رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رابطة حقوق الإنسان في تونس: المؤتمر والمستقبل ؟!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم يشهد مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ذلك الاهتمام الذي يليق بمنظمة حقوقية في حجم الرابطة ومكاسبها ونضالاتها، خلال ما يسميه التونسيون بـ "سنوات الجمر"، زمن حكم بن علي، حيث كانت هذه المنظمة -على قلة مناضليها الفاعلين- الصوت المرتفع إزاء آلة القمع النظامية، وأدواتها المناهضة للحريات بكافة أشكالها، ولكنّها -وهذا الأهم- الحاضنة لعذابات النخب والمناضلين السياسيين بمختلف أطيافهم السياسية والفكرية والإيديولوجية.. وبقطع النظر عن القيادة الجديدة التي أفرزها المؤتمر السابع للرابطة، الذي التأم نهاية الأسبوع المنقضي، فإن مخرجات المؤتمر، لم تكن في الحجم الذي توقعه المراقبون، بل الرابطيون أنفسهم.. فقد كانت النتائج التنظيمية وما تعلق بتوجهات المنظمة في المستقبل، دون المستوى المأمول..ولدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في الهزيع الأخير من القرن المنقضي، عندما بدأ نظام بورقيبة يتراجع، وترتفع الأصوات من داخله منادية بالإصلاح السياسي، وبالتعددية السياسية، كجزء من الشروط الأساسية للحفاظ على الدولة التونسية المعاصرة، وعلى استقرار الحكم.. وكان من بين مؤسسي الرابطة، عدد من الرجال الذين خرجوا عن جلباب الحكم، وقدّوا لأنفسهم مسارا جديدا، عنوانه الأبرز، دمقرطة الحياة السياسية، و"لبرلة" (من الليبرالية) الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وترسيخ الحريات.. وجاء تأسيس الرابطة في نهاية سبعينيات القرن الماضي، كأولى مهمات خلخلة البنى السياسية والفكرية والهيكلية لنظام الحكم.. وارتبط ظهور الرابطة، بالشرخ الذي حصل صلب الحزب الحاكم (الحزب الاشتراكي الدستوري)، وخروج مجموعة "الديمقراطيين" التي نذرت مواقعها وتاريخها لصالح التأسيس لمعطيات سياسية جديدة في البلاد.. ورغم رفض بورقيبة وحزبه لذلك، إلا أن هذه المجموعة نجحت في كسر جدار الخوف الذي هيمن على الدولة والمجتمع طيلة ثلاثة عقود ونيّف من تاريخ استقلال الدولة الوطنية..شكلت الرابطة منذ تلك الفترة، القلعة التي استعصت على بورقيبة، وأربكت حكم بن علي لاحقا، وكانت الشوكة الدائمة في حلقه، فلم يغصّ نظامه مطلقا، إلا بالرابطة ومواقفها ونضالاتها، وبخاصة شبكة علاقاتها الدولية، التي كانت الحصن الواقي لمسار المنظمة واستمرارها..لا شكّ أن الرابطة لم تكن موفقة دائما في قراراتها ومواقفها وتوجهاتها، ومن هنا لحظات الضعف التي انتابتها، لكنّها عرفت لحظات قوة شهد بها الخاص والعام، في الداخل والخارج، إلى الحدّ الذي جعل تاريخ تونس المعاصر مرتبطا بتاريخ هذه المنظمة، وظلت نضالاتها، علامة فارقة في الذاكرة التونسية، يذكرها النظام، فيلعنها في السرّ، ويشيد بمناقبها في العلن، وتتذكرها الحركة الديمقراطية والحقوقية في تونس والعالم العربي، فلا تملك إلا أن تحيي هذا الهيكل رغم كل الاختلافات والتباينات التي يمكن أن تسجّل معها أو ضدّها، ويكفي القول في هذا السياق، أن الرابطة، كانت أول منظمة حقوقية تنشأ في العالم العربي وفي القارة الإفريقية، بما جعلها أيقونة بين الحركة الحقوقية العربية والإفريقية..لكنّ الرابطة التي تستعدّ للاحتفال بمرور أربعين عاما على تأسيسها، تبدو اليوم، بعد ثورة يناير 2011، وكأنها منظمة تبحث عن نفسها، وسط مناخ جديد من الحريات، وسياقات جديدة من الحياة الديمقراطية، كان الرابطيون يتمنونها، فإذا هم يرونها رأي العين في واقع تونس اليوم، مما جعل الرابطة قليلة الحضور في الحراك الحقوقي والمنظماتي، رغم مشاركتها الفعالة في الرباعي الذي قاد الحوار الوطني..تبدو الرابطة اليوم، بحاجة إلى تصورات عن دورها "الجديد"، وتحالفاتها، وطبيعة علاقتها بنظام الحكم، والطيف السياسي في البلاد، بعيدا عن أي توظيف، سواء اتخذ رداء سياسيا أو إيديولوجيا أو حزبيا، وأخذًا في الاعتبار، التحولات التي تشهدها الحركة الحقوقية العالمية، في فكرها وهيكلتها وبعدها المستقبلي..ستظل الرابطة على هامش المشهد التونسي اليوم، إذا لم تجب على إشكاليات أساسية أبرزها: مسافتها مع الحكم ومع الأحزاب، خصوصا اليسارية منها، ورؤيتها لأحزاب اليمين، وبخاصة الأحزاب التي توصف بـ"الإسلامية"، وموقفها من النظام القديم الذي قامت ضدّه ثورة، وهو يعود اليوم للمشهد بذات الشخوص والفعاليات، وربما بعض الممارسات اللاحقوقية التي واجهتها الرابطة منذ أربعين عاما، وهي تكتفي اليوم بالتعبير عن موقفها منها، ببيانات لا تسمن ولا تغني من جوع.. المهمة ليست هيّنة، بل هي صعبة ومعقّدة، لكنها ليست مستحيلة على الرابطة التي تملك جميع مقومات النهوض الجديد، إذا ما حافظت على استقلاليتها، وابتعدت عن التجاذبات السياسية والحزبية، ووضعت نفسها في مقام "الراعي" للحريات والحقوق، وكانت إحدى الدوافع الرئيسة في الثورة التشريعية والقانونية التي تحرص النخب على تأخيرها، ومن مسؤوليات الرابطة أن تكون المحرّك الأساسي لها..

920

| 07 أكتوبر 2016

تونس - الدوحة - نيويورك.. ومنتدى تونس للاستثمار

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تبدو تونس اليوم أشبه بخلية نحل، وهي تستعدّ لندوة دولية من المقرر أن تلتئم في نوفمبر القادم بالعاصمة، تحت عنوان جذّاب، هو "منتدى تونس الدولي للاستثمار"، الذي ستحضره كبار الشخصيات الإقليمية والدولية، وستشارك فيه، كبرى المؤسسات المالية والاقتصادية في العالم العربي وعلى المستوى الدولي، إلى جانب رجال أعمال من أصقاع عديدة في العالم.في الحقيقة، عانت تونس منذ ثورة 14 يناير 2011، من ندرة مستمرة في الاستثمارات الأجنبية، سواء الأوروبية منها، أو العربية، ورغم أن هاجس الحكومات المتعاقبة خلال السنوات التي تلت الثورة، كان دائما، جلب الاستثمار، وتدوير عجلة اقتصاد نخره الفساد وعششت فيه اللوبيات العائلية والمافيات المقنّعة تحت عناوين متعددة، فإنّ النتائج كانت ضعيفة، إن لم نقل هزيلة، هزال الجهود التي كان فيها السياسي والحزبي والتجاذبات الإيديولوجية، الأكثر هيمنة على الصورة العامة التي كان المستثمر والجهات المانحة، تلتقطها، بين الفينة والأخرى، عن بيئة الاستثمار في تونس.. زادها الوضع الأمني الهشّ، وتضخم "ماكينة" الإرهاب وتهديدها المستمرّ للمكاسب ومخرجات الثورة، كل ذلك أسهم في استمرار التنمية المعطّلة بطبيعتها، واتسعت دائرة الجهات المفقرة، وتآكلت المالية العمومية، بشكل جعل الدولة التونسية لأول مرة في تاريخها، تتداين لتسديد التزاماتها مع الموظفين العموميين، إلى الحدّ الذي جعل عديد الخبراء يتحدثون عن 2017، كعام صعب على الدولة والمجتمع..بيئة استثمارية مغايرةلم يتردد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، الفاضل عبد الكافي، في التماهي مع هذا التشخيص، فقد وصف العام القادم بـ"عام الطوارئ الاقتصادية"، يقينا منه أن البلاد لابدّ أن تأخذ منعرجا جديدا في مجال الاستثمار والتنمية، مستفيدة من حالة الاستقرار التي بدأت تتركز في البلاد منذ أشهر عديدة، ووجود حكومة وحدة وطنية مسندة سياسيا من أوسع الأطياف الحزبية والسياسية الفاعلة والمؤثرة في البلاد، بالإضافة إلى رغبة المحيط الإقليمي والدولي، في مساعدة تونس على الخروج من عنق الزجاجة الذي تردّت فيه منذ نحو ثلاث سنوات على الأقلّ، باعتبارها الدولة التي تمثّل "أيقونة" الربيع العربي، وهي الوحيدة تقريبا، التي صمدت بأشكال ومعطيات وسياقات مختلفة، في وجه كلّ "العواصف" و"المطبّات" التي اعترضتها، من الداخل قبل الخارج.تحركت الحكومة الجديدة حينئذ، في اتجاهات متعددة، وبنسق عال وسريع، لكن بثبات وعزيمة من حديد، في محيط إقليمي ودولي، حذر، تغلب عليه الحسابات المعقّدة.بدّلت قانون الاستثمار وغيّرت مفاصله رأسا على عقب، هيّأت المناخات المشجّعة على تحفيز المستثمرين ورجال الأعمال، وضعت أيديها في أيادي الفاعلين في مجال الاستثمار، على غرار القيادة القطرية، التي سكنها منذ بداية الثورة، هاجس الوقوف إلى جانب تونس في همومها التنموية، وقد تابع الرأي العام الوطني، اللقاءات التونسية القطرية المتواترة بين تونس والدوحة والولايات المتحدة الأمريكية، كدلالة واضحة على الأفق الجديد للعلاقات بين البلدين.بالتوازي مع ذلك، يجري حاليا تشريك كفاءات عالية المستوى، من داخل البلاد، ومن مؤسسات صديقة وشقيقة، لكي يكون "منتدى تونس الدولي للاستثمار"، رقما مهما في معادلة تونسية جديدة، قوامها، الاستثمار قاطرة التنمية، والتنمية ضمان الانتقال الديمقراطي، في بلد يعدّ الفضاء الأكثر مراهنة عليه من قبل عديد القوى الإقليمية والدولية، باعتباره الأمل الوحيد في استمرار الربيع العربي، ومن ثمّ المؤشر لوضع جديد في عالم عربي لم يعد يتحمّل الاستمرار في منظومات سياسية متكلّسة من منتجات "سايكس بيكو" وملحقاتها المعروفة.الصورة والنمط الجديدلقد شرعت تونس في تسويق هذه الصورة الجديدة، من خلال مشاركة رئيس الدولة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وترسخت في أذهان المراقبين مقولة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عندما توجّه إلى المشاركين في جلسة الحوار التي جمعته مع الرئيس الباجي قايد السبسي قائلا: "أراكم في منتدى تونس للاستثمار في نوفمبر القادم"، ليكون ذلك عملا تسويقيا، لا نتصور الإدارة الأمريكية قد قامت به مجانا، بقدر ما يدلل على رغبة أمريكية واضحة في أن تقلع تونس اقتصاديا، مثلما أقلعت سياسيا، وكانت الأسبق عربيا في مجالات عديدة، بينها كتابة أول دستور عربي، وأول بلد يشهد تأسيس منظمة حقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأول بلد عربي وإفريقي، يعلي من شأن المرأة ومكانتها في عالم لم يبدأ احترام فعل التأنيث إلا مؤخرا.منتدى تونس للاستثمار، رهان وتحدّ وربما مؤشر لمرحلة جديدة، يبدو أن جميع الظروف والمناخات مهيّأة لكي تدخلها تونس من بوابة البلد الصاعد، الذي لا ينتظر مساعدات ومنح، بقدر ما يطالب بثقة وبعض الوقت لكي يغيّر الصورة النمطية التي يريد البعض، وهم قليلون، تسويقها عن تونس الجديدة.

875

| 29 سبتمبر 2016

المرزوقي... وهشاشة الطبقة السياسية

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); خمد نسبيا الجدل حول منع قناة "التاسعة" (خاصة)، من بثّ حوار كانت أجرته مع الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، بسبب ما قيل إنها "ضغوطات مارستها كلّ من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية على القناة للحيلولة دون بثّه".. كانت إدارة القناة جريئة وشجاعة، عندما أعلنت في بيان رسمي، خضوعها لهذه الضغوط، ورفعت نقابة الصحفيين التونسيين صوتها عاليا، معلنة رفضها القطعي العودة إلى أسلوب المنع وتلجيم الصحفيين والمنابر الإعلامية، وشددت على خطورة ما وصفته بـ"تركيع الإعلام"، في بلد لم يجن من ثورته التي دشنها ذات 14 يناير 2011، سوى حرية التعبير والإعلام.. فيما ندد الرئيس السابق، بالقرار، وطالب بمحاسبة من مارسوا عملية الضغط على القناة، قبل أن يخرج بعض المسؤولين في الرئاستين ليفنّدا ما وصفاه بـ"مزاعم" الرئيس السابق.. صحيح أن القناة، تحمّلت مسؤوليتها كاملة، وبثّت الحوار للدكتور المنصف المرزوقي، وأنهت بذلك جانبا من المناقشات حول الحريات الإعلامية في البلاد، لكنّ ذلك كان بمثابة القشرة الفوقية للحدث، ذلك أن الجدل السياسي، لم يتوقف بين النخب والطبقة السياسية والرأي العام الوطني إلى الآن، والسؤال الذي بات يقضّ مضجع الجميع يتعلق بدوافع عملية المنع، ومن يقف خلفها..ذلك أن توقيت منع الحوار، تزامن مع احتجاجات اجتماعية في مدينة جندوبة (شمال البلاد)، ذهب "ضحيتها" محافظ الجهة ورئيس البلدية وعدد من المسؤولين، الذين جعل منهم رئيس الحكومة "كبش فداء" لما حصل، فعزلهم لامتصاص غضب أهالي المحافظة..وجاءت عملية منع الحوار كذلك، في وقت كان الحديث يجري في الأوساط السياسية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، حول الوضع الصحي لرئيس الجمهورية، واستتباعات ذلك فيما يخصّ موضوع الخلافة، والمرشحين لهذا المنصب.. وزادت أزمة نداء تونس (الحزب الأغلبي في الحكم)، "الطين بلّة" كما يقال، حيث يعاني هذا الحزب منذ نحو العام، خلافات متراكمة، أدت إلى تشتته وتمزق كيانه، وتفرق كوادره ورموزه، وبالتالي كان السؤال المركزي في أوساط الرأي العام هو: هل سيكون قادرا على ترشيح أحد الشخصيات من داخله؟ ويبدو أن بروز الرئيس السابق في إحدى عمليات سبر الآراء، كشخصية ثانية بعد السيد الباجي قايد السبسي، بما أعاده للمنافسة الجدية كمرشح لرئاسة البلاد، شكل مفاجأة لحزب نداء تونس، الذي يعيش منذ فترة، تناقضات داخلية بشأن موضوع الخلافة، وهو لا يملك إلى حدّ الآن، مرشحا "متفقا عليه"، بل ـ على العكس تماما ـ بات هذا الموضوع، محلّ شره ونهم كبيرين من قبل عديد الأسماء والشخصيات، ممن تحرص على استغلال الفراغ الموجود في الحزب وفي المشهد السياسي، لكي تكبر أحلامها في قيادة دفّة الحكم بعد نهاية حكم الرئيس الحالي..ولا شكّ أنه أمام هذا الوضع غير المستقرّ للحزب الأغلبي في الحكم، وبروز الصراع صلبه، بين "السواحلية" (سكان الشريط الساحلي)، و"البلدية" (أي أصيلي العاصمة)، على خلفية تعيين يوسف الشاهد، رئيسا للحكومة (وهو الذي ينتمي إلى "البلدية")، تعززت المخاوف من عودة المرزوقي للساحة السياسية بقوة، مستغلا التردد وحالة الفراغ، وتخبط الحكومة في عديد الملفات والخيارات، وتنامي الاحتجاجات في أكثر من جهة، لذلك تقرر عدم بثّ حوار الرئيس السابق، لقطع الطريق أمام أي إمكانية لاستئناف دوره السياسي التعبوي، أمام غياب منافسين جدّيين، على الأقل، إلى حد الآن.. من المؤكد أن حوار المرزوقي، لم يسقط الحكومة، ولم يربك الاستقرار في البلاد، لكنه كشف عن هشاشة قسم من صناع القرار السياسي، والماسكين بالحكم في هذه المرحلة.. فقرار عدم بثّ الحوار، وتكذيب مسؤولين لموضوع الضغوط الحكومية، يعكس وجود صراعات صلب الحكم، وتعدد مصادر القرار السياسي، وهذا هو الأخطر في وضع انتقالي تونسي، تتهدده أوضاع إقليمية مجاورة شديدة الحساسية، سواء على الجهة الجنوبية (ليبيا)، أو الجهة الشمالية (الجزائر)..

939

| 27 سبتمبر 2016

أعواد الكبريت والبنزين الجاهز

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تبدو العلاقة بين اتحاد العمال وحكومة يوسف الشاهد، مرشحة لأيام عصيبة لا تستبعد المواجهة بين الطرفين على خلفية ملفات مستعصية ينظر إليها الطرفان بشكل متناقض تماما..سياقات التوتر بين رئيس الحكومة واتحاد الشغل، انطلقت منذ لحظات التكليف الأولى، عندما صرّح الأمين العام للاتحاد، بأن المنظمة الشغيلة، لم تعط "صكا على بياض لأحد"، في إشارة إلى أن توقيع اتحاد العمال على ما يسمى بـ"وثيقة قرطاج" التي وقع عليها عدد من الأحزاب والمنظمات الاجتماعية، لا يعني ضوء أخضر لرئيس الحكومة الجديد، فيما يتعلق بالملفات الاجتماعية خاصة.. أجندة حكومية "شجاعة"لكنّ خطاب منح الثقة بالبرلمان، كان النقطة التي غيّرت مزاج الاتحاد، وأشعرت النقابيين أنهم مقبلون على أيام متوترة مع "حكومة الوحدة الوطنية"، كما تجري تسميتها..إذ لم يستبعد رئيس الحكومة الجديد إمكانية لجوء الدولة إلى توخي سياسة التقشف، من خلال رفع قيمة الضرائب على المواطنين والشركات، وتسريح آلاف الموظفين من القطاع العام، والتقليص في مصاريف الدولة في الصحة والضمان الاجتماعي، والربط بين حل أزمة الفسفاط، واستئناف الإنتاج وتطويق حركة الاحتجاجات والاعتصامات، مما يعني عدم استبعاد اللجوء للحلول الأمنية في هذا الملف الذي كبّد الدولة خسائر بمئات المليارات من الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، ولا أدلّ على ذلك من طُرح هذا الملف على أنظار مجلس الأمن القومي في الآونة الأخيرة، مما يعني خروجه من منطقة التداول السياسي إلى مجال الحسم الأمني..أما الملف الأكثر حساسية بالنسبة لاتحاد العمال، والذي شكل لسنوات طويلة أحد أبرز القضايا التي استمات الاتحاد ضدّ تنفيذها حتى قبل الثورة، فهو خيار التفويت وخصخصة المؤسسات العمومية، الذي عبّر عنه رئيس الحكومة بوضوح لا غبار عليه..لا شكّ أن رئيس الحكومة الجديد، ينطلق في هذا السياق، من التزامات الدولة التونسية مع صندوق النقد الدولي، بموجب الشروط التي اقترحتها المؤسسة الدولية لكي تمنح تونس قرضها الأخير.. النقابيون.. غاضبونلم يتأخر اتحاد العمال عن الردّ وبشكل مؤسساتي على توجهات رئيس الحكومة الجديد، إذ اجتمع مكتبه التنفيذي بسرعة، وأصدر بيانا هيمنت عليه نبرة التهديد والوعيد، حيث أكد أنه "لن يقبل بأن يتحمل الأجراء وعامة الشعب تبعات وأعباء إخفاقات السياسات المتبعة لعقود والتي كان الشعب دوما ضحيتها والخاسر الأكبر من انتهاجها"، وعبّر عن مخاوفه من إمكانية تراجع الحكومة الجديدة عن الالتزامات الاجتماعية الموقع عليها بين الطرفين في أعقاب المفاوضات الاجتماعية قبل عدة أسابيع، وأوعز إلى إحدى النقابات بالتحرك للضغط على الحكومة..في ذات السياق، عبّر الاتحاد عن عدم استساغته للحلول الأمنية التي أعلن عنها رئيس الحكومة فيما يتعلق بالحوض المنجمي، وشدد على أن الاحتجاجات ليست هي السبب، بل ما وصفها بـ"أطراف أخرى تقف وراءها لوبيات الفساد"، مستهجنا اللجوء إلى الخيار الأمني لحلّ مشكلات اجتماعية، يفترض الجلوس بشأنها على طاولة المفاوضات..كان من المنتظر ـ في نظر المراقبين ـ أن تصل العلاقة بين الاتحاد والحكومة إلى مستوى المأزق.. فرئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، أكثر المدركين لضرورة تحجيم دور الاتحاد وتقليم أظافره، والنقابيون يرغبون في استمرار دورهم الاحتجاجي المشحون بأجندة سياسية راديكالية، بحكم موازين القوى صلبه التي تميل إلى اليسار الاحتجاجي الرافض لخيارات الحكومة، والطامع في السلطة، من خلال استخدام المجال النقابي في الصراع السياسي، وهو الدور الذي برع فيه الاتحاد خلال السنوات الماضية.بالتأكيد، الطريق تبدو معبدة باتجاه أزمة اجتماعية وسياسية خلال الفترة المقبلة، المسألة مسألة توقيت لا غير، فأعواد الكبريت جاهزة لأي حريق، لا قدر الله..فهل يسمح "الشيخان" بهكذا سيناريو سينسف كل البناء الذي شيداه معا خلال السنوات الثلاث المنقضية؟

856

| 14 سبتمبر 2016

حكومة كل ثمانية أشهر.. ما السبب؟!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد التصديق البرلماني على حكومة السيد يوسف الشاهد، تكون تونس قد دخلت نادي الدول التي تسقط فيها الحكومات كما تتساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف.. فهذه الحكومة السابعة التي تتشكل في غضون خمس سنوات فقط، أي بمعدّل حكومة كلّ ثمانية أشهر ونصف، وهي مدة زمنية لم تعرفها حتى بعض الدول الإفريقية التي تتحكم فيها الانقلابات العشوائية. يرجع بعض الملاحظين والسياسيين هذا التعاقب السريع للحكومات، إلى عوامل كثيرة بينها فشل الترويكا التي حكمت إبان ثورة 14 يناير 2011، بقيادة حركة النهضة، في إدارة المرحلة، وأن كل ما يجري الآن من تعطّل في مسارات التنمية والاستقرار، إنما هو من استتباعات تلك المرحلة، ما يبرر اللجوء إلى تغيير الحكومات، بحثا عن نجاعة ما. ويرى محللون آخرون، أن الحكومات المتعاقبة، لم تتوفر لها الإمكانات السياسية والأمنية اللازمة، التي تخوّل لها الاستجابة لاستحقاقات الثورة ومطالب الفقراء والمعطّلين عن العمل، من أصحاب الشهادات العليا، وأولئك القابعون في المحافظات الداخلية، فيما بات يطلق عليها بالجهات المهمشة، ما جعل هذه الحكومات، تــتـيه بين ركام من الملفات والإرث السياسي والتنموي المعقّد، الذي ينخر الدولة وأجهزتها ويكبّل الحاكمين الجدد، ويمنعهم من التقدم قيد أنملة في هكذا وضع شديد الحساسية. بالتأكيد، هذا جزء من التشخيص، ولا يمكن فهم السنوات الخمس الأخيرة من دون وضع هذه الملاحظات موضع العين، لكن ما خفي، أو ما يحاول البعض إخفاءه، أعظم وأشدّ ضراوة. فالحكومات الست التي تداولت على السلطة، وبصرف النظر عن لونها السياسي أو انتمائها الحزبي، لم تكن لديها الإرادة السياسية الكافية، التي تسمح لها بفتح الملفات القديمة، فضلا عن معالجتها. والحقيقة، أن تركة الماضي السياسي برمته، التي لم تجد هذه الحكومات، الجرأة اللازمة لطرحها بكامل الوضوح و "على الطاولة"، كما يقال، هي التي كانت من الأسباب الرئيسية لتعفّن الوضع وبلوغه مستوى يدفع السياسيين إلى تغيير الحكومات طمعا في أداء أفضل. ثمة عوامل أخرى لا تقل أهمية، يمكن أن تفسّر هذا الفشل في إدارة المرحلة، بينها، ترذيل النخب الجديدة الحاكمة، وتقديمها على أنها تمثل العجز بذاته، وحالة الاستعداء المرضية بين النخب والطبقة السياسية، إلى الحدّ الذي جعل استهداف الدولة والتنكيل بمؤسساتها، من الخيارات الأساسية للإطاحة بالخصوم، بل من الأدوات التي تستخدم في الصراع السياسي بين الحاكمين والمعارضين، فلم يعد انهيار المعبد على من فيه، خطا أحمر، وبات الحكم أهمّ من سياقاته ومكوناته والنتائج المرجوة منه. لن نتطرق إلى استشراء الفساد، وتعاظم عدد المفسدين بعد الثورة، ولا إلى استعجال الغنيمة من قبل بعض القوى السياسية واللوبيات المالية والاقتصادية، فهذه العوامل أضحت من تحصيل حاصل، وواقعا مرّا، والجميع يتجرعه مضطرّا غير مخيّر، لكن ما تنبغي الإشارة إليه في هذا السياق، استمرار الحكومات الست الماضية، في ذات النهج القديم الذي كان يسير عليه النظام السابق، فلم تتغير الرؤى والآفاق، وغابت السياسات الإستراتيجية، وانشغل الجميع بالذاتي على حساب الموضوعي، أي بمصالح الأحزاب قبل مصالح المجتمع، يضاف إلى ذلك، السياقات الدولية والإقليمية التي عملت على إجهاض الثورات، وبخاصة الثورة التونسية، منطلق الغضب العربي ضدّ قلاع الاستبداد والفساد، وهي سياقات وجدت مدافعين عنها في عدّة أقطار، ما ساهم في تأجيل عملية التأسيس الجديدة التي قامت الثورات، وذهب شهداء، من أجلها. ليس المشكل في تعاقب الحكومات، فهذا ما حصل في عدّة دول شهدت ثورات وتحولات سياسية راديكالية، إنما المثير للانتباه هنا، هو أن هذه الحكومات لم يكن لديها الفهم اللازم، والوعي المطلوب، والإستراتيجية الواضحة التي ستعالج بواسطتها الملفات المطروحة، لذلك توقفت في نفس الخطّ، من دون أي تقدم، أو حتى مؤشر لتغيرات ممكنة في طريقة المعالجة، لأن الحكم، طريقة وأسلوب ومنهجية قبل أن يكون إجابات على حلول. هذا ما ينتظره الناس والنخب من رئيس الحكومة الجديد.. فهل تهتدي الحكومة الجديدة السابعة، إلى نمط جديد في إدارة المرحلة المقبلة ؟؟

664

| 30 أغسطس 2016

"كوتشينغ" الرئيس.. والمشهد الجديد

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما اقترح رئيس الجمهورية، تشكيل ما أسماه بـ"حكومة وحدة وطنية"، دخلت الطبقة السياسية في مناكفات تخص تفاصيل الحكومة ومسألة المحاصصة الحزبية، ومن يكون رئيس الحكومة، هل هو شخصية مستقلة أم تنتمي للحزب الأغلبي؟! .. واختزل النقاش في زاوية ضيقة، لا تتعدى المشاورات حول هوية الحكومة وأجندتها وأولوياتها.. فالرجل أراد بمقترح "حكومة وحدة وطنية"، أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.. وضع مخرجات الانتخابات الماضية (أكتوبر 2014)، موضع مراجعة، فليست الانتخابات لوحدها محددا للمشهد السياسي والحزبي، بل تلعب معطيات الواقع وصراعاته والتوازنات المطلوبة، دورا في ضبط مكوناته وبوصلته.. وهو من هذه الزاوية، قد أحال الائتلاف الحاكم (رباعي النداء والنهضة وآفاق تونس والوطني الحر)، على "المعاش المؤقت"، منهيا بذلك، هيمنة حزب النهضة على منظومة الحكم، وعلى سياقات صنع القرار السياسي في البلاد، ومن ثمّ، إعادتها إلى حجمها الانتخابي الأصلي، كـ"وصيف" لـ"النداء".. لا تتوقف "العصافير" التي أسقطها الرئيس بحجر واحد عند هذا الحدّ، فقد ضرب الرجل عرض الحائط بما يتردد عن كونه يعدّ العدّة لتوريث نجله في الحكم.. ذلك أن تعيين يوسف الشاهد رئيسا للحكومة، يعني من الناحية العملية والدستورية، أن المكلّف الجديد، سيجد نفسه على رأس السلطة التنفيذية، في صورة أيّ شغور في مستوى رئاسة الجمهورية لأيّ سبب من الأسباب، ويكون الباجي قايد السبسي بهكذا تعيين، قد أنهى - مرحليا على الأقل - المخاوف بشأن مستقبل الرئاسة، ولم يترك أمر "الرئيس القادم" للترتيبات الحزبية، وربما للتدخلات الإقليمية والدولية، أو حتى لبعض الطموحات الفردية المتضخمة، على غرار السيد محسن مرزوق تحديدا.. ولعل الرسالة الأبلغ دلالة التي بعث بها الباجي من خلال الرهان على شاب أربعيني على رأس الحكومة، هي إعلان نهاية الطبقة السياسية الهرمة، والتأكيد على أن الساحة السياسية تضجّ بالكفاءات الشابّة، القادرة على أن تكون على رأس الحكم، وليست في الصفّ الخلفي للأحزاب فحسب.. لقد أعاد رئيس الجمهورية للرئاسة دورها التقليدي في صنع القرار السياسي، من دون أن يقترب من الدستور، أو يغيّر من طبيعة النظام السياسي (البرلماني المعدّل).. وبذلك يكون الرجل، قد غيّر مواقع اللاعبين وأدوارهم ومستقبلهم السياسي، من دون أن يغيّر قواعد اللعبة.. في مقابل عملية خلط الأوراق هذه، تبدو الطبقة السياسية في مأزق حقيقي.. فحركة النهضة، وجدت نفسها في حالة دفاع مستميت عن موقعها الثاني، وهي تدرك أن رئاسة الحكومة القادمة، التي ستدار من القصر الرئاسي، لن توفر لها هامش المناورة الذي كانت تتمتع به خلال رئاسة الحبيب الصيد للحكومة. والشق الواسع من المعارضة، الذي تقوده الجبهة الشعبية (يسار راديكالي)، لم تعد تلوي إلا على شيء من الضجيج الإعلامي، وبعض البيانات والمواقف السياسية الاحتجاجية المعروفة، رغم سعة الأفق الذي كان يفترض أن تتحرك فيه فكريا وسياسيا.. أما الأحزاب "الديمقراطية الاجتماعية"، كما توصف، والتي كان يتوقع أن تكون "الوريث الشرعي" للمرحلة الراهنة، فهي تعاني من تشتت وضيق أفق، لا يسمح لها بلعب الدور المفترض أن تضطلع به.. صحيح أن المشهد السياسي لم يتشكّل نهائيا، لكن من المؤكد أيضا، أن صورته قد تبلورت: حزب أغلبي يقود البلاد، بشريك قابل بالموقع الثاني، ومعارضة ضعيفة لا تقوى حتى على إسقاط قوانين أو خيارات، فما بالك بتغيير معادلات؟! أما الذين لا يريدون أن ينظروا للمشهد في حقيقته، "فذنبهم على جنبهم"، كما يقال..

691

| 26 أغسطس 2016

رئيس الحكومة الجديد.. ومذاق العسل المرّ

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يبدو رئيس الحكومة المكلف، يوسف الشاهد، الذي دخل سلسلة من المشاورات الماراثونية بخصوص التشكيل الحكومي القادم، في وضع لا يحسد عليه، رغم كل أشكال التنويه بالرجل وخصاله القيادية. فالوضع الذي ورثه الشاهد عن حكومة الحبيب الصيد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومن ناحية التوازنات المالية للدولة، قد تعصف بمستقبله السياسي، وهو الذي بالكاد تجاوز العقد الرابع من عمره. فموازنة الدولة تعيش عجزا ماليا متأزما، ظلّ يتفاقم بمرور السنوات، (يبلغ نحو 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي)، بفعل تراجع الاستثمار الداخلي والخارجي، وتضخم المطلبية الاجتماعية، وسوء تقدير الحاكمين الجدد لبعض الملفات، وهو وضع سينعكس سلبا على تسديد نفقات موظفي القطاع العام الذين يبلغ عددهم زهاء 800 ألف موظف، إلى جانب الحاجة لاعتمادات مالية ضرورية لتوفير الزيادات في أجور الموظفين وأعوان الدولة التي أقرتها المفاوضات الاجتماعية مع النقابات. وسيكون أمام رئيس الحكومة السابع في الترتيب بعد الثورة، إيجاد حلّ عملي وسريع لمعضلة الحوض المنجمي التي تشهد منذ خمس سنوات عطلا شبه تام في إنتاج الفسفاط، وسط إضرابات واعتصامات لم تنته أبدا، ولم تجد لها الحكومات المتعاقبة بعد الثورة أي حلّ رغم مئات المليارات التونسية التي خسرتها موازنة الحكومة، وكان يمكن أن توفر حلولا لمشكلات التنمية والبطالة في الجنوب التونسي على الأقل. ومع إطلالة العام القادم، سيكون السيد يوسف الشاهد، أمام استحقاق ضخم، يتمثّل في توفير آلاف المليارات التونسية (الدولار الأمريكي يساوي 2.2 الدينار التونسي) لسداد أقساط الديون، وسط توقعات ببلوغ الحجم الجملي للدين العمومي عتبة 25 ألف مليون دولار. لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، فرئيس الحكومة المكلف، سيواجه منذ اللحظات الأولى للتصديق على حكومته، مشكل الجهات المفقرة والمهمشة، تلك التي لم تعد تتحمّل وزر الخيارات الفاشلة، وهي بانتظار مؤشرات تبعث فيهم ـ على الأقل ـ بعض الأمل الذي افتقدوه من كل الحكومات السابقة.. وستكون معضلة البطالة على رأس الملفات التي يتعيّن على دولة الرئيس الجديد، أن يقدم بشأنها حلولا، أو على الأقل تطمينات واقعية لأولئك الذين ينتظرون فرصة أمل قبل فرصة العمل. رئيس الحكومة الجديد، الذي أعلن منذ اللحظات الأولى لتكليفه، أنه منشغل بالترفيع في نسبة النمو التي لم تتجاوز الواحد بالمائة خلال العامين الماضيين، مطروح عليه أن يقدّم سياقات عملية لإنجاز ذلك، خصوصا أمام الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمرّ بها البلاد، وتصاعد عدد بارونات الفساد والمافيا الجديدة، بما سوف يجعل مهمته مضاعفة: مكافحة الفساد والنهوض التنموي، وهي معادلة أقل ما يقال عنها أنها صعبة ومعقدة. يضاف إلى ذلك، أزمة الإدارة التونسية التي تعاني من تردي حجم العمل (8 دقائق عمل يوميا فقط لكل موظف)، فيما هي تعدّ دينامو التنمية ومحرك العجلة الاقتصادية. ولا تبدو مصاعب يوسف الشاهد تتوقف عند حدود الجوانب المالية والاقتصادية، إذ يرجح أن يواجه رئيس الحكومة الجديد، محيطا نقابيا ينتظر فعلا على الأرض، وليس مجرد وعود، وهو ما ترجمه الأمين العام لاتحاد العمال، حسين العباسي عندما قال:"نحن لم نقدّم صكّا على بياض لأي أحد كان"، بما يعني ضوءا أحمر نقابيا يعرف الشاهد خطورته وتداعياته الممكنة. وقبل كل ذلك، سيكون رئيس الحكومة المكلف، أمام شريك سياسي (حركة النهضة)، لا يرغب في المشاركة الواسعة في الحكومة، وهو يريد أن يقشّر الفزدق بغير أيدي رجاله، الأمر الذي قد يضعه في مواجهة شريك وخصم في آن معا، مع ما قد يترتب عن ذلك، من استتباعات قد لا يبدو الشاهد قادرا على مواجهتها. صحيح أن رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، سيكون كما الواقف خلف رئيس الحكومة الشاب، يسنده ويميط المصاعب من أمامه، وربما دخل في معارك من أجل أن يكون خياره القادم، رابحا، أو على الأقل، في دائرة غير الفاشلين، لكن ذلك لا يعني أن الرجل الجديد سيمشي على سجّاد أحمر، فهو أمام رياح عاتية، وعواصف شديدة تحيط به من كل مكان.. فهل تكفيه مساندة الرئيس، ووفاقه مع زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، أم يتسلح الرجل بشجاعة الشباب وحماستهم، فيتذوق "العسل المرّ" الذي بانتظاره؟

1087

| 08 أغسطس 2016

إسقاط رئيس الحكومة..هل هو الخيار الأنسب؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أخيرا، وبعد لأي كبير، وأخذ وردّ، وشدّ وجذب استمر لما يزيد على الشهرين، تقرر سحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية، السيد الحبيب الصيد، في أعقاب جلسة برلمانية صاخبة، استمع الرأي العام التونسي فيها، إلى لغة تهيمن عليها الحسابات الضيقة، والمناكفات الشخصية، الأمر الذي حوّل هذه الجلسة إلى أشبه ما يكون بعمليات "ليّ ذراع" بين أحزاب وشخصيات ومسؤولين في الحكومة.. أراد دولة الرئيس، الحبيب الصيد، أن تكون جلسة تجديد الثقة، كما أطلق عليها في البداية، سياسية، بحيث تتضمن تقييما لمسار إشرافه على الحكومة، ونقاشا حول أفق الحكم في تونس خلال المرحلة المقبلة، لكن نواب المجلس من كل الأحزاب، إذا استثنينا نواب الجبهة الشعبية (يسارية الوجهة)، ارتأوا أن تكون غير ذلك تماما، وكانوا أشبه ما يكون بـ"المكلفين بمهمة"، أو وكلاء عند غرف مغلقة وسرية، تدير الجلسة ومداخلات النواب من وراء ستار.. تحدّث رئيس الحكومة بلغة سياسية صرفة، فعرض لسلسلة الضغوط التي مورست عليه لكي يسكت عن ملفات ويعالج أخرى، ذات علاقة بـ"الفساد وسنينو"، كما يقال، وحمّل مسؤولية ما وصفه البعض بفشل الحكومة، إلى أحزاب الائتلاف الحاكم بوضوح، وذهب بعيدا عندما أشار إلى المافيات التي ترغب في التأثير على قرارات الحكومة من أجل مصالح وحسابات لا علاقة لها بالقانون ولا بالمؤسسات، وقال إنه نأى بالمؤسسة العسكرية عن الدخول في صراعات كان البعض يرغب في جرّها إليها لأغراض ظاهرها تنموي وباطنها سياسي.. في مقابل هذا المنهج، اختار نواب المجلس منطق "اللف والدوران"، وبدا على مداخلاتهم نفس موغل في الحزبية، مرتهن إلى مطابخ تفوح منها روائح المصالح والمطامع والمافيات الجديدة التي ولدت بعد ثورة 14 يناير 2011، لذلك هيمن على خطابهم نوع من الارتعاشة التي تعكس إرباكا واضحا، وارتهانا لا غبار عليه للوبيات عششت في الدولة، وتسببت لها في اختناق يكاد يقضي على ما تبقى من هيبتها وقوتها وإمساكها بزمام الأمور.. جاء الصيد من أجهزة الدولة، التي تمرّس على عدّة مسؤوليات فيها (الداخلية والوزارة الأولى..)، وكانت استقلاليته محددة لاختياره في منصب رئيس الحكومة، لكن الإسناد الحزبي للائتلاف الحاكم، غاب عنه ولم يلق منه إلا النقد وتحميل المسؤولية، وعندما قرر الرجل تغيير ما يمكن تغييره، أطلت عليه "ماكينة الفساد" بكل ثقلها، وبأخطبوطها الممتدّ في الأحزاب والمؤسسات وحتى الجهات الدبلوماسية، فأعاقته وشلت حركته التصحيحية صلب الحكم، ووجد الرجل نفسه بين خيارين أحلاهما مرّ، الارتهان للفساد وتسهيل امتداده وسطوته في البلاد، أو الحيلولة دون ذلك، وعندما قال الصيد "لا" للكثيرين من الرؤوس واللوبيات، قرروا إسقاطه والمجيء بمن هو مستعدّ أن يكون جزءا من "اللعبة الجديدة" في البلاد، التي تديرها بيوت وغرف وجماعات ضغط ورجال أعمال وسياسيون وإعلاميون.. صحيح أن الحبيب الصيد، لم يكن الحلّ الأمثل للوضع التونسي، لكنه كان الحلّ الأنسب لمشهد سياسي واقتصادي وإقليمي شديد التوتر والتعقيد.. ربما لم ينجح رئيس الحكومة المقال في وضع لبنات وأسس جديدة لسياسات تونسية ينتظرها الرأي العام التونسي، خصوصا الجهات المهمشة والمفقرة في البلاد، لكنه أجّل الأزمة لمرحلة لاحقة، وعطّل رؤوس الفساد الذين باتت لهم أحزاب ومنابر إعلامية وعلاقات دبلوماسية واضحة.. هل خسر الرجل المعركة؟ في الظاهر نعم، لكن الذي استطاع الصيد أن يظهره على السطح، وأن يجعل منه حديث الناس، هو "المافيات"..لقد وضع هؤلاء في فوهة المدفع، فإما مقاومتهم أو انهيار الدولة ونهاية الثورة وبداية عهد جديد من الفساد براية معلنة خفاقة لا تقلّ خطورة عن رايات الدواعش والجماعات المتطرفة.. في النهاية، سقط الصيد، لكن لا شيء يضمن صعود شخصية جديدة قادرة على "المقاومة"، طالما أن الطبقة السياسية جزء من هذه "اللعبة"، إن لم نقل طرف فيها.. فهل نحتاج إلى تغيير قواعد اللعبة، أم اللاعبين، أم المشهد برمته؟ إنه السؤال المفتاح لوضع تونسي لم يعد يتحمّل مزيدا من الانتظار أو التسويف، فالفقر يتصاعد، والفساد يستشري، وحالة اليأس تتضاعف، فإما عودة الاستبداد أو اندلاع ثورة ثانية، يسميها البعض "ثورة الجياع".. فهل تملك الطبقة السياسية خيارات أخرى؟ لننتظر..

1091

| 04 أغسطس 2016

النخب التونسية ... وانقلاب تركيا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كشف الانقلاب الفاشل في تركيا مرة أخرى، عن وجود جزء من النخب التونسية، التي لم تتجاوز الفكر الاستقطابي الذي طالما قسّم التونسيين والطبقة السياسية إلى شقين اثنين، وربما كاد أن يؤدي بالبلاد خلال عامي 2012 و2014، إلى ما يشبه الحرب الأهلية. فقد ظهرت أصوات تنتصر للانقلابيين، وتنظر لما يجري في تركيا على أنه صراع النموذج الإخواني مع المثال العلماني الناجح منذ أتاتورك مرورا بأجاويد وصولا إلى تورغوت أوزال وغيرهم. الغريب أنّ هذه الأصوات كانت تجدّف ضدّ التيار العلماني ذاته في تركيا، الذي رغم كل صراعه ومناكفاته مع الحكم الراهن لحزب العدالة والتنمية، انحاز للديمقراطية ووقف بوضوح لا غبار عليه ضدّ الانقلاب، بل اعتبر أن مرحلة الانقلابات لا بدّ أن تنتهي من تاريخ تركيا المعاصر. وربما من باب الصدفة، أن نجد الأصوات التي كانت حاولت الانقلاب على الترويكا الحاكمة في عام 2013 في تونس، والتي استدعت الجيش لافتكاك السلطة، هي ذاتها التي تقف اليوم مع الانقلابيين، وتحاول أن تجد تبريرات لفعلهم اللاديمقراطي، بصرف النظر عن كونهم فاعلا أم أداة بأيدي قوى خارجية. لم يفهم جزء من النخب، أن تركيا تغيرت خلال العشرية الأخيرة، ولم يستوعب هؤلاء كذلك، كون أنقرة باتت جزءا محددا في "اللعبة الكبرى" الجديدة في العالم، في ظلّ وضع عربي باهت يهيمن عليه عجز النظام الرسمي، وبالتالي فالتحاليل التي لا تزال سجينة التوصيف الإيديولوجي علماني / إسلامي في تركيا، أضحت من قبيل "القصص القديمة"، فالأمر يتعلق بتحول إستراتيجي عميق، في حكم أدرك أصحابه أنّ قوة الشعوب ليست في ترسانتها العسكرية، أو في الإذعان لإملاءات خارجية، أو في دكتاتورية حكامها وقمعهم لتطلعات شعوبهم وأحلامها، إنما الشعوب تساس بالرموز والمعاني وقدر عال من الثقة والمصداقية، وبالطبع بكثير من البراجماتية السياسية، والتخطيط الإستراتيجي، وتلك من بين المفاتيح الأساسية لفهم ما يجري في تركيا. ليس حزب العدالة والتنمية سوى سياق تاريخي مرحلي في تركيا، نذر رجاله وعقوله أنفسهم لخدمة شعبهم، وعندما أتيحت له فرصة الحكم، لم يرتعش، ولم يقرأ الحاضر بأدوات التاريخ القديم، إنما تحمل مسؤولياته كاملة، واضطلع بأعباء بلاد تتهافت عليها الأمم من كلّ حدب وصوب. وعندما تقفز بعض النخب التونسية، وحتى العربية، على هذه المعطيات، تسقط في ذلك النحيب الإيديولوجي، الذي يجعل تحليلها وفهمها خارج السياق التاريخي تماما. بالطبع، لسنا هنا في مجال تقييم النظام التركي ومسار العدالة والتنمية في الحكم، لأن ما يجري في تركيا ودور الحكم الراهن في مسارات إقليمية على غرار ما يجري في سوريا والعراق تحديدا، يحتاج إلى كثير من القول والاستفهام. فليست السياسات التركية الراهنة، وما يقوم به أردوغان، محمولة كلها على الرضا والانتشاء، إنها جزء من لعبة معقدة في المنطقة، ليس هنا مجال تفكيك شفراتها. نحن بحاجة في العالم العربي إلى من ينظر إلى مجريات الأمور والتطورات من حولنا بأدوات تحليل ترقى إلى لغة العصر وميكانيزماته، وإلى منطق التحالفات الجديدة وموازين القوى، لا أن نغمس رؤوسنا في التراب ونحن نتطلع إلى زيارة السماء. الاستقطاب كان جزءا من الصراع السياسي في بلدان الربيع العربي، لكن الأوضاع اليوم تبدّلت، والسياقات تغيّرت، والتحالفات اتخذت منحى مختلفا عن السنوات الأولى للثورات العربية، وتغيير بوصلة النظر إلى قضايانا ومشكلاتنا والتطورات الحاصلة في محيطنا الإقليمي والدولي بات أمرا مهما للنخب العربية، عسى ألا تكون خارج اللحظة التاريخية الراهنة.

775

| 22 يوليو 2016

موضوع "الخلافة" يعود للظهور مجددًا في تونس

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); خاض "شعب الفيسبوك" ومواقع التواصل الاجتماعي على امتداد أسبوع العيد، في مسألة غياب رئيس الجمهورية عن الإعلام، وعدم ظهوره في صلاة عيد الفطر، وعدم إلقائه كلمة لتهنئة التونسيين بالعيد مثلما فعل جميع الرؤساء الذين تداولوا على قصر قرطاج، منذ بورقيبة، مرورا بالمنصف المرزوقي، ووصولا إلى الباجي قايد السبسي. زعم البعض أن رئيس الجمهورية في وضع صحي يتكتم القصر وحاشيته عن الإفصاح عنه، وادعى آخرون أن الرجل خارج البلاد في جولة سياحية، وتألفت من أجل ذلك قصص وحكايات وسيناريوهات، بعضها من باب الدعابة، والبعض الآخر، من فئة الملح الثقيلة والوقحة التي لا تستحق الذكر. ولعل أبرز تعليق نال إعجاب الآلاف المؤلفة من الرأي العام التونسي، هو أن الرؤساء هم الذين يسألون عادة عن حال شعوبهم، فيما الشعب التونسي هو الذي يسأل عن حال رئيسه. وبالطبع، تحركت أجهزة الدولة للردّ على "قلق" الإعلاميين والسياسيين والرأي العام برمته، فصدر بيان رسمي يتحدث عن "سيناريو إرهابي يقف وراءه تنظيم داعش لاغتيال رئيس الجمهورية"، كما أُبلغت الجهات المعنية من قبل "دولة أجنبية شقيقة"، وهو ما أكدته سفارة أجنبية في تونس للأجهزة الأمنية التونسية لاحقا. الأمر الذي اضطر القصر إلى إلغاء مشاركة الرئيس في مراسم صلاة عيد الفطر. تلك هي الحيثيات العادية للحدث، وبعض ردود الفعل من حوله، لكنّ اللافت والأهم هو تداعيات الخبر، ونقاشات الغرف المغلقة للأحزاب والسياسيين. فعدم ظهور رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، مع ما يتردّد عن وضعه الصحي وتقدمه في السنّ، طرح مسألة "الخلافة" مجددا في تونس. ومن بوسعه أن يخلف الرئيس على سدّة الحكم في حالة تعرّضه لمكروه، لا سمح الله، وهل يتولى رئيس مجلس نواب الشعب مهامّ الرئاسة لمدّة من 45 إلى 90 يوما، تعقبها انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، مثلما ينصّ على ذلك دستور البلاد؟ أم يفوّض الأمر إلى المؤسسة العسكرية لكي تتولى دفّة الحكم لفترة محددة، في وضع انتقالي كالذي تعيشه تونس؟! مثلما دعت إلى ذلك رموز سياسية وحزبية بشكل صريح وواضح على شبكات التواصل الاجتماعي. رغم علم هؤلاء وغيرهم بأن المؤسسة العسكرية اختارت أن تكون فوق الصراع السياسي، حامية للبلاد واستقرارها، وهي التقاليد التي عُرفت بها في عالم عربي كان الجيش مصدر نكباته وعوائقه. وبالطبع، اتسعت دائرة خيال المحللين والسياسيين لتشمل دور "اللاعبين الدوليين والإقليميين"، وحظوظ التوافق السياسي الداخلي بين عائلات حزبية يعشّش الخلاف والصراع، إن لم نقل الحقد، بين مكوّناتها. وهكذا، ومن حيث لا تدرك حاشية رئيس الجمهورية، التي لم تفكّر في "إخراج إعلامي سياسي" لتغيّب السيد الباجي قايد السبسي عن مراسم العيد، أثارت مشكلا حقيقيا، يتحفّظ السياسيون على طرحه وتناوله بكيفيّة صريحة: كيف يمكن مواجهة شغور في منصب رفيع المستوى في الدولة مثل رئاسة الجمهورية؟ هل يتمّ اللجوء إلى الدستور؟ أم تتعقّد الأمور وتساهم هشاشة الوضع السياسي في ملابسات قد تعصف بثورة وتجربة برمتها؟ من المؤكد، أن "المطابخ السياسية"، وغرف صنع القرار في البلاد، منتبهة لهذا السيناريو، ولن تدع الأمور تفلت من عقالها كما يقال. لكنّ الأمر المهم المسكوت عنه في النقاشات حول موضوع "الخلافة"، هو تجديد الطبقة السياسية التي يشهد غالبيتها، على أن رموز الماضي في الحكم والمعارضة هم ذاتهم رموز المشهد اليوم. أما الثمن الباهظ لذلك فهو أن النخب الشابة التي صرفت الدولة لتكوينها موازنات ضخمة طيلة الأربعين عاما الماضية -على الأقل- هي اليوم خارج السياق تماما. لا يكاد المرء يفهم كيف أن بلدا أنجز ثورة وبشّر بتغيير راديكالي في السياسة وإدارة الحكم، هو اليوم يعيد إنتاج النخب ذاتها، وربما السياسات نفسها في مشهد معدّل أعمار شبابه ونخبه بين 35 و50 عاما. مفارقة عجيبة.. مع كل ذلك، عيد سعيد لسيادة الرئيس، الذي إذا تحرك، أثار الغبار من ورائه، وإذا ما غاب حرك الرمال في المياه الراكدة.

686

| 16 يوليو 2016

باريس تستقبل النهضة: الاحتواء المزدوج!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نجحت قيادة حركة النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي، في كسر روتين التوتر الذي خيّم على علاقتها بالدولة الفرنسية لعدّة عقود، وبخاصة منذ ثورة 14 يناير 2011، حيث تميّز الموقف الفرنسي من الإسلاميين في تونس، بالقطيعة، إن لم نقل العداء الذي كانت تستبطنه سواء في علاقة مباشرة بالحركة عندما كانت في الحكم، أو من خلال البرود الذي ميّز مواقف الفرنسيين من الترويكا التي حكمت بين 2011 و2013، فيما كانت باريس تتودد سرا وعلانية للتيارات اليسارية والعلمانية، وتستقبل مؤسساتها الكثير منهم بنوع من الأريحية، بدا واضحا من خلاله مستوى تحالفاتها صلب المشهد السياسي والحزبي آنذاك. لذلك، عندما أعلن عن زيارة وفد من حركة النهضة إلى باريس، ومقابلته وزير الخارجية الفرنسي، جون مارك أيرو، ورئيس البرلمان الفرنسي، ومسؤولين عن الاتحاد الأوروبي في فرنسا بالذات، أدرك المراقبون أن ثمّة دماء جديدة بدأت تدبّ في شرايين العلاقة بين الطرفين، تتجاوز منطق الاختراق، الذي ذهب إليه بعض المحللين، ليرتقي إلى مستوى التبدّل التامّ في التحالفات الفرنسية وتعامل باريس مع الشأن التونسي. كانت هذه أول مرّة - وفق المعلومات التي لدينا - تلتقي فيها فرنسا الرسمية مع قيادات نهضوية، على الأقل منذ نحو خمس سنوات.. صحيح أن ثمّة لقاءات فرنسية بزعيم الحركة في تونس، لكنها كانت تتم في كنف السرية الحزبية، وفي حدود ما تتيحه البلاغات الإعلامية الصادرة عن الحركة.. اللافت في هذا السياق، أن بعض قيادات حركة النهضة، كانت قد فتحت قنوات اتصال وعلاقات مع سياسيين فرنسيين منذ عدّة عقود، مما سمح بقبول الكثير من النهضويين، زمن الحصار والمتابعة الأمنية للنظام المخلوع، ويبدو أن هذه القنوات اشتغلت على "عملية التطبيع" مع فرنسا، لكن الرياح العاصفة التي رافقت حكم الترويكا، جعلت هذه المساعي في حكم المؤجّل.. ولا شك أن تطورات مهمة حصلت في مستوى موازين القوى في تونس، أقنعت الفرنسيين، بأن سياسة "العداء الدائم" للإسلاميين، لم تعد ممكنة، ولعلّ من بين هذه التطورات: ** تفكك الأحزاب السياسية المحسوبة على العلمانية والمتماهية مع النخب الفرنسية، بيمينها ويسارها، تفكك تتحكم فيه صراعات وخلافات وتناقضات من الصعب تسويتها في الأمد القريب على الأقل. ** أن جزءا من هذه النخب اليسارية والعلمانية، القريبة تاريخيا من باريس، يبدو حاليا كما لو أنها تتحسس طريقها نحو التموقع السياسي، وبالتالي فهي بعيدة عن مجالات التأثير في المشهد التونسي..مما يجعل التعويل على مكونات مشوّشة من هذا القبيل، أمرا معوقا لدولة مثل فرنسا ترغب في أن تكون مؤثرة في المشهد التونسي، وفي مجالات صنع القرار فيه. ** في مقابل هذا الوضع السياسي الهشّ، بدت حركة النهضة الحزب الأكثر تنظما، والأكثر براجماتية في وضع سياسي تونسي صعب ومعقّد، فضلا عن معدل الأعمار صلب هذه الحركة، الذي لا يتجاوز الخمسة والثلاثين عاما، بما يجعل الرهان على حزب بهذه المواصفات، أمرا منطقيا في عرف الدول التي لديها مصالح وتريد أن تطمئن عليها لفترة طويلة.. لا ندري هل نحن بإزاء احتواء فرنسي للإسلاميين، أم العكس؟ مهما يكن من أمر، فالرسالة الأساسية، في تقديرنا، هي أن حركة النهضة، باتت جزءا من لعبة التحالف الدولي بجميع تفرعاتها، عربيا وغربيا.. وربما الرسالة الأهم، التي قد تكون أقضّت مضجع خصوم حركة النهضة، هي أن فرنسا قد غيرت بوصلتها باتجاه مصالح جديدة وتحالفات مستجدّة، لا يهم فيها اللون، إذا كان إسلاميا أو شيوعيا أو تروتسكيا، بقدر ما تهمّ المصالح، ومن هو المعبّر عنها بقوة. ويبدو أن الفرنسيين وهم يستقبلون وفدا من حركة إسلامية، كانت إلى وقت قريب (قبل الثورة)، تستعديها بخطاب هووي ثقافي موغل في القطيعة، أرادوا من خلال ذلك أن يبعثوا برسالة مبطّنة مفادها، أن الإسلام السياسي ليس سلّة واحدة، وثمّة تمييز داخل هذه السلّة بين تجارب وسياقات وحيثيات. ربما لم يتوافر الوقت الكافي لحركة النهضة لتسويق حصيلة مؤتمرها العاشر، رغم أن مخرجاته ليست من النوع الرفيع، لكنها بهذه الزيارة، قد وضعت سقفا عاليا، سيحملها مسؤولية أكبر خلال المرحلة المقبلة. هل ناقش النهضويون تفاصيل تخص الأزمة السياسية في تونس؟ هل تلقوا إملاءات من فرنسا/ أولاند؟ وأخيرا وليس آخرا، هل لهذه الزيارة علاقة بترتيبات جديدة للوضع التونسي، يرغب الفرنسيون في أن يسوقوه من خلال حركة النهضة؟ من المبكّر جدا، الحديث عن رهان غربي استراتيجي مع النهضة، لكنّ الأمر المؤكد، أن هذه الحركة أضحت رقما مهما في معادلة السياسة والحكم في تونس المستقبل، وهي الرسالة الفرنسية التي على الطبقة السياسية في تونس التقاطها قبل فوات الأوان. زيارة الشيخ الغنوشي إلى باريس ليست من فئة زيارات "السياحة السياسية"، بقدر ما تؤشر لموازين قوى جديدة سيعرفها المشهد التونسي في غضون الأسابيع القادمة، ويمكن أن يكون التشكيل الحكومي القادم، أحد تمظهراتها.

782

| 04 يوليو 2016

سياسة وضع الجميع على نفس الطاولة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد ما يربو عن العامين من رئاسته للدولة، استفاق الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي على عمق الأزمة التي تتخبط فيها البلاد، وهي المعضلة الاقتصادية والاجتماعية، التي ظلت لعدة سنوات منذ ثورة يناير 2011، بين قوسين، وضمن الاهتمامات الثانوية للحكومات المتعاقبة التي غلّبت السياسي وترتيبات الحكم على الاجتماعي والتنموي، رغم أن هذه الثورة، إنما قامت لتعيد بوصلة الحكم إلى المربع الاجتماعي بالتحديد.. لم يكن إعلان الباجي قايد السبسي عن مبادرته السياسية مؤخرا، أمرا متوقعا، ليس فقط من حيث التوقيت الذي يتزامن مع نهاية سنة سياسية لم يتعود الرأي العام أن تشهد مبادرات من هذا القبيل، إنما كذلك وبالأساس، من حيث مضمونها، الذي جاء ليقلب الطاولة على الجميع، ويعلن أنه "المتحكم" الأساسي بقواعد اللعبة وحيثيات الحكم، وميزان القوة بين السلطات الموزعة في البلاد، ونعني هنا، مجلس نواب الشعب والحكومة، وبدرجة أقل، الائتلاف الرباعي الحاكم..هكذا وبعد فترة العامين صلب المطبخ الرئاسي، أيقن الرئيس التونسي، أن الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد، لم تعد تجدي نفعا، وحان أوان تغييرها، من خلال تشكيل "حكومة وحدة وطنية"، تكون المنظمتان الكبيرتان، اتحاد العمال، ومنظمة رجال الأعمال، أحد مكوناتها الرئيسية..ولا شكّ أن الباجي قايد السبسي، بما عرف عنه من حنكة كبيرة في عالم السياسة، أراد بهذه المبادرة أن يعيد ترتيب الأولويات من جديد، وأن يخلط الأوراق بشكل مختلف، ليس عما تطرحه المعارضة فحسبـ، إنما كذلك عما يتداول في كواليس الائتلاف الحاكم ذاته، حيث يجري النقاش بخصوص تعديل حكومي مرتقب كأقصى سيناريو لأداء حكومي يثار حوله الجدل منذ فترة غير قريبة.. لقد أنهى الباجي قايد السبسي بهذه المبادرة، الحديث عن الأزمة في تونس، ودفع الجميع، سلطة ومعارضة ومكونات مجتمع مدني، للنقاش حول أفق الحل لهذه الأزمة، واعتبر مبادرته نقطة انطلاق أساسية في البحث عن سيناريوهات الخروج من نفق لطالما وصفه بنفسه بـ "المظلم"، في إشارة إلى تعقيداته والصعوبات التي تلف جوانبه المختلفة..لكن مبادرة الرئيس التونسي، وضعت اتحاد العمال في مأزق حقيقي من خلال دعوته للمشاركة في الحكومة، رغم علم رئيس الجمهورية، بأن ذلك أمر غير ممكن بالنسبة لاتحاد الشغل، الذي صرح زعيمه، حسين العباسي عدة مرات أنه غير معني بالحكم، فضلا عن استعداده لمؤتمر المنظمة بعد عدّة أشهر، وسيكون من المستحيل عليه الدخول للحكومة..لقد وضعت هذه الدعوة اتحاد الشغل أمام خيارين أحلاهما مرّ : إما الدخول للحكومة وهو ما سوف يجعل المنظمة في حِلّ من كل إضرابات أو قلاقل اجتماعية، باعتبارها ستكون جزءا من الحكم، أو أنها ترفض مقابل تمكين الحكومة من هدنة اجتماعية لفترة عام على الأقل، من شأنها أن توفر إمكانية لرئيس الدولة، للضغط على رجال الأعمال لكي يساهموا في خلق مشاريع استثمارية داخلية، طالما أن ذريعتهم كانت دائما، الخشية من الإضرابات ومن دور النقابات صلب المؤسسات الاقتصادية، وبذلك يضرب الرئيس عصفورين بحجر واحد: إجبار اتحاد العمال على القيام بخطوة إلى الخلف، وسحب البساط من تحت أقدام رجال الأعمال، والتمكن بالتالي من توفير مناخات جديدة لتحريك دواليب الاقتصاد التونسي المعطّل منذ فترة..لا يهمّ بعد ذلك إن تعدّلت الحكومة أو حافظت على قسم واسع من وزرائها الحاليين، مقابل تعديلات في عدّة حقائب سيطلبها اتحاد الشغل لقاء قبوله بالهدنة الاجتماعية، المهم أن الحراك السياسي والحكومي، قد وضع في سياق جديد، سياق الخروج الجماعي من الأزمة، أما ما عدا ذلك من تفاصيل، فهي غير ذات بال بالنسبة للـ "الشيخ / الرئيس"..مرة أخرى يتأكد بما لا يدع مجالا للشكّ، أن المشهد التونسي لا يتحكم فيه طرف وحيد مهما قويت شوكته، وسيظل الوضع في تونس قابلا للمبادرات بحجم الأزمة وإرث السنوات العجاف للنظام القديم المخلوع، الذي تركها أفرغ من فؤاد أمّ موسى..الكلّ ـ في الفقه السياسي للرئيس الباجي قايد السبسي ـ معنيّ بالأزمة كما هو معني بإيجاد الحلول لها، ومن يضع نفسه خارج هذا السياق، يعدّ على هامش المشهد واستحقاقاته..

591

| 16 يونيو 2016

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4500

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3369

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1341

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1197

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1053

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

882

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

843

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

669

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
النعمة في السر والستر

كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...

612

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

609

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
حضور قوي لقطر.. وعزلة دولية متصاعدة لإسرائيل

في مشهد سياسي غير مسبوق في الأمم المتحدة،...

552

| 28 سبتمبر 2025

أخبار محلية