولي لكرة اليد.رابعا: استطاعت الدوحة ان تعطي حضورا كبيرا لكرة اليد على المستويين الخليجي والعربي باعتبار ان المونديال يقام لاول مرة في منطقة الخليج، مما جعله محط اهتمام جميع دول الشرق الاوسط. وقد تجلى ذلك في المتابعة الجماهيرية في العواصم العربية عبر شاشات التلفزة لفعاليات البطولة.خامسا: حزمة الحوافز التي قدمتها اللجنة المنظمة للجماهير من مختلف ارجاء العالم، ومن خلال لجنة منوط بها العمل والتنسيق مع مختلف الجهات، من اجل وضع الخطط العريضة للحشد الجماهيرى من دولة قطر او خارجها، وتسهيل مهمة الجماهير في حضور ومتابعه المباريات سواء من خلال الفنادق او حجوزات الطيران او حتى المواصلات التي تم توفيرها بشكل كبير، وغيرها من الامور التى ساهمت فى اثراء البطولة جماهيريا.سادسا: ان النقطة الاهم التي قدمتها الدوحة لبطولة كرة اليد هي ربطها لاول مرة بدعم التعليم عبر اعلان رئيس اللجنة العليا المنظمة للبطولة سعادة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني، إهداء مونديال الدوحة لأطفال العالم أينما كانوا، وتخصيص ريع تذاكر البطولة لدعم برنامج «علم طفلاً» التابع لمؤسسة التعليم فوق الجميع، في اطار دعم المشاريع الخيرية، لا سيما ما يختص منها بالطفولة والتعليم.هذه النقاط تؤكد بما لا يرقى اليه الشك ان الدوحة منحت مونديال اليد قيمة مضافة ورفعت سقف البطولات المقبلة.
597
| 22 يناير 2015
المبادرات الانسانية كانت من أبرز سمات مسيرة القائد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حيث أطلق آيادي قطر البيضاء في وساطات إنسانية لحل أزمة إختطاف مجموعات وجنود وأفراد وقعوا ضحية النزاعات في مناطق ساخنة على امتداد هذا العالم. وقد تكللت معظمها بالنجاح التي حازت على إعجاب وتقدير زعماء العالم ومنظمة الأمم المتحدة التي أعرب أمينها السيد بان كي مون عن شكره وتقديره لجهود سموه الرامية إلى تحقيق مبادىء الانسانية وحرصه على حياة الأفراد وحقهم في الحرية والكرامة. وإذا كانت قطر أبهرت العالم بنجاحها في الوساطات بين الدول والشعوب وحل النزاعات في الملفات الساخنة بالطرق السليمية، فإن سمو الأمير المفدى إستحق تقدير العام على مبادراته الانسانية المميزة. مما جعل قطر وجهة دائمة لكل الباحثين عن حلول سلمية لأي نوع من المشاكل والأزمات في العالم. لقد انفردت قطر بقيادة سمو الأمير المفدى في هذا العصر بانجاز رقم قياسي وفي زمن قياسي من الوساطات الإنسانية الناجحة لملفات رهائن هي الأكثر تعقيداً وارتباطاً بمناطق ساخنة وبصراعات ونزاعات إقليمية ودولية. وفي غضون مدة زمنية لاتتعدى السنتين نجحت توجيهات سمو الأمير المفدى في إطلاق سراح الجنود الفيجيين ضمن قوات حفظ السلام في الجولان، بالإضافة إلى إطلاق سراح رهائن إيرانيين في سوريا، ورهائن أمريكيين في أفغانستان وغيرها، أبرزهم الصحفي الأمريكي بيترثيوكرتيس، وإطلاق سراح مخطوفي اعزاز اللبنانيين الراهبات الاثنتي عشرة اللاتي تم اختطافهن من دير مارتقلا في مدينة معلولا بسوريا. إن نجاح المبادرات الإنسانية لسمو الأمير جاءت ثمرة رؤيته الثاقبه وسياسته الحكيمة التي تعطي الالوية لحل النزاعات بالطرق السليمية واحلال العدل والمساواة والحرية والكرامة للشعوب بالوسائل السياسية ولذلك تحولت الدوحة منبراً وملتقى لحوار الحضارات وشرعت الدوحة أبوابها أمام كل المختلفين والمتنازعين الباحثين عن حلول عبر طاولة المفاوضات بوصفها أفضل طريقة لبلوغ الأهداف المنشودة. لقد تلقت الدوحة في السنتين الماضيتين طلبات رسمية للمساعدة والتوسط في اطلاق سراح رهائن ومختطفين من حكومة فيجي بشأن جنودها العاملين في اطار قوة الأمم المتحدة في الجولان السورية، كما تلقت طلباً مماثلاً من حكومة الفلبين وكذلك طلباً من الحكومة اللبنانية بشأن مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا. وقد استجابت قطر وبذلك جهوداً جبارة بتوجيهات سمو الأمير أثمرت النجاح في اعادة الرهائن والمخطوفين إلى دولهم وأُسرهم. وقد تحولت الفرحة باطلاق سراح المخطوفين إلى إشادة عربية وعالمية وكلمات شكر وتقدير إلى قطر أميراً وحكومة وشعباً. هذه الجهود الجديدة التي قادتها قطر لحل أزمة المختطفين تؤكد أن قطر تقرن دائماً أقوالها بالأفعال وأنها دائماً سباقة لفعل الخير وقيادة الوساطات الناجحة، ولذلك حظيت هذه الجهود برضا الأشقاء والأصدقاء على الصعيدين الإقليمي والدولي لحل الخلافات داخل الدول الشقيقة أو بين الدول بعضها بعضاً للمساهمة في إرساء دعائم الاستقرار والأمن حتى أصبح الجميع يطلبون من دولة قطر المساعدة بسبب دورها الإيجابي وحرصها على إنجاح أية وساطة أو مبادرة وتعدد قاصدوها طلباً للوساطة في حل النزاعات، أوالإفراج عن رهائن ومختطفين مدنيين أوعسكريين. لقد أكتسبت قطر بسياستها الخارجية سمعة دولية وثقلا إقليمياً، مكّناها من لعب دور الوسيط العادل الذي لا يميل إلى أي طرف في أي نزاع أو قضية إقليمية أو دولية، فتقاطرت عليها الوفود في قضايا متعددة، بدءاً من القضية اللبنانية وقضية دارفور وجنوب السودان، وانتهاء بأزمة الأمة في غزة والرهائن والمختطفين، وبذلت جهوداً مضنية في دحر عدوان الاحتلال الصهيوني الأخير على غزة، وتوسطت في الإفراج عن رهينة أمريكي، ودخلت على خط التفاوض مع مجموعات مسلحة تختطف عسكريين لبنانيين، ومازالت تواصل جهودها في حل القضايا الأخرى. هذه الانجازات ماكانت لتحصل لولا السياسة الخارجية الحكيمة، التي تنتهجها الدولة تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهي السياسة التي جعلت لقطر ثقلاً ووزناً إقليمياً بارزاً في المساهمة في الأمن والسلم الدوليين.
1049
| 15 ديسمبر 2014
صمتت شحرورة لبنان فصدح اسم صباح تغريداً في جميع مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتشرت التغريدات من كل حدب وصوب من لبنان والوطن العربي من الشرق والغرب.. الكل يرثي صباح مغرداً باسلوبه.. زعماء لبنان، كبار الفنانين في الوطن العربي، جميع متذوقي هذا الصوت الساحر، الذي ملأ حياتنا فرحاً وطرباً على مدى ثمانية عقود. صباح ملأت الفن العربي إشراقاً ورحلت فجر يوم ماطر لا يمكن لأحد اختزال صباح بكلمات وسطور فهي ظاهرة فنية لا تتكرر فقد رحلت عن ثلاثة آلاف أغنية و83 فيلماً و27 مسرحية كما أنها ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم التي غنت على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية، وذلك في منتصف سبعينيات القرن العشرين، كما وقفت على مسارح عالمية أخرى، كأرناغري في نيويورك، ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا، وقاعة ألبرت هول بلندن، وكذلك على مسارح لاس فيغاس، وغيرها. كان من مفارقات القدر، أن تغادرنا صباح يوم ماطر، ليتكامل الصبح في حضورها وغيابها. فقد أدركت أن اللحظة المنتظرة تدنو منها، فاشترطت أن تكون موعداً للفرح، وليس للحزن، هكذا أوصت وطلبت من أقاربها أن يزفوها في رحيلها بالفرح والدبكة. لا أن يبكوها ويذرفوا الدموع، فالتزمت العائلة ونقابة الفنانين اللبنانيين المحترفين بالوصية حيث بدأ النعي بعبارة: "بفرح كبير تعلن نقابة الفنانين رحيل الأسطورة شحرورة لبنان". أسطورة صباح، تكمن في حجم عطائها الغزير، في الأغاني والسينما والمسرح، وتكمن أيضاً في نجوميتها المميزة التي تجمع بين الحنجرة الذهبية والموهبة الاستعراضية والقدرات التمثيلية.. أمّا سر الأسطورة، فهو أولاً في تفانيها في العطاء لأجل محيطها. فقد أنفقت الكثير من الأموال لمساعدة أسرتها وأقاربها والعاملين معها، لا بل أنها نموذج في نكران الذات حيث لم تحتفظ لنفسها بأي ثروة ولا حتى بفيلا أو شقة سكنية، لتختم حياتها في شقة فندقية تكفل محبوها بتغطية نفقاتها. وسر الأسطورة أيضاً في النعمة الربانية التي جعلتها تستعصي طويلاً على الشيخوخة، وظلت تروضها بتلك الطلة الشرقية الباهرة التي بقيت تجذب لها العرسان حتى بعدما تجاوزت الخامسة والسبعين من العمر. لكنها استسلمت لزحف الشيخوخة على مشارف التسعين والتزمت الفراش بانتظار لحظة الرحيل التي استعجلتها الشائعات منذ ثلاث سنوات. لقد استأثرت صباح بمساحات كبيرة من ذاكرة الفن اللبناني والعربي، وحتى العالمي حيث ارتبط اسمها بالعصر الذهبي للسينما المصرية، وبالعصر الذهبي للمسرح الغنائي اللبناني، ومهرجانات بعلبك فكانت النجمة الشاملة التي تتربع على قلوب الجمهور العربي في الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات. صباح اعتمدت البساطة في الكلمة والتعبير وغنت بعدة لغات ولهجات لكنها أبدعت في اللهجتين اللبنانية والمصرية وصارت رمزاً من رموز مصر ولبنان. ومثلما غنت في الحب والحياة والمجتمع لم تغب عن الشأن العربي والهم السياسي وشاركت مع كبار المغنين من أبناء جيلها في أوبريت "الوطن الأكبر" من ألحان محمد عبد الوهاب، وبرسالة بعثتها صباح للجيش المصري بعد نصر أكتوبر. إستحقت صباح صباح تقدير الشعوب العربية مثلما حازت على تقدير الزعماء ونالت أوسمة من ملك الأردن الحسين بن طلال والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وكذلك الرئيس السنغالي، الشاعر ليوبولد سينغور، كما كرمها الرئيس المصري أنور السادات. الحديث عن فنانة عملاقة من طراز صباح هو حديث ثقافي بامتياز. ذلك أنها طبعت بفنها مرحلة مهمة من ذاكرة المبدعين العرب حيث أثرت الساحة الشعرية عندما غنت أكثر من ثلاثة آلاف قصيدة بالعامية اللبنانية والعامية المصرية والفصحى لعدد كبير من الشعراء نذكر منهم: الأخوان رحباني، أسعد سابا، أحمد شعيب، وأسعد السبعلي والياس الرحباني وبيرم التونسي وأنور عبد الله وتوفيق بركات وجورج خليل وحسن توفيق ورميو لحود وحسين السيد، وزكي ناصيف وطلال حيدر وعبد الجليل وهبي وزين شعيب وشفيق المغربي وسميرا مسعود وصالح جودت وعبد العزيز سلام وفتحي قورة ومأمون الشناوي ومحمود بيرم التونسي ويونس الابن وموريس عواد وغيرهم. لقد أثرت الشحرورة الساحة الثقافية بكثرة الأشعار التي غنتها، مثلما أثرت الفلكلور الشعبي اللبناني مما جعلها متجذرة في التراث الشعبي والفن والثقافة. ويندر أن يستعيد اللبنانيون لحظاتهم التراثية بدون حضور صباح سواء عبر صوتها الجبلي الذي يصدح بالميجانا والعتابا وأبو الزلف والمواويل، كما يندر أن يخلو احتفال وطني في لبنان بدون الدبكة على إيقاع أغاني الصبوحة. صباح توازي في عطائها المطرب الراحل وديع الصافي وكأنهما من أعمدة بعلبك حيث انطلق صوتها عبر حجار القلعة التاريخية ليتردد صداهما في أرجاء العالم ولذلك ليس كثيراً القول بأن صباح أحد أبرز الوجوه التي أطل بها لبنان على العالم وأبهى رموزه الوطنية حتى تكاد تكون أرزة لبنان مثلما هي أيضاً نجمة الفن العربي.
1003
| 30 نوفمبر 2014
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
1869
| 22 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
663
| 18 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
648
| 18 سبتمبر 2025
يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...
627
| 21 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
597
| 18 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
588
| 22 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
531
| 16 سبتمبر 2025
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...
486
| 21 سبتمبر 2025
مشاركة غير مسبوقة للقادة والرؤساء ورؤساء الحكومات.. قمة...
453
| 16 سبتمبر 2025
يتداول في هذه الأيام في أغلب دول الخليج...
450
| 21 سبتمبر 2025
بين الحين والآخر، يتجدد في مجتمعاتنا الخليجية نقاش...
441
| 17 سبتمبر 2025
ها هي أنديتنا الممثلة لنا في مسابقاتها الخارجية،...
435
| 19 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية