رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

279

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

ماذا خسر المسلمون بانحطاط العرب؟

24 أغسطس 2025 , 05:32ص

كان يا ما كان في قديم الزمان للغتنا العربية تفاخر بتعلمها بين الأمم. وذلك لمن عاد من بلاد الأندلس « اسبانيا حالياً» أو من عاد من بلاد العراق إلى أواسط آسيا والصين. فقد كانت لغة العلم والعلماء كما هي اللغة الإنجليزية في عصورنا الحالية. يجب عَلّيْ أحبائي القراء أُوَضّح معنى الانحطاط لمن لا يقرأ، فَمِنّا من لا يقرأ وإذا قرأ لا يفهم، وإذا تحدث أَضل الناس بجهل. فمعنى الانحطاط أعزائي هو الانحدار والتدني في المستوى والقدرة والقيمة. وقد يشار إلى التدهور وضعف المكانة والتفسخ الأخلاقي والجمود الفكري والضعف الاجتماعي. ولكن لماذا العرب بالتحديد؟ فلقد جاء كتاب الإله الأوحد في الوجود المحفوظ من الانحطاط بلسانٍ عربيٍ مبين. أي أنه بلغة العرب، حيث نجد الكثير من حفاظ كتاب الله ولكن الإشكال هو العمل بمقتضاه. لكن الواقع يظهر عجمة العرب عن لغتهم. حيث اختلفت لهجاتهم عن اللغة الفصيحة وذلك بسبب الغزو الثقافي من جميع الأمم عبر العصور. فأصابت اللغة العربية والعرب أنفسهم في غربة عن كينونتهم وانتمائهم للإسلام والمسلمين!

منذ تشكل نظام الدولة القُطرية أي الحدود بين الدول، خسر المسلمون العرب منذ إذ. وأصبح فينا من لا يهمه أن تتحدث باللغة الفصيحة أو لا، وتجد من يدعو إلى اعتماد اللغة العامية في المدارس والجامعات! إن الدول الغازية للعرب سابقاً تجبر مقيميها لتعلم لغتها أو الطرد من بلادها فأين عزتنا للغتنا ولماذا لا نطبق ذلك في الدول العربية يا ترى؟! فكنا حصن الدين والدنيا على العالم. أما وإن ظهرت الأفكار القومية فقد ترك المسلمون غير العرب لشؤونهم. وإذا حدثت أزمة في أوطاننا تنادينا بالأخوة الإسلامية والنخوة والشهامة وطلب الفزعة من تلك الدول الإسلامية غير العربية! إن الإشكال في مفهوم القومية هو محدوديته وأنانية الفكرة. فهو يحصر الأمر لفئة دون فئة، والإسلام يشمل كل فئات البشر بالعدل والسوية. فالأولوية للمواطنة وليست الانتماء للديانة وإن قيل غير ذلك. اليوم تجد إصابة بعض المسلمين بالعدوى القومية ليسأل المسلم غير العربي لماذا نساعدكم فلسنا من نفس الجنسية!

ستجد الكثير من الدول الإسلامية غير العربية هي الأكثر فقراً بين دول العالم، وسوف تجد من أغنى الدول عربية أيضاً، فإذا أخرجت زكاة تلك الدول بالكامل بالشكل الصحيح على تلك الدول الفقيرة لانتفى الفقر يا أخوة بين المسلمين. ولكن لم تعد الزكاة فريضة تفرض ويحارب من أجلها، بل أصبحت هي والصدقات شكلا واحدا لا يفرق بينه إلا الأمر الفقهي فقط! حيث لم يكن هناك إشكال الفقر أو المجاعة في بلاد المسلمين يوم كان العرب سائدين على المسلمين. لقد ترك العرب الفكر الإسلامي بإرادتهم وأصبحت طقوس دينية فردية لا تشمل أو تعمل بآلية الفكر الأممي. ولكم في مشاهد الحاضرين لمؤتمرات الدول الإسلامية عظة وعبرة لكثير من الحاضرين الذين يغشاهم النعاس والنوم وهم حاضرين في تلك المؤتمرات. دلالة على غير الاهتمام والجدية لما يدور حولها أو يقال. نعم فإن للغزو الثقافي والفكري من دول لما يسمى بدول الاستعمار أو الاحتلال خلال الخمسمئة سنة الماضية دورا لهذا الانحطاط، من خلال فرض الواقع القهري للقوة الغاشمة، أو من خلال بث الفكر الانحلالي للمجتمعات عبر تشجيع تفكيك العائلة بالحريات المزعومة أو الأفكار المستشرقة للتأويل والتفسير لأسس التراث الثابتة والراسخة، حتى وصلنا لمرحلة يشار فيها الى من يريد العودة الى الأصول بالشيطنة والإرهاب!

إن أول وأعظم فترات التاريخ الإسلامي عزة وشهادة يوم كانت الدول الإسلامية عربية، لأنها متمسكة بجذورها كالدولة النبوية والراشدة وأوائل فترة الدولة الاموية وبعض الفترات هنا وهناك يوم كانت الدول الإسلامية عربية، ولكن بدأ الأمر في الدولة العباسية يوم فتح باب توكيل الأعاجم على السلطة وترجمة الأفكار المفسدة للفكر والعقيدة الإسلامية. حيث دخلت بين المسلمين الأفكار والفئات الباطنية المفسدة والمعدية والتي تنخر في جسد المسلمين حتى تكالبت الأمم على العرب وما زال. بعد أن كانت حصناً منيعاً للفتن في عز توسع الدولة الراشدة في عصر عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضوان الله عنهم. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه « نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا».

مساحة إعلانية