رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء في إحدى السنين عن موضوع ما يحصل في أمتنا من مصائب وكوارث حاصلة كما يفعل الجميع حتى احتدم النقاش، ليقول إنك لا تفقه فقه الواقع! فتفكرت في ذلك ملياً؛ وهو موضوع مقالتي. فمن المصطلحات الإدارية اللازمة في شتى العلوم والمجالات فقه الأولويات وهو من فقه الواقع. ولكن هل كل الواقع حقيقي يا ترى؟ أم هو من الوهم، وهو ما يبدو للناس على أنه حقيقي!.
في فضاء عالم الشبكة العنكبوتية والتواصل الاجتماعي الكثير مما يبدو أنه من الخلق والطبيعة الفطرية وهو من صنع الذكاء الاصطناعي. وترى الناس ممن يتابع ويبدي إعجابه ويتناقله ويتحدث به على أنه حقيقة بحتة، ويكتب ويطلب بذكر سبحان الله على هذا المشهد على أساس أنه من صنع الخالق! وهذه الفئة من الناس كذلك كانت تنطلي عليهم أعمال أحد برامج التطبيقات أو ما يسمى «بالفوتوشوب» بشكل مماثل وهي التي بدأت تندثر مع تطور الذكاء الاصطناعي، والتي بدأت تصبح تهديدا وظيفيا حقيقيا لأصحاب هذه الخبرات والمهارة اليوم. كما زاد الجهد التحريري على الجهات الإعلامية والصحفية لتحري الحقيقة والخبر لغربلة ما هو حقيقي وما هو مزيف. فأصبح الناس في حيرة من أمرهم لا يعلم الرائِّي أو المتلقي هل ما يراه أو يسمعه حقيقة تصدق أم وهم يكذب؟. وترى المجادل السفسطائي يجد مبتغاه في استدلالاته ومغالطاته بذلك. فكلما جادلت عالماً قد تهزمه وكلما جادلت جاهلاً فالهزيمة حاسمة. وذلك لأن الجاهل يجادل على الوهم. والعالم يُرِدُ الوصول إلى الحق والحقيقة.
شاهدت إحدى التجارب الحية في إحدى مشاهداتي لبرامج التواصل الاجتماعي لمجموعة من المشاركين مصطفين بشكل طابور مستقيم، وكل منهم عنده قلم وورقة تتنقل فيما بينهم على طول الطابور. وكانت البداية من ذيل الطابور ومطلوب منهم جميعاً أن يشاركوا بالرسم على تلك الورقة، ولكن كلُ يطلب منه رسم جزء من الرسمة على ظهر الآخر ويوصف بالهمس في أذنه من الذي وراءه دون مشاركته للذي أمامه، ودواليك على هذا المنوال حتى تصل لرأس الطابور. فكان العجيب اختلاف الرسمة المطلوبة عن الذي تصوره المشاركون في رأس الطابور في النهاية. وتمت عدة عمليات نتجت عنها رسمات مختلفة ومشاركون مختلفون، لتكون النتيجة واحدة؛ ليبين لكم سهولة توهم الإنسان للأمور وارتباك استيعابه للواقع.
إن أزمة العقل العربي مع فكرة الوهم عظيمة، فهي لا تسمح له باستيعاب الآلام والدماء التي تنزف باسم العقيدة والدين والوطنية والتضحية. فالعقل العربي الجمعي ميال للوهم والعاطفة! وخصوصاً في هذا التيه وضياع الوجهة وضياع البوصلة في خارطة الأمم. فنحن نصدق كل ما قيل، ونكذب كل ما قال! دون أي بيان أو تحقق جراء المعتقدات والأفكار الفاسدة والمبتدعة في العصور الحديثة. ونكذب كل الأصول المترسخة في العصور السحيقة. ففسدت الأرض ولم يبق لا حجر ولا شجر ولا إنسان باسم التضحية والتحالفات الفاسدة. باسم الوهم تبقى شلالات وسيل الدماء مستمراً في هذه الأمة. حتى سهل عليها تناقل قول «إن الدم المسلم هو أرخص دم بين الأمم»!
وخلاصة القول إن ربط الإيمان الراسخ بالعقل الواعي هو نتاج الحكمة المطلوبة لتجنب الوهوم وفقه الواقع. ولذلك فمن الضروري البحث العلمي الموزون بمقاييس الحق وليس فصل الدين عن العلم والإيمان عن العقل، بنفس الترتيب لا كما يريد العلمانيون، ليصبح الإيمان هو معيار العلم والدين هو مقياس العقل. فأمتنا أول من كانت في رأس قمم الأمم برسوخ البحث العلمي والمصادر. فرائد العلم التجريبي الحسن بن الهيثم والذي أسس للعلماء من بعده فنتج مشهد العصر الذي نعيشه، ومؤسس علم الإسناد محمد بن سيرين صاحب مقولة «إن هذا العلم دين فانظروا عَمّن تأخذون دينكم» لمصادر البحث العلمي الأكاديمي. وهو ثابت في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} الحجرات ٦.
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد
168
| 13 أكتوبر 2025
عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد
141
| 13 أكتوبر 2025
ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد
96
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8757
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6936
| 06 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
2892
| 13 أكتوبر 2025