رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

في رثاء الشيخ خليفة

"كل يذكر ما واجه" مثل شعبي استذكرته بإعلان خبر وفاة أمير قطر الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني –رحمه الله، ورغم أني لم ألتق بالراحل الكبير وجهاً لوجه، إلا أنني- كعربي خليجي من الكويت- استذكرت للفقيد موقفين تاريخيين لن ينساهما أبناء جيلي ما عاشوا. كان الشيخ خليفة –رحمه الله- من المؤسسين الأوائل الذين وضعوا لبنات مجلس التعاون الخليجي، وشاركه بذلك الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت والملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمهم الله جميعا وأطال الله بعمر العضو المؤسس السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان. كان الشيخ خليفة عضواً مؤسساً فاعلاً ومشاركاً حكيماً مع فريق من الحكماء والمخلصين من إخوانه المؤسسين. وكان معروف عن الشيخ خليفة حرصه وحماسته للُحمة دول المجلس ولوحدة الصف العربي والخليجي، كما كان على استعداد أن تدفع قطر الغالي والنفيس للدفاع عن أي عضو يتهدد أمنه وسلامته، وهو ما أثبتته الأيام حين غزا العراق الكويت عام 1990، فكانت قطر –حكومة وشعباً- في طلائع من هبوا لنجدة الكويت، ومن الأحضان التي ارتمى الكويتيون بكنفها حين غدر بهم الجار الشقيق. لقد أبلت القوات القطرية بلاء تاريخياً بطولياً في تحرير دولة الكويت، بقياد الشيخ الراحل خليفة بن حمد آل ثاني، وخاضوا غمار وطيس الحرب من الخفجي وحتى وصلت طلائع جنودهم المنصورة إلى مشارف مدينة الكويت. كتبت هذه الكلمات ككويتي عرفاناً وتقديراً لدور الراحل الكبير، دون أن أبخس الآخرين – من أشقاء وأصدقاء- حقهم الذين لا يمكن نسيانه، ولكن لكل مقام مقال كما تقول العرب. رحم الله الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وعزاؤنا لأهلنا بقطر العزيزة –قيادة وشعباً-، وكل نفس ذائقة الموت.

1587

| 24 أكتوبر 2016

جاستا: القانون البريء!

قانون "العدالة ضد الدول الداعمة للإرهاب" والذي اشتهر بمختصره الانجليزي "جاستا"، تصدى له المتصدون، وكتب ضده الكتاب، وتنافح في وجهه المعلقون والمحللون: مؤامرة، ابتزاز، إرهاب بحد ذاته، ليس فيه من العدل سوى اسمه،،، الخ.ولا شك بأن القانون موجه ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج بالدرجة الأولى وإن كانت له تداعيات دولية لاحقا في حال تفعيله ضد دول مثل روسيا أو باكستان أو الصين وغيرها. وهو انعكاس للانقلاب الجيوستراتيجي بالمنطقة، وتحول الولايات المتحدة الأمريكية من حليف لنا إلى حليف لإيران التي تتمدد بالدم بالمنطقة العربية. ولكن التساؤلات التالية طرحت نفسها قبل "جاستا" وبعده:هل منعنا جاستا من العمل المخلص الدؤوب على الاتحاد الكونفدرالي الخليجي؟ وهل أمرنا بدول الخليج ألا نفعل قرارات أصحاب الجلالة والسمو –قادة دول المجلس- بخلق سوق خليجية مشتركة؟ وما دخل جاستا بموت مشروع جسر المحبة بين البحرين وقطر؟ وما الدور الذي لعبه جاستا بإجهاض الجسر الذي أعلن عنه بين الدوحة وأبو ظبي؟ وهل كان جاستا وراء تلاشي فكرة العملة الخليجية المشتركة؟ أو كان له اصبع في الخلاف حول موقع البنك الخليجي المركزي؟ وهل عمل جاستا على تفكيك فكرة الجيش الخليجي الموحد التي أطلقها السلطان قابوس بعد تحرير الكويت عام 1991؟ وما ذنب جاستا إذا كان هناك تخلف بيروقراطي وعرقلة حدودية بين دول المجلس؟ وما هو الدور الذي لعبه جاستا في الهوة بين مواقف دول المجلس من القضايا الاقليمية –سواء العلاقة مع إيران أو التطورات باليمن أو سوريا والعراق؟ وهل يمكننا أن نتهم جاستا بأنه وراء تلكؤنا بإنقاذ اليمن بمشروع "مارشال خليجي" يقي الشباب اليمني من الوقوع في هاوية القاعدة أو جحيم الحوثيين؟ وكان يمكن أن يردع إيران ويقينا الاضطرار للجوء للحرب للتخلص من الحوثيين؟ ترى! هل لجاستا ضلع في هوامش الحريات وحقوق الإنسان وتفعيل دور الشباب الخليجي بدول المجلس للمساهمة برسم مستقبل المنطقة؟هذه بعض المسائل والتساؤلات التي طرحها ولايزال المخلصون من أبناء مجلس التعاون قبل صدور جاستا، وهي تساؤلات لا تزال تفرض نفسها ويفرضها الواقع الخليجي، أما بعد صدور جاستا فثمة تساؤلات جديدة:هل أخفقنا بقراءة التحولات الجيوستراتيجية بالمنطقة التي أدت إلى ولادة جاستا؟ أم أننا كنا ندركها ونتفرج على تطوراتها؟ وهل منعنا جاستا بعد صدوره من التنادي لعقد قمة خليجية أو اجتماع المجلس الوزاري لوزراء الخارجية لبحث الخيارات وتوحيد السياسات؟معروف أن قانون جاستا في جوهره قانون ابتزاز مالي يقوده "لوبي" دور المحاماة الكبيرة بالولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا لم يجتمع وزراء مالية دول المجلس حتى اللحظة –على الأقل- لتوحيد النظرة المستقبلية وقراءة في توقعات الإجراءات وخطط بديلة في حال صدور أحكام قضائية أمريكية بتجميد الاستثمارات الخليجية عموما- والسعودية تحديدا- أو مصادرتها؟وماذا عن وزراء التربية بدول المجلس؟ فلدينا بالولايات المتحدة الأمريكية حوالي مائتي ألف دارس خليجي، ولنفترض أن أحدهم أو اكثر ارتكب جريمة ما لأي سبب كان، سيتحول إعلاميا هناك إلى "إرهابي" بغض النظر عن دوافعه، وقد تدان دولته التي أرسلته و"رعته" وتدفع له معاشا شهريا ينزل بحاسبه المصرفي شهريا مما قد يفسر ظرفيا بأنها شجعته ودعمته لارتكاب جريمته، فهلا اجتمع وزراء التربية بدول الخليج لبحث الاجراءات التي يمكن أن تتخذ جماعيا في حالات الطلبة الدارسين؟وماذا عن اجتماع طاريء لوزراء دفاع المجلس ينسق المواقف تجاه برامج التلسيح، تلك "الدجاجة التي تبيض ذهبا".التساؤلات التي طرحها جاستا قبل صدوره وبعد صدوره تثبت بما لا مجال للشك فيه، أن العلة فينا قبل أن تكون بتآمر الآخرين، وتؤكد لنا ما هو مؤكد من أن الخلاص الوحيد بخلاص الجميع، وأن التحولات الكبرى بالمنطقة بحاجة لقرارات كبيرة ترقى لمستوى المرحلة وتضحي من أجل خلاصنا جميعا قبل أن نندم جميعا.جاستا قانون بريء من حالتنا المهلهلة ووضعنا المتردد المتردي، وكأني به يقول لنفسه: "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".

3261

| 04 أكتوبر 2016

العرب بين التتريك والاستدراك والأتركة!

يعود مصطلح التتريك لنهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وقرارات ونصوص تبناها عتاة القوميين الأتراك بتحويل المناطق التابعة لتركيا إلى التركية وتبديل أسماء مدنها وقراها وفرض اللغة التركية حصرا على سكانها. انشغل العرب ـ والعالم معهم - بمحاولة الانقلاب التي جرت بتركيا ليلة الجمعة الماضية، فغالبيتهم الساحقة عارضت الانقلاب وتمنت فشله ومن بينهم كاتب هذه السطور، على الرغم من أن رفضي أو تأييدي لن يغير من الأمر شيئا، فالمسألة تركية، والشعب التركي بكافة أحزابه وقواه رفض الانقلاب واصطف وراء الشرعية الدستورية ونزل إلى الشوارع حماية للعلمانية التي جاءت بالديمقراطية. لكن المعارضين العرب- وكعادتهم- انشقوا بدورهم إلى فريقين يمكن تسميتهم بفريقي "المستدركين" والمتأتركين. فالأول يرفض الانقلاب ولكنه يستدرك بعد تطورات الأحداث بأن الانقلاب محاولة فاشلة من قبل فئات بالجيش حاولت أن تتغدى باردوغان وحزبه قبل أن يتعشى بهم، ودليلهم في ذلك مسألتين: الأولى أن الأيام التي سبقت محاولة الانقلاب كانت حافلة بأحداث لا يمكن لمراقب إغفالها، فقد أزيح رئيس الوزراء وساعد الرئيس اردوغان الأيمن- أحمد داوود اوغلو- وقيل وقتها أن سبب إزاحته هو تلكؤه في التصدي للدولة "الموازية"، وعمل سلفه بن علي يلدريم بسرعة سياسية هائلة على تهدئة الجبهات الخارجية الساخنة، حيث اعتذرت تركيا لروسيا، وتمت الاتصالات بين البلدين وأعيدت رحلات المصطافين الروس، وأعاد اردوغان العلاقات إلى سابق عهدها القوي مع إسرائيل، وأرسل رسالة طمأنة للأوروبيين بأنه سيحل لهم مشكلة اللاجئين بإعلانه الجدلي بأنه سيجنس اللاجئين السوريين، ولمحت تركيا لإمكانية إعادة العلاقات مع مصر مرسلة وفدا للقاهرة، بل ذهب رئيس الوزراء التركي إلى أبعد من ذلك بأن صرح بعدم ممانعة تركيا أن يبقى رئيس النظام السوري بشار الأسد بالرئاسة فترة انتقالية. يقول المستدركون العرب أن هذه التهدئة للجبهات الخارجية لا يمكن أن تكون عبطية وصدفة سياسية، بل إن سرعتها تؤكد على أن الحكومة التركية كانت في سباق مع الزمن لتهدئة الخارج من أجل التفرغ للداخل. وثانية استدراك المستدركين العرب أن سرعة إعلان فصل وتجميد الآلاف من القضاة ووكلاء النيابة ورجال القانون وموظفين عامين وحكام أقاليم ورجال شرطة، ناهيك عن اعتقال وتسريح الآلاف من الجيش وقياداته بكافة الرتب، بل وتضارب اشتراك رئيس القوات الجوية- الجنرال اكين اوزتوك- من عدمه بالانقلاب، تشير إلى أن هذه القوائم كانت معدة سلفا للتخلص منهم، فمن غير المعقول أن يتم رصد هؤلاء والإعلان عن أسمائهم خلال ساعات من الانقلاب، وخصوصا رجال القضاء والقانون حيث جرى الانقلاب ليلة الجمعة أي ببداية عطلة الأسبوع، وقد أعاد فصل رجال القانون للأذهان معركة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي مع القضاء والنائب العام. وللتذكير فإن مرسي واردوغان ينتميان لنفس التيار الديني السياسي. أما المتأتركون العرب فهم فريق وقف بكل ما لديه من قوة خطابية وإعلامية اجتماعية وفتاوى دينية مع الرئيس التركي اردوغان رغم أن الأتراك الذين خرجوا ضد الاتراك لم يرفعوا صوره، بل رفعوا العلم التركي، لكن المتأتركين تنادوا من كل حدب وصوب دفاعا عن "الديمقراطية والعلمانية بل والإسلام" التي يمثلها الرئيس طيب رجب اردوغان، وشنوا هجوما كاسكا على كل "مستدرك" أو متساءل أو متشكك بإجراءات اردوغان "الانتقامية" عقب الانقلاب الفاشل، وراحوا يعطونهم دروسا في القيم الديمقراطية ومباديء العلمانية وحقوق الإنسان، ويذكرونك بالقفزات الاقتصادية الهائلة التي حققتها تركيا بعهد اردوغان، وإن عجزت خيلهم راحوا يستمدون من التراث الديني الفتاوى والقصص والأساطير لتبرير أتركتهم المحمومة. فهذا داعية شهير حلم باردوغان ليلة الانقلاب، وذاك حلم بالرسول الكريم يوصي الأتراك بالرئيس اردوغان، ووصلت الأتركة بأحدهم أن رد على أحد المستدركين المتخوف من الانتقام الذي قد يؤدي لتمزق المجتمع التركي بقوله: "لو يبول اردوغان على رؤوسهم لقلنا ما أرحمه فهو يغسلهم ببوله الطاهر" (هكذا). وتذكرنا الأتركة بفرعنة الرؤساء بمصر منذ عبدالناصر حتى السيسي مرورا طبعا بالرئيس المخلوع محمد مرسي، كما تذكرنا بتأليه صدام حسين، وتعظيم بشار الأسد من قبل مؤيديه، والتناقض أن المتأتركين العرب ينتقدون بالتخوين "المتفرسنين" العرب (نسبة إلى الفرس)، وأقصد أولئك الذين يحصلون على أموالهم وسلاحهم وتدريبهم وتأهيلهم من قبل إيران ومرشد ثورتها ووليها الفقيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! عقلية بعضها من بعض! أنا من محبي تركيا ومن المترددين على زيارتها، وتبهرني استانبول بثرائها اللامحدود، وأخشى على تركيا من الانزلاق للدكتاتورية الدينية بعد أن نجت من الدكتاتورية العسكرية قبل أيام، لكن شعوري لن يغير من الأمر شيئا، فالأمر بيد الشعب التركي العظيم، والخطر على الاستقرار التركي متعدد الاتجاهات والمنافذ، ولعل أحد هذه المخاطر تأتي من المتأتركين العرب الذين سيدفعون اردوغان دفعا إلى ما آلت إليه اوطانهم وبلدانهم من خراب ودمار إن سار نحو التسلط والاستفراد والانتقام.

4452

| 19 يوليو 2016

المعارضة والبحرين

"نشكر كل من يتضامن ويؤيد مطالبنا للإصلاح ببلدنا البحرين ونرفض فرض أية أجندات سياسية خارجية من أية جهة كانت وخصوصا إيران التي تصدر منها أصوات تطالب بضم البحرين لها وتدعو للمعارضة بالعنف والسلاح". لو صدر مثل هذا البيان من المعارضة بالبحرين لأرسل رسالة طمأنة لكل متردد أو مشكك بوطنية وبحرينية المعارضة بالبحرين، لكن واقع الحال أن المعارضة بالبحرين في معظمها الساحق هي معارضة الشيعة السياسية، والشيعة السياسية اليوم منبعها ومصدرها وتمويلها وتسليحها وأدلجتها إيرانية- دون استثناء، وعلى من يختلف مع قناعتي هذه أن يشير لي بالعكس من ذلك. يصعب تسويق المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين اليوم على أنها وطنية صرفة، مهما كانت شعاراتها الإصلاحية فقد سبقتها شعارات مشابهة لدى الشيعة السياسية بالمنطقة، فشعار حزب الله بلبنان كان المقاومة البحتة للاحتلال الإسرائيلي، وسبقتها شعارات الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية بالعراق من قبل حزب الدعوة والمجلس الأعلى، فانتهى حزب الله كمرتزقة لدى إيران يقتلون الشعب السوري، وحزب الدعوة والمجلس الأعلى يحكمون العراق منذ سقوط الطاغية صدام حسين، وأدوات تابعة للاطلاعات الإيرانية، وكلنا نعرف نتيجة هذا وذاك على لبنان والعراق. مشكلة المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين أن من يقف معها اليوم مجرم حرب أو مجرم وحسب، فمن حسن نصرالله إلى قاسم سليماني إلى مرتزقة المنتديات والمحافل الدولية الذين يحفل سجلهم بالجرائم والقضايا في بلدانهم، ويرفعون شعارات الإصلاح والحرية من أجل البحرين. كان من المفترض على المعارضة البحرينية الشيعية أو حتى الليبرالية إن وجدت، أن ترفض دعوات قادة الحرس الثوري الإيراني أو حسن نصرالله أو معتوه بغداد بالثورة المسلحة الدامية ببلادهم على خلفية سحب الجنسية من المعارض عيسى قاسم، فمطالبهم – كما يقولون- كانت ولاتزال إصلاحية، ووسائلهم –كما يدعون- كانت ولا تزال سلمية، والتدخل الإيراني السافر بهذه الفجاجة، يثبّت الصورة التي يلاحقهم بها خصومهم بالتبعية لإيران، وتعزز التحليل بأن عيسى قاسم هو حسن نصرالله اللبناني، وهو العامري العراقي، وهو الحوثي اليمني، وكان حري بهم رفض التدخل الإيراني مساندة لهم في وقت تعيش فيه المنطقة احترابا طائفيا، وتهيمن فيه إيران على العراق وسوريا ولبنان وتحاول الهيمنة باليمن، ولا تخفي تدخلها بالبحرين ومحاولة عسكرة مطالبة معارضته بكل السبل. كاتب هذه المقالة اعترض ولا يزال يعارض سحب جنسية بعض المعارضين بالكويت، ولكنه يرفض رفضا تاما أي تدخل إيراني بشأن بلاده وإن توافق مع مطلبه، فإيران ليست بداعية حقوق إنسان، ولا هي بدولة تحترم بها كل الفئات والطوائف والأديان، وحري بها بدلا من مساندة عيسى قاسم بالبحرين أن ترفع الإقامة الجبرية عن موسوي وخاتمي وقادة الثورة الخضراء التي انفجرت بعد تزوير انتخابات الرئاسة عام 2009، وأن تفتح أبواب سجن "نيفين" بطهران. المشكلة الأخرى أن سجل الأحزاب السياسية الدينية –شيعية أو سنية- هو سجل دام يقصي الآخر، ويكفر المخالف، ويقتل المعارض، رأينا ذلك بأفغانستان طالبان، وحماس غزة حين انقلبت على السلطة الفلسطينية عام 2007، وبإيران التي استولت على السلطة منذ العام 1979 وصفَّت كل معارضيها بعد أن أتت بالتحالف معهم تحت شعارات الحرية والتخلص من طغيان الشاه، وإخوان مصر الذين حاولوا الانفراد بالسلطة المطلقة وإلغاء الآخرين متوجين محاولاتهم بالإعلانات/الانقلابات الدستورية، وشيعة العراق السياسية الذين نهبوا البلاد وفرقوا العباد وخلقوا الطائفية وأشاعوا الفساد، وإخوان السودان الذين انقلبوا على حكومة المهدي المنتخبة عام 1989، وإخوان أردوغان الذين يعتقلون أكبر عدد من الصحافيين بالعالم، وحزب الله اللبناني الذي يهيمن على قرار لبنان منذ العام 2006 وأنصار الله بعد انقلابهم باليمن على الشرعية عام 2014 الخ. هذا السجل الدامي الفاشل للأحزاب السياسية الدينية بشقيها السني والشيعي يجعل من الصعب على معارضة البحرين الشيعية السياسية إقناع العالم بأنهم سيأتون بالإصلاح، وبالحرية والفلاح، فلا مثال عندهم يشار إليه بالبنان حيث عمت الحرية والأمان، وتعايشت الطوائف والأديان، ولا هم يرفضون التدخل الإيراني ببلادهم والمطالبة بها بحجة مساندتهم ومؤازرة مطالبهم "بالإصلاح"، وهي مطالبة من قبل دولة تحتل المركز الثاني بالعالم بعدد الإعدامات السنوية.لعل مثل هذه المقالة ونصائح العقلانية تجعل المعارضة البحرينية تعيد حساباتها، فلا الدين السياسي –الشيعي والسني- سيحقق لها الإصلاح، ولا استغلالها من قبل إيران سيعزز جماهيريتها ويُشرْعِن مطالبها. للبحرين العزيزة علينا جميعا كل التمنيات بالإصلاح والتعايش والسلام في ظل معارضة وحكومة بحرينية وطنية صرفة.

491

| 29 يونيو 2016

المعارضة والبحرين

المعارضة والبحرين "نشكر كل من يتضامن ويؤيد مطالبنا للإصلاح ببلدنا البحرين ونرفض فرض أية أجندات سياسية خارجية من أية جهة كانت وخصوصا إيران التي تصدر منها أصوات تطالب بضم البحرين لها وتدعو للمعارضة بالعنف والسلاح". لو صدر مثل هذا البيان من المعارضة بالبحرين لأرسل رسالة طمأنة لكل متردد أو مشكك بوطنية وبحرينية المعارضة بالبحرين، لكن واقع الحال أن المعارضة بالبحرين في معظمها الساحق هي معارضة الشيعة السياسية، والشيعة السياسية اليوم منبعها ومصدرها وتمويلها وتسليحها وأدلجتها إيرانية- دون استثناء، وعلى من يختلف مع قناعتي هذه أن يشير لي بالعكس من ذلك. يصعب تسويق المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين اليوم على أنها وطنية صرفة، مهما كانت شعاراتها الإصلاحية فقد سبقتها شعارات مشابهة لدى الشيعة السياسية بالمنطقة، فشعار حزب الله بلبنان كان المقاومة البحتة للاحتلال الاسرائيلي، وسبقتها شعارات الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية بالعراق من قبل حزب الدعوة والمجلس الأعلى، فانتهى حزب الله كمرتزقة لدى إيران يقتلون الشعب السوري، وحزب الدعوة والمجلس الأعلى يحكمون العراق منذ سقوط الطاغية صدام حسين، وأدوات تابعة لاطلاعات الإيرانية، وكلنا نعرف نتيجة هذا وذاك على لبنان والعراق. مشكلة المعارضة الشيعية السياسية بالبحرين أن من يقف معها اليوم مجرمو حرب أو مجرمون وحسب، فمن حسن نصرالله إلى قاسم سليماني إلى مرتزقة المنتديات والمحافل الدولية الذين يحفل سجلهم بالجرائم والقضايا في بلدانهم، ويرفعون شعارات الإصلاح والحرية من أجل البحرين. كان من المفترض على المعارضة البحرينية الشيعية أو حتى الليبرالية إن وجدت، أن ترفض دعوات قادة الحرس الثوري الإيراني أو حسن نصرالله أو معتوه بغداد بالثورة المسلحة الدامية ببلادهم على خلفية سحب الجنسية من المعارض عيسى قاسم، فمطالبهم –كما يقولون- كانت ولاتزال إصلاحية، ووسائلهم –كما يدعون- كانت ولا تزال سلمية، والتدخل الإيراني السافر بهذه الفجاجة، تثبّت الصورة التي يلاحقهم بها خصومهم بالتبعية لإيران، وتعزز التحليل بأن عيسى قاسم هو حسن نصرالله اللبناني، وهو العامري العراقي، وهو الحوثي اليمني، وكان حري بهم رفض التدخل الإيراني مساندة لهم في وقت تعيش فيه المنطقة احترابا طائفيا، وتهيمن فيه إيران على العراق وسوريا ولبنان وتحاول الهيمنة باليمن، ولا تخفي تدخلها بالبحرين ومحاولة عسكرة مطالبة معارضته بكل السبل. كاتب هذه المقالة اعترض ولا يزال يعارض سحب جنسية بعض المعارضين بالكويت، ولكنه يرفض رفضا تاما أي تدخل إيراني بشأن بلاده وإن توافق مع مطلبه، فإيران ليست بداعية حقوق إنسان، ولا هي بدولة تحترم بها كل الفئات والطوائف والأديان، وحري بها بدلا من مساندة عيسى قاسم بالبحرين أن ترفع الإقامة الجبرية عن موسوي وخاتمي وقادة الثورة الخضراء التي انفجرت بعد تزوير انتخابات الرئاسة عام 2009، وأن تفتح أبواب سجن "نيفين" بطهران. المشكلة الأخرى أن سجل الأحزاب السياسية الدينية –شيعية أو سنية- هو سجل دام يقصي الآخر، ويكفر المخالف، ويقتل المعارض، رأينا ذلك بأفغانستان طالبان، وحماس غزة حين انقلبت على السلطة الفلسطينية عام 2007، وبإيران التي استولت على السلطة منذ العام 1979 وصفت كل معارضيها بعد أن أتت بالتحالف معهم تحت شعارات الحرية والتخلص من طغيان الشاه، وإخوان مصر الذين حاولوا الانفراد بالسلطة المطلقة وإلغاء الآخرين متوجين محاولاتهم بالإعلانات/الانقلابات الدستورية، وشيعة العراق السياسية الذي نهبوا البلاد وفرقوا العباد وخلقوا الطائفية وأشاعوا الفساد، وإخوان السودان الذين انقلبوا على حكومة المهدي المنتخبة عام 1989، وإخوان اردوغان الذين يعتقلون أكبر عدد من الصحافيين بالعالم، وحزب الله اللبناني الذي يهيمن على قرار لبنان منذ العام 2006 وأنصار الله بعد انقلابهم باليمن على الشرعية عام 2014 الخ. هذا السجل الدامي الفاشل للأحزاب السياسية الدينية بشقيها السني والشيعي يجعل من الصعب على معارضة البحرين الشيعية السياسية إقناع العالم بأنهم سيأتون بالإصلاح، وبالحرية والفلاح، فلا مثال عندهم يشار إليه بالبنان حيث عمت الحرية والأمان، وتعايشت الطوائف والأديان، ولا هم يرفضون التدخل الإيراني ببلادهم والمطالبة بها بحجة مساندتهم ومؤازرة مطالبهم "بالإصلاح"، وهي مطالبة من قبل دولة تحتل المركز الثاني بالعالم بعدد الإعدامات السنوية. لعل مثل هذه المقالة ونصائح العقلانية تجعل المعارضة البحرينية تعيد حساباتها، فلا الدين السياسي –الشيعي والسني- سيحقق لها الإصلاح، ولا استغلالها من قبل إيران سيعزز جماهيريتها ويُشرْعِن مطالبها. للبحرين العزيزة علينا جميعا كل التمنيات بالإصلاح والتعايش والسلام في ظل معارضة وحكومة بحرينية وطنية صرفة.

1824

| 28 يونيو 2016

هل نصر الله عميل؟

بخطاب حسن نصرالله الأخير- على الأقل هو آخر خطاب ألقاه قبل كتابة هذا المقال لأن خطاباته تكاثرت مؤخرا- أقر نصرالله بكل وضوح وفخر وشفافية أن حزبه يتلقى تدريبه وتسليحه وتمويله من إيران، وهذا الاعتراف بحد ذاته يرقى في قوانين معظم دول العالم الحديثة للخيانة العظمى، فحزب الله- كما يردد مناصروه بلبنان وخارجه- حزب لبناني "وطني" يخوض الانتخابات النيابية اللبنانية وله أعضاء برلمانيون ووزراء بحكومة لبنان- أو بشكل أدق بحكومات لبنان حين كان للبنان حكومات. فهل يجعل هذا الاعتراف من حزب الله وأمينه العام- حسن نصرالله- عميلا بسبب ولاءه المعلن لدولة أجنبية؟ بالنسبة للطائفي السني، هو عميل لأنه شيعي وكفى، وبالنسبة للقومي العربي هو عميل لأنه موال لإيران التي تصر على العداء للعرب وتتدخل بشئونهم وتقتلهم بسوريا والعراق. لكن جواب خيانة حسن نصرالله من عدمها يجب أن يكون في إطار نظرتنا للدولة الوطنية ومدى إيماننا بها، فإن كنا نؤمن بالدولة الوطنية التي يجب أن يكون ولاء المواطنين والساسة والأحزاب فيها للوطن وحده ولا شيء خارجه، أي الدولة المدنية التي لا يجب أن يرهن أحد فيها إرادته لأية قوى خارجية، ولا يجب أن يستلم الساسة أو الأحزاب فيها أي تمويل من أي دولة خارجية، لأن ذلك يرهن مواقفهم بيد ممولهم وليس من أجل صالح الوطن، بهذا المنظور ومن منطلق هذا المبدأ فإن نصر الله خائن عميل مرتهن لدولة غير دولته الوطنية ولا جدال في ذلك! لكن هذا المبدأ بالتخوين والعمالة لا ينحصر بنصرالله وحده، إلا إذا كنا نرى أن العمالة تنحصر بالتبعية لإيران الفارسية الشيعية، فعندها يصبح هذا المبدأ طائفيا صرفا، يمعنى أن هذا المبدأ "القانوني" بالوطنية يجب أن يطبق على كل من يدين بالولاء لأية جهة أو دولة أو تنظيم خارج دولته الوطنية، وبذا فإنه ينسحب على كافة الأحزاب الدينية التي رأت بالملا عمر الأفغاني أميرا للمؤمنين، أو من بايع العراقي أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين من غير العراقيين، ومن يأتمر بأوامر مرشد الثورة من غير الإيرانيين، أو مرشد الإخوان المسلمين المصري من الخليجيين أو المغاربة أو الأتراك أو السودانيين. المؤمنون بالدولة الدينية كهدف استراتيجي- سواء دولة ولاية الفقيه أو دولة خليفة المسلمين- يصبحون جميعا عملاء بمفهوم ومباديء الدولة الوطنية الحديثة، ومن بينهم بالطبع حسن نصرالله- أمين عام حزب الله الإيراني وليس اللبناني. والموضوعية تتطلب ذكر أن الأيدولوجيات العابرة للقارات والمتجاوزة للدولة الوطنية ليست حصرا على أصحاب الفكر السياسي الديني، فقبلهم كانت القومية والبعث والشيوعية، بل كان العراقيون يتمازحون في القرن الماضي أن الأمطار بموسكو ترفع المظلات بالناصرية جنوب العراق، وذلك كناية عن كثرة الشيوعيين بها وولائهم لموسكو التي رأوا فيها وبقيادتها المخلص للبشرية بتطبيق الاشتراكية العلمية التي ستحقق الانتصار الإنساني العادل لصالح البروليتاريا والعمال وتقضي على البرجوازية والطبقية والرأسمالية الجشعة، مثلما يعلن أتباع دولة الولاية أن علي خامنئي هو الولي الفقيه الذي يقوم مقام الإمام الغائب حتى يظهر المهدي ليخلص البشرية من الظلم والجور، ومثلما يبايع أتباع دولة الخلافة أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين سيملأ الأرض عدلا وخيرا ونصرة للإسلام والمسلمين حتى ظهور المخلص للبشرية (خروج المهدي ثابت لدى الطائفتين الشيعة والسنة). شمولية المبدأ القانوني المدني لتعريف الوطنية والالتزام بها، هي التي تحدد خيانة هذا السياسي أو ذاك، أو هذا الحزب أو ذاك، واستخدام نفس المعيار الوطني للولاء، هو الذي يعزز الوطنية الحقة، فالوطنية ليست قائمة (منيو) طعام بمطعم أطبقها على من لا يعجبني، وأتناساها لمن كان على هواي ومذهبي.

2188

| 26 يونيو 2016

اليمن بين حوار البنادق وحوار الفنادق

بتأكيد المبعوث الدولي لليمن -أحمد ولد الشيخ- قبول الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح بقرار مجلس الأمن 2216 وعودة الشرعية وإنهاء مظاهر الانقلاب، فالآمال معقودة بمحادثات الكويت بوضع اليمن على سكة مسيرة جديدة تنهي حالات الاقتتال والتمزق وتدخله مرحلة بناء وأمل. الضمانة الأكيدة لنجاح محادثات اليمن بعد وصول كافة الأطراف، هو إظهار حسن النوايا، أهم تلك المؤشرات هي الالتزام بوقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين والأسرى، وإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة، ومنع التدخل الإيراني بتخريب الاتفاق، ثم الدخول بتفاصيل تطبيق قرار الشرعية الدولية ضمن حوار يجري بالفنادق بعد أن استمر بالبنادق منذ انقلاب سبتمبر عام 2014. ولكن ماذا بعد ذلك؟ وهنا يكون السؤال الأهم وهو سؤال يجب أن نوجهه لأنفسنا كخليجيين قبل أي طرف آخر، فاليمن أصبح مشكلة خليجية مباشرة، وأصبح في صلب الاهتمامات الخليجية بعد أن أهملناه عقودا طويلة بسياسات تعتقد أن التقارب مع المخلوع صالح وزعماء قبائل بعينها، سيضمن تقدما لليمن ويكفينا عناء التدخل المباشر بمشاريع تنموية فعالة تنقذ اليمن من فاقة الفقر والعوز الاقتصادي وتخلف البنى التحتية التي دمرتها إدارة المخلوع طيلة عقود ثلاثة. إن مارشال خليجي لليمن هو الترجمة الفعلية "عملية إعادة الأمل"، وهو مشروع هائل لإنقاذ اليمن من براثن الآلام الاقتصادية وبالتالي عدم تشرد آمال شبابه بين التطلع لإيران وبين وهم خطاب قديم الزمان. في محاضرة له بعد تحرير الكويت عام 1991، قال الدكتور أحمد الخطيب -الرمز القومي والتقدمي الكويتي- شارحا أسباب التعاطف الشعبي الهائل بجنوب اليمن مقارنة بشماله الذي كان في غالبه مناصر للعدوان أو ربما غير مكترث للمأساة الكويتية في حينها، أن المساعدات الكويتية والخليجية بشكل عام للجنوب كانت تتمثل بمشاريع تنموية مباشرة يشرف عليها "صندوق مساعدة أبناء الجنوب" التابع للخارجية الكويتية والذي كان يشرف عليه الأديب الكويتي القومي المرحوم أحمد السقاف، وذلك منعا لوصولها للقيادة اليمنية الثورية اليسارية في حينه. بينما كانت تذهب المساعدات لأهل الشمال في غالبها للمخلوع صالح ولقيادات قبلية توهمنا بأن شراؤهم سيكون في صالح أبناء الشمال وقبائلها. المساعدات للجنوب أخذت أشكال بنى تنموية وإنسانية من مدارس وطرق ومستشفيات بالجنوب يشعر بها الإنسان اليمني مباشرة، بينما تراجع شكل المساعدات للشمال بعدما كان على شكل جامعة صنعاء بتمويل كويتي ومستشفيات ومدارس وطرق، إلى شيكات ومنح يستولي عليها المخلوع وعصابته ونسبة العشرين بالمائة وما فوق لأي مشروع خليجي يتلكأ إنجازه بين الأوامر التغييرية والإكراميات القبلية لهذا الشيخ القبلي أو ذاك بغية تمرير شحنة أسمنت أو صلبوخ أو طابوق عبر أراضي القبيلة.هل تعلمنا الدرس؟ لابد أن نكون على مستوى المسؤولية التاريخية والأخلاقية والقومية تجاه اليمن الشقيق، فدماء الشهداء من أهل اليمن والخليج بحرب عاصفة الحزم ويجب أن تذهب سدى، ولا يجب ألا نفرط باليمن بعد الانتصار الإستراتيجي بقطع يد إيران عنها، وللبدء بذلك علينا بإعادة الأمل، ولعل البداية تكون بسؤالنا لأنفسنا: كم بلغت زيادة العمالة اليمنية بالخليج منذ انطلاق العاصفة؟ وهل ذللنا عقبات الإجراءات للشباب اليمني المعطاء للعمل بدول الخليج؟ وهل رسمنا خطة مارشال خليجية شاملة باليمن تبدأ باستيعاب أبنائها وخلق فرص عمل لهم تستبدل كثيرا من العمالة الأجنبية بالخليج؟أترك الإجابة للمنصف المتابع!! وللشاب اليمني الذي تقدم بطلب تأشيرة عمل بدولة خليجية!

534

| 22 أبريل 2016

اليمن بين حوار البنادق وحوار الفنادق

بتأكيد المبعوث الدولي لليمن- أحمد ولد الشيخ - قبول الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح بقرار مجلس الأمن 2216 وعودة الشرعية وإنهاء مظاهر الانقلاب، فالآمال معقودة بمحادثات الكويت بوضع اليمن على سكة مسيرة جديدة تنهي حالات الاقتتال والتمزق وتدخله مرحلة بناء وأمل. الضمانة الأكيدة لنجاح محادثات اليمن بعد وصول كافة الأطراف، هو إظهار حسن النوايا، أهم تلك المؤشرات هي الالتزام بوقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين والأسرى، وإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة، ومنع التدخل الإيراني بتخريب الاتفاق، ثم الدخول بتفاصيل تطبيق قرار الشرعية الدولية ضمن حوار يجري بالفنادق بعد أن استمر بالبنادق منذ انقلاب سبتمبر عام 2014. ولكن ماذا بعد ذلك؟ وهنا يكون السؤال الأهم وهو سؤال يجب أن نوجهه لأنفسنا كخليجيين قبل أي طرف آخر، فاليمن أصبح مشكلة خليجية مباشرة، وأصبح في صلب الاهتمامات الخليجية بعد أن أهملناه عقودا طويلة بسياسات تعتقد أن التقارب مع المخلوع صالح وزعماء قبائل بعينها، سيضمن تقدما لليمن ويكفينا عناء التدخل المباشر بمشاريع تنموية فعالة تنقذ اليمن من فاقة الفقر والعوز الاقتصادي وتخلف البنى التحتية التي دمرتها إدارة المخلوع طيلة عقود ثلاثة. إن مارشال خليجي لليمن هو الترجمة الفعلية "عملية إعادة الأمل"، وهو مشروع هائل لإنقاذ اليمن من براثن الآلام الاقتصادية وبالتالي عدم تشرد آمال شبابه بين التطلع لإيران وبين وهم خطاب قديم الزمان. في محاضرة له بعد تحرير الكويت عام 1991، قال الدكتور أحمد الخطيب- الرمز القومي والتقدمي الكويتي- شارحا أسباب التعاطف الشعبي الهائل بجنوب اليمن مقارنة بشماله الذي كان في غالبه مناصر للعدوان أو ربما غير مكترث للمأساة الكويتية في حينها، أن المساعدات الكويتية والخليجية بشكل عام للجنوب كانت تتمثل بمشاريع تنموية مباشرة يشرف عليها "صندوق مساعدة أبناء الجنوب" التابع للخارجية الكويتية والذي كان يشرف عليه الأديب الكويتي القومي المرحوم أحمد السقاف، وذلك منعا لوصولها للقيادة اليمنية الثورية اليسارية في حينه. بينما كانت تذهب المساعدات لأهل الشمال في غالبها للمخلوع صالح ولقيادات قبلية توهمنا بأن شراؤهم سيكون في صالح أبناء الشمال وقبائلها. المساعدات للجنوب أخذت أشكال بنى تنموية وإنسانية من مدارس وطرق ومستشفيات بالجنوب يشعر بها الإنسان اليمني مباشرة، بينما تراجع شكل المساعدات للشمال بعدما كان على شكل جامعة صنعاء بتمويل كويتي ومستشفيات ومدارس وطرق، إلى شيكات ومنح يستولي عليها المخلوع وعصابته ونسبة العشرين بالمائة وما فوق لأي مشروع خليجي يتلكأ إنجازه بين الأوامر التغييرية والإكراميات القبلية لهذا الشيخ القبلي أو ذاك بغية تمرير شحنة اسمنت أو صلبوخ أو طابوق عبر أراضي القبيلة. هل تعلمنا الدرس؟ لابد أن نكون على مستوى المسئولية التاريخية والأخلاقية والقومية تجاه اليمن الشقيق، فدماء الشهداء من أهل اليمن والخليج بحرب عاصفة الحزم لا يجب أن تذهب سدى، ولا يجب أن نفرط باليمن بعد الانتصار الاستراتيجي بقطع يد إيران عنها، وللبدء بذلك علينا بإعادة الأمل، ولعل البداية تكون بسؤالنا لأنفسنا: كم بلغت زيادة العمالة اليمنية بالخليج منذ انطلاق العاصفة؟ وهل ذللنا عقبات الإجراءات للشباب اليمني المعطاء للعمل بدول الخليج؟ وهل رسمنا خطة مارشال خليجية شاملة باليمن تبدأ باستيعاب أبنائها وخلق فرص عمل لهم تستبدل كثيرا من العمالة الأجنبية بالخليج؟ أترك الإجابة للمنصف المتابع!! وللشاب اليمني الذي تقدم بطلب تأشيرة عمل بدولة خليجية!

820

| 21 أبريل 2016

الشيعة العرب بالرياض

عقد بداية هذا الأسبوع ندوة بالرياض حول العرب الشيعة ودورهم في التصدي لمحاولات إيران استخدامهم كحصان طروادة للتدخل بالشؤون العربية، اللقاء الذي نظمه مركز أسبار للدراسات والإعلام والذي يرأسه الشخصية المرموقة د. فهد العرابي الحارثي، غاب عنه الإعلام، ولعل هذه من أسباب نجاح الملتقى بدرجة ممتازة لأن المشاركين تناقشوا بحرية وتلقائية دون التصنّع "لزوم" الكاميرا.الفكرة بحد ذاتها اعتراف حضاري، وإقرار بمبدأ قبول الآخر ببلد يتعرض لهجمة محمومة بإلغاء الآخر وعدم التعايش، وهي كذلك رد عملي ضمن ردود متتابعة على تفنيد هذه الهجمات المتواصلة على المملكة العربية السعودية، صحيح أن الوضع غير مثالي -لا بالمملكة ولا بغيرها- وصحيح أن الكثير بحاجة للتحقق من أجل تعايش كافة الطوائف -ليس بالمملكة وحدها- ولكن بالمنطقة برمتها، ولكن الأصح هو أن المملكة بمثل هذا الحراك تجهد في رص صفوف العرب -سنة وشيعة- لتلافي الطوفان، ولتحاشي الاحتراب الطائفي ولقطع الطريق على إيران باستخدام العرب الشيعة كطابور خامس يخوض حروبها، وينهك المنطقة لبسط سيطرتها عليها بذرائع الدفاع عن الشيعة والتشيع. "التشيع لنا"، عنوان مقالة كتبتها قبل عقد من الزمان، أرى فيها أن منبع طائفتي الشيعة والسنة من المسلمين هو المنطقة العربية وليس إيران، بل بالعراق والشام تحديدا حيث بدأ الصراع على السلطة بين دمشق وبغداد بالقرن الأول للهجرة بين بني هاشم وبني أمية من قبيلة قريش، وأخذ صيغا دينية لتبرير المطالبة بالخلافة ومآلها، واستمر هذا الصراع بأشكال مذهبية مختلفة حتى يومنا هذا، وهو ما استغلته وتستغله إيران للاختراق بالمنطقة العربية، وأجادل دوما بأن إلصاق التشيع بإيران حصرا هو عين الغباء السياسي، فهو ما تستهدفه طهران تحديدا، وهو تسليم أهم ورقة في مناهضة الطائفية، أي ورقة الشمولية وعدم الإقصاء لطمأنة الجميع بعروبة المنطقة، ولإثبات أن نوايا إيران فارسية وليست إسلامية وإن صبغتها بصبغة شيعية. تستخدم إيران أسلوبي الترغيب والترهيب لحشد الشيعة العرب وراء ولاية الفقيه، أي التبعية العمياء -المعصومية- للولي الفقيه بطهران، وهي نظرية –مثل كل النظريات الدينية- تقوم على الغيبيات التي تتطلب تسليم العقل واتباع العمائم واللحى كرجال دين وسياسة لا "يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم"، وهي شبيهة ببيعة خليفة داعش –أبو بكر البغدادي والتسليم بطاعته وعدم الخروج عليه وإلا فإن مصير المعارض هو الموت الزؤام. ومن لا يسلم من الشيعة العرب بولاية الفقيه ويعلن تبعيته للولي الفقيه بطهران، تتم استمالته بالمال، فإن لم يُجدِ ذلك يتم تهديده للسكوت وعدم الاعتراض وكفى. والدلائل على ذلك يعرفها الشيعة العرب قبل غيرهم، وللتدليل على ذلك من تجربة شخصية، فقد رفضت صحيفة عراقية قبل أيام نشر مقال لي حول "حزب الله" اللبناني خوفا من أنصار طهران ببغداد! أصدقاء وطلبة عدة بالكويت يسرون لي ما يتعرضون له من ضغوط شتى إن هم تعرضوا لحزب الله بالكويت أو عارضوا ما تجره عليهم التبعية لإيران من ويلات واحتقان مع السنة دون ذنب اقترفوه. سيبقى بهذا العالم شيعة وسنة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يفني الكاثوليك ولا البروتستانت مهما طال الزمن، فقد حاول كل فريق أن يلغي الآخر منذ قرون دون جدوى، والتسليم الواقعي بهذه الحقيقة يزيل عنا غشاوة ووهم ما يسمى "بالتقارب" الشيعي -السني، فليس المطلوب تقاربهما، لأن التقارب المذهبي بدعة رجال الدين السياسي، فهو يعني عندهم أن يقنع الطرف الآخر بأنه على باطل، ولكن المطلوب أن نسلم بأن الحق والباطل يقرره إله الشيعة والسنة معا، وأن التعايش -وليس التقارب- هو المطلوب، والتعايش ليس فكرة عبقرية اخترعناها، ولا هو مثالية رومانسية تتحقق بالوعظ والكلمة الطيبة وحسب، فالدول المستقرة وضعت ضمانات قانونية للتعايش تضمن حق كل الأطراف بممارسة شعائرها كما تشاء شرط عدم التعدي على الآخر، وتجرم بعقوبات صارمة خطابات الكراهية التي تسبب الاحتقان والاحتراب بأشكاله المختلفة. العرب –شيعة وسنة ومسيحيين وعلويين وغير ذلك- لن يجمعهم سوى عروبتهم وقوانين ببلدانهم تضمن آدميتهم ومساواتهم أمام تلك القوانين كمواطنين وحسب، وغير ذلك من دعوات تقارب هي عبث ومضيعة للوقت. قد يقول قاريء بأني حالم مثالي، لكن المشاركين بندوة "الشيعة العرب" التي عقدت بالرياض تقاربوا جميعا أيما تقارب حول هذه الخلاصة والحلم الجميل.

870

| 14 أبريل 2016

الشيعة العرب بالرياض

عقد بداية هذا الأسبوع ندوة بالرياض حول العرب الشيعة ودورهم في التصدي لمحاولات إيران استخدامهم كحصان طروادة للتدخل بالشئون العربية، اللقاء الذي نظمه مركز أسبار للدراسات والإعلام والذي يرأسه الشخصية المرموقة د. فهد العرابي الحارثي، غاب عنه الإعلام، ولعل هذه من أسباب نجاح الملتقى بدرجة ممتازة لأن المشاركين تناقشوا بحرية وتلقائية دون التصنّع "لزوم" الكاميرا. الفكرة بحد ذاتها اعتراف حضاري، وإقرار بمبدأ قبول الآخر ببلد يتعرض لهجمة محمومة بإلغاء الآخر وعدم التعايش، وهي كذلك رد عملي ضمن ردود متتابعة على تفنيد هذه الهجمات المتواصلة على المملكة العربية السعودية، صحيح أن الوضع غير مثالي- لا بالمملكة ولا بغيرها- وصحيح أن الكثير بحاجة للتحقق من أجل تعايش كافة الطوائف- ليس بالمملكة وحدها- ولكن بالمنطقة برمتها، ولكن الأصح هو أن المملكة بمثل هذا الحراك تجهد في رص صفوف العرب- سنة وشيعة- لتلافي الطوفان، ولتحاشي الاحتراب الطائفي ولقطع الطريق على إيران باستخدام العرب الشيعة كطابور خامس يخوض حروبها، وينهك المنطقة لبسط سيطرتها عليها بذرائع الدفاع عن الشيعة والتشيع. "التشيع لنا"، عنوان مقالة كتبتها قبل عقد من الزمان، أرى فيها أن منبع طائفتي الشيعة والسنة من المسلمين هو المنطقة العربية وليس إيران، بل بالعراق والشام تحديداً حيث بدأ الصراع على السلطة بين دمشق وبغداد بالقرن الأول للهجرة بين بني هاشم وبني أمية من قبيلة قريش، وأخذ صيغاً دينية لتبرير المطالبة بالخلافة ومآلها، واستمر هذا الصراع بأشكال مذهبية مختلفة حتى يومنا هذا، وهو ما استغلته وتستغله إيران للاختراق بالمنطقة العربية، وأجادل دوماً بأن إلصاق التشيع بإيران حصراً هو عين الغباء السياسي، فهو ما تستهدفه طهران تحديداً، وهو تسليم أهم ورقة في مناهضة الطائفية، أي ورقة الشمولية وعدم الإقصاء لطمأنة الجميع بعروبة المنطقة، ولإثبات أن نوايا إيران فارسية وليست إسلامية وإن صبغتها بصبغة شيعية. تستخدم إيران أسلوبي الترغيب والترهيب لحشد الشيعة العرب وراء ولاية الفقيه، أي التبعية العمياء- المعصومية- للولي الفقيه بطهران، وهي نظرية –مثل كل النظريات الدينية- تقوم على الغيبيات التي تتطلب تسليم العقل وإتّباع العمائم واللحى كرجال دين وسياسة لا "يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم"، وهي شبيهة ببيعة خليفة داعش- أبو بكر البغدادي والتسليم بطاعته وعدم الخروج عليه وإلا فإن مصير المعارض هو الموت الزؤام. ومن لا يسلم من الشيعة العرب بولاية الفقيه ويعلن تبعيته للولي الفقيه بطهران، تتم استمالته بالمال، فإن لم يُجد ذلك يتم تهديده للسكوت وعدم الاعتراض وكفى. والدلائل على ذلك يعرفها الشيعة العرب قبل غيرهم، وللتدليل على ذلك من تجربة شخصية، فقد رفضت صحيفة عراقية قبل أيام نشر مقال لي حول "حزب الله" اللبناني خوفاً من أنصار طهران ببغداد! أصدقاء وطلبة عدة بالكويت يسرّون لي ما يتعرضون له من ضغوط شتى إن هم تعرضوا لحزب الله بالكويت أو عارضوا ما تجره عليهم التبعية لإيران من ويلات واحتقان مع السنة دون ذنب اقترفوه. سيبقى بهذا العالم شيعة وسنة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يفنى الكاثوليك ولا البروتستانت مهما طال الزمن، فقد حاول كل فريق أن يلغي الآخر منذ قرون دون جدوى، والتسليم الواقعي بهذه الحقيقة يزيل عنا غشاوة ووهم ما يسمى "بالتقارب" الشيعي-السني، فليس المطلوب تقاربهما، لأن التقارب المذهبي بدعة رجال الدين السياسي، فهو يعني عندهم أن يقنع الطرف الآخر بأنه على باطل، ولكن المطلوب أن نسلم بأن الحق والباطل يقرره إله الشيعة والسنة معاً، وأن التعايش- وليس التقارب- هو المطلوب، والتعايش ليس فكرة عبقرية اخترعناها، ولا هو مثالية رومانسية تتحقق بالوعظ والكلمة الطيبة وحسب، فالدول المستقرة وضعت ضمانات قانونية للتعايش تضمن حق كل الأطراف بممارسة شعائرها كما تشاء شرط عدم التعدي على الآخر، وتجرم بعقوبات صارمة خطابات الكراهية التي تسبب الاحتقان والاحتراب بأشكاله المختلفة. العرب –شيعة وسنة ومسيحيين وعلويين وغير ذلك- لن يجمعهم سوى عروبتهم وقوانين ببلدانهم تضمن آدميتهم ومساواتهم أمام تلك القوانين كمواطنين وحسب، وغير ذلك من دعوات تقارب هي عبث ومضيعة للوقت. قد يقول قاريء بأني حالم مثالي، لكن المشاركين بندوة "الشيعة العرب" التي عقدت بالرياض تقاربوا جميعاً أيما تقارب حول هذه الخلاصة والحلم الجميل.

2280

| 13 أبريل 2016

صنافر وتيران والصحراء المغربية

الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز –ملك المملكة العربية السعودية- لمصر تكللت باتفاقيات تؤكد عمق العلاقة بين أهم بلدين عربيين قوة ومكانة بالمنطقة، وهي انعكاس حقيقي لأهمية الدور الذي تلعباه بقيادة العرب والتصدي لمخاطر الحروب والإرهاب والتقسيم الذي يتحقق فعليا ببلاد الشام والعراق، ناهيك عن المد الطائفي الذي ترعاه إيران وتغذيه كوسيلة لهيمنتها على المنطقة وذريعة لتدخلها بالشئون العربية.فإلى جانب المشاريع المليارية الهائلة وجسر الملك سلمان الذي سيربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، فقد وقع البلدان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بينهما بما يعيد السيادة السعودية على جزيرتي صنافر وتيران، وهي اتفاقية تمت بعد مشاورات هادئة استمرت سنينا بعيدا عن الإعلام وأعين المتربصين، ولعل أهم رسالة وجهتها الاتفاقية أن أكبر دولتين عربيتين قادرتين على حل أي إشكالية بينهما بشكل حضاري وأخوي دون الحاجة لتدخل أجنبي، وللمراقب أن يتخيل بقاء خلاف على جزيرتين صخريتين صغيرتين وسط الحديث عن مشاريع هائلة للتعاون على كافة الأصعدة، هل كان يمكن أن يصدق أحد بتحقيق وإنجاز وجدوى تلك المشاريع بين بلدين لم يستطيعا حل مسألة بسيطة مثل مسألة جزيرتي صنافر وتيران؟ الاتفاق بحد ذاته يعكس حجم الدولتين المهمتين وشعور قيادتيهما بعبء المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهما. ولعل في الاتفاق المصري -السعودي مناسبة ودرسا لنا كعرب في حل مشكلة الصحراء المغربية التي طال انتظارها، فبعد نضال مغربي ومطالبات مغربية بامتدادها الصحراوي، انسحبت إسبانيا منها عام 1975، وكان من المفترض والطبيعي أن تعود الصحراء لحاضنتها الطبيعية كامتداد لأراضي المغرب، ولكن الجزائر -ولأسباب يطول شرحها- خلقت جبهة البوليساريو ومدتها بالسلاح واستضافت قادتها ولا تزال، وتصر على استقلالها وانفصالها عن المغرب بذرائع وحجج ما أنزل الله بها من سلطان، واستمر الاقتتال واستنزاف البلدين طيلة أربعين عاما، وتدخلت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والشرق والغرب دون فائدة، وتقدمت المغرب بأكثر من مشروع سلام لإنهاء الخلاف من بينها وأشهرها مبادرة ملك المغرب –محمد السادس- بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية عام 2007، والتي رفضتها الجزائر -أقصد البوليساريو– مطالبة بالاستقلال التام عن المغرب. هذه هي قناعة كاتب هذا المقال والتي يشاركه بها كثير من متابعي هذه المسألة بدول الخليج، وبغض النظر عن كيف ستؤول الأمور فمن المخجل أن يستمر هذا الصراع بين أهم بلدين عربيين بالمغرب العربي أربعة عقود: المغرب والجزائر، فاستمرار هذا الصراع طيلة هذه المدة سيكون حصان طروادة القادم لإشعال الفتن والحروب بينهما في وقت أنهكتنا فيه الصراعات والاقتتال الذي نشعله بأيدينا دون منطق مفهوم أو مبرر معقول. الأمل أن ترسل مصر والسعودية فريقيهما الحضاريين اللذين حسما مداولات تعيين الحدود البحرية بينهما للصحراء المغربية، وإنهاء هذا الموضوع مرة وإلى الأبد قبل فوات الأوان، فعلينا معالجة هذا الجرح النازف بأيدينا، وتناوله بروح المسؤولية التاريخية وحل هذه الإشكالية التي ما كان لها من وجود لولا الدور الجزائري الذي يبقي على استمرارها لأسباب واهمة وواهية في الوقت نفسه. قدم لنا الاتفاق المصري - السعودي حول صنافر وتيران درسا مهما ومفخرة عربية تثبت لنا أننا قادرون على حل مشاكلنا وخلافاتنا داخل البيت العربي إذا ما توافرت الإرادة الصادقة، وروح المسؤولية بإدراك هول الخطوب المحيطة والأخطار المحدقة بالأمة جميعا.

2087

| 13 أبريل 2016

لماذا جرّمنا حزب الله؟... بقلم : سعد بن طفلة العجمي

لعل القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي وثم الجامعة العربية –عدا لبنان والعراق- باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، يتيح فرصة لصاحب القرار بالتفكير بكيفية التعامل الشمولي وليس الانتقائي أو الانفعالي بالتشريع القانوني ضد المنظمات الإرهابية جميعا، فحزب الله ذراع إيرانية طائفية مسلحة تأتمر بأمر إيران وتتحكم بلبنان، وتساند نظام الأسد وترتكب الفظائع بحق الشعب السوري، ويعلن دون غطاء أو مواربة أن هدفه إخضاع المنطقة العربية كلها للنفوذ الإيراني بإنشاء ومساندة وقيادة وتمويل وتسليح وتدريب فروع للحزب بكل الدول العربية لإخضاعها للنفوذ الإيراني وإعلانها المرجعية السياسية والتبعية لنظام الولي الفقيه بطهران.لكن السؤال هنا هو: هل حزب الله وحده هو الذي يسعى لتقويض أنظمة الحكم الخليجية أو العربية القائمة؟ والإجابة لا تحتاج لعناء تفكير: كل التنظيمات الدينية السياسية تسعى إما لإقامة دولة الفقيه أو دولة الخلافة. الشيعة السياسية المسلحة هدفها إخضاع الشيعة خاصة والمسلمين كافة لنظام الولي الفقيه، والسنة السياسية تسعى لإقامة الخلافة في كافة بلاد المسلمين، ولا يستثنى من هذا النهج أحد أبدا: أنصار الله باليمن والحشد الشعبي بالعراق وداعش والإخوان المسلمين والقاعدة والسلفية الجهادية ولا ينكرون ذلك أبدا، وعلى من يشكك في صحة ذلك أن يقرأ أبجديات أدبيات تلك التنظيمات الدينية السياسية. وللإنصاف فالتنظيمات السياسية الدينية ليست وحدها من يسعى إلى قلب أنظمة الحكم في دولنا، فالتنظيمات الراديكالية من بعثية وقومية ثورية ويسارية شيوعية سعت ولاتزال إلى إقامة أنظمة ثورية وعمالية وفلاحية ومجالس قيادة ثورة إلى آخره على أنقاض "أنظمتنا الرجعية المرتبطة بالامبريالية والرأسمالية العالمية" الخ المقطوعة. لكن الخطر المباشر اليوم يأتي من الدين السياسي- بشقيه الشيعي والسني- والذي لا يخفي سعيه إما لقيام دولة الخلافة- على غرار داعش- أو دولة الولاية بنموذج وتبعية لإيران. وهنا تلح الحاجة لتشريع واضح يجرم الانتماء أو النشاط والعمل بأي تنظيم يسعى لقلب النظام القائم ويكون شاملا لكافة دول مجلس التعاون، فلقد رأينا "تضاربا" –كي لا أقول تخبطا- في التعامل مع مثل هذه التنظيمات، ففي وقت جرمت السعودية والإمارات الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين واعتبرتاها تنظيما إرهابيا، نجد أن التنظيم نفسه حليف للنظام بالبحرين بمواجهة الشيعة السياسية، ويسرح ويمرح بالكويت وينشط في كل الاتجاهات ويمتلك المؤسسات المالية والتربوية والإعلامية بل ويعمل خارج نطاق القانون في أحيان كثيرة على الرغم من عدم وجود تشريع للأحزاب بالكويت، وفي وقت جرّمت البحرين حزب الله وأنصاره لمطالبتهم بإسقاط النظام أثناء أحداث فبراير 2012، كان لحزب الله وزراء بالحكومة الكويتية ونوابا بمجلس الأمة، وهو الأمر الذي يثير البلبلة ويضعف هيبة القانون والدولة بدول المجلس، والأخطر من ذلك أنه يرسل رسائل متضاربة ومشوشة للشباب الذين نحاول إنقاذهم من براثن هذه التنظيمات الإرهابية. ولا يخفى على المتابع أن هناك قصورا تشريعيا في تعريف الإرهاب والمنظمات الإرهابية، وعليه فيمكن التفكير الخليجي الجمعي بسن تشريع موحد لدول المجلس يكون جوهره كالتالي:1. يعاقب بكذا ويرحّل من دول المجلس كل من يثبت انتماؤه من المقيمين لأي تنظيم –ديني كان أو راديكالي- ينص نظامه على قلب نظام الحكم واستبداله بأي بديل آخر.2. يعاقب بكذا أي مواطن ينتمي لأي تنظيم -ديني كان أو راديكالي- ينص نظامه على قلب نظام الحكم واستبداله بأي بديل آخر.3. يعاقب بكذا أي مواطن يعمل وينشط بأي تنظيم -ديني كان أو راديكالي- ينص نظامه على قلب نظام الحكم واستبداله بأي بديل آخر. إن شمولية مثل هذا التشريع يسحب البساط من تحت من يحاول أن يصور التصدي للتنظيمات الإرهابية –بشقيها الديني والراديكالي- على أنها إجراءات طائفية أو انتقائية، ويرسل رسالة واضحة للشباب الخليجي بالحرص من مثل هذه التنظيمات، مع التأكيد على أن هذه التشريعات تتطلب اتخاذ إجراءات متزامنة وتشريعات موازية تضمن حقوق الإنسان وحرية التعبير ومحاكمات عادلة وخلق فرص متكافئة وتعزز دولة القانون وتطبيقه على الجميع ومحاربة الفساد والحفاظ على مقدرات دول المجلس. إن الوقت ليس في صالح سياسات ردود الأفعال، والتردد يقود إلى ضياع بوصلة الشباب، وعدو المشروع الخليجي بالتصدي للإرهاب هو الانتظار وقُطرية القرار.

3652

| 22 مارس 2016

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

2826

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2613

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1614

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1548

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1242

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1185

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1155

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1143

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

819

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

633

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

618

| 30 نوفمبر 2025

543

| 01 ديسمبر 2025

أخبار محلية