رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
السيد جون كيري –وزير الخارجية الأمريكي- أعلن مع نظيره الروسي –سيرجي لافروف- عن "هدنة" لوقف الاقتتال في سوريا اعتبارا من ليلة السبت الماضي، وإعلان السيد كيري عن "هودنا" –كما لفظها بالعربية- هي أشبه بحديث رئيس النظام في سوريا بإجراء انتخابات تشريعية في ابريل المقبل، وكلا الأمران- الهدنة والانتخابات- يثيران لدى الإنسان السوري ولدى أي متابع عاقل الاستغراب والتساؤل: هل هذه دعوات جادة؟ أيعقل ما قاله السيد كيري عن "هودنا" متزامنة مع هلوسات بشار الأسد بانتخابات برلمانية بعد شهر؟ نفهم أن يعلن السيد لافروف قبوله للهدنة لأن بلاده تخوض حربا ضروسا ضد السوريين- داعشهم وجبهتهم ومعتدلهم وكل من يعادي نظام الأسد، ولكن من تحارب بلاد السيد كيري كي يعلن هدنة أصلا؟ فبلاد السيد كيري أعلنت ورددت أنها في حرب مع أشباح إرهابيي داعش حتى القضاء عليهم، أي أنه لن يوقف قتالهم حتى بحال الهدنة، وهو –كما كل دول العالم صادقها وكاذبها- يستثني داعش من أي هدنة أو سلام أو مفاوضات لأنهم يرفضون ذلك اصلا، إذن مع من يعلن كيري هدنة وعلى أي أساس؟ هنا يأتي التساؤل الملح: إذا كان السيدان كيري ونظيره الروسي لافروف قد أعلنا الهدنة من طرف واحد، فإن النظام رفضها قبل إعلانها، فبشار الأسد أعلن أنه لن يتوقف عن قتال "الإرهابيين" ولن يسمح لهم باستغلال أي هدنة للسيطرة على مزيد من المواقع، وجدد التزامه بمواصلة القتال حتى آخر جندي روسي و"مستشار" إيراني للقضاء على "الإرهاب". على الجانب الآخر، أعلنت هدنة كيري-لافروف دون العودة للهيئة العليا المفاوضات السورية! وحال إعلان كيري ولافروف "الهودنا" دعت الهيئة لاجتماع طاريء بالرياض مما يعني أن الهيئة المعنية بالمفاوضات "ما مَعَا خبر بالهودنا"- كما يقال باللهجة السورية. الأعقد بهدنة كيري-لافروف أنها لا تحدد من تشمل من الفصائل المعارضة، فباستثناء داعش وجبهة النصرة- النسخة السورية للقاعدة- يعني تواصل الضربات الجوية الروسية لها في مناطق تشترك فيها الفصائل ويختلط فيها بالحابل والنابل والنابالم وجحيمه على رؤوس الجميع من قبل طيران النظام وروسيا. إيران بدورها رددت اسطوانتها الجميلة كعادتها: "نحن مع أي سلمي سياسي"، ولكن الحل السلمي الإيراني يعني استمرار النظام، وتغذية الاقتتال وإرسال "بضعة" آلاف من المستشارين وتمويل فصائل شيعية عراقية ولبنانية وباكستانية وأفغانية للقتال إلى جانب النظام، وتركيا قالت بأنها ليست معنية بالهدنة في حربها ضد إرهاب حزب العمال بنسخته السورية "حزب الشعوب الديمقراطي"، ودول الخليج لن تتخلى عن الشعب السوري بأي ظرف من الظروف، ولن تسمح السعودية ببقاء الأسد بعد كل الجحيم والدمار والجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، وإسرائيل ترقب الوضع، وهذه تعني أن لها مصلحة باستمرار الأمور على ما هي عليه أطول مدة ممكنة. الهدنة ما كان لها أن تصمد وتستمر، والشواهد والشهود والأخبار والتقارير تتحدث عن أنها ولدت ميتة، وبما أنها لا تحمل أمل حلٍ سياسي، فإن القول باستمرارها هو حلم أو هلوسة شبيهة بدعوات النظام لانتخابات الشهر القادم. هدنة كيري-لافروف هي "هدنة دخن" كما ورد في الحديث الشريف، أي أنها هدنة من لا يثقون ببعضهم ويحملون الضغائن والحقد تجاه بعضهم، وهدنة وقف إطلاق نار بدخان لم يتوقف كدليل على استمرار استعارها.
527
| 01 مارس 2016
تطرح هذه المقالة تساؤلات حول درجات الرحمة والقسوة بالقتل عبر القصف الجوي والمدفعي والمذابح والتهجير القسري والتطهير الطائفي الذي يتعرض له الشمال السوري هذه الأيام. منذ أشهر والمدن السورية دون استثناء ودون تتعرض لقصف عشوائي روسي من الطيران الحربي الروسي، القصف الروسي لا يميز ولا ينتقي ولا يختار، فهو تكرار لسيناريو قصف غروزني- عاصمة الشيشان- التي أعلنتها الأمم المتحدة عام 2003 أكثر المدن دماراً بالعالم. حين قصف العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغداد بعد احتلال العراق للكويت عام 1990، خرجت مظاهرات عارمة في عواصم ومدن عديدة تندد بقصف وتدمير عاصمة الرشيد، ورمز الحضارة العربية الغابرة، وحين غزت الولايات المتحدة الأمريكية بغداد عام 2003 للإطاحة بدكتاتورية صدام حسين، تكررت نفس المظاهرات بنفس العواصم تنديدا بالغزو "البربري الهمجي الغادر" الذي دمر الأخضر واليابس بالعراق. وكذا حين غزت إسرائيل لبنان عام 2006 وحين أحرقت غزة عامي 2008 وصيف العام الماضي. ولا بأس فذاك حق من أراد التظاهر والاحتجاج، ولا ضير فتلك دافعها الضمير والتضامن العروبي والإسلامي والإنساني، أو هكذا فليفترض المفترضون. ولكن لماذا لم تخرج مظاهرة واحدة بالعواصم التي نددت بقصف بغداد منذ اندلاع جحيم القصف الجوي الروسي على المدن السورية وبالأخص مدينة حلب العريقة؟ لا أمتلك إجابة منطقية واحدة على التساؤل، ولكن دار بخلدي تساؤلات قد يكمن بثنايا بعض الفهم للتضامن الانتقائي مع قصف المدن العربية العريقة كبغداد وحلب. فبغداد عاصمة الرشيد، وحلب عاصمة سيف الدولة وأبو فراس الحمداني وأبو الطيب المتنبي وواحدة من أقدم مدن العالم المأهولة بالسكان. وسوريا بلد الأمويين، وقبلة الشرق وحاضرة الشام وقلعة العروبة، إلخ. هل ماتت المشاعر وتبلدت الأحاسيس لدينا؟ هل وصل الإحباط بيننا ألا فائدة ترجى من التظاهرات والتعبير عن الغضب بالهتافات والشعارات؟ هل لأن القصف روسيا وليس أمريكيا أو إسرائيلياً؟ هل يختلف جحيم القصف بين الأف18 والميغ والسوخوي؟ هل لازالت تأثيرات اليسار العربي والتعلق الوهمي بالشرق السوفييتي السابق-القيصري حاليا وراء مثل هذه "السلبية" الصامتة؟ هل لأن الخليج وأهله متضامنون مع أهل الشام وثورته وثواره ويطالبون برحيل طاغية الشام الذي تسبب بمقتل ربع مليون واختفاء واعتقال عشرات الآلاف وتشريد الملايين وتدمير بلد بأكمله؟ هل السبب كل ما هو أعلاه؟ الحقيقية أنني لا أمتلك إجابة واحدة ومحددة لتلاشي الغضب العربي الشعبي الذي اجتاح عواصم عربية احتجاجا على قصف بغداد وبيروت وغزة، ولكنه اليوم يتفرج ببلادة منقطعة النظير على خراب وتدمير المدن السورية سحقا ومسحا وبطشا من أجل عيون بشار الأسد. لعل مثل هذه التساؤلات مناسبة لمراجعة بعض ضمائرنا، وفرصة للتفكير بانتقائية الغضب الشعبي حسب مدينة الجريمة وجنسية ونوع المجرم.
920
| 14 فبراير 2016
هي بدعة الإسرائيليين ومحور فكر التفاوض لدى رئيس وزراء إسرائيل- بنجامين نتانياهو- مع الفلسطينيين، تعالوا نتفاوض "دون شروط مسبقة" واختصارها وفق الأحرف الثلاثة الأولى منها هي "دشم"، فالإسرائيليون يصادرون أراضي الفلسطينيين، ويبنون المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويحاصرون الفلسطينيين داخل سجن كبير بناه أرييل شارون-رئيس الوزراء الأسبق- ويستمرون بالاعتقالات العشوائية، ويرفضون تنفيذ الاتفاقات الثنائية بإطلاق سراح المعتقلين دون تهم، ويقتلون الفلسطينيين على الشبهة/المزاج بحجة محاولة طعن الإسرائيليين، ويهدمون بيوت من يقوم بعمليات مقاومة في عملية انتقام جماعي ضد أسرهم وعائلاتهم، ويستمرون بحصار لا إنساني لقطاع غزة، ويقصفون القطاع كما يشتهون، ثم يطالبون الفلسطينيين بالجلوس على طاولة المفاوضات معهم "دشم"!! منطق القوى على الضعيف، أو قل منطق من يبحث عن شرعنة كل أساليب الاحتلال والقهر الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، وإن رفض الفلسطينيون الجلوس "دشم" اتهمهم نتانياهو بالتطرف وبرفض السلام! فعن أي سلام يتحدثون في ظل استمرار حالة السجون والاستيطان ومصادرة الأراضي والقصف والحصار والقتل المزاجي!! بالمعادلة نفسها، يطلب السيد ستيفان دي مستورا –المبعوث الدولي لسوريا- من الأطراف السورية "المتنازعة" الجلوس على طاولة جنيف 3 "دشم"؟ الوضع في سوريا هو وضع قتل وتشريد وتهجير ومذابح وقصف سوري وروسي جوي، وبراميل متفجرة واعتقالات عشوائية، واختفاءات قسرية، وانتهاكات مأساوية، وميليشيات إيرانية وأفغانية وعراقية وشيشانية وداعشية، وحالة الإنسان السوري هي بين إرهاب النظام وأزلامه وميليشياته الطائفية، وبين إرهاب داعش والنصرة ومقاومة ومطالبات بالحرية تلاشى صداها أمام أزيز القنابل الطائفية، والمذابح الانتقامية، وقصف البراميل المتفجرة، ثم يأتي السيد دي مستورا –الله يستر عليه- ليطالب المعارضة -التي لم يقبل النظام وحلفائه بتحديدها- بالجلوس على طاولة مفاوضات جنيف 3 "دشم"!! كيف يمكن لمفاوض أن يذهب للتفاوض مع استمرار القصف الجوي والأرضي والاعتقالات التي تجاوزت مئات الآلاف من قبل النظام، واستمرار النظام بمذابحه وعدم تقديم أية إشارة حسن نية يبرر بها المفاوضون رحلتهم الشتوية لجنيف؟ لازالت القوى الإقليمية والدولية والمؤثرة بالصراع بسوريا تختلف حول من يجلس على طاولات المفاوضات دشم! لكن السيد دي مستورا يريد عقد مؤتمر جنيف3 دشم! وهو بذلك يخلط المعارض بالموالي، والمقاوم بالإرهابي، والمسالم بالقاتل. مفارقة أن مستورا بالإيطالية تعني "خلطة"!!! هل يتعمد السيد "خلطة" خطل الأوراق وتمييع المسألة واستمرار المأساة السورية؟ أم هل يعيش السيد دي مستورا أضغاث أحلام لا تفسير لها؟ أم أنه يقلد المدرسة الإسرائيلية الدشمية في الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل السلام؟ المفارقة الأخرى أن مختصر "دون شروط مسبقة": دشم تعني تحصينات عسكرية أرضية وقد تكون فارسية الأصل، ووضع الدشم أمام طريق السلام يعيق السير فيه بالتأكيد، ولكن معنى الدشمة بالعربية هو الرجل الذي لا خير فيه، ومفاوضات الدشم التي يدعو لها السيد دي مستورا ستكون أشبه بسوالف دشمة –وليست مفاوضات دسمة- أي لا خير فيها ولا فائدة مرجوة منها،،،
1123
| 27 يناير 2016
"الحياة والموت تساوت عندنا واحد واحد، ما عاد فيه الكويت ولا فيه السعودية فيه بلد واحد، تبقى الكويت والسعودية أو تنتهي الكويت والسعودية، لا يمكن تنتهي واحدة وتبقى الثانية"- الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، أغسطس 1990.لا يغفل هذا المقال الدور الذي قامت به الدول الخليجية والعربية الشقيقة والصديقة وقياداتها في حرب تحرير الكويت العادلة، ولا يقلل من التضحيات التي قدمتها شعوبها في سبيل إعادة الحق الكويتي قبل ربع قرن من الزمان، لكن هذا المقال يركز تحديدا على الدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية –شعبا وقيادة، وما ضحت به من دماء وما تحملته ودفعت به من غال وثمين من أجل استعادة الكويت وعودة الحق لأهلها وقيادتها، وتركيز هذا المقال على المملكة أسبابه ما تتعرض له هذه الدولة العزيزة العظيمة من هجمات على عدة جبهات، وما يشكله استهدافها من استهداف لنا بالخليج دون استثناء، ولنا كأمة عربية جمعاء. وتتزامن هذه الهجمة على المملكة مع ذكرى الغضبة السعودية التاريخية في سبيل الكويت وحريتها، فالليلة تمر الذكرى الخامسة والعشرين من انطلاق عاصفة الصحراء التي حمى وطيسها في حرب خاطفة سريعة هائلة الخسائر والتضحيات، وذلك لتخليص الكويت من براثن الاحتلال العراقي لها عام 1990.ففي ليلة السادس عشر وفجر السابع عشر من يناير قبل ربع قرن- العام 1991، شنت قوات التحالف الدولية عاصفة الصحراء منطلقة من أراضي المملكة العربية السعودية، ويا لها من ليلة ليلاء، فلقد قدمت المملكة العربية السعودية كل شيء في سبيل تحرير الكويت، ولم تقبل بأي حل لا يتضمن تحرير الكويت وانسحاب القوات العراقية إلى حدود ما قبل الثاني من أغسطس 1990 انسحابا تاما غير مشروط، وتعرضت أراضي المملكة –بل وحتى قلب عاصمتها الرياض- لهجمات صاروخية من صواريخ سكود، ولكن ذلك لم يفت من عضدها، ولم يضعف عزيمتها، فوقفت كالطود الشامخ في وجه العدوان، وانتفضت بغضبة مضرية دفاعا عن الكويت وشعبها، واستقبل الشعب السعودي القيادة الكويتية حينئذ –أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي عهده الشيخ سعدالعبدالله الصباح رحمهما الله- وأفواجا من الكويتيين المدنيين العزل الذين غادروا بلادهم عنوة لينتقلوا لبلدهم الثاني، وليجدوا أنهم بين أهلهم وأشقائهم، فاستقبلتهم القلوب قبل البيوت، وتضامن السعوديون مع أشقائهم الكويتيين كما يكون التضامن والفزعة العربية الأصيلة.وتتعرض المملكة العربية السعودية هذه الأيام، إلى حمى محمومة من العداء، فحملة إعلامية غربية هنا، وعدوان على مؤسساتها الدبلوماسية بطهران ومشهد الإيرانيتين هناك، وخنجر إيراني رأسه بصعدة، ومقبضه ببيروت، وواسطه ببغداد، ودماؤه تقطر بدمشق وحلب وحمص وكل الأراضي السورية، هجمة طائفية من طهران، ونباح إرهابي من الرقة، ووعيد أجوف من بغداد، وخذلان الجحود من لبنان الرسمية، ومساندة غربية إعلامية منافقة تظهر مكنون القلوب.إن من يقول بأن المملكة ملائكية السياسات ومدينة فاضلة إنما هو منافق كاذب، ولكن من يقول بأن المملكة جحيم مستعر، إنما هو جاحد فاجر، ونذكر العروبيين الوحدويين بأن المملكة العربية السعودية هي أكبر ما تحقق جغرافيا من وحدة أراض عربية وأقدمها، وهي للإسلاميين حامية حمى الحرمين الشريفين، وهي للإنسانية مقصد ملايين من البشر بحثا عن لقمة العيش وعن الحياة الكريمة، ونذكر كل من يدعي الوطنية القطرية بأن المملكة لا تتدخل في شئون الآخرين، ولا تنظم الاغتيالات وخلايا التجسس والمؤامرات، ولا تفرض الولاية ولا الخلافات (من الخلافة).لكن المملكة لكل طامع وصاحب مشروع تخريبي، عصية على التآمر، وصلدة في وجه الإرهاب والدناءة السياسية، وهي تستمد قوتها -إلى جانب عناصر القوة العسكرية والمادية- من تاريخ من الصمود والثقة والإيمان، ومن إيمانها العميق بقدرها في هذه المرحلة التاريخية بأنها قلعة الصمود والبقاء، ليس لمنطقة الخليج العربي وحسب، بل لا أبالغ إن قلت للأمة العربية بأسرها.إن العرفان والوفاء والشهامة تستلزم مني ككويتي استذكار التضحيات المصيرية التي قدمتها المملكة العربية السعودية لبلدي ولشعبي، بل إن الوعي بالمصير المشترك تتطلبان مني كعربي من الخليج العربي، أن نقف وقفة واحدة إلى جانب المملكة بتصديها لما تتعرض له منطقتنا العربية من عربدة إيرانية، ومن أحلام أطماع توسعية، تمارسها إيران ضدنا بعنجهية عبثية ستجر على المنطقة برمتها الوبال والدمار ما لم يكن التصدي لها مشتركا متوحدا، فإيران تصر على معاداتنا، وعلى التدخل في شئوننا، ولعل اكتشاف شبكة تجسس إيرانية وأخرى مسلحة مرتبطة بإيران بالكويت هذه الأيام، من المؤشرات الواضحة وضوح الشمس برابعة النهار بالعداء المعلن الذي تمارسه إيران ضدنا كعرب ليل نهار.للواهمين نقول: كانت وستبقى المملكة العربية السعودية ملاذا للشرفاء، وملجأ المظلوم، وقبلة المصلين، وقلب الأمة العربية، ومنبع الرسالة الإسلامية، والوقوف إلى جانبها واجب تاريخي، وفرض براجماتي، ولصدى كلمات الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز- طيب الله ثراه- نقول: سنبقى إلى جانب المملكة، لأن التضامن معها هو تضامن مع أنفسنا وبقاؤنا كأمة، وسيخيب ظن الواهمين، وتتلاشى كوابيس الحالمين،،،
2979
| 16 يناير 2016
لا يفرح كاتب هذه المقالة لمقتل أي إنسان كمبدأ-حتى وإن كان نمر باقر النمرأومنظرالقاعدة فارس الشويل، ولكن المطلوب تفهم أسباب ودوافع إعدامهما مع خمسة وأربعين آخرين وفق القوانين بالمملكة العربية السعودية قبل يومين، وهي قوانين لا تختص هذه المقالة بالتطرق لها. ولكنها قوانين طبقت بمسطرة مساواة واحدة وكانت قوانين عمياء في تطبيقها لم تفرق بين سني وشيعي.أعقب إعدام نمر النمر ردود فعل سياسية شيعية محركها إيران ومن يدور بفلكها بالعراق وسوريا ولبنان وبقايا ولاية الحوثي باليمن، وقد أخذت هذه الردود من الأفعال خروقات للقانون الدولي ومباديء العلاقات الدولية تمثلت بالاعتداءات الصارخة المنظمة من قبل حرس الثورة والباسيج على السفارة السعودية بطهران والقنصيلة التابعة لها بمدينة مشهد الدينية التي يتردد عليها زوار كثر من السعودية وغيرها، وقامت السلطات الإيرانية بحركة إعلامية بتسمية شارع بمشهد باسم النمر، وقد دفع الاعتداء على الهيئات الدبلوماسية السعودية إلى اتخاذها قرارا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير الإيراني ودبلوماسييه من المملكة خلال ثمان وأربعين ساعة.والحقيقة بأن إيران لن تتجاوز ردود أفعالها بمن ورطت من مؤيديها أكثر من تلك الخروقات الفاضحة للقانون الدولي بتحريك غوغاء اطلاعات والباسيج والباسدران للاعتداء على السفارات ببلادها وهي حركات مكشوفة ومكررة وممجوجة، ولا تعكس سوى الطبيعة الفوضوية للحالة الإدارية التي تحكم القرار بإيران، ولعل تفرجها على أنصارها- أنصار الله- باليمن خير دليل، بل إن إيران –برأيي- قد ساهمت مساهمة فعالة بتنفيذ حكم الإعدام برجلها المهم بالمملكة العربية السعودية وهوالمواطن السعودي نمر النمر بتصعيدها وتهديدها المملكة العربية السعودية إن هي أعدمته، وهي بتلك التهديدات قد أخطأت قراءة فكر متخذ القرار الحازم بالمملكة العربية السعودية الذي يقود حربا تحالفية مع أنصار الله وحليفهم المخلوع باليمن والتي مضى عليها عدة شهور،ولم يكن في وارد القيادة السعودية في هذه المرحلة أن تظهر أية ليونة بتأجيل تنفيذ الحكم، أو تخفيف العقوبة من الإعدام إلى السجن، مما قد تفسره إيران وأتباعها بأنه خضوع للتهديد، وتراجع خائف من الحملات التي نظمتها إيران بغباء منقطع النظير في محاولة يائسة لإنقاذ رجلها بالمملكة العربية السعودية، فكانت إيران بذلك قد أعدمت النمر بسياساتها الهوجاء بالتدخل السافر بالشأن السعودي، الذي ما كان ليقود حربا على إرهابيي الحوثي ويشكل تحالفا إسلاميا للتصدي للإرهاب، ويخضع للتهديد الإيراني وتدخله في شأنه الداخلي وسياسته بالتصدي للإرهابيين –سنة كانوا أو شيعة.لا يختلف نمر النمر بإعلانه البيعة للولي الفقيه بإيران عمن أعلن البيعة لأبي بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش"، فمن يعلن البيعة لطهران أو للرقة، فقد أعلن ولاءه وطاعته وانصياعه لأوامر الخليفة أو الولي الفقيه "المعصوم" ولو أمره خليفته بتفجير المساجد بالكويت، أو أوعز له وليّه بقتال الشعب السوري وفنائه أو زرع عبوة متفجرة بالبحرين أو مهاجمة نقطة أمنية بالعوامية لما تردد، هذه هي الحقيقة، ونمر النمر كان حسن مشيمع إيران بالبحرين، وعبدالملك الحوثي هوحسن نصرالله باليمن، والبطاط والعامري والمهندس وآخرين بالعراق، وعدة شخصيات كويتية أعلن أحدهم- وهو نائب بالبرلمان الكويتي- ولاءه للولي الفقيه بطهران، وهؤلاء برأيي وجه واحد-وليس وجهين- لعملة واحدة: داعش وحزب الله وأنصار الله وعصائب الحق والفضيلة والقاعدة الخ الأسماء التي ترفع شعارات ربانية ودينية، فمن الفرق بين من يعلن الولاء للولي الفقيه، وبين من يبايع البغدادي؟كان النمر نموذجا لحصان طروادة إيراني بالسعودية، مثله كمثل عشرات التنظيمات السياسية الشيعية العربية التي زرعتها إيران بالمنطقة العربية ومولتها وسلحتها وأدلجتها على مذهب ولاية الفقيه، لتكون رأس الحربة في إشعال الحروب الطائفية بيننا، ومن يرفض ولاية الفقيه من الشيعة العرب يواجه بالترغيب ثم بالترهيب، ولكن المقاومة تشتد يوما بعد يوم، ولعل في تخلي إيران عن النمر ومن قبله الحوثي درس لمن يظن أن في إيران خلاصا له، أو منجاة لمطالبه مهما كانت عادلة، فلا مكان للعرب الشيعة سوى أوطانهم العربية التي يجب أن توفر لهم سبل العيش الكريم سواسية كمواطنين، وتضرب بيد من حديد على من يعلن ولاءه السياسي لأية قيادة سياسية خارج أوطانهم- سواء كان خليفة سنيا أو وليا شيعيا.لعل أفضل من قدم النصيحة النصوح للشيعية العرب بالابتعاد عن إيران هو المفكر الكويتي خليل علي حيدر في سلسلة مقالات لعل أهمها ذاك المقال الذي حمل تساؤل أيهما أهم للشيعة العرب: السعودية أم إيران؟ ومقال آخر موجه لشيعة الكويت وشيعة العرب عموما والذي يمكن قراءته على الرابط أدناه: شيعة الكويت.. ومغامرات السياسة الإيرانية
11085
| 04 يناير 2016
"جاء لينفي فأثبت"، مثل عربي ينطبق على بعض عقلية الإدانة لدى المتابع العربي ،وخصوصا أولئك الذي تشربوا بمباديء الدين السياسي من حيث يعلمون أو لا يعلمون، ،،"ندين الفعل الإرهابي بباريس ولكن،،،، ثم يعقب: "لكن هذه تذكرة بما فعلته فرنسا وتفعله في سوريا ومالي وقبلها بالجزائر قبل خمسين عاما"، وهي تذكرة ليست بالبريئة إطلاقا، وتنسف صدقية أي إدانة حقيقة لعمل هجمي دموي مثل الذي جرى بباريس يوم الجمعة الفائت، نحن الذين نعيب على ألمانيا دفعها تعويضات لإسرائيل لما اتركبته النازية ضد يهود أوروبا، ولسان حالنا يلهج:"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يفعلون"، ولكن بعضنا يرى –وإن بشكل ترميزي- أن فرنسا تستحق ما جرى لها بسبب سايكس بيكو واحتلالها للجزائر والمغرب وتونس، وهي عقلية ثأرية من جهة- وعدمية يائسة من ناحية أخرى. هناك فرق بين الإدانة وبين الشرح –ولا أقول التبرير للأعمال الإرهابية، المنسجم مع نفسه يدين العمل الإرهابي أينما كان: بفلسطين وسوريا واليمن والعراق وإيران وماينمار والكويت والبحرين والسعودية ومصر وباريس وأي مكان بالعالم، إلا أن الإدانة شيء، ومحاولة التبرير باسم "لكن" الشرحية (من الشرح) شيء آخر. "ندين العمل الإرهابي بفرنسا، ولكن ماذا عن الإرهاب بسوريا والعراق وافغانستان وفلسطين الخ؟" وترجمة هذه العبارة بالتحليل اللغوي هي الاحتمالات التالية:-ندين العمل الإرهابي بفرنسا ولكننا نتمنى أن ينتبه العالم لما يجري من إرهاب عندنا.-ندين العمل الإرهابي بفرنسا، ولكننا ندين بدرجة أشد ما يجري من إرهاب عندنا.-ندين ماجرى لأننا نستحي أن نخرج كوامن ما في قلوبنا ضد الآخر.-لماذا ندين ما جرى فهو روتين دائم عندنا.-لا ندين العمل الإرهابي بفرنسا، لأن هناك أعمالا إرهابية أشد منه وأنكى هي بحاجة لتكريس إدانتنا لها.-تستحق فرنسا (بغض النظر عن أبريائها) ما جرى لها، لكننا ندين العمل الإرهابي الذي جرى لأنه لا يمثلنا. القراءات أعلاه هي ترجمة تحليلية لغوية لبعض إداناتنا والتي يعكس بعضها إحباطا وتناقضا، وبعض تلك الإدانات يعكس دناءة وتبلدا في الشعور. إن الواجب الإنساني والأخلاقي يستلزم إدانة العمل العشوائي الدموي الذي يستهدف الأبرياء بشمولية أخلاقية لا تعرف الانتقائية ولا "اللّكننة"، وهي إدانة وازعها إنساني يتعاطف مع الإنسان في أي مكان ومن أية جنسية أو دين أو لون يكون، وما عدا ذلك فليس بإدانة، وإنما إهانة للضحايا والأبرياء الذين يتساقطون بعمليات الإرهاب في كل مكان. إن موقف الإدانة موقف أخلاقي مطلق غير مرهون بمواقف فرنسا الرسمية، ولا هو مرتبط بدرجة أخلاق الآخرين، فهو موقف مبدئي لا يعرف أن يستثني الأبرياء ولا "يُلكْنن" عند هذه الضحية أو تلك. فهل نؤيد قتل الأطفال بإسرائيل لأن إسرائيل الدولة تقتل الأطفال والأبرياء العزل؟ وهل نلكنن حين يتساقط الأبرياء عشوائيا بباريس لأن فرنسا الاستعمارية ارتكبت جرائم حرب بمستعمراتها في الماضي؟ وإلى أي مدى بالتاريخ سنعود بعقليتنا الثأرية ضد الآخر؟ وكيف تختلف هذه العقلية الثأرية عن العقلية الداعشية التي تطالب بقتال جميع من في الأرض إلى أن يذعنوا لخلافتهم ويسلموا ويبايعوا خليفتهم أو أن يدفعوا الجزية وهم صاغرين؟ حتى كتابة هذا المقال، لم تتضح هوية القتلة بباريس بعد، ولكن عقلية التنصل من المسئولية تتمنى أن يثبت أنهم فرنسيوا المولد والتعليم والعيش، كي نعزز تنصلنا من أية مسئولية تجاهم، لنتهم فرنسا والغرب بتربية هؤلاء وتعليمهم على الإرهاب، وهذا هروب من الواقع إن ثبت، ومنافاة للحقيقة لو تم، فهؤلاء قتلوا باسم ديننا، وهتافاتهم الجهادية نحن منشأها ومصدرها، والقول بأنهم مشكلة أوروبية يدحضها مظاهراتنا التي اجتاحت مدننا العربية والإسلامية منددة برسام دنمركي تافه أو بكاتب بريطاني مغمور أتفه أسلوبا كتب كتابا لا يستحق القراءة، حينها خرجت مظاهرات متسلحة بفتوى قتل الكاتب البريطاني ومتوعدة الدانمرك بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكن حين يكون القتل العشوائي ببشاعة باسم ديننا، فلا مظاهرات تنديد، ولا فتوى ولا وعيد، فهم مشكلة أوروبية بسبب جرائم أوروبا التاريخية ضد المسلمين.أدرك أن للساسة حساباتهم، وللدول مصالحها، ولمراكز القوى ومراكز التأثير تكتيكاتها لاستثمار مأساة مذابح باريس، ولكن عتبي على من يدعون الثقافة والمباديء ممن يلكننون ويجترون التاريخ لتبرير جرائم الإرهاب. أخفقت فرنسا إخفاقا استخباريا فظيعا، وفشلت أجهزتها الأمنية فشلا ذريعا، وسنرى عواقب ذلك الفشل بتغيرات وزارية قادمة، وتحكم اليوم بلد "الأخوة والمساواة والحرية"-وهي شعارات الثورة الفرنسية- أحكاما عرفية، كما سنرى ردة فعل ذلك الإخفاق وتلك الجريمة ينعكس على التضييق على الحريات المدنية وتحديدا حريات العرب والمسلمين، وهي نتيجة طبيعية محزنة في مثل هذه الظروف، لكن لتسمح لي فرنسا بلكننة واحدة فقط: ليس كل المسلمين إرهابيون، وليس كل الإرهابيين مسلمون!
1809
| 16 نوفمبر 2015
في خبر تصدر نشرات وكالات الأنباء حول العالم، ظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد أثارت الزيارة تساؤلات وتكهنات وقراءة ربما بعدت أو قربت من الواقع والحقائق، ولكنها جميعا تستحق التسجيل.أول هذه التساؤلات حول توقيت الزيارة، متى تمت؟ هل تمت قبل ساعات أم أيام من بث خبرها؟ وأهمية هذا التساؤل بأن الزيارة تجاوزت البروتوكول التقليدي؟ فقد كانت سرية؟ ولا يمكن أن تكون زيارة مجاملة عادية، فلا وقت لدى طرفي اللقاء للمجاملات وحسب!وكانت الزيارة غامضة المكان حتى؟ بل إن تكهنات شاعت بأنها ربما لم تتم بموسكو! فقيل لعلها تمت بسوتشي –المنتجع المفضل للرئيس بوتين على البحر الأسود، والأقرب إلى سوريا من موسكو، فالطائرة عبر إيران تستغرق رحلتها ساعتين فقط من دمشق لمنتجع سوتشي، ولكنها تستغرق أربع ساعات إلى موسكو؟وللساعات أهميتها الأمنية لنظام يعيش حالة من الهلع والخوف من أقرب المقربين منه! ولعل الواحد يتوقع أن تتم بالقاعدة الروسية العسكرية بطرطوس، ومسألة الديكورات يسهل تغييرها لتتلاءم مع الديكور التقليدي لمقر الرئاسة الروسية بموسكو، قد يكون مثل هذا السيناريو "هوليووديا" ولكن خلفية بوتين الاستخباراتية وعقلية بشار الأمنية الهلعة تجعل هذا السيناريو محتملا.ولكن لماذا موسكو وليست طهران؟ فإن كانت الزيارة الأولى للأسد خارج بلده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده إلى موسكو للتعبير لها عن عرفانه وشكره لها لمساندتها إياه، فالأولى كانت طهران وليست موسكو، فطهران ضحت- منذ اليوم الأول للثورة السورية- بالغالي والنفيس، وبالبيادق والجنرالات، وباعت وإلى الأبد ورقتها كحامية المستضعفين ومصدرة الثورات من أجل نظام الأسد، فهل شعرت طهران بخيبة الخذلان حين التقى الأسد بوتين لتقديم الشكر والعرفان، وتجاهل تضحياتها بقمع الشعب السوري لبقاء بشار؟ أم أن العلاقة بينهما تجاوزت الشكر لاندماجهما بعدما أصبحت دمشق في الجيب الإيراني؟ أم أنها تعبير عن الضيق الأسدي من الهيمنة الإيرانية الشاملة على الوضع السوري والتي وصفها عادل الجبير- وزير الخارجية السعودي- بالاحتلال الإيراني؟ أم لأن الأسد يرى أن إيران – وعلى الرغم من كل التضحيات والمساندة له- لن تكون قادرة على إنقاذ نظامه وأن الحل والعقد لدى موسكو وليس لديها؟ المؤكد أن الاتصالات التي أجراها بوتين عقب لقائه الأسد مع الملك سلمان بن عبدالعزيز وأردوغان تركيا والسيسي بمصر وملك الأردن، لا يمكن اعتبارها اتصالات مجاملة أيضا، فاللقاء كان أبعد من المجاملات، والاتصالات ليست للتحية "والسلامات"، فبوتين لا يريد أن يغوص في وحول وحروب المنطقة إلى ما لا نهاية من أجل "عيون الأسد"، وخصوصا أن عيونه على أوكرانيا وعلى تمدد الناتو على حدوده الشرقية، وبوتين يدرك بمتابعته الدقيقة للشأن السوري أن الأسد لن يحكم سوريا بعد اليوم مهما شن من غارات السوخوي والميغ ضد الشعب السوري، ويدرك أن استمرار التورط بسوريا يستعدي عليه مشاعر دينية داخل روسيا وخارجها، وهو ما لا يرغب به مع انتشار التطرف الإسلامي بجمهوريات روسيا الاتحادية المسلمة.بعد لقاء بوتين والأسد، تمنى داود أوغلو رئيس الوزراء التركي لو أن الأسد بقي بموسكو ولم يعد إلى سوريا، فهل كانت زيارة الأسد بمثابة "عسّ" للطريق الوحيد والوجهة الوحيدة والأولى له خارج بلاده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده؟ الجواب تحمله الأيام القادمة!!
395
| 23 أكتوبر 2015
في خبر تصدر نشرات وكالات الأنباء حول العالم، ظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد أثارت الزيارة تساؤلات وتكهنات وقراءة ربما بعدت أو قربت من الواقع والحقائق، ولكنها جميعا تستحق التسجيل. أول هذه التساؤلات حول توقيت الزيارة، متى تمت؟ هل تمت قبل ساعات أم أيام من بث خبرها؟ وأهمية هذا التساؤل بأن الزيارة تجاوزت البروتوكول التقليدي؟ فقد كانت سرية؟ ولا يمكن أن تكون زيارة مجاملة عادية، فلا وقت لدى طرفي اللقاء للمجاملات وحسب! وكانت الزيارة غامضة المكان حتى؟ بل إن تكهنات شاعت بأنها ربما لم تتم بموسكو! فقيل لعلها تمت بسوتشي –المنتجع المفضل للرئيس بوتين على البحر الأسود، والأقرب إلى سوريا من موسكو، فالطائرة عبر ايران تستغرق رحلتها ساعتين فقط من دمشق لمنتجع سوتشي، ولكنها تستغرق أربع ساعات إلى موسكو؟وللساعات أهميتها الامنية لنظام يعيش حالة من الهلع والخوف من أقرب المقربين منه! ولعل الواحد يتوقع أن تتم بالقاعدة الروسية العسكرية بطرطوس، ومسألة الديكورات يسهل تغييرها لتتلاءم مع الديكور التقليدي لمقر الرئاسة الروسية بموسكو، قد يكون مثل هذا السيناريو "هوليووديا" ولكن خلفية بوتين الاستخباراتية وعقلية بشار الأمنية الهلعة تجعل هذا السيناريو محتملا. ولكن لماذا موسكو وليست طهران؟ فإن كانت الزيارة الأولى للأسد خارج بلده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده إلى موسكو للتعبير لها عن عرفانه وشكره لها لمساندتها إياه، فالأولى كانت طهران وليست موسكو، فطهران ضحت- منذ اليوم الأول للثورة السورية- بالغالي والنفيس، وبالبيادق والجنرالات، وباعت وإلى الأبد ورقتها كحامية المستضعفين ومصدرة الثورات من أجل نظام الأسد، فهل شعرت طهران بخيبة الخذلان حين التقى الأسد بوتين لتقديم الشكر والعرفان، وتجاهل تضحياتها بقمع الشعب السوري لبقاء بشار؟ أم أن العلاقة بينهما تجاوزت الشكر لاندماجهما بعدما أصبحت دمشق في الجيب الإيراني؟ أم أنها تعبير عن الضيق الأسدي من الهيمنة الإيرانية الشاملة على الوضع السوري والتي وصفها عادل الجبير- وزير الخارجية السعودي- بالاحتلال الإيراني؟ أم لأن الأسد يرى أن إيران –وعلى الرغم من كل التضحيات والمساندة له- لن تكون قادرة على إنقاذ نظامه وأن الحل والعقد لدى موسكو وليس لديها؟ المؤكد أن الاتصالات التي أجراها بوتين عقب لقائه الأسد مع الملك سلمان بن عبدالعزيز واردوغان تركيا والسيسي بمصر وملك الأردن، لا يمكن اعتبارها اتصالات مجاملة أيضا، فاللقاء كان أبعد من المجاملات، والاتصالات ليست للتحية "والسلامات"، فبوتين لا يريد أن يغوص في وحول وحروب المنطقة إلى ما لا نهاية من أجل "عيون الأسد"، وخصوصا أن عيونه على اوكرانيا وعلى تمدد الناتو على حدوده الشرقية، وبوتين يدرك بمتابعته الدقيقة للشأن السوري أن الأسد لن يحكم سوريا بعد اليوم مهما شن من غارات السوخوي والميغ ضد الشعب السوري، ويدرك أن استمرار التورط بسوريا يستعدي عليه مشاعر دينية داخل روسيا وخارجها، وهو ما لا يرغب به مع انتشار التطرف الإسلامي بجمهوريات روسيا الاتحادية المسلمة. بعد لقاء بوتين والأسد، تمنى داود اوغلو رئيس الوزراء التركي لو أن الأسد بقي بموسكو ولم يعد إلى سوريا، فهل كانت زيارة الأسد بمثابة "عسّ" للطريق الوحيد والوجهة الوحيدة والأولى له خارج بلاده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده؟ الجواب تحمله الأيام القادمة!!
1645
| 22 أكتوبر 2015
في الثاني من أغسطس عام 1990، غزا العراق الكويت واحتلها ومسحها من الخارطة بضمها للعراق، وبين ليلة وضحايا تحول الكويتيون إلى قتيل وجريح وأسير ومشرد ولاجيء والباقي يعيش تحت الاحتلال العربي "الشقيق"عنوة وقهرا. كان ذلك اليوم المشؤوم بداية الانهيار العربي، وكان الحريق الأول العربي الصنع والصنيعة والذي قاد إلى باقي الحرائق التي لا تزال مشتعلة حتى اليوم، كان ذلك الغزو والعدوان السافر، إعلان سقوط النظام العربي وإنهاء سايكس بيكو على الطريقة الصدّامية ولم تكن "داعش" قد ظهرت للوجود بعد. تحررت الكويت بصمود أهلها والتفافهم حول قيادتهم الشرعية ووطنيتهم الدستورية، وتوفر قيادات عربيةتاريخية على رأسها الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- انتصرت للمظلوم على الظالم، وقدمت كل غال ونفيس من أجل عودة الحق الكويتي لأصحابه، وقيادات دولية رأت في مصالحها أهمية دحر العدوان ومن بينهم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب ومارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، لكن الأمة العربية والمنطقة برمتها لم تتجاوز اثار ذلك العدوان الغادر، فالعراق الذي أدخله الطغيان الصدّامي في حرب تلو أخرى، لا يزال يعيش اقتتالا طائفيا لا أفق لنهايته، وسوريا محرقة تدمرت وقتل أهلها وتشردوا بمأساة لم يشهدها العصر الحديث، على يد طاغية مستنسخة من صدام حسين لا يقل عنه دموية وهولا. لم يعرف العراق الاستقرار والعيش الرغد الهاديء منذ حكمه صدام حسين عام 1979، فقد جره لحرب مع الأكراد المدعومين من شاه إيران في منتصف السبعينات، كان صدام حسين حينها "السيد النائب" للرئيس العراقي أحمد حسن البكر، ولكنه الرئيس الفعلي والحقيقي وقتها، وتوقفت حرب الأكراد بتوقيع صدام على ما عرف باسم اتفاقية الجزائر عام 1975، والتي سرعان ما مزقها صدام حسين نفسه بعد خمس سنوات ليشن حربا شاملة على إيران عام 1980، استمرت برفض وتعنت إيراني على وقفها طيلة سنوات ثمان، أتت خلالها على الأخضر واليابس وعلى مقدرات البلدين وخيرة شبابها، ثم عاد صدام حسين للمربع الأول بإعلانه احترام اتفاق الجزائر بعد غزوه للكويت بعد سنتين فقط من نهاية الحرب مع إيران في محاولة لتهدئة الجبهة معها. غزا صدام حسين الكويت بعد حرب إعلامية قصيرة استمرت أياما فقط، اتهم خلالها الكويت والإمارات بالتسبب في "قطع أرزاق" العراقيين وسرقة نفطهم، وتحول الكويتيون بنظر صدام بفترة وجيزة من مساندين للعراق في حربه لحماية البوابة الشرقية إلى "بواقين للنفط"، وعليه قرر صدام حسين غزو الكويت ومحوها وضمها للعراق. إن مثل تلك الجريمة النكراء، وذلك الخبل السياسي، هو المسبب الأول الثابت لمعظم ما تعيشه المنطقة العربية، فلقد عاش العراق حصارا اقتصاديا دوليا أعقب حرب تحرير الكويت بسبب صلف صدام حسين ورفضه للقرارات الدولية التي وافق على تنفيذها، وتسبب ذلك الحصار في تأخر العراق وعيشه خارج إطار التاريخ بسبب اختطاف النظام لشعبه والمساومة على مأساة أطفاله لرفع الحصار عنه وعودته لمغامراته المدمرة، ولقد قادت تلك السياسات للغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والذي أسقط صدام ونظامه ليهرب متخفيا أشهرا حتى ألقي عليه القبض مختبئا في حفرة تحت الأرض، فأعدم عام 2006 بعد أن شهد مقتل ابنيه وتشرد عائلته وبناته وملاحقة رجاله وأزلامه- اللهم لا شماته. ولقد كان بإمكان صدام حسين تجنيب بلاده وشعبه وأهله ما جرى لهم من نهايات مأساوية مدمرة لو أنه قبل أصوات العقل والتزم بالشرعية الدولية التي خرقها، أو لو أنه أصغى لمبادرة حكيم العرب- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه- بالخروج الآمن تجنبا للغزو الأمريكي عام 2003، لكن الطغاة يعيشون خارج الواقع في عالم جنون العظمة ومرض الحمق والصلف، فكان ما كان! غزوات وحروب وهروب ثم احتلال وفوضى واحتراب داخلي، وغزو إيراني بمعاونة عراقيين من الداخل، حيث تمسك إيران اليوم-عدو الأمس- بزمام أمور العراق الذي يعيش تأخرا في كافة المجالات والخدمات، وتناحرا داميا بين طوائفه ومكوناته. إن الموضوعية والأمانة تقتضي منا أن نتفهم تبعات وآثار ذلك الغزو المدمر عام 1990، ولكنها تقتضي أيضا الاعتراف بهشاشة النظام العربي في حينه الذي أظهر صدام حسين بغزوه للكويت بأنه أوهن من بيت العنكبوت، وما أشبه الليلة بالبارحة: فالعراق اليوم يعيش أخطار الطائفية التي تحكم بغداد، والهيمنة الإيرانية، وحروب داعش العبثية وتمددها خارج حدود الوطن، ولكن ما يجري اليوم، هو نتيجة وليس سببا، وهو ما يرفض من ساند الغزو والعدوان الاعتراف به حتى اليوم، وتعليق كل شيء على الغزو الأمريكي للعراق وحسب، فلقد كان الغزو الأمريكي نتيجة لغزوات وحروب عبثية-بعثية أشعلها صدام حسين، وتكتمل بوجهها المتهالك بعبثية-وبعثية بنسخة سورية يقودها بشار الأسد ستؤدي بسوريا إلى ما انتهى إليه العراق، برفض النظام السوري الرحيل ليقرر شعب سوريا مصيره بدلا من أن يقرره الآخرون- كما جرى بالعراق. وبغض النظر عن تفاصيل ما يجري بسوريا اليوم، فكلها ونتائج وسببها واحد: طغيان وقهر وقمع وجرائم نظام الأسد في حق الشعب السوري والباقي تفاصيل ونتائج. إن دول الخليج كافة مطالبون أكثر من أي وقت مضى، بلملمة الخلافات، وحل النزاعات بينها كشرط اساس للتصدي لأخطار الخارج، وهي مطالبة بتعزيز حقوق الإنسان واحترامه وحفظ ثرواته ومحاربة الفساد الذي ينخر باقتصاداتها، والعمل بكل تفان وتضحية على السير نحو الكونفدرالية الخليجية التي تعتبر سورا منيعا ضمن أسوار استراتيجية الأمن القومي لدولنا، والبناء عليها لإنشاء نظام عربي أمني جديد يضمن عدم تكرار "أم المآسي" والزلزال الذي هز كيان الأمة وأشعل حرائقها في الثاني من أغسطس عام 1990.
1219
| 02 أغسطس 2015
بعد أن رفضت الحكومة اليمنية المشاركة في مؤتمر "حوار" مشاورات جنيف وافقت على المشاركة فيه بعد أيام، واصفة اللقاء بأنه "تشاوري" فقط لإيجاد آلية لتنفيذ القرار 2216 الصادر من مجلس الأمن بالإجماع والذي يطالب بانسحاب الحوثيين الانقلابيين من المدن وإعادة سلاح الجيش الذي نهبوه ووقف تسليحهم وإطلاق سراح المسؤولين اليمنيين الذين اختطفوهم.لكن الحكومة اليمنية تفكر بشيء، والحوثيين ومن ورائهم المخلوع صالح والإيرانيون ببالهم شيء آخر:سيطالبون أولا بوقف الحملات الجوية تحت شعارات الإنسانية وإغاثة الشعب اليمني الواجبة، ومنطق عدم التشاور تحت قصف التحالف، وهو مطلب سيراه المجتمع الدولي والأمم المتحدة معقولا، وهو ما قد يتحقق على أمل إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتثبيت الانقلاب والمماطلة والتسويف استمرارا لنفس النهج الذي انتهجوه أثناء مرحلة جمال بن عمر التسويفية التي أضفت شرعية "مشبوهة" على الانقلاب الذي كان يجري أمام أعين بن عمر دون أن يقول كلمة منطقية ضده. من ناحية أخرى، فإن الحوثيين يرون في الاجتماع بحد ذاته انتصارا لهم، فبعد أن انقلبوا على الشرعية واحتلوا اليمن من صعدة حتى عدن، عاد المجتمع الدولي ليتشاور معهم كَنِدٍّ وليس كعصابة فوضوية دموية، وقد نرى السيد عبد الملك الحوثي في خطاب "نصر إلهي" يعلن انتصار "أنصار الله" على "العدوان" والفوز بالحرب. التجربة التفاوضية مع الأمم المتحدة ومبعوثيها وموفديها بمنطقتنا ليست طيبة النتائج، ولا تخلو من الغموض والضبابية، إن لم يكن أنكى من ذلك. فمن كوفي عنان الذي أوفده السيد بان كي مون "للتشاور" حول الأزمة السورية، رغم سجله الفاشل بجهوده في إفريقيا التي يتحدر منها.. (للمزيد حول سجل عنان الفاشل، مقالي على الرابط http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=66915إلى الأخضر الإبراهيمي الذي شاور بسوريا وهو يساوي الجاني بالضحية حتى غادر مهمته غير مأسوف عليه وهو يدعو ربه أن يكون بعون السوريين دون أن يتجرأ على الإشارة ولو بكلمة حق واحدة إلى السبب الحقيقي الذي جر سوريا إلى الخراب الذي تعيشه اليوم. ثم جاء بن عمر منذ العام 2011 موفدا أمميا ليتشاور باليمن حول آلية تطبيق المبادرة الخليجية، وانحنى المسار حتى انثنى وانعطف ثم انعقف وقاد إلى الانقلاب والسيد بن عمر لا يزال بصنعاء يتحدث عن مبادرة ومصالحة وطنية، إلى أن غادر بن عمر يحمل سجلا من الخيبة وسجلات أخرى "مخزية". لا أظن المبعوث الأممي الجديد، السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سيكون أكثر نجاحا في مهمته باليمن من سلفه، ما لم يكن واضحا منذ البداية بأن الهدف من التشاور، هو الالتزام الحرفي الملح والسريع بالقرار 2216 وتنفيذه إنهاء للأزمة والبدء بإغاثة الشعب اليمني المنكوب. وافقت الحكومة الشرعية اليمنية على الذهاب لجنيف وفي بالها شيء ولكن في بال خصمها أشياء، فما لم تعلن الأمم المتحدة صراحة، وهو ما لم تعلنه حتى الآن، بأن الهدف من الحوار هو آلية لتنفيذ القرار، فكأنك "يا أبو زيد ما غزيت"، وعلى الحكومة اليمنية أن تطلب حدا زمنيا لإعلان هذه الآلية، لا أن تتحول إلى جنيف 1 ثم جنيف 2 إلى جنيف 50 وهكذا.
647
| 10 يونيو 2015
لعل من الإنصاف يا فخامة الرئيس باراك حسين أوباما أن أذكر في بداية رسالتي هذه بأني كنت من القلائل جدا بين العرب والمسلمين الذين لم يكونوا يتمنون فوزك برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، معروف أن ترشيحك كرجل أسود من أصول نصف إفريقية تحمل اسما عربيا مسلما قد خلق حالة من التعاطف والتأييد العربي والإسلامي والإفريقي، كما أن لغتك الأقل "حربية" من سلفك جورج بوش الابن الذي تلاشت شعبيته في شهور رئاسته الأخيرة، كانت عاملا مهما في وصولك للبيت الأبيض، وكان منبع أمنياتي بعدم وصولك للرئاسة ثلاثة ملفات إقليمية رئيسية: الملف العراقي، وملف الصراع العربي-الإسرائيلي والملف النووي الإيراني.فخامة الرئيس: "الكلمة اللي تستحي منها بدّها"، وهو مثل شعبي بمنطقة الخليج لعله الأقرب لعبارتكم CUT THE CHASE بالملف العراقي كانت مخاوفي من تخليك عن مسؤولية بلادك القانونية والسياسية والأخلاقية لبلد احتللتموه بالقوة، ثم تركتموه نهبا للاقتتال الطائفي والفساد والهيمنة الإيرانية التي تسلمته على طبق من ذهب (أنتم تقولون طبقا من فضة باللغة الإنجليزية)، تتحكم إيران اليوم بقراره وتشعل نيران الطائفية الدامية فيه، وتساوم به كورقة هامة في مشروع طموحها النووي وهيمنتها الإقليمية. وليس بخاف على أحد حالة الجمود والشلل في ملف السلام وإنهاء حالة الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث تحداك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وألقى عليك درسا "بالواقعية السياسية" بالشرق الأوسط داخل البيت الأبيض وفي مكتبك البيضاوي، واستمر بتجاهل وجودك بعد سنوات قليلة ليذهب لبرلمان بلادك ملقيا كلمة تجاوز فيها كل الأعراف الدبلوماسية وعدها المراقبون إهانة شخصية لكم ولمنصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، واستمر نتنياهو بسياسة الاستيطان والاحتلال دون أي اعتبار لندائك التاريخي بوقف الاستيطان بخطابك الشهير بجامعة القاهرة، ولم تحرك ساكنا – يا فخامة الرئيس- أو تعبر عن غضب تجاه هذه السياسة –إن لم نقل هذه الإهانة. في الملف النووي الإيراني تبدو الأمور أكثر وضوحا للعالم الخارجي: دولة وقعت على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية ولكنها ترفض الخضوع للتفتيش الذي تفرضه الاتفاقية عبر الوكالة الدولية للطاقة النووية. إيران تكرر ليل نهار أن مشروعها النووي سلمي، ولكنها ترفض إخضاعه للتفتيش الدولي إلا وفق هواها، وهو أمر قاد لعزلتها وفرض عقوبات اقتصادية عليها، أدت لتدهور أوضاعها الاقتصادية وتفاقم مشاكلها الداخلية التي تحاول تصديرها للخارج العربي موهمة الـ5+1 أنها دولة إقليمية قوية تتحكم بأربع عواصم عربية، وعليه - حسب المنطق الإيراني- يجب على العالم أن يفاوضها على برنامجها وفق شروط وتفاهمات تتجاوز النووي نفسه، وهذا هو بيت القصيد- يا فخامة الرئيس. إننا بالجانب العربي نرى أن سياسة بلادكم خضعت لهذا المنطق الإيراني بالتدخل بالشؤون العربية، وسايرت السياسة العدوانية الإيرانية بالمنطقة التي تتورط بدماء الشعب السوري ودمار سوريا وإبادة شعبها، كما غضت بلادكم الطرف عن ممارسات داعشية تقوم بها ميليشيات شيعية عراقية الأعلام، إيرانية التمويل والعقيدة، ضد سنة العراق بإسناد ودعم من لدن قواتكم الجوية، ووقفتم بخندق واحد مع قاسم سليماني بديالي وتكريت، مما يعده أي مراقب منصف بأنه انحياز واضح لطرف طائفي شيعي في مواجهة طرف طائفي سني آخر، لكن ضحايا هذا الانحياز هم العراقيون من كل الطوائف، ووحدة واستقرار العراق، ولابد من الإشارة هنا إلى أنكم حذرتم من انتهاكات مشينة قامت بها الميليشيات الشيعية بالعراق، لكن تحذيركم كان مثل وقع مطلبكم لنتنياهو بوقف الاستيطان. إننا نرى أن سياسة بلادكم بتفاهمات مع إيران ستكون، بلا شك، على حساب سلام واستقرار المنطقة برمتها، فإيران تشعل الحرائق الطائفية بالعراق، وتساند الإبادة الجماعية بسوريا، وتعطل الحالة اللبنانية وتورطها بالاقتتال عبر ميليشيا حزب الله - الذي هو أول تنظيم ديني طائفي مسلح بالشرق الأوسط وهو صناعة إيرانية صرفة، وتثير النعرات الطائفية بالبحرين، كما تدخلت باليمن عبر وكيلها الحوثي ودفعته نحو التهور الدامي بالسيطرة على عاصمتها واختطاف رئيسها ووزرائه الشرعيين، ولا تزال تساند هذه العصابات المنفلتة التي ترفع شعار "الموت لأمريكا"- أي الموت لبلادكم – يا فخامة الرئيس. فخامة الرئيس، إن رسالتي هذه كمواطن يعيش بهذه المنطقة، تعبر عن انطباع وشعور واسع لدى شعوب ودول صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، ترى في تلكؤ الولايات المتحدة الأمريكية بحسم ملفات كارثية مثل المأساة التي يسببها نظام بشار بسوريا، لا مبالاة أمريكية – إن لم نقل مباركة أمريكية باستمرار هذه المحنة، بل وكان تراجعكم عن معاقبة نظام بشار حين استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، صفعة للمعارضة وللأصدقاء بالمنطقة ولكل محب للسلام، أتذكر فخامتكم حين رسمتم خطا أحمر لبشار بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية، وإلا. بالمناسبة - يا فخامة الرئيس – لا تزال التقارير الدولية المحايدة تتوالى عن استمرار استخدام نظام بشار للأسلحة المحرمة دوليا ضد الأطفال والمدنيين العزل!!. فخامة الرئيس: ستلتقي فخامتكم بقادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال ساعات، وسوف يشهد لقاؤكم مصارحة الصديق للصديق - أو هذا ما نتمناه، ومن هذا المنطلق كتبت لكم هذا الخطاب المعلن لعله ينقل لكم بعض الانطباعات التي تنتشر بمنطقتنا حيال سياسة بلادكم الصديقة نحو أسخن الملفات وأهم القضايا بمنطقتنا، ويمكن اختصارها بالآتي:نحن نفهم تفاهمكم مع إيران وهي في أشد حالات التدخل العدوانية بالمنطقة العربية، على أنه مباركة وتأييد لهذه العدوانية، ولن نطمئن لكم إن استمررتم بهذه السياسة، فلن تستطيع أن "تتفاهم" مع إيران عدوانية، وفي الوقت نفسه، تحاول أن تطمئن أصدقاء وحلفاء بالمنطقة يقعون ضحية هذه العدوانية الإيرانية، لأنه - يا فخامة الرئيس - "من أكل بالثنتين، غص". HE WHO EATS WITH BOTH HAND. CHOKES
2260
| 11 مايو 2015
أن يتنازل الحاكم أو الملك أو الرئيس لنائبه، فهو تصرف نادر من نوادر العمل والسياسة، خصوصا في عالمنا العربي الذي شعار حكامه: "لنا السلطة دون العالمين حتى القبر".ولقد سجل لنا تاريخنا الحديث حادثتين نادرتين للتنازل عن قمة السلطة: سوار الذهب بالسودان، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في قطر، وهما تنازلان سجلهما التاريخ بأحرف من نوادر المياه المعدنية الثمينة، فالأول تنازل عن السلطة كما وعد، والثاني سلم السلطة بكل طواعية وثقة لولي عهده الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأول أوفى بوعده، والثاني أوفى لبلاده وشعبه وتصرف لما آمن بأنه الأفضل لمستقبل قطر. لكن التاريخ يكاد أن يخلو من أشخاص تنازلوا عن ولاية العهد أو نيابة الرئيس، لكن قبل أيام، سجل الأمير مقرن بن عبد العزيز سابقة لا يسجلها إلا من هم من نوعيته ومعدنه، فلقد تنازل عن ولاية العهد بأكبر وأهم مملكة عربية وإسلامية لما رأى أنه للصالح العام، وليتسلم مشعل القيادة الأمير محمد بن نايف، ويأتي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. حين استلم الأمير مقرن منصب ولاية العهد أشفقت عليه، ومبعث شفقتي عليه نابع من معرفتي له ولطبيعته بالتفاني والإخلاص والعمل الدءوب الذي لا يعرف ليلا ولا نهارا، ولا أخفي جانبا أنانيا بشعوري بالشفقة على نفسي، فقد كنت متأكدا بأن أثقال المنصب وأعباء المسؤولية ستقلل من تواصلنا كأصدقاء، وهو أمر طبيعي في مثل هذه الحالات. عرفت الأمير مقرن منذ ما يقرب العشرين عاما، وعرفت فيه خصالا وصفات يندر أن تجتمع في شخص واحد، خصوصا حين تقترن بالشعور بالمسؤولية ومهام العمل الرسمي الذي تبوأه أميرا لحائل بعد تقاعده من سلاح الجو السعودي طيارا حربيا يقود الإف 15 الأكثر تقدما وتكنولوجيا في عصرها، ثم أميرا لمنطقة المدينة المنورة، ومديرا للاستخبارات العامة ومستشارا للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ثم وليا لولي العهد ووليا للعهد بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، وهو المنصب الذي آثر الترجل عنه فارسا ليسلمه لفارس آخر يرى فيه قدرة عُمْرية مناسبة لأداء المهمة. كعادتي، أتحاشى الكتابة عن الأشخاص في موقع المسؤولية، وأشيد بمواقفهم دونما مديح أشخاصهم، والحق أن الأمير الإنسان والصديق مقرن بن عبد العزيز ليس شخصية عادية، فهو متعدد المواهب والمعارف ويصدق فيه القول الشعبي "تعب على نفسه"، حيث يمكن اعتباره موسوعة متنقلة، يجيد أكثر من لغة، ويهتم بالفلك والزراعة والحياة البحرية والبيئة والتكنولوجيا والشعر ويلم بالفنون والثقافة ويقرأ بنهم حول مواضيع شتى، يفاجئك بكتاب حديث الصدور لم يصل أرفف المكتبات بعد، ويتصرف بتلقائية وتواضع العلماء، عاكسا بذلك طبيعة منشأه وتربيته وغزير علمه ومعرفته. لعلي من القلائل الذين لم يتفاجأوا حين طلب الأمير مقرن إعفاءه من منصبه، فالرجل من النوع الذي يتسامى فوق أي منصب إخلاصا لما يعتقد أنه أفضل، ولن يتردد باتخاذ أي قرار يرى صوابه ولو كان ذلك يعني تخليه عن منصب الرجل الثاني بالمملكة العربية السعودية إن كان في ذلك خدمة لبلاده وفي صالح مستقبلها. انسحب الأمير مقرن طواعية من منصب ولاية العهد، وهو انسحاب قدره الملك سلمان وولي عهده الجديد الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذين قاموا بزيارة شكر وعرفان له بمنزله بالرياض، في رسالة تقدير يفهمها من يعرف الأمير مقرن بأن انسحابه من المسؤولية الرسمية لا يعني الاستغناء عن خبراته التراكمية التي لا تستوعبها المناصب ولا يفرط بها المخلصون – ولهذا كانت الزيارة - الرسالة. من المعاني العديدة لكلمة "قرن" التي اشتق منها اسم الأمير مقرن قمة الجبل وأعلى ما فيه. الأمير مقرن قمة في التواضع والخلق الجم والأدب والتفاني والنزاهة في عمله وفي حياته.
2265
| 03 مايو 2015
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2205
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2139
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
978
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
735
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
675
| 05 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
630
| 08 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
624
| 11 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
570
| 07 ديسمبر 2025
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...
570
| 07 ديسمبر 2025
تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في...
480
| 05 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية