رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

البنية التحتية غير المرئية للنمو

لا يخفى على أحد أن الأمم لا تنهض بالموارد الطبيعية وحدها، ولا بالمشاريع العمرانية الضخمة، بل بقيمة الإنسان وقدرته على التعلم والتطور. فالبنية التحتية الحقيقية لأي مجتمع متقدم تبدأ من بناء العقول وصقل المهارات، قبل أن تبدأ من تشييد الأبراج والطرق. وهنا يبرز التدريب باعتباره استثمارًا في رأس المال البشري، وهو الاستثمار الأكثر استدامة والأعلى عائدًا على المدى الطويل. فالمجتمعات التي تجعل التدريب جزءًا أصيلًا من سياساتها التنموية قادرة على مواجهة الأزمات، وصناعة فرص جديدة، وحجز مكانة تنافسية متقدمة على خريطة العالم. عندما نتحدث عن البنية التحتية للنمو الاقتصادي والاجتماعي، غالبًا ما يتبادر إلى الأذهان الطرق والجسور والمطارات وشبكات الاتصالات. غير أن هناك بنية تحتية أخرى، غير مرئية للعين لكنها حاسمة في صناعة المستقبل، ألا وهي التدريب. فالتدريب ليس نشاطًا تكميليًا أو خدمة مساندة، بل هو محرك استراتيجي يعزز القدرة التنافسية، ويمد الاقتصادات بطاقة متجددة، ويمكّن الأفراد والمؤسسات من التكيّف مع عالم سريع التغير. وتشير تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن الاستثمار في تنمية المهارات والتعلم المستمر يسهم في رفع إنتاجية الأفراد بنسبة تصل إلى 12% سنويًا، ويزيد من قدرة الاقتصادات على مواجهة التحولات التكنولوجية المتسارعة. كما تبرز المنظمة أن الدول التي تخصص أكثر من 1.5% من ناتجها المحلي الإجمالي للتدريب والتطوير تحقق معدلات نمو أعلى وأكثر استدامة مقارنة بغيرها. وفي دراسة صادرة عن OECD عام 2022، تبين أن المؤسسات التي تستثمر في التدريب بشكل منتظم تقل لديها معدلات دوران الموظفين بما نسبته 30% ما يعزز الاستقرار المؤسسي ويخفض تكاليف الاستقطاب والتوظيف. شواهد وأرقام تؤكد الأثر: •تقرير Skills Outlook 2023 أوضح أن الاستثمار في التدريب رفع معدلات التوظيف في بعض الاقتصادات الأوروبية بنسبة تتراوح بين 6 – 9% خلال خمس سنوات فقط. •كل دولار يُستثمر في التدريب يحقق مردودًا يقارب أربعة أضعافه عبر زيادة الإنتاجية والكفاءة التشغيلية. •على المستوى الفردي، تزيد احتمالات الترقي الوظيفي للمشاركين في برامج التدريب المستمرة بنسبة 24% مقارنة بغيرهم. هذه الأرقام تكشف أن التدريب ليس مجرد تكلفة، بل استثمار عالي العائد ينعكس على الفرد والمؤسسة والدولة. التدريب ركيزة للنمو المستدام: مع التحولات الكبرى كالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لم يعد التدريب ترفًا أو خيارًا ثانويًا. فحتى أرقى البنى التحتية المادية لن تحقق أهدافها إذا لم تُدعَم بالإنسان القادر على تشغيلها وتطويرها. وهنا يصبح التدريب ركيزة للنمو المستدام، يربط بين التقنية والإنسان، وبين الطموح والإنجاز. خاتمة إن التدريب هو البنية التحتية غير المرئية التي يقوم عليها ازدهار المجتمعات وقوة الاقتصادات. إنه استثمار طويل الأمد تتضاعف عوائده بمرور الزمن، ويضمن أن تبقى المجتمعات قادرة على المنافسة والابتكار. وعليه، فإن إدماج التدريب كحق أساسي واستثمار وطني لم يعد خيارًا، بل التزام استراتيجي تجاه مستقبل أكثر إشراقًا.

270

| 18 أغسطس 2025

عولمة التدريب

جسر للتواصل بين الثقافات عبر السفارات والملحقيات الثقافية، مفهوم عولمة التدريب يعني أن تكون المعرفة والمهارات متاحة بلا حدود، وأن تنتقل الخبرات بين الشعوب بسلاسة، بما يسهم في تنمية القدرات البشرية على نطاق عالمي، ويعزز التفاهم بين الثقافات. إحدى أهم القنوات لتحقيق هذا الانفتاح تكمن في السفارات والملحقيات الثقافية، التي يمكن أن تتحول من مجرد منصات دبلوماسية إلى بوابات للتعاون التدريبي الدولي. فهذه الجهات تملك شبكة واسعة من العلاقات والموارد، وتمثل صلة الوصل الطبيعية بين المؤسسات التعليمية والتدريبية في الدول المختلفة، مما يجعلها شريكًا محوريًا في عولمة التدريب.من خلال هذا الدور، يمكن للسفارات والملحقيات الثقافية أن: 1. تنظم برامج تدريبية مشتركة بين المؤسسات في البلدين، تجمع متدربين ومدربين من خلفيات متعددة، مما يثري التجربة التعليمية ويعزز التبادل الثقافي. 2. تسهل إجراءات التعاون عبر تبسيط المتطلبات الإدارية والتأشيرات، بما يتيح للمدربين والمتدربين التنقل بسهولة لحضور البرامج الدولية. 3. توفر منصات للتواصل المستمر بين الجهات التدريبية، لضمان استدامة الشراكات وفاعليتها. 4. تعزز التفاهم الثقافي من خلال تضمين برامج التدريب وحدات تعريفية بثقافة البلد الآخر، لتقليل احتمالية حدوث صدامات أو سوء فهم التحديات التي تواجه التدريب في بيئات متعددة الثقافات غالبًا ما تتعلق باختلاف أنماط التواصل، وتباين التوقعات، وتعدد الممارسات الإدارية. وهنا يأتي دور التكامل بين السفارات والملحقيات الثقافية لمعالجة هذه التحديات قبل أن تتحول إلى عوائق. فعلى سبيل المثال، يمكن لهذه الجهات أن تهيئ المتدربين والمدربين على فهم خصوصية الثقافة المضيفة، وتشرح لهم أصول التعامل وأسلوب العمل المتبع، مما يختصر الوقت والجهد، ويزيد من نجاح البرنامج التدريبي. لقد أثبتت بعض التجارب الدولية أن عولمة التدريب تسهم بشكل مباشر في رفع مستوى الكفاءات، وتوسيع آفاق المشاركين، وإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المحلية من خلال الاطلاع على خبرات وتجارب دول أخرى. ففي دول مثل سنغافورة وكندا، أصبحت الملاحق الثقافية جزءًا من منظومة تطوير المهارات، عبر التنسيق المستمر مع مراكز التدريب وإيفاد المتخصصين لتنفيذ برامج في الخارج. فدولة قطر تسعى ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية الثالثة (2030-2024) إلى تعزيز رأس المال البشري والانفتاح على أفضل الممارسات العالمية، فإن تفعيل دور السفارات والملحقيات الثقافية في عولمة التدريب سيضيف بعدًا جديدًا للتنمية. فالتدريب لم يعد رفاهية أو نشاطًا ثانويًا، بل أداة استراتيجية لصياغة المستقبل، وضمان قدرة الأجيال القادمة على المنافسة في بيئة عالمية متغيرة. إن الدعوة إلى عولمة التدريب ليست مجرد شعار، بل هي رؤية عملية تقوم على الشراكة الدولية، والتكامل المؤسسي، والاحترام المتبادل بين الثقافات. وعندما تتحول السفارات والملحقيات الثقافية إلى محركات نشطة لهذا التعاون، فإننا لا نحقق فقط نقل المعرفة، بل نبني جسورًا إنسانية تمتد أبعد من حدود السياسة والاقتصاد، لتصل إلى عمق التفاهم الإنساني. بهذه الرؤية، يمكننا أن نجعل من التدريب أداة حقيقية للتقارب العالمي، ومن عولمته مفتاحًا لحل التحديات المشتركة، وصناعة مستقبل أكثر وعيًا وتعاونًا بين الأمم.

135

| 17 أغسطس 2025

المدرب العالمي.. سفير المعرفة بين الثقافات

في عصر العولمة والانفتاح، لم يعد التدريب نشاطًا محليًا محدود النطاق، بل أصبح مهنة عابرة للحدود، تتجاوز الجغرافيا لتصل إلى قاعات التدريب في مختلف القارات. وفي قلب هذا التحول، يبرز المدرب العالمي بوصفه سفيرًا للمعرفة بين الثقافات، يجمع بين مهاراته المهنية وخبرته الإنسانية لنقل الأفكار والخبرات من سياق إلى آخر، مع مراعاة الفوارق الثقافية والاجتماعية التي تميز كل بيئة عمل. المدرب العالمي ليس مجرد ناقل لمحتوى تدريبي، بل هو جسر تواصل حيّ، قادر على تكييف أساليبه ومناهجه بما يتناسب مع خلفيات المتدربين، وعاداتهم، وأنماط تفكيرهم. هذه القدرة على التكيّف تمنحه ميزة فريدة في بناء الثقة، وتعزيز الفهم المتبادل، وتحقيق أقصى درجات التفاعل. التحديات التي يمكن أن يحلها المدرب العالمي: 1. تباين الخلفيات الثقافية: في فرق العمل متعددة الجنسيات، قد تؤدي الاختلافات في طرق التواصل، أو فهم الأدوار، أو أساليب العمل، إلى سوء فهم أو ضعف في الأداء. المدرب العالمي يستطيع تحويل هذه التباينات إلى مصدر قوة، من خلال غرس قيم الاحترام المتبادل، وبناء بيئة عمل منسجمة. 2. حاجز اللغة والمصطلحات: حتى مع وجود لغة مشتركة للتدريب، قد تختلف المصطلحات أو المفاهيم من ثقافة إلى أخرى. المدرب العالمي يمتلك القدرة على تبسيط المعاني وتوضيحها بما يناسب كل جمهور. 3. التباين في أساليب التعلم: ما ينجح في بيئة تعليمية غربية قد لا يكون مناسبًا في بيئة آسيوية أو عربية، والعكس صحيح. المدرب العالمي يعرف كيف يختار الأدوات والأساليب الأكثر فاعلية لكل ثقافة. 4. إدارة الصدمات الثقافية: عند دمج فرق من بيئات متباينة، قد تحدث صدمة ثقافية تقلل الإنتاجية. المدرب العالمي يسهم في التهيئة المسبقة، وتقديم استراتيجيات للتكيف السلس. 5. توحيد الرؤية في الشركات متعددة الفروع: حين تعمل مؤسسة في أكثر من بلد، تحتاج إلى مدرب قادر على توصيل نفس الرسالة التدريبية مع الحفاظ على ملاءمتها للبيئة المحلية. الأثر الذي يمكن أن يتركه المدرب العالمي: 1.تعزيز التفاهم الدولي: من خلال برامجه، يصبح المدرب العالمي حلقة وصل بين ثقافات مختلفة، مما يسهم في تقليل الفجوات الفكرية والمهنية. 2.رفع كفاءة المؤسسات متعددة الثقافات: عبر تحسين التواصل الداخلي وبناء فرق متماسكة، ترتفع الإنتاجية وتتراجع النزاعات. 3.تطوير مهارات القادة العالميين: إذ يهيئ القادة للعمل في بيئات متنوعة، ويدربهم على إدارة فرق متعددة الجنسيات بكفاءة. 4.نشر أفضل الممارسات عالميًا: المدرب العالمي ينقل التجارب الناجحة من بلد إلى آخر، مما يسرع من وتيرة التطوير. 5. إلهام التغيير الإيجابي: بفضل احتكاكه بثقافات متعددة، يقدم المدرب العالمي حلولًا مبتكرة تتجاوز التفكير التقليدي. إن المدرب العالمي ليس مجرد ممارس لمهنة التدريب، بل هو رسول للتنمية الإنسانية، يتخطى الحواجز ليبني جسورًا من المعرفة والاحترام المتبادل. وفي عالم تتقارب فيه المسافات يومًا بعد يوم، يصبح هذا الدور أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأنه يسهم في تشكيل بيئة عمل عالمية متفاهمة، وإطلاق طاقات الأفراد والمؤسسات نحو آفاق أرحب.

234

| 11 أغسطس 2025

اليوم العالمي للمدرب.. 2 أكتوبر

لماذا نحتاج يوما عالميا للمدرب؟ في عالم تتسارع فيه المعارف وتتشظى فيه التحديات ويعاد فيه بناء الإنسان قبل الأنظمة، تقف «المنصة التدريبية» لا كخشبة للإلقاء بل كمنبر للتنوير... وجسر يعبر عليه الفرد من جهالة إلى إدراك ومن ارتباك إلى تمكين. ورغم هذا الدور المحوري، مازال المدرب – في كثير من بقاع العالم – يؤدي رسالته بصمت، بعيدا عن الأضواء ومن غير احتفاء يليق بعطائه. فلماذا لا يكون له يوم ؟ ولماذا لا نخصص له مساحة تكريمية رمزية كما فعلنا مع المعلم والممرض والعامل والمخترع ؟ من الظل إلى الضوء... إن المدرب الحقيقي لا يقدم دورة، بل يصنع فارقا. لا يملأ القاعات بالكلمات، ليملأ العقول بالبصيرة والنفوس بالثقة. وإذا كان المعلم يغرس، فللمدرب يعيد تأهيل هذا الغرس ويحول المعرفة إلى مهارة، والخبرة إلى أداء. فكم من موظف ارتقى بفضل مدرب ؟ وكم من شاب أعاد اكتشاف ذاته لأنه التقى بمن قال له «أنت تستطيع». وكم من مؤسسة خرجت من عثرتها لأن مدربا أعاد ترتيب أولوياتها.. أليس من الإنصاف أن يكرم هؤلاء الذين يصنعون الفرق ؟ مقترح 2 أكتوبر من كل عام: ومن هنا اطلق مقترحي بتخصيص يوم عالمي للمدرب يحتفى به سنويا ويسلط فيه الضوء على الجهود الميدانية والتدريبية التي تبذل في صمت. أقترح أن يكون هذا اليوم في الثاني من أكتوبر من كل عام لما لهذا التوقيت من رمزية. حيث يكون قد انطلق العام التدريبي في كثير من الدول وبدأت فيه المؤسسات خططها التطويرية. هذا اليوم لن يكون مجرد احتفال، بل منصة للتقدير وفرصة للوعي المجتمعي بأهمية التدريب في بناء الإنسان وإبراز النماذج الملهمة التي تشكل فارقا في البيانات الأكاديمية والمهنية والاجتماعية. التدريب صناعة مستقبل لا ترى بالعين: ما يصنعه المدرب لا يقاس فقط بعدد الجلسات ولا بعدد شهادات الحضور، بل بكم النماذج التي أعيد تشكيلها والعقول التي أعيد توجيهها، والثقافات التي تم تمكينها. ولأن أثر التدريب لا يرى مباشرة كما ترى البنايات أو الجسور، فإن التكريم الرمزي يصبح ضرورة لا مجاملة لأنه يعيد الاعتبار لمهنة تختزل في جوهرها كل المهن. إن المدرب لا يقدّم مجرد محتوى تدريبي، بل يوقظ ما هو ساكن في أعماق الإنسان. هو من يؤمن بإمكانات الآخرين حتى قبل أن يرَوْها في أنفسهم، ويزرع فيهم شرارة “التحول” التي لا تنطفئ. إن تكريمه لا يجب أن يُنتظر، بل يُبادر به؛ لأن الاعتراف بالفضل هو أولى مراتب النبل. فلنُكرّم من علّمنا كيف ننهض… ولنُوقِد في الثاني من أكتوبر شعلة الامتنان لكل من صاغنا بصمت. وفي الختام.. إن تخصيص يوم عالمي للمدرب ليس مطلبا نخبويا، بل دعوة صادقة للاعتراف بمن يزرعون الأثر ويصنعون الوعي ويعيدون تشكيل الإنسان في زمن يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التمكين لا التلقين. فلنضئ المنصة مرة.. لمن اعتاد أن يضيئها للآخرين.

279

| 07 أغسطس 2025

التدريب التكاملي.. تجربة فنلندا ووزارة التربية

في عالم يتسارع فيه التقدم، لم يعد التدريب خيارًا تكميليًا، بل أصبح ضرورة وجودية من أجل البقاء، ليس فقط على مستوى الأفراد بل على مستوى المؤسسات والدول. لم تعد الفواصل التقليدية بين أنواع التدريب الإداري، والمهني، والتربوي، والتكنولوجي قائمة؛ بل باتت هذه المسارات متشابكة تشكل في مجموعها نسيج الشخصية المهنية المتكاملة، التي تستطيع قيادة التحول، ومواكبة المتغيرات، وتحقيق الأثر. وفي السياق الوطني، لا يمكن فصل هذا التوجه عن الاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية في دولة قطر، التي أكدت أن العنصر البشري هو المحرك الأساسي لأي تحول تنموي. وقد نصّت بوضوح في برامجها التنفيذية على أهمية بناء القدرات، وتطوير المهارات، وإعادة تأهيل الكوادر بما يتناسب مع متطلبات السوق المحلي والعالمي. غير أن الواقع التنظيمي لبعض الجهات المشرفة على التدريب ما زال يقف عند نموذج تقليدي، يفترض أن يتم تخصيص مركز تدريبي لكل نشاط، وكأن الإدارة التربوية والتكنولوجية والمهنية تسير في خطوط متوازية لا تلتقي. إن هذا الفصل لم يعد يتماشى مع احتياجات المرحلة الحالية، خصوصًا في ظل ما نشهده من تسارع غير مسبوق في أدوات وأساليب التعلم المهني المستمر، وما يتطلبه ذلك من مرونة مؤسسية وتشريعية. ولعل رفع السقف الأعلى للمناقصات منذ أيام قليلة، يأتي كإشارة واضحة على أن الدولة تمضي في مسار توسيع أدواتها الاقتصادية والتنموية بما يواكب هذا التسارع. وبالمثل، فإن نهاية عام 2025 كما ورد في الخطة الاستراتيجية - تمثل نقطة مراجعة حاسمة، وفرصة ذهبية لإعادة النظر في الضوابط والاشتراطات التنظيمية لمراكز التدريب، وتحديدًا تلك الخاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي. ومن هذا المنبر، نتوجه بنداء مهني إلى الجهات المعنية إلى أهمية مراجعة الاشتراطات التنظيمية الداخلية، بما يسمح بدمج الأنشطة التدريبية المختلفة داخل المركز الواحد، وفق معايير جودة دون الحاجة إلى إنشاء كيان مستقل لكل مجال تدريبي. فالمرونة التشريعية ليست بالضرورة تنازلاً عن الجودة، بل تعزيز لها متى ما تمت بإدارة واعية وبمرجعية واضحة. إننا نلمس في بعض الدول الخليجية والعربية كما هو الحال في فنلندا - توجهًا واضحًا نحو دمج مسارات التدريب التربوي والتقني والإداري تحت مظلة واحدة، حيث تسمح فنلندا للقطاع الخاص بإنشاء مراكز تدريب تقدم برامج متنوعة تشمل التدريب المهني، والإداري، والتقني، والتربوي تحت مظلة واحدة، دون الحاجة إلى فصل هذه الأنشطة، مما يعزز من كفاءة العملية التدريبية ويزيد من تنافسية المؤسسات. وهو ما يعكس وعيًا بأن التطوير لا ينتظر الهيكل، بل يبدأ من الرؤية، ويُصاغ بقوة القرار. ختامًا، فإن تعديل هذه الاشتراطات هو أكثر من مجرد مطلب قطاعي، بل هو خطوة إصلاحية تنسجم مع روح المرحلة، وتحمل في طياتها مستقبلًا أكثر إشراقًا للمراكز التعليمية، لما لذلك من انعكاسات تنافسية تسهم في تحقيق الاستدامة.

435

| 05 أغسطس 2025

التدريب كإستراتيجية تنمية متسارعة

في عالم تتغير ملامحه على وقع تسارع المعرفة وثورات التقنية المتلاحقة لم يعد التدريب ترفا مؤسسيا أو نشاطا ترفيهيا على هامش العمل بل غدا استراتيجية جوهرية في مسار التنمية الشاملة ومحركا اصليا في بناء المجتمعات وصقل الأفراد. لقد أصبح التدريب مرآة لمدى جاهزية الشعوب لاحتضان المستقبل واستثمار الطاقات وتوجيهها نحو مسارات النهضة. حين نتحدث عن التنمية المتسارعة فنحن لا نعني مجرد ارتفاع المؤشرات الاقتصادية أو تضاعف الناتج المحلي بل نعني تحولا جذريا في فكر الإنسان وفي سلوكه وفي كفاءته. ومن هنا يتجلى التدريب كأداة لا غنى عنها تعيد تشكيل المهارات وترمم الفجوات وتشعل جذوة الإبداع. وفقا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عام 2023 فإن الدول التي تستثمر ما لا يقل عن 2% من ناتجها المحلي في برامج التدريب والتطوير المهني تحقق نموا في الإنتاجية بنسبة تتراوح ما بين 12% إلى 18% خلال ثلاث سنوات فقط. أما الدول التي تتعامل مع التدريب كـ «مكافأة عرضية» أو «نشاط ثانوي» فغالبا تواجه بطء النمو وتراجع القدرة التنافسية. إن التدريب الناجح لا يقاس بعدد الساعات ولا بكمية الشهادات، بل بقدرته على تغيير السلوك المهني ورفع كفاءة الأداء وتحفيز التفكير النقدي. ولهذا فإن المؤسسات الذكية لا تنتظر ضعف الأداء لتبدأ بالتدريب بل تدرجه ضمن رؤيتها الاستراتيجية وتخضعه للتقييم والتطوير المستمرين. في دول الخليج العربي أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة الخليج للتنمية البشرية عام 2022 أن المؤسسات التي تبنت التدريب كنهج مستدام شهدت انخفاضا في معدل الدوران الوظيفي بنسبة 27% وزيادة في رضا الموظفين بنسبة 35% وهذا يدعونا للتأمل في العلاقة العميقة بين الاستثمار في الإنسان واستقرار المؤسسات وازدهارها. ولأن التنمية المتسارعة لا تنتظر المتقاعسين فإن الرهان على التدريب هو رهان على المستقبل ذاته. لا تنمية بلا معرفة ولا معرفة بلا تدريب ولا تدريب بلا رؤية تستشرف التحديات وتؤمن بأن أعظم الأصول ليست في الآلات ولا في الأبراج بل في الإنسان حين يدرب ويحفز ويعطى فرصة للتفوق. ويتجلى بعد التدريب كمحرك للتنمية المتسارعة في رؤية قطر الطموحة لا سيما في إطار استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024-2030) التي وضعت تنمية راس المال البشري في صميم أولوياتها مؤكدة على التحول من «اقتصاد تقوده الدولة» إلى «اقتصاد يقوده الإنسان». وقد نصت الاستراتيجية بوضوح على «تعزيز المهارات المستقبلية ورفع كفاءة القوى العاملة وتحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل» وكلها أهداف لا يمكن بلوغها دون بنية تدريبية متطورة ومناهج ديناميكية تعيد رسم القدرات. وفي هذا السياق يصبح التدريب أداة تمكين حقيقية تواكب التحديات العالمية وتعزز تنافسية المواطن القطري في أسواق العمل المحلية والدولية وترتقي بمنظومة الأداء المؤسسي فتترجم الطموح إلى واقع والخطط إلى منجزات. إن تحقيق التنمية المتسارعة وفق الرؤية القطرية لا يكون إلا بإنسان مدرب واع ومجهز بأدوات الغد.

372

| 28 يوليو 2025

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

5196

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

4893

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4407

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الفن ضد الدمار

تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...

1587

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1302

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

1299

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1185

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1053

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

1050

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

939

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

831

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

825

| 25 سبتمبر 2025

أخبار محلية