رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الاستثمار في الإنسان قبل البنيان

شكرا لكل العاملين في شتى مجالات تنمية الإنسان في دولتي الحبيبة قطر. وشكراً سمو الأمير الذي يستحق أن يشكره كل إنسان في هذا العالم عموماً، وخصوصاً الجهود التي تبذل لمنع استمرار سفك الدم الفلسطيني. إنه لأمر يدعو للفخر حقاً. إن من المهم الاستثمار في الانسان قبل البناء. كيف يحلو لمحللي السياسة التعجل بالحديث عن الاعمار دون ضمان الحاجات الأساسية للإنسان؟! إنه للعجب العجاب. وكأن الإنسان حاله حال الموارد التي يمكن استغلالها والتجارة فيها كما يحلو لهم، أو ليس للإنسان كرامة. لذا ابديت تحفظي على لفظة الموارد البشرية في مقالٍ سابق بالرغم من أنه في مجال خبرتي الإدارية السابقة. إن توفر الحاجات الأساسية للإنسان لهو أولى الأولويات من هواء وماء وغذاء وآمن، ومن ثم يأتي السكن. فكيف يتم الحديث عن إعمار غزة قبل ضمان هذه الأساسيات! يضع مان فريد ماكس الاحتياجات الإنسانية الأساسية وفقا لمدرسة «تنمية المقياس البشري» وغيره « كأنطونيو إليزا دي ومارتن هوبنهاين»، اعتبار الوجودية ناجمة من حالة خلقه كإنسان وهي مقاييس قليلة، بل محدودة وقابلة للتصنيف (والتي تتميز عن المفهوم التقليدي للحاجات الاقتصادية التقليدية)، وهي غير محصورة وجشعة في مقابل المنظور الإيماني الديني. ولكنها ثابتة لجميع الثقافات البشرية وعبر فترات زمنية تاريخية متفاوتة. والتي قد تتغير عبر الزمن وبين الثقافات المختلفة وهي الاستراتيجيات التي من خلالها تُشبَع هذه الاحتياجات. من المهم أن تفهم عزيزي القارئ أن احتياجات الإنسان كنظام مترابط ومتفاعل. وفي هذه الحالة، لا يوجد تسلسل هرمي للاحتياجات، وبصرف النظر عن أولوية الحاجات الأساسية لمعيشة الإنسان أو البقاء على قيد الحياة، فإن افتراض علماء النفس الغربيين «كاماسلو»، يجعل حدوداً، مثال التزامن والتكامل والمبادلات وهي من أبرز ملامح عملية تلبية الاحتياجات. ولكن تبقى حقيقة استغلال تلك الإستراتيجيات من قبل الدول لدمار الإنسان. فهذه الحاجات والعجز بتلبيتها عن طريق عوامل القهر كالحروب والصراعات التي تواجه الدول المنكوبة، لهو أمر واقعيٌ قاسٍ لا يمكن معالجته بتلك النظريات فحسب. إن الاستثمار في الإنسان يجب أن يكون قبل البنيان في منطقة كمنطقة قطاع غزة. لذا رأيت مبادرة أسطول الصمود لكسر الحصار الجائر على إخواننا المنكوبين في قطاع غزة من جميع الفئات حول العالم وكثير منهم من المشاهير العالميين لهو أمر يدعو للتفاؤل. فبعضهم باع ما يملك لشعوره الإنساني البحت ويشارك مع هذه المبادرة. فكيف يكون هناك كرامة وشرف وإنسانية لمن يتحدث عن إعادة الإعمار قبل إعادة إعمار الإنسان؟ إن ما يحدث هو مثال حي للاستغلال السياسي المحض للإنسان من قبل الكيان. وهو يستخدم الأساليب السياسية الدولية وقواعد الترهيب بهدف تعظيم وترسيخ مبدأ الشرعية الدولية وفرض الهيمنة على المجتمع الإنساني داخل القطاع، والذي يغلب على سكانه نكبة الحرب والدمار والنزوح والجوع الذي يستغله النظام السياسي الصهيوني لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية غير المشروعة بمنتهى التوحش واللاإنسانية. في نهاية المطاف نرى بارقة الأمل قريبا للفرج الذي نتمنى أن يدوم على أعزائنا المنكوبين في قطاع غزة. فيجب على الأمة التكاتف والتناصر وبذل الجهد ولو بالقليل وإن كان بالدعاء لنصرة المظلومين هناك. مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ) رواه مسلم.

252

| 05 أكتوبر 2025

فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب العالمية الثانية، وهي فكرة طرحت أول مرة للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ١٧٩٥م. وذلك للسيطرة على الصراع وتعزيز السلام الدولي. هل تعلم عزيزي القارئ أن الأمم المتحدة كانت تعرف فيما سبق بمسمى آخر وهو «عصبة الأمم» بعد الحرب العالمية الأولى، وكان مقرها في مدينة جنيف بالاتحاد السويسري وذلك لاستغلال الدولة السويسرية مكانة الحياد بين الدول المتصارعة، وتتكون المنظمة من تلك الدول المنتصرة في الحرب وهي إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان. وهي المنظمة التي اتخذت قراراً دولياً في عام ١٩٢١م يُشَرّع للحكومة البريطانية الانتداب على الأراضي الفلسطينية. والذي أعطى الولاية الدولية بإقامة وطن قومي لليهود في ذلك الوقت. وهو الوعد الذي سهل لعرابيه ومهندسيه كتابة بنود قرار إنشاء الكيان وهما اليهوديان «روتشيلد» و «وايزمان». وهو الامر الجلي الذي بَيّن انحياز منظمة عصبة الأمم إلى الحركة الصهيونية. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بعامين، وتحديداً في العام ١٩٤٨م تم الاعتراف بالكيان الصهيوني. ولكن العجيب في الأمر أن ما يسمى دولة إسرائيل نشأت بقرار من المنظمة نفسها، وهو القرار الوحيد في تاريخ المؤسسات الدولية لحصول هكذا حدث! بل والأعجب والأمر من ذلك؛ أن الكيان هو أكثر دولة حصولاً للفيتو « أي حق النقض أو منع إجراء القرار». والذي منع أي قرار يدينه إن كان للأمر فائدة من ذلك. فكما كانت عصبة الأمم تتكون من الدول المنتصرة في الحرب فإن مجلس الأمن يتكون من الأعضاء الدائمين وهي الدول المنتصرة في الحرب وهي الولايات المتحدة، الاتحاد الروسي (يعرف فيما سبق بالاتحاد السوفيتي)، المملكة المتحدة، فرنسا، الصين. وهي الدول الوحيدة صاحبة حق النقض أيضاً. فها هو التاريخ يعيد نفسه، ولكن يبقى السؤال عن ماهية أسباب إنشاء المنظمة هل من أجل السلم أو السيطرة الدولية لتلك الدول على الدول الأقل حجماً من حيث النفوذ والسلطة والسطوة وهو سؤال يدعو للتفكر. فإن حقيقة الأمر الذي سهل سلب الحقوق العربية عموماً والفلسطينية خاصة، هو الأمر الذي يجعل وَهْم عدم إغضاب الرأي العام العالمي، غاية من الخيال لا يمكن تحقيقها إلا بالخضوع لهيمنة الكيان والمصالح الاستعمارية للدول الكبرى في مجلس الأمن كالمملكة المتحدة صاحبة وعد بلفور (صاحب وعد إنشاء وطن قومي لليهود) والولايات المتحدة وريث الإمبراطورية البريطانية التي سهلت وباركت حصول هذا الأمر وما زالت. فهل أصبح حال العالم مع المنظمة، حال الغارق المتمسك بقشة! تعتمد منظمة الأمم المتحدة اعتمادا أساسيا على مساهمات الدول الأعضاء من التمويل، إذاً فإن شبح توقف تمويل المنظمة إن أرادت الدول الكبرى ذلك قد يسبب انهيار هذه المنظمة، وبالتالي تعتبر هذه إشكالية حقيقية لتحقيق أهداف هذه المنظمة من التنمية والسلم المزعوم حول العالم. ومثال ذلك قرارات وقف تمويل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من قبل الولايات المتحدة. ولذا فإن أقصى ما يمكن تأمله من هذه المنظمة هو الخطابات الرسمية الرنانة واستعراض المواقف الدولية دون تحقيق تغير جذري للواقع على الأرض. إن اعلان الدولة الفلسطينية الذي تم مؤخراً، هل سينهي معاناة الشعب الفلسطيني؟ لا أعتقد ذلك. فإن استمرارية حدوث شتى أنواع الاعتداء بأشكاله من النزوح، والتهجير، واغتصاب الأراضي، والقتل، والتعدي على عاصمة الدولة القدس أو ما يسمى بالقدس الشرقية كما يقال أو انتهاك حرمة المسجد الأقصى. لا تزال تحدث عبر السنين منذ إنشاء الكيان. بل حتى المفاوضات والمطالبات من رئيس الدولة الفلسطينية تطالب بنزع سلاح المقاومة في غزة! فكيف لدولة منزوعة السلاح تستطيع حماية الدولة فضلاً عن حماية شعبها؟! إنه أمر لا يقبله عقل ولا منطق. فما بالك وجارة هذه الدولة هي دولة نووية مدججة بأحدث الأسلحة والتقنية الحربية تتصف بالعداء المزمن المتوحش منزوع الإنسانية! فهل سيصدق شخص محايد أن هذا كله يعقل؟ وخلاصة القول إن كل ما يحدث؛ لذر الرماد في العيون.

1197

| 28 سبتمبر 2025

لا يأس مع الحياة

ولا حياة مع اليأس، هناك حكمة يابانية تقول إن المشكلة التي ليس لها حل لا داعي من التفكير فيها. فالقلق والتوتر لن يساعدا في حلها، فالتركيز على البحث عن الحل واتخاذ الإجراءات اللازمة هو الحل الأفضل. قلما تجد إنسانا عنده إيمان، ويكون في حالة من اليأس. غالباً ما يكون اليأس ناتجا عن أمر حدث ويفكر فيها الإنسان من الماضي، ويسبب التوتر. أو أمر آخر يفكر فيها من أمور الغيب التي لم تحدث بعد من المستقبل، وهي تسبب القلق. ولذلك تجد من يقدم على الانتحار، فاقداً للإيمان وكان يفكر في مآسي الماضي ويأس من المستقبل. بل يجب عليك أن تعمل لدنياك « كأنك تعيش أبدا، واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا» كما قال عمرو بن العاص رضي الله عنه، أي أن يركز المرء في يومه فقط. ولكن لا مانع من التفكير والتخطيط للمستقبل، ولكن في وقت متفرغ ومعين لإشغال العقل في ذلك حصراً. وليس القلق والتوتر من الماضي الممرض أو المستقبل المجهول المخيف الذي لا يعلمه أحد. فمن الناس من يتبع دجاجلة هذا الزمان عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي! وهم إذا صدقوا في أحداث فقد أخطأوا في أحداث أخرى كثيرة. «كذب المنجمون وإن صدقوا». فهم وإن صدقوا فهي ليست من علوم الغيب ولكنها من علوم الخطط الكونية للدول العظمى والمنظمات العابرة للقارات. فهي فعلاً نظرية المؤامرة، بل وحقيقة المؤامرة ولكن يبقى خيار الإنسان للتعامل معها. فسوف تجد كل آيات محكم التنزيل تحذر من حقيقة المؤامرة على الإنسان. ولكن أعظم نعمة ونقمة في نفس الأمر هي نعمة الاختيار. فالإنسان في هذه الحياة مخير لكل ما هو مسير فيه. فليست الاقدار ثابتة كما يبدو بل هي متغيرة في حياة الإنسان وثابتة في علم الله فقط. فممكن للإنسان ان يغير مستقبله ان أراد ذلك وهو مكفولٌ في رزق الله له، ولكن حسب سعيه واجتهاده. {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} النجم ٣٩. يقول إديسون مخترع المصباح الكهربائي؛ « لم أفشل، بل وجدت ١٠،٠٠٠ طريقة لا تعمل»! فلا بأس أن تفشل الخطط، فليست هناك خطة تنجح مائة بالمائة وإلا فهي ليست خطة. فدائماً ما تكون هناك مساحة للخطأ وعدم الكمال. فالكمال فقط للخالق سبحانه. فلكم ان تتخيلوا أيها السيدات والسادة نسبة فشل المشاريع حول العالم بنسبة تسعين بالمائة وأكثر من ذلك! حيث لا تستمر لأكثر من ثلاث إلى خمس سنوات. فهذه حالة أي خطة لفرد أو مؤسسة حول العالم. ولكن هل يعني ذلك عدم التخطيط للأمور. طبعاً لا أعزائي الكرام، بل من شروط التوكل التخطيط السليم للأمور وإلا أصبحت تواكلا وهو مدعاة للكسل والتقاعس والخذلان والفشل. قال صلى الله عليه وسلم (اعقلها وتوكل) رواه الترمذي. آخر رسالة لكم أعزائي القراء، مهما كانت الأحداث مأساوية من حولنا، أو كانت صعبة وشديدة فهذه من طبيعة الحياة. فالواجب علينا عدم اليأس أبداً، والعمل على التخطيط الحكيم والعمل السديد لتحقيق الأهداف. والتفكر بحكمة ومنطقية وفق فقه الواقع، وكل ذلك في يوم الإنسان فقط وليلته وأن يوازن في حياته بين العمل والراحة والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية حسب ما تفضل الله عليه من رزقه. ويغلق البابين في أول النهار، فلا يفكر في ماضيه في هذا الوقت ولا يفكر في مستقبله في ليلته في نهاية اليوم. وإنما يحصر التفكر بالتخطيط برمي تلك الأفكار في سلة الكتابة ويركز فقط بالهم في اتقان عمل اليوم عبر الخطوات اللازمة لتحقيق الخطة الكبرى لحياته في يومه فقط. ويتجنب التخطيط الغبي، يقول أينشتاين في تعريفه للغباء؛ « هو فعل الشيء بنفس الطريقة ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة» فاللبيب من اتعظ بغيره لا بنفسه.

270

| 21 سبتمبر 2025

غدرة الصهاينة

يقول المتنبي إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا هذه عادتهم في الاجرام والخيانة . ولكن نزعت المهابة من قلوب أعدائنا فاعتدوا علينا، وسيبقون ما دامت الأمور محصورة بين الشجب والتنديد فقط. فلنا في موقف رسول الله الثابت أسوة حسنة. فمن الأمة من يدافع عن هؤلاء الغادرين. وأصبح الوهن عاماً في أمتنا لنبحث عن الشماعات التي نعلق عليها المسؤولية بين العلماء والحكام، وكأنه ليس لنا دور لنصبح نشابه هؤلاء في حب الدنيا وكراهية الآخرة التي هي مقر الحصاد. فتاريخ ومنهج العهد الجديد لهؤلاء هي الحركة الصهيونية في هذا الزمان وخاتمتهم معروفة لنا . إن إشكالية اتخاذ التحالف مع دول الغرب الداعم لهم تكمن في أن أولويتهم لم ولن تكون لنا . فما بالك وقد غدروا بالرسول المفاوض ووضعوه في مكان الخصم؟ فمائدة المفاوضات يجب ان تغير البوصلة وتفتح الخيارات الممكنة على مصراعيها لإعادة دراسة التحالفات السياسية والاقتصادية بعد ما حدث حين قصفت دولة قطر، حفظها الله، من قبل الكيان الصهيوني. وذلك وفق الوسع الممكن لرد الاعتبار والردع لما حدث ويمكن ان يحدث في المستقبل. ويجب ان يكون أساس الفكر سبل الأمان القومي والوقاية مما حدث، ولا يكون ذلك إلا بالعودة للثوابت دون تمييع. لا أدري ما الداعي من الخوف من عدم التصنيع الدفاعي في دولنا العربية؟ فهي حقاً معضلة إستراتيجية مصيرية لكل شعوبنا وهذا التهديد الوجودي الذي تأكد بعد الحادثة المشؤومة التي تداخل فيه الدم القطري مع الدم الفلسطيني بعد استشهاد أحد أبنائنا ونال شرف الشهادة مع إخوته الفلسطينيين ضمن أفراد الوفد المفاوض. يجب أن يكون من الخيارات الممكنة للدولة لرد الاعتبار تفعيل قانون مقاطعة الكيان الصادر عام ١٩٦٣م. فكيف يكذب الصهاينة ومن عاونهم ويغدرون بالدولة المستضيفة والتي قبلوا ووافقوا ابتداءً بإجراء هذه المفاوضات برعاية الولايات المتحدة الضامن للأمن الدفاعي للدولة من خلال الاتفاقية الأمنية المشتركة، ولكنها جريمة الغدر والخيانة والانتهاك للسيادة متكاملة الأطراف أيها السيدات والسادة. يجب على مجلس التعاون الخليجي أولاً ومن ثم جامعة الدول العربية والدول الإسلامية الأخرى التركيز على دعم خيارات الصناعات الدفاعية ذاتياً وتغيير التفوق الحربي الجوي والصاروخي والراداري لدول الغرب الداعم للكيان الصهيوني، فشبهة التلاعب بأسلحة الغرب حين الضربة قائمة. فعندنا من العقول التي يمكن أن تدعم هذه الصناعات الدفاعية. وخصوصاً في القمة الاستثنائية القادمة في الدوحة لدعم دول المجلس وخصوصاً دولة قطر. ولكن يبقى مراقبة وتجسس تلك الدول لعدم تغيير هذا التفوق لدولة الكيان معضلة إستراتيجية أخرى. في النهاية؛ يجب أخذ الحيطة والحذر من توغل الجواسيس بيننا. وإعادة النظر في الديمغرافية السكانية وفق الدول المتحالفة مع دولة الكيان. فلا يمكن الوثوق واحتمالية تجنيد جواسيس من تلك الدول ليس بالأمر الصعب. فمن الضرورة بمكان على الدول الإسلامية والعربية عدم ترك دولتنا الحبيبة دون الدعم المطلوب حتى لا يقال أكلت يوم أكل الثور الأبيض. خصوصاً بعد هذا الإعلان الوقح لتغيير خريطة الشرق الأوسط بما يسمى إسرائيل الكبرى. حفظ الله قطر أميرها وشعبها.

264

| 14 سبتمبر 2025

الفيلة البيضاء

هل ما زال العقار هو الابن البار كما يقال؟ قد يظن القارئ أنها الفيَّلة في الطبيعة أو حديقة الحيوان! بل هي تلك المباني الخالية دون إشغال أو ربح. في بداية دراستي لعلوم الإدارة في مرحلة الكلية، تذكرت نقاشي مع مدرس التسويق الإداري الذي كان من الجنسية الكندية، حيث قلت له عن مدى تطور البلاد بالمباني أو الأبراج التي تطلق عليها ناطحات السحاب. فرد بأنها الفيَّلة البيضاء! وكان أول مرة يدق المصطلح على مسمعي. وهي بالمعنى الاقتصادي غالباً ما يطلق على الممتلكات العقارية التي لا يُرغَب فيها، لعدم جدواها وفائدتها، وتكون باهظة الثمن أو تتطلب الكثير من العمل لصيانتها والحفاظ عليها ولا تستحق الجهد. وأكثر ما يتم استخدام المصطلح على تلك العقارات غير المأهولة وغير المربحة لغلاء سعر أُجرتها. في بداية القرن الحالي وتحديداً بعد عام ٢٠٠٦م وحدث الأسياد، قد كانت هناك شكاوى كثيرة من المقيمين داخل الدولة عن أسعار إيجارات العقارات الغالية، حينها بدأ التشجيع المفرط للاستثماري العقاري في البلاد وذلك لغاية زيادة معروض الخيارات العقارية السكنية المتاحة في السوق، وخفض ثمن الأجرة. ولكن الأمر لم يحدث بالشكل المتوقع المطلوب، بل الذي حدث هو زيادة في المعروض دون الزيادة بالطلب، بل إن الأسعار بقيت ثابتة ومتذبذبة دون الحصول على الانخفاض الجذري المطلوب. وتوالت الأحداث الكبرى داخل البلاد كالبطولات الآسيوية والأحداث الرياضية الكبرى حتى كأس العالم ٢٠٢٢م. وكانت الحركة العقارية تنتعش قليلاً ومن ثم تهبط بشكل جذري بعد انتهاء الحدث، وذلك لأن دورة الاقتصاد لا تتأثر بالاقتصاد «الجزئي» المحلي فقط، بل إن هناك عوامل خارجية مؤثرة وهي الاقتصاد «الكلي» أي الدولي العالمي. فالتنافسية الإقليمية والعوامل الاقتصادية للدخل القومي من صادرات النفط والطاقة والتوترات السياسية كأزمة الحصار ٢٠١٧م والتوترات الإقليمية والعالمية الأخرى لها دور جوهري في هذا السياق. تَعَقّد الأمر في الاقتصاد المحلي بشكل أكبر في عام ٢٠٠٨م عند حدوث الأزمة المالية العالمية. والتي تأثر العالم كله بها بالرغم من تأثيرها الطفيف على اقتصادنا المحلي. ولكن العامل الرئيس هو الكساد الخفي الذي بدأ يدب في السوق العقاري خلال السنين الفائتة.فالأزمة المالية العالمية التي حدثت في أمريكا كانت أزمة عقارية بامتياز، ولها دور رئيس لما يحصل في الحركة العقارية داخل البلاد اليوم. حيث كانت الأزمة هي الأسوأ منذ الانهيار الاقتصادي منذ الكساد الكبير في بداية القرن الفائت، وبدأت بسبب انهيار سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة نتيجة لإقراض القروض عالية المخاطر وتوريقها في سندات مالية تم تداولها بين المؤسسات المالية. الأمر الذي أدى إلى تفاقم هذه المشكلة وفشل المؤسسات المالية الكبرى، وركود الاقتصادي العالمي، وتزايد نسب البطالة حول العالم، وانخفاض حاد في قيمة الأصول العقارية بعد ذلك. يتبين أهمية تحديد شرائح المستهلكين ومستوى القوة الشرائية للمعروض العقاري. فأغلب سكان البلاد هم من فئتين رئيسيتين، هم الفئات المشبعة المالكة للأصول العقارية والضامنة للامتلاك العقاري أو الفئات غير القادرة إلا عن طريق الخيارات التمويلية للمصارف البنكية، والتي تُفاقم مستوى تطور دخل الفرد من الناحية الاقتصادية. والأخرى غير القادرة على امتلاك العقارات بالكلية وهي المصدرة لأغلب الأموال الصادرة خارجة البلاد! كما أن حجم السكان والسوق المحدود داخل البلاد يمثل تحديا يتطلب تعاون الجهات المعنية بالتخطيط المدني والاقتصادي والمالي لإعادة رسم السياسات التي تستهدف زيادة عدد السكان عن طريق قنوات التجنيس والإقامة الدائمة لجذب الاستثمارات العقارية الداخلية والخارجية خصوصا في المناطق المسموح بها، وإعادة دراسة إشكالات عزوف الشراء العقاري داخل البلاد ليتم زيادة المستوى العقاري الاقتصادي بما يتناسب ورؤية الدولة ٢٠٣٠م.

261

| 07 سبتمبر 2025

ماذا خسر المسلمون بانحطاط العرب 2

هذا هو الجزء الثاني من مقالي السابق، حيث إن الموضوع لن يكفيه مقال في بضع كلمات، بل إن الموضوع يتطلب تأليف المؤلفات تلو المؤلفات ولن يكفيه لتنهض الأمة من جديد. فكل هذا التخطيط للغزو المعنوي والمادي عبر الأدوات الفكرية والثقافية وحتى السلطوية والمجتمعية عبر مئات السنين لن يذهب بين ليلةٍ وضحاها. فتاريخ الاستشراق واضح جلي منذ فترات مبكرة من القرن العاشر الميلادي، حيث اهتمامه بالدراسات الإسلامية والعربية في الأندلس ومع اشتداده بالحروب الصليبية، وحتى تطوره خلال فترة ما يسمى «بالاستعمار» الاحتلال، وذلك لأهداف سياسية واقتصادية واضحة. وليست كما يزعم اليوم من البعض أن المستشرقين الذين ساهموا في نقل العلوم والحضارة الإسلامية إلى الشرق! بل إن الحقيقة هي أنهم هم السبب الرئيسي للنهضة الأوروبية والعصر الصناعي للغرب بعد عصور الظلومات التي كانوا فيها. صرنا نعدو وراء كل أُطر العمل الغربية بعد أن كنا نُؤطر لهم قوانينهم. فتأثير القانون المدني الفرنسي على سبيل المثال لا الحصر، خاصة قانون نابليون، تأثر بشكل كبير بالفقه الإسلامي؛ لا سيما المذهب المالكي. والذي يطلق عليه الأب الروحي للقوانين الحديثة، وذلك لتأثيره الواسع على الأنظمة القانونية في المجالات المدنية والتجارية والإنسانية اليوم. إن أصالة العرب لن تكون إلا من خلال دينهم الذي نهض بهم من عصور الظلومات الجاهلي إلى عصور الفتوحات الذي أنار العالم في كل مناحيه كما نراه في عز تطوره اليوم. إن اسم العالم الجغرافي الأول محمد الإدريسي المتوفى ١١٦٦م يعتبر أشهر من نار على علم، والذي رسم للعالم خريطته الأولى للعالم بل وأطلساً شاملاً له، إلى أن أصبح من يرسم للعرب سايكس وبيكو خارطتهم « خطاً بالرمل» كما شاع ١٩١٦. ولكن ما أن تغيرت البوصلة التي يعرفها العالم للمسلمين وسقوط هيبة قدسياتهم عن قبلة عرب الجزيرة العربية والمسلمين الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، ولكن ليس لأولى القبلتين المسجد الأقصى المبارك في فلسطين! بل إلى جميع الاتجاهات في شتى بقاع العالم خلال عصور الانحطاط، وتغير شكل الوقت بناءً على كل خطوط الطول والعرض الإغريقية على هذه الأرض وإلى أن ترسخ الوقت بتوقيت غرينتش، وتغير التاريخ من الهجري النبوي إلى التاريخ الميلادي البابوي الغريغوري ١٥٨٢. بل إننا أول من عرف السماء بنجومها وفلكها وحسابها وأول من غزا السماء من خلال عباس بن فرناس والذي فشل بمحاولته ولكن ليس كما يشاع بموته بل إنه عاد إلى حياته بعد أن شفي، والذي أسس لعلوم غزو الفضاء من بعده. ولكن المفارقة هي رغم اختلاف المؤرخين بتأصيله ونسبته للعربية أو انه من أصول مغربية أو بربرية أو أمازغية فهي شاهدة على تأصل ونسبة العربية للإسلام وليس العكس كما يحدث في عصورنا المتخلفة اليوم. إن أول وآخر إسفين في نعش العصبية للنسب العربي كانت في عصر النبوة، حين رسّخ العصبية للإسلام وآخى بين الأوس والخزرج وأصبحوا الأنصار وحيث قال « دعوها فإنها منتنة» لا كما يحدث في عصورنا الجاهلية اليوم! من الطعن بالأنساب والافتخار والاحتقار بها وعليها، وحتى وصولنا للحمية للقومية القُطرية وليس للنسبة الأممية لهذا الدين. إن العرب أصبحوا في عصر من التيه كما حدث مع بني إسرائيل في سيناء خلال ٤٠ سنة بعد نجاتهم من فرعون. حيث أصبحنا بعد أن نجونا بهدى نبينا في ضلالٍ لعدم التزام تعاليمه وتوصياته! فها نحن أصابنا الوهن لنحب الدنيا بمادياتها ونؤثر مصالحنا الدنيوية الخاصة على مصالحنا الأخروية الباقية، وكراهية الموت؛ أي التضحية في سبيل تحقيق رفعة ونهضة الأمة. وحق لنا الهلاك بمصداق حديث نبينا «أنهلك وفينا الصالحون.. قال نعم! إذا كثر الخبث» وهذا هو الخبث في جميع مناحي الحياة منتشر. ولكني أختم مقالي بالحذر وأبشر بالعودة ونهضة العرب بشرط العودة إلى هدي نبيهم. فمن قال «هلك الناس فهو أهلكهم.» رواه مسلم

537

| 31 أغسطس 2025

ماذا خسر المسلمون بانحطاط العرب؟

كان يا ما كان في قديم الزمان للغتنا العربية تفاخر بتعلمها بين الأمم. وذلك لمن عاد من بلاد الأندلس « اسبانيا حالياً» أو من عاد من بلاد العراق إلى أواسط آسيا والصين. فقد كانت لغة العلم والعلماء كما هي اللغة الإنجليزية في عصورنا الحالية. يجب عَلّيْ أحبائي القراء أُوَضّح معنى الانحطاط لمن لا يقرأ، فَمِنّا من لا يقرأ وإذا قرأ لا يفهم، وإذا تحدث أَضل الناس بجهل. فمعنى الانحطاط أعزائي هو الانحدار والتدني في المستوى والقدرة والقيمة. وقد يشار إلى التدهور وضعف المكانة والتفسخ الأخلاقي والجمود الفكري والضعف الاجتماعي. ولكن لماذا العرب بالتحديد؟ فلقد جاء كتاب الإله الأوحد في الوجود المحفوظ من الانحطاط بلسانٍ عربيٍ مبين. أي أنه بلغة العرب، حيث نجد الكثير من حفاظ كتاب الله ولكن الإشكال هو العمل بمقتضاه. لكن الواقع يظهر عجمة العرب عن لغتهم. حيث اختلفت لهجاتهم عن اللغة الفصيحة وذلك بسبب الغزو الثقافي من جميع الأمم عبر العصور. فأصابت اللغة العربية والعرب أنفسهم في غربة عن كينونتهم وانتمائهم للإسلام والمسلمين! منذ تشكل نظام الدولة القُطرية أي الحدود بين الدول، خسر المسلمون العرب منذ إذ. وأصبح فينا من لا يهمه أن تتحدث باللغة الفصيحة أو لا، وتجد من يدعو إلى اعتماد اللغة العامية في المدارس والجامعات! إن الدول الغازية للعرب سابقاً تجبر مقيميها لتعلم لغتها أو الطرد من بلادها فأين عزتنا للغتنا ولماذا لا نطبق ذلك في الدول العربية يا ترى؟! فكنا حصن الدين والدنيا على العالم. أما وإن ظهرت الأفكار القومية فقد ترك المسلمون غير العرب لشؤونهم. وإذا حدثت أزمة في أوطاننا تنادينا بالأخوة الإسلامية والنخوة والشهامة وطلب الفزعة من تلك الدول الإسلامية غير العربية! إن الإشكال في مفهوم القومية هو محدوديته وأنانية الفكرة. فهو يحصر الأمر لفئة دون فئة، والإسلام يشمل كل فئات البشر بالعدل والسوية. فالأولوية للمواطنة وليست الانتماء للديانة وإن قيل غير ذلك. اليوم تجد إصابة بعض المسلمين بالعدوى القومية ليسأل المسلم غير العربي لماذا نساعدكم فلسنا من نفس الجنسية! ستجد الكثير من الدول الإسلامية غير العربية هي الأكثر فقراً بين دول العالم، وسوف تجد من أغنى الدول عربية أيضاً، فإذا أخرجت زكاة تلك الدول بالكامل بالشكل الصحيح على تلك الدول الفقيرة لانتفى الفقر يا أخوة بين المسلمين. ولكن لم تعد الزكاة فريضة تفرض ويحارب من أجلها، بل أصبحت هي والصدقات شكلا واحدا لا يفرق بينه إلا الأمر الفقهي فقط! حيث لم يكن هناك إشكال الفقر أو المجاعة في بلاد المسلمين يوم كان العرب سائدين على المسلمين. لقد ترك العرب الفكر الإسلامي بإرادتهم وأصبحت طقوس دينية فردية لا تشمل أو تعمل بآلية الفكر الأممي. ولكم في مشاهد الحاضرين لمؤتمرات الدول الإسلامية عظة وعبرة لكثير من الحاضرين الذين يغشاهم النعاس والنوم وهم حاضرين في تلك المؤتمرات. دلالة على غير الاهتمام والجدية لما يدور حولها أو يقال. نعم فإن للغزو الثقافي والفكري من دول لما يسمى بدول الاستعمار أو الاحتلال خلال الخمسمئة سنة الماضية دورا لهذا الانحطاط، من خلال فرض الواقع القهري للقوة الغاشمة، أو من خلال بث الفكر الانحلالي للمجتمعات عبر تشجيع تفكيك العائلة بالحريات المزعومة أو الأفكار المستشرقة للتأويل والتفسير لأسس التراث الثابتة والراسخة، حتى وصلنا لمرحلة يشار فيها الى من يريد العودة الى الأصول بالشيطنة والإرهاب! إن أول وأعظم فترات التاريخ الإسلامي عزة وشهادة يوم كانت الدول الإسلامية عربية، لأنها متمسكة بجذورها كالدولة النبوية والراشدة وأوائل فترة الدولة الاموية وبعض الفترات هنا وهناك يوم كانت الدول الإسلامية عربية، ولكن بدأ الأمر في الدولة العباسية يوم فتح باب توكيل الأعاجم على السلطة وترجمة الأفكار المفسدة للفكر والعقيدة الإسلامية. حيث دخلت بين المسلمين الأفكار والفئات الباطنية المفسدة والمعدية والتي تنخر في جسد المسلمين حتى تكالبت الأمم على العرب وما زال. بعد أن كانت حصناً منيعاً للفتن في عز توسع الدولة الراشدة في عصر عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضوان الله عنهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه « نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا».

291

| 24 أغسطس 2025

كون المرء عالة!

كيف للإنسان أن يكون عالة وقد أُنعِم عليه بالوجود؟ لقد خُلقنا على هذه الدنيا لسبب واحد بالرغم من اختلافاتنا لمفهوم الوجود واختلاف تحديد وجهتنا فيها. وكلنا نسأل عما نكون وماذا نُرِد من هذه الحياة. ومن الممكن أن نُغيّر أو أن نتغير بسبب العوامل والأحداث والأشخاص المؤثرين والمتأثرين بنا. وقد « نكون أو لا نكون « كما قال الكاتب المسرحي الشهير وليام شكسبير في مسرحيته الشهيرة «هاملت « لتأمله ما بين الموت والانتحار، أي التفضيل بين العيش لتحمل تحديات الحياة أو الاستسلام واختيار الموت! ولكن الأكيد أن تلك العوامل حتى من الناحية المادية لابد أن تتزاحم باحتكاك ما بين النواحي العضوية لجسمك أو الخارجية الملامسة لباقي المواد الأخرى في الكون كما يحدث مع نظرية تأثير الفراشة المحدثة للفوضى جراء تغير طفيف بالظروف المحيطة بشكل ديناميكي لتحدث نتائج كبيرة على المدى الطويل، فأي عمل مهما كان حجمه ونتيجته قد يؤثر في هذه الدنيا لا بل والحياة الآخرة. فالإنسان العالة جاءت الكلمة في معاجم اللغة على كل ما يعتمد على الغير والفقر وعدم الاستقلالية وإذ هي بشكلها السلبي، وقد تكون بمعناها الإيجابي إذا انتسبت إلى الأهل والعيال. ولكنها ارتبطت في أذهاننا على أنه الإنسان العاجز عن الأخذ بزمام أمره واعتماده على الأشخاص الآخرين ليقوموا بأموره وقد تتجاوز ذلك إلى أهله وعياله! قد يكون الفرد عالة بسبب الظروف المعيشية التي تعجزه عن الإنفاق على غيره ولا يكون قادراً على اعالة نفسه أو عائلته. ولكن الأمر في كثير من الأحيان يكون فقراً في العقلية المالية والعاطفية. فالله رزقنا عقولاً نتفكر بها ونجد بها الحلول، وقلوباً نؤمن بها فنصبر ونتيقن برزقنا المكفول ما بين السطور في اللوح المحفوظ. فالعالة قد يكون سبباً لعدم تحمل المسؤولية بقرار اختياري من المرء ليكون غير متحمل للمسؤولية ويصبح معتمداً عاطفياً ومالياً على طرف آخر يستغله. ولكن لا بأس بأن يطلب الإنسان ويسأل من الناس. سَمِعَ الإمام أحمد رجلاً يقول: « اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال: هذا رجل تمنى الموت» فلا يمكن للمرء أن يستغني عن الناس وإن حاول وحاول وإن اعتزل الناس كلهم فالغني رب الناس، حتى في عجائب الحياة الفطرية من الحيوانات المختلفة في النوع والسلسلة الغذائية وهي قد اعتمدت على مفترسيها بالرعاية! فإن العيال يحتاجون الرعاية من والديهم، واليتامى يطلبون من يؤويهم. وهناك من يحتاجون الرعاية مثل الفئات الأخرى كأصحاب الاحتياجات الخاصة والأمراض العقلية كذلك، ولكن من تلك الفئات من يعول نفسه وعائلته أيضاً. فما حجة من أعلى منهم وهم عالة في مجتمعاتهم؟! فهذا الخلق الكثير من الناس في هذا العالم يطلب التعاون لصلاح الحياة، ولا يمكن ذلك باستفراد المرء بنفسه دون العمل مع غيره قال تعالى { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ } المائدة ٢. فمن أرباب الأسر من يعتمد على زوجته في كل شيء وهو عالة، ومن الأبناء من كُلِّفَ بالعمل من رب السماء ويعيش على نفقة والديه وهو عالة. ومن الموظفين الذين يتجنبون العمل ويقضي وقته باللهو خارج وداخل العمل وهي من البطالة ويحتل مكان من يحتاج للعمل وهو عالة، ومن الأشخاص من يستحل بخبثه طيبة الآخرين وكرم وطنه ويستغل كل شاردة وواردة من مقدرات دولته للحصول على مبتغاه وهو عالة، ومن الناس من لا يبالي بقضايا وشؤون دينه ووطنه ويرى ما يحدث من حوله ولا يبالي بل ينتقص ويشمئز ممن يأخذ بزمام أمره وهو عالة. فخلاصة القول أنه لا يمكن للإنسان أن يكون عالة في هذه الحياة. فهو مجبورٌ من خالقه لأنه جزء من العبادة والأمانة التي على عاتق الإنسان في هذه الحياة. قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }. الذاريات ٥٦.

216

| 17 أغسطس 2025

الوهم والواقع

كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء في إحدى السنين عن موضوع ما يحصل في أمتنا من مصائب وكوارث حاصلة كما يفعل الجميع حتى احتدم النقاش، ليقول إنك لا تفقه فقه الواقع! فتفكرت في ذلك ملياً؛ وهو موضوع مقالتي. فمن المصطلحات الإدارية اللازمة في شتى العلوم والمجالات فقه الأولويات وهو من فقه الواقع. ولكن هل كل الواقع حقيقي يا ترى؟ أم هو من الوهم، وهو ما يبدو للناس على أنه حقيقي!. في فضاء عالم الشبكة العنكبوتية والتواصل الاجتماعي الكثير مما يبدو أنه من الخلق والطبيعة الفطرية وهو من صنع الذكاء الاصطناعي. وترى الناس ممن يتابع ويبدي إعجابه ويتناقله ويتحدث به على أنه حقيقة بحتة، ويكتب ويطلب بذكر سبحان الله على هذا المشهد على أساس أنه من صنع الخالق! وهذه الفئة من الناس كذلك كانت تنطلي عليهم أعمال أحد برامج التطبيقات أو ما يسمى «بالفوتوشوب» بشكل مماثل وهي التي بدأت تندثر مع تطور الذكاء الاصطناعي، والتي بدأت تصبح تهديدا وظيفيا حقيقيا لأصحاب هذه الخبرات والمهارة اليوم. كما زاد الجهد التحريري على الجهات الإعلامية والصحفية لتحري الحقيقة والخبر لغربلة ما هو حقيقي وما هو مزيف. فأصبح الناس في حيرة من أمرهم لا يعلم الرائِّي أو المتلقي هل ما يراه أو يسمعه حقيقة تصدق أم وهم يكذب؟. وترى المجادل السفسطائي يجد مبتغاه في استدلالاته ومغالطاته بذلك. فكلما جادلت عالماً قد تهزمه وكلما جادلت جاهلاً فالهزيمة حاسمة. وذلك لأن الجاهل يجادل على الوهم. والعالم يُرِدُ الوصول إلى الحق والحقيقة. شاهدت إحدى التجارب الحية في إحدى مشاهداتي لبرامج التواصل الاجتماعي لمجموعة من المشاركين مصطفين بشكل طابور مستقيم، وكل منهم عنده قلم وورقة تتنقل فيما بينهم على طول الطابور. وكانت البداية من ذيل الطابور ومطلوب منهم جميعاً أن يشاركوا بالرسم على تلك الورقة، ولكن كلُ يطلب منه رسم جزء من الرسمة على ظهر الآخر ويوصف بالهمس في أذنه من الذي وراءه دون مشاركته للذي أمامه، ودواليك على هذا المنوال حتى تصل لرأس الطابور. فكان العجيب اختلاف الرسمة المطلوبة عن الذي تصوره المشاركون في رأس الطابور في النهاية. وتمت عدة عمليات نتجت عنها رسمات مختلفة ومشاركون مختلفون، لتكون النتيجة واحدة؛ ليبين لكم سهولة توهم الإنسان للأمور وارتباك استيعابه للواقع. إن أزمة العقل العربي مع فكرة الوهم عظيمة، فهي لا تسمح له باستيعاب الآلام والدماء التي تنزف باسم العقيدة والدين والوطنية والتضحية. فالعقل العربي الجمعي ميال للوهم والعاطفة! وخصوصاً في هذا التيه وضياع الوجهة وضياع البوصلة في خارطة الأمم. فنحن نصدق كل ما قيل، ونكذب كل ما قال! دون أي بيان أو تحقق جراء المعتقدات والأفكار الفاسدة والمبتدعة في العصور الحديثة. ونكذب كل الأصول المترسخة في العصور السحيقة. ففسدت الأرض ولم يبق لا حجر ولا شجر ولا إنسان باسم التضحية والتحالفات الفاسدة. باسم الوهم تبقى شلالات وسيل الدماء مستمراً في هذه الأمة. حتى سهل عليها تناقل قول «إن الدم المسلم هو أرخص دم بين الأمم»! وخلاصة القول إن ربط الإيمان الراسخ بالعقل الواعي هو نتاج الحكمة المطلوبة لتجنب الوهوم وفقه الواقع. ولذلك فمن الضروري البحث العلمي الموزون بمقاييس الحق وليس فصل الدين عن العلم والإيمان عن العقل، بنفس الترتيب لا كما يريد العلمانيون، ليصبح الإيمان هو معيار العلم والدين هو مقياس العقل. فأمتنا أول من كانت في رأس قمم الأمم برسوخ البحث العلمي والمصادر. فرائد العلم التجريبي الحسن بن الهيثم والذي أسس للعلماء من بعده فنتج مشهد العصر الذي نعيشه، ومؤسس علم الإسناد محمد بن سيرين صاحب مقولة «إن هذا العلم دين فانظروا عَمّن تأخذون دينكم» لمصادر البحث العلمي الأكاديمي. وهو ثابت في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} الحجرات ٦.

438

| 10 أغسطس 2025

تعارض المصالح

اختلفت اهتمامات الناس حول مصالحهم الخاصة ومصالحهم العامة. فالمصلحة العامة هي التي تعني بمصلحة واهتمامات الدولة او المؤسسات او الهيئات او الشركات والمجموعات والجمعيات ونحوها من المنشأَت العامة. والمصالح الخاصة هي التي تعني بمصلحة الفرد واهتماماته او اهتمامات أهله وعياله. ترى عند اهل القانون مصطلح الحق العام؛ أي حق الدولة من الجزاء. فبعد أن يتم تجاوز حقوق الآخرين عند الحق او الجناية فانه لا يمكن تجاوز الحق العام وحتى إن تم العفو من قبل أصحاب الحقوق فهو يشمل المجتمع والدولة. ومن اهم إشكالات الناس في موضوعنا هو مبدأ تعارض المصالح. غالباً ما يكون في مقتبل عمره أول ما يتم تعيينه حريصا على مصلحة المكان الذي يعمل به. فتجد أداءه في منتهى النشاط والإنتاجية والحيوية والمعنويات العالية، حتى يعاشر رفقاء السوء في مكان العمل! فدائماً كما هناك معاول بناء فهناك معاول هدم في كل مكان. فيبدأون في الحديث معه عن حماقته لجعل صورة وأولوية ومصلحة مكان العمل في الحضيض في نظره، وذلك لعدم الفائدة من ذلك. وجعله يهيم في مكان العمل ولا يدري ماذا يفعل. خصوصاً ويكون الحديث غالباً عن جدوى الجهد وامضاء الوقت لتحقيق الأهداف الوظيفية وتطوير مكان العمل، ودائماً الكلمة السحرية هي « ايش معنه فلان وفلان يسوي وعنده واحنا ما نسوي ولا عندنا». وغالباً ما يكون هناك مسؤولية مباشرة من المسؤولين المباشرين لحدوث هذا الأمر. وعدم معرفة هذا الشاب او الشابة بأهداف او المصلحة الخاصة من الوظيفة. وهنا يحدث تعارض المصالح عند الفرد، فعدم درايته بأهدافه الخاصة من العمل جعلته في حالة ارتباك ما بين تغليب العمل على وضع أهدافه الخاصة من العمل أو العمل على تحقيق أهداف الفرد من تعيينه. وقد يكون من يتم تعيينه على معرفه بأهدافه الشخصية، ولا مانع من ذلك، فإن توافق الأهداف الشخصية مع اهداف العمل امر مطلوب ومثالي لأي جهة عمل. ولكن تبقى المشكلة عند تعارض الأهداف الشخصية مع المصلحة العامة أو أن يحصل الأمر الأدمر والأمّر وهو استغلال المصلحة العامة في سبيل تحقيق المصلحة الخاصة دون وجه حق. أول ما أدركت الامر في فترة الدراسة عندما وجدت بعض الطلبة يقولون لي نريد العمل في إدارة العلاقات العامة في أي مؤسسة او جهة حكومية او خاصة، فسألتهم عن سبب ذلك. فأجابوا بمنتهى الصراحة والوضوح، أنه حتى يمكننا استغلال الوظيفة من أجل تخليص بعض الصفقات الخاصة سواء مع مكان العمل او الجهات الخاصة من شركات وغيره لتسهيل رسو تلك الصفقات على تلك الجهات. الأمر الحاصل هو فساد اداري بحت يدعو لبيئة عمل خصبة للرشوة. وطبعاً بعد تطور معرفة تلك الفئة بدهاليز وثغرات العمل يسعون جاهدين للانتقال للعمل في ادارة المشتريات او لجان المناقصات ليكونوا في المناطق الدافئة لتغليب أغراض مصالحهم الشخصية خارج العمل. وهناك امثلة كثيرة من تم معاقبتهم لاستغال مناصبهم واختلاس الأموال ولكن بعد فوات الأون، وذلك لهروب الأموال غالباً خارج البلاد للأسف. فإذا فات الفوت ما ينفع الصوت. تذكرت في مؤسسة الطاقة استمارة إدارية لتعارض المصالح، فيها من الأسئلة عن وجود أي قرابة في مكان العمل، وذلك لسد ذرائع استغلال المصالح الخاصة على المصالح العامة. ولكن هذه هي البادرة المقترحة لكل جهات العمل فيجب دراسة انشاء تلك الاستمارة بعناية مع جميع مستلزماتها الإدارية المطلوبة. فيمكن استغلال تلك الاستمارات عند تعيين أي فرد في أي جهة وذلك للإفصاح عن أي امر قد يسبب تعارض للمصلحة العامة مع المصلحة الخاصة. ويكون هذا المستند دعامة قانونية للمستقبل لحدوث أي تعارض بين المصلحتين، بالإضافة الى منع الفساد الإداري بكل طرقه. ولكن يبقى دور الرقابة الإدارية والتدقيق المحاسبي في كل الجهات المعنية بهذا الأمر. وخلاصة القول إن المال السائب يعلم السرقة.

243

| 03 أغسطس 2025

تجويع غزة

إن ما يحدث من تجويع اهالي قطاع غزة في فلسطين جريمة بحق التاريخ الانساني، ولا يعني ذلك الا عدم مبالاة مِن مَن له يد بالقرار الإنساني لإدخال الطعام داخل القطاع. ولكن إذا كانت الأسباب السياسية والأمنية لما يحدث هو ضمن خطة ممنهجة ومتكاملة لقتل الإنسان الفلسطيني ببطء داخل القطاع دون التفريق بين المدني كبير سن كان أو طفل أو امرأة وبين المقاتل المقاوم فتلك هي الوحشية بمعناها الحقيقي. فالحاصل جراء عجز اجهزة الكيان الأمنية من القضاء على معنويات المقاومين داخل قطاع غزة الفلسطيني، مما أدى إلى سياسة التجويع هذه. فهو يستهدف اهالي المقاومين وغير أهالي المقاومين أيضاً ليحاول زعزعة ثقة الأهالي في المقاومين وجدوى الدفاع عن القطاع ضد الكيان. تحت مبدأ سياسة فرق تسد الإنجليزية الا يذكركم ذلك بمن سلَّم الأراضي الفلسطينية للكيان. ولكن النتيجة صفرية وسوف تبقى كذلك مهما حاول الكيان بشتى الأساليب تغير الأمر الحاصل. حيث لا يستطيع إلا التأثير على ان يحاول ان يفشل الحكومة التي تدير القطاع او قتل القيادات هنا وهناك دون اي تأثير يذكر على الفصائل المقاتلة في الداخل وإن كرر ذلك مراراً وتكراراً فلا جدوى إن كانت النتيجة واحدة في النهاية. الحقيقة المرة ان لسياسة الحرب والمفاوضات لفك الرهائن دورا في مماطلة الكيان لتجويع القطاع ايضاً فهو يستخدم سياسة العصا والجزرة رغم سوء الخيارات المتاحة من الأطراف الأخرى التي تفاوض بطرق غير مباشرة من خلال الوسطاء، ضمن عوامل الخداع والكذب والخيانة للأسف من طرف الكيان للأسف الشديد دون نتيجة تذكر إلا حقيقة استمرارية الامر على حاله فاختلفت الأسباب والموت واحدُ. فكل الطرق مسدودة للتعامل مع أصحاب القرار بنظام هذا الكيان. وهو إذ يماطل ضمن معرفته بالخطط والمآلات. فقوات الكيان لا تستطيع الدخول إلى الانفاق المتشعبة داخل القطاع لجبنه عن المواجهة المباشرة وتكبد الخسائر الفادحة، فضلا على مواجهته للفصائل فوق الارض وهو يتشبع بالضربات الموجعة ما دامت الحرب قائمة. وهو يعرف كل ذلك عبر تصريحاته وخططه الفاشلة والتي لا تزيد صورته المشوهة إلا تشويهاً امام العالم من خلال هذه الوحشية المتبعة. ولا عجباً بتصريحات مسؤوليه عن السكان داخل القطاع على العموم انهم حيوانات يكرم الإنسان عن ذلك او التصريحات المجنونة لضرب القطاع بالسلاح النووي! فالذي فكر بضرب القطاع بالنووي ألم يعلمه انه سيتأثر كذلك؟! فالصراخ على قدر الألم. ولا يؤكد ذلك إلا عدم توقف الحرب على القطاع منذ سنين وما زال ما دامت الظروف السياسية المحيطة حول الدولة الفلسطينية كما هي. اين ادارة السلطة الفلسطينية مما يحدث في قطاع غزة الان؟! فكل الاتفاقيات الدولية السابقة كانت وما زالت مبنية باسمها. وكل التحركات الدولية للاعتراف بحل الدولتين ودعم القضية الفلسطينية تحدث للدعم الرسمي لها. ام اصبحت السلطة الفلسطينية هي فقط الضفة الغربية! إن النزاع الفلسطيني الفلسطيني هو السبب الرئيسي برأيي لما يحدث من مآسٍ وما زال داخل الأراضي الفلسطينية. وركاكة الدعم العربي وذلك بحجة الإيدلوجية السياسية لحكومة القطاع والذي ليس له داعٍ لعدم الضغط على الكيان من قبل الولايات المتحدة لفداحة الموقف السلبي الفاضح بدعم الكيان بالسلاح وعدم الضغط عليه لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع على الأقل. وزاد على ذلك الطين بلة خيار خطط التهجير لأهالي القطاع لضعف القرار السياسي العربي الداعم والمدافع للدولة الفلسطينية المستقلة او الأحزاب الفلسطينية الاخرى، وانسداد الحلول السياسية مما اصبحت الخيارات المسلحة هي الحلّ المصيريّ والوحيد للشعب الفلسطيني. قال تعالى: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } الأنفال ٤٦. مشكلة العالم الجهل المبرمج من قبل الصهيونية العالمية منذ زمن وما زال ليتم عدم التفريق بين الضحية والجلاد، وحتى أصبح حق الدفاع عن النفس للضحية جريمة! ولكن الحقيقة النهائية أن الأراضي الفلسطينية ستتحرر بالكامل طال الزمان أو قصر وذلك مصداقاً لكلام ربي في منزل تحكيمه.

231

| 27 يوليو 2025

نزع السلاح والسلام

في أحد تعريفات السياسة عُّرفَ بفن الحرب والسلم، ولكن تعريفي للسياسة هو فن الحرب والسلم لنزع السلاح. وليس السلاح بمعناه المادي فقط! فهناك معانٍ مجازية للسلاح ومنها الأسلحة الاقتصادية كالمقاطعة والعقوبات. وكلها تبنى على المصالح الاقتصادية للدول والمؤسسات والشركات الدولية لتجارة السلاح، وان كان للعقائد والأفكار دور ثانوي بالنسبة لذلك. فلنجاح السلاح من خلال الحروب امر حيوي يدعو الى استمراريتها بداعي در الأموال لتلك المؤسسات بغض النظر عن سيل الدم الإنساني جراء ذلك! إن التجاذبات السياسية بين الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة لنزع السلاح من الأفراد مثال حي لنزع السلاح لإحلال السلام. بالرغم من الحملات الديمقراطية لفرض قوانين نزع السلاح فما زال الرئيس ترمب من أشد المعارضين لنزع السلاح بالرغم من حوادث القتل المروعة التي تحدث هناك بين الفينة والآخرى. وكل ذلك بحجة أن تلك الحيازة للسلاح بدافع الدفاع ضد الشر للمواطن الأمريكي. إن استمرارية هذا الامر لها من المنطق المفهوم، أي انها مبنية على مبدأ توازن الرعب. حيث إن فكر المجرم في اقتحام المنزل للسرقة او ارتكاب الجريمة فانه يتوقع حيازة مالك المنزل للسلاح، فيخلق نوعا من السلم والأمن المجتمعي داخل الدولة. ولكن هل ينطبق هذا المفهوم السياسي الأمريكي على منطقتنا العربية يا ترى؟ فنزع السلاح في منطقتنا العربية ما زال هو الهدف الرئيسي في المفاوضات لنزع السلاح من الأطراف المقاومة في المنطقة. دون ابداء أي تنازل عن ذلك. فكل المفاوضات التي تمت بشتى الطرق عبر الأزمان السابقة وحتى الآن هي لنزع سلاح المقاومة من فلسطين. وهي في الماضي القريب دمرت قدرات الدفاع للجيش السوري. وما زالت ماضية قدماً لإنهاء أي مقاومة للفصائل التابعة لإيران في لبنان كحزب الله. ولكم في الضربة الأخيرة من الكيان في سوريا لوزارة الدفاع هناك خير دليل لما يعني نزع السلاح لإحلال السلام! وايضاً للسلاح اقتصاد تجاري ترتفع أسهمه بنجاح كفاءة السلاح من خلال الحروب. فعند نشوب الحرب بين الهند وباكستان، تفوقت فاعلية سلاح الجو الباكستاني في المعارك التي جرت مما اظهر فاعلية أسلحة الطيران الصينية وترتفع أسهم طلبها على الصعيد الدولي. ولكن هل للدول الصغرى والمتوسطة شراء الأسلحة من الغرب او الشرق كما يحلو لها؟ الاجابة قطعاً لا أيها السيدات والسادة. فالدول الصغرى التي عندها اتفاقيات استراتيجية مع الدول الغربية ليس لها من المرونة والمساحة التي تمكنها من تنويع الأسلحة. وان كان فإن حجم ونوع الأسلحة ليس بالذي يردع أو يجعلها تدافع عن نفسها أمام الأعداء. فالدول الكبرى تصرف الأسلحة لتحقيق هدفين رئيسين سياسي واقتصادي هما الهيمنة والسيطرة على الدولة المشترية للسلاح بالإضافة الى المنفعة الاقتصادية جراء شرائه. فلن تسمح باي رفع لمستوى القوى عبر شراء السلاح لدولة تملك من خلالها زمام أمرها. ليس هناك سلام ولا حرب دائمة، فمهما طال السلام في الدول التي تظن انها امنة لابد ان يأتي يوم ويتغير ذلك، فدوام الحال من المحال. فقوة السلاح تعطيك المنعة وحرية القرار وأعداء الامة لا يريدونها أن تنفك من وطأة الاستعمار، فلابأس أن يخدر المستعمر او مسمى آخر المحتل بخطط إعادة الإعمار. ولكن هيهات هيهات فالفكر قبل الحجر. إن العمل على ذلك ممنهج بخطط ثابتة ومعدلة على حسب نتائج تحقيقه. ومجمل هذه الأهداف هو إفناء أي مقاومة سياسية من خلال فنون الحرب والسلم حتى يمكن استسلام كل الأنظمة او الحكومات المقاومة لتلك الأهداف. ونزع سيادتها حتى تعلن استسلامها عبر الموافقة على شروط الاستسلام وفقاً للدول المهيمنة. وإن لم يعترف بعض من فئات الشعوب في هذه الدول المناهضة. فإذا امعنت في التاريخ فترى الكل يحاول السيطرة على العالم وفق فكره ومعتقده ومصالحه ولكن وفق أدوات نزع السلاح من الخصوم. فالأيام دول، يوم لك ويوم عليك.

252

| 20 يوليو 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5166

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

5085

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4617

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

1893

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1728

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

963

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

891

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

885

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

756

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

654

| 06 أكتوبر 2025

أخبار محلية