رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اعتذار للمتنبي

مع كل عيد لا يفارقني ما قاله المتنبي في قصيدته الشهيرة: «عيد بأية حال عدت يا عيد... بما مضى أم بأمرِ فيك تجديد» «أما الأحبة فالبيداء دونهم.. فليت دونك بيداً دونها بيد» طبعا تتداعى ذكريات الأعياد التي يمكن أن تملأ كتابا كاملا لمن هم في عمري. الآن ليس بيننا وبين الأحباء بيداء ولا بيد. لقد أصبح العالم هاتفا نقالا ترى فيه من تشاء من الأحباء، مهما ابتعد عن البلاد وعاش في الغربة، هو أو أنت، فتفوز بكثير من الصبر. صار البعد الحقيقي هو في مفارقة الحياة نفسها. لكن هذا الفراق أكثر من غيره يمكن تقبله، باعتبار أن هذه إرادة الله، وإن كان الكثيرون من الأحباء يلحقون بأحبائهم بسرعة من فرط الألم، خاصة من عاشوا معا سنينا طويلة عامرة السعاد والهناء. لكن لأنه العيد، ابدأ في التمني لكل الناس حياة أفضل، ولغزة يوما قريبا نرى فيه إسرائيل تعاني تفسخها من الداخل، وتُفتح أبواب الحساب لمن قاموا من حكامها بهذه الإبادة الجماعية للفلسطينيين، الذين اعتبرهم القاتل نتنياهو قبائل العماليق، وهي القبائل التي تصدت لليهود في فلسطين بعد خروجهم من مصر، في رؤية التوراة التي لا أثر لهم منها في مصر أصلا. هي جانب يتعلق بالإيمان لا العقل، أزادوا فيه، وصنعوا أساطيرهم سنوات السبي البابلي لهم. رغبتي ككاتب كثيرا ما تدفعني أن أبتعد عما حولي، باحثا عن السلام النفسي لبعض الوقت، ليس هروبا من أي مسؤولية. تذكرت قصيدة المتنبي التي تشجعني على الدخول إلى المشاعر الإنسانية العظيمة. لكن ما حولي يقفز إليَّ كل ساعة، مع حديث الناس في جلساتهم، ومع كل رغبة أو حركة. بعيدا عن غزة والقضية الفلسطينية التي صارت جرح أصحاب الضمائر في العالم، فحول الناس كثير مما يدفع للحيرة والأسى في حياتهم اليومية في مصر. فمهما ابتعد الإنسان عن السياسة، لن يستطيع أن يعيش مضربا مثلا عن الطعام، الذي هو أبسط المطالب، تأخذك أسعاره للتفكير، هل هذه القفزات الفلكية طبيعية. لقد صارت الألف جنيه في قيمة الخمسة جنيهات منذ خمسين سنة، وفي قيمة العشرة جنيهات منذ ثلاثين سنة. أخشى أن يحسبني أحد مغاليا حين أقول، إنه حتى منتصف السبعينيات، كنت تستطيع أن تدخل مطعما فاخرا، تأكل ربع كيلو كباب، وتدفع خمسة وعشرين قرشا. لو فعلت ذلك الآن في أقل مطعم ستدفع مائتين وخمسين جنيها. لن أحدثك عن بقية الأطعمة فلن يتسع المقال. لكن أدهشني إعلان بعض المحلات عن استعدادها لبيع كعك العيد بالقسط، لمن لا يستطيع دفع الثمن الذي وصل لمائة وخمسة وسبعين جنيها للكيلو جرام. تذكرت مظاهراتنا في يناير عام 1977 حين كنا نهتف «سيد مرعي يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه» والحقيقة أنه كان بخمسة وسبعين قرشا، لكنا جعلناه بجنيه لزوم القافية في النداء. سيد مرعي كان وقتها رئيسا لمجلس الشعب. زيادة الأسعار القائمة الآن حدثت بالتدريج طبعا، لكنها قفزت في العشر سنين الماضية قفزتها الكبرى. ليس لي غير الاعتذار للمتنبي، فلقد أخذتني الأحوال إلى السياسة بعيدا عن المشاعر الإنسانية العظيمة في قصيدته. ما ذكرته يطرح السؤال الغائب: أليست هذه الزيادة الجنونية في الأسعار دافعا للمواطن العادي لأن يتحدث في السياسة. الحصار قائم على الأحزاب والنقابات، لكن المواطن العادي يجد فرصة للحديث في السياسة لا يمكن محاصرتها، وأخشى أن تكون الفوضى هي تجلياتها. لا يكفي أبدا رضا من يروجون للنظام الحاكم. علامات السخط أكبر، لمن شاء أن يعرف أين تقف البلاد.

1572

| 11 أبريل 2024

دموع الحب ودموع الحرب والدمار

«رأى أمامه فضاء واسعا. لا طيور في السماء والأشجار كلها مخلوعة من جذورها ممددة فوق الأرض. لكنه كان يمشي وتزداد قوته. قابلته فتاة صغيرة. - من أنتِ أيتها الجميلة؟ - لا أعرف. ومن أنت أيها الجميل؟ - لا أعرف. هل تذكرين من أين أتيتِ؟ - لا. هل تذكر أنتَ؟ - لا. - وماذا سنفعل؟ ليس أمامنا إلا أن نعيش معا. - - أين وكيف؟ - نبني عشا من فروع الأشجار نعيش فيه، وننجب البشر من جديد. - هؤلاء الذين كانوا معنا من قبل؟ - ماذا يمكن أن نفعل غير ذلك؟ - يمكن أن تمضي في طريقك وأنا في طريقي، لا نريد قصصا للحب تكتبها الدموع» في أشهر الكورونا التي أرجو أن لا تعود، كانت عزلتي في البيت مثل غيري، فصرت أكتب نفحات من العزلة، وكان من بينها ما قدمت به المقال. ذكرني بها الفيسبوك منذ أيام فتأملتها وتساءلت. هل هي قصص الحب فقط كتبتها الدموع، أم هي قصص البشرية كلها بين حروب وموت ودمار؟ لم يبق من أعمال البشر غير الفنون والآداب والاختراعات العلمية. أي ما يفيد الروح والعقل، لكن ما يفيد الجسد من طمع أو الحكومات من شره، يمضي كله هباء. لن أذكركم بما فعلت الإمبراطوريات القديمة، ولا في العصر الحديث، من غزوات لم يبق منها مثل ما بقي من كتابات الإنسان عن الآلهة والعدل في الدنيا ويوم الحساب. تخيل أنت لو لم يكتب المصريون القدماء أو البابليون أو غيرهم، قصص الآلهة، ثم بعد ذلك حين جاءت ديانات التوحيد من السماء وكتبها البشر في أوراقهم، هل كنا سنعرف شيئا عن الأديان؟ كثيرون جدا ممكن كتبوا عن العدل في هذا من مفكرين وأدباء، تم قتلهم من الحكام الجائرين في الغرب والشرق سواء. فإذا ساد الظلم فاعرف أنه ليس من الأديان، لكن ممن يفسرونها من شيوخ السلطان الذين لم يخلُ منهم التاريخ في كل الأديان. الإنسان الذي دوَّن الأديان دوّنها بفطريتها إذا جاز التعبير، لكن ما جرى من تفسير واختلاف وصل لتبرير الظلم، هو من صنع الساسة والسياسة ومن يمشي في ركبهم. إذن ليست قصص الحب فقط تكتبها الدموع، لكنها قصة البشر الذين وهم يبحثون عن المدينة الفاضلة، ظهر من بينهم من يفسدها بأطماعه وقوته. لماذا إذن هاتفني الحب فقط مع الدموع ذلك اليوم؟ بقليل من التفكير أدركت اختلاف الدموع. في قصص الحب التي تنتهي بالفراق، تتجسد التراجيديا التي تجعل الشاعر يخاطب الأرض التي مشت عليها حبيبته، والمنازل الخاوية بعد غيابها، وتستطيع أن ترجع إلى قصص الحب العذري العربية لقيس وليلي وجميل وبثينة وعنتر وعبلة وغيرهم. أو قصص الحب في الغرب مثل قصة الفارس لانسيلوت فارس الملك آرثر في بريطانيا، وقصة حبه لجوينيفر زوجة الملك وغيرها كثير. هل كنت حين كتبت ذلك بعيدا عما يحث حولي في العالم. لم يحدث يوما. عشت أعرف واستقر في روحي أن طريق البشرية لن ينتهي من سوءاته، لكن أبشع الجرائم تمضي هباء مهما كلفتنا من دموع، بل تذهب بها الدموع وهنا الاختلاف. قصص الحب وحدها تملأ الفضاء مهما مر بها من آلام، ولو تزوج الرجل الذي قابل الفتاة وحدهما كما كتبت في عزلتي وأنجبا بشرا، سيعود التاريخ بوجهيه. الجشع من ناحية والحب من ناحية. سيدفع المجرمون ثمن جشعهم، وتذهب الدموع بالجرائم، ويبقي المحبون على قمة الحكايات يبنون بدموعهم ماتهدم من بيوت وحدائق، ويعيدون أجمل الذكريات.

1689

| 04 أبريل 2024

السادية ولا تفسير

السادية مرض نفسي يجد المصاب به لذة فائقة في تعذيب الآخرين. انتقلت من ممارسات الفرنسي ماركيز دي ساد الجنسية ورواياته، إلى الحياة في عمومها. صارت صفة لمن لا يستمع في العمل لرأي غير رأيه، ويهين المخالفين، ويمارس عليهم القهر بسلطته. أو قد تجدها في بعض البيوت حين تعرف أن الزوج شديد القسوة على زوجته أو أطفاله، ويستمتع بذلك. أن تجدها في بعض الحكام فهو أمر على طول التاريخ، ينتهي بصاحبه أسوأ نهاية، مهما طال به الزمن!. منذ ثلاثة أيام أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف الحرب في غزة خلال شهر رمضان. صدر القرار بينما وصلنا إلى منتصف رمضان. تاريخ إسرائيل مع قرارات مجلس الأمن هو تاريخ الإهمال لها وعدم الاستجابة. لكن صدور قرار بعد أكثر من فيتو من قبل من أمريكا، أثار مناقشات قليلة، مثل أن امتناع أمريكا عن التصويت يعد بشكل أو آخر دعما للقرار. ومثل أن موقف أمريكا من القرار محاولة من بايدن أن يكسب الانتخابات القادمة، خاصة أن الشارع الأمريكي يغلي بالمظاهرات، ضد ما يحدث في غزة من إسرائيل، ودعم أمريكا العسكري لها. هذا تفسير أفضل. لكن السؤال الغائب عن إسرائيل والدول المساندة لها، هو كم يوما مر الآن على الإبادة الجماعية لغزة وأهلها. أكثر من مائة وسبعين يوما لم تحقق فيها إسرائيل هدفها. فلا حماس انتهت، ولا أهل غزة رحلوا منها ولن يرحلوا. هكذا قرر أهل غزة منذ اليوم الأول. الذين يعبرون إلى مصر أعداد قليلة أغلبها أو كلها من المرضى. لن أكرر ما فعلته إسرائيل في المباني والمستشفيات وغيرها فهو لا يخفى على أحد. ولا ما ترتكبه من خطايا في حق المسجونين أو المعتقلين أو النساء أو الأطفال، فلا شيء يخفى كما قلت على أحد. السؤال الذي يأخذنا إلى السادية هو، هل حققت إسرائيل هدفها بعد هذه المائة والسبعين يوما، على بدء عملياتها البشعة، التي تضيق ألفاظ القبح والبشاعة في اللغة العربية، وأي لغة، عن وصفها. لماذا لا يسأل حكام إسرائيل أنفسهم كيف ضاع كل هذا الوقت دون أن يحققوا هدفهم في إفراغ غزة من أهلها. أعرف أن هناك صراعا على الحكم بين نتنياهو وحزبه والأحزاب الأخرى، فهل استمرار نتنياهو وحكومته في هذا الإجرام ليحصل مثلا على نصر، يعفيه من الحساب يوم يترك الحكم. هذا بالطبع وارد جدا في تفسير الأمر فيما يخصه، وما يخص كل مساعديه في الحكومة. لكن للمسألة جانبا آخر هو السادية. ما يفعله هذا القاتل ومن معه هو السادية في أكبر تجلياتها، لأنه لو أعمى، فليس أطرش ليعرف عدد الأيام التي مضت دون أن يحقق نصرا. الأمر نفسه في بايدن الذي يمارس ساديته على شعب بعيد، يعرف جيدا أنه لا يملك العتاد ولا السلاح الكافي، في مواجهة إسرائيل. أن تستمر مائة وسبعين يوما تشن حربا لا فائدة تُرجى منها، ليس إلا سادية. ومرضا نفسيا لا تصلح السياسة لتفسيره. الأمر لا ينطبق على بايدن فقط من خارج إسرائيل. في البداية كنت أقول إن دولا مثل انجلترا وفرنسا وألمانيا، تكفر عن ذنوبها في معاداة السامية بالطريق الخطأ، والآن أقول وقد طال الوقت بلا فائدة لهم، إنها دول رُزقت بحكام مرضى نفسيين، السادية علامتهم. لا يدرك هؤلاء أن الفلسطينيين ليسوا مازوخيين ليستمتعوا بما يُمارس عليهم من جرائم. كما لم يمارسوا السادية على أي ممن اعتقلوهم من الإسرائيليين. الفلسطينيون لا يفرحون بتعذيب غيرهم، لكن فرحهم ظاهرا أو خفيا، هو في التمسك بأرضهم.

1875

| 28 مارس 2024

المبدعون والإيمان

شاع كثيرا أن المبدعين بعيدون عن الإيمان. في حوار تلفزيوني قصير سألني المحاور ما هي علاقتك بربنا؟ قلت لم يغادرني الإيمان منذ الطفولة. وحكيت له كيف كان والدي وأنا في حوالي الخامسة من عمري في أزمة في عمله ستنتهي بالفصل، بسبب ضياع بعض أشياء من مخازن العمل ولا يعرفون الجاني. كان أبي متدينا بسيطا وكانت قراءة القرآن هي كل بهحته. في تلك الليلة كنت نائما جواره فوق السرير، وكان يردد أسماء الله الحسنى. حين جاء اسم «اللطيف» توقف عنده، وصار يردده بقوة وشجن، وأنا يقظ جواره، فإذا بسقف الغرفة ينشق ويهبط منه طائر يرفرف علينا، ثم يطير ويعود السقف كما كان. أصابني الرعب وألقيت بنفسي على صدر أبي وأنا أصرخ، فهدهدني وقال لي لا تخف، هذه علامة خير من الله. في اليوم التالي ذهب أبي إلى العمل فوجدهم قد قبضوا على الجاني وانتهت القصة. هذا شيء لم أحلم به ولم أتخيله، لكني رأيته، ومن يومها وإيماني بالله قائم. أعداد غفيرة احتفت بحديثي، وقليلون جدا اعتبروه وهما وخرافة. شجعني هذا أن أتوسع قليلا في الحديث عن الإيمان هنا والآن. لقد درست الفلسفة وعرفت اتجاهات الفلاسفة، ومن هو ملحد ومن هو مؤمن، وانتميت يوما إلى اليسار خاصة بعد هزيمة 1967 وأنا بعد في العشرين من عمري، لكن وجود الله لم يبتعد عني أبدا. من التاريخ عرفت كيف أدرك قدماء المصريين وجود الله ويوم الحساب، أو الخروج إلى النهار، وكيف كانوا يدفنون مع الميت أشياء يحبها، حتى إذا استيقظ يوم الحساب وجد معه ما يحبه. كيف بنوا الأهرامات مدافن الملوك محدبة النهاية ليسهل انطلاق الروح إلى السماء. الإيمان عقيدة راسخة عند المصريين من قديم الزمان. حين جاءت المسيحية إلى مصر لم يقاومها المصريون وآمنوا بها، ونالهم من التعذيب الكثير جدا حتى آمن بها الرومان أنفسهم حكام مصر. حين دخل المسلمون مصر لم يقاوم المصريون الإسلام أيضا. السبب في الحالتين هو أن التوحيد عرفه المصريون قبل الأديان السماوية مع إخناتون، الذي جاءت بعده اليهودية أول الأديان السماوية. ثورات وانتفاضات المصريين ضد الحكام المسلمين، كانت لأن الجزية كثيرا ما تحولت إلى جباية يتم جمعها بلا استحقاق، لكن لم تكن ضد الدين. عاش المسلمون وما بقي من الأقباط في سلام اجتماعي فلم نسمع يوما عن حرب طائفية بينهم. حاول بعض الحكام إشعال هذه الفتنة لكنهم فشلوا فيها دائما. في طفولتي في مدينة الإسكندرية رأيت الجميع، مسلمين وأقباطا، يحتفلون بأعياد الأولياء وأعياد المسيحيين معا أمام المساجد والكنائس وأحيانا داخلها. المهم أنه شاعت حكاية أن المبدعين كثيرا ما يكونون ملحدين، وهي شائعة قد تكون غير مقصودة وساذجة، لأن الكتّاب يعرفون أن مصدر إلهامهم هو السماء وما فوقها. حتى لو عاشوا حياة بها صعلكة وخروج عن المألوف، فالحياة ليست الإبداع. الإبداع ساعات من الوحدة مع الله والإلهام، لا يعرفها إلا من كابدها. الإيمان ببساطة شديدة هو أسهل طريق لتحمل الظلم والطغيان، فيكفي للضعيف قول حسبي الله ونعم الوكيل حين يعجز عن الحصول على حقه وتستمر الحياة. والإيمان من أبسط تجلياته أنه «لا بد من يوم معلوم تترد فيه المظالم». لقد أدرك المصريون ذلك وصار يوم الحساب، هو اليوم الذي لن يهرب فيه أحد من العقاب، حتى لو هرب منه في الدنيا. فالإيمان بالله ليس وهما ولا خرافة، لكنه أعظم طريق لتستمر الحياة بأكبر قدر من العدل والمساواة.

741

| 21 مارس 2024

أوديب في الطائرة

علاقتي بقراءة الرواية الآن تختلفت عن ذي قبل. أقرأ في الكتب الفكرية أكثر في محاولة للإمساك بالعقل أو استعادته وسط ما حولي. لكني تشجعت لأقرأ رواية «أوديب في الطائرة» للكاتب الكبير محمد سلماوي لأكثر من سبب. الأول أنها رواية قصيرة أو «نوفيللا» في مائة وعشرين صفحة من القطع الصغير. الثاني أن كتابات محمد سلماوي في الرواية قليلة، فهو متعدد الاهتمام بين الرواية والمسرح، فضلا عن أنه يغامر في موضوعاته وشكلها. الثالث هو المودة القائمة بيننا عبر السنين ولا أخجل من قول ذلك. الرواية صادرة منذ أسابيع عن دار «الكرمة» للنشر بالقاهرة. عنوانها جاذب يوحي بمغامرة جديدة وهي كذلك فعلا. تبدأ في الفصل الأول بأوديب في الطائرة يصل إلى مطار السجن الحربي، وينتظره الجنرال «ديتر» رئيس أركان الجيوش، لكن أوديب لا ينزل. ينزل حارسه الشخصي ويخبر» ديتر» برفض الملك أوديب النزول. صار أوديب في عصرنا الآن، وهذا هو جديد الرواية المثير. نمشي معها حتى الفصل الأخير، الذي فيه ينزل أوديب موافقا على أن يدخل السجن الحربي. بين الفصل الأول والأخير نعرف أن ما حل بطيبة من لعنات بسبب الطاعون والفساد، جعل الشعب يخرج في مظاهرات ضد أوديب، ولا يتنازل عن خلعه من الحكم. تدور الأحداث والنقاش بينه وبين رجاله في ذلك، وبصفة خاصة كريون رئيس الجيوش وأخو جوكاستا زوجته وتوبياس رئيس مجلس الشوري. يحتل الحوار معهم وخاصة كريون مساحات مهمة، فنعرف كيف أن أوديب هو صاحب «الضربة الأولى» على إسبرطة وهو الذي هزمها، بعد أن كانت سبب بلاء طيبة. لا يعرف سببا لما أثار المظاهرات ضده في البلاد غير من حوله الذين يعتبرهم قد خانوه، وهنا يظهر تريسياس كاهن معبد أبولو في الأسطورة، الذي يريد أيضا من أوديب أن يستجيب للعقاب فهو سبب اللعنة، ويراه أوديب عجوزا مخرفا. يرون أن على أوديب انتظار قرار زيوس كبير الآلهة، في المعبد الذي يطل على أكبر ميدان للتظاهر. يأتي القرار حاملا الأسباب القديمة للأسطورة، أن أوديب قتل أباه لايوس وهو لا يعرف، وتزوج أمه جوكاستا وهو لا يعرف، وأنجب منها ابنتيه، ومن هنا جاءت اللعنة التي حلت بالبلاد. خلال ذلك يأتي الميدان وقصة حب «هيباتيا» و»بترو» وزواجهما في الميدان – حدث ذلك كثيرا أثناء ثورة يناير- وكيف أنجز بترو فيلما وثائقيا عظيما عن الثورة والثوار، وتم المونتاج له في معمل تصوير ليون. أحالني اسم ليون إلى المصور الأرمني فان ليو، الذي كان له استوديو للتصوير في وسط القاهرة قريبا من ميدان التحرير، وكان اسمه الحقيقي ليون بويادجيان، وصور عظماء الفنانين. يقع استوديو ليون في الرواية قريبا من الميدان الكبير للأحداث، أو ميدان التحرير في ثورة يناير أيضا. تنتهي الأحداث التي وقف فيها الكاتب عند حوارات مهمة بين الجميع، بموافقة أوديب أن ينزل بالسجن الحربي. هنا يثور السؤال. في أسطورة أوديب كان مقدرا له مصيره منذ البداية، وفيها تنبأ تيريسياس أنه سيولد لحاكم طيبة لايوس ابن يقتله، ويتزوج زوجته التي هي أمه دون أن يعرف. وهذا يتحقق هنا. فهل تغفر الرواية للديكتاتور المعاصر، لأن ما جرى كان مقدرا له. ربما أيضا تقول إنه رغم القدر، فلابد من نهاية للديكتاتور. مغامرة أن يمزج الكاتب بين أوديب والديكتاتور حقا، لكنها مغامرة تستحق الوقوف عندها، خاصة أن بناء الرواية وتتابع فصولها، أو مونتاج هذا التتابع، يقدم لك عملا فنيا مثيرا شهيا في قراءته.

612

| 14 مارس 2024

أهلا رمضان.. كيف ولماذا..

لن أحكي ذكرياتي عن شهر رمضان الكريم، فلقد حفلت بها رواياتي منذ وعيت طفلا لأجد الاحتفالات في الإسكندرية في المساجد والكنائس أيضا، والجيران المسيحيين مع المسلمين يتناولون الإفطار معا، أو تقدم الجارة المسيحية لجارتها المصرية شيئا جميلا من الطعام قبل الإفطار. كذلك سهرات المقاهي ومراكز الثقافة والسهر حول المساجد، لمشاهدة الألعاب وسماع التواشيح والغناء ومشاهدة فرق الرقص الشعبي. كل هذا لا يزال باقيا. يتساءل البعض على السوشيال ميديا كيف سيكون الاحتفال برمضان هذا العام وما يحدث في غزة من مذابح للبشرعلى أيدي الصهاينة ومن والاهم، في الوقت الذي أيضا ارتفعت وترتفع فيه الأسعار لكل شيئ في مصر، وبصفة خاصة المأكولات والأطعمة، حتى أني قرأت نكتة لطيفة أن من يقوم بعمل عزومة إفطار لآخرين، لابد من القبض عليه وسؤاله من أين لك هذا. كل شيئ حولنا يشي بأن رمضان هذا العام قد يكون مختلفا، وقد يظلله الصمت حزنا علي ما يحدث في غزة، أو عجزا عن الاحتفال والدعوات للسهر أو الإفطار أو السحور لارتفاع الأسعار المجنون. ناهيك عن من لا يزالون في السجون المصرية بتهم فضفاضة مثل الانتماء لجماعة محظورة، وفقا للقانون البشع، وأعني به قانون الحبس المفتوح، الذي يتيح الحبس عامين بلا محاكمة، تتجدد دائما إلى عامين آخرين، وهكذا يتحول السجن إلى طريقة للموت البطيئ. ربما لا يشغل هذا كل المصريين لكنه يشغل فئات كثيرة منهم، أولها عائلات المحبوسين، ثم النشطاء السياسيين، وكثيرا من الغاضبين مما يحدث، وتزخر السوشيال ميديا بغضبهم وتعليقاتهم. يتمني الجميع خروجهم مع رمضان وأتمنى أنا ذلك، وأرجو أن لا تذهب الأمنيات كالعادة إلى الفضاء. رغم كل هذا سيحتفل المصريون بالشهر الكريم. ليس لأنهم ينسون ما يجري، ولا لأنهم تعودوا عليه، لكن لأن هذه الاحتفالات على طول التاريخ، كانت ولا تزال أكبر مشجع على الأمل. هي شكل من أشكال الصبر رغم الحضور العظيم لكل الأنشطة من الفنون والتلاوات الدينية، وبها ينقضي الوقت ويمر رمضان. من طرائف الشهر الكريم ما يتردد عبر التاريخ من طول الوقت والأيام، خصوصا حين يأتي رمضان في حر الصيف، لكن قبل أن ينتهي بأيام قليلة، ترتفع في الفضاء أغنية شريفة فاضل التي لا تفنى « والله لسة بدري يا شهر الصيام». هو في النهاية شهر عبادة يحب له الجميع الاستمرار. البعض يعبر عن شوقه لنهايته في الأحاديث مع الآخرين، لكن في النهاية يضحكون، فهو لن ينتهي بالإرادة. لا أنسى يوما منذ سنوات بعيدة كانت مذيعة في راديو الاسكندرية تجول في الشوارع في أول يوم رمضان، تتحدث مع الناس عن مشاعرهم بالشهر الكريم، وسألت شخصا ما هي الأغنية التي تحب سماعها الآن مع بداية الشهر، فقال أغينة «والله لسة بدري ياشهر الصيام» ضحكت المذيعة وضحك المستمعون لابد مثلي لأن الأغنية مرتبطة بنهايته، لكن الأمر لم يزد عن نكتة، وربما هو لا يريده أن ينتهي. لكن تذكرت كيف أن المصريين من أكبر الشعوب الذين تحايلوا بالنكت على الزمن والقهر والظلم. أيام ويأتي رمضان الكريم. صحيح أن اسمه جاء من الرمضاء، أي الصحراء والحر، لكنه صار في بلاد المسلمين أياما ذهبية للاحتفال والمودة والرحمة تتسع رغم كل شيئ، وستتسع في مصر كما قلت ليس نسيانا لأحوال البلاد، ولا إهمالا لما يحدث في غزة، لكن تصميما أن تمر الأيام الصعبة التي سيأتي بعدها الفرج. وهو الأمل الذي يتجدد دائما، وبه تستمر الحياة.

1584

| 07 مارس 2024

144 يوماً..

اليوم التاسع والعشرون من فبراير تكون قد مضت مائة وأربعة وأربعون يوماً على الحرب في غزة ولم تحقق إسرائيل أهدافها. أليس في ذلك عظة؟ وكيف اعتاد العالم عليها؟ الإجابة أن العظة تصل متأخرة دائما إلى اللصوص، وأن من اعتاد على ما يحدث هم حكام الأنظمة الداعمة للصهيوينة، لكن لا تزال الشعوب حتى في تلك البلاد، تخرج في مظاهرات عارمة من أجل غزة. في عالمنا العربي الأمر منقسم بين بلاد في حالة تفسخ وحروب داخلية، وبلاد تمنع المظاهرات من أجل غزة أو غيرها، لكن السوشيال ميديا حافلة بالمناصرين لغزة من كل الشعوب العربية. لازلت أرى ذلك يأخذ أكبر مساحة على تويتر، الذي به حرية أكثر من الفيسبوك وغيره في التعبير. يصيبني اكتئاب مما أراه على الشاشات من غارات اسرائيلية وقتل للمدنيين في رفح وغيرها، لكن العمليات التي تقوم بها كتائب حماس دائما تعطيني الأمل، حتى لو كان الضحية صهيونيا واحدا. الدقات على الباب مهما كانت صغيرة تعني أن أحدا وراء الباب وسيفتحه يوماً. خاصة أن من في داخل المنزل لص، مهما بدا من قوته يعرف أن به نقطة ضعف، ويخشي أن يكون الدق المستمر مفتاحا لمعرفتها. هكذا هي إسرائيل. دولة صهيونية سرقت أرض الفلسطينيين. تاريخ إقامة ما يظنونه بيتهم هو سرقة معروفة منذ نهايات القرن التاسع عشر. ومهما بدا من تطور في حياتهم أو قوتهم العسكرية، ففي اللا شعور الجمعي إحساس كامن أن هذا ليس بيتهم. تجليات ذلك تبدو فيمن يعارضون نتنياهو من السلطة، أو من الأهالي الذين يريدون عودة الأسرى من أبنائهم. ربما يقول شخص ما إن هذا لا يكفي. وحتى لو ضممت إليهم من غادروا إسرائيل إلى أوروبا ولن يعودوا، إذ لا بد من هزيمة نهائية للجيش الصهيوني. لكن كل من هو قريب من فهم الحروب، يدرك أن الهجمات التي تشنها قوات حماس التي لا تملك دبابات ولا مدافع ولا طائرات، مهما كانت قليلة، تترك أثرها السيئ في الجيش الصهيوني الذي يملك هذا كله، ويعيش على فكرة شعب الله المختار العنصرية. هذه الإخفاقات في الحقيقة ثقيلة على من يؤمنون بفكرتهم الخرافية، وسيكون لها أثرها في إيقاظ ما هو كامن في اللا شعور الجمعي من أنهم دولة لصوص. الآن لا بد أن الذين اعتادوا على الحرب وسفك أرواح اخوتنا في غزة يسألون أنفسهم. كيف رغم ذلك مرت مائة وأربعة وأربعون يوما بلا هزيمة نهائية لحماس وشعب غزة؟ من أكبر معارك التاريخ معركة العلمين في الحرب العالمية الثانية. لم تتجاوز شهرا واحدا. انسحب بعدها الجيش النازي حتى غادر أفريقيا كلها. كانت معركة العلمين نقطة فاصلة في الحرب العالمية الثانية، بعدها لم ينتصر النازيون في معركة، ولم ينهزم الحلفاء. تمت هزيمة النازيين في ستالينجراد أكبر معركة تالية. صحيح أن النازيين في انسحابهم من ستالينجراد قاموا بمذابح للروس واليهود، من فضلك، في طريق عودتهم، لكنه كان طريق عودتهم لا طريق انتصارهم. صحيح أن اتجاه الحلفاء إلى ألمانيا بعد ذلك استغرق أكثر من عامين، لكن كان الحلفاء يتقدمون، والنازيون ينسحبون حتى دخل الحلفاء المانيا. النازيون في كل زمان مصيرهم للهزيمة، واسرائيل مهما بدا من قوتها، هزيمتها مؤكدة لأن في اللاشعور الجمعي كما قلت، إحساسا أن هذا ليس بيتها. هو بيت على أرض مسروقة.. قد يقول قائل إن جيوش هتلر انسحبت أمام جيوش أخرى. والإجابة هي هل سيصمد لصوص البيت أمام شعب لا يملك جيشا مدججا بالسلاح، لكنه لا يتوقف عن دق الباب!.

519

| 29 فبراير 2024

حوارات صحفية ولكن..

منذ أسبوعين أو أكثر وهاتفي لا يتوقف عن الرنين، والرسائل لا تتوقف على «الواتس آب» أو غيره حول ما يحدث من تحويل روايتي «عتبات البهجة» إلى مسلسل تليفزيوني سيعرض في رمضان القادم، من انتاج شركة العدل جروب والشركة المتحدة، ومن إخراج مجدي أبو عميرة، وتمثيل يحيى الفخراني، وكتب السيناريو مدحت العدل. تعودت على الأسئلة لكني لم استطع الهروب منها، لأني أعرف أن الصحفيين الذين يسألون وأكثرهم شباب، يؤدون عملهم، وأشعر أنه من الواجب أن أجيب. السؤال الذي يتكرر دائما ما هو شعورك بعد أن علمت بتحويل روايتك إلى مسلسل. سؤال دائما اسمعه ويسمعه غيري حين أفوز بجائزة أو تكريم، وإجابتي دائما أني سعيد طبعا. لكن تتداعى اسئلة فنية من نوع ما رأيك في السيناريو، وما رأيك في اختيار الممثلين، وهل أخذوا رأيك في السيناريو أو ترشيح الممثلين، وهل سيلتزمون بالرواية؟ اسئلة كثيرة تشغل الصحافة دائما وأحيانا النقد السينمائي نفسه. أكرر في كل مرة موقفي الفكري الذي لا أحيد عنه، وكتبت عنه كثيرا جدا منذ سنوات طويلة، وجمعت مقالاتي عن ذلك في كتابي أنا والسينما، وهو أن المقارنة بين الفيلم أو المسلسل والرواية شيقة بعد أن يخرج الفيلم أو المسلسل إلى النور، لكن لا يعني هذا أن أقرر أيهما أفضل، فهنا الفخ الغائب عن الجميع. فالرواية أو العمل الأدبي لغة، بينما الفيلم أو المسلسل صورة، ولكل طرق لتجلياتها. في الرواية قد تتعدد الشخصيات لكن السيناريو قد يجمعها كلها في شخصيتين بينهما تناقض أو صداقة تصنع دراما بينهم، أو مع الآخرين. في الرواية حرية أكثر، فلا رقابة يشعر بها الكاتب وهو يكتب أو يهتم بها. وإذا حدث أن اعتذر ناشر عن نشر الرواية فيمكن أن ينشرها صاحبها عند غيره أو خارج البلاد، بينما السينما في بلادنا تخضع لرقابة تتغير مع الزمن، وقد تزيد أو تنقص. في الرواية مثلا قد يتكون هناك مشاهد حميمة أو آراء سياسية لا تسمح بها الرقابة السينمائية. وهكذا فالعمل السينمائي ليس ملكا لأصحابه وحدهم، ومن ثم فالأمر لا يتوقف فقط عند موهبة ومهارة كاتب السيناريو أو صُنّاعه وحدهم. تفاصيل كثيرة يمكن أن توضح الفارق بين العملين الأدبي والسينمائي، لكن أهم ما أشير إليه أن المناقشة الأجمل للفيلم أو المسلسل لا تكون بالمقارنة بالرواية، لكن بمناقشة تقنيات العمل الفني نفسه، وأساليب تجسيده من تصوير وحوار وموسيقى وتمثيل وغيره. مع الرواية هناك أفلام أقل جودة، وأفلام أكثر جودة عند المتلقي، لكن في النهاية يبقى الفيلم في ذاكرة السينما، والرواية في ذاكرة الأدب. السؤال الأهم الغائب هو لماذا تأخرنا في الحقل السينمائي أو التليفزيوني الآن، فلا ننتج غير حوالي خمسة عشر فيلما معظمها يدور بين البلطجية والعشوائيات، والأمر نفسه في المسلسلات، باستثناء فيلم أو مسلسل. لماذا ابتعدت السينما والمسلسلات عن الرواية، وفي مصر فيض من الروايات الجميلة التي يمكن أن تعيد الفن السينمائي إلى أمجاده، التي جعلت من مصر يوما هوليوود الشرق. أي مقارنة بين حال السينما الآن ومنذ عشر سنوات للأسف محزنة. والمقارنة لو بينها الآن ومنذ عشرين سنة أكثر حزنا. ولو بينها الآن ومنذ ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة فهي تؤدي إلى اليأس. اتمنى أن يكون هذا هو سؤال الصحافة، وأتمنى أن تعود السينما إلى الرواية التي قامت أصلا عليها، فقوتنا التي تسمى الناعمة هي بوابة العالم التي كانت يوما لنا.

717

| 22 فبراير 2024

فرحة القراءة وآلامها

فرحة قراءة الكتب رافقتني طوال حياتي. شهدت أياما جميلة في سن الصبا والشباب. كانت الأسعار بسيطة جدا، وكانت هناك سلاسل من الكتب يتراوح سعرها بين قرشين وخمسة وعشرين قرشا. مع الزمن ارتفعت أسعار الكتب ووصلت إلى درجة كبيرة مرعبة حقا، إلا أن كثيرا من الكتب تصل إليّ هدايا من أصحابها أو من ناشريها لأني كثيرا ما أكتب عن الجميل منها. كانت ولا زالت حياتي منقسمة بين الكتب الفكرية وبين الإبداع بأشكاله المختلفة، من قصة قصيرة إلى رواية إلى شعر، وقليل من المسرح الآن فنادرا ما يتم نشر مسرحيات على عكس ما كان لدينا يوما سلسلة للمسرح العالمي وأخرى للمسرح العربي. كنت دائما مؤمنا بأن الكتب الفكرية تضعني في قلب العالم قديمه وجديده، بينما الإبداع يجعلني أعرف أين أضع قدمي محاولا تجاوز المعتاد في كتابة القصة والرواية شكلا وموضوعا. في الحالتين كانت الفرحة تحلق حولي وأنا اقرأ أو أكتب. منذ سنوات قريبة صارت قراءاتي أكثر في الكتب الفكرية، وساهمت في الكتابة فيها بكثير من المقالات وبعض الكتب. عشرات الكتب قرأتها عن الخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية في مصر، لكن للأسف كأن هذه الكتب كُتبت لبلد آخر. نحن نعيش في أزمة اقتصادية كبيرة تدهورت فيها قيمة الجنيه أو العملة المصرية خلال العشر سنين الماضية تدهورا أسرع من أيّ تدهور في العصور السابقة. مقالات وكتب كثيرة تحدثت عن طرق للخروج من الأزمة، لكن لا أحد ممن يقودون البلاد يهتم بما يُكتب أو يُقال. صارت القراءة تضيف لي آلاما على آلام الحياة. لم تعد لها بهجة السنوات السابقة لأن السؤال الذي يقفز، كيف يوجد في البلاد كل هذه الأسماء من المفكرين ولا يهتم أحد من النظام الحاكم بما يكتبون. أي نظام سياسي يأخذ قيمته من العمل لمصلحة الوطن التي هي ليست حكرا على فكر أحد. اتسعت مساحة الفقر في البلاد، حتى أن كثيرا جدا، إن لم يكن كل من يمثلون الطبقة الوسطى، قد انحدروا إلى الطبقة الفقيرة. الحديث طويل لن أزيد فيه، فما أكثر من كتبوا عن ذلك ولا يزالون يكتبون. سؤال كيف يوجد في البلاد كل هذه الأسماء ولا يهتم أحد بما تكتب فتتغير الأحوال، يجعل القراءة مؤلمة. صحيح أنني اتخلص من الألم بالكتابة أيضا، لكن لا تنتهي الآلام لأنه لا يبدو في الأفق القريب حلولا للأزمة. ليست هناك بوادر بسيطة لحلها تنعكس على الأسواق. قيل مثلا انه مع ارتفاع سعر الفائدة الذي حدث في البنوك انخفض سعر الدولار في السوق السوداء من سبعين جنيها إلى أربعين. حدث ذلك فعلا لعدة أيام فقط، لكنه عاد ليتجاوز الستين جنيها كأنه لا شئ حدث أو يحدث. ظلت الأسعار كما هي في ارتفاعها، لأن التاجر يبيع ما اشتراه بالسعر السابق للدولار، ولا يمكنه التخفيض إلا إذا باع ما اشتراه من قبل.عذر مقبول شكلا لكن موضوعا فحين يرتفع سعر الدولار يرفع التجار في اللحظة نفسها أسعار كل السلع التي اشتروها بالسعر الأرخص السابق. لن اتحدث عن حلول هنا فما أكثر ما كُتب فيها، والتي تتلخص كلها في أن من مشى في طريق انتهى به إلى حفرة، فعليه أن يغير الطريق كله. أن ينسف كل شعارات طريقه القديم. وفي النهاية فطموحي بسيط جدا وهو أن لا أتذكر مما اقرأ من مقالات وكتب فكرية، ما حولي من أخطاء فعلها بشر، لا يحيدون عنها فتصبح خطايا تحل معها اللعنة على البلاد. أيّ بلاد.

963

| 15 فبراير 2024

أنتايوس وسرّ الأرض في غزة

للأساطير في التاريخ معانٍ أبعد من أحداثها. من قرأ الأساطير اليونانية أو المصرية القديمة أو أساطير بابل أو غيرها يستمتع بالأحداث الفارقة للعادة، ومن يتعمق فيها قليلا يجد أن لها معاني عابرة للزمن. كتبت يوما هنا عن سر أخيل الضائع، وكيف كان مُقدرا له حين وضعته أمه طفلا في نهر الخلود، أن لا يلمس الماء كعبيه اللذين تمسكه منهما، فصارت له نقطة ضعف، وهكذا لكل إنسان نقطة ضعف مهما بدا عليه من قوة. هناك نقط ضعف فردية للناس جميعا، وهي العمر والصحة، فمع التقدم في العمر يبدأ جسم الإنسان في خذلانه ويتهيأ للرحيل. هنا لا يحميه المال ولا البنون ولا سطوة القوة. اليوم أنا الذي لا تغيب عني غزة وما يحدث فيها من دمار ومذابح جماعية، تقفز إلى ذهني أسطورة «أنتايوس» اليوناني ابن «جايا» ربَّة الأرض. لم يكن إلها من آلهة الإغريق لكنه كان ممن يطلقون عليهم اسم العماليق، أي أنصاف الآلهة. يقولون إنه كان في بلاد المغرب أو ليبيا وأن له قبرا في طنجة والحقيقة أنه أسطورة في الحياة والموت. أنتايوس كان يقف حارسا على المدينة يمنع دخول الغرباء إليها، وكان يستطيع قتل كل غريب، وحين يشعر بالضعف يحمل التراب من الأرض التي هي أمه «جايا» ينثره على نفسه فتعود إليه القوة ولا ينهزم في معركة. ارتباطه بالأرض كان مصدر قوته. أبسط تجليات قوة الأرض تراها في مباريات كرة القدم، ففرصة أن ينهزم فريق على أرضه دائما أقل، ويقال دائما الأرض تلعب مع أصحابها. رحلات العودة إلى الأوطان شغلت روايات عظيمة في العالم، وشغلت أفلاما رائعة، حتى فيلم مثل «إي تي» الذي أخرجه ستيفن سبيلبرج عام 1982 عن حكاية من الخيال العلمي ينزل فيه كائن فضائي يجد كل الحفاوة من الأطفال والكبار، لكنه في النهاية يبكي ويقول «هوم» أي البيت.. أي الوطن.. فيطلقون سراحه. لقد استطاع هرقل في أسطورة أنتايوس القضاء عليه حين قابله وصارعه، فحمله عن الأرض مصدر قوته، فتبعثر ترابا عليها وانتهت الحكاية. ما يحدث في غزة الآن من تدمير وحصار في أبشع صوره جعل أهلها لا يتركونها ويصرون عليها، فهي الوطن وهي الأرض التي عاشوا عليها وأجدادهم آلاف السنين، بينما كان اليهود يعيشون في المنافي، ويبتدعون القصص الخرافية عن القدس التي لا يوجد شاهد واحد على أي قصة منها، رغم تقدم علوم البحث والآثار. كل ما يحدث لأهل غزة من حصار بالتواطؤ مع العدو، أو الصمت، لم يجعل أهل غزة يدقون أبواب الخروج. هي حالات إنسانية للعلاج لا تتم كلها، لكن أن يتركوا أرضهم فلن يحدث، وما أكثر ما أعلنوا ذلك. من يتركون أرضهم الآن هم الصهاينة حملة الجوازات المزدوجة لهم، من الكيان الصهيوني، ومن البلاد التي جاءوا منها. انتهى زمن هجرة العرب وصارت الأرض اليباب هي الوطن، فمن يريد علامة على حب الوطن أكثر من البقاء في الأرض اليباب؟! ليس لأنه سيأتي يوم يتم إصلاح ما انهار مهما طال الوقت فقط، لكن لأن الخروج من الأرض يعني النهاية، وهذا ما يقدمه لنا أهل غزة الآن من دروس وعبر. لن يجد الصهاينة هرقل الذي يمكن أن يرفع أهل غزة وفلسطين عن الأرض مهما أمدتهم أمريكا بالسلاح المدمر. ستفشل كل خطط الشرق الأوسط الجديد. من الأرض اليباب يضع أهل غزة بدايات التاريخ الحقيقي رغم ما يرتكبه الصهاينة من مذابح يظنونها النهايات.

765

| 08 فبراير 2024

يناير كل عام..

لا أعرف هل كانت الصدفة وراء تاريخ أعظم انتفاضتين شهدتهما في حياتي، وهما انتفاضة يناير 1977 وثورة يناير 2011. لماذا اختارت السلطة الحاكمة في الحالة الأولى أن يكون يوم السابع عشر من يناير يوما لإعلان ارتفاع أسعار قائمة أكثر من مائة سلعة بشكل خرافي قياسا على دخل الفرد ذلك الوقت. الحديث عن قائمة الأسعار طويل لكن على رأسها إلغاء رغيف الخبز الذي كانت قيمته خمسة مليمات ليكون بقرش صاغ، أي عشرة مليمات. ارتفعت اسعار البنزين والسجائر والأرز والسكر وما تشاء، فجاء اليوم الثامن عشر يوم الخروج العظيم من المصانع قادته النقابات، ومن الجامعات قادته حركة الطلاب في الجامعة الذين لم يكن بينهم وبين السادات عمار، فهم من قادوا المظاهرات أعوام 1971-1972- 1973 من أجل الحرب لاسترجاع سيناء المحتلة، وهم من قادوا المعارضة للسادات بسبب التطبيع ومعاهدة كامب ديفيد. لم يأت الخروج الكبير في الثامن عشر من يناير من فراغ لكن من سنوات سابقة من النضال بدأت حتى في عهد عبد الناصر في مظاهرات عام 1968 التي انطلقت بسبب الأحكام التافهة على قادة الطيران أهم اسباب هزيمة 1967 فأعيدت المحاكمة. توقفت حركة الاحتجاج التي بدأت تنتعش تقديرا لحرب الاستنزاف التي بدأت عام 1968، لكن عادت حركات المعارضة بسرعة مع السادات الذي تولى الحكم عام 1971 وسرعان ما أعلن تراخيه عن الحرب. عشرات الكتب كُتبت عن تلك الأيام وساهمت فيها أنا أيضا ومئات المقالات، ولم أغب عن المظاهرات إلا نادرا وعرفت كثيرا جدا من القيادات العمالية والطلابية، كثيرون منهم رحلوا وكثيرون أحياء وقليلون من تغيرت قناعاتهم أو سكتوا بحكم العمر والسنين. كانت الحركات الطلابية والعمالية مادة لكثير من رواياتي وبصفة خاصة روايات مثل «بيت الياسمين» و «هنا القاهرة» و»الإسكندرية في غيمة» لكن بمناسبة يناير قفز السؤال لماذا يناير؟. ثورة يناير 2011 أيضا سبقتها حركات تمرد كبيرة على رأسها حركة كفاية و6 إبريل وهيئات كبيرة من أجل التغيير مثل القضاء واساتذة الجامعة والمحامين والأطباء وغيرها، ولم تنقطع قبلها المظاهرات حتى كان الموعد يناير. كل أسباب ثورة يناير 2011 معروفة من المعارضة أو من النظام الحاكم نفسه، لكن جاءت الثورة في يناير أيضا. يمكن أن تكون سلمية الشباب الذين ارادوا الخروج لتهنئة الشرطة في عيدها في الخامس والعشرين من يناير، استغلالا لذلك اليوم الذي قاومت فيه الشرطة في معركة كبيرة قوات الاحتلال البريطاني في الإسماعيلية..كان ذكاء من الشباب الخروج في يوم عيد الشرطة توقعا أن لا تقوم الشرطة نفسها بإفساد عيدها بالاعتداء عليهم. وصل الشباب إلى ميدان التحرير بلا تعب يوزعون الورود على قوات الشرطة. لكن مع الساعة الثانية عشرة ليلا اعتبرت الشرطة أن اليوم انتهى وبدأ تفريغ الميدان والقبض على الحاضرين واشتعلت الحياة السياسية فكان الثامن والعشرين من يناير يوم النزول العظيم. مناسبتان في يناير، الأولى اختارتها السلطة لتكون بداية عسف واستغلال اقتصادي، والثانية اختارها الشعب ليكون انتفاضته وثورته. رغم نجاح النظام الحاكم في إفشال حركة الشعب سيظل يناير شهر التفاؤل والأمل. شهر الشهور الحقيقي في العام. وأتذكر قصيدة أحمد فؤاد نجم بصوت الشيخ امام التي ارتفعت في سماء مصر بعد انتفاضة يناير 1977: حد فيهم شاف علامة من علامات القيامة قبل ما تهل البشاير يوم تمنتاشر يناير.... ----------واسألي لي بالعتاب كل قارئ في الكتاب حد فيه مكان يصدق بعد جهل بعد موت إن حس الشعب يسبق أي صوت..

708

| 01 فبراير 2024

معرض القاهرة للكتاب والدولار وباخوس!

هذا موسم التصريحات والأحاديث التي تسعى الصحافة للحصول عليها من الكُتاب والمثقفين عن آرائهم في المعرض وحركة البيع وأسعار الكتب والندوات وغير ذلك كثير. في كل تصريحاتي كان تركيزي على شيء واحد وهو أملي أن يكون لفلسطين وغزة وما يحدث فيها من مجازر بشعة من الصهاينة، مكان واضح وبارز أقله قاعة ندوات خاصة بفلسطين وإمكانية إيجاد شاشات تلفزيونية في الطرق بين قاعات عرض وبيع الكتب، عليها صور شعراء وأدباء من فلسطين، ومقاطع من أشعارهم تتالى على الشاشة يمكن أن تجذب الزائر إلى الوقوف أمامها لحظات، ومع تنوع الزوار سيراها مئات الآلاف منهم. لم أدلِ برأي سلبي في إدارة المعرض لأني أعرف أن من يشرفون عليه من هيئة الكتاب المصرية يبذلون أقصى ما لديهم كل عام لإنجاح المعرض. اعتذرت عن عدم حضور أي ندوة أو فاعلية لسبب بسيط أني أسكن بعيدا جدا عن المعرض في مكانه الجديد منذ سنوات، وصحتي لا تساعدني على الذهاب إلا مرة واحدة لإحضار بعض نسخ من رواية جديدة أو كتاب جديد سيصدر لي. انتهى زمن الحضور اليومي لمن هم مثلي وليس هذا عيبا في المعرض لكنه العمر وحكم السنين. لديَّ من الذكريات الجميلة الكثير خاصة وقد كنت أحد المشرفين على نشاط المقهى الثقافي لأكثر من عشر سنوات منذ نهاية الثمانينيات حتى عام 2000 حين ابتعدت عن كل عمل ثقافي تاركا الفرصة لأجيال جديدة. كان ذلك وقت رئاسة فاروق حسني لوزارة الثقافة وسمير سرحان لهيئة الكتاب وكانت أجمل الأيام. حتى لقاءاتنا مع حسني مبارك كانت ذات أهمية كبيرة، لكن للأسف لم يكن التلفزيون يعرض منها غير الأسئلة الشخصية لبعض المثقفين وتجاوب حسني مبارك معها، مما صَوَّر المثقفين كمجموعة انتهازية لا علاقة لهم بالواقع حولهم وكان هذا غريبا جدا، فاللقاءات كانت حافلة بالنقاش الجاد في كل قضايا مصر والوطن العربي. كثير جدا من الذكريات كتبتها في كتابي «الأيام الحلوة فقط». ما أتمناه هذا العام في المعرض هو أن تنفتح حفلات توقيع الكتب لتكون في دور النشر نفسها، فالسائد منذ تم نقل المعرض إلى مكانه البعيد في منطقة التجمع الخامس هو تخصيص قاعة لحفلات التوقيع مدفوعة الثمن، بينما كانت في مكانه السابق بمنطقة العباسية، تقام في دور النشر نفسها ودون مقابل، فكل دار نشر في قاعة بها عشرات من دور النشر، ومن ثم فرصة اهتمام الجمهور العام أكثر، ولا يكون الأمر مقصورا على من يعرف الكاتب فيذهب إلى قاعة التوقيع. ترك حفلات التوقيع في دور النشر أمر أجمل وأكثر تأثيرا رغم ما نراه من زحام في قاعة التوقيع. كما أن إتاحة ذلك بالمجان أمر طبيعي جدا في بلد مثل مصر تعاني من ظروف اقتصادية، ومع كتاب جدد يتمنون مثل هذه الحفلات لكن قد لا يتشجع الناشر لدفع المقابل المطلوب. الظروف الاقتصادية للبلاد التي تجعلني أتذكر حضوري أول معرض تمت إقامته عام 1969 قادما من الإسكندرية معي سبعة جنيهات، وعدت بعشرات الكتب، بينما السبعة جنيهات الآن لا تكفي ثمن تذكرة المترو إلى المعرض أو قريبا منه. أعرف والله ما جرى وسأبتعد عنه وأكرر طلبي بحضور كبير لفلسطين وبجعل حفلات التوقيع في دور النشر نفسها وبالمجان، فلا يقتصر الأمر على المشاهير. هذا أمر يمكن فعله دون انتظار لدراسة حتى مع بدء المعرض. أما أسعار الكتب فلنا الله، ما دام الدولار يقف أعلى جبل الأوليمب مع باخوس ويضحك.

1668

| 25 يناير 2024

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

906

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
لمن ستكون الغلبة اليوم؟

يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...

750

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
قطر في كأس العرب.. تتفرد من جديد

يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...

690

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

663

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
غفلة مؤلمة.. حين يرى الإنسان تقصيره ولا يتحرك قلبه

يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...

606

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة

في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...

588

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
إنجازات على الدرب تستحق الاحتفال باليوم الوطني

إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...

570

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
عمق الروابط

يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...

546

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب

هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...

522

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
قطر رفعت شعار العلم فبلغت به مصاف الدول المتقدمة

‎لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...

483

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
قطر لن تدفع فاتورة إعمار ما دمرته إسرائيل

-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...

429

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
كأس العرب من منظور علم الاجتماع

يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة...

423

| 15 ديسمبر 2025

أخبار محلية