رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعض المفردات تحمل معاني تُعادل قواميس مجتمعة والعكس هناك سطور لا تحمل أي عمقٍ أو مفهوم، ولعل الوقت له فلسفة مختلفة باختلاف من يتعامل به أو ينظر له وبالمقابل يأتي الفراغ ككلمةٍ فضفاضة، قد يكون فراغَ مكانٍ أو فراغ عقلٍ وبالتالي لا يُمكن حصرها بمعنى واحد فقط. فالشعور بالفراغ عاطفة قد يصعب وصفها بالكلمات، خاصة أنه شعور داخلي متنامٍ يُمكننا أن نشعر به حتى وإن كان لدينا الكثير من الأعمال أو كنّا محاطين بدائرة اجتماعية كبيرةٍ لأنّه شعور نفسي ينتج عن تراكماتٍ مختلفة، والتعامل مع مشاعر الفراغ بطريقة صحيحة يجعل منه أمرا مفيدًا للتخلص من الطاقة السلبية، أما الاستسلام لمشاعر الفراغ يجعلنا مسلوبي الإرادة وغير قادرين على أن نتخلّص من شعور الفراغ الثقيل، وعلى الرغم من أنّ الشعور بالفراغ يحمل إحساسًا مشابهًا لدى الجميع، تظل وصفات التخلّص منه غير صالحة للجميع. لهذا فإنّ أبسط ما يُمكن القيام به هو التفكير بأنّه شعورٌ مؤقت وسريع في أغلب الأحيان، والمطلوب هو ألا نتركه يقطع أفكارنا ويُسيطر على عقولنا. وأكاد أجزم أن لا شيء يُرهق عقل الإنسان وقلبه مثلما يفعل الفراغ لأنه يدعوه للتفكير في صغائر الأمور حتى يزداد يقيني وإيماني يوماً بعد يوم بأن الأيام الممتلئة نعمة للكائن البشري مهما كانت مليئة بالمهام المثقلة ومكتظة بالمسؤوليات المتعبة فالعاقل هو من يجعل أعماله أكثر من أوقاته حتى لا يشعر أن للقلق أثراً عليه طالماً أنه يعكف على عمل ما لذلك على الواحد منا أن يُبقي نفسه مشغولاً بأي شيء مهما كان صغيراً وليس من الشرط أن تكون منشغلاً بأداء مهام خاصة بعملك أو بدراستك فمن الممكن أن تُبقي نفسك مشغولاً بجعل يومك يمتلئ بنشاطات قد تجعلك سعيداً كالرياضة التي تحبها أو أن تلتقي بشخص أو تقضي ساعات في المطبخ تحاول أن تتعلم وصفة طعام جديدة مثلاً أو تمارس هواية مفيدة ومسلية. ولعل فلسفية الوقت تكمن في تغيّر فكرة الفراغ في أذهاننا فتركيز الإنسان في فعل ما وفي إدارة شؤون نفسه سيجعله مصروفًا عن الاهتمام بخصوصيات الآخرين وتتبُّعها ومبتعدًا عن التدخل في شؤونهم وهنا يحرص الإسلام على توجيه أتباعه إلى التزام الأخلاقيات الفاضلة والسلوكيات الراقية حتى تَزكُوَ نفوسُهم، وتستقيمَ أمور معايشهم، ومن أبرز ما رغَّب الإسلام إليه، وحبب فيه، اشتغال الإنسان بما يعنيه لأن هذا سيعود عليه بالنفع الكثير. وكي لا تظن قارئي العزيز أني أقصد من مقالي أن لا تستريح أو تنعم بوقتك الغير مُثقل بالالتزامات التي لا تنتهي فأنا أعفيك من الفكرة لأني سأطلب منك أن تُروح عن نفسك وتلتمس الراحة بعد العناء والاستجمام بعد الشقاء، فلنروِّح عن أنفسنا في غير مضرَّةٍ ولا معصية؛ فلنفسك عليك حقٌّ بل وتجعل يومك أفضل من أمسِكَ وتملأ حياتك وتستثمر وقتك فالفراغ قاتل وجاذب للمشاعر السلبية، لذا انهض نحو العمل ونحو فعل شيء جديد في حياتك. ولا شك أن لكلٍ منا مهامه اليومية المزدحمة والتي تختلف من شخص لآخر وفقًا لطبيعة عمله ودوره ونمط حياته، وكلّ وقت نقضيه بعيدًا عن العمل أو الدراسة أو الأعمال المنزلية أو التعليم، فضلاً عن الأنشطة الضرورية مثل الأكل والنوم هو وقت فراغ يجب استغلاله وبمعنى آخر، وقت الفراغ هو أيّ فترة زمنية لا تقوم خلالها ببذل جهد يُذكر أو القيام بعمل ومع ذلك بالإمكان تحويل وقت الفراغ إلى فترات أكثر إفادة وإنتاجًا، بل وتسلية في الوقت ذاته. فالقليل مِن الناس - بوجه عام - مَن يستطيع أن يستثمر فراغه، ويملأه حركةً ونفعًا لذاته، أو للآخرين من حوله.. وأغلبهم يرى الفراغ عبئًا يحاول التخلص منه ولو أن يعمل السيئات، أو ينشغل- على الأقل - بعمل لا طائل من ورائه! ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفراغ قد يكون نعمة وقد يكون نقمة، وأن معظم الناس يغفلون عن رؤية ما في الفراغ من فوائد وإمكانات مُهْدرة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصَّحَّةُ والفَّراغُ» وذلك أنَّ الإنسان إذا كان صحيحًا كان قادرًا على ما أمره الله به أن يفعله وقادرًا على ما نهاه الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن، فإذا كان الإنسان فارغًا صحيحًا فإنه يغبن كثيرًا في هذا، لأن كثيرًا من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ، ومع ذلك تضيع علينا كثيرًا، ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا، والإنسان العاقل حين يشعر بأن بوادر هذه الحالة بدأت تتسرب إليه فإنه سرعان ما يحاول أن يملأ نفسه وقلبه وعقله ووقته بما يطرد عنه الملل والحزن، ونفسياً هناك علاقة كبيرة بين الفراغ والاكتئاب فكلما زاد الفراغ لدى الشخص ارتفعت احتمالية إصابته بالاكتئاب، ومن أفضل الطرق لعلاج الاكتئاب البسيط هو "لذة الإنجاز" أي الانشغال بأمور معينة وإنجازها سواءً كانت إنجازات عظيمة أو قد تكون بسيطة. أخيراً: قال الشاعر والأديب غازي القصيبي رحمه الله: العمل لا يقتل مهما كان شاقاً وقاسياً، لكن الفراغ يقتل حتى أنبل ما في الإنسان. [email protected]
2359
| 25 أغسطس 2022
قد يبدو لك قارئي العزيز أني اخطأت في اختيار عنوان مقالي أو أني بالغت في طرح طلبي على الزمن فهل نستطيع حقاً إيقاف الزمن أو حتى تجميده وهل بإمكاننا العودة للوراء حسياً لا ذهنياً؟ ستتباين الاجابات كلٌ حسب قناعاته وشخصيته وتجاربه ونظرته الثقافيه او حتى الدينية من زاويةٍ ما، ولكن مما لا شك فيه أن مسيرة الزمن او الوقت والتي لا هوادة فيها هي مصدر قلق، فمن منا لم يرغب في القدرة على تجميد الوقت ضمن لحظة سعيدة في بعض الأحيان!؟ تلك اللحظة التي لا نجدها الا في عالم الصورة، حاملةً لنا ذكرى جميلة او نقلة مفاجئة أو صدمة تخطيناها او قد ترتبط بحلمٍ ازهر او امنيةٍ تحققت او لقاءٍ طال انتظاره او أملٍ هو لنا بداية حياة، وبغض النظر عن ما تحمله الصورة الميتة فعلياً لكنها حية فينا بتفاصيلها، فإنها تبقى فن ايقاف لحظة من الزمن لنستمتع بها للأبد حتى ان هذه اللحظة قد تُحيي فينا مشاعر ايجابية كثيرة لتصبح كزادٍ نحمله في رحلة حياتنا الباقية. اما من جانب الفيزيائين فالأمر ليس بهذا الغموض فالوقت هو مجرد تسمية لأجزاء مختلفة من الكون حيث يخبرنا عندما يحدث شيء ما فالعديد من معادلات الفيزياء لا تميز كثيرا بين الماضي والحاضر والمستقبل. ويظهر مكان واحد في نظرية النسبية لألبرت أينشتاين، يقول إن الوقت يُقاس بالساعات نظراً لأن أجزاء الساعة يجب أن تتحرك عبر الفضاء، ولكن الوقت أكثر من مجرد قراءة شيء ما على مدار الساعة فهو شعور لدينا في رؤوسنا وأجسادنا ومع ذلك، في هذه الحالات، يمكن أن يصبح الوقت شيئا خاضعا للأهواء الشخصية. في كثير من الأحيان تقابل بالحياة مشاهد أو أحداثا تستحق التوثيق وبالتالي نُسارع لتوثيقها بالصورة والتي اصبحت اكثر سهولةً لتعدد وسائل التصوير وسهولته بالنسبة لغير المحترفين فهل تستطيع حصر عدد الاشخاص في مكان واحدٍ وساعةٍ واحدةٍ ممن يرفعون هواتفهم المحمولة لتوثيق اللحظة التي يرى صاحب الالتقاطة فيها شيئاً ثميناً لا يراه غيره ؟؟ فحين تمر بنا لحظة شعورية جميلة نود لو أننا نوقف الزمن عندها ونستمتع بها حد الإشباع، وكذلك حين يصل لآذاننا خبرٌ صادم أو مفجع فإننا نشعر وكأنّ الزمن توقف برهةً لينتقل كيان الفهم لدينا من الواقع إلى دهاليز العقل الداخلية علنّا نستوعب ما جرى. ولأن كل واحدٍ منا لا يمكن أن يعيش الا بالتفكر في اللحظة التالية، ماذا سنفعل وما الذي تخبئه لنا الأحداث وماذا في جعبة القدر؟ فالوقت لا يتوقف، حتى مع اولئك الصغار الذين اغمضوا اعينهم يوماً ما أسفل الغطاء واستمتعوا بلحظات تخيلوها لا نهائية ولكنها دائماً ما كانت تفر وحين كبروا وكبرت احلامهم استمروا في محاولة الامساك بالوقت مخادعين انفسهم انهم نجحوا في ذلك بخفةٍ طفوليةٍ لا اكثر والوقت الذي كان حنوناً تحول مع التقدم في العمر إلى تأمل وأحلام وكلها تتعلق بالترقب، دائماً نحن في حالة تأهب لشيء ما، ينتابنا الشعور على مدار اللحظة بأننا نستعد لفعل ما أو هناك فعل أقدمنا عليه وسنعاين نتائجه قريباً أو أن هناك شيئاً مجهولاً لا يد لنا فيه سيحدث لنا فاعل أو مفعول به لا فارق في لغز الانتظار فنمني أنفسنا بعيش اللحظة ويصيبنا الوهم بتعطيل الوقت ونهزأ بكل مقدر ومخبوء ولكننا في الحقيقة لا نهزأ إلا من أنفسنا إذ ان المنتظرين الكبار حاولوا سرقة الوقت، وإيقافه، ولكنه هزمهم في النهاية. وجميعنا يعلم انه من وقت إلى آخر يعرض كتاب خيال علمي أو فيلم أو برنامج تلفزيوني شخصية تستطيع القيام بما نحلم به وهو إيقاف الزمن، وبعيداً عن الماورائيات والخيالات العلمية التي يصنعها السادة ممن تتوقعد عقولهم بأفكارٍ عملاقة لشد الانتباه او حصد الجوائز لأعمالهم، فإن ايقاف لحظة من الزمن او استرجاعها يعتمد عليك انت فقط،، لان اللحظة تعني لك انت لا سواك حتى لو اشترك فيها معك شخصٌ آخر تماماً كما يرى كل واحدٍ منا الصورة من زاويته ويتذوق الفن الذي يتابعه بإسقاط تجاربه الحياتيه عليه، فما يعني لك كنزاً قد لا يعني لغيرك شيئاً يُذكر، لذلك بإمكاني ان اقدم لك نصيحةً صغيرةً قد تستفيد منها،، صديقي القارئ حاول ان تجعل من تلك اللحظة التي استوقفتها بصورةٍ ملموسةٍ او ذهنية مرجعاً لك في أوقات ألمك،، التمس من الصورة عذراً ان اهملتها واستمد منها قوةً تواجه بها القادم فإن كل صورةٍ لديك تحمل شعوراً لا يُستهان بقيمته. أخيراً… يقول البعض ليتنا نستطيع إيقاف الزمن على لحظات كنا بها سعداء، وأنا أكمل القول بأن البكاء على اللبن المسكوب لا يُجدي نفعاً فاصنع صورةً جديدةً حين تعود لها تزداد اشراقاً فالزمن لا يقف يا اصدقاء. [email protected]
2578
| 18 أغسطس 2022
هذا المقال ليس دعوة للاستسلام، بل دعوة لترميم روحك التي قد تتآكل بسبب الظروف المحيطة سواء كان لك يد فيها او لم يكن، فأكبر أزمة تواجهك عندما تنكسر هي أنك تريد أن تشطب انكسارك بصورة أبدية وترمم حائطك النفسى بطلاء كاذب يُخفي العيوب وتردم شقوق الروح بدون أن يظهر أي خدش وتُخفي تجاعيد حزنك بألوان زاهية في محاولة منك لتفادي البكاء والانكسار متخفياً خلف ضحكة بلهاء باردة ومزيفة. فقد قرأت عن مصطلح عبقري في اليابان وهو "الكينتسوجي" وهو في الواقع فن يتكون من ترميم الفخار المكسور بالذهب المصهور ولنكون أكثر دقة فهو مزيج من ورنيش وغبار الذهب أحياناً، حيث تترك عملية الاستعادة هذه القطعة المهشمة لقطعة ذات قيمة مثل الأصل، ولكني هنا قد أُسقط المعنى رمزياً على الأشخاص المنكسرين حيث يمكنهم التعلم بسهولة من هذه المواقف ليصبحوا أقوى وأكثر قيمة دون الخجل من الجروح المكشوفة والكسور المرئية بأن تُصلح انكسارك بألا تخدع نفسك وتنكر ماضيك وتكنس انكساراتك تحت طرف سجادة الخوف بل تجعلها كشعلة انتصاراتك. فالعالم ليس ورديا ولا أحد يعيش في عالم بلا أخطاء ولكن هناك حدود لا يمكن لك قبولها على نفسك عندما ترى أن الأمور بدأت تنجرف لما قد يتسبب بضرر على روحك ولستَ مُضطرًا للبقاء فالانسحاب خيار جيد وهو أفضل من أن تجد نفسك في معركة الرابح منها خاسر مهما كانت نتائجها فليس عليك خوض كل معركة بهذه الحياة، هناك معارك يجب أن لا تخوضها ومن أتعبتهم الحياة يجب أن يرتاحوا، فالاستمرار بالركض بلا جدوى لن يُغيّر حالًا ولن يستبق رزقاً، فكل شيء مُقدر زماناً ومكاناً والله وحده مُقسم الأرزاق وما لم تؤمن بهذا الأمر ستخسر كثيراً، لذلك توجه لله واعلم بأن الله لم يخلق عبداً ليتخلى عنه، فمواجهاتك التي خيبت أملك وتفاصيل حياتك التي استنزفت طاقتك، ثق بأنها ستضيئك ذات يوم وإن كنت منطفئا من الداخل وفقدت الحماس لمواصلة طريقك وستضيئك وستجعلك فيما بعد تحدد مكانتك وقيمتك. الإنسان منا يمر بالعديد من الصعاب والمشاكل التي تستنفد كما هائلا من طاقته، حينها امامه حلين لا ثالث لهما فإما الاستسلام لوضع قد يُدمر روحه وينهي حياته بالأمراض او الاستمرار والبحث عن مخرج بأقل الخسائر مستعيناً بطاقة الصبر على جميع أشكال الابتلاءات والصدمات والخيبات التي يتعرض لها، فلولا الصبر وانتظار الجزاء لفسدت الحياة، لذلك يحتاج الفرد إلى قوة في تحمل جميع تلك الأمور التي تعايش معها وقد يشعر في بعض المرات ببؤسها لكن الصبر هدية الوقت والتوكل والثقة وبالتالي العثور على السلام الداخلي. فالصبر وحده سيساعدك على ترميم روحك لكن ليس كسابق عهدك لأنه سيغيرك وسيجدد شخصيتك التي تحاكي واقعك وسيعلمك العزة والامتنان وسيخبرك انك أعمق من تلك الصورة التي في مخيلتك وأنك أكثر قوة وستعي حينها أن هناك ضريبة تدفعها لتصبح شخصا آخر لا يعاني الخوف والتوتر والقلق وأكثر انسحابا من المكان الذي لا تجد فيه تقديراً لنفسك، الصبر سيعلمك أن تكون شخصا متوكلا لا يقترب أو يندفع بمشاعره أو يعطي أو يثق بأشخاص آخرين بكل سهولة لتصبح هادئا رزيناً لا تكره ولا تغضب ولا تنزعج ولا تنافق أو تجامل على حساب نفسك وسيقومك ويجعلك تتحكم في إرادة التحمل لديك، فيكفي أن من خلاله لن تشعر باليأس أو التخلي ولن تكون بحاجة لمن يسمعك أو يؤمن بك وبمصائبك ومشاكلك فالله عز وجل معك، لذلك يعتبر الصبر جانبا من الجوانب الأساسية والمهمة لاستكشاف التفكير الملهم العميق. واذا كنت قد كتبت أولا ان هذا المقال ليس دعوة للاستسلام فأنا ايضاً لا انكر ان هناك اوقاتا تختنق فيها انفاسنا رغم اتساع الأماكن وكأننا في متاهة بلا مخرج، فإلى كل الذين شاخت ارواحهم اقول لا تنتظروا ان يتغير الواقع بمفرده بل غيروا انفسكم لتتغير حياتكم للأفضل، وليكن الأمل بالله زاد رحلتكم، فمهما شاخت الروح فالله وحده يعيد ترميمها بذكره الطيب ونفسياً فإن من ينجح في ترميم روحه، لا يعود كسابق عهده. أخيراً.. يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: فما نَيْلُ المطالبِ بالتمنِّي * ولكن تُؤخَذُ الدُّنيا غلابَا [email protected]
1764
| 11 أغسطس 2022
بين بسمةٍ ودمعة، شروق وغروب، فرحة وغصة، ضحكة وعبوس، توجد أزمة تركت فينا أثراً قد يُلازمنا مدى الحياة، والبعض منا يتخطى آثار أزمته ويبدأ من جديد، فيما يظل البعض الآخر قابعاً في سواد الأزمة،، وكما قال الإمام الشافعي “جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ، وإن كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي، وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً، وَلَكِن عرفت بها عدوي من صديقي“، فالأزمة تعني الشدة والضيق وهي تمر على الإنسان لتعلمه الكثير من الدروس والعبر وهي ظاهرة اجتماعية تمر بدورة حياة، مثلها في هذا مثل أي كائن حي، وتمر بمراحل تطور تبدأ بالميلاد بشكل (إحساس) مبهم وقلق بوجود شيء ما يلوح في الأفق، ويُنذر بخطر غریب غير محدد المعالم أو الاتجاه أو الحجم ويرجع هذا إلى اتساع نطاق المجهول في الأزمة، وغياب كثير من المعلومات حول أسبابها أو المجالات التي ستخضع لها وتتطور إليها أو ستنفجر عندها، وحجم هذا الانفجار، ثم مرحلة النمو والاتساع ثم مرحلة النضج التي تعد من أخطر مراحل الأزمة، ولأن على الإنسان أن يتعلم من الأزمات ألا يستسلم بل ينهض مكفكفاً دموعه ومخففاً من آهاته ومحتوياً نفسه ومُذكراً إياها أن الأمر لا يدوم ولكل أمر نهاية طالت المدة او قصُرت، لتمر أزمته بمرحلة الانحسار والتقلص نتيجةً لتقادمها وإيجاد الحلول لها حتى يشعر الشخص انه دخل مرحلة اختفاء الأزمة حيث تفقد بشكل شبه كامل قوة الدفع المولدة لها وتتلاشى مظاهرها وينتهي الاهتمام بها والحديث عنها، إلا أنه من الضرورة الاستفادة من الدروس التي تركتها فينا لتلافي ما قد يحدث مستقبلا من سلبيات لتأتي إعادة البناء التي تتصل بعلاج الآثار والنتائج ثم استعادة الروح المعنوية الإيجابية التي اكتسبت مناعة وخبرة في التعامل مع أسباب ونتائج الأزمات. لا شك إذاً أن الأزمات وقسوة ظروف الحياة تعلمنا أن نكون أقوى بتفكيرنا الإيجابي وأقوى بعلاقتنا بالله عز وجل وثقتنا أن الله قادرٌ ورحيم. متعبةٌ هي الأزمات وما أحوج الإنسان فيها ليد تمد له العون وتنتشله من ضيقه، والمفاجأة أن بعض الأشخاص في وقوفهم معنا وقت الأزمات أبهرونا بطيبهم وفاقوا كل التوقعات، فالأزمة تكشف الحقائق والوجوه والكثير مما لا يكتشفه الإنسان طوال عمره، وتوضح لك فعلاً من يهمه أمرك في الشدائد ويسأل عنك ويدعي لك ويقف بجانبك ويؤازرك، فعلا تكشف لك الأزمات معادن الناس من حولك فمن كان معدنه الذهب هو من يستحق المحافظة عليه طوال العمر فالمعادن التي تبلى وتصدأ لا نحتاجها ولا حاجة لبشرٍ في وقت أفراحي كثيرون وفي النائبات ما أقلّهم. في وسط الأزمة إذاً عليك أن تستخدم شبكة الكشافة الخاصة بك، هي شبكة من المناجاة لله والثقة به والنهوض مجدداً وممارسة طقوس يومك وممارسة الشكر والامتنان وشحذ طاقتك المعنوية لتنعكس على تحملك لما هو آتٍ، عليك أن تكتشف أدواتك لتجعل منك شخصية ناجحة وأقصد بالنجاح الإيمان الداخلي والرضا والقناعة وقول الحمد الله على كل حال في السراء والضراء، فشكراً لكل من ينصت لنا باهتمام في كل الأوقات، وفي مثل هذا الوقت بالذات، شكراً لكل شخص يخفف الأزمة بأي نوع من الدعم، إنه وقت يكون الشخص في أمس الحاجة لمن يقف معه ولا يتخلى عنه، شكرا لمن يحمل في قلبه النية الطيبة ومحاولة المساعدة تكفي حتى لو لم تطبق في الواقع. أخيراً: “ في أوقات الأزمات تصنع الثروات"، قولٌ يكرره البعض في الأوقات الصعبة ليذكروا أنفسهم أنه حتى في أحلك الأزمات تلوح الفرص في الأفق.. ثق بالله. [email protected]
1035
| 04 أغسطس 2022
إن سألتك من تحب ومن تتمنى أن يكون الأفضل والأنجح والأجمل ستكون إجابتك "نفسك" ثم بلا شك ستذكر من تحب من الأشخاص، هذا ليس موضوعنا اليوم إنما سأتحدث عن الشخص الذي يُصر أن يكون محور الكون، وهو شخصية ترى في كل عبارة عابرة تلميحاً إليه، وتعتبر كل نقد بناء قلّة تقدير لمواهبه ومحاولة للتقليل من مكانه ومكانته. وإذا حدثت أزمة فسيأتيك السيد "محور الكون" متهكماً لأنهم "لم يسمعوا" كلامه أو يستشيروه. و"محور الكون" هذا إن كان زوجاً أو زوجةً فهو لا يؤمن بحقوق الشراكة وإعطاء مساحة كافية للشريك ليرى ذوقه وتفضيلاته ولو في مساحة صغيرة من المنزل. وإذا ابتليتَ برفقة "محور الكون" في سفر فأنت ستضيف مع وعثاء السفر عناء هذا الرفيق الذي هو وحده من يتخير موقع ونوع السكن، ويختار مكان الطعام، وكن مستعداً فسيقاطعك حتى في خياراتك من قائمة الطعام لأنه يرى ذوقه الرفيع خيارك الأمثل. وهذه الشخصية العجيبة تتصف بأنها لا تحاور وإذا اضطر صاحبها للاستماع فهو فقط ينتظر ليلتقط أنفاسه ثم يسفّه كل رأي وينقض كل فكرة (لم يكن المبادر بها) حتى لو أجمع عليها فريق متخصص من أقرانه. بالرغم من كل ما يمر به الواحد منا من ظروف وضغوط في حياته ويحاول أن يتعايش معها متمسكاً أن تمر سفينته بسلام وسط تقلبات المحيط، فإنه يُضطر أيضاً في الجزء الفارغ من الحياة ليتحمل شخصيات تعتقد أنها هي الجزء الأهم في الكون فتجده يستغرب إن لم يزره الأصدقاء ويرمي بكل كلمات اللوم على الآخرين، ويجزم بأن له حقا على الجميع بلا استثناء وإن أقبلت عليه لامك على عدم الاتصال به الأسبوع الماضي حتى الكرم لديهم يكون ثقيلا جدا لأنهم لا يؤمنون بالظروف ولا يقبلون اعتذارا عن حضور وليمة مهما كان السبب. هذه الشخصيات في غالبها تعيش حياة رتيبة، لا أهداف لديهم ولا طموحات ولا يملكون أي تحديات ولا تتجاوز اهتماماتهم متابعة الآخرين والبحث عن مكامن التقصير لديهم، يستمتعون بوضع اللائمة على من حولهم في أدق التفاصيل التي لا قيمة لها. يغضب إن اطلعت على رسالته في الواتساب دون أن ترد أو تعطي رأيا، أو تأخرت في المباركة بترقية وظيفية له فهو ينسى المبادرة بالتهنئة بسبب التأخير فيها. يعتقدون أن كل شيء يدور من حولهم، لا يتحرك طير من مكانه إلا ليأتي إليهم أو بسببهم على وجه العموم، يتعاملون كونهم «محور الكون» والسبب الخفي خلف علوم ما وراء الطبيعة، أنهم الشخصيات الأنانية، الذين يعتبرون مجرد المرور من أمامهم مدمرا لنفسيتك وصحتك الجسدية. ويؤمن الأشخاص من فئة "محور الكون" بأن آراءهم ومصالحهم الخاصة أكثر أهمية من الآخرين، وبالرغم من كونه صحيا أن يضع الشخص نفسه أولاً، إلا أن محاولة أن تكون الأولوية القصوى في حياة الآخرين ليست صحية على الإطلاق. إنهم بحاجة لك للتأكيد على أهميتهم كل وقت وقد يبدو الأشخاص الذين لديهم فكرة الأنانية ومركزية الذات واثقا من نفسه تمامًا، لكنه في الواقع عكس ذلك، هؤلاء الأشخاص غالبًا لا يشعرون بالثقة والأمان، فتجدهم يسألون عن رأيك طوال الوقت ويحتاجون إلى موافقتك الآن لمعارضتك لاحقاً. فلدى "محور الكون" مثل هؤلاء إحساسٌ متضخم للغاية بأهميتهم وقدراتهم، ممزوجاً باستخفاف نسبي بالآخرين من حولهم، ولعلها رساله قصيرة المحتوى كبيرة المعنى أحاول إيصالها لمحور الكون أنه مهما كان قدركم عند من حولكم كبيراً فإن ساعات الجلوس معكم قد تكون أثقل من الجبال وعليكم تجربة العيش بهدوء وسلام وابتسامة واختيار أن تكونوا أداة جذب بالبساطة والترحيب والكلام العذب. لأنكم ستجدون أنفسكم تعيشون الوحدة يوما، ولن يبقى بجانبكم سوى من لهم حق عليكم، لأنهم سيكسبون أجر الوصل وأجر الصبر عليكم. أخيراً: عزيزي "محور الكون" استرح وأرح فكل الروائع من حولنا لم يكن لك يد فيها. [email protected]
9893
| 28 يوليو 2022
هو ما يُعطي المذاق لكل ما نقوم به والمعنى والمحرك الأساسي لكل شيء، وفقدانه يعني الإصابة بالخمول والكسل وقد يعني النهاية، لأن فقدانك للشغف يعني أن تفقد حماسك، وألا يكون لديك دافع لفعل أي شيء، فالشغف هو الوقود الذي يُحركنا من الداخل ويدفعنا للتحدي وكل شيء نمارسه مرهون بمدى شعورنا بالشغف تجاهه. وقد نتساءل احياناً عن شغفنا تجاه امر ما او عمل معين وكيف فقدناه ولا شك ان خلف ذلك اسباب لفقدان المحفز الأساسي الذي يدعو للإنجاز، وتحول الشيء الذي يمارسه الشخص إلى روتين أو نمط حياة يومي سواء في العمل أو في البيت أو حتى على مستوى ممارسة الرياضة المفضلة أو الهوايات، او عدم وجود هدف محدد ليتم التركيز على تنفيذه، او فقدان الشعور بالإنجاز، وتكرار الفشل، وعدم تقدير الغير لإنجازنا سواء المدير أو الأصدقاء أو الأهل، وفقدان الشعور بالإلهام، وقد يكون بسبب فقدان الشخص الملهم في الحياة، او الشعور بالملل أو التوتر أو الإرهاق الجسدي والعاطفي الذي يجعل الشخص يشعر بأنه مستنفد عاطفيا ولم يعد بإمكانه منح نفسه أو الآخرين أي شيء على المستوى النفسي أو العاطفي، والاحتكاك بالأشخاص السلبيين الذين يؤثرون على طريقة التفكير، والحزن العميق الذي يجعل الشخص يرى الأشياء تافهة، مما يقلل من حماسه لإنجاز الأعمال أو تحقيق الأهداف. لا شك ان غياب الشغف موجع ويترك فراغا كبيرا بك ويجعلك تائها بلا شعور فإذا مات الشغف تموت كل الأشياء في عينيك، فالحياة بلا شغف تجعلك تشعر وكأن هناك من يبتر من روحك جناحيها فلا تقوى على الحركة والتقدم والابتسام ولا حتى التنفس وكأنك تمتلك يسار صدرك أرضا قاحلة وأنت الذي كنت تبتسم دائما رغم سواد الموقف!. ويظل السؤال: كيف يستعيد الواحد منا شغفه بعد الفتور؟ وان كانت الاجابة سهلة الكلمات الا ان فعلها او تنفيذها ليس امراً هيناً لكن علينا المحاولة دوماً بمنح النفس الوقت الكافي للراحة لأجل التعافي وإعادة شحن الطاقة، وقد تكون هذه الخطوة هي كل ما يحتاجه فاقد الشغف كي يستعيد عافيته وحماسه والتركيز على نقاط القوة من جديد، ومحاولة اكتشاف هوايات ومواهب جديدة وتقليل الضغط والتوتر والإرهاق قدر الإمكان، وعدم الخوف من التراجع قليلًا لأخذ المساحة الكافية لإعادة الانطلاق والاعتناء بالصحة البدنية وعدم الاستسلام لأي ظروف صعبة والتخلص من كل شيء يمتص طاقتك ويأخذ منك شغفك فلا ترضى أن تكون شخصًا مهمشًا سواء في العمل أو في البيت ولا ترضى بأقل مما تستحق وتذكر جيدًا أن الشغف شيء نابع من أعماقك ولن يصحو إلا إذا أيقظته ولن يكون لديك الدافعية لتحقيق أي إنجاز طالما لم تسع له. وقد تم تعريف الشغف في قاموس أوكسفورد بأنه شعور قوي للغاية بالكاد تستطيع السيطرة عليه، ووصفته «أوبرا وينفري» انه طاقة وشعور بالقوة نابع من التركيز على ما يثير الحماس فينا، اذاً هو كالصوت العميق الداخلي الذي يجاب بلا كثير من الحاجة او المساءلة او التفسير للآخرين. ولأن الامور تبدأ من الذات فعلى الواحد ان يُحفز نفسه قبل البحث عمن يفهه أو يطمئنه أو يحبه. أخيراً: حين يفقد الشخص الشغف فهو حتماً يمارس الموت البطيء لأن فقدان الشغف قتل ناعم لا علاج له، حيث لا يكاد يجذب المرء ثمة شيء نحو اي شيء. إنه الشغف..
1967
| 21 يوليو 2022
هي ذاتها حين نقول "لا تقترب حد الاحتراق ولا تبتعد حد الافتراق" عبارةٌ تفسر كيف أن العلاقات من دون مسافة أمان، قد تكون عرضةً للفشل والانهيار والهدم مهما كان نوعها فالقرب الشديد قد يكون مؤلماً ومؤذياً لأن إلغاء الحدود يجعل العيوب أوضح، وكذلك البعد المبالغ فيه يخلق حتماً البرود والجفاء بين القلوب وهو كفيلٌ بأن يُنهي الكثير من العلاقات. تماماً كمسافة الأمان التي تمنع مركبتين أثناء سيرهما على الطريق من الاصطدام، وبحسب الدراساتِ فإنَّ أكبر مُسبِّب للحوادث المرورية بعد السرعة والانشغالِ هو عدمُ ترْك مسافةٍ كافيةٍ بيننا وبين السيارة التي أمامَنا، فالاقترابُ الشَّديدُ يُفقِدُ السائقَ القدرةَ على السَّيطرة، ولا يُعطيه فرصة للتصرف في أيِّ موقفٍ طارئ، بالمقابل فإن الحدود في العلاقات الإنسانية هي مسافة الأمان التي تمنع اصطدامنا بمن حولنا أثناء سيرنا في الحياة والحفاظ على المساحة الشخصية ليس جبنًا ولكنه تصرف حكيم، فعندما يقتحم الناس مساحتك الشخصية تصبح المناطق المسؤولة في عقلك عن تخزين أحلامك واحتياجاتك وقيمك مُهاجمةً من قِبل الآخرين فهم يهاجمون هويتك وتقديرك لذاتك. لعل البعض يعتقد أن محبتنا لشخص أو دخول أحدهم في حياتنا كشريكٍ أو صديقٍ أو ابنٍ يعطي الحق أن نتطفل عليه بدءاً بيومياته مروراً بأفكاره وصولاً لعلاقاته وكأننا أصبحنا بحكم العلاقة التي تجمعنا به "أوصياء عليه" في حين أن قمة الاحترام والحب هي أن تترك لغيرك هذه المساحة التي تساعد في بناء جسر من الثقة واستمرارية للمشاعر الإيجابية كيفما كان اسمها. فالأزواج الذين يحققون هذا التوازن يحصلون على علاقة مُرضية للطرفين حيث يجب أن يكون لكل شخص في العلاقة مساحة شخصية خاصة به، حتى يتمكن من تحقيق النمو الشخصي وما لديه من مشاريع وصداقات وأهداف (أليس كل منكما جاء من محيط عائلي وخلفيةٍ ثقافيةٍ واجتماعيةٍ وتربويةٍ مختلفة وجاء هذا الرابط بينكما بوجود الاختلافات واحترام المساحات الخاصة لكليكما؟!) كذلك الحال مع أطفالك فتعليمهم وأن تكون مسؤولاً عنهم لا يعني السيطرة عليهم أو مصادرة أحلامهم وآمالهم، لذلك على العائلات أن تحافظ على المساحات المشتركة التي يمكنهم فيها التحدث وتقديم التوجيه والنصيحة وتقبّل ذاك بصدر رحب. إن الاقتراب الشَّديد من البشر - كما أكَّدَ علماءُ الاتصال - يولِّد توتُّراتٍ ومَللًا وكأنك تضرِب حصارًا عاطفيًّا على مَن تُحبُّ، فكن وسطياً في العلاقة حتى لا تخسرَ من تحب باسْمِ الحُبِّ الذي إن بدا مشروطاً فلا حياة له. وفي المقابل، احترِمْ حدودَ الآخرينَ ومسافاتِهم ولا تقترِب ما لم يسمَحوا، وكما تقول أحلام مستغانمي: "الحبُّ هو ذكاءُ المسافة". ولكي أكون أكثر وضوحاً ففي عالم الطبيعة الجميلة من حولنا أيضاً يجعل من الاقتراب الشَّديد مؤذياً ويحُول بيننا وبين تلمُّس الجَمال، فرؤيتكَ للبحر عن بُعد أجملُ ومشاهدتك للقمر في أمسياته الجميلة ستجعلك هائماً بمن تغنى به الشعراء، ألم أقل لك إن الاقتراب المبالغ فيه قد يُفقدك جمال وسحر ما اقتربت منه سواء بشرا أو حجرا؟!. أخيراً: أثناء الدراسة وفي حياتنا المادية مهمٌ أن نكون أذكياء في مسائل الرياضيات والحساب، أما الأجمل والأهم فهو أن نكون بارعين في ذكاء المسافات. [email protected]
3957
| 14 يوليو 2022
قد يبدو العنوان رسالة تستهدف العالم حولك في ظل ما يحدث من قضايا، بينما الحقيقة المنضوية بين حروف الكلمتين هي انت وذاتك، فالحياة اليومية تطالعنا بالعديد من القصص التي تحمل في طياتها المعاناة بأشكالها والكثيرين يتعرضون إلى الضغوط المختلفة في العمل والحياة الاجتماعية عامة ونصاب بالتعب الجسدي والنفسي وتبدأ رحلة الكفاح لدى كل فرد منا، وكأننا في حرب يومية طاحنة لتحقيق السلام الداخلي والتصالح مع الذات في ظل الصراعات اللحظية بالمحيط. ففي حياتنا جوانب عدة تجبرنا على التصادم مع الآخر سواء بقي الود أم اخفقنا في الحفاظ عليه، نتصادم في محيط عملنا ومع شريك دربنا، نختلف مع صديق ويبدو الصلح بعيد المنال في علاقة مع زميل او زميلة، كلنا نبحث في محيطنا الخارجي ونهتم بما يدور خارج نطاق ارواحنا لأن من حولنا يرى هذا الجانب وعلينا ان نجعله لامعا جاذبا لافتا كي نكسب الود وننال الرضا. ولكن ماذا عن داخلنا؟ هذا البهرج الخداع هل عليه ان يكون للآخرين فقط؟! أليس الأولى ان نكون نحن في صلح وتصالح اولا مع ذواتنا فالمتصالحون مع ذواتهم لا يأذون الناس بكلمة جارحة أو لفظ مسيء ولا يتدخلون في حياة الآخرين، وإن تدخلوا بناء على دعوة من هذا الآخر، يكون تدخلهم لطيفا، خفيفا، قليل الدسم! نعم قليل الدسم؛ فالأمر مرتبط بـ"دسامة" الشخصية، ومدى قدرة الآخرين على هضمه وتقبله والتعامل معه بأريحية كبيرة. ان التصالح مع الذات لا يعني اللهاث وراء المادة لإرضائها، ولا يعني الغرور الأجوف، ولا شك انه يوجد صراع يخوضه الانسان من اجل المادة، وربما لهذا السبب تكثر الامراض النفسية في مجتمعاتنا، حيث اكدت بعض الدراسات المعنية في المعضلات النفسية التي يعاني منها الانسان، أن سعيه المحموم نحو المادة على حساب الروحانيات، قد جعله يعيش في مأزق الاغتراب على نحو شبه دائم، ولابد في هذه الحالة من الاهتمام بالجانب الروحي ترسيخا لحالة الرضا عن النفس والتصالح معها، فعندما يأتي الحديث عن المصالح بأنواعها، فإننا في الحقيقة قد لا نفهم لماذا يستميت الانسان من اجل تحقيق مصالحه على حساب الناس، نعم من حق الانسان ان يتطور ويتفوق وينجح ويتصالح مع نفسه متقبلا نواقصه قبل ما يميزه في عيون الآخرين، عليك قارئي العزيز ان تقبل ذاتك بكل ما تحمل من عيوب ومن ضعف وأخطاء وزلات وتحترمها ولا تهنها، فإن أسمى مراتب الاحترام هو احترام الشخص لذاته وأعظم مواساة هي مواساة النفس لنفسها، جميل جدا أن نواجه عقبات وتحديات ونحن في طريقنا لبلوغ أهدافنا والأجمل أن نفرغ دواخلنا من اليأس ونملأها أملا ليكون هو السلاح الذي نواجه به الاحباطات من حولنا، فمن غير المجدي نفعا صحيا وروحيا ان تجلد ذاتك في محاولة منك لتكون الكامل في عيون من حولك قبل ذاتك. عليك ان تسعى لتتصالح مع نفسك ولا تنظر الى نجاح الآخرين على أنه نقص لذاتك أو تحد لها بل عليك أن تعتبره اضافة نوعية لنجاحك، فليس من العدل ان تتعامل مع امانة تركها لديك صديق بقلة اهتمام او لا مبالاة، فهل يبدو لك من العدل ان تتعامل مع نفسك التي هي امانة اكبر من ربك لتهنيها لا ان تهينها ولتحترمها لا ان تحتقرها ولتكفل لها سموا لا ان تجعلها في مرتبة متدنية من العطاء، باختصار لا تقس على نفسك كثيرا ولا تحملها أكثر من طاقتها حتى لا تصل القسوة الى حد الكراهية بل احترمها وقدرها فإنك إن لم تفعل ذلك مع ذاتك فإنك لن تفعله مع الآخرين. يقول "تنازين غياتسو الدالي لاما الرابع عشر" انه يمكن تحقيق السلام للعالم من خلال السلام الداخلي، حيث تتضح أهمية المسؤولية الفردية فيجب أولا أن نتوصل للسلام داخل أنفسنا، ثم يتوسع تدريجيا ليشمل عائلاتنا، مجتمعاتنا، وفي نهاية المطاف الكوكب بأكمله. فجميعنا نبحث عن مرحلة السلام النفسي والشعور الممتلئ بالسكنية والسلام الخالي من الاضطرابات في التفكير والممزوج بتقدير الذات والسعادة، وان كانت هذه العبارات تبدو لك انها تخديرية لتخفيف وطأة الكوارث الحياتية على نفسك، فأنا اقول لك ان هذه المرحلة تسمى بمرحلة التصالح مع الذات وهي المرحلة الملكية من مراحل الحياة حيث تكون بها أقوى روحيا وأقدر على مواجهة مخاوفك وماضيك، والسعي قدما في طريق اهدافك سواء كانت في محيطك الشخصي او المجتمعي عموما. وافضل نصيحة اقدمها هي التقدير ثم التقدير ثم التقدير! قدر أبسط مجهود تقوم به وكن ممتنا لجميع لحظات السعادة التي تتحقق لك بمحض الصدفة أو تلك التي نجحت في أن تصنعها لنفسك، تمسك بجوهرك واشعر بحبك لذاتك، وقبل كل ذلك قدر ما اعطاك اياه الله عز وجل من نعم صغيرة ليس لك يد في جلبها وستجد انك تشعر بعظمة باقي النعم التي اجتهدت لاحقا في الوصول لها، ولعل العبر حولنا كثيرة لنرى ان لا شيء مستفاد من حالة العراك اليومي مع المحيط سوى امراض جسدية لاحقة ومشاكل نفسية متعاقبة، فوقوعك تحت مطرقة مرض مفاجئ يقعدك اياما فقط كفيل ان يجعلك تعي ان لا شيء يستحق ان تسحق نفسك لأجله واكاد اجزم ان الكثيرين الآن يستحضرون حادثة مرض او ازمة ما وأي نتيجة كانوا تحت ضغطها بل واي وعود اتخذوها حال الخروج من تلك الحالة كتغير او تعديل لبعض القرارات الحياتية. ولأن الأمر ليس سحرا ولا وصفة طبية فأنا ادعوك من بين سطوري هذه ان تنعم بالصلح مع نفسك وتتصالح مع ذاتك، اخيرا: تقبل المنطقة المعتمة بداخلك وحولها لبقعة ضوء ينطلق منها صلحك الذاتي، فليس في وسط الظلام رؤية. [email protected]
1701
| 07 يوليو 2022
لحظة، لحظة لا تتخذ قراراً بعدم استكمال سطوري ظناً منك أني استغل فصل الصيف لأذكّرك بتخفيف العبء على الكهرباء، أقسم لك أني أقصدك أنت وأنت تحديداً أيها القارئ من تهمني. فحين تقرر أن تطفئ الكهرباء فأنت توفر طاقتها قليلاً طالما يمكنك الاحتمال، هكذا بالضبط حين توفر طاقتك الروحية ولا تستنزفها بداعٍ وغير داعٍ، ففي حياتك يمر أمامك الكثير من المواقف والأشخاص، بل والمفردات أيضاً وكلها قد تتكاتف مجتمعةً أو منفردةً بسحب معنوياتك المرتفعة لتتحول من حالة نشاط لشخصٍ بالكاد يشعر أن نبضه يواكب الحياة للعيش ليس إلا. إذاً لتحتفظ بطاقتك عليك ألا تجعل قوة "مصاصي" الطاقة تؤثر فيك، هؤلاء الأشخاص الذين نتعامل معهم يومياً ويحصلون على طاقتك الإيجابية ويستبدلونها بالطاقة السلبية دون أن تشعر بذلك، فكل إنسان في نفسه طاقة قد تكون إيجابيّة وقد تكون سلبيةً وقد يمزج بين الطاقتين بحسب الموقف، فالطاقة الإيجابية هي طاقة تحمل في طياتها الحب والعطاء والتفاؤل، أما الطاقة السلبية فتنعكس على سلوكه بالبغضاء والكراهية والتشاؤم والحسد وكثرة الشكوى. السؤال؛ هل سبَق أن وجدْتَ نفسك محتجزاً في بيئةٍ سلبيةٍ مؤذيةٍ؟، وهل اضطُررت لتكون مع من يستنفدون طاقتك لتشعر بعد قضاء وقت طويل معهم بالإحباط أو الغضب أو الإرهاق الذهني؟، وهل شَعَرْتَ أنَّ المشاعر السلبية قد أثقلَتْ كاهلك وكنت عاجزاً عن حماية نفسك منها؟ الإجابة الآن أنه عليك أن تعلم أن مزاج المرء يرتبط بالأشخاص المحيطين به فمن الممكن أن يؤثر الاحتكاك بشخص تعيس بشكل سريع على حالتك النفسية وتنتشر الطاقة السلبية في المكان وبذلك يتعكر مزاج الشخص السعيد. وفي دراسةٍ أجريت حول الأمر وصف أحد المشاركين الأصدقاء السلبيين بأنهم يبدون اهتماماً بك وبمصلحتك ولكنهم في الواقع يستخدمون المعرفة التي يكتسبونها منك في محاولة إقناعك بفعل ما يريدون، وغالباً ما يحرفون كلماتك أو يجعلونك تشعر بالذنب وحتى السوء تجاه نفسك، وعندما تشعر بالسعادة أو الفخر بنفسك، فسيجدون طرقاً لإبراز عيوب عملك والتقليل من شأن إنجازاتك، ويتصرفون كأنهم أذكى منك ليجعلوك تشعر بالغباء، كما أنهم كثيرو الانتقاد ومليئون بالتذمر اليومي والعبوس الدائم، وقد يجعلونك في وضع استعداد لكي تدافع عن نفسك ورأيك بترصّد حركاتك وتصيّد أخطائك وهم في الغالب يتكلمون بكل ما بداخلهم ولا يعطون الفرصة لسماع الشخص الآخر، هم أيضاً من فئة المتطفلين على حياتك. ولأن السلبية قادرةٌ على استنزاف طاقتك العاطفية والجسدية، فأنا لن أقدم لك حلاً سحرياً لكن عليك أن تركّز على نفسك فعندما تصبح سلبياً بسبب من حولك فيجب عليك توجيه أفكارك والتركيز على نفسك، ففي نهاية الأمر، أنت الشخص الوحيد الذي عليك أن تهتم بروحك وحياتك، وحاول أن تفصل بين مشاعرك وحديثك مع ذلك الشخص. بطريقة أخرى كن "محايداً"، فلا شك أن الأمر يحتاج إلى تعلم ومحاولة ولكنه مع الوقت يصبح أكثر سهولةً وتلقائيةً، فليس من العدل أن يتحدث معك شخص عن ضغوطاته الحياتية لتتبناها أنت، فهل من المنطقي أن تكون سعيداً في بيتك ولمجرد الاستماع لأغنية عن الفراق والخيانة تعيشها أنت وكأنك في حالة فراق لمجرد أنك استمعت أو أُعجبت بكلماتها بالله عليك؟!. أنا لست شخصاً سلبياً، ولكني أواجه الكثيرين منهم، ولا شك أن الوجود مع أشخاص إيجابيين متحمسين يشعرك بالحماسة والإثارة والإيجابية، أما عندما تكون مع السلبيين محبي الدراما ممن يستمتعون بالركود والتفكير السلبي فإنك تشعر باستنزاف الطاقة، وكأنهم يمتصون طاقتك ويُسهمون في تثبيط عزيمتك، فالسلبي يعطيك عدة أسباب تجعلك تصدق شكوكك ومخاوفك، بينما يمنحك الإيجابي الأفكار المليئة بالإبداع أو على الأقل يُعزز فيك أي إنجاز أو عمل، ويؤكد على وجود حل لكل شيء. وبما أن وقتنا في الحياة قصير لذا يجب علينا ألا نقضيه مع أشخاص سلبيين متذمرين غاضبين، بل مع أشخاص طموحين وإيجابيين يجلبون الفرح والسعادة. الآن قد تتساءل ماذا إن كان مصاصو الطاقة هم النسبة الأكبر حولك، أو أشخاص أنت مُضطر لإبقائهم في محيط حياتك كالشريك؟. سأجيبك: إنه لا حل سحرياً للأمر وليس بإمكانك أن تهجر الجميع أو تبني بينك وبينهم حواجز، لكن بإمكانك أن تكون سيّد نفسك فإن اخترت ألا يتحكم أحد في مخططاتك المستقبلية فلماذا تكون راضياً أن يتحكم احدهم في مزاجك للأسوأ؟!. أخيراً: أنا أدعوك إلى ألا تركز على تعاستك وتوفّر طاقتك لتكون إيجابياً فأنت لن تعيش العمر مرتين. [email protected]
1529
| 30 يونيو 2022
علمونا وما زالوا يكررون "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد" ركزنا على العمل وعدم تأجيله وأصبحنا في صراعٍ وقتي مع الزمن كي ننهي أعمالنا ونكمل أشغالنا ونقطف ثمار عطائنا، تعبنا تألمنا انكسرنا وقعنا وعدنا للوقوف مجدداً بابتسامةِ رضا وثقةٍ بأنه لا بد أن يكون هناك عوض، وبعد التعب سنستريح ونستمتع بما تعبنا لأجله. كل ما سبق صحيح، البعض منا لمس ذلك والبعض الآخر يتأمل خيراً، ولكن هل في سباقك بالحياه تشعر أنك تعيشها أم لا؟! سؤالٌ أكاد أجزم أن الغالبية إن بحثت عن إجابة له ستقف كثيراً باحثةً عن مفردات تفي بالغرض، فنحن نسابق الوقت لننجز أحلامنا ونحقق أمنياتنا ولا شك هي رحلةٌ تمتد حسبما أعطانا الله عمراً وإرادة، لكن خلال هذه الرحلة نمر جميعاً بمحطاتٍ عدة فيها من الجمال كثيراً، ولتفهم ما أقصده عليك أن تتخيل نفسك الآن في رحلةٍ بريةٍ قد يكون الهدف منها استجماما أو عملا أو أي ظرفٍ آخر تختاره أو قد تسترجع رحلةً بريةً قمت بها سلفاً، الهدف كان أن تصل لذاك المكان بعد قطع مسافةٍ زمنيةٍ قضيتها قاطعاً الكثير من الكيلومترات، وصلت وأمورك جيدة فهل تتذكر أنك استمتعت بالمسافة التي قطعتها أم فقط مرّت عليك دون أن تنتبه لما فيها من جمال طبيعةٍ مثلاً، هكذا حياتنا بالضبط، فالكثير منا يضع أمامه هدفاً ويبذل قصارى جهده وسنوات عمره لتحقيقه لكنه لا يعيش حياته بمتعة الأشياء التي توافرت أمامه دون إلحاحٍ منه أو بحثٍ وكأنه آلةٍ مبرمجةٍ عليها أن تُنجز تلك الفكرة التي عُبئت في ذاكرتها الرقمية. مثال آخر قد يكون مر بيوميات أحدكم، مناسبةٌ سعيدةٌ تجمع الأهل أو الأصدقاء، تجد أصحاب هذا الحدث الذي يُفترض أن يكون سعيداً يتأكدون من التفاصيل لدرجة أنهم لا يجدون الوقت للاستمتاع مع ضيوفهم، فهل الضيافة اكتملت وهل جدول الحفل تم تنفيذ تفاصيله وهل ملابسنا متناسقة؟ وماذا عن الإضاءة؟ هل هي كافية؟ وماذا لو تأخر وصول بعض استعدادات المناسبة أو طلب الطعام ووووو. السؤال: بعد هذه المناسبة التي تم تنفيذها وانتهت على أكمل وجه، هل تتذكرون أنكم استمتعتم خلالها بالضحكات العفوية وبالفرح النابع من القلب كما لو كنتم أطفالاً تملأهم البراءة !! قد تكون الإجابة نعم وقد تكون أننا التفتنا بقلق على منغصاتٍ لم تكن موجودة بل اخترعنا وجودها قلقاً وتغافلاً عن اللحظة الجميلة. حياتنا أغلبها هكذا، لا شك أننا نتجاهل أو ننسى أن نحيا الحياة ونحن نعيشها، ألم يقل الشاعر محمود درويش: «وأنت في طريقك للبحث عن حياة، لا تنس أن تعيش».. تلك الوصية الخالدة التي تُعلمك أن الحياة رحلة وليست غايةً، إنها الحقيقة فعندما يتعلق الأمر بالحياة فإن طريقة الوصول إلى الهدف لا تقل أهمية عن هدفك نفسه، أن تعيش حياتك على أكمل وجه هي عملية من شأنها أن تستمر مدى حياتك. لا تشعر بالإحباط إذا أخذت بعض الوقت لتعلم بعض الأشياء، أو إذا واجهت بعض الانتكاسات. فهذا جزء طبيعي من الحياة، ففي ظل ما نضعه من أهداف أمامنا وما يُتوقع منا أن ننجزه من عائلاتنا أو عملنا أو محيطنا العام نميل إلى الإملاء على أنفسنا بأننا "ينبغي" أن نفعل هذا وننجز ذاك، بينما كلمة "ينبغي" يمكن أن تؤدي إلى كثير من الحزن وعدم الرضا، لذا فالتخلص من مثل تلك الإملاءات ونبذها من حياتك سيساعدك أن تحيا الحياة على نحو أمثل. اسأل نفسك الآن وبعد أن أتعبك السير والجري حتى انقطع نفسك في كثير من الأحيان (سنواتك التي باتت خلفك فيما أفنيتها، وساعات الرحلة هل بقي منها ذكريات تدفعك للابتسام على الأقل أو الحديث عنها وأنت مبتهج؟!) أخيراً،، عش حياتك ولا تستكثر الفرحة على نفسك ولا تخبئ الفرح ليومٍ قد يتأخر موعده كثيراً أو يمضي العمر دون أن تحياه. [email protected]
4230
| 23 يونيو 2022
اعتدنا أن نشير للعقل بالذكاء، نفكر نخطط ونحفظ ومن خلاله يمتهن البعض عملية التنظير على الآخر، وقد تبدو الفكرة منطقية فأنا لم اضف ما هو خارق حتى ختام هذا السطر، فكما نشير للعقل بالمنطق والعقلانية فإننا نشير للقلب بالعواطف وتغليبه للمشاعر في مواجهة الأمور، ولكن ان كان الوعي مرتبطا بالعقل وابجديات الفكر الا ان ذكاء القلب هو مستوى أعلى من الوعي الذي ينشأ عندما تكون قادرا على دمج الذكاء البدني والعقلي والعاطفي والروحي. انا هنا لا اقدم دعوة لنبذ العقل وإنما للتصالح بينه وبين المشاعر التي بدونها قد يدفع العقل صاحبه لاقتراف الآثام والكوارث، لذا على قلوبنا أن تعرف عالم العقل وعلى عقلنا أن يتخذ قلباً واعياً دليلاً له، والحقيقة ان عبارة (ذكاء القلب) اثارت حفيظتي كثيراً حين سمعتها ففي البداية استغربتها ثم شعرت بمبالغة رنينها في اذني ثم بحثت في معناها وان كان هذا المعنى جزءا لا يتجزأ من تركيبتنا الإنسانية، لكن وقع العبارة كان له صفة الفخامة. في رواية “الخيميائي” التي قرأتها عدة مرات كان “ باولو كويلو” ينصح بالإصغاء للقلب قائلاً: حيث يكون قلبك يكون كنزك، وأنك لن تتوصل أبداً إلى إسكاته، حتى لو تظاهرت بعدم سماع ما يقوله لك، سيبقى هنا في صدرك ولن ينقطع عن ترديد ما يفكّر به حول الحياة والكون”. الحقيقة ان بعض العبارات او الأفكار نقرأها ونُعجب بها او قد تترك اثرها على ذواتنا لكننا لا نغوص كثيراً فيما تحمله من معانٍ بين سطورها، انه العمق الذي يلامس أرواحنا التي استسلمت للعقل المجرد من مسحة إحساسٍ بسيطة. أعود لعبارة “ ذكاء القلب” التي قد يراها البعض في الطيبة التي قد تُخالف أحيانًا منطق العقل، وهي التي تحملنا على أن ننسى الفروق الاجتماعية ونذكر أننا سواء في القيم البشرية، لكل منا مهما حقرت مكانته الاجتماعية أو كرامته البشرية، فمع مُسلّمات العقل تبدو الصورة مؤطرة بشكلٍ انيق لكنه لا يعكس احساساً يُرى بعين القلب، ألم تسمع يوماً احدهم يقول (اشوفك بعيون قلبي) وهل كان للقلب يوماً عيون غير تلك التي تتربع في وجوهنا !! إذاً فللقلب ذكاء له حساباته المختلفه عن حسابات ذكاء العقل. اذاً ليس الذكاء هو الشيء الهام بل ما يوجه هذا الذكاء كالنبل والطبع الانساني والقلب المتصالح، فلا تستهينوا بقلوبكم ابداً. وإن أراد البعض ان يستند على ما جاء علمياً، فالعلماء يتحدثون اليوم جدّياًّ عن دماغ موجود في القلب يتألف من 40000 خلية عصبية أي أن ما نسميه "العقل" موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل به، وهو جلّ وعلا قد قال في كتابه الحكيم ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ) [الأنعام: 179] والحقيقه ان كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعاً للمعلومات، والأحداث، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب الذي يحمل دوراً مهماً في العلم والتعلم، حتى ان العلماء أشاروا فى نتائجهم إلى أن القلب يفكر ويعقل ويفهم ويتذكر، مشيرا إلى أن معهد رياضيات القلب الأمريكى خرج بنتيجة تؤكد أن للقلب دورا مهما فى العواطف والأحاسيس والإدراك والتعلم، وأن له مجالا كهربيا أقوى من المخ بكثير، كما أنه مسؤول عن توجيه المخ وأجهزة الجسم لأداء عملهم. بالمقابل يحتار الناس كثيرا حين يتخذوا قراراتٍ بقضايا مصيرية في الحياة كالوظيفة والزواج فيحسبون الأمر إما بالمنطق والعقل، أو أنهم ينصاعون إلى ما يريده القلب، وترتاح له النفس، لأننا اصبحنا نعلم ان للقلب ذكاء فعلينا ان نوازن بين الاثنين وكما نقول نمسك العصا من المنتصف. اذاً ذكاء القلب هو تدفق الإدراك والفهم والحدس الذي نختبره عندما يتم إحضار العقل والعواطف في محاذاة متماسكة مع القلب الذي يمتلك نظامًا عصبيًا معقدًا وجوهريًا وهو الدماغ. أخيراً،، كثيراً ما يصبح القلب في حالة تفكيرٍ والعقل تحت تأثير حالة حب. الإعلامية ابتسام الحبيل [email protected]
3636
| 16 يونيو 2022
ما دام الإنسان إنساناً فإنه مُنحازٌ وينحاز لجهةٍ ما، قد يكون في تلك الجهة مبدأ أو قناعة أو عقيدة ما أو مشاعر معينة، فالإنسان بطبعه يتخذ موقفاً من الوجود والأحداث والآخرين فيبدأ عنده الانحياز، المشكلة تكمن في ان الواحد منا حين ينحاز فإنه يؤمن بما انحاز له بغض النظر عن صحة أو خطأ ذلك، فمثلاً اذا انحازت مشاعرنا لشخصٍ ما نراه افضل الناس وان كانت عيوبه عديدة وان حملنا مشاعر غضب أو كره نحو احدهم تغاضينا عن مميزاته التي قد تكون عديدةً ولا تُحصى بمعنى (اذا حبّتك عيني ما ضامك الدهر) هذا المثل الخليجي الذي نتفاخر به اذا فضلنا شخصاً رغم علمنا بعدم استحقاقه لهذا التفضيل أو المكانه أصبح لدى البعض بمثابة قاعدةٍ حياتية "للأسف". ودعونا نتفق بعد هذه البداية التي نتشابه فيها انه لا يوجد انسان بلا موقف مبدئي وبلا انحياز اخلاقي او عقيدي ودون مسلّمات اولية تحدد له من يحبه ممن يعاديه بلا حب أو كره أو تأييد ومخالفة، والسؤال هل ينطلق الانحياز من مشاعرنا فقط دون ان يتحكم في توجهاتها العقل والمنطق. لكلٍ منا معيار يفرز التصرفات والأقوال ويحكم بينها، اذا جميعنا لا تسلم عقولنا البشرية من "الانحياز التأكيدي" نعم، نعم انا مثلك توقفت كثيراً لأعي معنى ما حُدد بين قوسين، فهو الميل للبحث عن تغيّر وتذكّر المعلومات بطريقةٍ تتوافق ومعتقدات او افتراضات الفرد، بالمقابل لا يولي انتباهاً مماثلاً للمعلومات المناقضة لها وهو بالضبط ما نمارسه يومياً من عادات متجذرة في شخصيتنا كالثقة المبالغ فيها بالمعتقدات الشخصية مقابل تقويتها في وجه الأداة المعاكسة لها. ولو عدنا لذواتنا قليلاً سواء كنا شباباً أو جاهدنا السنوات وأجهدتنا فجميعنا نعتقد ان افكارنا ومعتقداتنا نتاج سنوات الخبرة والتحليل الموضوعي للتفاصيل المتوفرة لدينا وقد نرفض بشكلٍ قاطعٍ الاعتراف ان عواملَ عديدةٍ تلعب دوراً في تشكيل افكارنا وتكوين معتقداتنا، فمثلاً في عالم الرياضة وتحديداً في كرة القدم وبدافع التعصب لفريق رياضي نرفض رفضاً قاطعاً الآراء المشككة في بطولاته واداء نجومه ونفضل ان نتذكر انتصاراته مع تجنّب عثراته بل وتحليل واقعه بناءً على انحيازنا المبني على مشاعر اعتزازنا بهذا الفريق أو انتمائنا له. كم واحدٍ منا الآن وهو يقرأ ركّز تفكيره على ما ينحاز اليه من فكرةٍ او معتقد او حتى مشاعر خاصةٍ تجاه شخصٍ ما في محيطه؟ اذاً افكارنا ومعتقداتنا تستند غالباً على الاهتمام والإيمان بمعلوماتٍ تدعم افكارنا المتواجدة من قبل وبالمقابل نميل لتجاهل المعلومات التي تتحدى وتعارض معتقداتنا القائمة. انا اعلم الآن انك تضرب اخماساً في اسداس وتحاور نفسك بصوتٍ اشبه بالهمس يقول وما المشكلة في ان اكون شخصاً منحازاً ؟! لا يا عزيزي القارئ فهي ابعد من ذاك فحين ننظر للموضوع بتأثيراته الكبيرة لا التفاصيل الصغيرة نعي ان التأثيرات ستمتد للمجتمع فعلينا اذاً ان نقر بأننا مصابون بالانحياز التأكيدي او قد نُصاب به فهذا الإقرار يساعدنا على التعامل معه بطريقةٍ واعية لنكون اكثر انفتاحاً على اختلافاتنا وتعايشنا وعليك ان تكون حيادياً لا منحازاً والحياد هنا في الحكم بالمنطق لا التفكير به فقط. ولعل الانفتاح الرقمي الذي جعل العالم قريةً صغيره عبر تصفح الإنترنت يلعب دوراً في ترسيخ انحيازاتنا التأكيدية وقد تتساءل عزيزي القارئ ما علاقة الانترنت بسطوري !؟ لا بأس من حقك السؤال وواجبي ألا أترك باب التساؤل مفتوحاً على احتمالاتٍ لا تُحمد عقباها. اذاً فالمشكلة تكمن اننا اعتدنا البحث عما يؤكد قناعاتنا المسبقة فقط أو متابعة ما يتوافق مع افكارنا ومواقفنا، وكأننا نبحث عن ملاذٍ آمنٍ يحمي قناعاتنا الشخصيه فنحن وللأسف نؤمن اننا على حق مطلق في جميع الموضوعات مما يجعنا معرضين اكثر للوقوع في فح الانحياز التأكيدي وهو ما يسبب الكثير من خلافاتنا الفردية والجماعية. بالتالي علينا أن نقرر بعزمٍ ألا نبقى سجناء اعتقاداتنا وآرائنا المبنية على انحياز مباشر قد يكون ظالماً أو غير منصف. أخيراً.. لنتحرر من مأزق التحيّز والانحياز. [email protected]
1501
| 09 يونيو 2022
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4602
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3402
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1524
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1119
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
768
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
750
| 02 أكتوبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
663
| 05 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
633
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
624
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل