رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كتب أحدهم تحت عنوان المواطنة هي الحل .. فقال : المفتاح الذي سيفتح كل الأبواب الموصدة بين أصحاب المذاهب والعرقيات هو أن يتبنى المجتمع فكرة المواطنة داخل حدود الدولة الواحدة، فتكون لكل مواطنيها ذات الحقوق والواجبات، فتجمع الدولة شتاتهم، وتقف مؤسساتها على مسافة واحدة منهم، وتصبح الكفاءة هي معيار التنافس وتصير حرية الاختيار هي العنوان .. الدولة بهذا المعنى غير معنية بديانة رعاياها إلا في حدود منع الاعتداء على المقدسات الدينية وعدم استخدام الدين في نوال المكتسبات، وغير معنية بمكان ولادة أحدهم ما دام يحمل جنسيتها ويخضع لقانونها .وأجيبه تعليقا وتوضيحا وتصويبا فأقول: واضح أن المشكلة لدى هذا الكاتب هي في مفهوم الوطنية إن كان ثابتا أم متغيرا، وفي مضمون هوية الأمة وعلاقاتها وأحقية الانتماء للوطن الإسلامي كله والقيام بحقوق الأخوة الإسلامية المقررة بقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، وقوله (وأن هذه أمتكم أمة واحدة). ولنا أن نتساءل: ماذا لو اعتدى على بلد من بلداننا – أقصد الدولة الخاصة - عدوان استعماري ترتب عليه إسقاطها كما أسقطت ذات يوم من القرن الماضي القريب - دولة الخلافة التي كانت دولة كل الأمة، وتم على إثر ذلك تقسيمها إلى دويلات صغيرة على غرار ما فعل سايكس وبيكو في ممتلكات دولة الخلافة ثم صارت كل دويلة من دولنا الحالية دويلتين أو ثلاث دويلات أو أربعا أو خمسا؛ فهل على رعاياها حينئذ أن يعملوا لاستعادة تجميع هذه الأجزاء المقطعة إلى بعضها؛ أم أن يرضوا بالتقسيم الجديد على ذات المبرر الذي يسوقه الكاتب؟ فإن كان يرى ذلك صوابا فهذا يعني أن الوطنية قابلة للتجزيء والتغيير والحذف والإضافة مما يعني تمييع معنى الوطنية وإفساد أصله، أو لا يرى وطنية للتقسيمات الجديدة فلا منطق له لأنه يتقبل التقسيم القديم ولا يقبل التقسيم الجديد رغم أنهما ينبعان من ذات المعنى وعلى ذات المعادلة والمبرر! إلا أن يكون فارق السنين بين التقسيمين هو المحدد الأوحد لتحول الوطنية إلى اللاوطنية وتحول اللاوطنية إلى وطنية!الكاتب يتوهم أن الوطنية بهذا المفهوم التقسيمي الذي يطرحه ستزيل كل العوائق وفي الأغلب هو يقصد عوائق الدين والعرق المسببة للصراع المذهبي والإثني الذي تعاني منه الأمة..وهنا أنوه لحقيقتين أراهما يسدان في التوضيح: الحقيقة الأولى: أن الصراعات الدائرة داخل الأمة ليس سببها الوطنية الجامعة للأمة دينيا أو إثنيا ولكنه العمى عن رؤية مساحات الاتفاق والعجز عن إيجاد لغة التفاهم بين المختلفين، ثم عدم الوعي لقيمة السلمية والشراكة بين مكونات الوطن الكبير، والاستجابات لدسائس جهات بعينها تعمل على تخريب كل تقارب بين الأطياف المختلفة.الحقيقة الثانية: أن هذه الوطنية – التقسيمية - هي عين العائق عن نصرة الأخ والعرض، عن تمكين شعوبنا من استعادة حقوقها وثقلها في التمثيل الدولي؟ وماذا لو أن أخي الديني أو الإثني تعرض في دولته الأخرى للقتل والسحل والكبت ونهب خيراته على يد النظام الذي يحكمه أو دولة غازية أو مستجلبة كما يحدث الآن في مصر وسوريا واليمن والعراق وأفغانستان..وصار له علي دينيا وعرفيا وعاطفيا حق أن أنصره وأرد عنه فأين أنا ووطنيتي المقسمة في دولتي الخاصة من ذلك؟مناسب هنا بل من الضرورة التنويه إلى أن تفرقنا في دويلات قد حدث بتأثيرات داخلية ومعادلات صراع خارجية وهذا لا ينفي عنها حق الحماية والولاء..ولكنه معنى صغير للوطنية يكون مقبولا ومتفهما وواجبا شريطة أن لا يتناقض مع وطنية الأمة الكبرى، وما لم يعطل قيمة الأخوة الإسلامية أو يتحول لسبب فرقة وتقطيع للأمة وتزوير لهويتها.آخر القول: تحديد معنى وحدود الوطن هو الذي يجادل فيه البعض، والمشكلة - في تقديري – هي أن يقبل المثقف بتصغير وتجزيء حدود الدولة الواحدة استجابة لعوامل الهزيمة ما يعني المزيد من التفتيت للوطنية وليس لتعزيزها..
454
| 03 مارس 2016
في إطار قصة المعتقل لدى العدو الصهيوني "محمد القيق" الذي تجاوز إضرابه عن الطعام تسعين يوما حتى اليوم والذي يشارف على الهلاك، يتساءل البعض على سبيل الإشفاق أو الاستنكار: وهل يجوز له أن يمتنع عن الطعام الموصل حتما إلى الهلاك بين يدي عدو لا يأبه بموته؟ وتعميما للفائدة وتأصيلا للحكم وبعد التأمل والنظر في مقاصد الشريعة ومقايسات المصلحة والمفسدة.. وبالله التوفيق أقول:بالرجوع إلى السيرة فإن من الصحابة من امتنعوا عن الطعام تحقيقا لغاية مشروعة مثل الذي فعله أبو لبابة الأنصاري -رضي الله عنه- عندما ربط نفسه بالسارية في المسجد وامتنع عن الطعام والشراب بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يتوب الله عليه وقد تحقق، وفكه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة. وحدث مثل ذلك لبلال بن رباح ولمصعب بن عمر -رضي الله عنهما- اعتراضا على التعذيب الذي لقياه من الكفار. صحيح أن امتناع أبي لبابة عن الطعام لم يأت على سبيل الاعتراض أو الإحراج، ولكنه يدلل بقوة على جواز مطلق الامتناع عن الطعام إن كان السبب مشروعا.فإن قيل: حق الحياة حق أصيل في دين الله وفي عرف البشر، فإذا تعارض مع غايات جزئية هنا أو هناك فيقدم عليها ويكون محظورا أن يقتل المرء نفسه. فالجواب أن قتل النفس المحظور هو ما كان قتلا لذات القتل أو ليأس طرأ على ضعيف الإيمان فلجأ إليه، ومن المعلوم أن المجاهد الذي يغوص في نحر العدو ليقاتلهم لا يعد من قتل النفس رغم أن الغالب على ظنه أنه سيقتل، وذلك لأن معنى الجهاد والتضحية غالب على معنى القتل والفناء.وقد أجاز جمع ليس بالقليل من علماء زماننا ما تقوم به حماس من نكاية في العدو بتفجير النفس، وما ذلك إلا قتل للنفس في غاية مشروعة، ومثله ما يقوم به هذا المجاهد "القيق" باعتبار القتل ليس مقصودا لذاته، وأنه ينطوي على قصد كسر فروض وأحكام العدو وقصد استجاشة الأتباع واستثارة المؤيدين.رابعا: ثم إن التجارب تقول إن الإضراب عن الطعام قد آتى ثماره (عاجلا وكثيرا)، وفي الذهن صور بعينها من ذلك في فلسطين وفي سواها.وأرى أن إباحة الإضراب عن الطعام أو قتل النفس جهادا وتضحية، ليس حكما عاما سائغا لكل إضراب عن الطعام وكل تضحية، إلا إذا غلب على الظن أنه يحقق الغاية، وإذن فلا بد من وضع محددات لجوازه، أرى أبرزها أربعة محددات:الأول: أن تكون نية الجهاد والتضحية غالبة على نية الفناء، بمعنى تقرير نية الجهاد وتخليصها من نوايا الشهرة والحزبية والعادة... إلخ، كما هي النية في كل عمل يراد به وجه الله تعالى، وفي النقل: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى...".الثاني: أن يغلب على ظن من يقوم بذلك أنه يهزم به عدوه ويسقط أحكامه. هنا أنوه بأن إضراب جمع من الأسرى أجدى من إضراب الواحد والاثنين، وأن لموت بعض الأشخاص أثرا ليس لغيرهم مثله، فيجوز للأول ولا يجوز للآخر.الثالث: أن هذه التضحية قد تكون مجدية في ظرف دون ظرف آخر، كأن يخشى العدو ردة فعل تنقل الصراع نقلة كبيرة، فيكون حرصه أن لا يحدث الموت فتكون هزيمته من هذا القبيل.الرابع: أن لا يكون القرار والتقدير فرديا قدر المستطاع، لأن الواحد أقرب للخطأ من جمع أهل الرأي والتقدير، أقصد أن يكون قرار الجهة لا الفرد الواحد.آخر القول: على ما سبق، فإن ما يقوم به هذا الأسير الفلسطيني من إضراب عن الطعام هو فعل مشروع ومحمود، ويصنف في مراتب الجهاد العليا حتى لو أفضى إلى الهلاك، وهو إذ يحرم نفسه من لذائذ الطعام والشراب، فما نحسبه يفعله إلا لما استقر في وجدانه من عداوة للمحتل الغاشم، وإلا لقناعة بضرورة كسر وتفكيك هيبة أحكام القضاء الصهيوني، ومن أجل تصدير رسالة قوة وإصرار تجعل العدو حسابا دقيقا وجديا لعزيمة المجاهدين، هذا والله أعلم.
1274
| 25 فبراير 2016
قبل سبعة وستين سنة من الآن وتحديدا في يوم 12/2/1949 اغتالت يد شريرة مؤسس الإخوان المسلمون ومرشدهم –حسن البنا– أمام مبنى جمعية الشبان المسلمين فيما كانت جماعته في حالة تصادم مع الإنجليز في مصر ومع العصابات الصهيونية في فلسطين وفيما كانت حركته تنتشر وتتوسع في الجهات الأربع من بلاد الأمة.. وكم حاول أعداء الإسلامية أن يغتالوا سمعتهم بعد ذلك وصولا لما أعلنته بعض النظم من اعتبارهم حركة إرهابية..لكن هذه الشجرة المباركة لا تزال تنمو بثباتها وتشمخ بكبريائها وانتصاراتها في أعالي سماء العزة وما من مرة خيّرت الشعوب بينهم وبين كل الاتجاهات إلا وفت لها وردت المعروف بالمعروف والفضل بالفضل فتقدمت على جميع خصومها وكسحت كل أعدائها.. فهل تريد أن تعرف الإخوان المسلمون بعيدا عن التهويل والتهوين؟ فتعال إذن أحدثك لأقول لك: الإخوان يأخذون الإسلام متكاملا من غير تجزئ، ويرونه صلاحية مطلقة من غير تزمين أو تجنيس، ويسعون لتحكيمه كتكليف رباني بعيدا عن الانتهازية ومغالبة الخصوم، وهم يفرقون بين المبادئ الثابتة والسياسات والوسائل المتغيرة شريطة أن لا يقع التناقض بين الجهتين.. فقد يحكمون في المسألة الواحدة بحكمين مختلفين إذا اختلفت فروض الواقع، وهم يؤمنون بأن الأيام دول ويؤمنون بسنة التدافع بينهم وبين أعدائهم فلا يبنون مواقفهم على الظنون والصدف.وأما هدفهم منذ وجدوا فهو أن يعيش المسلمون حياة إسلامية كاملة في عقيدتهم وعبادتهم وأخلاقهم وعلاقاتهم وطموحاتهم، غير أنهم يفهمون ضرورات التدرج والواقعية ويتنقلون تصاعديا من إسلامية الفرد إلى إسلامية الأسرة إلى إسلامية الحي ثم المجتمع فالدولة وصولا إلى إسلامية العالم.. (ثمة سواهم من يعكس النظرية).وهم قوم جادّون يحملون همّ الدعوة ليل نهار، ويرعون الحقوق، ويلتزمون أحكام الشرع، وتسودهم روح التناصح ويستسهلون التضحيات، ويمتازون بلين العريكة وسهولة المعشر وبالتفوق المعنوي، ويفتحون باب الاجتهاد ويسمحون بالخلاف، وتعلو فيهم روح الجماعية والأممية على الفردية والحزبية دون أن يسحق ذلك مميزات الأفراد ومؤهلاتهم، وكجماعة قد جمعوا أحسن ما في الجماعات لا باللملمة ولكن بالشمولية والتكامل فيجسدون في صعيد واحد طريقة سنية، ودعوة سلفية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية.وهم يلزمون أنفسهم ومن يقبل الانضمام طوعا إليهم أن يفهم الإسلام والبيئة المحيطة، وأن يستشعر معنى الانتماء الحقيقي لأمته وآمالها وآلامها، وأن يرى الإخوان جماعة من المسلمين لا جماعة المسلمين، وأن يثق بأن الإسلام يمتلك قدرة تأثيرية وتاريخا من الإنجازات والنجاحات تؤهله للانتصار وأن يصلح الحال ويقود المستقبل، وأن يفهم الجوامع مع الآخرين بقدر ما يفهم الفوارق عنهم، وأن يعرف الخصوم بقدر ما يعرف الأنصار والحلفاء، وأن يمتلك ثقافة الوعي والمواكبة والقدرة على التكيف والتحرك والتحريك مع الجميع حسب تصنيفهم والعلاقة بهم، وأن يحدّث ويجدد معرفته باستمرار، وأن يفهم قيمة العمل في مقابل الدعاية والجدل.ومن حيث الملكات الفطرية والمكتسبة، فيحرص الواحد فيهم على امتلاك ذاكرة حافظة، ونظرة تحليلية، وأفق واسع، والقدرة على ترتيب الأولويات، وأن يتحصل على حد أدنى من الفهم الديني، وعلى أوسع شبكة من العلاقات الاجتماعية، وأعلى قدر من متابعة الإعلام الجاد والمخالف منه على الأخص.ولأن تكاليف الدعوة ومشاقها كثيرة يخشى أن تضعف تحتها النفوس فإن للإخوان بيعة يبايعهم عليها من ينضم لهم وهي عهد يقطعه على نفسه مشفوعا باليمين أن يلتزم به تجاه نفسه وغيره، وأركان بيعتهم عشرة إذا قبلها واستكملها صار واحدا منهم وصار يسمى أخا عاملا، والعشرة الأركان هي (الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والطاعة والثبات والتجرد والتضحية والثقة ثم الأخوة).آخر القول.. كم حاول المحْدَثون من إعلاميين وسياسيين أبناء شاس بن قيس اليهودي القديم أن يقتلوا فكرة الإخوان وأن يوقفوا سلسلة انتصاراتهم وأن يحرفوا منهاجهم منذ قتلوا البنا.. ولكن سعيهم خاب وسهمهم طاش وجدهم بار وما درى البُله الحاقدون أنهم يعاندون قول الله تعالى (وإنا له لحافظون)! وهل يحفظ الله دينه إلا بجهود أمثال البنا وورّاثه؟
303
| 18 فبراير 2016
نظام السيسي لم ير في استشهاد مجاهدي حماس الذين قضوا أثناء إعداد نفق هجومي باتجاه العدو الصهيوني إلا فرصة لترويج المزيد من الأكاذيب ضد حماس..فراح ينقل عن مصدر صحفي صهيوني زعم أن الأنفاق معدة ضد مصر..فإن لم يكن ذلك غريبا من نظام انقلابي وإعلام فاجر فاقد لكل معاني الانضباط والمهنية؛ فإن الغريب هو أن يردد هذه الافتراءات وربما يصدقها بعض من يعلمون أنه الكذوب..ولهؤلاء أقول: يروى أن عدوا هاجم بلدة وقتل بعض رجالها وأخذ من نسائها، ثم قام جنوده باغتصابهن..حتى وقعت هجمة مرتدة من أهل البلدة ثأرا لقتلاهم واسترجعوا النساء..فلما صرن إلى مأمن تحادثن..فاعترف بعضهن لبعض بما وقع من اغتصابهم..إلا واحدة..قالت إنها استطاعت قتل الجندي الذي حاول ذلك معها..نظرت النساء في عيون بعضهن يخشين أن يفضح اعتصام تلك العفيفة المقاوِمة تساهلهن ويكشف أنهن لم يقمن بالدفاع اللازم عن شرفهن..فتآمرن عليها حتى قتلنها ليموت السر المخزي إلى الأبد..فالمرأة الشريفة في قصتنا تجسد المقاومة التي لم تقبل خنا التنازلات ولكنها تقاوم وتصيب العدو في مقاتله بقدر ما تؤشر على رخاوة من يحاصرون المقاومة الذين تجسدهم تلك النسوة المتساهلات.فإن تساءلنا عن مصلحة الانقلاب في استثارة حماس وإشاعة الأكاذيب عن عدائها واستهدافها له فنذكر أمورا: 1- نذكر أنه لا يزال بعد ثلاث سنوات يعاني من رفض داخلي ومن حرب في سيناء، وأنه عاجز أمام إثيوبيا وفاشل على الصعد الاقتصادية والوطنية، وأنه نظام مزور للانتخابات وأن رئيسه نكتة وبرلمانه طرفة وتوفيق عكاشته شتيمة وقد سلّم رقبة مصر وباع استحقاقاتها السيادية وأن كل إنجازاته أكاذيب وكل وعوده أوهام..فالطبيعي أن ينصب عدوا خارجيا تحت دعوى حماية مصر ليؤلف حوله الشعب فيكسب شرعية وطنية ولو اضطرارية (العدو الآن حماس وربما يكون في مرة أخرى السلطة الفلسطينية أو يصير السودان أو ليبيا...) غير أن معاداته لحماس تكسبه إضافة للاضطرارية شرعية دولية هو يرى أنها لا تمر إلا عبر الولاء لإسرائيل والاستجابة لمتطلباتها السياسية.2- والحقيقة أن نظام الانقلاب يستشعر الضعف بل الجبن في مواجهة أعداء كإثيوبيا صارت مواجهتها لازمة ومصلحة قومية وهو يرى ضعف جيشه الذي لم يحارب منذ أربعين سنة والمنشغل بإرهاب شعبه وبإدارة المصانع والفنادق والتدخل في الحياة المدنية وبالإثراء الشخصي...إلخ، لذلك فهو يحاول تسجيل انتصارات وهمية كأكذوبة أسر قائد أمريكي أو يختار خصما يظن أن من السهل هزمه فيشتبك مع حماس. 3- وغير خاف أن للانقلاب علاقات مع إسرائيل تعاكس وتناقض الموقف الشرعي والقومي والأمني لمصر المرتبطة طبيعيا بالتحالف مع الشعب الفلسطيني..هذه العلاقات تحدث عنها – أخيرا - وزير البنى التحتية الصهيوني (شطاينتس) الذي قال إن التنسيق الأمني مع مصر في حكم السيسي لم يسبق له مثيل من قبل وأن إسرائيل هي من أوعز له بإغراق غزة بالمياه المالحة للقضاء على الأنفاق وتشديد الحصار..هذه العلاقات النقيضة الخؤونة لا يمكن تبريرها للشعب المصري العربي والمؤمن ولا يمكن قلب أولوياته لأجلها خصوصا في ظل أفكار الثورة المنقلب عليها من دون الأكاذيب الكثيرة المتواصلة واليومية التي يروجها إعلامه. 4- وهو نظام يستشعر الخوف والخطر من انقلاب عليه فهو يحرك العناوين السياسية ويتماحك مع حماس ويتلاعب بالإعلام ويقلّب الأحوال ليربك حسابات الداخل. 5- أما ما يشجع الانقلاب على إطلاق افتراءاته على حماس وأن يقول في اتهامها ما يشاء فهو أن قسما من شعبه يصدقونه دون تدقيق وفوق ذلك أنه لا توجد جهة محايدة تقتفي دعاواه وتكشف أكاذيبه بالتحقيق كما تطلب حماس باستمرار..فإن قيل ولكن مشكلته فقط مع حماس..فالجواب لأن حماس تشكل تهديدا لمشروع الاحتلال وهذا كاف.آخر القول: مصالح الانقلاب مضافا إليها سلوكه الدموي ضد شعبه، وأكاذيب إعلامه الموصوف، كلها أدلة وقرائن كافية لدى أي منصف ليرد دعاواه ضد حماس، وكافية لإدانة عدائه لفلسطين وشهدائها.
389
| 11 فبراير 2016
عندما ينهار نفق تعده المقاومة –حماس– في غزة على المجاهدين فيرتقي منهم سبعة إلى علا الشهادة فيحزن لهذه الخسارة الشعب الفلسطيني وتتقدم فصائله وأحزابه بتعزية حماس في ذلك، ثم تأخذ منظمة فتح الفلسطينية خطا مخالفا لكل معاني اللياقة الأخلاقية والانسجام الوطني، فتدين المقاومة وتقوم بالتشنيع عليها في بيان رسمي تظهر فيه الشماتة في مقتلهم، فالأكيد أن ذلك ليس حدثا عاديا ولا هو مقطوع عن سياقها الفكري والسياسي الذي تدور فيه. والحقيقة أن منظمة فتح تقصد هذا الشذوذ السياسي ولا تستحي من النشوز الوطني، وفي هذا السياق يأتي تعيين الشخص الكيدي التوتيري "أحمد عساف" مسؤولا أولاً عن وسائل الإعلام التابعة لفتح والسلطة، وفي هذه الفترة الحساسة والعصيبة من تاريخ القضية بالذات.قد يتفهم الرأي العام أن المنظمة وسلطتها تستبطن الخوف من العدو، وأشد منه الخوف من متحصلات إعجاب الشعب الفلسطيني بحماس ومقاومتها، وقد تحس بالعجز أمام إغلاق العدو كل هوامش المناورة السياسية والإعلامية في وجهها ما يزيد من إحراجها ومن ذلها. ولكن لماذا لا يأخذها ذلك إلى الغيرة والتنافس مع المقاومة؟ ولماذا لا يتحول الفشل الذي منيت به إلى غضب على العدو، على اعتبار أن القضية الفلسطينية في الأساس هي قضية شعب ينشد الحرية والاستقلال؟من حق فتح وسلطتها أن ترى ما تقوم به صوابا رغم وضوح فشله، ولكن الذي ليس من حقها بحال ولا يتسامح فيه أبدا هو أن يحفزها -أو يورطها– ذلك في معايرات لحماس وللمقاومة والاستخفاف بجهودها وإنجازاتها التي على رأسها إفشال ثلاث حروب كونية على غزة، وما قامت به من قصف تل أبيب وإعداد ما تستطيع من تسليح وحفر أنفاق في ظل حصار خانق تجاوز حتى اليوم عشر سنوات.ولسنا في وارد القيام بجرد حساب لمنظمة فتح التي لم يتبق لها -من وجهة نظري- ما تعتز به رغم أنها لا تزال تردد مقولات الرصاصة الأولى و"ديمقراطية غابة البنادق"، وأنها شاركت في الانتفاضة الثانية وقدمت فيها من قوات أمنها أكثر من 2000 معتقل في سجون العدو وأكثر من 700 شهيد. والحقيقة أن "الرصاصة الأولى" مجرد دعوى لا تقوم على ساق وليس لها سياق، فالشعب الفلسطيني بدأ مقاومته قبل هذه الرصاصة بثلاثين سنة على الأقل منذ ثورة البراق 1929. ثم على فرض صدق هذه الدعوى فإن محمود عباس الذي ترتضيه فتح اليوم قد أطلق على هذه الرصاصة رصاصة أخيرة بإصراره وإعلانه المستمر أنه يقدس التنسيق الأمني مع العدو. وأما دعوى الديمقراطية فيكفي أن ندلل على ضحالة وضآلة هذا المحتوى بانقلابهم على انتخابات 2006، وتشكيلهم فرق الموت التي مارست القتل ضد حماس وحكومة الوحدة المنتخبة وذلك عبر محمد دحلان -المطرود من فتح بعد خلافه الشخصي مع أسرة عباس- الجدير أن المذكور قد أدين رسميا وقضائيا في محاكم سلطة رام الله. وأما دعوى الشهداء والأسرى فإن صح العدد -وهو موضع شك كبير- فإن شرف ذلك إنما ينسب إلى الراحل عرفات وليس لمحمود عباس الذي جاء نقيضا لعرفات وانقلابا على الانتفاضة، والذي يصرخ ليل نهار بأنها كانت خطأ وجريمة في حق الشعب والقضية.الفلسطينيون يرددون اليوم أسئلة من وحي ما تحققه حماس من إنجازات على أرض الواقع في مقابل من تتردى إليه منظمة فتح وسلطتها من فشل وانحيازات مطمعة للعدو فيقولون: ماذا لو لم تكن حماس في المشهد الفلسطيني؟ وإلامَ ستكون قد وصلت تعديات الاحتلال؟ وكم كان المستوطنون قد أبادوا أو حرقوا من الفلسطينيين وزُروعهم واقتصادهم وممتلكاتهم؟ ولو أن السلطة كانت هي القطار الأوحد لنقل المشروع الوطني كانت بهذا العجز والفساد والاستبداد واليأس مع كل هذا التدهن السياسي والأمني والثقافي والاقتصادي بالعدو. فأين كان هذا القطار قد توقف؟آخر القول: البيان الفضيحة الذي صدر عن منظمة فتح بخصوص شهداء كتائب الإعداد القسامية بما اشتمل عليه من فظاظة وشماتة، قد أركز في اليقين أن هذه المنظمة ترضع من ذات ما رضعت منه روابط القرى التي عرفها الشعب الفلسطيني ذات يوم. بالتالي فإن عليه -عاجلا غير آجل- أن يردها إلى مسار الصلاح والاستصلاح، وإلا فالقطيعة والعقاب وفضح ما تصر عليه في خدمة الاحتلال.
814
| 04 فبراير 2016
من يفكرون بالأمنيات التي يتمنونها يرون مرور يوم 25 يناير في مصر كيوم ثوري اعتيادي دليلا على أن الثورة الشبابية والإسلامية قد انكسرت وأن الشعب المصري سيظل عاجزا عن تصحيح مساراته الدينية والوطنية والقومية التي قلبها نظام السيسي وأن القادم أسوأ.. فهل أمر مصر على هذا النحو من التوصيف؟ وأرى أن هذه قراءة قشرية، وأن تحديد ما إن كان الانقلاب قد نجح أو فشل ؛ يجب أن يبحث أربعة أمور ؛ الأول: طبيعة هذا النموذج من الثورات الشعبية، والثاني: طبيعة الشعب المصري المؤثرة في حراكه وفرصه، والثالث: حالة الانقلاب وما آل إليه، والرابع: إمكانات الثورة ومؤشرات مستقبلها.. وأقول: أما نموذج الثورة المصرية فهي ثورة من النوع الذي لا يحقق غاياته بالضربة القاضية ولا يأخذ وتيرة واحدة تصعيدا أو تخفيضا ؛ ولكنها موجات تتصاعد من قلبة لأخرى ؛ كما ثورة محمد صلى الله عليه وسلم – وأقصد أداءه الإنساني السببي – فقد ظلت تتقلب أربعين سنة قبل أن تستقر وتمتد بأفكارها التقدمية وإقليمها الجغرافي إلى فارس والروم.. وكذا في العصر الحديث فوجدنا الثورة الفرنسية تتقلب مائة سنة ووجدنا الثورة الإسبانية تتقلب أربعين سنة.. وأما عن طبيعة الشعب المصري فلا بد من رصد ثلاث خصائص تميزه وتجعله لا يثور عنيفا ؛ الأولى أنه شعب يستعظم الحاكم بما كان يصل أحيانا لتقديسه وتأليهه، الثانية: أنه شعب عاطفي ينأسر لمن يجيد استغلال هذه العاطفة كما فعل حسني قبل سقوطه بيوم عندما قال "هذا البلد ولدت فيه وعنه دافعت وفيه سأموت وأدفن" وكاد يقتل الثورة بقوله هذا.. السيسي فهم ذلك فلا يكاد يخلو خطاب له من النسج عليه.. الثالثة "أن الشعب المصري يصدق الصحافة وقد أجاد الانقلاب الاتكاء على هذه فشغّل مجموعة من مشاهير الإعلاميين والكتاب الذين برعوا في التلاعب باتجاهات الشعب حتى أقنع الكثيرين بأن ثورتهم تعني سقوط الدولة وأن الإخوان أعداء.. إلخ. وأما الانقلاب وما آل إليه ؛ فالحديث يدور عن أفشال مترامية متراتبة متراكمة يضاف إليها أفشال ستين سنة من حكم العسكر.. وهنا يجب أن نرى: * فشله بعد ثلاث سنوات في تحقيق الاستقرار كأول هدف لأي انقلاب.* وفتحه مصر على احتمالات سوداء، من جهة داعش، ومن جهة الانقسام الطائفي والجهوي والسياسي والمجتمعي، ومن جهة إسرائيل التي باتت تفكر في استعادة سيناء، ومن جهة عدم حمايته للنيل – هبة الله لمصر – الذي صار مقبلا على الإقفار والإفقار بعد سد النهضة وستة سدود تزمع دول المنبع إقامتها عليه.* وفشله في امتلاك شرعية الانتخاب وقد سمعنا رئيس نادي القضاة- المستشار عبد الله فتحي – يصف الانتخابات الرئاسية بقوله "لا توجد أي مخالفات أو خروقات ولا حتى ناخبين".* وتخلى الخليج- في المجمل – عنه ؛ فلم يعد راغبا في مواصلة دعمه في ظل مستجد التحديات والانشغالات الخليجية وما تسرب من استغلال السيسي لهم.* واستنفاده الأكاذيب التي لم تعد أكثر من نكات مهينة (ككذبة اعتقال قائد الأسطول الأمريكي وعلاج الإيدز بالكفتة والعاصمة الجديدة.. إلخ). * واستنفاده أدوات التأثير على البسطاء من علماء سواء إعلاميين كذبة وحقوقيين فاقدي الشرف وأحزاب مفضوحة قد انفضت عنهم الجماهير.. * وفشله في تقديم النموذج المنافس الشرعية والمعالج للمشكلات الأساسية. * ولا يزال يخسر بالتتابع مستنداته الخلقية والوطنية والشرعية. * ولا يزال يخاف من ميدان التحرير والانتخابات والإخوان. * وأن رئيسه يعيش خوفا قاتلا ممن حوله فهو يستعين بقوات حماية خارجية وخوفا من الملاحقة القانونية لذا يغيب عن مناسبات ودعوات إقليمية.وأما إمكانات الثورة ومؤشرات مستقبلها فنرى النقلة الهائلة والنوعية إذ يتصدر الإخوان قيادتها بما يصقل تجربتهم ويزيد ثقلهم وأثرهم استثناء على 80 سنة من عمر هذه الجماعة المباركة، ونرى 70 ألفا من الناشطين السياسيين في سجون الانقلاب لا يستطيع إعدامهم أو اجتثاث رأيهم، ونرى تضامن الناس معهم يوم قاطعوا تمثيلية الانتخابات.آخر القول: الانقلاب المصري ليس في عافية ومرور يوم 25 يناير كيوم ثوري اعتيادي إنما يؤكد أن ظروفا موضوعية تؤخر الثورة ولكنها لا تفنيها ولا تنهيها!!
375
| 28 يناير 2016
في إطار النقاش الفكري والبحث السياسي حول ضرورة تدشين تحالف إسلامي سني (رسمي وشعبي) حول تركيا والسعودية تكون قاعدته الجماهيرية الجماعات والأحزاب القومية والوطنية والإسلامية الوسطية ل" الإخوان المسلمون والسلفيون " لمواجهة ما يفرضه تحالف (الغرب– إيران– روسيا) ينتقد البعض منهج الإخوان في التعامل مع الخلافات ورؤيتَهم للخصوم وتعاملَهم مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتهم إسقاطاتِهم على الواقع بما هو أقرب إلى ذمهم منه إلى الموضوعية والإنصاف.في مقالة لأحدهم– وفي سياق ذم الإخوان- اعتبرهم جزءا من صورة الجمود والتخلف والانفصال عن الواقع، وراح يخلط الأمور بشكل عدواني انطباعي ليستخرج حكما شائها هو أقرب للشائعة والحملة الإعلامية منه للموضوعية والعلمية، ووجدته قد سقط مرتين ؛ مرة إذ جعل الإخوان قرينا للتخلف والجمود والتزمت، ومرة إذ تجاهل سلّم الأولويات ورعاية الحالة الطارئة والاضطرارية الحاثّة على هذا التحالف ليذكر بشائعات ويفتري افتراءات.. وأقول: بداية لا بد من تقرير أن رأس الإسلام هو الذي صار مطلوبا وأن المنطقة والأمة صارت مقبلة على استعمار جديد– غير تقليدي– يغطي مساحة هذا القرن الذي يفترض أنه قرن الإسلام والانتصارات كما وصفه عضو الكونجريس الأمريكي جون مروان في كتابه "الإسلام المعجزة المتجددة".. ولم يعد خافيا أن إيران وروسيا وداعش والميليشيات الطائفية كلها صارت أدوات تُقدّم أو تؤخر حسب الهدف والمستهدف والحال بالصراحة والمباشرة أو بالإنابة، وأن أول المستهدفين هو تركيا والسعودية و"جماعة الإخوان المسلمون".. وأما رمي " الإخوان المسلمون" بالجمود وعدم الواقعية.. فإن كان المقصود أن لديهم نصوصا حاكمة! فلا إشكال في ذلك إن كانت نصوصهم وفهومهم منضبطة بقواعد اللغة الفصيحة والمقاصد الصريحة؟ إلا أن يكون المطلوب منهم أن يتنازلوا عن إسلاميتهم ووسطيتهم وعن غايات العودة للحياة الإسلامية.. وفي هذه الحالة فإن من يدعو لذلك لا يتنبه للحالة الطارئة والملجئة ولا لخطورة الأعداء ولا لمواجهة هذه الأخطار بتعزيز الموضوعية وتوسيع قاعدة الانطلاق ولا يؤسس لتحالف وإنما لمزيد من أسباب الشك والتباعد والاستبداد. ومما يجدر أن يوضع في الميزان ونحن نناقش فكرة ضم الإخوان لتحالف استراتيجي تاريخي سني، ومدى واقعيتهم والمساحات المشتركة بينهم وبين غيرهم من المستهدفين هو أن لدى " الإخوان" اجتهادات في تنزيل النصوص على حال الأمة وتوصيف سلم أولوياتها وقد صارت بالتجربة وممارسة التدافع والخبرات المكتسبة مميزات لهم، فلا يجوز إغفالها أو مسخها كشرط للتحالف معهم، بقدر ما أنه لا يجوز تجاهل إمكان الالتقاء بينهم وبين النظم القائمة على تعزيز معاني المواطنة الاستقلال والسلمية في التغيير والتدرج في الإصلاح، والالتقاء مع التيار السلفي في السعي لأسلمة المجتمع وفق التحقيق العلمي بعيدا عن الخرافة والجهل والبدعة، والالتقاء مع حزب التحرير الإسلامي في أهمية الخلافة ثم أستاذية العالم، كما يلتقون مع جماعة الدعوة والتبليغ في ضرورية استعادة قيم العبودية وتزكية النفس..قد يقال هذه أشتات تلتقي مع الإخوان ولكنها لا تلتقي مع النظم.. فأقول: البحث هنا عن الفوارق المشتتة ولا عن هيمنة طرف مستعل على حلفائه، وإن ميزان المصالح والمفاسد يقضي التنازل عن شيء لما هو أعلى منه.أو يقال هذا فهم نظري فأين الإخوان من التطبيق العملي للسلمية والوسطية والرضى بالجوامع المشتركة؟ أقول.. لقد رأيناهم يتنازلون لأجل المصلحة في فلسطين عن الحكم الذي وصلوه عبر انتخابات مشهودة، ورأيناهم في تونس يتنازلون عن الحكم لئلا ينفرط العقد، وفي تركيا وبعد ثلاث عشرة سنة من النجاحات الباهرة لم نرهم يقصفون قلما أو يجرّفوا مؤسسات العلمانية التي ناصبتهم العداء المطلق ولا تزال، وفي مصر رأيناهم يحرصون على التفاهم والتقاسم مع الخصوم حتى أطلق عليهم البعض (علماسيون لوصمهم بالعلمانية) ثم ها هم بعدما وقع الانقلاب وعسف بهم لم يتخذوا حتى الآن قرارا بالمواجهة التي يستطيعونها بل يجيدونها لو أرادوا!!آخر القول: على من يكتب للرأي العام ويتناول حال الأمة وتحدياتها وإمكاناتها أن يعمق نظرته إلى ما تحت السطح وأن ينظر في الزوايا الأربع لتقديراته واستنتاجاته وألا ينطلق من مشكلة شخصية أو فئوية وأن يستحضر المسؤولية الدينية والوطنية والضميرية وهو يصف ويصنف تيارا أو حزبا بحجم الإخوان والتحالف معهم.
540
| 21 يناير 2016
من المفارقات أن يصير تفكيك سلطة رام الله نقطة التقاء بين العدو الصهيوني والشعب الفلسطيني والعربي .. ذلك على خلفية موقف تلك السلطة من " انتفاضة القدس " الحالية وانغلاق المسار السياسي الذي انتخبته من بين الخيارات الوطنية ، أما العدو فهو لا يرضى عن السلطة لأنها في نظره لا تصادم الانتفاضة بالقدر الذي يفترضه ، وأما الشعب الفلسطيني فهو لا يرضى عنها لما تكشف من علاقتها بالاحتلال إضافة لعدم جديتها وعدم قدرتها على الدفاع عنه ؛ وثمة حقيقة أساسية هنا ؛ هي أن السلطة قد صارت ثقلا على الفلسطينيين وعلى مشروعهم التحرري ( بشكلها الحالي ودورها في خدمة وتمرير الاحتلال وبإمكاناتها الهزيلة في مواجهته وبالفساد الذي ينخرها في مقابل جري العدو في تهويد فلسطين والقضاء على أي إمكانية لقيام دولة مستقلة للفلسطينيين ) .. وأقول :دعونا نتذكر جملة من الحقائق تذكر في هذا السياق ( 1- السلطة وجدت في سياق اتفاق أوسلو المؤقت 2- والقائمون عليها منذ وجدت هم فصيل بعينه لا يملك من الرأي العام الفلسطيني إلا قلة تتضاءل باطراد مع كل فشل وطني 3- وعندما أسسها عرفات كان يأمل أن المفاوضات ستؤدي لدولة وتنهي الصراع في وقت لا يتجاوز مدتها القانونية التي تحددت بخمس سنوات من 1993 حتى 1998 فتحمس لها وقبل في سبيله ما لا يجوز قبوله من التنسيق الأمني وتأجيل التفاوض على قضايا الوضع النهائي 4- كما أن للسلطة – في المفترض - مجلسا تشريعيا يراقب أداءها ويشرع لها ولكنه لم يعد قائما بفعل الخلاف الفصائلي الذي غرقت فيه ) .لنتذكر أيضا أن الراحل عرفات ومعه حركة فتح قد خلصوا بعد كل المفاوضات والسنوات إلى أن المقاومة هي الحل وأن السلطة يجب أن تنخرط في ذلك وهو ما وجّه إليه المنظمة والسلطة في الانتفاضة الثانية وقتل بسببه .. الذين يدافعون عن أحقية وجود السلطة وضروريتها يسوقون جملة من المبررات ويقولون لنصرف النظر في جدلية مواجهة الاحتلال عن الحيثيات القانونية والدستورية .. وأقول .. لو استعرضنا تلك المبررات فلسوف نجدها لا تنهض على رجل ولا تقوم على منطق .. فمن ذلك قولهم ( السلطة إنجاز وطني لا يجوز التفريط فيه ) وأقول : ليس هذا بصحيح إن جعلنا ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني النهائية والتحرير والتنمية الوطنية والثقافية والسياسية والاقتصادية ومصادمة الاحتلال هي الحكم على الإنجازات .ويقولون : لو أن القائمين على أمر السلطة ما لا تقبله " إسرائيل " فلسوف يلقون نفس مصير عرفات – الذي خرج عن الخط قليلا - وأقول : وإذن فهل سيفعلون ما تريده " إسرائيل " ؟ويقولون : مشروع السلطة ليس فاشلا إلا بسبب الفتنة والانقسام بين حماس وفتح وبين غزة والضفة .. وأقول لم يأت الانقسام إلا بعد الانتفاضة الثانية في حين أن الفشل سبق ذلك باثنتي عشرة سنة ، ثم لا يجوز أن تصنع السلطة أسباب الانقسام ثم تنسبها لحماس ولغزة ويكفي هنا أن نستمع للنائب العام الفلسطيني الذي نسب لدحلان – حليف رئيس السلطة وتابعه آنذاك وهو يتهمه بتشكيل فرق الموت في غزة وتورطه في قتل قادة المقاومة .ويقولون لقد فشل خيار المقاومة فلا يجوز أن نعود إليه .. وأقول : إن مسالك المنظمة هي التي فشلت فيما نرى سواها – حماس والجهاد – لم يفشلوا في هذا الخيار ورأيناه يثمر في أيديهم انتصارات وإنجازات أكثر وأكبر من التوقعات ومن الإمكانات رغم الحصار والتآمر العالمي .ويقولون : لقد اعترف العالم بنا ( كذا دولة وكذا هيئة وكذا جهة ) وصرنا دولة على الخريطة الدولية .. وأقول هذا جيد لو كان اعترافا بمضمون عملي يمنع التهويد ويوقف القتل اليومي ويثبت دولة على أرض الواقع .. ولكنه للأسف اعتراف باهت عاجز ميت مجاملتي ، وثمنه تسليم رقبة الثورة والقضاء على كل إمكانية انطلاق حتى على المستوى العمومي الشعبي .. آخر القول : لقد صار تفكيك السلطة ضرورة فلسطينية وحتى الوصول لهذه المحطة يجب ألا يسمح للعاجز أن يطعن العاجز ظهر القادر ولا للكسول المخاتل أن يفرط أو يتآمر على تضحيات المجاهد الصادق .. كما لا يجوز أن يعطي أحد للعدو فرصة المناورة والمداورة واللعب على حبال الزمن والتناقضات .
304
| 14 يناير 2016
الفيلم الذي أذاعته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن حسن معاملة كتيبة الظل التابعة للقسام، للعسكري الصهيوني الذي كان أسيرا عندها جلعاد شاليط قد نال اهتمام أصدقاء حماس وأعدائها على حد سواء، أما أصدقاؤها فقد أضاف سببا آخر لاعتزازهم بها واعتدادهم بقيمها وما تقدمه لقضيتها وصورة دينها الراقي القوي الحضاري الرصين، وأما أعداؤها فقد أثبتت لهم بمزيد من التأكيد أنها حركة جادة برؤية مخططة ومحكمة وذات فكر عال مستنير، وليست مجموعة من الدراويش المغفلين أو الإرهابيين العبثيين العدميين، كما أثبتت للمرة الألف أنها تجسد صورة للإسلام العظيم الوسطي ونزعته السلمية الحضارية.وإذ نرى اليوم هذا الشريط المصور فإننا نتذكر يوم الأحد 25 / 6 / 2006م، إذ قامت مجموعة لا تزيد على ثمانية من المجاهدين الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه) من حماس وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام بتلك العملية التي أسمتها "الوهم المتبدد" واستهدفت فيها الموقع العسكري لجيش الاحتلال على الحدود قرب مدينة رفح.. واستطاعت في وقت لا يزيد على خمس عشرة دقيقة ما بين الساعة 5.13 – إلى 5.28 فجرا أسر الجندي "شاليط" وصالت وجالت وجاست خلال دياره وعلت وتبرت حصون الاحتلال تقتل وتجرح وتدمر ثم انسحبت مخلفة وراءها لواء جفعاتي - المميز والموصوف والذي أهان جيوشا رسمية معروفة – يتحسس رأسه ويبكي خيبته كما تبكي النساء.. وإذ نرى اليوم هذا الشريط المصور، فإننا نتذكر الخمس سنوات التي ظل فيها الجندي شاليط أسيرا وكان كل يوم في هذه الخمس وكل ساعة وكل عشر دقائق منها تسجل نصرا إضافيا في سجل عز المقاومة بقدر ما كانت صحفا سوداء مشبعة بالخزي والفشل في سجل الجيش الصهيوني الذي كان يوصف بالذي لا يقهر، وبقدر ما جللت بالعار نظما محلية وزعامات إقليمية وأجهزة عالمية فشلت كل الفشل في البحث عن شاليط وتخليصه دون ثمن حتى آخر لحظة قبل عملية التبادل به..وإذ نرى اليوم هذا الشريط المصور فإننا نتذكر يومي 18 / 10 و18 / 12 من عام 2011، حيث حررت حماس بعد مفاوضات مريرة عبر وسطاء ألفا وسبعا وعشرين أسيرا فلسطينيا وعربيا من ذوي المحكوميات العالية والمؤبدة من سجون ومعتقلات الاحتلال.. ترى لو أن جيشا عربيا أراد أن يحرر كل هذا العدد والنوع من الأسرى - رغم عدم وجود هذا الجيش حتى الآن - ولكن لنفترض أنه وجد ولنتخيل أنه تسنت له كل ظروف النجاح في المهمة.. فكم كان يجب أن يكون عديد هذا الجيش وعتاده؟ وكم رتبة لواء وعميد وعقيد ومقدم ورائد ونقيب كان يجب أن يكون عليه أو يفقد منه؟ ومن أي أرض كان سينطلق؟ ومن الزعيم الذي سيتبناه؟ ومن من أنظمتنا سيقف معه ويؤيده وكم منهم من سيطعنه في الظهر؟ ثم كيف سيكون أثر ذلك على المنطقة لعشرات السنين القادمة؟ لا شك أن الصورة شائكة ومعقدة!!.وإذ نرى اليوم هذا الشريط المصور فإننا نتذكر ما قاله الرئيس الأسبق لوزراء العدو "إيهود أولمرت" عندما قال: "لقد رافقني أسر شاليط ساعة بساعة ولقد اتخذنا قرارات حيال قضية أسر شاليط وفعلنا أمورا لا يمكن التحدث عنها ولكن مازال جلعاد ليس معنا وهذا أمر مؤلم وصعب!". وهو ما أكده رئيس وزرائهم الحالي "المدلل والمتباهي" الذي قال: "جربنا كل الطرق الممكنة لإعادة شاليط ولم ننجح".آخر القول: جميل أن يرى العالم كله رجال حماس كما هم على الحقيقة دون تجهيل ولا كذب ولا ترويج وأنهم مقاومون إنسانيون ومحترمون وعادلون وليسوا إرهابيين ولا عدميين ولا معتدين كما يشيع عليهم أعداؤهم وحاسدوهم.
346
| 07 يناير 2016
سألني بعض الإخوة أن أقول رأينا في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.. فقلت: أرى أن استحضار ذكرى ولادته، صلى الله عليه وسلم، لا بأس به وقد يستحب إذا لم يأخذ شكل العيد الشرعي من عطلة وتخصيص شعائر أو طعام أو رقص وما شابه.. وأقول: ومن يرفضون الاحتفاء بهذه الذكرى فهم يسوقون مجادلات قد تبدو منطقية ولكنها عند التدقيق ليست كذلك.. وغاية مستندهم حجتان، أن هذا الاحتفال مخصوص بوقت من كل عام وهذا – في قولهم - هو المعنى الحرفي للعيد، وبما أن العيد عبادة فلابد من نص لتشريعه وإلا فهو بدعة مستنكرة، وقالوا: إذا كان الاحتفاء بالمولد قربى لله تعالى، فهو علم، إما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغه، أو جهله وهذا انتقاص للنبوة وعلمها.وأقول: أما أنه عيد وبدعة.. فليس هذا بصحيح، فالعيد كمصطلح له معنيان، المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، فالعيد لغة من العود، فهو ما يعود من همٍّ أو مرض أَو شُوق أو نحوه وهو كلُّ يوم يُحتفَلُ فيه بذكرى حادثةٍ عزيزة.. ومنه عود الذهاب للوظيفة يوميا والعلاج المحدد بالوقت نفسه أو الطريقة.. وهذا غير محرم ومنه وإليه ينسب الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف.. وأما العيد اصطلاحا فهو مختص بيومين من السنة يعقب أحدهما رمضان فهو عيد الفطر والآخر في العاشر من ذي الحجة وهو عيد الأضحى.. وليس خافيا أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس أحد الاثنين ولا يشبههما في الشعائر ولا في الطقوس ولا في الاهتمام. وليس صحيحا أن كل عبادة مضافة بدعة، لأن العبادات في الإسلام نوعان، عبادة شعائرية محددة بشكل وزمن ووقت وصفة كالصلاة والصيام والحج وليس الاحتفاء بالمولد منها، أو عبادة عامة شرع أصلها وترك شكلها وتوقيتها لحسابات المصلحة والمفسدة وأرى أن الاحتفاء بالمولد منها.. فأصله مشروع وهو الفرح بولادته صلى الله عليه وسلم ووعظ الناس وتذكيرهم بسنته وسيرته، كما الجهاد – مثلا – فقد شرع أصله وصار القيام به عبادة ثم ترك للمسلمين وولي أمرهم توقيته واختيار أسلحته وأدواته، فلا يأت من يقول إن سلاح الطيران بدعة لأن التنزيل لم يتعلق به.. وأما أن الاحتفاء بالمولد النبوي علم أو جهل.. فليس الأمر بين هذه الثنائية.. فهناك ما سكت عنه الشرع لا عن نسيان ولا عن جهل فتحا لباب الاجتهاد ورحمة بالمسلمين كالمصالح المستجدة والذرائع السبل للحرام وهناك ما أصله مشروع ثم طرأ عليه ما أحاله لحرام، وما أصله الحرام فأحل للضرورة.. وكل هذا لم يتعلق به التنزيل ولم يتحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فالمسكوت عنه قد يكون مباحا أو مستحبا أو واجبا وما يتعارض منه مع الأصول أو المصالح العامة قد يكون مكروها أو حراما.. وعليه فأرى أن الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف إن قصد به تذكير الناس بدين الله وشعائره وسنة نبيه وسيرته، وخلا من البدع فالمصلحة فيه راجحة في هذا الزمان حيث يراد تنسية رسول الله صلى الله عليه وسلم واستصغار مناسبات الإسلام والتجهيل بشرائعه وقيمه.. وأنه لا يصح تنصيب طرائق المبتدعين والخرافيين والمغالين نموذجا أوحد لصورة الاحتفاء بالمولد النبوي ثم بناء الاستنكار عليه بذلك.. ولا ضرورة لاقتناص ظاهر دليل هنا أو هناك أو الاجتهاد في وضع جدليات منطقية لا سند لها من علم أو واقع.. وعلى الكافة ممن يؤيدون الاحتفال أو يعارضونه أن يتنبهوا إلى أن القضية برمتها من فروع الدين لا أصوله وتدخل في باب الاجتهاد وتقدير المصالح والاستحسان وليس التنزيل، ويتنبهوا أن لكل من المعارضين والموافقين وجهته المحترمة التي نحسن الظن فيها، ويتنبهوا إلى أنه لا حرج في القول إن هذا الاحتفال عبادة عامة وقربى عامة وليس من معنى البدعة شيء. آخر القول: إذا كنا خلصنا لجواز الاحتفال بالمولد النبوي، بل استحبابه في هذا الزمان، فإن من الضرورة بمكان أن نحذر من أمرين، من البدع والخرافة وصنع شعائر بعينها لهذا الاحتفال، ومن المفسدين في الأرض الذين يحاربون شرع الله ويخونون الأمة ثم ينافقون بالاحتفاء بهذه المناسبة فيما هم يهدمون ذات الدين وجوهر الرسالة.
1329
| 31 ديسمبر 2015
يحتفي المسلمون هذه الأيام بذكرى المولد النبوي الشريف.. والسؤال، هل كلهم يحتفلون بهذه المناسبة حبا له صلى الله عليه وسلم أم لشيء آخر.. وأقول: بالنظر لواقع حال المسلمين وما تفرقت فيه مشاربهم وغاياتهم وعلاقاتهم بالإسلام والنبوة والوحي وتوافق أو تناقض ذلك مع الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا، فإن من يتقلب على الفجور والفسوق والمعاصي وعلى موالاة أعداء الله تعالى وخيانة أمة محمد طوال العام لا يمكن أن يكون محبا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساعة احتفال في يوم من سنة أو في مرة من العمر.. فالحب طاعة والتزام وتوافق والله تعالى يقول: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ). فمن يحبه صلى الله عليه وسلم يعتز بدينه وميراث نبيه، فلا ينقض عرى الدين ولا يحرض على الثورة على الدين ولا يرفض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعادي شريعته ولا ينقلب على الرئيس المنتخب، معللا انقلابه بأن الرئيس يريد تغيير نظام الحكم إلى الإسلام.. والله تعالى يقول: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين).ومن يحبه صلى الله عليه وسلم يوالي المؤمنين، فلا يتغافل عن فلسطين وقضيتها، وعن احتلال الصهاينة لها واعتداءاته على حرائرها، ثم يمارس حياته طبيعية، فيأكل ملء بطنه وينام ملء عينه ويضحك ملء شدقه، كما لا يتآمر على المسلمين مع الأمريكان والروس والصهاينة والصليبيين، يحارب حربهم ويوالي ولاءهم ويدفع إعلامييه لإنكار قدسية القدس والتشكيك في نسبة مسجدها خدمة للصهاينة وكيانهم.. والله تعالى يقول: (إنما المؤمنون إخوة) ويقول: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير). ومن يحبه صلى الله عليه وسلم ويحتفي بذكراه صادقا يوالي المؤمنين، فلا يلقي البراميل المتفجرة عليهم فيقتل أربعمائة ألف ولا يعتقل مليونا ونصف المليون منهم ولا يهجّر اثني عشر مليونا لمجرد أنهم طالبوه بالعدل وأخلاق الإنسانية ويزيد فيمكّن الكفرة والمجوس من بلده، سماء وأرضا وبحرا وإنسانا وشجرا وحيوانا.. والله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).ومن يحب الرسول، صلى الله عليه وسلم ويحتفي بذكراه يسالم سلمهم ويحارب حربهم، ولا يمول كل حرب على الإسلام ولا يدزز بالشر على الإسلام كل كافر وصليبي وصهيوني وكل منافق خؤون أيا كان الخلاف وأيا كانت المصلحة المتوهمة من وراء هذه الخيانة وهذا الولاء الآثم.. والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين). ومن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتفي بذكرى مولده الشريف، إن كان عالما يسخر علمه في نصرة الحق والصدع به في وجوه الجاهلية.. ولكنه أبداً لا يقول للطاغوت "اضرب في المليان"، ولا يشبهه برسل الله موسى وهارون عليهما السلام، ولا يخاطب اليهود تزلفا بـ(شالوم) ولا يخنس ولا ينخذل عن قول الحق وأعظم الجهاد.. ففي مثل هؤلاء قال تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا). ومن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يغار على أعراض المسلمين ونسائهم، فلا يقدم الفاسقات على المؤمنات المحتشمات ولا يفتك بأعراض المسلمين في أقسام الشرطة والمعتقلات وأحيانا في الميادين والشوارع العامة.. والله تعالى يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). آخر القول: ليس الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حفلة لمدة نصف ساعة أو كلمة يلقيها شيخ كتبها أو حفظها، ولا طعام يقدمه ثري لأهل البدع والخرافة في تلك المناسبة، ولكنه منهج وولاء ووفاء وانتماء وقول وعمل واعتداد واعتزاز وعيش وموت على نصرة نبي الإسلام، صلى الله عليه وسلم ودينه وميراثه وأحبائه والمجاهدين.. فما أقل السمين وما أكثر الغث!!.
461
| 24 ديسمبر 2015
في مقال لهما نشرته جريدة “ الواشنطن بوست ” الأمريكية واسعة الانتشار كتب اثنان من المحللين العسكريين توصيفا للأداء العسكري لكتائب القسام - الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “ حماس ” بأنها “ الأكثر احترافية والأكثر مهارة على كوكب الأرض ، وذلك بعد المعارك الأسطورية التي خاضتها ضد الجيش الصهيوني الذي يصنف على أنه خامس أو سادس أقوى الجيوش في الكون ، وبحسب المقال فإن “ حماس ” تطورت كثيرا عام 2008 أثناء العملية “ التي أطلقت عليها المقاومة اسم " معركة الفرقان " وفي ضوء هذا المقال وما خلص إليه ؛ أقول : ليست المواجهة العسكرية وفروضها المادية والنفسية وما نتج عنها على أرض الواقع هي كل ميزة حماس وإن كانت هي الأهم بالنسبة لها كحركة مقاومة نصبت نفسها لهذه المواجهة وصارت أهم نجاحاتها ما تحققه من تكسير وإفشال لمخططات وحروب العدو ، وهي الأهم بالنسبة للكاتبيْن ذويْ الثقافة والاهتمام العسكري ؛ لكن إبداعات حماس وقوتها وتفوقها – في تقديري - أبعد مدى وأكبر أثرا من أن تختزل في سبب واحد أو في محصّلة نهائية واحدة .والحقيقة أن حماس – وكتائبها – قد أبدعت في مواجهة العدو وفي تكسير هيبته وفي تجاوز فروق القوة النسبية معه لعدد من الاعتبارات ؛ أحدها الذي تناوله المقال المشار إليه .. لكن إذا أردنا أن نلتفت إلى الأسباب التي أدت لهذا التفوق الذي تتمتع به حماس وأوصلتها إلى الجدارة والحرفية – كما أشار المقال - فإننا حينئذ لا نتجاهل جملة حقائق تعلقت بها قوة حماس وإنجازاتها .. وأهمها من وجهة نظري :أولا : أن حماس صاغت علاقة صحيحة مع الشعب الفلسطيني وطوت خطابا إعلاميا يستوعب كل الشعب الفلسطيني ؛ خطابا إسلاميا عموميا وطنيا جامعا وقوميا صريحا بعيدا عن لغة الفئوية والفصائلية والتلاوين الفقهية والخلافية ، وبعيدا عن الإسلامي العائم على بحر التناقضات التأويلية والفقهية والسياسية .. ومن خلال تقديمها استراتيجية إعلامية تعالج كل عناوين الصمود وتتناول اعتبارات المقاومة ، وثوابت القضية ، وتبرير المقاومة ، وحشد الرأي العام لدعم جهودها .. هذه العلاقة حاول العدو وأذنابه دائما تشويهها مرة بالحصار التحريضي ومرة بالفتن الداخلية ومرة بالدعايات المسمومة لكنها ثبتت واستقرت أمام هذه المحاولات التي باءت بالفشل بقدر ما فشل العدوان نفسه .ثانيا : أن الصورة الأخلاقية العامة لحماس جمعت كل أسباب النصر والثبات من ارتباط بالعقيدة الصحيحة والتزام بالفكر الراشد والسلوك المحترم والتزام المبادئ والتمسك بالثوابت في حين أن غيرها يعانون التهرؤ وصاروا يساومون على كل شيء وصار التميع السياسي والكذب لديهم ذكاء وواقعية وفذلكة .. 3- وإعادة حماس القضية إلى بعديها الإسلامي والعربي وإعادتها المعركة لرايتها وشعارها الموضوعي وربطها بتاريخ الصراع صفْوا من النعرات وخلْوا من الجاهليات والتغريبيات والتشريقيات في زمن يعج بالصراعات القومية والإثنية والمذهبية التي تقسم الأوطان المتحدة وتفكك القيم المؤتلفة .ثالثا : أنها جمعت بين أربع تقنيات ؛ تقنية الجيش التقليدي وحيازة وتركيز مناطق نفوذ ، وتقنية حرب العصابات بمنطق الكر والفر والمبادرة والمناورة ، وتقنية صناعة الجندي الممتاز عقيدة وقيما وسلوكا ودربة ، وتقنية الذاتية في التسلح والقرار وعدم الخضوع لاعتبارات الديبلوماسية المحكومة بالقوى الإقليمية وسياسة المحاور .. هذه التقنيات التي جمعتها حماس وكتائبها المقاتلة هو ما لم تحمله نظمنا الرسمية حتى الآن على محمل التنبه والجد ونحت بدله إلى الخوف من جيش العدو والهبوط أمامه وأحيانا إلى الدنية والمؤامرة معه .رابعا : يضاف إلى ما سبق أمر في غاية الأهمية وهو متعلق بالعدو ذاته وكينونته النفسية والفكرية وهو ضعف جبهته الداخلية أمام الخسارات ، فالصهاينة إنما يأتون للكيان بدافع تحسين أوضاعهم ودعم مشروعهم السياسي المنتصر أكثر من أن يكونوا مؤمنين بالتضحية والفداء أو طامعين بالفوز بالجنة أو مؤمنين بحق تاريخي .. لذلك وجدنا العدو لا يحتمل أسر جندي واحد ، ووجدنا المستوطنين وهم الأكثر بين الصهاينة تزمتا وتطرفا يسعون في كل الحروب والأزمات الأمنية للهجرة المعاكسة .. آخر القول : إن حماس اليوم هي التجسيد الواقعي لقول الله تعالى في سورة الصافات ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ) وما وفقت إليه فيما مضى حقيق أن توفق إليه فيما يأتي إن ظلت على ما عهدناها وهذا حري أن تحرص عليه وأن تعتز به ..
239
| 17 ديسمبر 2015
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4308
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2091
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1794
| 04 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
1605
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
960
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
687
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
672
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
645
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
567
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية