رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في ذكرى مجازر يوم 14 أغسطس 2013 وما بعده التي ارتكبها عسكر السيسي في مصر ضد الشرعية وأنصارها، وما ترتب على ذلك من إرهاق لمصر وتخريب لانسجامها الوطني.. أود أن أتناول هذا الحدث الكبير والمؤسف من زاوية موقف بعض القيادات الدينية ورموز الفتوى الذين أيدوا ما جرى وما ساقوه أو يسوقونه من حجج على أحقية تأييد غدر السيسي ومباركة جرائمه. وفي البدء لابد من التنويه إلى أن السيسي وأشباهه ونظائره من أفاكي هذا الزمان لم يختلفوا عن كل المستبدين عبر كل التاريخ، فهم يرفعون شعار الدين ويستعملون سطوته وأثره على الضمائر لصبغ توجهاتهم وآرائهم ودعاياتهم اللادينية به. ذلك أن الإسلام هو أحد أهم المكونات والمؤثرات الوطنية والسياسية والثقافية لمجتمعاتنا.. وهذا المؤشر بقدر ما هو دليل على جدارة وصدارة الدين وتعلقه بحياة مجتمعاتنا وتأثيره فيها هو أيضا امتهان للدين وانتقاص لقداسته وفتنة للناس عن أحكامه ووصم له بالتناقض لتصدق عليه مقولة (الدين أفيون الشعوب)، خاصة عندما تتجاوز الفتاوى الجانب النظري من الموقف تجاه فريق أو طائفة إلى الإفتاء باستباحة دمائها وأموالها وأعراضها في مصادمة جلية ومباشرة لمنطق الدين ونصوصه ومقاصده الأصلية. لنعد لأصل القضية ولندقق النظر في مواقف أولئك العلماء ومشاهير الوعظ الديني الذين امتطاهم السيسي أو تمنطق بهم للعدوان على الشرعية وأهلها ولا يزال.. فقد ساقوا لموقفهم جملة من الأقوال والنقولات الأصولية والفرعية مختصرها في ثلاث (إن مرسي لم تنعقد له بيعة صحيحة، وأنه سفيه محجور عليه ولا ولاية لمحجور عليه، وأن أنصار الشرعية خوارج بغاة تجب مقاتلتهم) وأقول: أما أن مرسي لم تنعقد له بيعة؛ فهذا كذب وافتراء وبهتان لم يقل به حتى السيسي نفسه، وقد كانت خمسة استحقاقات انتخابية دستورية شعبية وليس واحدا (هي انتخاب الرئيس ذاته ثم الاقتراع على تقديم الانتخابات البرلمانية على وضع الدستور، وانتخاب مجلس الشعب، وانتخاب الشورى، ثم الاقتراع على الدستور نفسه)، فإن لم تعط كل هذه الانتخابات والاقتراعات شرعية لمرسي فهل عليه أن يأخذها من انقلاب كانقلاب السيسي، ومن دعم كدعم آشتون وإسرائيل وأمريكا ؟ وإذا أخذت شعوب العالم بهذا المنطق فهل يبقى نظام في الدنيا كلها شرعيا؟ وأما أنه لا ولاية لمرسي لأنه محجور عليه؛ فهذه أكذب وأخطر فرية وإن استندت لقاعدة شرعية صحيحة.. والسؤال: هل قضى بهذا الحجر قضاء - شامخ أو حتى وضيع - ووفق بيانات طبية معتبرة؛ أم أن رئيس الانقلاب هو من قرر ذلك وقام باعتقاله اعتقالا قسريا غير دستوري ولا قضائي؟ وهل يمكن حينئذ أن ينبني على هذا القرار الانقلابي صحة حجر ثم ترتيب فقدان أحقية الرئيس عليها؟ أليست هذه صنعة غدر يستطيعها كل وزير دفاع ضد كل رئيس وكل ملك وكل زعيم وفي كل وقت؟ أليس لو سمح بذلك لما استقر وال في ولاية أو حاكم في حكم؟ أليس يصح ذلك في الزعيم الأول والثاني وفي كل زعيم وفي كل يوم وساعة؟ فهل يقول بهذا عاقل فضلا عن أن يقول به عالم؟ وأما أن أنصار الشرعية بغاة وخوارج فهذه فوق أنها جهل بالفرق بين الخوارج والبغاة، فهي مضحكة من المضحكات! وإذا كان أنصار الشرعية خوارج فماذا يكون أنصار الانقلاب؟ وإذا جاز قتلهم بذلك فمتى تقف الدماء؟ وإذا أخذ المسلمون بهذا القول الفرية ثم اعتدي على الشرعية؛ فمن ينصرها إذن؟ أليس ذلك هو الخذلان والذل والصغار؟ فأين منه قول الله تعالى (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)؟ وأين منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره"؟، وأين منه مئات النصوص ذات نفس الدلالة الواضحة المحكمة وعلى ذات المعنى؟ آخر القول: كما في كل الشعوب يوجد في المصريين من يؤيد الطاغية من المارقين دينيا الشائهين وطنيا الذين يرضون بالفتات، ويدورون على كل الموائد.. ولكن الذي تجب مقاومته وفضحه ورفضه هو أن يدور مع الطاغوت وأن يهرف معه قوم يدّعون العلم الشرعي والدين المنصص؛ فتلك هي الجريمة الدينية والسياسية!
249
| 18 أغسطس 2016
إعلان حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في 15 يوليو الماضي بأنها تعتزم القبول بإجراء الانتخابات البلدية الفلسطينية المقررة في الثامن من أكتوبر القادم بعد أن كانت أعلنت عدم نيّتها خوض هذه الانتخابات قد شكل مفاجأة كبيرة لمنظمة فتح ثم لسلطات الاحتلال الصهيوني على حد سواء. أما قيادة حركة فتح فهي تخشى هذه الانتخابات، فالتجربة والتحليل تقولان إنها غير معنية جديا بها، بالأخص وهي تعلم أن شعبيتها في الشارع الفلسطيني لا تسعف لها فوزا ولا تستر لها وجها..نعم عباس قررها ولكن لأنه كان يسعى بها لتعلية أنصاره على أنصار عدوه (محمد دحلان) الذي تجتهد بعض الدول الإقليمية مع الكيان الصهيوني في تأهيله لفرضه عليه لهذا المنصب – وأيضا قرارها على توقع أن حماس لن تشارك فيها قياسا على عدم مشاركتها فيها العام 2012. الاحتلال هو أيضا بل أصلا يخشى من انتصار لحماس يتوقعه ويؤكده ويرى أنه سيؤثر على الاتجاه الشعبي نحو المطالبة بانتخابات فلسطينية عامة للرئاسة والتشريعي والوطني، وأن تتغير بذلك البيئة السياسية التي صنعها ورعاها ويستمر في توطيدها وصناعة رموزها وخدّامها من خلالها وتقوم على الفصل عمليا بين الضفة والقطاع وحصار غزة واستهداف وعزل "حماس"، وعلى التعاون التفاصيلي مع السلطة ومنظمة فتح وسلطتها من دون التزامات متبادلة أو أثمان سياسية.. بالتالي فالعدو لديه خشية حقيقية من هذه الانتخابات رغم أنها خدمية وليست أيديولوجية أو سياسية.. خشية على مخططاته وبرامجه لمرحلة ما بعد محمود عباس "أبو مازن". وبرصد تصرفات السلطة في سياق التحضير لهذه الانتخابات يمكن الخلوص إلى أن محمود عباس "أبو مازن" وسلطته وبوحي من إحساسهم بالتورط في القرار ينصب اهتمامهم على تضبيط نتائجها وفي الآن نفسه التحضير لقرار بإلغائها إذا لم يتحقق له ما يريد. فهو يحاول عزل الرؤوس المؤثرة داخل منظمته ممن يخشى أن يشكلوا قوائم انتخابية منافسة وفي هذا الإطار يفهم قيامه بفصل النائبة نجاة أبو بكر وكوادر فتحوية كبرى معها من دون ربط منطقي بوقت أو بسبب أو بمعنى، وما تقوم به أجهزته الأمنية من اعتقالات ضد كوادر حركة فتح وصفها أمين سر الحركة في طولكرم - مؤيد شعبان - بقوله "هناك حملة مسعورة من الأجهزة الأمنية ضد كوادر الحركة دون أساس". وأما في مواجهته لحماس وكمحاولة منه لتفجير الانتخابات فقد أصدر "عباس" مرسومًا رئاسيًا يلزم فيه انتخاب رؤساء بلديات مسيحيين في 11 بلدة فلسطينية على الأقل، وباشرت أجهزة سلطته باعتقال نحو 70 ناشطًا سياسيًا من رفيعي المستوى في الحركة وما يعتقد أنهم من الجهاز الانتخابي فيها. الحقيقة أن الانتخابات والديمقراطية وحرية الاختيار واحترام الرأي العام ومنطق التداول كلها - في بلادنا - مصطلحات - عجماء عمياء صماء بكماء ولكنها لدى منظمة فتح وسلطتها وزيادة على ذلك كسيحة شليلة قعيدة بئيسة.. آخر القول: المرجح أن يلجأ عباس إلى المزيد من الاعتقالات لقادة ورموز حماس مباشرة أو عبر سلطات الاحتلال، وأن يوجه لتصعيد الخلافات والانقسامات داخل فتح ثم فيما بينه وبين حماس بما سيؤول نهاية إلى إلغائها أو إرجائها.. وربما يزيد على ذلك بتحميل حركة "حماس" تسبيب ذلك وهو ما سيؤدي إلى استفحال الأزمة السياسية الوطنية التي لن يكون مسؤولا عنها إلا هو والمركزية التي تستجيب له.
259
| 11 أغسطس 2016
تعيش الأمة هذه الأيام وهم العداوة بين تياراتها الفكرية (الإسلامية والعلمانية والوطنية والقومية والتقدمية والاشتراكية..) ثم بين مذهبياتها وطائفياتها (السنة والشيعة والدروز والنصارى والصابئة واليهود الوطنيين..) رغم الفترات التاريخية الكثيرة التي استطاعت فيها أن تتعايش بسلام ووداد وتفاهم خدم مجموع الأمة ووجودها وسيادتها أكثر بكثير مما تصارعت وتناقضت وأفسدت ذات بينها في القديم والحديث. ولست أنكر هنا أصل الخلاف بين هذه المكونات؛ ولكن الذي أنكره وأستنكره هو أن يصير مستحيلا الاجتماع والتفاهم بينها - في بلادنا - وأن تترجح المصلحة في تصارعها على المصلحة في التلاقي والتعاون وأن يغرق المثقفون والنخبة من كل هذه الأطياف في جدلية صراع يفترض أنه مُصدّر أساسا للعقليات الشعبوية وليس لهم وأن تتحول هذه الخلافات إلى صدامات تناقضية دموية وتكفيرية دائما وأن ينظر كل تيار لأسوأ ما في الآخر وأن يقيسه على صورة ذهنية موهومة أساسا وألا نلتفت للمستفيد من هذا التصعيد غير الواعي. فهلا رأينا وتبصرنا في علاقة هذه التناقضية بالخارج وفي تموقع أعداء الأمة وتوابعهم من النظم الفاسدة المستبدة وعملائهم منها؛ الذين صاروا يلعبون على المكشوف في تحريك هذه النسب والسيطرة عليها وتوظيفها لفسادهم واستبدادهم ومصالحهم وعلاقاتهم ما لم يبق شبهة حجة لمن لا يزالون غافلين أو متغافلين عن المجريات والمخاطر كما وضح ذلك جليا في الانقلاب الأخير في مصر، وفي محاولة الانقلاب في تركيا ثم في التزلف للعدو الصهيوني وقطع خطوات في التطبيع معه. فإن عدنا نبحث عن الصواب في ذلك كله ونتلمس المخرج فثمة حقائق أراها حاكمة في هذا المقام وأعتقد أننا بقليل من التوازن والنظر في المدى لن نختلف عليها.. من ذلك: 1 - أن في كل تيار متهورين موتورين متطرفين عاطفيين تكونت شخصياتهم ومصالحهم على التزمت في التزام الاتجاه وعدم البحث عن القواسم والتلاقيات..هؤلاء يبرزون في البدايات عادة حيث مصلحة كل تيار مستجد أن يبحث عن الفوارق وأن يشكل بديلا يعطيه مبرر الانطلاق والاستجداد.. ولكن هؤلاء يصلحون لفترة وليس أبدًا بالأخص في الأحوال الاستثنائية التي يبحث فيها عن التلاقيات الاضطرارية..مشكلتنا أن هؤلاء يتحولون عادة إلى أساتذة وأبوات مقدسة يمسكون بالقرار ويتشبثون بموقعهم بقدر ما تصير مخالفتهم والتصويب لهم قلة أدب وخروجا على الثوابت وبقدر ما يصيرون عند الأمم الواعية رموزا للبدايات فقط. 2 - أن في كل تيار قلة من عملاء ومرتزقة - وكل تيار يعرف قلته ويستطيع أن يعزلهم وأن يستثنيهم - ولكنه لا يفعل إما لأنهم ينفعونه ويمررون له في جهة ما - غالبا الرسمية - أو لأنهم يناطحون عنه في الجهة الأخرى..مع أن كل التيارات تلتقي على ما لو انشغلت به وكثّرته واستثمرته لم تجد وقتا لسواه؛ فإذا أخذنا مثالا لذلك الصراع القائم بين السنة والشيعة فسنجد الطرفين يلتقون على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحب آل البيت..إلخ، أو أخذنا نموذج القومية والإسلامية فإنهم يلتقون على استقلال الأوطان وعلى العدالة الاجتماعية فضلا عن الإسلام كدين يتردد بين علاقة كلية شمولية عند الإسلاميين أو خصوصية روحية عند العلمانيين. 3 - أن إنهاء الخلافات أو ترحيلها ليس بالضرورة أن يكون بالتنازل عنها أو عن كل الفكر وكل المصالح وعن مبرر الوجود أو بالتطابق مع المخالف في كل شيء..هنا يجب أن تُصعّد مهارات التفاوض وأن توسع مساحات التنازل وأن يرج لفكر التقاسم والنسبية وأن يسود منطق إدارة الأزمة بدلا من منطق الصراع الذي يستطيعه حتى الأطفال. 4 - أن وسائل التواصل اليوم قادرة على معالجة بل إنهاء الكثير من سوء الظن بين التيارات؛ وما الذي يمنع رئيس تيار أو مفكرا فيه أن يتواصل مع نظيره ونظرائه وأن يرتقوا من قلة إلى كثرة ومن فكرة إلى منهجية. آخر القول: أعلم أن ما أطرحه هنا مجرد فكرة نظريتها أكبر من واقعها وجدواها أكبر من إمكاناتها ولكنها مرحلة استثنائية هي التي تفرض التفكير بطريقة استثنائية لجمع الأمة وتخليصها من مصير أسود بتنا نراه رأي العين.
659
| 04 أغسطس 2016
لست أقصد ثلاثي الصاد (الصهاينة والصفويين والصليبيين) الذين خططوا للانقلاب الفاشل ولا أقصد بني عالمان وبنات عوالم ممن فرحوا بالانقلاب قبل أن يهموا ويغموا بفشله وهم اليوم يشقون الجيوب ويلطمون الخدود على خبايا السوء التي خبؤوها وأعدوها في تركيا ثم انكشفت فخاب فألهم وبار جمعهم.. ولكن أقصد فئة أخرى تميزهم ميزتان؛ أنهم حسنو النية طيبون، وأن عقولهم مغشاة وذاكراتهم قصيرة.. لذلك وجدناهم إذ رأوا الانقلابيين مقادين إلى العدالة يعلوهم الصَّغَار ويجللهم العار أشفقوا عليهم وراحوا يستحضرون معاني الرحمة والإشفاق وقاموا يكتبون ما يشعر بتبرمهم وربما رفضهم لما يقوم به النظام التركي في مواجهة هؤلاء الخونة الإرهابيين، وغاب عنهم كل شيء إلا هذه اللحظة وكأن المشهد كله لم يبدأ إلا من هذه الصورة..اليقين أنه لو نجح الانقلاب وتمكن من رقبة تركيا وفعل بها وبالديمقراطية والشعب وأردوغان والطلاب والجامعات والاقتصاد والعلاقات والمعارضين..ما يفعله السيسي بمصر لكنا سمعنا هؤلاء الحسني النية ذاتهم يشتمونه ويقومون الليل يجأرون إلى الله تعالى أن يهلك الانقلابيين وأن يريهم مساقهم إلى المشانق كما هم يدعون ليل نهار على سيسي مصر..فهل أصحاب هذه العاطفة وهذا الفهم يصلحون لتقديم تقدير صحيح للموقف العام وللتعرف على خطورة واتجاهات الانقلاب؟ وهل يصلحون لإطلاق الأحكام على إجراءات وكيفيات مواجهته التي تقوم بها تركيا الآن؟ أم أن الأليق والأصوب أن نقول لهم رحم الله امرأ عرف حده فوقف عنده، وأن القرارات المصيرية والقيم الوطنية لا يصلح لها مثل هذا التبسيط والتسطيح؟لهؤلاء الطيبين الغافلين أقول: لقد حذرنا الله تعالى من الرأفة بزانٍ مسلمٍ وزانيةٍ مسلمةٍ عندما قال {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بـالله واليوم الآخر} رغم أن فعلتهما القبيحة ليست كفرا ولا هي من الولاء للكافرين كما هو الانقلاب الخؤون، ورغم أنهما قد يكونان من الصحابة الأفاضل كماعز والغامدية ولهما قصتان مشهورتان في كتب السيرة والفقه.ولهؤلاء الطيبين أيضا أقول: تعرّفوا على أبعاد الانقلاب وما كان يراد منه؛ وادروا إلى أين كان سيأخذ تركيا والمنطقة، وما كان سيكون عليه الحال لو نجح! أما الطرح الإسلامي فسيكون آخر مطافاته وفرصه قد انتهت وربما إلى مائة سنة قادمة؛ لأن مفهوم الإسلام في تركيا هو النموذج المتبقي الذي يمكن أن يعيش وأن يبدع وأن يعول عليه في مواجهة مفاهيم المغالطة أقصد مفهوم (سلفية من يؤلهون الحاكم) ومفهوم (صفوية إيران التكفيري الدموي) ثم مفهوم (داعش الإرهابي والمتطرف) أيضا؛ وهذا يعني أن نجاح الانقلاب التركي كان سيغرق الأمة إما في بحار الجهل والاستبداد، أو في بحار الدماء التي لا ترقأ، أو سيصنع حالة تدفع لترك الدين كله في سياق حملات متواصلة وممنهجة تسود اليوم لتكريه الناس في الدين وتشكيكهم في ثوابته. وأما تركيا وديمقراطيتها ورئيسها وحاضرها ومستقبلها فلن تكون أحسن حالا مما وقع على مصر التي يحارب انقلابها الإسلام ويتخضع للعدو ويرتمي في أحضان الصهيونية العالمية حتى وصل به أخيرا أن يجري مناوراته العسكرية على استهداف وتدمير وكسر قداسة المساجد.وأما حلف تركيا والسعودية وقطر فالأكيد أنه كان سيضعف كثيرا تحت مطرقة التهديدات الخفية والتلويح بمثل مصير تركيا، وسندان نقص الحليف القوي والثقل التركي، ولو حدث ذلك فهل يتخيل الطيبون ما سيكون عليه حال ثورات الربيع العربي وقادتها وأئمتها الذين وجدوا في تركيا ناصرا لهم ومكانا يأمنون فيه ويتحركون منه؛ وهل يتخيلون ما سيكون عليه حال الثورات المضادة التي ستكون أسقطت تركيا بعد مصر وتونس وبعد أن أغرقت ليبيا واليمن والعراق وسوريا في بحار الإرهاب الداعشي والإيراني وتطرفهما؟وأما فلسطين؛ فهل فكروا في حالها وما سيكون حالها لو نجح الانقلاب ثم انقلب على اتفاق أردوغان مع العدو الصهيوني وتنازل عن مكتسباته، وإذ تسقط القلعة التركية المؤازرة للمقاومة ثم يهتز بقية حلفائها وإذ تعلو بديلا عن كل ذلك دعاية محمود عباس والسيسي والعرب المتصهينة؟آخر القول: ليست كل رحمة عدلا ولا كل قسوة ظلما، وعلى الطيبين المسطحي الثقافة أن يتدبروا ما يقولون وما يكتبون قبل أن يكونوا سهما في يد أعدائهم.
411
| 28 يوليو 2016
كثيرون راحوا يفاضلون بين الشعب التركي والشعب المصري في التعامل مع الانقلابين العسكريين في البلدين ثم انطلقوا يرفعون الشعب التركي وينتقصون المصري ثم يصمونه بعدم الولاء للديمقراطية وبعدم الوطنية وقابلية التفكك وأن من السهل استغفاله وتخويفه.. والصحيح أن نرى الصورة الإجمالية بما فيها من تشابه وتفارق.. وأقول: الانقلابان قام بهما ذات الحلف المتصهين محليا في كل بلد وإقليميا من حوله، وهما كلاهما ينتميان لذات الداعمين الخارجيين مع فارق الصراحة والوضوح في إبراز هذا الدعم تبعا للفارق بين انقلاب نجح فصاروا آباءه وانقلاب فشل فتخلوا ع عنه.فإن ذهبنا نمايز ونفاضل بين الجيش التركي الذي رفض إطلاق النار على شعبه ولم يدس رؤوسهم بجنازير الدبابات ثم قلنا إنه جيش وطني؛ وبين الجيش المصري الذي تسليحه وتنسيقه وميزانيته وتدريبه من أمريكا والذي ولاؤه لمجلس عسكري مخترق وشائه ففعل ما فعل ضد رئيسه وشعبه وبلده فإن لذلك منطقا وحقيقة؛ أما الممايزة بين الشعب التركي والشعب المصري فمن الضيم والظلم اعتبار الشعب التركي أفضل بالكلية والمطلقية، والصحيح أن شعوبنا كلها شعوب خيّرة ومستعدة للتضحية بقدر ما يمكن خديعتها وتخويفها إذا تعرضت في الحالين لذات الظروف والتجارب.وهل ننسى أن الشعب المصري اختار الديمقراطية وأنه انتخب الإسلاميين ومنحهم ثقته في خمس استحقاقات دستورية متوالية في أكثر من ستة أشهر رغم السنوات الطوال من العزل والإشاعة السوداء عليهم؛ أو ننسى أنه عندما وجد ثورته وشرعيته تسرق خرج بالملايين ونام وقام في الشوارع، ثم قدم آلاف الشهداء! يجب أن نفرق بين انقلاب فشل في تركيا فظهرت بفشله قيمة الشعب، وصمت انقلابيوه ولم يتسنّ لهم أن يبثوا دعاياتهم السوداء وأكاذيبهم الإعلامية، وبين انقلاب نجح في إسقاط الرئيس وأصمت هو معارضيه ومن يكشفون زيفه، وشغّل أجهزته الإعلامية والقضائية والأمنية ضد شعبه.كما يجب أن نفرق بين رئيس كأردوغان نجا من الانقلاب فخاطب شعبه بلسان فصيح ومنطق رصين فأثر فيهم ووجههم وحركهم، وبين رئيس كمرسي اختطف من أول يوم وحيل بينه وبين شعبه وحتى في محاكمته جعلوا له قفصا زجاجيا كي لا يسمع منه شعبه كلمة واحدة.فإذا نظرنا للأحزاب السياسية في البلدين ولا شك أن لها تأثيرها في المشهدين ففي تركيا لم نجد سياسيا واحدا ينحاز لنكاياته الفكرية والحزبية الصغيرة ليؤيد الانقلاب أو ينسى عائد الانقلاب على وطنه وتاريخه السياسي كله فكانت أحزابا ناضجة بالمعنى الوطني والقيمي والمهني (على الأقل في حدود الساعات الأولى للانقلاب) في مقابل أحزاب مصرية هي أقرب للديكورية وتستند لارتباطات خارجية أو دعم الفلول أو لسمعات تاريخية، ولكنها لم تفهم الديمقراطية كمكسب تاريخي ولم يفهموا أنهم إن خسروا جولة فإن مكتسبات الحرية والديمقراطية أكبر من الوقوف عند الذاتي الشخصي والذاتي الحزبي.. فكانت انقلابية أكثر من الذين قاموا بالانقلاب أنفسهم وانحطت نفوسهم وأفكارهم من - القادة للقاع – نحو النكايتية والتكتيكية والخؤونية واللا أخلاقية.. فإذا كان للأحزاب دور في صناعة مواقف الشعوب فإن الطبيعي أن تأتي مواقف الشعبين في المشهدين معبرة عن ذلك. من الظلم أن نساوي بين تجربتين؛ إحداهما المصرية وهي السابقة بلا نموذج تجربة أو قدوة، والأخرى التركية اللاحقة التي توفرت لها الخبرة الوقائية.. ففي مصر سهل إخراج الشعب من المعادلة فيما وجدنا أردوغان يتنبه لخطورة ذلك ويصر على الخروج للميادين والبقاء فيها حتى تم القضاء على الانقلاب.أما الأهم من كل ما سبق فهو أن الانقلاب في تركيا وقع ضد رئيس تمكن من الحكم لأربع عشرة سنة حصد فيها النجاحات السياسية والاقتصادية وجمع صورة النزاهة السلوكية والوطنية له ولحزبه ومشروعه فالتقت قلوب خصومه وقلوب مؤيديه على المصلحة إن لم تجتمع على الأيديولوجيا، في مقابل انقلاب وقع على مرسي كي لا ينجح أصلا وقبل أن يثبت في وجدان شعبه القناعة بنظافة مسلكه وحسن نيته وقدرته على الخروج بمصر من مآزقها؛ فاجتمعت كلمة أعدائه بكلمة بعض الذين انتخبوه على وصفه بالفشل.آخر القول: إذا أخذت شعوبنا فرصة تجريب الإسلاميين عشر معشار ما أخذه خصومهم؛ عند ذلك ستلتف كل شعوبنا حولهم وستقدم الغالي والنفيس في الدفاع عنهم وعن مشروعهم، ولن نكون بحاجة لإقناع أحد بأن كل شعوبنا خيّرة بذات القدر.
352
| 21 يوليو 2016
واضح أن جوقة من العرب الرسميين - مناصب حالية ومناصب سابقة - والشيوخ المتذيلين لهم فتنة وجحودا يحاولون استهداف سمعة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإذ لم يجدوا ما يبررون به ذلك قاموا يفترون أو يلصقونها بداعش وأمثالها، أو يتذكرون تلك العمليات الاستشهادية التي وجدت في فترة ما من تاريخ الصراع مع العدو والتي كانت في وقتها إبداعا حقق إنجازات كبرى وصنع توازن رعب مع قدرة العدو على استهداف المدنيين. اللافت أن هذه الحرب الإعلامية على "حماس" والتي لا سياق ولا سباق لها تتسق مع اتهامات إيرانية أخرى تستهدف سمعتها أيضا ويبدو – من هذا التساوق – أنها محاولة لصرف الرأي العام الذي تعنيه سمعة "حماس" عن النشاط الدبلوماسي والأمني الصهيوني للنفوذ في إفريقيا ومساعيه الجدية والمحمومة للسيطرة على منابع النيل وجريانه ورهن أكثر من 250 مليون نسمة حوله من المسلمين وتهديد حياتهم وزراعتهم وعيشهم.. وأقول: أما الذين يطعنون في سمعة حماس ويفترون عليها فيكفي أنهم في صف يهود الموالين للعدو وأن سهامهم تنطلق من ذات الجهة وإلى ذات الهدف، وأن فيهم وفي أمثالهم قال الله تعالى (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين).وأما "حماس" فيكفيها أن يكون هؤلاء خصومها، وأن تكون من الأرض المباركة التي فيها الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خالفها أو خذلها.. ومن تكون هذه الطائفة سواها وسوى أمثالها من المقاومين الإسلاميين الذين حققوا ما يشبه المعجزات وما لا ينسب إلا للكرامات الخارقة والمنح الربانية الباهرة والذين قدموا التضحيات من اللحم الحي للقادة والمؤسسين قبل عامة المجاهدين والتابعين لهم بإحسان. أليس من الكرامات والإبداعات أن يكون مؤسسها رجلا قعيدا كسيحا لو سقطت ذبابة على أنفه لعجز عن طردها؛ ثم يكون إن تكلم تسابقت وكالات الأنباء وأجهزة الإعلام العربية والأجنبية متعاطفة معه أو مؤطرة ضده لنقل ما يقول وجعله الخبر الأول في يومها ذاك؟أليس من الكرامات والإبداعات أن هذا المؤسس وبعد كل هذه المسيرة من المجد والشرف والمقاومة وإذ تقرب وفاته ويصبح موته على فراشه كما يموت المرضى والزمنى قاب قوسين أو أدنى إذ بالشهادة تركض إليه ركضا وتأتيه طائعة باسمة فيلقى الله تعالى صائما قائما مقبلا غير مدبر بعد أن ورّث لأمته حركة ملأت الأفق عزما وعدلا وعنفوانا وثورة؟أليس من الكرامات والإبداعات أنها أعادت للأمة شرفها وللقضية قداستها والتئامها وأنها استعادت البعدين العربي والإسلامي للقضية التي أريد لها أن ترصف على أرفف النسيان أو تتورم أرصدة في جيوب الفاسدين المتآمرين؟ أليس من الكرامات والمنح أن قادتها ورموزها لم تمسهم نجاسات الاستبداد والإثراء المشبوه والمصالح الشخصية والعائلية، ولم يسقطوا في الاستفزاز والتحريف الذي يتفتق عنه الذهن الصهيوني المتضافر والمتحالف مع التآمر النفاقي العربي؟ أليس من الكرامات والإبداعات أن كيان العدو بكل ما أوتي وما جهز به من قوة ومن توافر الأسباب وحشد الأتباع والأنصار يعجز عن حسم معركته معها بل عن دخول عشرات الأمتار أمام شبابها وفتيانها الأشبه بالمدنيين، ثم يصرح رئيس وزرائه يوم انسحب من أطراف غزة قبل عامين بقوله سحبت جيشي حتى لا يقتل أو يجرح أو يؤسر، وهو ذات العدو الذي اعتاد أن يكسب معاركه على جيوش كبرى ومؤلفة ومعدة ومعددة في أيام وربما في ساعات؟ أليس من الكرامات والإبداعات أن تكسب "حماس" الرأي العام وأن تقنعه بنهجها الإسلامي الصريح في زمن صار فيه مجرد التدين بالإسلام تهمة وقرينة "للظلامية والرجعية والحجرية والخشبية" فكيف إذا اجتمعت معه المقاومة المسلحة ضد كيان مرعي عالميا ودوليا وللأسف عربيا أيضا؟ آخر القول: لا أجد حرجا من القول إن "حماس اليوم أحد أبرز وأهم تجسيدات قول الله تعالى (وإن جندنا لهم الغالبون) وأن ما وفقت إليه سابقا حقيق وحري أن توفق إليه لاحقا إن ظلت على ما عهدناها وحري أن تحرص عليه، وأما من يشاغبون على سمعتها فالظن أنهم لن ينالوا منها إلا ما أشار إليه قوله تعالى (لن يضروكم إلا أذى).
574
| 14 يوليو 2016
حقيقتان في المشهد الإسلامي اليوم تتعلقان بالتيار الإسلامي وبالأخص منه جماعة "الإخوان المسلمين" وتراهما كل عين ؛ الأولى هي: أنهم قادرون في المجمل على الفوز وكسح جميع المنافسين في أي انتخابات رئاسية أو برلمانية أو نقابية أو بلدية إذا كانت شفافة مهما اجتمع خصومهم أو تفرقوا وأيا كانت دعاياتهم وشعاراتهم فكرية أو إصلاحية أو جهوية، أو كانت تمويلاتهم ورعاياتهم داخلية أو خارجية ورسمية أو لوبيِوية (نسبة للوبي).. أما الحقيقة الثانية: فهي أنهم بعد كل فوز في انتخابات إما يتم الانقلاب عليهم فلا يستقرون في مواقع الفوز كالذي حدث في مصر وتونس، أو يستمرون فيها مع حصار وتهديد وتسبب في تجويع من تحت أيديهم من الناس حتى يمل الناس أو يموتوا جوعا كما في فلسطين (غزة)، أو يستمرون بعد قصقصة مشروعهم وخلطه بالكثير من البؤس العلماني والقومي والقيمي كالذي يحدث في تركيا ؛ وفي المحصلة فإن مشروعهم تحول دائما إلى مجرد أمنيات وأحلام ومثاليات وجدليات نظرية أو مشكلات ومعضلات وصعوبات.. وفي كل الأحوال فإن أفوازهم تبخرت أو دهست أو أنها رفعتهم للسلطة وموضع القرار من دون مشروعهم.البعض يرى أن هذه الحقيقة الثانية تسلخ معنى الحقيقة الأولى، وأن المشروع الذي يعجز عن التحقق ولا يتحول في مدى زمني معقول لواقع حري به أن يتنحى، قبل أن يأخذ نفسه وغيره للفشل الصراح، وقبل أن يفقد بوصلته أو يسحق في مواجهة غير متكافئة، وأن المخرج في أن يخلي الساحة السياسية وينشغل فقط بالمواعظ الدينية البسيطة وينحو كما الكثيرون من التيارات السياسية والإصلاحية التي سالمت وسلمت وخضعت ونجت ورضيت بالفتات القليل.. هذا الطرح يبدو أنه صار يجد هوى في نفوس بعض الإسلاميين الذين راحوا يجتهدون في تبريره وترويجه على تأصيل أن المرحلة اليوم أنسب لقياسها على المرحلة المكية التي تمحورت حول (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة) وتعايشت مع 360 صنما كانت حول الكعبة وليس بالمرحلة المدنية التي كانت فترة الحكم والتنفيذ والمواجهة والتمكين.. وبالمختصر أن على.. وأقول: إن من اعتمدوا هذا التحليل والاستنتاج قد بنوا على مقدمات غير منطقية وهم ينسون الكثير من الحقائق الحاكمة على القضية.فهم يغفلون عن أن حال الأمة ليس واحدا في قربها أو بعدها عن المرحلة المكية أو المرحلة المدنية، كما يغفلون عن أن أعداء الإسلام هم من يروجون لفكرة قص الدين بين المرحلتين المكية والمدنية (13 و10) وأن الاستجابة لهذه القصقصة هي الهزيمة تماما وبالتالي هم يقصدون إعلان الهزيمة في ثوب الإقرار بالواقعية.وينسون أن التيار الإسلامي قد حقق رغم كل المصاعب الكثير من أهدافه والكثير من الإنجازات ما لا يمكن اعتباره هزيمة ؛ وإلا فماذا نسمي الإقبال العام على الإسلام كعبادة وعقيدة وسلوك فردي وجماعي؟ وبم نصف فوز التيار الإسلامي في كل الانتخابات؟ وأين نضع نضج هذا الرأي العام تجاه تحكيم شرع الله تعالى في طول وعرض بلاد المسلمين؟ وهل كان يمكن فضح خصوم الإسلام وأعدائه ومخططاتهم لو لم يكن هذا التيار في عالم المسلمين اليوم؟ ومن كان سيواجه الاحتلالات الأجنبية ونحن نرى الطرح المقابل متهتكا مهزوما ونرى نظما تتفكك في أيام كما حدث لنظام صدام الذي سقط في يومين؟وأصحاب هذا الطرح ينسون أن الأعداء يجتمعون من كل الملل والنحل وأن لهم أذيالا لا تقل عداوة للأمة ومشروع نهضتها عن أولئك الأعداء وأنهم متمكنون في الغالب وبيدهم المال والإعلام وتوجيه الرأي العام في مقابل حركة إسلامية محال بينها وبين الشعوب بالإشاعات والعزل والتشويه والتزوير والبطش.. وهذا كله له قيمة وواقع وموضوعية في تقرير الحالة وما تستوجبه.كما وينسون أن كل الثورات والتجارب التي لا خلاف على نجاحها قد مرت بصعوبات وتقلبت على مخاطر وتضحيات عشرات السنين قبل أن تستقر ؛ بدءا من ثورة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ظلت تحت الخطر لأكثر من أربعين سنة.. وكذا الثورات الفرنسية والإسبانية والفيتنامية والجزائرية والفلسطينية والكوبية.آخر القول: قد يتأخر الإخوان، وقد يتعرضون لخسارات ؛ ولكنهم أبدًا لم يفشلوا، بقدر ما إن مشروع غيرهم لم ينجح، وبقدر ما أنه لا بديل جدي لهم حتى الآن.
554
| 07 يوليو 2016
في الساحة الفلسطينية اليوم مشهدان؛ هما مشهد المؤامرة التي تحوكها -كما يقول السيد "خالد مشعل"، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"- دول عربية إقليمية تعمل على كسر مشروع المقاومة وصناعة وفرض قيادة بديلة للشعب الفلسطيني ثم التحكم فيها وفق مقاسات إقليمية وليس وفق متطلبات ومصالح الشعب الفلسطيني. ومشهد آخر هو إبرام تركيا تفاهما مع الكيان الصهيوني يتضمن تمكينها من نقل جميع المعدات والمساعدات الإنسانية التي ترغب بها إلى غزة عن طريق ميناء أشدود، وبناء محطة لتوليد الكهرباء فيها، ومحطة أخرى لتحلية المياه، وبناء مستشفى جديد، واستكمال مؤسسة الإسكان التركية مشاريعها في غزة، وتسريع إنشاء المنطقة الصناعية في منطقة جنين. أما الذين يتدهنون بالعدو الصهيوني ويغرقون حتى ما فوق رؤوسهم في الولاء له فهم يحاولون صرف الأنظار عما في التفاهم من رعاية للمصالح الفلسطينية ويصوبون نظر الناس على ما فيه من مكتسبات للعدو وتجريده من أي معنى سوى إعادة العلاقة بين تركيا والكيان.وفي مقابل ذلك وجدنا بعض الإسلاميين يعتبرون كل ما تفعله تركيا مبررا لمجرد أنهم يثقون بالرئيس..لذلك أرى أن نضع النقاط على الحروف وأن نقرر جملة حقائق وتنبيهات..وأقول: 1- في المشهد الأول؛ واضح أن المؤامرة التي تحدث عنها "مشعل" هي محاولة تصليح العلاقة بين محمود عباس والقيادي المفصول من حركته والمتهم رسميا بالفساد والقتل والعمالة - محمد دحلان - لإرفاقه بعباس تحضيرا لتسويقه كقائد للشعب الفلسطيني بديلا له. 2– وأما في المشهد الآخر فإن ما حققته تركيا للشعب الفلسطيني من تخفيف الحصار وربط الضفة بغزة وضمان وصول المساعدات في أي وقت دون تدخل من الكيان للحد من تدفقها أو كمياتها فهو ما رفض تحقيقه له محمود عباس ومعه تلك الدول العربية - الشائهة - التي ظلت تحاصر غزة وتراهن على كسر المقاومة فيها به؛ بالتالي فلا منطق لمن لا يرى الجذع في عينه ولكنه يبصر القذى في عيون الآخرين. 3- ولا بد من النظر للعلاقة التركية الصهيونية من خمس نواحٍ؛ الأولى: أنها علاقة سبقت وصول الإسلاميين للحكم بأكثر من ثمانين سنة وأنها كانت على أشد ما تكون العلاقة بما لا يقل عن التحالف المطلق حتى جاء الإسلاميون فلا يتهم بإقامتها الإسلاميون ولا تنسب لهم..الناحية الثانية: أن وصول الإسلاميين للحكم في تركيا هو اللحظة التي بدأت فيها متاعب العدو مع تركيا والتي بدأت تتجه فيه العلاقات بينهما إلى التجفيف وصولا للقطيعة شبه الكاملة، الناحية الثالثة: أن تركيا لم تقبل باستعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني اختيارا وولاء له كما تفعل دول شائهة (ارتزعت) في السلة الصهيونية ولكن تحت ضغط مؤامرة أمريكية روسية أوروبية دولية..الناحية الرابعة: أنها لم تعد هرولة للعدو الصهيوني ولم تتخل عن حركة المقاومة ولكنها فعلت ما تفعله الدول التي تملك إربها وتتمتع بشخصية سياسية محترمة، وأن ما رفضته في الاتفاق لا يقل أهمية عما فرضته وأنجزته.. الناحية الخامسة: أن الشعب الفلسطيني يكسب من هذا الاتفاق مكاسب استراتيجية على رأسها قدرة تركيا على البقاء في المشهد الفلسطيني، وتخفيف سطوة مصر وتحكمها في شريان حياة غزة، وبالتأكيد تقليل قدرة العدو على استهداف حماس في غزة..عبر عن ذلك رئيس الائتلاف الحكومي في الكيان "دافيد بيتان" كما نقلت القناة العبرية الثانية بقوله "إن الاتفاق مع تركيا سيمنح هنية حصانة ضد اغتياله وإن نتنياهو لن يمس به". 4- بقي أن ننوه بأن التفاهم قد حقق للكيان جملة مكتسبات لا يجوز الاستهانة بها، صحيح أنها استوفيت من تركيا تحت ضغط الظروف الموضوعية التي ألجأتها له ولكن ليس من الصواب أن يبالغ إسلاميون في تبريره إلى حد الإشادة به، كما ليس من الصواب نسيان أن العدو الصهيوني يفكر في إغراق غزة في معادلة اقتصادية تصعب عليها أي حرب قادمة. آخر القول: السياسة تعرف الثوابت بقدر ما تعرف المناورات، وتعرف المكاسب كما تعرف الخسائر، والأهم من الدفاع عن أردوغان أو مهاجمته هو الإصرار على الثوابت وبقاء الوعي متقدا وأن ينبني الموقف من أي قضية على الحقائق لا العواطف.
212
| 30 يونيو 2016
قبل تسعين سنة تقدم وزير خارجية بريطانيا من مجلس النواب في بلده بطلب اعتماد اتفاقية "لوزان" التي بموجبها انسحبت الجيوش الغربية من هضبة الأناضول التركية..فلما دخل قاعة النواب قاموا يقرقعون له بالنعال في احتجاج على الاتفاقية التي – في نظرهم- تفوت فرصة إيقاع الهزيمة المبرمة على "الإسلام" لكن الوزير انتظر قبل أن يهدأ الحاضرون ثم يقوم فيقول عشر كلمات تقلب كل شيء فينقلبون بعدها يصفقون له ثم يقرون قبولها..الوزير قال لهم " لقد قضينا على تركيا بقضائنا على أمرين اثنين: الخلافة والإسلام". ومنذ ذلك اليوم بدأ الغرب – بريطانيا يومها ثم أمريكا ومن في محورها بعد ذلك – ينشئون فئة من الناس في بلادنا يدعون بدعاية الغرب ويبثون عقيدته السياسية ويرتبطون به؛ حتى إذا اشتدت المصادمة بين شعوبنا والمستعمر الأجنبي وجاء وقت الاستقلال أبرز هذا الفريق وقدم للواجهة ثم سُلّم الاستقلال وظل مرعيا من تلك القوى؛ ومارس الإرهاب على الشعوب والاستبداد في الحكم ولكن مهمته الأساسية كانت الحؤول دون استعادة الحياة الإسلامية ووصم من يرفع هذه الراية بالتخلف والرجعية والخشبية والحجرية وتم استهدافهم باستخدام مؤسسات الحكم وأجهزة الدولة والإفادة من دعم المجتمع الغربي والنظام الدولي الاستعماري، ثم من حالة حزبية وثقافية وإعلامية وتعليمية مصطنعة ومن أشخاص وميزانيات منتفعة أو حاقدة، ومورس التجديف ضد الإسلام وشوهت الكثير من مفاهيمه حتى صارت هذه مهمته وسبب وجوده ومعيار شرعيته واستمرار الغرب في دعمه.ما فرضه هذا الفريق المتغرب على الأمة وثقافتها وما رهنه من حالها وما ارتهن إليه من الضعف والتآمر أمام الأجنبي قد أنبت في الأمة فريقا آخر لم تكن الحاجة إليه قد برزت قبل ذلك هو "الاتجاه الإسلامي" أو "الصحوة الإسلامية" الذي وجد نفسه في صراع حقيقي مع هذا الفريق على الوجود أصلا ثم على هوية الوجود تاليا، ثم انضوت تحت لوائه مجاميع الأمة وثوابت الدين ومصالح الشعوب وجماعات وأحزاب ومعارضات إسلامية صنعوا خطا عاما تجاوز النظم وسقوفها المنخفضة والحدود السياسية المقسمة للأمة، وكان من أبرز عناوين هذه الصحوة وأسبقها "الإخوان المسلمون" الذين بوسطيتهم في الفكر وسلميتهم في الوسائل وسبقهم وأبوتهم للصحوة قد صبغوها منذ البدايات في 1928 بالوسطية والسلمية.الصحوة الإسلامية كأي حركة تغييرية إصلاحية لا بد أن تعتريها بعض الأخطاء وقلة الخبرة وأحيانا التشدد أو الاستعجال لكن أقسى وأعقد ما أصابها أن يشكل الغرب ذاته وتوابعه في أمتها فريقا من الإسلاميين الشائهين والمخترقين والنفعيين وتجار الدين والمشبوهين ممن انتسبوا للصحوة زورا وبهتانا ليجرجروا الصحوة إلى مزالق الصدام مع النظم ومهالك التناقض مع الشعوب ثم ليشوهوا صورة النموذج الإسلامي الذي يراد للشعوب أن تخافه وأن ترى أي سوء أهون منه.ورغم كل ذلك ظلت الشعوب بفطرتها ومشاهداتها ثم وعيها العام وحصيلة تجاربها تعرف طريقها وتمايز بين الأصيل والمزيف وبين الوطني والعميل، وكلما سمح لها أن تقول كلمة حرة شفافة في هذه الممايزة سواء في انتخابات بلدية أو نقابية أو برلمانية أو رئاسية كانت تختار الإسلاميين؛ كالذي حدث في فلسطين ومصر والسودان والجزائر وتركيا وماليزيا.. آخر القول: الإسلاميون هذا زمانهم والحصيلة العامة واتجاه التاريخ وسنن الله تعالى ووعي الشعوب كلها معهم، وقد آن لشعوبنا ألا تسمح لأحد أن يستغفلها أو يستغلها في أهوائه ومصالحه اللاوطنية بقدر ما آن لخصوم الإسلاميين أن يفهموا أنهم يعاكسون اتجاه الأمة وأن يتنبهوا إلى أن الأمة في سياق الوعي وأنها لن تقبلهم، كما آن للغرب أن يبحث عن معادلات أخرى أكثر سلمية وتعاونا ومصداقية في التعامل مع ثقافتنا وأمتنا.
280
| 23 يونيو 2016
كثيرون نحن مع الناس ؛ قليلون مع أبنائنا وذوينا تواصلا وتعليما وتفاهما ومجاملة ورعاية ، رغم أن أبناءنا لنا دون الناس وهم مشاريعنا ، ولا قيمة للنجاح مع كل الناس إن فشلنا مع أبنائنا ، فإن وسّعنا لهم في وقتنا ، وفسحنا لهم في علاقتنا تعليما وتربية ومناقشة فلسوف نرى منهم إبداعا وتفوقا لم نتوقعه ، وفي المقابل إن ضننا وانشغلنا أو تعالينا جاء يوم فلا محالة فلا نجدهم حيث نريد ولا نجد منهم ما نريد . في جيلنا كان آباؤنا يقيسون تفوق أحدنا بمقارنته مع نجاح أخيه أو ابن عمه أو من خلال درجته في الاختبار أو ترتيبه في الفصل ولكن القياس اليوم صار بنظر إمكاناته النفسية والذهنية وبمقارنته مع أبناء الأمم والملل والنحل والقارات الأخرى ! وفي جيلنا كان المحك الاختباري لذكائهم وتأهلهم هو الاختبار المدرسي لمنتصف العام وآخره ، ومعيار القبول في الجامعات هو معدل الثانوية العامة لا سواه ، وللقبول في مجال العمل بعد التخرج هو الإجابة عن الأسئلة التخصصية ؛ لكنه صار اليوم اختبار السلوك والثقافة العامة واللياقة النفسية وتوازن الشخصية ومحكات الظروف الاستثنائية وتراكم مادة التخصص . فلا تتضجر – أخي الأب والمربي - من مناقشات ابنك ولا تؤنبه أو تقمعه إن خالفك الرأي لأنك إنما تريد الوصول لحقيقته لتعالج أو تعزز ما يلزم من أفكاره وأهوائه . قد يطرح ابنك سؤالا جوابه في كلمات على طرف لسانك ، فإن أهملته أو أجلته تطور لشبهة قد تغير كل منظومته الفكرية ، فتحتاج مناقشات كثيرة وأياما عديدة عساك تعيد تلك الصورة لسابق انضباطها ؛ إن وجدت فسحة في الوقت وقدرة على الإقناع ! أولادنا اليوم يفكرون في مساحات أوسع مما كان في زماننا ، وعناوينهم غير محدودة ، وآفاقهم غير محلية ، ولم يعد الأبوان والكتاب والمعلم والأسرة المحافظة إلا بعضا قليلا وربما غير مقنع من مصادرهم بعد النت المفتوح والإعلام المفتوح والسوشل ميديا المفتوحة والأفكار المفتوحة التي باتت تتجاوز الحدود وتخترق السدود وتلج غرف نومهم بلا استئذان ! تدخل غرفة ابنك لتجده يلعب مع صديق في دولة أخرى وربما في قارة أخرى أو تجد بروفيسورا قد يكون صهيونيا يحادثه ويسوق اتجاهاته عبر ألعاب " الإنترتيمنت " أو عبر مادة فيلمية مليئة بالشبهات والغزو المغلفة بالتسلية أو البحث أو المنطق . أبناؤنا صاروا يطرحون أسئلة وقضايا ويتكلمون بمصطلحات ويهتمون اهتمامات ربما كثيرون منا لم يفكروا فيها أو تمس ألسنتهم أو يهتمون بها إلا بعد سن الأربعين وربما لم يفكروا فيها قبل أن يُسألوا عنها ! من الأسئلة التي صارت تطرح على وسائل التواصل ومواقع الحوار وتحتاج تأملا عميقا وإجابات شافية ، وليست مجرد أسئلة ولكنها شبهات تعلق في الوجدان لتتحول شكوكا وفسادا ؛ من مثل ( إذا كنت أنا مجرد ولدت لأبوين مسلمين فأين العدل الإلهي في أن أدخل الجنة فيما يدخل غيري النار لمجرد أنه ولد لأبوين نصرانيين أو يهوديين ؟ وهل كل اليهود والنصارى كفار حتى من سمع منهم عن الإسلام من شائهين منفرين لم يقنعوه به ؟ ولماذا نذبح الحيوان فنحرمه الحياة لمجرد أننا نشتهي لحمه أو لنسعد بلحمه المعازيم ؟ ولماذا من حق السلطة – من سلطة الأب حتى سلطة الدولة – أن تُكره رعاياها على ما تعتبره واجبات لها أو للدين ولا تترك لهم أن يقتنعوا بها قناعة لا إكراها ؟ ولماذا جاز لنا أن نفتح بلدان الأمم الأخرى أيام الفتوحات الإسلامية ثم نلومهم اليوم عندما يستعمرون بلادنا ويحتلونها ؛ وأين روح العدالة وأين دعوى التواضع إذن ؟ .. إلخ ) آخر القول : لم يعد يكفي أن نناقش أبناءنا في المسلّمات ؛ ولئن لم نتدارك أبناءنا قبل أن تطويهم ثقافة خاطئة ومخلطة فقد نفقدهم إلى الأبد فهل من مدكر ! نعم قد يكون المطلوب منا تجاه أبنائنا كثيرا ، وقد تكون نتائجه غير مضمونة .. ولكن ذلك لا يعني ترك الأسباب وأن يكون على قمتها تقوى الله تعالى وإطعامهم لقمة الحلال .. والله تعالى يقول ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ) .
590
| 16 يونيو 2016
نقصد بالحركة الإسلامية ( كل الحراك الإسلامي من دعوة واتجاهات وأحزاب ورؤية تشكل بمجموعها تيار الدعوة للحياة الإسلامية في مجالات الدين والدنيا ) دون أن نفرق – في هذه اللحظة - بين الإسلاميين من متطرف أو متساهل ومن أصيل أو عميل ومن رسمي أو غير رسمي منهم .. فالحركة الإسلامية بهذا القدر من المشترك التأصيلي والأيديولوجي والمصلحي هو ما يعنينا أن ننظر في سياقه وفي توظيفه وأن نصوبه وننقيه حماية لجناب الإسلام ثم لمنجزات الحركة التي لا يجوز أن يجلب بعضها على بعض الفشل والفتنة أو ينقلب عليه .. وأقول : على الحركة - ابتداء - وعلى المستوى الوطني أن تتجه إلى العمل في المشترك مع المجتمع ومع المنافسين داخل البيت الإسلامي وخارجه .. الأكيد أن هذا الاتجاه ليس سهلا ميسورا من حيث القدرة عليه ، ومن حيث نتائجه غير المضمونة في ظل وجود جهات مهتمة بإفساد ذات البين ، ولكنه يبقى الممر الإجباري لسلامة الجميع ونجاحهم . والأكيد أنه عندما تقترب الحركة الإسلامية مع الطيف الفكري والوطني من مخالفين ومنافسين فستتقارب المبادئ وتحكم المجاملات ويتحول الاتجاه إلى التنازلات ؛ عند ذلك يصير على الإسلاميين أن يحذروا من التخليط وتمييع المفاهيم في الصورة الداخلية لعقيدتهم وأهداف حركتهم ، ويصير عليهم بدلا منه التوسع في هوامش الترحيل والتدرج والتقديم والتأخير . وبما أن " الإخوان المسلمون " هم الرأس في الحركة الإسلامية اليوم وهم الجماعة الرائدة العالمية الواسعة التي تتجاوز الحدود الإقليمية والسياسية وتجسد الإسلام الوسطي المتوازن المرشح أن يسود ويقود ؛ ولهم تجربة في النجاح والإخفاق وفي الوصول للحكم والنزول عنه فإن جملة من المعاني يجدر التنويه لها والتوقف عند مراجعاتها وعلى قاعدة أنهم مخلصون ومظلومون ( ففصل الدعوة فيها عن العمل السياسي المباشر يبدو أنه صار قضية جديرة بالدراسة لتكون الدعوة ماكينة التفريخ للسياسة فيما تصير السياسة مصد الصدمات عنها ، وبالنظر لانشغالهم بصناعة النخب على حساب الشعبية فلا بد من العودة للجهوية والعمومية ولكن مع عدم الارتكاز في الجهد الأصيل إلا على الأنوية الصلبة . وبالنظر إلى الاستراتيجية التي استخدمها الانقلاب ضدهم في مصر فإن ثمة ما يجدر أخذه بنظر الاعتبار من ذلك ( أن يتنبهوا إلى أن ما يبدو فرصة قد لا يكون إلا منزلقا خطرا وفخا مسمما ، وأن لا يتحرجوا من القبول بالديموقراطية كبديل عن الطاغوتية والاستبداد ، وأن لا يتحرجوا من الولاء للوطنية التي تأتي في مقابل اختزال الوطن في شخص أو في حزب مغشش ، ولا ضرورة للبدء أو الدوران حول معنى الخلافة العامة أو جعلها أولوية لأن الخلافة ليست مجرد كلمة تقال ولا هي الخطوة الأولى ) . وبما أن إحدى استراتيجيات أعداء الحركة الإسلامية تقرير صورة ذهنية عنها عبر الإلحاح الإعلامي بأن الإسلاميين حيثما حكمت جماعتهم أو تمكنت فإنها تقترن بجلب الحصار العام والتورط في الدماء وفي الاستبداد والفردية ؛ من هنا فإن على الحركة حيثما تمكنت أن تتجنب الصراعات قدر الإمكان ، وأن لا تعطي الانطباع بأن التغييرات ستكون كثيرة وشاملة ، وأن تغير فكرة أن الإسلاميين يفهمون صناعة الموت ولا يفهمون صناعة الحياة . وإذا كانت تتعاظم لدى الإسلاميين منظومة المحرمات والمكروهات ، ويروج لدى عمومهم أن التدين يتناسب عكسيا وتناقضيا مع اللذائذ وشواغل الدنيا ويتناسب طرديا توافقيا مع إظهار التقشف والزهد والابتعاد عن الرأي العام ، وهذا يجافي بينهم وبين عامة الناس وصيغ الحياة اللذائذية السائدة والفكر الاستهلاكي ؛ فلا بد من التصالح مع المجتمع من خلال تقليل عدد الثوابت وأطوالها وارتفاعاتها وزيادة مساحة الترفيه والودادة ولغة الانفتاح والتسامح كلما وجدوا مندوحة لذلك في تأويل نصوص التنزيل وفي فتاوى الشريعة واجتهادات المُحْدثين . وبالنظر لقيادات الحركة الإسلامية والمؤثرين فيها فإن الملحوظ أن معظمهم ينتمون لجيل مواليد أواسط القرن الماضي ومن برزوا وتألقوا في سبعينياته وثمانينياته وبعضهم لا يحسنون التعامل مع وسائل الاتصال والتواصل الحديثة ما يبعدهم عن مصادر ثقافة موسوعية فالجدير تجديد الدماء بعنصر الشباب في التنظيم والإدارة والقيادة والتخطيط والتنفيذ ، وعدم التمترس وراء نرجسية أستاذية بعض الأبوات أيا كان قدرهم وسابقتهم . آخر القول : الأكيد أنه لا يمكن في مقال واحد جمع كل الوصايا والعبر مما تتعرض له الحركة الإسلامية ، ولكن ما حدث حتى الآن إنما يؤشر على ضرورة إجراء مراجعات حرصت على المساهمة فيها برأي ..
271
| 09 يونيو 2016
اقترب منه بيل كلينتون وهمس في أذنه قائلًا أرى فيك زعيما مستقبليا لشعبك، وفي قمة "شرم الشيخ " في العام 2003م طلبه بوش الابن باسمه ليصافحه..مما يعكس حجم المكانة التي يتمتع بها لدى الإدارة الأمريكية، وجعله لا يرى نفسه إلا الرجل الأول ثم انتهى به المطاف مطرودا من كل مؤسسات فتح والمنظمة وها هي إسرائيل ثم أذنابها في المنطقة يحاولون اليوم استعادته للقيادة وتنويبه لعباس.. إنه "محمد دحلان". فمن محمد دحلان؟ وكيف برز نجمه؟ ولماذا طرد من فتح؟ ولماذا يحاولون إحياء رميم عظامه الآن؟ ولماذا الآن تحديدا؟ ثم هل له من فرصة حقيقية؟ وأقول: أما من دحلان؟ فهو شخص إشكالي في الشعب الفلسطيني، تقول سيرته إنه نرجسي متخبط يغرق في اللحظة وينسى المقايسات الكبيرة، وتقول التجربة إنه يتخذ الخط العدائي لحريات الشعوب ويرفض كل رؤية إصلاحية، أما العلاقات الخارجية فهو يصوغها من دون أبعاد سياسية إستراتيجية تقلل نقاط الضعف وتحافظ على نقاط القوة، وهو من النوع الذي يفتعل الأزمات ليصنع لنفسه دوْرا، ولا يتردد في الإخلال بقيم الانسجام الوطني والإقليمي ثم العربي حيثما وجد، وهو يستسهل الصدام مع التيارات والحكومات من دون أدنى دبلوماسية أو دراسة تخطيطية لحال أو مآل. وأما كيف برز نجمه؛ فقد كان بروزا مصنوعا بل مشبوها؛ فالرجل لم يعتقل إلا بضع مرات أوائل الثمانينيات؛ بالتالي فهو لا يزيد على حال مئات آلاف الفلسطينيين في ذلك؛ ولكن المثير هو أن الاحتلال أبعده لتونس فصار قريبا من صنع القرار الفلسطيني آنذاك، وليعود بعد تأسيس السلطة ليصير رئيس أفعل جهاز أمني في غزة ضمن اتفاق مع الاحتلال، ثم ليوظف هذا الجهاز بشكل فج ضد شعبه ومقاومته، فتجاوز به ذلك السلطة وإمكاناتها كما أشرنا في المقدمة.وأما لماذا طرد من فتح؛ فالبعض يعزو ذلك إلى ما تتهمه به القيادة الفلسطينية من العمالة والفساد؛ فعرفات اتهمه بذلك وعباس اتهمه به أيضا؛ وليس هذا –في تقديري– سببا كافيا، فللرجل أمثال وأشباه كثر ظلوا حيث هم في امتطاء القيادة والقضية دون أن يقترب منهم أحد؛ بل إن دحلان هو نفسه لم يطرد إلا بعد عشر سنوات من الدلائل والتهم والفضائح؛ لكن السبب المرجح والأكثر منطقية هو أن تصرفاته خارج نطاق القيادة واستقواءه عليها ومحاولاته التجيب والاستقطاب ضدها هو الذي تراكم حتى شكل جلطة دموية في شرايين القيادة -بالمصطلح البيولوجي- وجعل طرده الوقاية الأنجع والسلاح الأوحد لإحباط مؤامراته..وأما محاولات إرجاعه الآن؛ فلأن عباس قد بلغ عتي الكبر وأواخر خريف العمر، إضافة لتصريحاته الأخيرة التي توصف بالكارثية وتمنعاته في ملف المفاوضات وكسبه نقاطا دولية على الاحتلال.. كل ذلك دفع حلفاء دحلان للجمع بين ضرورة توقي غيبة مفاجئة لعباس قد تودي بالسلطة، والرغبة في استبداله بدحلان المصنوع أساسا لهذا الموقع؛ فقاموا يحاولون إعادة تأهيله وحمله على أكتاف عباس رغم كل ما بين الرجلين.. بقي أن نتحدث عن فرصة دحلان؛ وأرى أنها فرصة صغيرة وربما معدومة، كما أرى أن الذين يدعمونه لا ينحون هذا المنحى كخيار حر بقدر ما هم مندفعون بعدم توفر البديل وبقدرتهم على إجبار القيادة الفلسطينية على ما يقررون.والظن أن عباس يعرف أن اقتراب دحلان منه هو حبل المشنقة الذي يراد لفه حول عنقه وسيظل يناور ويداور ويرفض وربما يقع المحذور والمحظور قبل أن يتمكنوا منه، والظن أيضا أن تبوؤ دحلان لموقع الرئاسة لن يسلم له في ظل وجود أقران له في القيادة ضيقي الأجواف مولعين بالنكايات الصغيرة..أما اليقين فهو أن وجود دحلان في القيادة الفلسطينية بهذه النسخة لن يكون إلا سببا في المزيد من التشتت والتوهان والانقسام وتحكم الغرباء والمشبوهين في مصير الشعب الفلسطيني.آخر القول: سيشهد التاريخ أن أخبث ثمرتين للمشروع الغربي الصهيوني في مواجهة ثوراتنا هما السلطة الفلسطينية التي صنّعت لمواجهة الثورة الفلسطينية، وداعش التي وجدت على حين غرة لتبرير رجوع أجهزة القمع الخؤونة؛ وفي هذا السياق يفهم لماذا يدعم عودة دحلان ذات الذين يدعمون جرائم بشار وحفتر والساسي.
653
| 02 يونيو 2016
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4221
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1848
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1761
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1611
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1422
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1161
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
903
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
657
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
621
| 04 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
549
| 07 ديسمبر 2025
ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...
498
| 03 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية