رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المتقاعد القطري في مواجهة تحديات التضخم

وفرت دولة قطر لمتقاعديها منظومة متكاملة من الدعم والفرص تُمَكِّن المتقاعد من تقليل الفجوة ما بين القوة الشرائية وموجات التضخم وارتفاع الأسعار بفعالية، وإذا ما استثمر المتقاعد القطري الميزات والمبادرات الحكومية بالشكل الصحيح، يستطيع الانتقال نحو أمان مالي معزز وجودة حياة مستمرة، وبهذا يصبح بإمكان المتقاعد القطري الحفاظ على استقراره المالي إذا ما استطاع أن يجمع بين الاستفادة القصوى من المبادرات الحكومية، مع توظيف الخبرات لزيادة الدخل، والتخطيط المالي الذكي. أولاً، قامت دولة قطر بتقديم الدعم المباشر لدخل المتقاعدين عبر آليتين، إذ ينص قانون التأمينات الاجتماعية الجديد 2022 على الزيادة الدورية للمعاش مما يمنح حماية استباقية تساعد على مواجهة غلاء المعيشة المتوقع مستقبلاً، ويضمن عدم تآكل القوة الشرائية للمعاش بمرور الزمن، ويُطمئن المتقاعد على استدامة دخله. ويلعب البرنامج الوطني «تقدير» كدرع مباشر ضد غلاء الأسعار، فبدلاً من تحمل القيمة الكاملة للعديد من السلع والخدمات، يستطيع المتقاعد استخدام بطاقة «تقدير» للحصول على خصومات كبيرة وملموسة لدى مئات الجهات والمؤسسات في قطاعات حيوية، وبهذا تقوم هذه الآلية بتقليل النفقات اليومية والشهرية، مما يعزز من قيمة المعاش الفعلية. ثانياً، أتاحت دولة قطر الفرصة للمتقاعدين لزيادة دخلهم بشكل فعال ومباشر باستخدام المرونة المالية، عن طريق تحويل خبراتهم وطاقاتهم إلى روافد مالية إضافية، أنشأت منصة حكومية «استمر» كأداة قوية لزيادة الدخل بشكل جذري، فمن يجد في نفسه القدرة، والخبرة، والرغبة في العمل، وضعت الحكومة بين يديه فرصة ذهبية تمكنه من العودة إلى سوق العمل في القطاع الخاص، مع ميزة استثنائية تتمثل في حصوله على راتب كامل من وظيفته الجديدة، يُضاف إليه معاشه التقاعدي الذي يستمر في تقاضيه بالكامل دون أي نقصان، هذه الاستراتيجية لا تساهم في سد الفجوة مع التضخم فحسب، بل قد ترفع إجمالي دخل المتقاعد إلى مستويات تتجاوز ما كان يتقاضاه حتى قبل مرحلة التقاعد. وشرعت الدولة بتقديم تسهيلات مالية مثل «القرض الحسن» لمن لديه القدرة على تحويل الأفكار المبتكرة والخبرات المتراكمة إلى مصدر دخل متجدد ومستدام بشكل أكثر سهولة ويسراً، وبدون أعباء فائدة تثقل كاهل المشروع الناشئ، وتقدر قيمة التمويل ب 300,000 ريال قطري، وإذا ما احتاج المشروع تمويلاً أكبر قد يلجأ رجل الأعمال الناشئ لأهل الخبرة والاختصاص للتعرف على كيفية دعم مشروعه مالياً، لكن المقام لا يتسع للحديث عنه. ثالثاً، التخطيط المالي الذكي، ومعرفة كيفية الإدارة الحكيمة للموارد المتاحة، وتنظيم خطط المالية الشخصية بحيث تمكن المتقاعد من تطبيق استراتيجيات تضمن نمو المدخرات، مثل توظيف المدخرات ومكافأة نهاية الخدمة في قنوات استثمارية آمنة ومدروسة، صناديق الاستثمار المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، أو الاستثمار في سوق الأسهم المحلي بشكل انتقائي، أو حتى الاستثمار العقاري المدروس، بهدف تنمية المدخرات بمعدل قد يفوق معدل التضخم، وبالتالي يحافظ على قيمتها ويزيدها. كما تقوم الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية بتنظيم ورش عمل متخصصة لتوعية المتقاعدين حول أفضل السبل لاستثمار مدخراتهم بفعالية وأمان. بالإضافة لاستثمار المدخرات، إعادة تقييم شامل للنفقات وأولويات الإنفاق من أهم طرق التخطيط المالي الذكي، وذلك من خلال وضع ميزانية شهرية أو سنوية واضحة ومفصلة، يستطيع المتقاعد تحديد المصاريف غير الضرورية التي يمكن ترشيدها أو الاستغناء عنها. هذا التنظيم المالي يمكّنه من توجيه أمواله نحو ما يهمه حقاً وما يحقق له قيمة مضافة، مع الحرص على الاستفادة القصوى من العروض والخصومات المتاحة عبر برنامج «تقدير» لتحقيق أكبر وفر ممكن في النفقات الأساسية. والقاعدة الذهبية «أفكلما اشتهيت اشتريت»، لعل أكبر سبب وراء الخلل ما بين الإيرادات والمصروفات هو تغير سلم القيم والأولويات في حياتنا عندما أضحت الأمور المالية ترتفع لأعلى سلم القيم وهبطت الأخلاقيات والمبادئ الإنسانية لأسفل السلم، وعندما أصبحت الكماليات ضروريات، ومع هجمة تيارات الترندات على صغيرنا وكبيرنا صار ما يدر علينا لا ولن يكفي ولو تضاعف الدخل أضعافاً مضاعفة.

2397

| 11 يونيو 2025

التقاعد بداية جديدة لحياة اجتماعية متجددة

لعلّ أكثر ما يتخوفه المتقاعد في حياته التقاعدية هو أن تجثمَ على حياته الوحدةُ والمللُ، وأن يظل يعيش في شبح الماضي فقط. هو قابعٌ في حاضرٍ راكدٍ ومستقبلٍ يخلو من الإثارة والمتعة، حيث فقدت الأحداثُ معانيَها، وصار الأقاربُ والأصدقاءُ والأصحابُ محطاتِ مرورٍ عابرةً، قد يلتقي بهم وربما لا يلتقي. الوحدةُ تقتل أنفاسَه، وبات ينام ويصحو على ذكرياتٍ مضت ولن تعود، ويجلس على الأريكة يجترُّ شريطَ ذكرياتِه ينقلُه من زمنٍ لزمنٍ، ومن ومضةٍ لأخرى، وما بين صورٍ باهتةٍ ضاع بريقُها وفقدت حيويتَها ورونقَها، وما بين حاضرٍ كاسدٍ لا حراك فيه، يرى نفسَه وحيداً وقد سئمَ من نفسِه وحياتِه. ها هو قد تقاعد وإذ به يجد علاقاتِه أصبحت باهتةً، وصلاتِه واهيةً، وفقدت الروابطُ طعمَها الأصيلَ. هل أخذ انغماسُه في عمله كلَّ جميلٍ في حياته؟ على رِسلك أيها المتقاعد! فترةُ عملِك قضيتَها بجدٍّ وإخلاصٍ، وهي وسامٌ نعلقُه على صدورنا نفخر به دوماً. كلُّ فترةٍ من حياتنا لها خصوصيتُها وتميزُها. ولعل من أفضل المبادرات التي يمكنك القيام بها هو تخصيصُ وقتٍ أكبرَ للعلاقات الاجتماعية التي قد كنت تتمنى تقويتَها ومنعَك من ذلك ضغوطُ العمل. إن بناءَ علاقاتٍ فعالةٍ وحيويةٍ ومتفاعلةٍ يضفي معنىً عميقاً على حياتِك ويُعطيها قوةً ونشاطاً، ويجعلك تتلمسُ معانيَ جديدةً للحياة والعلاقات ككل من زوايا مختلفة. أولُ ما يتبادر للذهن هو ضرورةُ إعادةِ التواصل مع العلاقات القائمة من أصدقاءَ قُدامى وزملاءِ الدراسة. البعضُ منا قد يتوقُ لاستعادةِ علاقةٍ قديمةٍ طواها الزمنُ ليرى مقدارَ التغيير والتغير في المظهر والشخصية لأصدقاءَ كانوا يعنون له الكثير، ولإحياءِ مشاعرَ جميلةٍ تشاركوها معاً أضافت إليهم الكثير. إن إحياءَ وتقويةَ العلاقات من أسهلِ الأمور؛ تستطيع أن تجدَهم عبر وسائلِ التواصل الاجتماعي، وما عليك إلا أن تبادرَ بالاتصال، إما عبر مكالمةٍ هاتفيةٍ أو بإرسالِ بريدٍ إلكترونيٍّ أو عبر شبكةِ معارفِك. وستجد أرضيةً خصبةً مشتركةً فيما بينكم تتبادلون فيها الذكرياتِ وتتجاذبون أطرافَ الحديث، مما يولدُ لديكم شعوراً بأنكم جزءٌ مهمٌّ في الوسط الاجتماعي، وأن هناك أدواراً اجتماعيةً تنتظركم لتقوموا بها، لأنكم ما زلتم جزءاً حيوياً في هذا الوسط. اجعلْ من تواصلِك الاجتماعي هدفاً إنسانياً وشعورياً يبرزُ النسخةَ الأفضلَ منك ويجعلُك داعماً لا غنى عنه. إن الدائرةَ الاجتماعيةَ للمتقاعد كبيرةٌ وتزدادُ اتساعاً؛ فهناك الأبناءُ والأحفادُ، والأقاربُ والجيرانُ، وباستطاعتِك أن تكونَ جزءاً فاعلاً في حياتهم. يمكنك -مثلاً- تخصيصُ وقتٍ منتظمٍ للاجتماعِ معهم والتحدثِ إليهم ورفقتهم ومشاركتِهم أنشطتَهم، كالتمشية اليومية واللعب في الهواء الطلق. بأبسطِ الوسائلِ يمكنك أن تُضيءَ حياتَك التقاعديةَ وتجعلَها تفعمُ بالحركة والحيوية والنشاط. افتحْ قلبَك وخططْ ونفذْ أنشطةً وبرامجَ ترفيهيةً وثقافيةً مع من تحب. ستجدُ رفقةً طيبةً مع كل من حولك. فقط ابدأْ وحاورْ واجلسْ معهم، وستُفتَحُ لك أبوابٌ من الأفكار والمشاعرِ تزهو بها حياتُك، وتنطلقُ بعدها بتفاؤلٍ وصدرٍ رحبٍ لتستقبلَ حياتَك الجديدةَ وهي تعجُّ بالأشخاص والأحداث. وستُفتَحُ لك أبوابٌ للعطاءِ والمَنْحِ، وبنفس الوقت تُشبِعُ احتياجاتِك النفسيةَ والعاطفيةَ بحسب المتاح في حياتك من ظروفٍ وأحوال. تذكرْ أن شريكةَ أو شريك حياتِك تنتظرُ فرصةَ قضاءِ الوقتِ المثاليِّ والنوعيِّ معك. خطِّطا معاً لأنشطةٍ اجتماعيةٍ وترفيهيةٍ تستمتعانِ بقضائِها معاً، وقد ألقيتُما عن كاهلِكما الكثيرَ من المسؤوليات. جاء الوقتُ للحوارِ المفتوحِ والفكاهةِ العفويةِ، والجوِّ الذي لا يخلو من الأُلفةِ والمشاعرِ الجميلة. والمشاركةِ في الهوايات مثل القراءة، والانضمامِ لمجموعاتِ المشي، أو صفوفِ الفنِّ، أو تعلمِ لغةٍ جديدةٍ، أو المشاركةِ في ورشِ عملٍ، أو مجموعاتِ البستنةِ، أو التطوعِ للقيامِ بأعمالٍ خيريةٍ أو تقديمِ دعمٍ للفئاتِ المستضعفةِ في المجتمع. لتخرجَ أيها المتقاعدُ من دائرةِ المللِ والركودِ والوحدةِ، عليك أن تبادرَ ولا تنتظرْ من الآخرين أن يتصلوا بك. بادرْ أنت بالدعوةِ والاتصالِ، وأظهرِ اهتماماً حقيقياً مفعماً بالصدقِ والمشاعرِ، وشاركِ اهتماماتِك وهواياتِك وخبراتِك، وستجدُ حياةً زاخرةً بالعطاءِ تعجُّ بالحيوية.

1530

| 11 مايو 2025

ماذا تعني "الآن" حياة المتقاعد؟

قد يكون التقاعد المرحلة الأكثر إشراقاً في حياة الفرد، هي تكملة لمسيرته في الحياة لكن بشروطه وقراراته هو، لأنها هي المرحلة التي يبدأ يحقق فيها قدراً أكبر لذاته، وحسب ما شكلتها الظروف والأيام والعوامل الداخلية والخارجية، ليبلغ الفرد نقطة محورية يتوج فيها خبراته ومهاراته وقدراته وإمكانياته وطاقاته، وتجمع بين ماضيه وحاضره. هي تجسيد لذاته، وإظهار لمدى تقديره لذاته ووعيه بها واحترامه لها، بل وحتى تشمل هذه النقطة مبادئه ومعتقداته وأفكاره ومشاعره إلى حيث وصلت به الأيام ورافقته الأقدار. لنتفق على تسمية هذه النقطة بـ "الآن"! وقت "الآن" بالنسبة للمتقاعد هو وقت الحرية النسبية والاستقرار المكتسب، هو الوقت غير المقيد بالضرورات الوظيفية، والذي يحتفل فيه بكل إنجازاته السابقة والتي قدمها لوطنه، وخدمته بكل حب وإخلاص، هي علاقة يتم من خلالها تبادل المنافع والمصالح ما بين المواطن والدولة، تقوم على الولاء والانتماء والحب والعطاء، واحترام القانون والالتزام بالمسؤوليات. خلال هذه العلاقة أتيحت للمتقاعد فرص عديدة للتعلم والعطاء والبذل والاجتهاد، وقامت الدولة بدورها في رعايته وتقديره، حضنته وأعلت من شأنه، حتى وصل لمرحلة ما بعد التقاعد والتي تؤهله إلى الولوج في رحلة أخذ وعطاء جديدة تخضع لشغفه وقراراته. "الآن" هو وقت الصحة والرفاهية والرعاية الذاتية، وينتقل المتقاعد بعدها للدائرة الأكبر: عائلته، أصدقاؤه، مجتمعه، وربما العالم. وأهم شرط للوصول لحياة تتسم بالرفاهية الجسدية والعقلية، وتمنح المتقاعد العافية والراحة والهناء هو أن يُعطي المتقاعد الأولوية لنفسه؛ لصحته الجسدية والعقلية والنفسية والاجتماعية، ويتأتى هذا أولاً؛ عن طريق العناية بتناول الطعام الصحي المناسب لوضعه وعمره. ثانياً؛ الالتزام بممارسة الرياضة يومياً أو المشي لمدة نصف ساعة على الأقل. ثالثاً؛ الحصول على قسط كاف من النوم العميق لا يقل عن سبع إلى ثماني ساعات يومياً. رابعاً؛ بتعويد النفس على التأمل والامتنان لينعم بالراحة والاسترخاء. أمَّا التفكير والتأمل في التجارب الماضية لا يعني جلد الذات أو تأنيبها، بل الاستفادة من الخبرات والتجارب الماضية على أنها فرص ونقاط انطلاق لرحلة تعلم جديدة، وباب خير جديد لتغيير الذات. بعدها يتمكن المتقاعد "الآن" من الدخول لمستقبل آمن مريح، يمنحه معنى جديداً للحياة ولذاته، يستثمر فيه نفسه بالحركة والعطاء والانتعاش، وبجد واجتهاد، لا يكل ولا يمل ولا يتعب، واضعاً شغفه ورسالته في الحياة نصب عينيه دون الوقوع في الكسل والتراخي وتهميش الذات. "الآن" يعني أن على المتقاعد أن يعي أنه ما عاد يعيش مرحلة التوتر والضغوطات في حياته المهنية أو العائلية أو الاجتماعية، هو الآن سيد نفسه، وصاحب القرار، والعقل المدبر لتحقيق شغفه ورسالته في الحياة. وأهم مبدأ على المتقاعد أن يدركه هو "نفسي أولاً" وهذا لا يعني الأنانية، بل هو نهوض بصحة المتقاعد الجسدية والنفسية والعقلية والروحية والاجتماعية والمالية والاقتصادية ليظل قوياً ومستقراً في مجتمع دائم التغير والتطوير، دون أن يُعير اهتماماً مبالغاً للإيقاع البطيء للأحداث والنتائج. وبعد أن يضع المتقاعد نفسه كأولوية قصوى، يهتم بعدها بتنمية وتعزيز علاقاته مع العائلة والأصدقاء، والاستمتاع بقضاء وقت ممتع معهم. وقد ينضوي تحت هذه المظلة تقديم الدعم للوالدين والأزواج والإخوة والأخوات وغيرهم من الأقارب، حسب الحاجة وما تفرضه طبيعة العلاقة. ومن المتوقع في فترة "الآن" تكوين صداقات جديدة تتولد من خلال الانخراط بالأنشطة الاجتماعية، وتلبية الاحتياجات والاهتمامات المشتركة. "الآن" هو التكيف مع نمط الحياة الجديد، والتنوع في الأنشطة، وإجراء التغييرات اللازمة لتحقيق أهداف شخصية واجتماعية ومالية تعزز التفاعل الاجتماعي والنفسي والحركي، وبالتالي تزيد من الإنتاجية والعطاء، لتحقيق أكبر قدر من الرضا والسعادة عندما يدخل المتقاعد من بوابة حياة التقاعد الجديدة.

2049

| 13 أبريل 2025

ماذا نفعل الآن؟ (1-2)

جَمَعَنَا أفراداً وجماعات همٌ مشترك، تكالبت علينا الأمم، واجتمعت الدنيا علينا، وما زلنا لا نعي دورنا كأفراد في عالم يزداد صغراً، وما أسهل ما تنطلق الكلمة فيه من مكانها ليعلو صداها زوايا الشرق والغرب، وتصدح في كل بيت وشارع على الكرة الأرضية. واحسرتاه! أوشكنا أن نحمل أكفان قضية فلسطين على أيدينا، نشاهد ونستمع، ننتظر ونترقب، وواثقين بأن شيئاً ما سيحدث في أفق الأمل الضائع، ونرقب الأحداث بألسنة معقودة وأيدٍ مكتوفة، ثقتنا المتواكلة أبطأت حركتنا، وتُهْنَا إلى أن ضِعنا داخل عجلة الأحداث المتسارعة. نسينا قوة الكلمة، لا أقصد تلك الكلمات التي ينادي بها المتظاهرون، ولا التي يتغنى بها المغنون، ويتشدق بها الثرثارون، هي كلمات تقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، هي كلمات توجه للمَعْنيِّ ومن يستحق سماعها. نعم شيوخنا الأفاضل الشيخ الشعراوي والشيخ أحمد يس رحمهم الله فسروا وحللوا وأصابوا، اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بتفسيراتهم وبأن النصر قريب، كما أن الخلاف بين الحق والباطل من سنن الله في الكون، وهو قائم إلى أن تقوم الساعة، وتدافع الحق والباطل حراك مستمر، وحركة الإنسان في الحياة دؤوبة حتى لحظة وفاته، ولو كان بيد أحدكم فسيلة وقامت الساعة فليغرسها، وملحمة الإنسان في معركة التدافع منوطة بالإنسان ذاته، ومن المبادئ الإسلامية في تربية الفرد أن الإصلاح يبدأ بالنفس أولاً، يُصْلِحها ويُهَذِبَها ويُربيها ويُقَوِيها، وإذا صلحت صلح المجتمع كله، المغزى أنَّ كل إنسان سيُسْأل عن عمله ونفسه، وفي المحن والشدائد تتوحد الجهود والطاقات، وتصبح حركة الصمود والتصدي والنضال واجبة على كل فرد سواء كان داخل الحدث أوخارجه، قَرُب النصر المؤَزَّر أَم بَعُد، كل فرد يَؤُز ويَكِد في هذه الحياة، ليُدلي بما يجود به من عمل وقول وكلمة، لإعلاء كلمة الحق ودَحْر كلمة الباطل، والفوز الحقيقي البدءُ بالعمل فرداً فرداً، بلا تمني ولا تواكل. إنَّ شدة الأزمة ملأت صدورنا حُرْقَةً ولَظَىً، حتى صارت خيوط الأمل التي عادةً تنسجها لنا الشخصيات الفذّة، أو توقعات المراقبين والمختصين، ذائبة لا تُشْفي غُلَّ أصحاب الحق، ولا تعني للمناضل المحترق استشراف النصر، لأنه عَلِم أَن ما يصنعه بنفسه وبيده هو الذي يُعلي علم النصر والعزة. البعض قد يندفع بحماس وجرأة مُحَفزَّاً بعاطفته فقط دون تفكير ولا تخطيط، وآخرون يعرفون الحق ويعرضون عنه ويتعامون عن دلالاته اتباعاً لهوى وتغافلاً عن الآخرة، وقد يصل الأمر لبعضهم أن يجادلوا بهدف إعلاء الباطل على الحق، والبعض ينكرون الحق ويعارضونه كليةً، وآخرون ضالين مضلين، أيّاً كنت منهم تذكر أنك ستسأل عن عملك أنت، سواء النصر المؤزر الآن أم فيما بعد، يبقى الأمر أمر الله تعالى: «وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا» والتعويل هنا يكون على أولي الألباب الذين يدركون حقيقة واحدة أن اليوم عمل وغداً حساب. المهم ألاَّ نُعَلِّق أملنا ببشائر النصر على حساب التوكل بمعناه الشرعي الحقيقي، الأمل معقود، لأن القرآن والسنة تنبؤوا به، ومن أصدق من الله حديثاً، لكن الأيام دواليك، وهناك كرٌّ وفر، صعود وهبوط. إنَّ اقتران الأخذ بالأسباب عملياً مع الإيمان المطلق بالنبوؤات اليقينية ترقى بالإنسان لأعلى درجات الفهم والتطبيق فكراً ومنهجاً، والفرد الموجود خارج الملحمة يمتلك وسائل وأدوات بسيطة متاحة بين يديه، قد تفعل فعل الأعاجيب في عصر التكنولوجيا المتقدم، إن التوازن ما بين العقلانية والعاطفة، يتطلب حُسن توظيف العقل والمشاعر عبر القنوات المتاحة. جهادنا يكون حيث وُجدنا، وبما في وسعنا وطاقاتنا، وبما يسمح به مكاننا وموقعنا وإمكانياتنا، الذكاء يكمن في كيفية تفعيل ما باليد لنصنع منه الأثر الفعَّال والمطلوب، نعم نحن لسنا داخل الأرض المحتلة، ولا نقول إلا «حسبنا الله ونعم الوكيل»، نحن الآن بحاجة لأفراد أقوياء النفوس، سليمي العقول، يمتلكون من المهارات ما يكفي لمواجهة أعتى التحديات وبالوسائل العصرية وبلغة ومنطق العدو.

759

| 18 أكتوبر 2023

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2508

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1479

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1149

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1095

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

765

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الكلمة.. حين تصبح خطوة إلى الجنة أو دركاً إلى النار

في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...

651

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

594

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

594

| 04 ديسمبر 2025

528

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
التوافد الجماهيري.. والمحافظة على السلوكيات

كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...

501

| 30 نوفمبر 2025

495

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

495

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية