رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

438

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

الوهم والواقع

10 أغسطس 2025 , 01:03ص

كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء في إحدى السنين عن موضوع ما يحصل في أمتنا من مصائب وكوارث حاصلة كما يفعل الجميع حتى احتدم النقاش، ليقول إنك لا تفقه فقه الواقع! فتفكرت في ذلك ملياً؛ وهو موضوع مقالتي. فمن المصطلحات الإدارية اللازمة في شتى العلوم والمجالات فقه الأولويات وهو من فقه الواقع. ولكن هل كل الواقع حقيقي يا ترى؟ أم هو من الوهم، وهو ما يبدو للناس على أنه حقيقي!.

في فضاء عالم الشبكة العنكبوتية والتواصل الاجتماعي الكثير مما يبدو أنه من الخلق والطبيعة الفطرية وهو من صنع الذكاء الاصطناعي. وترى الناس ممن يتابع ويبدي إعجابه ويتناقله ويتحدث به على أنه حقيقة بحتة، ويكتب ويطلب بذكر سبحان الله على هذا المشهد على أساس أنه من صنع الخالق! وهذه الفئة من الناس كذلك كانت تنطلي عليهم أعمال أحد برامج التطبيقات أو ما يسمى «بالفوتوشوب» بشكل مماثل وهي التي بدأت تندثر مع تطور الذكاء الاصطناعي، والتي بدأت تصبح تهديدا وظيفيا حقيقيا لأصحاب هذه الخبرات والمهارة اليوم. كما زاد الجهد التحريري على الجهات الإعلامية والصحفية لتحري الحقيقة والخبر لغربلة ما هو حقيقي وما هو مزيف. فأصبح الناس في حيرة من أمرهم لا يعلم الرائِّي أو المتلقي هل ما يراه أو يسمعه حقيقة تصدق أم وهم يكذب؟. وترى المجادل السفسطائي يجد مبتغاه في استدلالاته ومغالطاته بذلك. فكلما جادلت عالماً قد تهزمه وكلما جادلت جاهلاً فالهزيمة حاسمة. وذلك لأن الجاهل يجادل على الوهم. والعالم يُرِدُ الوصول إلى الحق والحقيقة. 

شاهدت إحدى التجارب الحية في إحدى مشاهداتي لبرامج التواصل الاجتماعي لمجموعة من المشاركين مصطفين بشكل طابور مستقيم، وكل منهم عنده قلم وورقة تتنقل فيما بينهم على طول الطابور. وكانت البداية من ذيل الطابور ومطلوب منهم جميعاً أن يشاركوا بالرسم على تلك الورقة، ولكن كلُ يطلب منه رسم جزء من الرسمة على ظهر الآخر ويوصف بالهمس في أذنه من الذي وراءه دون مشاركته للذي أمامه، ودواليك على هذا المنوال حتى تصل لرأس الطابور. فكان العجيب اختلاف الرسمة المطلوبة عن الذي تصوره المشاركون في رأس الطابور في النهاية. وتمت عدة عمليات نتجت عنها رسمات مختلفة ومشاركون مختلفون، لتكون النتيجة واحدة؛ ليبين لكم سهولة توهم الإنسان للأمور وارتباك استيعابه للواقع. 

إن أزمة العقل العربي مع فكرة الوهم عظيمة، فهي لا تسمح له باستيعاب الآلام والدماء التي تنزف باسم العقيدة والدين والوطنية والتضحية. فالعقل العربي الجمعي ميال للوهم والعاطفة! وخصوصاً في هذا التيه وضياع الوجهة وضياع البوصلة في خارطة الأمم. فنحن نصدق كل ما قيل، ونكذب كل ما قال! دون أي بيان أو تحقق جراء المعتقدات والأفكار الفاسدة والمبتدعة في العصور الحديثة. ونكذب كل الأصول المترسخة في العصور السحيقة. ففسدت الأرض ولم يبق لا حجر ولا شجر ولا إنسان باسم التضحية والتحالفات الفاسدة. باسم الوهم تبقى شلالات وسيل الدماء مستمراً في هذه الأمة. حتى سهل عليها تناقل قول «إن الدم المسلم هو أرخص دم بين الأمم»! 

وخلاصة القول إن ربط الإيمان الراسخ بالعقل الواعي هو نتاج الحكمة المطلوبة لتجنب الوهوم وفقه الواقع. ولذلك فمن الضروري البحث العلمي الموزون بمقاييس الحق وليس فصل الدين عن العلم والإيمان عن العقل، بنفس الترتيب لا كما يريد العلمانيون، ليصبح الإيمان هو معيار العلم والدين هو مقياس العقل. فأمتنا أول من كانت في رأس قمم الأمم برسوخ البحث العلمي والمصادر. فرائد العلم التجريبي الحسن بن الهيثم والذي أسس للعلماء من بعده فنتج مشهد العصر الذي نعيشه، ومؤسس علم الإسناد محمد بن سيرين صاحب مقولة «إن هذا العلم دين فانظروا عَمّن تأخذون دينكم» لمصادر البحث العلمي الأكاديمي. وهو ثابت في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} الحجرات ٦.

اقرأ المزيد

alsharq هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً، إلا أن أحداً منا لا يرغب في الشيخوخة. فالإنسان بطبيعته... اقرأ المزيد

168

| 13 أكتوبر 2025

alsharq مـــن يتحمــــــل مثــــل أهــــل غـــــزة؟

عامان من الفقد والدمار عامان من الإنهاك والبكاء عامان من القهر والكمد عامان من الحرمان والوجع عامان من... اقرأ المزيد

141

| 13 أكتوبر 2025

alsharq تفاصيل صغيرة

ما أجمل الحياة حين ننظر إليها من زوايا واسعة، فنكتشف ما يُسعدنا فيها، حتى لو كان بسيطًا وصغيرًا.... اقرأ المزيد

96

| 13 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية