رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الكتابة الجديدة

احتلت نظرية تداخل الأجناس حيّزاً من الاهتمام قبل عقدين تقريباً، ورُوِّج لها، لكنها ما لبث أن خبت في الحراك الثقافي بفعل هيمنة السرد الذي استأثر بالفضاء الإعلامي الأدبي، وخمود نار الشعر خلا نثارات احتفائية لم تفلح في إشعال موقد. لكنّ المتابع يرى أن الشعر النازح من المشهد حلّ لاجئاً في حقول الرواية، منذ كتاب الواقعية السحرية الذين شعرنوا الرواية في انغماسهم الممتع بعوالم أمريكا اللاتينية النائسة بين أحلام متناقضة، أجّجت الحروبَ الأهلية زمناً، وأثّرت فيها تأثيراً واضحاً، ولم يكن خوان رولفو وجورج آمادو وغابرييل غارسيا ماركيز وماريو فارغاس يوسا إلاّ رواة فائقي الشعريّة، سالت قصائدهم في متاهات الجغرافيا الجديدة، وغير بعيد يمكن أن يجد المتابع نصوصاً سرديّة عربية تماهت بالشعر وصنعت بهجتها الخاصة فيما كتبه الطيب صالح ومعظم ما كتبه أمير تاج السرّ وأحلام مستغانمي ومؤخراً شهلا العجيلي، وفي روايات أحمد عبد الملك أخصّ منها مقدمة "أحضان المنافي".ليس الشعر بوصفه صورة أو زخارف أسلوبية بقدر ما هو مصدر حقيقي يبثّ الفرح في القارئ، في روايات ظلّت أقاليم للمسرّة الهاربة من عالم القصيدة التي أغواها كهنة الشعر بتوسّل الفلسفة والفكر والتجريد.ولكن في المقابل ثمّة شعر جديد وجد في أساليب السرد مدخلاً إلى العودة للقارئ، وهو يجد في السرد المقتصد كوامن شعرية تبثه دلالات المعنى والزمان والسياق، وتذهب إلى صناعة البهجة ذاتها في مشهد الإبداع الجديد.وهنا تقدّم قصيدة النثر- التي خلّصت الشاعر من إكراهات الوزن والقافية- اقتراحاً ممكناً لدرامية النصّ الشعري، ببساطة ملفتة، ورغم كثرة التجارب وتفاوت جودتها، إلاّ أنها على مقربة من تكريس شعرية جديدة، تمتلك نسقها الذي يمكن المراهنة عليه في دفع الكتابة العربية نحو الأمام. الكتابة التي لا يمكنها اختزال المشهد، ولكن لا يمكن للمشهد الاستغناء عنه.

408

| 01 يونيو 2016

تلك الظلال

كلّ صباح تسيل الظلال من الجدران، غامرةً عائلات كاملة ملتمّة حول فطور الصباح، كانت الظلال كريمةً معنا في الصيف، فتمهلنا إلى وقت متأخّر حتى تنحسر نهائيًا عن مجلس متقشّف حدّدته حصيرة النايلون الطويلة بألوانها الباهتة، لم يكن ثمّة مكيفات تغري بالدخول، ولا فضائيات تبث صباحًا، وحده الراديو الذي يلتقط إذاعات بعيدة يضعف إرسالها كلما اقتربت الظهيرة. ظلّ في ذاكرتي منها القليل: مونتكارلو- لندن- صوت أمريكا- دمشق- بغداد- طهران... نعم، طهران التي تبث بالعربية حتى العاشرة صباحًا مختتمة بنشرة أخبار. في تلك الظلال شهدت عجائز يمخضن اللبن، ويقطّعن قشور البطيخ للبهائم، ويحضّرن قطرميزات ( قوارير) المربّى والمكدوس، ولا يخلو الأمر من أخبار ليست للنشر، عن زيجة في طريقها إلى الإعلان، أو مشاجرة بين ضرّتين، وصلت تفاصيلها للتوّ، أو.. أو..ولم تكن تلك الظلال تطيق أحاديث يتقابل فيها الرجال لحلّ مشكلة، فالظلال أيس كريم وليست شايًا، ومدمنوها يدركون أن سقفها لا يتجاوز إفطار (بطيخ أحمر ولبن رائب)، ولهذا لم تستضف في الأصابيح غير البهيج. ولا تلبث أمّي تقول: "جاءتكم الشمس" حتى ندخل إلى الدار.برع الشعراء والأدباء في وصف الظلال، ولكنّ الظلال التي تخصّني، تلك التي تركناها في هجير الحرب، لم أجدها في قصيدة أو رواية، الظلال التي تتسع لكهلين يحتسيان لبنًا ويأكلان رغيفًا، الظلال التي فرش فيها بائع الأقمشة صرّته وتتحلّق حولها نساء الحيّ. تلك ظلالي وليست ظلال المتنبي التي صنعتها شمس شعب بوّان، وليست ظلال الدرويش التي تلاحقه كسلوقي، ظلالي التي راقبتها سنين وهي تصنع أبطالها وعابريها، ثم تذوب على رأي خوان رولفو في رائعته "بيدرو بارامو".في تلك الأيام، الأيام التي كانت فيها العطلة للنوم والقراءة، ومراقبة الشمس الهاربة من خطّ الاستواء، تشاركنا ذلك الصيف من حصاد الشعير، حتى موسم العنب. لكنّ الظلال كانت إحدى فواكه الصيف، صيفنا الذي صار بعيدًا.

369

| 18 مايو 2016

بين مدينتين

على شاطئي الفرات، ثمّة الجزيرة والشاميّة، وقبائل تقاسمت حزنه وماءه والانتقال إلى الضفّة الأخرى، عبر سفن ومراكب متهالكة. هناك كانت حلب والرقة، توأمان ليس بينهما إلاّ الفرات الهابط نحو الجنوب بهديره الأبديّ.لم أعرف المدينتين كابن مدينة، علاقتي بحلب علاقة طفل بسوق المتعة، بالدوندرمة وخبز الطابونة، وعلاقتي بالرقة علاقتي بما رأيته في عينَي عبداللطيف خطاب وعبد الحميد الخلف ورشيد الحاج صالح وإبراهيم الزيدي. علاقتي بصوت عبدالإله مطرب الكاسيت أواخر السبعينيّات وشارع تلّ أبيض، وحكايات الناس عن مدينة يتقاسمها الشوايا والبدو وسكّان السرايا الأوائل.رأيت عبد السلام العجيلي مرّة واحدة يوم تكريم الجواهري في دمشق، وقلت له مازحًا: "أنا من المغمورين الذين كتبت عنهم". وفي حلب كانت قبيلتي تتقاسم "الصاخور والهلّك والحيدرية وطريق الشيح نجار وطريق الباب". تلك القرى الملحقة بالمدينة وهناك عرفت وصادقت شابّين حلبيّين رائعين، محمد بشير عزيزي من الكلاّسة، وأحمد ويسي في حيّ الميريديان. نال أحمد درجة الأستاذية (الدكتوراه) وفرحنا له كثيرًا، وضاع منّي محمد بشير، فقد باع أهله البيت قبل سنوات، كما غاب عبد اللطيف خطاب بعد مرضٍ مزمن في القلب، وزواج سريع، وتناثر إبراهيم الزيدي ورشيد الحاج صالح وعبد الحميد بين المنافي.حلب لي، والرقة لي، وأنا أنظر إليهما دريئتين عنيدتين أمام الموت، من هنا في الدوحة، غريبًا على الخليج، أقاوم الحنين بالتردّد على دكاكين المنتجات السوريّة.حين أسافر (عائدًا) من حلب إلى القامشلي، وبعد أن يقطع الباص المدينة ويتجاوز مدينة الباب بعد ربع ساعة تقريبًا، ألتفت إلى الشمال، مستحضرًا سرديات الأب والعائلة وقرى ريف منبج، بصلجة واليالني والعوسجلي ومَدَنة، فتحضر طيوف الغائبين الموتى، وهم يسوقون أغنامهم، أو يقطفون العنب، أو يهربون من جفاف السبعينيات إلى وادي الفرات أو بيروت وإلى حلب أخيرًا، وعندما يقطع الباص الفرات ألتفت جنوبًا، وأستعيد صور جدّي سائقًا ماشيته من أبو الكالات إلى أبو كهف، فالشرقراق ثم عين عيسى في حكاية لا تنتهي عن الرحيل إلى ذاك الشمال الخصيب في سنيّ الجدب الطويلة.

260

| 11 مايو 2016

حلبٌ قصدُنا

أحب خطّ الرقعة، ومنذ أصبحت معلّماً وأدمنت أصابعي الطباشير البيضاء كان حرف الحاء يستهويني في كتابته على سبورة خشب، تصعد يدي من أسفل السطر بخطّ شبه مائل قبل أن ينعطف نحو اليمين في انحناءة خفيفة، كأنّك تثني سلك ألمنيوم وكأنّه الرقم ثمانية، ثمّ تقطعه بخطّ آفقي ينام في طمأنينة على السطر ذاته، وأنظر إلى الصغار في هدوء مبتسماً: هذا هو الحاء. ومن غير حلب تكتبنا بخطّ الرقعة؟ تبدأ بالحاء البسيطة، وتختم بالباء المنسدلة منتظرة نقطة الختام تحت السطر وليس آخره، وبينهما لام الفصل والوصل، تقف بينهما كلام الميزان بين قفّتين. لم يعد من ذلك الطباشير الأبيض غير ذكريات تفتّته في أصابع الذكريات، وقد رحلت معه السبورة السوداء، وتسارع تطوّر أدوات الكتابة، وتكفّلت عنا حجارة الكيبورد بكتابة حروف لا طعم لها، لكنّ حلب التي تغتسل باللهب والدم، مازالت تعد خطّ الرقعة باسمها الغابر الأثير.*حلب 1990 في مقابلة الدبلوم التربوي جاء دوري وصديقي الشاعر عامر الدبك للقاء الدكتور أحمد قدور، فسأله عن شرح : كلّما رحّبت بنا الروضُ قلنا* حلبٌ قصدنا وأنت السبيلوتناقشا في فكرة البيت التي تؤكد مكانة المدينة عند الشاعر الذي وجد ذاته فيها، بالرغم من تجربته الواسعة في الترحال، وسألني أتعرف مطلع القصيدة، فأجبت على الفور:ما بنا كلّنا جوٍ يا رسولُ* أنا أهوى وقلبك المتبولُ... فقال مندهشاً: أنت ناجح وكان ذلك من حسنات المساجلات الشعرية بين شباب القرية، وقد جعلتنا نستظهر كثيراً من الأبيات الشعرية الفريدة.اليوم أسأل نفسي: أين أجد مفردة (حلب)؟ في نصوص المتنبي وكشاجم، ودرويش وغيرهم؟ أم في الروزنا التي قدمت (حلب) منتهى الغاية ومحطتها النهائية، وجنّة صغيرة في أسطورة شعبية تناهبتها الروايات الشفاهية، وظلّ اللحن تردّده الديار الشامية كلّ يوم وليلة؟ أم هو البحر البسيط منفلتاً في شفاهيات من تعب حقيقي ضاقت بها الأقلام والدفاتر، أم مقام الكرد الحزين المتمدّد في حنجرة فيروز كأميرة مدلّلة؟ أم أنها حلب؟.

2454

| 04 مايو 2016

أرض العدم

شغلت أوساط الأدب مقالة الشاعر والناقد "عبده وازن" عن (نعمة اللعنة السورية) في مقاربته نجاح رواية الكاتبة السورية سمر يزبك "بوابات أرض العدم" في فرنسا موطن لجوئها، وقد عزا الكاتب أمر النجاح الكبير إلى الوضع السوري الطارئ الذي أضفى على الإنتاج الأدبي المنعكس عن الكارثة جوّاً من التعاطف الأدبي والإعلامي، جعل الأدباء السوريين يستأثرون باهتمام إضافي مردّه فضول القارئ وشغفه بقراءة الوضع السوري خارج نشرات الأخبار والتحليلات السياسية. لم تكن سمر يزبك وافدة جديدة على الرواية، فقد بدأ اسمها ينمو في حقل الرواية العربية منذ سنوات، واشتهرت لها أكثر من رواية منها "صلصال" و "رائحة القرفة" وأعدت أكثر من برنامج، وكتبت أكثر من سيناريو مسلسل، وشاركت في فعاليات أدبية خارج بلادها، وبهذا يكون ردّ نجاحها إلى طبيعة المرحلة ظلماً لإبداعها، وهذا ليس جديداً على عبده وازن الذي تعرّض لرواية السوداني أمير تاج السرّ "طقس" بكثير من المدرسية حين تعرّض للأخطاء اللغوية وتفرّغ لمهمة مدقّق لغوي وليس للنقد الذي يُنتظر من كاتب يحرّر صفحة الثقافة في أهمّ صحيفة عربية.أظنّ أنّ الأمر يأتي من استسهال الكتابة التي ترفدها شفويات المثقّفين على المقاهي، والتي ازدهرت في تناثر قبيلة المثقفين بعد الأزمة السورية، وما لزم من ذلك من اصطفافات مذهبية وإثنية، ذهبت فيها مكتسبات الحداثة أدراج الرياح. يتكئ عبده وازن في مقالين متتالين (ثانيهما للردّ على أنصار يزبك) على معطيات لاعلاقة لها بفنّيات الرواية، ويحاول المسّ بالعمل من جهة انتماء صاحبته وسلوكها الثوري، وهذا ما يمكن أن يكون مسليّاً ومثيراً في أوعية مخصصة لهذا المجال، وليس في صفحة أدبية لها قراؤها. لا أظن ناقداً حصيفاً يتحدّث عن نعمة الجحيم السوري على الأدباء السوريين المشردين في كلّ مكان، ولا أظنّ الاهتمام النقدي العالمي بالأدب يأتي من فراغ أيضاً.

531

| 27 أبريل 2016

ثمانية عشر شهرًا

في معرض تذكّره لظروف كتابة "مائة عام من العزلة" يكتب غابرييل غارسيا ماركيز عن معاناته مع أسرته الصغيرة في غضون سنة ونصف، هي مدّة إنتاج الرواية، وفيها عرض الكاتب أثاث بيته للرهن والبيع، ولم يبق حوله إلاّ الدائرة الضيّقة من الأصدقاء، الذين وقفوا إلى جانبه، إلى الحدّ الذي رهن فيه أحدهم أرضه كي يسدّد عنه بعض الديون.تستحقّ قصّة الثمانية عشر شهرًا أن تكون رواية بحدّ ذاتها، أو فلمًا قصيرًا مليئًا بالمشاهد المؤثّرة والمشوّقة من طموح ذلك الشابّ المحرّر الصحفي أن يكتب شيئًا مختلفًا ومغايرًا عمّا كتبه وكتبه غيره من الروائيين، كي ينتج "مائة عام من العزلة" التي توّجت جهود الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية بهذا الأثر العظيم، مرورًا بوفاء زوجته وتضحيتها، وجهود الأصدقاء ومحرّرة الرواية التي وقع منها الفصل الثالث في بركة الوحل وحرّرته بعد تجفيف الأوراق في جهدٍ مضنٍ، حتى ساعة إرسال المخطوطة إلى دار النشر حين اكتشف الزوجان أنّ ما معهما من مال لا يكفي لإرسال المخطوطة إلى الدار، فقسماها قسمين، وأرسلا نصفها، واكتشفا بعد العودة إلى البيت أنهما أرسلا القسم الثاني.بعد زمن فاز ماركيز بجائزة نوبل، عن هذه الرواية بالدرجة الأولى، واستطاع بأعماله التالية أن يساهم بشكل كبير في إدارة دفّة الرواية نحو الواقعية السحرية التي عكست صورة مجتمعات أمريكا اللاتينية في ظروفها الشبيهة بظروف الأمة العربية، حيث هيمنة الأنظمة ذات الطابع العسكري، والحروب، والفقر، والحلم الذي لا يملّ من الإشراق، فكانت "الجنرال في متاهة - خريف البطريارك - الحب في زمن الكوليرا" وروايات أخرى أظهرت الوجه الحقيقي لقارّة مليئة بالتحولات.ما لفتني في سردية ماركيز هو العرفان بالجميل، والامتنان للأصدقاء، الذي يشي بظروف إنجاز الرواية في الغرب، بين قارئ ومراجع ومحرر ومدقق، يصل عددهم أكثر من عشرة، الأمر ذاته وجده قرّاء خالد حسيني، على عكس ما نجده في إنتاج النصّ العربي حيث يعمل الكاتب وحيدًا، وكثيرًا ما يشتكي النقاد والمهتمون من كثرة الأخطاء في روايات صادرة عن دور نشر محترمة.

742

| 20 أبريل 2016

شاعر الرسول

بمسابقة شاعر الرسول؛ أضافت مؤسّسة الحيّ الثقافي (كتارا) لبنة جديدة إلى معمار المشهد الثقافي في قطر والوطن العربي والإسلامي، المسابقة التي تؤتي أكلها هذا الأسبوع في إعلان شاعر الموسم الأوّل، الذي فازت قصيدته بين قرابة ألف قصيدة تقدّمت إلى المسابقة، شارك فيها شعراء مجلّون وبخاصّة في قصيدة العمود. وبهذا تستعيد قصيدة المديح النبوي ألقها، وتعيد إلى الذاكرة الشعرية هذا الفنّ الخاص الذي ازدهر في أوقات متفاوتة، منذ الشاعر الصحابي حسان بن ثابت رضي الله عنه، والمخضرم كعب بن زهير رضي الله عنه، وقد تاب عن هجاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم، فمدحه بأبيات راسخة في دفتر الأدب، وخلع عليه الرسول بردته الشريفة، وصارت البردة صفة لتلك القصيدة التي بانت فيها سعاد، وأشرقت فيها شمس النبوّة على أرض العرب.ولا يمكن لمدوّنة المديح النبويّ أن تغفل البوصيري الذي أيقظ قصيدة البردة في غفوة الأدب أيّام المماليك، ولا مدوّنات المدّاحين الشعبيين التي سرت بين الناس، موصلة أشذاء السيرة النبوية إلى قطاعات واسعة في موالد المناوي وابن حجر ونصوص عبدالرحيم البرعي وغيرهم. قبل أن يعرّج عليها روّاد الحداثة العربية كما في رائعة أمير الشعراء أحمد شوقي "نهج البردة".ومؤسّسة الحي الثقافي وهي تضمّ هذا الإنجاز إلى شقيقه "جائزة الرواية العربية" فإنّما تستنهض جناحي الأدب، في جِدّة النثر، وقدامة الشعر، وتؤكد على الهويّة الثقافية للمؤسسة، من خلال هذا الاهتمام، وهي تستضيف ثلاثين شاعراً محلّقاً، في مسابقة ثمينة الجوائز، وإن كانت الجائزة الحقيقية في استيلاد مناخ حقيقي يرتبط فيها الشعر بسؤال الهوية والوجود، وجود أمّة محمد (صلى الله عليه وسلّم) في ظلّ تهديد حقيقي يستهدف بقاءنا.

616

| 13 أبريل 2016

رواية الخراب

يمكن القول إن رواية عالم ثالثية تفتح مقترحًا جديدًا للرواية العالمية. فقد جاءت الواقعية السحريّة طريقًا جديدًا للرواية في الثلث الأخير من القرن العشرين، واستهلكت أسباب استمرارها، وتناثرت هنا وهناك تجارب كثيرة لم تشكّل ظواهر مؤثّرة، رغم براعة بعض التجارب الفردية كتجربة التشيكي ميلان كونديرا.ولكنّ الروايات الطالعة الآن من فرن الحرب الدائرة تشي بأعمال قادمة قد تشكّل فرصة كبيرة لطريق جديد مؤثر في النصّ الروائي القادم، وهي تجربة رواية الحرب، أو رواية الخراب، التي تتشكّل بهدوء في البلاد التي أثخنتها الحروب من أفغانستان شرقًا، حتى فلسطين غربًا، ففي هذا الشرق الأوسط التّعس، تعاقبت حروب الحداثة (العالمية الأولى، والثانية، والحرب الباردة) وحروب ما بعد الحداثة (غزو أفغانستان والعراق، والحرب في سوريا، وحرب غزّة) ، التي كان لها الأثر – وما زال - الاقتصادي والبشري والاجتماعي والديمغرافي على المشهد العام.في رواية الخراب؛ تتجاوز الأحداث الحدود الضيقة للدول، وتطوف أمكنة بعيدة تحيل إلى أفضية ثقافية واجتماعية مختلفة، تتقاطع حول الحكاية الأولى، التي تنبت في الوطن الذي أمسى خرابًا.روائيون يركضون برئات عدّائي المسافات الطويلة خلف مصائر أبطالهم قاطعين الحدود إلى المنافي الجديدة، في الجيل التالي. وترتّب للعودة وكأنّها ترتّب اللّفة الأخيرة حول المضمار. رواية جديدة تمشي بثبات وثقة وراء الأخبار العاجلة، في البلاد التي تصارعت فيها كل تيارات القدامة والحداثة، في جولات متتالية أخريات الحرب الباردة، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، روايات مكتوبة بخطى رحّالة ودموع شعراء العصر الجاهلي وهم يبكون الأطلال. روايات قادمة من أفغانستان والعراق وفلسطين وسوريّا مؤخرًا، تقف على طلليات البلاد الخراب، وترث مسؤولية الشعر الذي عبّر عن تلك البلاد مطلع القرن الفائت، رواية مرشّحة لتكون ظاهرة تستغرق العالم وتغمس أداتها في وجع الحرب النازفة إلى أجلٍ غير معلوم.

650

| 06 أبريل 2016

تحوّلات

فاجأني معرض الفنان العراقي الأسبوع الجاري في كتارا بتحوّلاته من التجريد إلى التعبيرية، في منحوتاته الجديدة واشتغاله على الكتلة بعدما قضى مرحلة يطوّع فيها الحديد في تشكيلات ذات نزوع نخبوي تجريدي تضارع آفاق التشكيل العالمي.في معرضه الجديد، تحضر الأحداث الجارية في أعماله، فالفنان مهموم و"متعب بعروبته" الحاضرة في بلاد العرب في عقابيل الربيع العربي وانعكاساته وتبعاته، ثمة كتل ذات طاقة تعبيرية تقترب من المتلقي، ومنحوتات تجمع بين روح الجمال وموضوعة الكاريكاتير السياسي، وبإضافات لونية مختلفة وجريئة في أكثر من عمل. رغم هيمنة الأبيض والبرونزي على مجمل الأعمال.تهيمن منحوتة الحمار في أعمال كثيرة، بدلالاته المعروفة، مضافة إلى أعمال عالمية كحمار رودان، وثمة الحمار العاشق الذي يذكرنا بالبغل العاشق عند عزيز نيسن، والحمار الصاعد الذي يحيلنا إلى صعود سيزيف. وفي المقابل تهيمن منحوتة الدكتاتور في الطرف الآخر، في منحوتة "سيلفي الربيع العربي". وكأن البحراني يشير إلى أنّ بلادنا محكومة بالعسكرة التي لن تغيب عنها الشمس.وتلتقي المنحوتتان في غير عمل، لتشير إلى تحوّل النحات العراقي البارع إلى هموم الجماهير العريضة في العراق الذي لا يزال يعاني عقابيل الغزو وارتهانات الحكم الوطني إلى الطائفية وأمراضها. ولعلّ المتابع سيلحظ اهتمام البحراني بالأبيض في أكثر من منحوتة، وبخاصة بعمله القطيع والدبابة، في مشغولات تجمع بين تطويع الحديد وتمكين الصلصال.يمكن القول إنّ تأثير الربيع العربي في الأدب والفنّ لا يزال مبكّرًا، ولكنها نبّهت المبدعين أنّ لغة الشارع تجاوزتهم، وهذا ما صرنا نلمحه في الشعر والقصّة، ولكن أن تشاهد تحوّلات فنّان بحجم البحراني، فهذا يفتح الباب أم تساؤلات تنتظر الكثير الإجابات، وإن لم أكن مختصًّا في عالم التشكيل، فقد وجدت في معرض البحراني على الأقل استجابة لذائقة الجمهور وحاجته، في فنّ يلامس همومه ويلهمه الطريق إلى الحياة والأمل.

274

| 30 مارس 2016

الربيع الطلق

يزدحم الربيع بالأعياد، وفي كلّ عيد يجب أن ترحل إلى هناك، إلى شعراء تعلّمت منهم كيف تكمن للقصيدة، وشعراء تعلّمت منهم كيف تتبعك قطعانها بكلمة واحدة، كان ثمة شعر، وكان ثمة مواسم، يحتفل الناس بالكلمات قبل أن تضيع خطانا في أسواق النت، الربيع هناك كلمات محبّرة على ورق مدرسي مسطّر.كلّما جاء يوم الشعر العالمي في 21 من مارس تذكرت بطاقات الورق المقوّى التي تعلّق في غير مكان على حيطان المدينة الطينية، كنت في الصفّ السّابع حين تسرح عيناي في خطوط ملوّنة لعبارة "الأمسية الشعرية" على حائط لجدار عارٍ في شارع الوحدة، ونحن نقطع الطريق إلى الجزء الأكثر رقيًّا في المدينة. أقرأ أسماء لشعراء صاروا أصدقاء، قبل أن يُقتَلع الإعلان ويحلّ مكانه إعلان مباراة الكرة القادمة.في تلك المدن الريفية، كانت المراكز الثقافية مصادر معرفة، قبل أن تهيمن الفضائيات، وكانت الأماسيّ تعجّ بالحضور، وبخاصة إذا كان فرسانها من أولئك المكرّسين إعلاميًا، أو القادمين من العاصمة، أو الشعراء المشاغبين في فضاء الحريّة الضيّق، قبل أن يسرق نجما الكتابة تركي الربيعو وإبراهيم محمود الأضواء من الشعر، ويضعان القراء أمام فضاء جديد، فضاء تتنازعه المعرفة والفلسفة والسياسة.يزدحم الربيع بأعياد الكرد حيث النيروز الذي تسبقه وتتلوه مناسبات قصيرة استدعتها أحداث المنطقة الساخنة، فيسمون طابع المكان بطابعهم في الربع الأخير من هذا الشهر، وفي النيروز يصطفي الكرد من ألوان الربيع ما يجلب البهجة، ويثير مكامن الجمال. هناك حيث تتجاور القرى، ويتبادل الناس التهاني، تعبيرًا عن احترام الاختلاف، برغم مواسم التطرّف التي لا تنتهي.الربيع قصيدة، وإن كانت الحروف مكلومة، وما بين عربها وكردها لا يمكن فصم عراه بنزعات كراهية هنا وهناك، والشاعر الذي قال يومًا معتزًا بعروبته: "نحن أبناء يعربٍ" هو الشاعر ذاته الذي لم يجد في الربيع إلا وردة الكرد: "وقد نبّه النيروز في غسق الدجى".

365

| 22 مارس 2016

للمأساة ألف وجه

في ثنائية أبي تمام "السيف والكتب" كان السيف أصدق أنباء، وفي المعادلة ذاتها عند المتنبي كان "المجد للسيف، ليس المجد للقلم" وبينهما وقبلهما وبعدهما، كانت القوّة في هذا الشرق لحامل السيف، وليس مهمّاً أين يتموضع الكتاب وأهله والقلم وبنوه، فهذا الشرق "ما يجي غير بالسيف"، وتلك المقارنة مع الخُطاطات و"الشخابيط" ما هي إلاّ من ضرورة البحث عن شريك في جدل الحياة الدائم، وفي الشرق العتيد كان السيف هو من يكتب المصائر والخطط، وفي تجارب الأمم وتعاقب الهمم كان السيف والرمح لا القرطاس والقلم كلمة السرّ التي لا تحتاج جليل عناء في اكتشافها.في دير الزور السورية، التي تموت بصمت بين المطرقة والسندان، نال أصحاب القلم ما لم ينالوه في المدينة أخرى، فأُعدم الروائيان إبراهيم خريط ومحمد رشيد الرويلي، قبل 3 سنوات تقريباً، وفُجعنا قبل أيام قليلة بإعدام الشاعر محمد بشير العاني ونجله إياس رمياً بالرصاص، وبهذا تكون الدير مدينة الفرات والعَجاج والبساتين قد دفعت ثمناً مضاعفاً.يأتي الخبر في وكالات الأنباء وحيد الجهة والصيغة، دون أي تفاصيل تضعنا أمام طرائق القتل وصنوف العذاب الجديدة، فلا أستطيع تصوّر أنّه شاهدَ إعدام ابنه قبله كما حدث لأبي محمد الدرّة، ولا أستطيع تصوّرهما واقفين على جدار والقاتل يرديهما بصلية رصاص كثيفة. وعلى أيّ حال فقد دفع الشاعر الجميل ثمن خياره بكلّ شجاعة، فقد آثر البقاء مؤثراً في ظلّ الدار جانب أهله وزوجته التي توفيت مؤخراً بعد مرض عضال، على ذلّ النزوح.لا أعرف شاعراً لاقى حتفه مع ابنه غير المتنبّي، الرجل الذي فاجأه أن "الخيل والليل" ليست لعبته، ولكنّ أولاد "ضبّة" كانوا كريمين معه، وسمحوا له أن يدافع عن نفسه، كان الطرفان في الواقعة يحتكمان إلى ثقافة الثأر، وقانونها بانتقام المتضرّر. كانت اللعبة أقلّ شراسة، وأكثر تراجيدية. فالشعر في النهاية (كلام) وهذه بلاد حرب، لا سوق فيها لأصحاب "القرطاس والقلم". رغم أنّ هذه البلاد بيداء، بيداء بامتياز.يرحمك الله يا بشير.

296

| 16 مارس 2016

كابتن المثقفين

أثّرت فيّ مكالمته الأخيرة أيّما أثر، حين أخبرني أنه سيترك العمل في فترة قريبة؛ فقد عرفتُ الرجل قبل سبعة عشر عامًا في نادي الجسرة، وكنت يومها أتهجى أوّل حروف الغربة، يومها وجدت في النادي وصالون الأربعاء السلوى والعزاء، بصداقة مثقّفين جمال أثروا المشهد الأدبي والثقافي في الدّوحة، وغاب منهم كثير، وجاء بعدهم كثير، وكان الأستاذ محمد عصفور الجندي المجهول الذي يقف وراء الترتيبات التي أدّت إلى نجاح نشاطات نادي الجسرة، ومن ثَمّ نجاحات الصالون الثقافي في وزارة الثقافة. وقد شهدت بعض أعباء عمله في إعداد كتابٍ يتضمّن شهادات محبّي الشاعر والصحفي الراحل حسن توفيق، ولمسْتُ حرصه على أن يخرج العمل في أبهى حلّة من حيث الشكل والمضمون، وأن يحيط بجميع ما كُتبَ عنه من قبل النقّاد والأصدقاء. عرفت محمد عصفور (المعزّب) في كل نشاطات الصالون الثقافي، مرحّبا بالجميع، وابتسامة ابن النيل الأسمر لا تغادر ملامحه، عرفته حادبًا على أصدقاء الصالون ومثقفي المدينة، فيتفقد الغائبين، ويتودّد إلى الجدد، ويعاتب المغادرين. وبالنسبة إلى فقد كانت زيارة الصالون تحمل في جزءٍ منها رغبة أكيدة في رؤية محمد عصفور، وإلقاء السلام عليه، لا لشيء إلاّ لإنسانيته التي لا يختلف حولها كلّ من عرفه، لكنّ عدّاد الوقت لم يكن في الحسبان، ولم يكن ينقصنا نحن المبتلين بالأوطان المنكوبة خبرٌ كهذا، لكنّ للقدر حسابًا آخر. أجزم أن خسارة (كابتن) المثقفين محمد عصفور خسارة لا تعوّض، وأنّ كثيرًا من المثقفين يشاطرونني هذا الرأي، وأدعو له من كلّ قلبي أن يجد أيامًا هانئة وهادئة في أرضِ الكنانة، وأجد أنّ من الواجبِ أن نعدّ له حفل وداعٍ يليق بهذا الرجل النبيل.

286

| 09 مارس 2016

alsharq
وزارة التربية.. خارج السرب

هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...

13572

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1791

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...

1413

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
المغرب يحطم الصعاب

في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...

1173

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
عمان .. من الإمام المؤسس إلى السلطان| هيثم .. تاريخ مشرق وإنجازات خالدة

القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...

1143

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
عندما تتحكم العاطفة في الميزان

في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، يقبع نصب تذكاري لرجل...

1020

| 23 نوفمبر 2025

alsharq
حديث مع طالب

كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...

993

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
ثقة في القرار وعدالة في الميدان

شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا...

984

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
العزلة ترميم للروح

في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...

918

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
ارفع رأسك!

نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...

810

| 18 نوفمبر 2025

alsharq
الخيال هدية الصّحراء للعربيّ

حينما تنطلق من هذا الجسد لتحلّق في عالم...

669

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
اليوم العالمي الضائع..

أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...

657

| 20 نوفمبر 2025

أخبار محلية