رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد ست سنوات ونصف من ثورتهم المجيدة على نظام المخلوع يتساءل المصريون : أين صارت ثورتهم ؟ وينهض أزلام النظام السابق وقضاته وعسكره وسحرته الذين انقلبوا عليها ليدّعوا أن حكمهم الحالي الانقلابي وتلك الزمرة الذين يعززونه ويدززونه ممن يأكلون على كل الموائد ويعرضون كل شيء للبيع ( حتى أرض مصر ونيلها ) هم الثورة والذين ورثوها والأحق بتمثيلها .. وأقول :إذا كانت مصر ثارت لأنها بحاجة لمخلص يرفع عنها الفساد والاستبداد ويعيد لأبنائها وأحفادها كرامتهم في حرية الكلمة والتملك والاعتقاد والاختيار ، وفي الحصول على لقمة العيش النظيفة غير الملوثة بالفساد والهوان ، وفي تحقيق العدالة الاجتماعية بين التسعين في المائة الفقراء من الشعب الذين يتحركون في عشرة في المائة من المال ، وبقية الطفيليين من الشعب العشرة في المائة الذين تتبناهم السلطة وتبني لهم ويملكون التسعين في المائة من المال .. إذا كانت الثورة لهذا فهل يجوز بل هل يمكن أن يكون مخلصا لمصر ورئيسا ثوريا لها من هو وحداني شوفيني نرجسي منخرط في الاستبداد والغ في الدماء منحاز لنفس تلك الفئة الطفيلية القليل عديدهم الفاسد ولاؤهم الناهبين الخيرات المستحوذين على المميزات ؟وإذا كانت مصر ثارت لأنها بحاجة لرئيس مبدع يحمل أملا للمستقبل ورؤية بعيدة المدى ترفع إصر سبعة آلاف سنة من الحكام المتألهين وستين سنة من استبداد العسكر القساة المتجبرين الذين لم يتركوا لقمة عيش للشعب إلا نافسوه وسابقوه عليها واحتكروها عنه ، ولم ينتصروا في معركة قط منذ ما سمي الاستقلال ؛ إذا كانت الثورة لهذا فهل يجوز بل هل يمكن أن يكون مخلصا لمصر ورئيسا لها من يجرجرها من أزمة إلى أزمة ومن ضيق إلى ضيق ومن بلية لنكبة ومن تنسيق أمني مع العدو إلى ولاء مطلق لكل عدو ، ويسوقها من فشل إلى فشل ومن سقطة إلى تدهور على كل الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والوطنية والداخلية والخارجية ؟وإذا كانت مصر ثارت على رئيس - رغم كل ما يقال فيه - كان مفوها منبريا لبقا كاريزميا استطاع رغم معاداته للقومية أن يخدع شريحة من القوميين ، وبالضد من كرهه للدين أن يهادن فريقا من المتدينين ، ومع ولائه للصهيونية أن يقنع بعض السذج أنه وطني صميم ممتنع ، وأنه يعمل ولو للّاشيء مع الصف العربي ، وأن يسوّق صورة منافقة عن موالاته لقضية فلسطين وبيت المقدس ؛ أقول : إذا كانت الثورة لهذا فهل يجوز ؛ بل هل يمكن أن يكون مخلصا لمصر ورئيسا لها وفي أحلك ارتكاساتها رئيس فهيه تائه شارد الذهن هوّاك متهوّك مظهر العداء للدين متسامح مع الإلحاد ، ويتندر الناس به وبلازماته الكلامية والحركية ؟آخر القول : إذا كانت أمنيات الأمس وقائع اليوم وكانت آمال اليوم حقائق الغد فإن الشعب المصري قد تجاوز الأمنيات والآمال إلى الوقائع والحقائق وذاق طعم الحرية ورأى قدرته على التغيير ، والشعب المصري ليس أقل من كل الشعوب الطامحة القادرة ، وأما مستقبل الثورة فهو يرتسم اليوم مع هذه الانكشافات مهما بدا أن الانقلاب مستقر وأن ظلمه مستمر .
670
| 02 فبراير 2017
كل ما صدر عن الرئيس الأمريكي المنتخب " دونالد جي ترامب " حتى الآن سواء في حملته الانتخابية أو في خطاب التنصيب مما يتعلق بقضايا الأمة العربية والإسلامية يثير القلق ويوحي بأن القادم هو الأسوأ .. غير أنه علينا نحن الفلسطينيين أكثر إقلاقا وتوتيرا فقد تجاوز أسوأ المعهود في أسوأ المواقف الأمريكية ضد قضيتنا ، فما تعهّد به يكسّر القرارات الأممية ويتجاوز القوانين الدولية التي كان يؤمل أن تنصف – إلى حد ما - هذا الشعب الذي لم يبق غيره يرزح تحت احتلال أجنبي في العالم .. ولكن هل كل الذي علينا هو أن نقلق ونتوتر وننتظر الأسوأ ؟ أقول : إن على شعبنا اليوم بفصائله ومكوناته الشعبية والفكرية والنخبوية كما لم يكن من قبل أن يصلح حاله وأن يرمم وطنيته ، وأن يعيد رسم استراتيجياته بعيدا عن أوهام الإنصاف الدولي ، وأن يسير بتصويباته طريقا منهجيا موضوعيا ؛ قادرا على مجابهة أوهام هذا القادم الذي لا حد لكراهيته التي ينطلق منها والمدى من التعدي الذي يزمع الوصول إليه . في هذا السياق فلا بد من التنويه لعنوانين ينبني عليهما التغيير المطلوب في القضية ( المقاومة والانقسام ) وأعتقد أن على الفصيلين ( فتح وحماس ) بما لديهما من وجاهة تأثير على الشعب والقضية وما يملكان من تمثيل للقضية واستحقاقاتها أن تجترحا تفاهمات وتقاربات وتنازلات تجاه بعضهما البعض وتجاه الشعب والقضية تعفيهما دينيا ودنيويا وتاريخيا من المسؤولية عما سيصيب القضية من بعد . أما حماس وهي في عين العاصفة وتمثل آخر الحصون ، فإن عليها أن تجسد أعلى معاني الصمود بقدر ما عليها أن تعيد ترسيم قائمتي الثوابت والمتحركات في مواقفها بموضوعية وواقعية تقوم على أن السياسة محكومة بنظرية المصالح العامة ، ومنطق الضرورات تبيح المحظورات ، ولا تعرف الثوابت إلا في الدوافع والمقاصد ، وأنها تخضع لمقايسات النسبية والاجتهاد ، بالتالي فإن الخطأ بل المقتل ربط الوقائع المتغيرة بالثوابت الضيقة لما في ذلك من مخالفة لهدي الرسالة ، ولما فيه من تعطيل القدرة على الفعل والتحرك والمناورة . وأما فتح ومن ورائها منظمة التحرير فعليهما أن تتنبها إلى أن القضية تتسرب من بين أيديهما صباحا ومساء ، وأن الاستيطان والتهويد يلتهمان حل الدولتين الذي تنتظرانه ، وأن مكتسبات السلطة في الأمم المتحدة على رمزيتها فهي لا تستحق كل هذا العجب ، وأنها - أي السلطة – بوضعها يدها في يد الاحتلال قد انقطعت عن مستهدف الانطلاقة قبل خمسين سنة ، وابتعدت عن معنى عملية التسوية التي انطلقت قبل سبع وعشرين سنة ؛ بالتالي فإن عليها أن تغير نظرتها للمقاومة التي يجب أن تعود لأجندتها حقيقة لا دعاية ، وأن تساعد على رأب صدع الانقسام في سبيل ذلك ( كلما قارب الفصيلان على الاتفاق – كما حدث في الدوحة في آخر جولة حوار - انقطعت عن اللقاءات واصطنعت تأزمات ) فالانقسام وإن كان يحمل غزة عنهم ، أو كان يوافق هوى الاحتلال الذي لا يخشون رده هو المعول الذي سيهدم استمراره كل القضية .
453
| 26 يناير 2017
أعلن مرشح ترامب لوزارة الخارجية الأمريكية القادم، أنه سيضم الإخوان المسلمين إلى قائمة المنظمات الإرهابية التي سيحاربها.. فلماذا الإخوان المسلمين الذين يعلو صوتهم بأن سلميتهم أقوى من الرصاص ويعلم العامة كما الخاصة أنهم لم يتورطوا في أي أعمال عنف تصنف إرهابية حتى بالمفهوم الأمريكي نفسه؟وأقول: القضية وإن تجاوزت المعنى المتعارف عليه للإرهاب إلا أنها لم تتجاوز حقيقة العداوة الأمريكية والغربية لمعنى ومضمون "الإخوان المسلمين" وعلاقته بمعنى ومضمون الإسلام ذاته.ذلك أنه عندما انطلق الإخوان المسلمون في 1928 من القرن الماضي كان في المسلمين كمّ متوافر من الجماعات الصوفية التزكوية التي قصرت العلاقة مع الله تعالى في خصوصية فردية معلمنة عن الواقع والتحديات، وكمّ آخر من المشايخ الذين انشغلوا بحفظ الأسانيد وفروع الفقه المنقطعين عن الواقع بحفظ المتون ورواية الأسانيد.ووجد الإخوان المسلمون عامة الناس كنخبهم قد وفّقوا أوضاعهم على تقبّل المحتل والتعايش مع فروضه السياسية وأذياله الثقافية، ووجدوا فهم المسلمين لدينهم وتعاملهم مع جوهره وروحه سقيما باردا بليدا سقيما منفكا عن عقيدة الولاء والبراء، مستجيبا لدعوات التغريب متجها لتثبيت الاستعمار الأجنبي في العقول والقلوب والعباد والبلاد، ووجدوا منطق الحرص على السلامة الشخصية سيدا متوجا لدى العلماء كما لدى العامة ما يمنعهم من القيام بأقل القليل من المعالجات ولو في حدود الممكن على أقل تقدير.ومنذ يوم ذاك قرر "الإخوان المسلمون" أن يجدلوا ما لدى الصوفية من خير وتزكية بما لدى المشيخات العلمية من علم تحقيقي تخصصي في كينونة صلبة داخل منظومة حراك إصلاحي يصنع مسلما مؤهلا يفهم دينه ويعتز بأمته، ويواجه الجاهلية المنثورة في كل زاوية من زوايا بيت المسلمين، ثم ينتقل من بناء الفرد المسلم إلى إصلاح البيت المسلم إلى المجتمع الصالح انتهاء باسترجاع الحياة الإسلامية كلها.صحيح أن الإخوان المسلمين ليسو أول من عمل للإسلام فقد سبقهم كثيرون، وصحيح أنهم لم يأتوا بدين جديد فدينهم الإسلام ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وصحيح أنهم ليسوا الأوحدين في الغيرة على دين الله؛ ولكنهم نقلوا فهم الدين من البارد إلى الفاعل ومن الخاص إلى العام ومن المجزأ المتباعد إلى الشامل المترابط، وأعادوا ثقة الأمة بنفسها وشريعتها، وأطلقوا منهجية تعيد الأمة لوعيها وهويتها وإمكاناتها، وتوعيها بأعدائها ومناهجهم وتعويقاتهم.. وارتكز "الإخوان المسلمون" في تجسيد غاياتهم على صف داخلي أقاموه على الاصطفاء النوعي من العاملين للإسلام نشؤوه على فهم للدين دقيق وإيمان بـالله عميق واتصال بالشريعة وثيق، وروابط الأخوة ومشاعر المحبة والتجرد عن الجاهلية بكل صورها وعروضها..هذا الفهم التجديدي الرصين للإسلام الفاعل المجافي للسلبية المترافق مع الانضباط ولحمة الصف وثراء التجربة هو الذي عرّضهم للكثير من المتاعب كل العقود الماضية؛ لكنه في مقابل ذلك أكسبهم الكثير من ثقة الأمة والنجاحات والانتشار والإنجازات؛ حتى صار المتأمل يقول (ماذا لو لم يكن الإخوان المسلمون في الأمة؟).آخر القول: هي إذن الحرب على ما يجسده الإخوان من معنى الإسلام الحقيقي، ولن تكون إلا بعض حربهم التي لم تنقطع منذ أبي جهل وأبي لهب ومنذ كسرى وقيصر (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
1019
| 19 يناير 2017
نلتقي أحيانا ببقية ممن لا يزالون يعيشون الخيال الذي رسمه لهم السيسي ، ويؤيدونه على غير وعي بما ينكشف كل يوم من فضائح انقلابه ، وما يتجلى تباعا من مؤشرات سقوطه وخرابه ، وغير شعور بالمسؤولية الدينية والوطنية عن التدهورات والترديات والانهيارات التي يقود مصر إليها . لكننا نحرص على الترفق بهم واحتمال منطقهم ، ثم نغلبهم بعلو منطقنا وموضوعية أفكارنا ، ونتسعهم بشدة تحملنا ؛ كيف لا وهم الزميل والجار والصديق ومن لا نتخلى عنه ويسوؤنا أن يصير سنا في ترس الباطل ! ولقد عودت نفسي أن أتقبل الحوار وأن أوجه إليه .. وفي هذا السياق جمعني لقاء حواري مع صاحبي الذي هو منهم والذي أستميحه عذرا أن أُعرّض به اليوم ولا أقصد انتقاصه ولكن رفض أفكاره ومنطقه . صاحبي قال : لماذا يهزؤون بالسيسي ؟قلت : هي صنعة أنتم بدأتموها .قال : ولماذا يستمرون في رفض النظام ؟قلت : لأنها طريقة الوصول التي أنتم استخدمتموها .قال : ينسبون للسيسي مشكلات ستين سنة وهي ليست من صنعه ؟قلت : ولا من صنع مرسي .قال : ولكن مرسي كان فاشلا لسنة كاملة ؟قلت : والسيسي أكثر فشلا ولثلاث سنوات أو يزيد .قال : كان مرسي تابعا لمكتب الإرشاد .قلت : غير صحيح ؛ ثم إن صاحبكم تابع للكنيسة وإسرائيل .قال : السيسي نيته طيبة ويحب مصر .قلت : لنا الظاهر ؛ أما السرائر فيحاسب عليها الله . قال : السيسي حنون وكلامه رقيق ومؤثر .قلت : ليس الأهم ما يقوله ولا حنانه ؛ ولكن فعله وعجزه وما تجني يداه .قال : السيسي لا يستطيع أن يصنع المعجزات .قلت : ولا مرسي ؛ الذي نجح رغم كل المعوقات .قال : ولكن تعويق السيسي اليوم إعاقة لمصر .قلت : هي معركة بيننا وبينكم ، ومعكم فيها كل أسباب النصر .قال : الشعب لا يريد مرسي والجيش مع السيسي .قلت : والشعب لا يريد السيسي ؛ والانتخابات مع مرسي .قال : أمريكا وبريطانيا والعالم يعادوننا .قلت : ولكن الذي نراه أن إسرائيل معكم .قال : مرسي كان يقود لفتنة محققة .قلت : والسيسي أدخلكم فيها وأجج عليكم نارها .قال : فأين الشفقة على مصر ؟ قلت : أنتم تقودونها إلى الخراب ؛ فأشفقوا أنتم .قال : فما المخرج ؟قلت : من دخل مدخلا خاطئا يخرج منه .آخر القول : الانقلاب في مصر هو الذي وضع قواعد لعبة التدافع بين الجيش والشرعية ، واستولى بها على السياسة ، فليس له إلا أن يستكملها بنفس الشروط ، ولن يصح في الشعب المصري إلا ما صح لكل الشعوب المحترمة .
580
| 12 يناير 2017
صديقي أقال أحد الموظفين لديه من العمل .. فجاءني الموظف يستشفع بي لدى صديقي كي يعيده للعمل فالموظف هذا رآني أزور صديقي وأتردد عليه بين حين وحين ورأى لي مكانة عنده ..سألت الموظف المقال : هل قصرت في عملك ؟ قال : لا . قلت : فلماذا إذن ؟قال : يتهمني بأنني من " الإخوان المسلمين " ؟ مضيت لصديقي المدير وسألته عن ذلك القرار .. فأكده .قلت : لعله قصر في عمله أو أساء فيه ؟قال : لا ؛ بل هو من أحسن موظفيّ وأكثرهم إخلاصا .قلت : منذ كم يعمل عندكم ؟قال : منذ أربع سنوات تقريبا ؟قلت : إذن تعرفه جيدا وتعرف وفاءه وصلاحه ؛ فلمَ تقطعُ رزقَه ورزقَ عيالِه ؟قال : يا رجل تصوّر أنه من " الإخوان المسلمين " !قلت : ماذا تعرف عن " الإخوان المسلمين " ؟ هل قرأت عنهم ؟ هل صاحبتهم ؟ هل سافرت معهم ؟ هل جاورتهم ؟ هل شاركتهم في شيء ؟قال : لا ؛ ولكن كل الإعلام يقول عنهم إنهم" إرهابيون " !قلت : دعك مما يقوله إعلام أعدائهم ؛ وقل لي أنت ؛ هل رأيت منهم ما يشجع على تصديق هذه التهمة في حقهم ؟ قال : اللهم لا .قلت : وهذا الموظف هل رأيت منه عنفا أو تساهلا في أعراض المسلمين ودمائهم ؟ أو سمعْته يبرر الإرهاب أو يدافع عنه ؟ قال : بصراحة ؛ لا .قلت : هل الدولة التي أنت فيها تعاديهم ؟ قال : لا .قلت : هل تعتقد أنها دولة مغفلة ؛ وأنك أعرف " بالإخوان المسلمين " منها ؟قال : بالتأكيد لا .قلت : فإذا كان ملتزما بعمله مبدعا فيه ، ولم يظهر عليه أي من علامات الإرهاب ، ولا يعادي شعبك ودولتك ، وأنت لا تعرف " الإخوان المسلمين " على الحقيقة ؛ فلماذا تتهجم على رزقه ورزق عياله ؟ فلئن لم يكن هذا هو الظلم فما الظلم إذن ؟قال : أتعرف " الإخوان المسلمين " ؟ قلت : أنا من يعرفهم .قال : حدثني عنهم !فذكرت له حماس وجهادها ، وإخوان مصر وصبرهم وسلميتهم ، وأردوغان ونجاحاته ، وحدثته عن أعدائهم بمفاسدهم واستبدادهم وما جلبوه على الأمة من هزيمة وتخلف وتفكك وإرهاب وتطرف ، ثم حدثته عن حاجة الأمة للفكر المستنير والإصلاح والتغيير وأن " الإخوان المسلمين " أهل للاحترام والثقة بما يتمتعون به من وسطية الفكر وسلمية المنهج والامتداد في العلماء والشعوب وسعة التجربة ثم بنوعية وخسة أعدائهم .وما هي إلا ربع ساعة ؛ حتى زالت الغشاوة عن عينيه ، فغير قراره ، وأصلح في " الإخوان المسلمين " رأيه .آخر القول : ما بنته شياطين الإنس والجن في ذهن صديقي لسنين من الباطل والجهل أزحته في دقائق وغرست بدله فكرا نيّرا ورأيا سديدا ونثرت في نفسه عطرا وشذى .. والحمد لله الذي يقول ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ).
892
| 05 يناير 2017
بعد أن سحبت مصر – الانقلاب - مشروع قرار قدمته إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية ، بتنسيق مع الفلسطينيين والمجموعة العربية نجحت كل من السنغال وفنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا ؛ في تمريره واعتماده ؛ أما الانقلاب فقد برر موقفه هذا بأن السياسة مصالح ومتغيرات وأن من حقه النظر لمصالحه الخاصة ، وأن القرار كان بحاجة لمزيد من الدراسة ، وأن الاستيطان قضية قديمة لا ينبغي تصييرها قضية الساعة !غير أن ما ذكره ديبلوماسيون وما رشح من تسريبات عن أن مندوب الانقلاب ظل يحاول لآخر لحظة عرقلة طرح القرار مرة أخرى ليؤكد أن هذا الموقف البائس والبليد أكثر من مجرد سحب القرار إلى أن يكون ممالأة للعدو وحماية للاستيطان .والسؤال : لماذا فعل الانقلاب ذلك ؟ وهل الاستيطان قضية يمكن المقايضة عليها ؟ وما الجديد الذي يصيّر الاستيطان قضية الساعة ؟ وأقول : لا بد في البداية من تقرير أن مصر في مجلس الأمن لا تمثل نفسها ؛ ولكنها تمثل المجموعة العربية ، وعليه فقد كان عليها وفق ذلك أن تتبع الموقف العربي أولا والفلسطيني ثانيا ، ولكنها بدل كل ذلك راحت تتعاون مع العدو الصهيوني و" ترامب " وقامت بتجيير الموضع والموضوع لاكتساب شرعية للانقلاب ملفقة بالتزوير وملفعة بالمؤامرة .أما قضية الاستيطان التي يقايض عليها السيسي - حسب متحدثيه - فهي قضية تأخذ خطورتها من كونها تلغي موضع وموضوع الحقوق الفلسطينية من أساسها ، فالاستيطان يقضي على فكرة حل الدولتين ويجعل ثلاثين سنة من التفاوض هباء منثورا ، ويقضي على حق العودة ، ويقضي على كل عملية التسوية التي هي آخر ما يطمح له ويطمع به المتهرئون ممن سلكوها ، ثم إن الاستيطان يعني أيضا جرائم المستوطنين اليومية من حرق الناس وقتلهم ومهاجمة بيوتهم وقطع أشجارهم ومصادرة أملاكهم وهدم بيوتهم وإفقار مياههم وتلويث بيئتهم .ما دفع بهذه القضية للصدارة وحركها في مشروع القرار الذي انقلب عليه نظام السيسي هو مصادقة الكنيست الصهيوني مساء الأربعاء 7 / ديسمبر الجاري على مشروع ما سمّي " قانون التسوية " الذي يشرعن البؤر الاستيطانية العشوائية ويصادق على سلب الأراضي الفلسطينية بملكية خاصة .الحقيقة أن هذا الخزي البليد الذي صفع وجه الانقلاب يضم لسلسلة طويلة من الخزايا التي جمعها الانقلاب في وقت قياسي لتفضح صهيونيته ، وإن ننس فلن ننسى حصاره غزة وتغريقه أراضيها بالمياه المالحة ، وأنه كان رأس حربة مع العدوان الصهيوني في 2014 ، وأنه صوّت لصالح الكيان في الأمم المتحدة أكثر من مرة ، وأن وزير خارجيته زار بيت نتنياهو ليُشاهد معه نهائي اليورو في تموز الماضي ، وأنه يقوم الآن بدور قذر في إيقاع المزيد من التفتيت داخل البيت الفلسطيني بدعم وتبني مشروع دحلان ، وأن إعلامييه رفعوا الأحذية للشعب الفلسطيني على الشاشات .آخر القول : أن يسحب الانقلاب مشروع قرار بإدانة الاستيطان فهو خزي يستحقه ، وفضيحة ضمن سلسلة الخزايا التي تصفعه كل يوم ؛ لكن الذي صار متيقنا ويتأكد مع كل حدث وفي كل يوم فهو أن الانقلاب لم يكن على الإخوان المسلمين وثورة 25 يناير فقط ؛ ولكنه كان على مصر تاريخها وشرفها ووطنيتها ، وعلى الأمة دينها وثوابتها وحقوقها .
513
| 29 ديسمبر 2016
المجازر بحق أهلنا في حلب أنطقت الحجر وأسمعت الأصم غير أن فئة من بني جلدتنا يبحثون عما يدين الضحية ويؤيد المجرم ؛ هم قلة ؛ وأكثرهم منتفعون ومتحزبون وبعضهم يحملون بين جوانحهم خيرا غير أنهم كسالى وجبناء فيتعامون عن الحق ليستقيلوا من الواجب ؛ ومنهم من لديه اشتباه في الرؤية .. هؤلاء المشتبِهون أعنيهم اليوم ؛ فما الذي يحملهم على مناصرة الباطل ولماذا يتذكرون مزايا الفاجر ويتجاهلون خزاياه ؟ هل لا يرون قبائحه ولا يشمون نتنه ؟ وهل المطلوب مناقشتهم أم نسبهم ونشتمهم ونجمعهم في صورة واحدة مع المتهتكين أخلاقيا المتعوّجين مسلكيا المعاقين وطنيا ؟ وأقول :هؤلاء النفر لا يجمعون الصورة بكل أطرافها وتفاصيلها ؛ وينظرون للأمور من ثقب فترة كان فيها النظام يدعم المقاومة ، ويتذكرون أنه حارب ( إسرائيل ) في 73 ، وأنه ظل ممانعا رافضا لعملية التسوية في الوقت الذي تهتك فيه الموقف الرسمي الفلسطيني ، هذه - في نظرهم – صورة دائمة للنظام وكافية وكفيلة لتجاوز أي إساءة منه مهما عظمت بالأخص عندما يقارنونه بنظم أخرى لا تقل عنه استبدادا وخبثا وقسوة ، وتجمع مع ذلك الخيانة العظمى والهزيمة الماحقة والفساد القبيح ولكنهم لم يروا خيانات النظام في ال67 وتسليمه الجولان ، ولم يروا مجازره في مخيم تل الزعتر الفلسطيني ، ولم يروا استبداده بشعبه ومجازر حماة ثم حلب وقتله أكثر من ثلاثة أرباع مليون نسمة حتى الآن وتهجيره أكثر من عشرة ملايين داخل وخارج سوريا .مشكلة هؤلاء أيضا أنهم لا يحدّثون معلوماتهم السياسية ؛ فهم لم ينظروا إلى مستجدات وواقع المنطقة وأن روسيا التي تدعم النظام وتقتل شعبه اليوم دخلت الحلف الصهيوني من أقبح أبوابه ، وأن أمريكا التي تدعي دعم الثورة هي أمريكا التي لا تعترض على التدخل الروسي والتي تمنع تسليح المعارضة ، والتي اتفقت مع إيران وتغض الطرف عن الحوثي وانقلابه ، وأن النظام وحزب نصر الله قد استبدلا المقاومة ودعمها بعداوتها وبدعم النظامين العراقي والسيساوي ودعم السلطة .ومشكلتهم أيضا أنهم لم يفهموا طبيعة المعركة بين النظام وشعبه وعلاقتها بالصراع الكلي وبالعدوان على الأمة والإسلام ، ولم يفرقوا بين الحرب الطائفية القذرة التي يخوضها وبين الحروب السياسية وحروب المصالح التي كان يخوضها مع البعض ، ولم يدركوا أن حربه هذه تقع في إطار خدمة المشروع الأمريكي الروسي الغربي الصهيوني لتقسيم المنطقة وشغلها بالطائفية وإرهاقها بالخلافات البينية وما صار يسمى ( الجيل الرابع من الحروب ) الذي يعتمد على الفتن الداخلية دون تكاليف تذكر على الدولة المحرّكة . وعليه ؛ فإذا كان سقوط حلب مؤلما ؛ فإن الأشد إيلاما هو سقوط هؤلاء الذين لا ينقصهم الإخلاص في دعايات وترويجات النظام ، وفي عدم قدرتهم على تفهّم الاختلاف ، وأن معظمهم منساقون مع حب الأمة والغيرة على شرفها الوطني والثوري ولكن مع جهل تائه فيجد النظام فينا ومنا من يؤيده مهما فعل . آخر القول : لنستمع لمخالفينا في الموقف من جرائم بشار فليسوا كلهم فجرة وقتلة ، ولنخض نقاشاتنا معهم تفصيليا على الفرق بين واقع نظام بشار وماضيه ومستحدثاته ؛ فذلك خير من التراجم بالأوصاف والتواجه بالاتهامات .
527
| 22 ديسمبر 2016
رغم استنكار "الإخوان المسلمون" للعدوان الآثم على الكاتدرائية المصرية، وعدم تناسبه مع صفائهم وواقع حالهم؛ فإن إعلام "ورقّاصي" الانقلاب يصرون على إلصاقه بهم ويستدعون معه أطنان الشبهات لوصمهم بالإرهاب.ورغم ضآلة وضحالة منطق الانقلاب في ذلك إلا أن ثمة ما يقال عندما يستضاف على فضائياته قوم يلبسون البذلات المدنية ويتقمّصون صورة البحث الموضوعي والتوثيق التاريخي.. وأقول: ليس في أجندة الإخوان اليوم ولم يكن في أي يوم منذ انطلقت فكرتهم قبل ثمانين سنة ممارسة العنف في الإصلاح والتغيير، ولكن الإخوان حركة تقوم على بث الوعي في الرأي العام وتربية عناصر قوية كأنوية صلبة تجسد الإسلام الصافي في واقعها لإحداث نهضة عامة فكرية ودينية ومجتمعية تصل من خلال الإنجازات التراكمية للتغيير الذي قد يكون الإخوان رواده وضابطي إيقاعاته وضامني انفلاتاته.هذه حقيقة يتربى عليها الإخوان وتؤكدها رسائلهم وقراراتهم، وهي التي – للأسف – جرّأت أعداءهم عليهم ماديا ومعنويا كالذي نرى. قد يقال: فلماذا شكلوا التنظيم السري - المسلح - في الأربعينيات بمصر؟ والكتائب المسلحة في الثمانينيات بسوريا؟ ولماذا حسمت حماس خلافاتها مع السلطة وحركة فتح في غزة بالسلاح في 2007؟ والحقيقة أن التنظيم السري في مصر لم يكن موجها للنظام المصري هناك، ولكن للإنجليز ثم لمحاربة العصابات الصهيونية في فلسطين، وقد كانت البيئة السياسية والثقافية المصرية آنذاك تسمح بهذا التشكيل، وقد كان للأحزاب غير الإخوان تشكيلات شبه عسكرية لحماية رموزهم وتهديد خصومهم؛ فحزب "مصر الفتاة" أنشأ فرقة سمّاها "القمصان الخضر" وحزب "الوفد" الذي أنشأ تشكيلا أسماه "القمصان الزرق" نهاية عام 1935، لكن الناقد - غير الموضوعي - يوجه سهامه فقط للإخوان فيما يتغافل عن غيرهم وعن الظرف والاتجاه.وفي سوريا لم يكن للإخوان تنظيم مسلح غير أن ما فرض عليهم من مواجهات مع النظام قد جعل مجموعة منهم سمّت نفسها "الطليعة المقاتلة" تنشق عن الجماعة في العام 79 لتخوض عملًا مسلحًا ومواجهات في سياق انشقاقي كردة فعل عشوائية لا عن قرار مركزي ولا عن تخطيط مسبق.وفي فلسطين تسلحت "حماس" لمقاومة العدو، ولم تتعرض بسلاحها للسلطة، رغم كل ما تعرضت له منها وطاولتها به من صنوف الأذى والمصادرة والتعقب، ويتذكر الشعب الفلسطيني "محمود عباس" وهو يأمر قائد القوة التنفيذية لسلطته بـ"قتل وطخ وضرب" كل من يحمل صاروخا؛ وإذن فهو تسلح لتحصين المقاومة، أما استخدامه فيما سمي "الحسم" فقد كان استباقا للانقلاب الذي حضّره محمود عباس ورفيقه محمد دحلان بالتنسيق مع الأمريكي "كيث دايتون" والذي تحدثت عنه باستفاضة مجلة "فانتي فير" الأمريكية.آخر القول: رواية الإخوان "السلمية مع خصوم الداخل" ثابت ديني وسياسي يشهد له واقع حالهم ومنطق حديثهم؛ هذه حقيقة لا يجادل فيها إلا غشيم بهم أو كاذب مفتر عليهم، وهي سلمية مبدئية تقوم على القناعة والتجربة لا على النفاق والتقية ولا على الجبن والتردد.
558
| 15 ديسمبر 2016
كلما أصيب أعداء الله ورسوله والمؤمنين من الصهاينة أو الطواغيت وأعوانهم بمصاب وتسلل إلى نفوس المؤمنين بعض فرح بذلك بين أكوام الحزن والضنك والبكاء الذي يلف الأمة، نهض قوم ينتسبون للإسلام وأحيانا للعلم الشرعي يرفضون هذا الفرح وينعون على هذه الشماتة، وقاموا يتلمّسون عموميات نصوص ويستقصون شوارد فهوم لتأييد رفضهم ؛ ذلك يطرح السؤال حول حكم الشماتة بأعداء الله إذا حلّت بهم مصيبة أو اجتاحتهم مهلكة؟ وأقول: الشماتة بالكافرين والفرح بمصابهم هي علامة على تمام الولاء للمؤمنين وصحة البراء من أعدائهم، وقد جاء في كتاب الله تعالى: {يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم} وقوله {ويشف صدور قوم مؤمنين} وقوله في شأن أهل الجنة وأنهم يفرحون بما ينال المجرمين والطغاة من العذاب {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون}. فهذه الآيات كلها نسبت الفرح للمؤمنين بما يحل من بلاء على الكافرين في الدنيا والآخرة، أما وصف المؤمنين بإيمانهم في هذا المقام فهو التفاتة لكون هذا الفرح وشفاء الصدور والضحك تلبس عملي بالإيمان وناتج عنه.في السنة المطهرة أيضا ومن قوله وفعله صلى الله عليه وسلم ما يؤكد جواز الشماتة وإظهار الفرح بمصاب أعداء الله، ومن ذلك صيامه صلى الله عليه وسلم عاشوراء ثم تعليله ذلك بأنه اليوم الذي أهلك الله تعالى فرعون وجنوده وأنجى موسى، كذا فرحه صلى الله عليه وسلم بمقتل أبي جهل يوم بدر حتى إنه مشى ليرى ذلك بنفسه ويملأ منه عينيه.وفي سلوك الصحابة وفعلهم أيضا ما يؤكد ذلك فقد كبروا وهللوا فرحا بمقتل عمرو بن ود العامري على يد علي بن أبي رضي الله عنه في غزوة الأحزاب، وفرح أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لما جاءه خبر مقتلِ مُسَيْلِمة الكذَّاب، وأيضا فرح علي رضي الله عنه لما وجد الخارجي "ذا الثُّديَّةِ" مقتولًا (للتنويه: ذو الثدية كان منسوبا للإسلام بل للتشدد).وسلفنا الصالح أيضا كانوا يفرحون بموت الطواغيت وحلول الشر بهم ؛ فقد روى حَمَّاد قَالَ: بَشَّرْتُ إِبْرَاهِيْمَ - النخعي - بِمَوْتِ الحَجَّاجِ بن يوسف الثقفي، فَسَجَدَ وَرَأَيْتُهُ يَبْكِي مِنَ الفَرَحِ" وقيل للإمام أحمد بن حنبل: "الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد فهل عليه في ذلك إثم؟ قال: ومن لا يفرح بهذا؟! (ابن أبي دؤاد هذا صاحب بدعة القول بخلق القرآن وهو منسوب للإسلام أيضا).وأقول: المسلم امرؤ منسجم مع نفسه وفطرته فلا يمكن أن يرى أعداء الله تعالى يقتلون المسلمين ويتدسسون بالكيد للأمة وينهبون خيراتها ثم لا يفرح بمحاسبتهم وسقوطهم ولا يشمت بما يحل بهم من سنن الله تعالى، فإن كان المصاب في طغاة المسلمين فالفرح ببلائهم ألزم وعساه يؤدبهم ويؤنبهم ويردهم وأمثالهم من الأحياء إلى الصواب.آخر القول: جملة النصوص تدل بمنطوقها ومفهومها على أن الشماتة بمصاب الطواغيت جائزة، أما المنهي عنه في ديننا فهو أن يكون الشماتة في مصاب مسلم محسن، أو يكون من الأقران والمنافسين بدافع الغيظ والحسد والنكاية وما شاكله.
40078
| 08 ديسمبر 2016
خلاصة ما جاء في مقالة الشيخ الريسوني تخطئة ولوج الإخوان في مصر للحكم، وأنه كان عليهم أن يقدموا أحدا من سواهم ممن يحترمون الديمقراطية، وأن ذلك لأسباب تتعلق بالتحديات أساسا، وخلص إلى أن وجود الإخوان في الحكم والحال هذه كان خطأ سيجر شرورا كثيرة؛ وعليه فإزاحة مرسي تدعو للفرح.وقد انبرى كتاب (جلّهم من الإخوان) للرد على ما جاء في مقالته حتى إن بعضهم شبه قوله بقول وزير ثقافة الانقلاب، ومنهم من قام يوصّف إسلامية حكم مرسي كأنها معركة على الأحسنية، أو يحمّل ما خطأ الإخوان خطأ لغيرهم أيضا كأنه في مناظرة حول من يتحمل أسباب الفشل، ومنهم من اعتبر خطأهم فقط في إدارة الصراع وليس في التقدم للحكم؛ وأقول :ليس يفيد الإخوان في شيء أن يناطحوا "الريسوني" وأن يدبجوا المقالات في نقده بقدر ما أن المفيد هو تشجيع كل ناقد معروف بعلمه وعمله، وأن يدرسوا النقود بعين البحث عن الحقيقة، يعجبني هنا أن الإخوان في تونس استفادوا من التجربة الفاشلة أو المفشّلة لإخوان مصر فقرروا أخذ خطوة إلى الوراء في الوقت المناسب فسلِموا وسلّموا، تماما كما فعل خالد في مؤتة ولم يهلك الجيش.القصة يا قوم أن الريسوني ينظر بعين المقاصدي الذي يعي النصوص ويفهم تطبيقاتها فرأى المآلات وتوصل إلى أن التقدم للحكم كان خطأ ومغامرة غير محسوبة؛ فقد رأى مكر العسكر، ودعم العالم لهم، ورأى حكم الفسدة الذين جرّفوا ثقافة الإنسانية في مصر - مع احترامي لمجمل شعب مصر المقهور – فضلا عن تجريف معنى و ثقافة التحرر، وعرف أن هذا كله لن يزول بثورة ثمانية عشر يوما أقرب للمهرجانات منها لثورة حقيقية تقلب الموازين .. ثم نظر للإخوان فرآهم لا يقدرون على مواجهة جيش بجيش وسلطة بسلطة وتحالف عالمي بمثله. أعتقد أن الإخوان في مصر لو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا، ورأوا كيف منع الجيش الحلول الوسط ! وكيف صارت عليهم سيوف الكثيرين ممن كانوا معهم .. لما أبهوا برغبة البسطاء وقلوب الضعفاء ونصائح المستعجلين وما قبلوا أن تدفعهم الأحداث لمصادمة لم تكن في أجندتهم يوما ولا ساعة !أما نصحه للإخوان بتقبل مرشح من سواهم يؤمن بالحريات فهي قمة الواقعية، فهؤلاء كانوا سيصنعون حاجزًا بين الإخوان والجيش، وسيجمعون لهم الأشتات، وهذا كله شيء والأهم أنه كان سيبقي على هيبة الإخوان وسيبرر لهم أن لا يكونوا في مواجهة مباشرة مع الجيش. وأما فرح الشيخ الريسوني بزوال حكم مرسي فليس لأن مرسي طاغية ولكن لأنه وبالنظر في المآلات أيضا رأى فضيلتين لنزولهم عن الحكم، رأى أن الانقلاب قد أسقط من قلوب وعقول المصريين المؤسسات الخمسة المتألهة (الرئاسة، والجيش، والأزهر، والكنيسة، ودعوى الديمقراطية ) ورأى أن إزاحة مرسي قبل أن تنهار الدولة كالذي نرى قد حمى سمعتهم للمدى من أن يتهموا بأنهم يقودون البلاد التي يحكمونها إلى الفشل.آخر القول : مصر وما حل بها وبالإخوان تحول تاريخي لا يصح أن يناقش بعصبية، وليس كل تقدم للحكم صوابًا في كل وقت وإلا لفعله سيد الخلق الذي ظل بدون دولة لثلاث عشرة سنة.
523
| 01 ديسمبر 2016
بعد الذي رأيناه من تدهور الأوضاع الوطنية، وفتك الجيوش الوطنية بشعوبها في بلاد الربيع العربي، صار البعض يقول ليتنا ظللنا على ما كنا قبله، بل وبدأت تتوطد في وجدان البعض المقولة القديمة البلهاء (ليس في الإمكان أبدع مما كان) ذلك يطرح السؤال حول شرعية هذا الربيع وصوابيته وما إن كان ينبغي أن يستمر أو يتوقف؟ وفي العموم يكون رائعًا ومعبرًا عن حقائق دينية ودنيوية القول ليست الثورة مقصودة لمجرد الثورة ولا هي الطريقة الوحيدة لإصلاح النظم، فكيف إذا أدت لما نرى من تفكيك الأوطان وشغل الأمة عن العدو الأساسي!ولكن هذا التوصيف عام وهو في غاية السطحية إذا نظرناه من أربع زوايا:- زاوية طبيعة هذه الأمة وما تحمله من رسالة وتتميز به من صفات وإمكانات. - وزاوية طبيعة وسلوك وهوية هذه النظم المتخلفة بالمعنى الإنساني والقيمي ثم باستبدادها وخيانتها لمقاصد الإسلام ومصالح الأمة.- وزاوية ما نضج لدى الفكر البشري عموما من اتجاه للتحرر والاستقلال واحترام حقوق الإنسان عبر العولمة السياسية والثقافية.- ثم زاوية تلاشي قدرة هذه النظم على إقناع شعوبها بهوامشها ومقولاتها منذ الاستقلال في أواسط القرن الماضي حتى الآن.من هنا فالصبر عليها لم يعد موقفا فكريا حقيقيا بقدر ما هو مدفوع بأحد أو بكل أربعة أسباب؛ والأسباب هي: - إما مطلب شخصي لمن يريدون السلامة بأي ثمن مع مزيد من الذل والتفريط.- أو سذاجة تقوم على عدم الدراية بالواقع وتحدياته، وعلى فهوم معوجة للدين ونصوصه وفروضه، وعلى تصديق دعايات تلك النظم.- أو هو انتماء للخارج المتصلّب في عداوتنا وما يفرضه على أوليائه من مقتضيات التبعية السياسية والمصلحية.- أو هو - أخيرًا - اندساس من أجهزة تلك النظم في لحمة الرأي العام يمتطي الفتوى الدينية أو التحليل السياسي عبر من يسمون بالخبراء والمحللين والصحفيين وبالعلماء الرسميين وعبر النخب والحزبيين.ولكن؛ هل إنجازات الربيع العربي هي فقط الدماء والتهديم؟ أليس قد كشف زيفًا كثيرًا وحطم هالات كانت مقدسة زورا وبهتانا؟ أليس قد كشف إلى أي حد نحن مستعمرون ويتحكم فينا الأجنبي؟ أليس قد كشف كم هي عاجزة وغير مستقرة ولا مستقلة تلك الدول والنظم؟ أليس قد زكّى في مقابل ذلك أقواما سلميين مات آباؤنا وأجدادنا وربما آباؤهم وهم يظنونهم من الأشرار؟ أليس الوعي هو مطلع فجر الإرادة والقوة ثم النصر والتمكين؟ ثم هل انتهت الثورات لنقف عند هذا الحد في الحكم عليها وتقرير إنجازاتها؟ آخر القول: لا يجوز تصنيف ثورات الربيع العربي بالخاطئة دينًا ولا دنيا ولا سياسة ولا وطنية إلا بقدر ما تجوز تخطئة ثورات الجزائر وفلسطين وكوبا والأفغان، وبقدر ما يجوز الرضا بالذل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.. أما الدماء التي سفكها الطواغيت والأوطان التي خربوها فهي على غلاوتها وعزازتها إنما يتحمل مسؤوليتها تلك النظم، وأهلا وسهلا بها إن كانت ثمنًا لكل هذه الحقيقة.
1235
| 24 نوفمبر 2016
ما فاز به "ترامب" هو أصوات المجمع الانتخابي؛ وهو مجمع نخبوي من دهاقنة السياسة والعارفين بما وراء الكواليس من الإستراتيجية الأمريكية وتحدياتها ورغائبها ولم يفز بالأصوات الشعبية التي غلبته فيها كلينتون.. ذلك جعل الكثيرين لا يتوقعون فوز "ترامب" وأنا واحد منهم، ويبدو أننا غفلنا عن المتغيرات التي نقلت أمريكا إلى مربع إستراتيجي لا تصلح له "كلينتون" التي لن تكون أكثر من امتداد لحكم أوباما مهما حاولت اجتراح شكل جديد لرئاستها، وهذا يجعلنا نبحث عن أسباب تتعلق بما هو خارج الجغرافيا الأمريكية.. وأقول: كان علينا أن نرى مسألتين هامتين ؛ الأولى: التغييرات التي طرأت على علاقات أمريكا التحالفية أو الحمائية المنتقلة من محور لمحور في منطقتنا، والثانية حاجة أمريكا لإعادة رسم دورها في قيادة العالم على أساس مباشرة مقتضياتها بنفسها وأن لا تظل حبيسة الاحتياج لروسيا والارتباك أمام بلطجتها.في هذا السياق الإستراتيجي كان علينا أن نسمع خطابات " ترامب " وأن نرى تصرفاته ونفهم رسائله التي كان يوجهها ابتداء لتلك النخبة - التي اختارته والتي ترسم التاريخ الأمريكي والتي أراد أن يقول لها فيها إنه مستعد لمواصلة حرب أعداء أمريكا وإخافتهم بلا هوادة وفي مقدمتهم " الإسلام " باعتباره التحدي الأبرز والأخطر بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي.في هذا السياق كان يجب أن نفهم جوهرية ورمزية إصراره على طرد المرأة المسلمة المحجبة من بين الجمهور الذي كان يخطب فيهم ذات مرة، وأن نفهم أنها لم تكن مجرد " عرفطة " انفعالية، ومثلها نفهم أيضا جوهرية وجدية تعهداته ووعوده للكيان الصهيوني وأنه لن يسمح بأن يفرق بين وجود "إسرائيل" ووجود أمريكا شمس يوم واحد، وأنه سينقل السفارة الصهيونية إلى القدس، وأنه لن يسمح باستمرار وجود من يكرهون الكيان.. وما شابه ذلك.البعض حتى الآن لا يريدون تصديق أننا دخلنا مع أمريكا وعلاقاتها عهدا جديدا فهم يستمرون في التعامي عن المتغيرات ويتلمسون الشبهات والقرائن وشوارد الكلمات وهوامش الألفاظ ليرسموا صورة أقل سوداوية عن مستقبل العلاقة معها بعد انتخاب "ترامب" ويمنّون أنفسهم بأن "ترامب" ما بعد توليه الرئاسة سيختلف عما قبلها وسيتراجع عن كذا وكذا كما تراجع فلان وفلتان.. وذلك يعني أنهم سيبقون في الانتظار والاستقبال.وبعض آخر ممن نحسن في إخلاصهم الظن يساوون بين " ترامب " وغيره، ومنهم من يفضله على أنه – في تقديرهم - سيفضح عداوة أمريكا لأمتنا وووو.. وهذا منطق بقدر ما يدغدغ الأحلام بقدر ما هو خاطئ ومبني على فكرة غير وجيهة، فلسنا أقوياء لنستطيع الاستثمار في الفرق بين السيئ والأسوأ ما يجعل الأسوأ هناك مزيدا من الخسارة هنا وهم يغفلون عن أن التاريخ يمكن أن يشوهه أشخاص سيئون كموسوليني ولينين وستالين وشارون ونتنياهو وليبرمان وبوتين وبوش.آخر القول: أمريكا فيها أكثر من 1100 بيت خبرة Think-tank " " منها أكثر من 450 متخصصا في دراسة الشرق الأوسط والإسلام ما يؤكد أننا في عين العاصفة، وأن مصائرنا موضع تخطيط إستراتيجي غربي وأمريكي، وأن الأمور تستحق أن تؤخذ بمنطق غير السذاجة والأمنيات الذي هو حالنا وواقعنا حتى الآن.
392
| 17 نوفمبر 2016
مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2592
| 30 نوفمبر 2025
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
1920
| 05 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1548
| 02 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1536
| 04 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1149
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
783
| 03 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
618
| 30 نوفمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
600
| 05 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
543
| 01 ديسمبر 2025
كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...
510
| 30 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية