رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فى الستر على النفس والمسلمين

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم يعرف التاريخ – فيما أعلم – ثبوت جريمة الزنى بالإقرار والاعتراف الذاتى ، دون شهود أو بينة ، أو ضغط أوإكراه إلا فى التاريخ الإسلامى . وعلى الرغم من الضمانات والقيود فى الإثبات الجنائى للجريمة بالإقرار؛ فإن جريمة الزنى فى العصر النبوى لم تثبت إلا به، ومن ثم كانت ظاهرة الاعتراف بالجريمة من مفاخر التشريع الإسلامى الجنائى ، وكان صاحب هذه الواقعة واحدا ممن تربوا فى مدرسة الضمير الإسلامى ، يقال له ماعز . وفى هذا بوَّب الإمام مسلم فى صحيحه بابا بعنوان : باب من اعترف على نفسه بالزنى . وقد روى البخارى ومسلم واللفظ لمسلم بسنده عن أبى سعيد: أن رجلاً من أسلم يقال له ماعز بن مالك، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أصبت فاحشة، فأقمه علىّ، فرده النبى صلى الله عليه وسلم مرارًا، قال: ثم سأل قومه، فقالوا: ما نعلم به بأسًا إلا أنه أصاب شيئًا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد، قال: فرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نرجمه، قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد، قال فما أوثقناه ولا حفرنا له، قال : فرميناه بالعظم والمدر والخزف، قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة ـ يعنى الحجارة ـ حتى سكت . يقول المستشار على منصور فى كتابه نظام التجريم والعقاب فى الإسلام: إن العديد من عقوبات الحدود فى الشريعة الإسلامية وهى من أشد العقوبات وأقساها قد وقعت بناء على اعتراف المذنب نفسه وإصراره على توقيع الحد عليه وذلك رغبة فى التكفير عن ذنبه ولقاء ربه نقى الصحيفة طاهر الفؤاد، وتلك مفخرة كبرى للنظام الجنائى، لا تدانيه فيها أية أنظمة وضعية مهما ارتقت فى مدارج السمو ودقة التشريع. والحق أن النظام الجنائى وحده لا يصنع هذه الظاهرة وتلك المفخرة بل هو جناح يكمله جناح آخر وهو جناح التربية الإيمانية العميقة ، وغرس عقيدة الإيمان باليوم الآخر ، والبعث والحساب التى انتهجها النبى صلى الله عليه وسلم فى تربية المجتمع الأول وتكوينه، وهذه حقيقة لا ينكرها عاقل لأن الإسلام ليس كله قوانين، والقوانين ليست كلها حدودًا ، والقوانين وحدها لا تصنع مجتمعًا . ودور الدولة المسلمة بكل أجهزتها ووسائلها التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية أن تبني هذا الضمير الإسلامى داخل النفوس ، وتصوغ وتشكل الإنسان صاحب الرقابة الذاتية، وتعمل على تنمية الوازع الداخلي لدى أفراد المجتمع. ومع ثبوت ذلك إلا أن الشريعة رغبت وندبت إلى ستر المسلم على نفسه وعلى غيره ، وإلى ستر الذنوب وعدم التطوع بالإبلاغ عنها . من ذلك ما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ". وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا فيما يرويه الإمام مالك عن زيد بن أسلم: "من أصاب من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله ؛ فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ". وما رواه أبو داود عن يزيد بن نعيم عن أبيه أن ماعزًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه وقال لهزال : "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك" . وكان هزال هو الذي أمر ماعزًا أن يأتي النبى صلى الله عليه وسلم فيخبره كما ذكر أبو داود في سننه . وقد عقب ابن حجر في فتح الباري على قضية ماعز بن مالك بقوله: ويؤخذ من قضيته أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ، ويستر نفسه ، ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز ، وأن من اطلع على ذلك يستر عليه .. ولا يفضحه ولا يرفعه إلى الإمام ، كما قال صلى الله عليه وسلم فى هذه القصة : لو سترته بثوبك لكان خيرًا لك " . ولذلك بوَّب الإمام أبو داود في سننه بابا ترجم له بـعنوان : باب فى الستر على أهل الحدود .

4677

| 20 مارس 2015

في القصاص حياة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أعظم الجرائم في حق الإنسانية الاعتداء على الإنسان بإزهاق روحه بغير حق ظلما وعدوانا، ولذلك فإن المسلم يبقى في فسحة من دينه ما لم يصب دما محرما كما ورد في حديث البخاري:«لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما».قال شراح الحديث: إنه يظل منشرح الصدر مطمئن النفس في سعة من رحمة الله عز وجل، طالما أنه لم يقتل نفسا بغير حق.ولذلك كانت الدماء أول ما يحاسب الله تعالى عليها يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس في الدماء».وما من جريمة قتل تقع إلا كان على أول من قتل في تاريخ الإنسانية نصيب من إثمها، كما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقتل نفس إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها» رواه البخاري.ولخطورة القتل في حياة الناس والمجتمعات عده النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزور، - أو قال: وشهادة الزور - " رواه البخاري.وعلى المستوى الفردي كان سفك الدماء المحرمة حائلا بين العبد وبين الجنة، فعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة كف من دم أصابه». وقد سأل رجل ابن عباس، فقال: أرأيت من قتل مؤمنا متعمدا له توبة؟ قال: أنى له بالتوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المقتول يجيء يوم القيامة يحمل رأسه بيده، وأوداجه تغدو دما، ويمسك بيده الأخرى قاتله، فيقول: رب هذا قتلني، ثم قال: قد أنزل الله تعالى هذه الآية، ثم لم تنسخ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]. وأورد ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري أن ابن عمر سأله رجل فقال: إني قتلت رجلا فهل لي من توبة؟ قال: تزود من الماء البارد فإنك لا تدخلها أبدًا. يعني الجنة. وفى أوسع التقدير أن يقال فيمن أصاب كبيرة دون الشرك أن أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وكم غاصت أقدام في بحار من الدماء المعصومة المظلومة، وكم سالت دماء ظلما وعدوانا من أجل ارتقاء المناصب، واستتباب ملك زائل، عند من سقطوا من عين الله تعالى، وباءوا بالسخط والمقت. ولذلك يسأل القاتل يوم القيامة عن السبب الذي من أجله قتل فلانا، فلا يجد جوابا حقا يجيب به. ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجيء المقتول يوم القيامة متعلقا بالقاتل، فيقول: يا رب سله فيم قتلني، فيقول: في ملك فلان" رواه أحمد. وفي حياة الأفراد والشعوب والقبائل عندما يسفك الدم الحرام، فإن الأمور تتأزم، ويصبح الخروج من هذه المعضلة ضربا من المستحيل، ولذلك قال عبدالله بن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه، سفك الدم الحرام بغير حله. وهذا واقع في بلادنا اليوم.ويقع في جريمة القتل ويستحق عقوبتها كل من باشر بنفسه القتل، ومن أعان عليه، ومن ساعد فيه، وسهل الطريق إليه، ومن حرض عليه بأي وسيلة كانت، وهو ما رواه سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب قتل نفرا، خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، وقال عمر: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا». ومن ثم كان القصاص من القاتل عمدا حياة للأفراد وحياة للشعوب كما قال الله تعالى "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة179. قال القرطبى:(إن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه، ازدجر من يريد قتل آخر، مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معًا). ولقد جاء القصاص تشريعًا عادلاً لأن فيه طهرة للمقتول وحياة للنوع الإنساني وتشفيا للمظلوم وعدلا بين القاتل والمقتول، كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين. وقال ابن رشد في بداية المجتهد: القتل إنما شرع لنفي القتل. وكانت العرب تقول قديمًا: القتل أوفى للقتل أو أنفى للقتل. وحين يغيب القصاص في حياة الأفراد والشعوب فلا مكان للحديث عن الأمن، ولا مجال للحديث عن الحقوق والحريات، وفي حكم وأمثال الناس: من أمن العقوبة أساء الأدب.وإن لم يتم القصاص العادل الناجز من القاتل، فلن يتوقف نزيف الدماء بين العائلات، ولا بين الشعوب والحكومات، وإن أقصر الطرق لحقن الدماء لهو القصاص. وغير ذلك تدخل الشعوب في مسلسل من إراقة الدماء لا نهاية له كما كان يحدث في الجاهلية.وهذا ما صوره ابن القيم حين تحدث عن مغبة إهمال الناس للقصاص فقال: لولا القصاص لفسد العالم وأهلك الناس بعضهم بعضًا ابتداءً واستيفاءً فكأن في القصاص دفعًا لمفسدة التجري على الدماء بالجناية وبالاستيفاء. ولذلك كان القصاص – ولا يزال - مطلب أولياء الدماء من القاتل، ومطلب الشعوب من قاتليها.

7736

| 05 مارس 2015

هي ثلاث عورات "وجهها.. واسمها.. وصوتها"

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم يعرف بعض الرجال عن المرأة إلا أنها عورة.. وجهها عورة، وصوتها عورة، واسمها عورة.أما القول بأن وجهها عورة فمرد ذلك الأساسي إلى اختلاف العلماء في فهم قوله تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" النور 31.فقال البعض: المراد بما ظهر من الزينة الثياب، واعتبر وجهها عورة، وهو رأي عبد الله بن مسعود، وقال به سفيان الثوري، والحسن البصري.وقال البعض: الظاهر من الزينة التي أبيح للمرأة أن تبديها: الوجه والكفان. وهو رأي ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والضحاك والأوزاعي وأبي ثور.وهو ما رجحه شيخ المفسرين الطبري حيث قال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: الوجه والكفان، لأنه يجب على كلّ مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها. فإذا كان ذلك باتفاقهم جميعا، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال، لأن ما لم يكن عورة فجائز إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله:"إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" لأن كل ذلك ظاهر منها. قال الإمام النووي في "المجموع": إن عورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي وأبو ثور وطائفة، ورواية عن أحمد. وكذلك هو رأي داود وابن حزم.والذي انتهيت إليه بعد دراسة مستفيضة لأدلة كل من الفريقين المجيزين والمانعين أن النساء في عهد النبوة – عصر الرسالة – كن على ضربين: ضرب يكشف الوجه، وضرب يغطي الوجه، وأن كشف الوجه كان فيهن أكثر. وبناء عليه فلو كان الوجه عورة لنص على ذلك صراحة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من الفرائض اللازمة للنساء، وكان نقل إلينا بلا اختلاف نقل الكافة عن الكافة متوارثا ومعلوما ومشهورا بين أجيال المسلمين في مختلف عصورهم، فلما لم يكن شيء من ذلك قد وقع دل ذلك على أن قول من قال: إن وجه المرأة عورة مرجوحا في ألطف الأقوال.ونسي من يتحدث عن عورة المرأة، أن للرجل والمرأة عورة على حد سواء، والفقهاء حين تحدثوا عن العورة قالوا: إن للرجل عورة، وقدروها فيما بين السرة إلى الركبتين، على الراجح من أقوالهم، فلكل من الرجل والمرأة عورة، إلا أن مساحة العورة في المرأة أكبر منها في الرجل، وذلك راجع إلى طبيعة الخلقة التي خلق الله عليها المرأة.وأما من قال إن صوت المرأة عورة فلا نعرف أحدا من الأئمة الأعلام قال به، ولم يرد به دليل. وفي سورة الأحزاب قال تعالى عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" الأحزاب 53. والسؤال يقتضي جوابا، فكيف تجيب إلا إذا كان صوتها ليس بعورة؟ وقد روت السيدة عائشة وأم سلمة وأمهات المؤمنين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكن يفتين الناس، وأخذ عنهن الصحابة، وما قال أحد: إن صوتكن عورة، بل ما كن بحاجة لأحد أن يقول لهن: إن صوتكن عورة، ولو كان كذلك لتوقفن من أنفسهن عن الرواية وإجابة السائلين من الرجال.فصوت المرأة ليس بعورة، وما من دليل على ذلك، إنما الذي ينهي عنه ويمنع، هو اللين في الكلام، والتكسر والتميع الذي يدعو للإثارة والإغراء، والذي يطمع أصحاب القلوب المريضة، وهو ما نبه إليه قوله تعالى: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" بل وأكد التكلم دون خضوع فقال تعالى: "وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" الأحزاب 32، ولو أن رجلا تكسر في كلامه وتميع في حديثه، لكان كلامه موضع نهي، وكان حديثه مظنة عورة.وأما أن اسمها عورة، فإن هذه عادات بعض البدو، وأعراف بعض أهل الريف، يتحرجون من ذكر أسماء نسائهم، فيقولون: الجماعة أو الأهل أو العائلة، فهم وما تعارفوا عليه، أما أن يكون ذلك أمرا شرعيا فما الدليل؟ إن هي إلا أعراف وعادات لم ينزل بها وحي مقدس، ولم ترد بها سنة صحيحة، فهل تجعلون أعرافكم وعاداتكم دينا يتبع؟وإذا كانت هذه أعراف البعض، وارتضوا، فهم وما تعارفوا عليه، أما أن يصدر البعض هذا للناس باسم الشرع، ويسوق له تحت ذريعة التدين، فهذا ما لا يقبل شرعا.وفي حديث البخاري أن صفية بنت حيي- زوج النبي صلى الله عليه وسلم - جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:"على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي"، ولو كان اسمها عورة لما ذكره لأصحابه صلى الله عليه وسلم.

396

| 27 فبراير 2015

شروط رئيس الدولة الإسلامية (1)

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يكاد يخلو كتاب من كتب السياسة الشرعية قديما أو حديثا، من الحديث عن شروط رئيس الدولة المسلمة، والخوض في تفاصيلها لأن منصب الرئاسة أعظم الولايات، وأكبر العقود في الدولة الإسلامية وهو كذلك أهمها وأخطرها أثرا في حياة الأمة، لأنه يتعلق بالإسلام حراسة وتطبيقًا، وبالمحكومين رعاية وإصلاحًا.. ولهذه الأهمية وتلك الخطورة التي تترتب على إتمام هذا العقد احتاط فقهاؤنا وأسهبوا في شروط من يتولى هذا المنصب سعيًا وراء تحقيق المهمة التي من أجلها ينعقد له العقد، وتتم له الولاية. ومن أهم الشروط بين فقهاء السياسة الشرعية (الإسلام والعدالة، والعلم والكفاية، وسلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في الرأي والعمل). أما كونه مسلما فلأن الغاية الأساسية من منصب الرئاسة تنفيذ شريعة الإسلام بإقامة الفروض وتحقيق العدل وحفظ الحريات، فكيف يمكن تنفيذ هذه الشريعة، أو كيف ترعى مصلحة الإسلام وأهله إن لم يكن متولي هذا المنصب مسلمًا؟وليس في استبعاد غير المسلم من رئاسة الدولة الإسلامية انتقاص أو تضييق عليه، بل هذا هو المنطق والمعقول، وليس من الحرية في شىء أن يتولى القيام على تنفيذ دين الأغلبية واحد من غيرهم. والقرآن الكريم يقول: ﴿ لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ ﴾، آل عمران 28.ويقول أيضًا: ﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ النساء 141، والإمامة أعظم السبيل كما يقول ابن حزم، فمن البديهي أن تودع هذه الأمانة بيد من يؤمن بهذا الدين وأن لا تسند لمن لايؤمن به.وأما شرط العدالة فلأنها شرط في كل منصب وولاية، ولأنها تشترط في قبول الشهادة والرواية، فكيف لا تشترط في منصب الرئاسة.والعدالة هي ملاك الأمور وعليها تدور الدوائر، ولا ينهض بأمور الإمامة (الرئاسة) إلا العدل الذي تجرى أفعاله وأقواله وتدبيراته على مراضي الرب سبحانه، فإن من لاعدالة له لايؤمن على نفسه فضلا عن أن يؤمن على عباد الله ويوثق به في تدبير دينهم ودنياهم كما يقول الإمام الشوكاني.. وهي تعني التحلي بالفرائض والفضائل، والتخلي عن المعاصي والرذائل، وعن كل ما يخل بالمروءة. كما تقتضي أن لا يرتكب الحاكم أي ظلم سواء كان متعلقًا بالمال، أو الحرية أو العرض، أو أي حق من الحقوق، وسواء أكان ظلمًا بقول أو فعل.أما من عرفوا بالسكر والعربدة والفساد وموالاة أعداء الأمة فلا تصح لهم رئاسة، ويجب أن يحال بينهم وبين ارتقاء أرفع المناصب فى حياة الأمة، وأجلها مكانة، وأعظمها خطرا. شروط رئيس الدولة الإسلامية ( 2 - 2 )وأما شرط الكفاية السياسية، فيعتبر الاختبار الحقيقي لعلمه وعدالته، والمرآة العاكسة لقدرته على الإدارة وصلاحيته لقيادة الأمة، والذي عبر عنه الماوردي بقوله: الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.وعني فقهاؤنا بالكفاية في هذا الموطن القدرة على قيادة الناس، وتوجيهم وإدارة شؤون البلاد، والنهوض بتبعة الحكم وأعبائه، والانتصار للمظلوم من الظالم، والقيام بالقسط، وتوجيه الجيش وتدبير أمره. والقدرة على إدارة الدولة هي أبرز سمة ينبغي توافرها فيمن يرشح لمنصب رئاسة الدولة، إذ يستطيع من خلالها توظيف الطاقات والاستفادة من أصحاب الخبرات، وتوجيه أصحاب التخصصات، فيكفونه في كل مجال، ويكونون له خير عون في تحقيق رسالته في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.وأما شرط السلامة فيعني الفقهاء به سلامة الحواس والأعضاء من كل ما يؤثر فيها تأثيرًا يؤدي إلى الإخلال بواجبات رئيس الدولة.. وهو ما يعرف حديثا بالوضع الصحي والحالة الصحية لرئيس الدولة.وما دامت الرئاسة عقد بين الأمة ورئيس الدولة، وما دامت شروط الرئاسة معتبرة في الابتداء ومعتبرة في الاستدامة والبقاء كما قرر الفقهاء، فإن الوقوف على الوضع الصحي لرئيس الدولة، والاطمئنان إلى سلامته من كل ما يؤثر على أداء مهامه والقيام بواجباته يصبح حقًا للأمة لاستدامة العقد، وإن أي غموض يكتنف هذا الأمر ويتجه إلى إخفائه وصرف الأعين عنه ــ اللهم إلا في بعض الظروف والأحوال التي تقتضي ذلك لمصلحة الأمة ــ يعتبر اعتداءً على حق الأمة، ويدعوها للتحرك للاستيثاق من أن العقد ما زال قائمًا وساريًا أو تعلن رأيًا آخر.أما أن يصبح الوضع الصحي لرئيس الدولة من المحرمات، أو ما يشبه الأسرار العسكرية التي لا يحل إفشاؤها فذاك أمر خارج عن نطاق العقد.أما العلم فقد اشترط الفقهاء أن يكون المرشح لرئاسة الدولة عالمًا، وأول ما يجب العلم به هو أحكام الإسلام، وقد بالغ البعض فاشترط في المرشح لمنصب الرئاسة أن يكون مجتهدا، ولكن الحد الأدنى من العلم الذي يؤهله لقيادة الدولة يعتبر شرطًا في إمامته وما فوق ذلك فهو شرط كمال أو أفضلية، ويجبر هذا أن يحيط نفسه بالأكفاء والعلماء من المستشارين والمساعدين في مختلف التخصصات. وإن الأمة تحتاج إلى إمام فعال لا إلى إمام قوال، تحتاج إلى إمام قادر على إدارة الدولة وسياسة الأمة لا إلى "مفتي" في الأمور الشرعية أو أستاذ للعلوم الإسلامية في إحدى الجامعات.كما أن مبنى الدولة في العصر الحديث على كونها دولة مؤسسات، تقوم كل مؤسسة فيها بكفاية الأمة فيما أسند إليها وسد الثغرة التي أوقفت عليها، ويبقى دور الإمام الفعال في المباشرة والمتابعة والمحاسبة لكل مؤسسة يثبت تقصيرها أو إهمالها.كما أن كل نقص في تكوين رئيس الدولة العلمي، أو عدم معرفته بموضوع ما، يجبره المتخصصون من العلماء، ويوضحونه له، أما الذي لا يستطيع أحد جبره فيه وتعويضه عنه فهو العدالة، فإن لم يكن متصفًا بالعدالة فويل للرعية منه، وما أكثر المآسى التي تقع للأمة على يد من افتقروا إلى العدالة، وتسنموا سدة الحكم متخطين هذا الشرط الرئيسي.وقد قرر فقهاؤنا أن شروط عقد الرئاسة (الإمامة) كما تعتبر في الابتداء – عند الترشح - تعتبر في الاستدامة والبقاء – في الدوام والاستمرار - ضمانًا لحق الأمة، ونزولًا على إرادتها، وتقديرًا لحريتها واستدامة لممارستها هذا الحق متى شاءت اختيارًا أو إسقاطًا، وإذا لم تكن متوفرة من البداية لم يصح العقد أصلًا وكانت الولاية باطلة، وإذا اختل شرط من شروطها بعد ذلك صار العقد باطلًا أو وجب الحكم ببطلانه.ولكن يظل أمر عزل الحكام الفاسدين المستبدين في كل زمان موكولا لأهله، وموضع تقدير واجتهاد أهل الشورى والتأثير في كل عصر، يقدرون الخطورة ويرتبون عليها التصرف الأمثل لمعالجتها وفقا لاعتبارات كثيرة منها حالة قوة الأمة واصطفافها خلف علمائها وذوي الرأي، وقدرتها على عزل الرئيس دون أن يفضي ذلك إلى مفسدة أعظم من مفسدة عزله بعيدا عن بعض التنظيرات الجامدة القديمة التي يريد لها البعض أن تكون حكما عاما وقاطعا في كل زمان ومكان، لأن القضية اجتهادية يتغير فيها الحكم تبعا لتغير الظروف والأوضاع والأزمان ولذا كانت من مسائل السياسة الشرعية، وكذلك يعتبر في ذلك أيضا قوة وقدرة الحاكم نفسه وتحصنه بقواته الأمنية والعسكرية ومدى مطاوعتها له وجرأتها على سفك الدم المحرم وإجهاض أي تحركات تجاه عزله وخلعه.وكما قال أبو حامد الغزالي: أكثر مسائل الإمامة وأحكامها مسائل فقهية يحكم فيها بموجب الرأي الأغلب.

9660

| 20 فبراير 2015

حول الإمامة والإمام

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); السياسة العادلة هي موافقة ما جاء به الشرع، وهي عدل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما يقول ابن القيم.كما أن جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة – كما يقول ابن تيمية - هو أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل اللذين أوجبهما قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "النساء 58، 59. فإقامة العدل بين العباد، وقيام الناس بالقسط، هما المقصود الأعظم للشارع في الدنيا. بل إن الأمر لا يقتصر على صلاح الدنيا فقط، بل صلاح الدنيا والآخرة ولذلك فإن السياسة الشرعية في رأي ابن خلدون: هي سياسة دينية نافعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وذلك أن الخلق ليس المقصود بهم دنياهم فقط، فإنها كلها عبث وباطل إذ غايتها الموت والفناء، والله يقول: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾المؤمنون 115، فالمقصود بهم إنما هو دينهم المفضى بهم إلى السعادة في آخرتهم "صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض" الشورى 53.وكثيرا ما قرأنا مصطلحات مثل الإمامة العظمى، والخلافة، وإمارة المؤمنين، وكلها ألفاظ مترادفة تعني رئاسة الدولة الإسلامية في نظر فقهاء السياسة الشرعية المعاصرين مثل الشيخ عبد الوهاب خلاف، والأستاذ عبد القادر عودة وغيرهم.فالإمامة رياسة تامة، وزعامة عامة، تتعلق بالخاصة والعامة، في مهمات الدين والدنيا كما يعرفها الجويني إمام الحرمين.ويرى الماوردي أن الإمامة أو الرئاسة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا.وجاء تعريفها في الدستور الذي أعده المجلس الإسلامي العالمي في إسلام آباد 10 ديسمبر 1983، باعتبارها المنصب الأهم، والولاية الأخطر في حياة المسلمين أنها أصل تستقر به قواعد الدين، وتنتظم به مصالح الأمة. أما عن قوام هذه الرئاسة أو الإمامة في الفقه السياسي الإسلامي - قديمه وحديثه - فهو رعاية الرعية، وإقامة الدعوة بالحجة، والانتصاف للمظلومين من الظالمين، واستيفاء الحقوق من الممتنعين، وإيفاؤها على المستحقين، والنظر في المصالح، وتدبير شؤون الأمة. أما عن الإمام أو الخليفة فهو القائم بمنصب الخلافة أو الإمامة ويسمى أيضًا أمير المؤمنين وهو رئيس الدولة الإسلامية الأعلى، أو رئيس السلطة التنفيذية للدولة. وعلى هذا فرئيس الدولة الإسلامية هو رئيس لدولة موصوفة بوصف الإسلام، أي قائمة على أسسه، ومصبوغة بصبغته، وتطبق أحكامه، وهو الحارس لبقاء صفتها هذه.وسمي الإمام إماما تشبيهًا بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به، ولهذا يقال الإمامة الكبرى، ويسمى بالإمام الأعظم تمييزا له عن أي إمام آخر كالإمام الذي يؤم الناس في الصلاة. ويسمى الخليفة لكونه يخلف النبي في أمته، فيقال خليفة بإطلاق، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.أما مهمته: فهي إقامة الدين، والقيام بشؤون الدولة في الحدود التي رسمها الإسلام، لأن الإسلام دين ودولة.والوقوف على مهمة الإمام ووظيفته أمر مهم جدًا، لما يترتب على ذلك من شروط تشترط في شخص المرشح لرئاسة الدولة الإسلامية.

857

| 13 فبراير 2015

العقد بين الحاكم والمحكوم

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قرر فقهاء السياسة الشرعية ــ من قديم ــ مثل الماوردى الشافعى ، وأبو يعلى الحنبلى أن الرئاسة التى عبروا عنها بالإمامة عقد لا يتم إلا بعاقد ، والعقد يفتقر لانعقاده إلى إيجاب وقبول، والأمة هي المنشئ له، لأنها هي صاحبة المصلحة في إيجاده ، وقرروا أن الإمامة لا تنعقد إلا بالرضى والاختيار ، فالعقود تنشأ من الإرادات الحرة ، وكل ما يؤثر في حرية الإرادة يؤثر في صحة التعاقد . كما قرروا أنه متى انعقدت للإمام الإمامة فالمطلوب منه الوفاء بما تضمنه العقد، فإذا قام بواجباته نحو الأمة فقد وجب له حقان الطاعة والنصرة ما لم يتغير حاله، وأوضحوا أن الذي يتغير به حاله فيخرج به عن الإمامة شيئان: أحدهما جرح في عدالته، والثاني: نقص في بدنه أو ما يعبر عنه بالحالة الصحية للرئيس .وإذا كان منصب الرئاسة يمثل عقدًا بين الشعب والرئيس ، فلابد من إرادة حرة بين طرفي العقد وقت الانعقاد ، كما أن مضمون العقد يجب أن يكون من الوضوح بحيث لا يتطرق إليه لبس أو غموض، كما أن أي إخلال ببنود العقد يوجب نقضه ، أو فسخه ، أو ما يعبر عنه فى الدساتير المعاصرة بالعزل . والعقود في الإسلام لها قداسة و حرمة والوفاء بها واجب ، والرضى بعقدها يمثل التزامًا دينيًا، والوفاء بها يعد واجبا أخلاقيا قبل أن يكون التزامًا قانونيًا، وإن النكوث عن الوفاء بها يعدّ طعنًا في دين الناكث، قبل أن يكون خللًا بمتطلبات العقد يوجب المقاضاة والتحاكم . وقد توالت النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية التي تدعو إلى الوفاء بالعقود، وتحذر من نقضها، وتصم من لا يلتزم بهذا بالغدر والنفاق. من ذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ﴾ المائدة 1 . وقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ النحل 91. وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : " أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" رواه البخارى. وقال - أيضا - : "إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان بن فلان " رواه البخارى . والعقد بين الشعب والرئيس ، أو بين الحاكم والمحكوم كان يطلق عليه البيعة قديما ، وهي العهد على الطاعة ــ كما يقول ابن خلدون فى المقدمة ــ كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين. وأصل البيعة التي كانت تتم بين الأمة والخليفة - أى الشعب والرئيس - أن أولي الحل والعقد والجنود وجماهير المسلمين يعطون الخليفة عهدًا على السمع والطاعة في المنشط والمكره، ما لم تكن معصية، ويعطيهم العهد على أن يقيم الفرائض، ويقيم بينهم العدل ، وأن يسعى فى مصالحهم . ولذلك قررو الفقهاء فى قواعدهم الفقهية أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة . وأصل البيعة التي كانت تتم بين الأمة والخليفة – الحاكم والنحكوم - تتفق مع نظرية العقد الاجتماعي التي قال بها علماء العصر الحديث في أصل الدولة، فقد قرر جان جاك روسو الفرنسي وغيره ، بأن الأصل في قيام الدولة هو عقد بين الحاكم والمحكوم ، على أن يقوم الحاكم بمصلحة الرعية في نظير طاعتها والتزامها بما تفرضه الحكومة من ضرائب وغيرها ، وعلماء المسلمين في ظل الفطرة المستقيمة والنظم الإسلامية المقررة في الإسلام قد انتهوا إلى هذا العقد وقد جعلوه واقعةً عمليةً ، إذ كانوا يعقدون ذلك العقد الاجتماعي النظامي فعلًا. وقد كان الالتزام فيه على الحاكم أقوى من الالتزام على المحكوم وأوثق وأشد، فلم يفرض أن وجود الحاكم في ذاته مصلحة، كما فرض بعض الكتاب الإنجليز، بل فرضوا وجوده نقمة إذا لم يلتزم بالعدل والمصلحة والرفق كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة . وعلى هذا الأساس كانت الأمة هي المنشئة لعقد الإمامة وهي التي تعين الإمام ومن يملك حق التعيين يملك حق العزل . وعقد يقوم على هذه الأسس وينطلق من تلك الثوابت لجدير بأن يحفظ حق الأمة فيمن تختاره، ويصون حرية إرادتها من عواصف الهوى والاستبداد، ويجعلها هي صاحبة القرار والكلمة الفصل في شأنها كله، ويجعل من الحاكم موظفًا لديها، أو أجيرًا عندها كما صوره علماؤنا من قديم، وكما كان واقعًا في ظل الخلافة الراشدة، وقد اجتهد فقهاؤنا وعلماؤنا فى أن يلزموا به خلفاء الحكم الوراثي، والملك العضوض ، أو على أقل تقدير سطروا نظرية العقد بين الحاكم والمحكوم ، وما ينبغى أن يكون عليه الأمر فى الحكم الرشيد .

3553

| 06 فبراير 2015

رسولنا والرحمة بالأرامل

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الأرامل شريحة من المجتمع، لا يشعر بهن أحد، يعشن في صمت، ويمتن في صمت، دون البوح بمكنون النفس، ذلكم لأن العادات والأعراف قضت عليهن بالحرمان، بعد وفاة الزوج، إما زهدا فيهن، وإما ادعاء الوفاء للزوج الراحل. وينظر المجتمع اليوم نظرة خاطئة إلى الأرملة، ولا عليه إن عاشت بقية عمرها تعاني الحرمان وتقاوم العنت والمشقة لا لشيء إلا لتقطع ألسنة الناس عنها، بينما هي تقع ضحية الجهل، وقسوة المجتمع وأنانيته.وفي حياة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، عرضت بعض النساء ممن توفي عنهن أزواجهن مشكلة الوحشة في فترة العدة المؤقتة بأربعة أشهر وعشر، والتي تقضيها في البيت الذي كانت تسكنه في حياة الزوج، وكان توجيه النبي الأكرم لهن. قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول الله، وقلن: يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا؟ فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال: "تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب – لتعد - كل واحدة إلى بيتها". ويستدل الحنابلة بهذا الحديث وبغيره على جواز خروج المعتدة في حوائجها نهارا، وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلا إلا لضرورة، لأن الليل مظنة الفساد. وتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم يدل على رحمته بهؤلاء النسوة اللائي فقدن أزواجهن، ويعانين من الوحشة، ويحتجن إلى المؤانسة في هذه الفترة الصعبة من حياتهن التي يقضين فيها العدة، فيوجههن النبي صلى الله عليه وسلم في رحمة - تقدر طبيعة النفس البشرية - إلى التجمع مع بعضهن، والحديث سويا، وتعزية أنفسهن، والانشغال بالحوار فيما بينهن لتخفيف أثر الوحشة، ومعالجة وقع الوحدة بعد مصابهن.أما بعد انتهاء فترة العدة فكل واحدة وشأنها، وهي أعلم بما يصلح حالها، وهي أدرى بنفسها، وأوعى لمصلحتها، وهي أميرة نفسها إن شاءت تزوجت، وإلا فهي صاحبة قرارها. وفي خير العصور كانت الأرملة لا تنقطع عن الزواج بعد وفاة الزوج، بل ما كانت تنقضي عدتها حتى تتجمل للخطاب في ظل خير القرون وأكرم العصور وأشدها التزامًا بالشريعة، وأبعدها عن التكلف الزائف أو التجمل الباهت، ولم ينظر المجتمع إليها يومذاك على أنها غير وفية لزوجها الأول، كما هو شائع على ألسنة كثير من الناس في عصرنا، بسبب الجهل وانتشار روح الأنانية، وسطحية النظرة، دون سبر أغوار النفس الإنسانية. جاء في صحيح مسلم، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل: أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة، وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته - قيل: بعد شهر وقيل: بعد خمس وعشرين ليلة -، فلما تعلَّت ـ طهرت ـ من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابك ابن بعكك ـ رجل من بني عبد الدار ـ فقال لها: مالي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح، إنك والله ما أنتِ بناكح حتى تمرّ عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعتُ عليَّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حلَلتُ حين وضعتُ حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي". فلم يكن اعتراض أبي السنابك على الزواج من أصله وإنما كان اعتراضه أنها لا تتزوج حتى تكمل عدتها أربعة أشهر وعشرا ولم يكن يعلم أنها بوضعها حملها قد حلّت وانقضت عدتها وقد كانوا وقافين عند حدود الله. هذا هو تشريع السماء الذي يرحم الفطرة الإنسانية ويلبي نداءها في حنايا النفس دون عنت أو تجمل أو تعالٍ أو تسامٍ في غير موضعه، وإن بدَّل الناس وغيروا أو جهلوا وضيقوا. رحم الله سبيعة ورضى عنها تجملت للخطاب بعد وفاة زوجها بشهر ورحمها المجتمع آنذاك، ورحم الله أرامل عصرنا، وأعانهن على قسوة المجتمع ونظرته الخاطئة.

503

| 30 يناير 2015

فقهاؤنا والحفاظ على الأسرة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ذهب كثير من الفقهاء إلى أن الأصل فى الطلاق الحظر ، ولا ينقطع إلا لحاجة وضرورة ، ولذلك كان الطلاق ( أبغض الحلال إلى الله – عز وجل - ) رواه أبو داود والحاكم . وقد وجهت السنة إلى تحريم الإفساد بين الزوجين من أى طرف ( ليس منا من خبب امرأة على زوجها ) رواه النسائى .كما حذرت السنة من طلب المرأة الطلاق من غير سبب ( أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها الجنة ) رواه الترمذى والنسائى .وفى ضوء هذه التوجيهات النبوية جاءت اجتهادات وفتاوى كثير من الفقهاء ، تتغيا الحفاظ على الأسرة ، وتتوخى دوام ائتلافها وترابطها متى كان هناك مخرج وسعة، لأن الزواج تحقق بيقين ، ولا يزول اليقين بالشك ، ولا يزول اليقين إلا بيقين مثله ، فلزم أن يقع الطلاق يقينا حتى يترتب عليه الحقوق والواجبات .فقد تحوطوا فى إيقاع الطلاق بألفاظ الكناية فقالوا : لا يقع الطلاق بها إلا مع النية ، فلو سئل الناطق بالكناية عما أراد بكلامه فقال : لم أنو الطلاق ، بل نويت معنى آخر ، فإنه يصدق قضاء ، ولا يقع طلاقه لاحتمال اللفظ معنى الطلاق وغيره ، فلا يصار إلى الطلاق حتى يتحقق من مراد الناطق وقصده . وقد ضرب فقهاؤنا لذلك بعض الصور منها : لو قال الزوج لزوجته : الحقى بأهلك ، أو أنت حرة ، أو قد أعتقتك . فهذا أمر محتمل ، هل يقصد الطلاق أم مجرد الاعتزال ، وبناء عليه لابد من الاستيثاق من قصد الزوج ونيته حتى يقال بأن الطلاق يقع أو لا يقع .وفى الطلاق بالكتابة اشترط الفقهاء أن تكون الكتابة واضحة وقاطعة على الدلالة بأن يكتب إليها فيقول : يا فلانه أنت طالق . فإن لم يوجه الكتابة إليها والتبس الأمر فقال : أنت طالق فقط ، فلا يقع الطلاق إلا بالنية . وعللوا لذلك بقولهم : لاحتمال أن تكون كتابته من غير قصد إيقاع الطلاق ، كأن يكون كتبها لتحسين خطه مثلا .وفى وقوع طلاق الأخرس بالإشارة اشترطوا ألا يكون عارفا بالكتابة ، ولا قادرا عليها ، فإذا كان عارفا بها وقادرا عليها ، فلا يكفى الإشارة ، لأن الكتابة أدل على المقصود ، فلا يعدل عنها إلى الإشارة إلا لضرورة العجز عنها .وذهب كثير من الفقهاء إلى أن الطلاق المقترن بعدد كأن يقول : طلقتك ثلاثا ، لا يقع إلا طلقة واحدة ، وعللوا لذلك أيضا بالحرص على رباط الزوجية ، والحفاظ على الأسرة .وذهب بعضهم إلى أن الطلاق البدعى لا يقع كأن يطلق الزوج زوجته فى طهر جامعها فيه ، وعللوا لذلك بأن هذا عمل مخالف للسنة ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، والسنة أن يطلق الزوج زوجته فى طهر لم يمسها فيه حتى لا تطول عليها فترة العدة .وذهب بعضهم إلى أن الحلف بالطلاق لا يقع ، لأن الله تعالى لم يشرع الطلاق بمثل هذه الألفاظ ، والحلف إنما يكون بالله لا بالطلاق، ورأوا أن فيه كفارة اليمين أى يطعم عشرة مساكين أو كسوتهم ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .وذهب كثير منهم إلى أن الطلاق لا يقع فى حالتى الإكراه أو الغضب الشديد - الذى يفقد فيها الزوج السيطرة على نفسه بحيث لا يعى ما يقول –، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا طلاق فى إغلاق ) والإغلاق يعنى الإكراه أو الغضب أو كليهما.رحم الله فقهاؤنا كانوا يحتاطون كثيرا فى وقوع الطلاق للحفاظ على أقوى لبنة فى بناء المجتمع المسلم ألا وهى لبنة الأسرة .وللأسف بعض من يتصدر للفتوى اليوم جاهز بالرد على كل مسألة ومعضلة فى الطلاق وغيره دون أن يتريث أو يراجع أو يتثبت ، مما لو عرضت مثلها على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر .

1612

| 23 يناير 2015

البخارى وصحيحه

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ولد أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في شوال سنة أربع وتسعين ومائة 194 للهجرة فى بخارى ، وألهم حفظ الحديث وهو ابن عشر سنين كما يقول عن نفسه ، وحين بلغ من عمره ست عشرة سنة صحب أمه وأخاه للحج بمكة ، وبعد أن أنهوا المناسك عاد أخوه وأمه وبقى هو بمكة فى طلب الحديث .طلب الحديث فى كبريات منارات العلم فى عصره على أيدى أكابر العلماء والمحدثين فى مكة ، والمدينة ، وبغداد ، والبصرة ، والكوفة ، ومصر ، والشام ، وبخارى ، وبلخ ، ومرو .وعن كتابه المعروف بصحيح البخارى قال : كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع هذا الكتاب (الجامع الصحيح ) ، وصنفته في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى ، وما أدخلت فيه إلا ما صح، وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب ، وأخرجته من زهاء ستمائة ألف حديث .وما وضعت فيه حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك، وصليت ركعتين .وللأسف هناك بعض من لا يعرف سنن الغسل أو الأغسال المستحبة أو الواجبة فى الفقه الإسلامى يتطاول على رجل فى طهارة البخارى ويسخر من صحيحه .ومما يستأنس به فى هذا الصدد ما ذكره أبو زيد المروزي الفقيه قال : كنت نائما بين الركن والمقام، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال لي: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعي، ولا تدرس كتابي ؟ فقلت: يا رسول الله وما كتابك ؟ قال: (جامع) محمد بن إسماعيل.نحن تتحدث عن رجل عطرت سيرته مجالس الصالحين ، وزين صحيحه مكتبات الدنيا وحلق العلم . ولا يذكر الحديث الصحيح إلا والبخارى فى مقدمة المأمومين والمقصودين ،ولذلك كان من المسلمات لدى أهل العلم الشرعى إذا نقل أحدهم حديثا عن صحيح البخارى يكفى أن يقول : رواه البخارى ، غير محتاج إلى حكم عليه من أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل .كتابه الجامع الصحيح هو أعلى الكتب الستة سندا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وذلك لأن البخارى كان أسن الجماعة، (وهم البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجة ) وأقدمهم لقيا للكبار، أخذ عن جماعة يروي الأئمة الخمسة عن رجل عنهم.سلمت له الأمة ممثلة فى علمائها بإمارة الحديث وإمامته .قال الحاكم : البخاري إمام أهل الحديث . وقال ابن خزيمة : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأحفظ له من محمد بن إسماعيل .وفى توثيقه للحديث وتثبته قال : كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث.فإن لم يكن سألته أن يخرج إليَ أصله ونسخته.واعترافا بفضله ، ومعرفة بحقه ، وإنزالا لقدره ، كان يحيى بن جعفر يقول: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم . وجاء الإمام مسلم بن الحجاج إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا سيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله .وقال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل .وقال أحمد بن حنبل : ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل .وفى حفظه وإحاطته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمرو بن العلاء : حديث لا يعرفه البخارى ليس بحديث . مثله فى الزهد والورع لا يعبأ بمن ينالون من عرضه ، إنه ينظر إلى الآخرة التى نساها من تطاولوا عليه ، وعند الله تجتمع الخصوم .قال بكر بن منير: سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا .وعقب على هذا الإمام الذهبى فقال : صدق - رحمه الله - ومن نظر فى كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه، فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا. وقلَ أن يقول: فلان كذاب، أو كان يضع الحديث.حتى إنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه.وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا، وهذا هو والله غاية الورع ..اشتد به المرض فى آخر أيامه ، فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى نحبه فى قرية تسمى خرتنك من قرى سمرقند سنة ست وخمسين ومائتين للهجرة 256هـ قال بعض من حضروا جنازته :لما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك، فدام ذلك أياما .إن رجلا فى قدر وقيمة البخارى لا يبغضه إلا جاهل أو حاقد أو صاحب هوى وغرض ، وإن الهوى شر إله عبد فى الأرض .اللهم إنى شهدت بما علمت عن عبدك محمد بن إسماعيل مما جاءنا فى أوثق مصادر التراجم والأعلام ، وبرئت ممن أساء إليه ونال منه ، فاجعل شهادتى قربة منى إليك ، وأمارة يعرفنى بها يوم العرض عليك ، واجعلنى ممن يشفع له – إن كان من أهل الشفاعة - بين يديك .

2482

| 16 يناير 2015

الإسلام دين ودولة في شهادات المستشرقين

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); جاءت شهادات بعض المستشرقين تؤكد حقيقة طالما أنكرها ورددها بعض المثقفين العرب، ممن تأثروا بالغرب، وتنكروا لحضارتهم وتاريخهم، وهي أن الإسلام دين ودولة، وأن لا فصل بين الدين والسياسة، وأن مقولة بعض الساسة " لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة " إنما هي بدعة منكرة استحدثتها الأهواء والأغراض لخدمة الحكومات المستبدة، والديكتاتوريات المعاصرة التي تحكم باسم الإسلام.ونعلم أن كثيرًا من بني جلدتنا ممن يتسمون بأسماء إسلامية، قد ينكرون الحقائق التاريخية، وقد يهيلون التراب على تاريخنا بأكمله ، لأنهم ولوا وجوههم نحو الغرب، وأولعوا بمعارفه، وأغرموا بحضارته، وهاموا في حبه ، فتنكروا لكل ما هو عربي وإسلامي، كما أنهم لا يقتنعون إلا بكلام أساتذتهم الأوروبيين تحقيرًا لذواتهم ، وتقليلًا لشأنهم ، ولا يقرون بالحقائق إلا إذا جاءت على ألسنتهم ، فعنهم وحدهم يأخذون، ومنهم – لا من سواهم ــ يستمدون ، ولكلامهم يذعنون، ولمنطقهم يستسلمون، كأنهم أنبياء هذا العصر ، عن الهوى لا ينطقون. وإذا كانت هذه طريقتهم في الإيمان بالحقائق والتسليم لها ، فلا بأس أن ننقل لهم عن أساتذتهم أقوالًا صريحة وقاطعة لتؤكد على هذه الحقيقة التي طالما كابروا في الإذعان لها، والتسليم بها، والتى تقرر أن الإسلام دين ودولة . وقد جمع الدكتور محمد ضياء الريس في كتابه الرائع " النظريات السياسية الإسلامية " أقوالا كثيرة في ذلك و نحن ننقل عنه بعضها : يقول الدكتور " فنزجرالد " : ليس الإسلام دينًا فحسب ولكنه نظام سياسي أيضًا، وعلى الرغم من أنه قد ظهر في العهد الأخير بعض أفراد من المسلمين، ممن يصفون أنفسهم بأنهم " عصريون " يحاولون أن يفصلوا بين الناحيتين، فإن صرح التفكير الإسلامى كله قد بنى على أساس أن الجانبين متلازمان، لا يمكن أن يفصل أحدهما عن الآخر.ويقول الأستاذ" تللينو " : " لقد أسس محمد في وقت واحد: دينا ودولة، وكانت حدودهما متطابقة طوال حياته " . ويقول الدكتور "شاخت": " الإسلام يعنى " أكثر من دين: إنه يمثل أيضًا نظريات قانونية وسياسية، وجملة القول أنه نظام كامل من الثقافة يشمل الدين والدولة معًا " . ويقول الأستاذ"ستروتمان": " الإسلام ظاهرة دينية سياسية: إذ إن مؤسسه كان نبيًا وكان حاكمًا مثاليًا خبيرًا بأساليب الحكم . ويقول السير"توماس أرنولد": " كان النبي في نفس الوقت رئيسًا للدين ورئيسًا للدولة "وفيما نقلناه بيان دامغ لكل من ينكر هذه الحقيقة، وإذا لم يذعن لذلك بعض المثقفين العرب فلا مفر من أن يختاروا لأنفسهم الوصم بالجهل والمكابرة والتعالم حتى على من يقرون لهم بالأستاذية، ويعترفون لهم بالريادة.

1613

| 09 يناير 2015

القرآن الكريم.. بين مدح امرأة وذم رجل

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تحدث القرآن الكريم عن ملكة سبأ ــ وهي امرأة ــ فأثنى عليها وعلى قيادتها للدولة، لأنها كانت تحكم وفق الشورى والمؤسسية ﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ النمل 32، وذم القرآن الكريم فرعون مصر ــ وهو رجل ــ لأنه قد انفرد بسلطان قيادة الدولة وسلطة صنع القرار ( قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ غافر 29 . فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة في الولاية العامة، وإنما كانت العبرة بكون هذه الولاية "مؤسسة شورية" ؟ أم سلطانًا فرديًا مطلقًا ؟ كما يقول الدكتور محمد عمارة.إن الأساس الأكبر الذي ينبغي أن ترتكز عليه قاعدة شغل المناصب وتولي الولايات هو الكفاءة والقدرة بعيدًا عن جنس من يشغلها ويتولاها، وليس كل رجل يصلح أن يتولاها ويشغلها، وليست كل امرأة كذلك. وقد روى مسلم وغيره عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا، وإني أحب إليك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم".فقد منع النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر وهو رجل من ولاية مال اليتيم، وكذلك منعه من الإمارة على اثنين وعلل ذلك بضعفه، ومن المعلوم أن الفقهاء قديمًا أجازوا للمرأة أن تكون وصية وولية على مال اليتيم وأجازوا لها ما هو أكبر من ذلك أن تكون قاضية فيما تشهد فيه كأبي حنيفة، وأن تكون قاضية بإطلاق كابن حزم وابن جرير الطبري وبعض المالكية. وكم في الرجال مثل أبي ذر ممن لا يصلحون، وكم في النساء مثل الشفاء بنت عبد الله ممن تصلح - وكان عمر قد جعلها محتسبة على أسواق المدينة -. وعلى هذا فالمعيار الصحيح الذي ينبغي الاحتكام إليه في شغل المناصب وتولي الولايات ينبغي أن يكون القدرة والكفاءة والاستطاعة التي تؤهل صاحبها لشغلها وتوليها بعيدًا عن الجنس، وليس كل الناس ــ رجالًا ونساء ــ يصلحون لكل الوظائف وإنما هي مواهب وقدرات وملكات يوزعها الله كيف يشاء، ثم هي جهود وخبرات تتطلب البذل والاجتهاد لكسبها، ولكل مجتهد نصيب. قال الشوكاني في نيل الأوطار معقبا على الحديث السابق (فيه دليل على أن من كان ضعيفًا لا يصلح لتولي القضاء بين المسلمين).فقد اشترطوا القدرة مع الذكورة، ولو كان ذكرًا فقط لما صلح، وكذلك تشترط القدرة في الأنوثة، ولو كانت ضعيفة فلا تصلح، والقدرة تتأتى من بعض النساء، كما تتأتى من كثير من الرجال، والضعف موجود عند كثير من النساء، كما هو موجود عند بعض الرجال. فالقضية إذن هي قضية المؤهلات الخلقية والفكرية والنفسية والقيادية التي يجب أن تتوفر فيمن يشغل المناصب ويتولى الولايات، ولا عبرة إذن بالذكورة والأنوثة، وإنما العبرة بالقدرةوالكفاءة.والمعادلة الأصعب اليوم هي وجود المرأة المسلمة القادرة الكفؤة ــ وكذلك الرجل ــ وليس المنصب، وإلا فأسماء بنت أبي بكر كانت أقوى من ابنها عبد الله بن الزبير يوم قالت له وقد خرج يقاتل الحجاج: إن كنت تعلم أنك على الحق فتقدم وإن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها، فوجود أسماء هو المشكلة وليس الوصول إلى المنصب هو المشكلة. وقد كانت أقوى من كثير من الرجال حين كتمت عن المشركين بقيادة أبي جهل خبر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر، وأحاطته بالسرية والكتمان، وإن آذاها المشركون، وإن لطمها أبو جهل على خدها حتى سقط قرطها كما ورد في سيرة ابن هشام. وقد كانت أقوى من الحجاج ــ شديد البطش ــ حين واجهته بعد أن قتل ابنها وصلبه فامتنعت عن تلبية دعوته ــ بكل شدة وصرامة وشجاعة. روى مسلم عن أبي نوفل قال: رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة ــ مدخل مدينة مكة ـــ مصلوبًا قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس. ــ وفيه - أن الحجاج بن يوسف أرسل إلى أمه (أسماء بنت أبي بكر) فأبت أن تأتيه فأعاد عليها الرسول: لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك ــ الضفائر ــ قال: فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلىَ من يسحبني بقروني.: فقال الحجاج: أروني سِبْتَيّ ــ أي نعليَ ــ فأخذ نعليه ثم انطلق يتوذف ــ يسرع ــ حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتني صنعت بعدو الله – أي ابنها -؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول له : يا ابن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين: أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغنى عنه، أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: أن في ثقيف كذابًا ومبيرًا، فأما الكذاب فرأيناه، ــ تقصد المختار بن أبي عبيد الثقفي فإنه تنبأ وتبعه ناس حتى أهلكه الله تعالى ــ وأما المبير ــ وهو كثير القتل ــ فلا أخالك إلا إياه. قال: فقام عنها ولم يراجعها. رحم الله أسماء فقد أحرجت كثيرا من الرجال.

4046

| 26 ديسمبر 2014

الأكباد الجائعة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من العبادات الاجتماعية المهمة التي يتعدى نفعها، ويمتد أثرها، نفع الناس، ومن أحب الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله إدخال السرور على القلوب بأية وسيلة، وبأية صورة، وبأي لون من ألوان القربات، وهذا جوهر رسالة الإسلام.قال رسول الله : «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كربًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا».أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج بإسناد حسن.وفي الحديث عن أبي هريرة أن النبي قال: «من نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم .وقد نذر الصالحون أعمارهم لفعل الخير، وتمنوا لو طالت بهم الآجال في قضاء حوائج الناس.قال المرداس بن حدير: يا ليت لي نفسين: نفسًا تجاهد في سبيل الله، ونفسًا تسعى للمسلمين في حوائجهم . وقد وقفوا أموالهم في وجوه الخير والبر، وعرف التاريخ عن المسلمين نظام الوقف الخيري في أروع صوره.لقد كانوا يرون أن قضاء حوائج الناس من العبادات الاجتماعية التي يتعدى نفعها، وهي أولى بالتقديم من القرب المحضة إذا تعارضتا، حتى قال الحسن البصري: لأن أقضي لأخ حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف شهرين . وكان بعضهم يتفقد البيوت المحتاجة ويسألهم: هل لكم زيت؟ هل لكم ملح؟ هل لكم حاجة؟ ولما مات زين العابدين بن الحسين، وجدوا أثناء الغسل في ظهره وأكتافه أثر حمل الجراب - الكيس - إلى بيوت الأرامل والمساكين. ولما كتب الحجبة إلى عمر بن عبد العزيز أن يأمر للبيت بكسوة، كما كان يفعل من كان قبله، كتب إليهم: إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة، فإن الأكباد الجائعة أولى بالنفقة من كسوة البيت. ولقد طرق سلفنا الصالح أبواب الخير كلها، وكان لهم في كل ميدان من ميادينه أثر كريم، حتى لا تكاد تجد بابًا من أبوابه إلا وجدتهم شهودًا على أعتابه، لقد أنفقوا في إطعام الطعام، وإكساء الحلل، وتفريج الكربات، وفك الأسير، ورعاية الأيتام، ومداواة المرضى، وسداد ديون المدينين، وتوفير المسكن لمن لا مسكن له، وإيواء الغريب، وتزويج المحتاجين من الفقراء، وتفطير الصائمين، والكفارة عمن وجبت عليه ولم يستطع أداءها، والمساهمة في إعداد الولائم لمن لا يستطيع ذلك، ونشر الدعوة والعلم، وتحمل الديات عن القاتل في القتل الخطأ، حتى قال القرطبي في هذا الصنيع في الدية: إنه مواساة محضة.

2821

| 19 ديسمبر 2014

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

16740

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

7641

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الطوفان يحطم الأحلام

العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...

5001

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
الإقامة للتملك لغير القطريين

في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...

3615

| 13 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

3381

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الوأد المهني

على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...

2793

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

1911

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
كلمة من القلب.. تزرع الأمل في زمن الاضطراب

تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...

1536

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1122

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
من مشروع عقاري إلى رؤية عربية

يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...

1044

| 12 نوفمبر 2025

alsharq
رسائل استضافة قطر للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية

شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...

1011

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
الذكاء الاصطناعي وحماية المال العام

يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...

891

| 10 نوفمبر 2025

أخبار محلية