رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الدكتورة حصة حامد المرواني

مساحة إعلانية

مقالات

4827

الدكتورة حصة حامد المرواني

حوكمة التدريب.. و(القرعة ترعى)

08 سبتمبر 2025 , 01:59ص

حين نتحدث عن حوكمة التدريب، فإننا غالبًا نركّز على جانب الضبط والرقابة والمساءلة، وهي بلا شك ضرورية لحماية المهنة من العشوائية وضمان جودة المخرجات. غير أن الحوكمة لا ينبغي أن تُفهم باعتبارها قيدًا على المراكز التدريبية والمدربين، بل كعقدٍ متوازن يقوم على مبدأ الحقوق والواجبات معًا. 

أولا: مسؤولية مشتركة:

الحوكمة في التدريب هي مسؤولية تشاركية بين ثلاثة أطراف: 

• الجهة المشرفة التي تضع المعايير وتضمن الجودة. 

• المراكز التدريبية التي تلتزم بالمعايير وتطبقها. 

• جهات العمل التي تعترف بالمخرجات وتعطيها وزناً في المسار المهني للموظف. 

وعندما يلتزم كل طرف بدوره، تتحقق المنفعة العامة ويصبح التدريب أداة حقيقية للتنمية المستدامة.

ثانيا: تقنين اعتماد التدريب في القطاع الخاص 

من أبرز التحديات التي تواجه مهنة التدريب اليوم هو تعدد الجهات المحلية التي تمنح التراخيص دون توحيد المعايير. فنجد جهة تصدر تراخيص وتضم أنشطة بلا ضوابط مهنية واضحة تاركين (القرعة ترعى)، وأخرى تمنح رخصًا للمدربين مقابل رسوم سنوية دون متابعة، بينما المراكز التي تحت مظلة وزارة التعليم تخضع لمعايير أكثر صرامة وأعباء مالية بعشرات الآف، هذا التشتت يُربك المراكز التدريبية، ويقلل من مصداقية الشهادات أمام المتدربين وجهات العمل.

ثالثا: اعتماد الشهادات رسميًا:

إذا كانت الجهة التنظيمية، هي المسؤولة عن وضع معايير الحوكمة، فمن الطبيعي أن تكون الشهادات الصادرة عن المراكز مصدّقة وموثوقة من هذه الجهة. إن هذا الاعتماد الرسمي لا يرفع فقط من مكانة المركز التدريبي، بل يمنح المتدرب قيمة مضافة ملموسة، تترجم إلى ثقة في مؤهلاته ومخرجات تعلمه.

رابعا: امتيازات للمتدربين في مواقع عملهم:

التدريب لا يكتمل أثره ما لم ينعكس على بيئة العمل. ومن هنا فإننا ندعو إلى أن تُمنح الشهادات المعتمدة وزنًا في التقييم الوظيفي، وفي فرص الترقي، بل وفي الحوافز المالية، بهذه الطريقة يصبح التدريب استثمارًا حقيقيًا يعود بالنفع المباشر على الموظف وجهة عمله، ويحوّل الحوكمة من مجرد ضبط شكلي إلى قيمة عملية.

خامسا: حوافز للمراكز التدريبية المعتمدة:

المراكز التي تلتزم بالحوكمة وتخضع لمعاييرها تستحق أن تتمتع بمكانة تنافسية متميزة. يمكن أن يكون ذلك عبر منحها أولوية في تنفيذ البرامج الوطنية، أو إعفائها من بعض التعقيدات البيروقراطية، أو إدراجها ضمن منصات رسمية للتعريف بالمراكز المؤهلة. إن هذه الحوافز تعزز التنافسية الإيجابية بين المراكز، وتشجعها على الاستثمار في الجودة بدل الاكتفاء بالكم.

ولعل أحد الحلول يكمن في أن تُمارس أنشطة التدريب في القطاع الخاص تحت مظلة وطنية واحدة للحوكمة، تضع المعايير الموحّدة، وتضمن العدالة بين المراكز، وتبني ثقة راسخة لدى المتدربين والمؤسسات على حد سواء.

فالحوكمة بلا مقابل هي نصف الطريق، كما أن الحقوق بلا واجبات تفقد معناها. 

الحل إذن هو بناء معادلة متكاملة....

التزام بالمعايير، يقابله اعتماد رسمي، وامتيازات عملية للمتدرب، والمركز على حد سواء. عندها فقط نصنع منظومة تدريبية متماسكة، قادرة على حماية المهنة، وتعزيز الثقة، والإسهام بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.

مساحة إعلانية