رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قصة قصيرة (طفل التوحد)

في عينيه بريق ذكاء، وفي وجهه حكاية خاصة يدركها الجميع ما عداه!، عزلته لم تكن تعني أنه لا يشعر بما حوله، بل كان يشعر بكل شيء، ويرى كل التفاصيل دون أن يخرجها للآخرين، إنه طفل التوحد (م).. الطفل الذي بدأ يكبر ويصبح على مشارف المراهقة، وهو ما يزال محصوراً في عالمه، شُخصت حالته على أنها صعبة، لدرجة أن الجميع يئس من علاجه ومن إمكانية دمجه في المجتمع. كان يسير بلا توقف وعندما تقف أمامه عثرة ما، كلعبة أو حائط أو أي شيء يتوقف عن المشي ولا يتحرك أبداً، ولو طال الوقت، حتى يُميطَها أحدهم من أمامه. كان يكره أن يلمسه أحد، وبمجرد أن يحصل هذا تصيبه حالة من الهستيريا، وبعد كل المحاولات كُتب في ملفه أن هذا الطفل لا فائدة من علاجه وعليه أن يبقى في منزله، ولكن الله أراد له شيئاً آخر. (د) فتاة عادية، لم تكمل تعليمها، ولكنها كانت تملك من الحنان والذكاء ما يكفي لأن يصيب البحوث الطبية وتقارير الأطباء بالصدمة.! فلقد أُوكلت إليها مرافقة هذا الصبي الذي كان غالباً ما يُعزل عن بقية الأطفال في قاعة كبيرة يُطلق فيها العنان لقدميه، وكانت (د) ترافقه ذهاباً وإياباً، وفي كل مرة يقترب فيها من الحائط تسبقه وتقف أمامه فيغير مساره، لأنه يكره لمس البشر، كانت (د) تفكر فيه كثيراً حتى قررت أن تجازف بمحاولة تغييره، فبدأت بمحاولة لمس كفه وفي كل مرة كانت تحاول فيها كانت تصيبه حالة هيجان، لم تيأس، فعلتها عدة مرات، وفي آخر مرة دخل في حالة هيجان شديدة، دفعت الطبيب المسؤول لتعنيفها، وهنا حدثت المفاجأة، إذ تحول ذلك الهيجان إلى الطبيب، فلقد شعر (م) بالغضب لأنه صرخ وعنف مرافقته (د)، فبدأ يقترب منه ويدفعه بصدره، لم يهتم الطبيب بردة فعل الصبي، بل كان مشغولاً في تأنيبها وتوجيه لَفْت النظر إليها.. في صباح اليوم التالي حضرت كعادتها لحصتها معه، وهذه المرة بمجرد أن سمع صوتها نهض عن مقعده دون أن تناديه، فاقتربت منه وسارا معاً خارج الصف، كان الطبيب يقف خارجاً، وعندما شاهده الصبي (م) انتفض، وأخذ يرتجف، شعرت به (د) فضربت كفها بكفه، لكن كانت هناك مفاجأة أخرى فقد شبك أصابعه بأصابعها، وسار معها إلى القاعة الأخرى، تمالكت (د) نفسها، من هول هذه الاستجابة، وتيقنت بأن هذا الصبي يستطيع التواصل مع المجتمع، ولكنه لم يجد الوعي الكافي في صغره من أهله برغم اهتمامهم الكبير به، ولم يجد الطبيب الذكي الذي يثق في نفسه أكثر مما يثق فيما حفظه من علوم.. ذات نهار وفي ذات القاعة التي كانا فيها تحت مراقبة الأعين، بدأت بخطوة جديدة، أحضرت ثلاث حلقات ووضعتها على الأرض وبدأت تخطو فوقها وفي الثالثة وقفت، وقالت للصبي: (م) لا أستطيع الخروج لقد علقت، لم يكن ينظر إليها مباشرة ولكنه كان مهتماً بما يجري، فجأة اتجه إليها مباشرة ورفع الحلقة من الأسفل إلى الأعلى ليخرجها منها، ويضعها حول نفسه، كانت صدمة كبرى لها وللجميع ومن بينهم الطبيب، الذي أصرّ على أنها كانت تعرف الصبي خارج إطار المركز، فقد كان رافضاً أن يصدق تجاوب الصبي معها، وهو الذي كان سيخرج لأن لا أمل من علاجه، ولكنها قالت وبثقة: إنها لا تعرف عنه شيئاً سوى ما كُتب في الملفات.. منذ هذا التاريخ تغيرت حياة (م) وأخذت (د) تواصل جهودها في اللعب معه بأشياء أخرى، والأهم بدأت بإخراجه خارج المركز، وإشراكه في الرحلات الخارجية، لتكسر حاجز العزلة وتساعده في الاندماج مع المجتمع بطريقته، في أول رحلة له كانت خائفة جداً من أن تفقد السيطرة عليه، أو أن تصيبه حالة هيجان، ولكن عندما سارا معاً تجاه البوابة، وهو يقبض على أصابعها، اطمأنت وشعرت أن الأمور ستكون بخير، وفي ذات يوم خصص لزيارة نادي الفروسية، ركبت السلم أمامه، وهي تقول: أنا سأصعد على ظهر هذا الحصان!!، تسّمر طويلاً، وشعرت (د) بالحرج لأن الجميع كان يراقب ما يحدث منتظرين فشلها، حتى تحرك فجأة وصعد السلالم الصغيرة، ورفع رجله ليركب الخيل معها، حدث هذا في وسط ذهول الجميع، بكت (د) كثيراً وهي ترى بداية انسجام (م) مع المجتمع، وها هو اليوم برغم مرضه الصعب يمارس الرياضة بما فيها ركوب الخيل والسباحة ويلعب الكرة، ويزور أماكن مختلفة، ويقترب من الناس دون خوف. هذه قصة حاولت اختصارها جداً ولكن تفاصيلها جداً مؤثرة، تركت في حياة (د) و(م) وكل من عاصر هذه التجربة، ذكرى لن تُمحى.. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. هذه الفتاة القطرية البسيطة، لم تكن متخصصة، كانت محبة فقط، ذات ضمير حي وقلب نابض، واستطاعت التغلب على من أتوا به من الخارج بشهادة عليا. وتساءلت، ماذا لو أكملت تعليمها، ماذا لو وجدت الظروف البيئية المساندة، ماذا لو أُعطيت الفرصة؟ اعتقد أنها كانت ستغير الكثير، ولكنها تركت كل شيء لأنها تعبت، ولأنها بسيطة.

46580

| 02 يناير 2014

فرصة انطلاق

جدول مزدحم، مواعيد متتالية، مجاملات اجتماعية ضرورية. تتكدس قوائمنا بمهام لا تنتهي، وبين الحين والآخر ننتظر (فكة) صغيرة نخطط فيها للاسترخاء والعودة إلى أنفسنا، إلى ما نحب القيام به، ولكن الاستراحات الزمنية القصيرة تكشف لنا في أحيان كثيرة عجزنا عن الاستمتاع بوقتنا كما نحب، إذ إن مشاعرنا تبلدت بحجم الجدية والمسؤوليات الحياتية المهمة، فالذاكرة تختزن ما يرهقها وتنعكس بقوة على رغبتنا الحقيقية في الاسترخاء والانفصال عن الضجيج. بقسوة الواقع الذي يجبرنا على اللهاث خلف توفير مقومات الحياة الجيدة، نقف عاجزين عن المضي في اقتناص حقنا للراحة واخراج تراكمات مهنية واجتماعية متعبة، لا نستطيع الانفصال عنها، فهي ملتصقة في أذهاننا في خطواتنا في أصابعنا في كل شيء يحركنا.. تعقيدات أكبر من كل الاحلام التي تراودنا في كل صباح يأتي ومع هذا نستمر بالمسير واللحاق بالشمس، نستمر بتأدية واجباتنا والتزاماتنا، بالظهور بالشكل اللائق اجتماعياً. في غفلة من هذا كله تسقط لحظة صعبة لحاجة ملحّة بالتحليق بعيداً وترك كل شيء واللجوء إلى أي مكان إلى أي زمن ينتشلنا من خضم الازدحام ومواجهة حقيقة الحياة وفرصها الضائعة.. هذه اللحظة قادرة على قتل آمالنا وإعادة تدويرها بشكل سلبي وغير مُجد، إذ تجد نفسك محملا بواقع اللا خلاص.. ربما قد لا يمر الكثير بهذا الشعور ولكن هناك من يعرفه وبالأخص أولئك الذين ليس لديهم فرصة سوى الاستمرار والاستمرار في إكمال الحياة، أولئك الذين يمتلكون حساً عالياً بالمسؤولية. المؤلم أن أجملنا يختفي ويتلاشى فنفقد بلا إدراك ما نحب من قدرات وابداعات موجودة فينا، لأننا لم نجد الفرصة المناسبة لممارستها أو اخراجها بشكلها الصحيح.. أكثر الأوقات التي نحصل عليها نخصصها بلا شعور إلى الترفيه وقضاء حاجياتنا التي تأتي في المركز الثاني، بينما الأوقات الخاصة بنا تضيع مع ضياع الساعات والأيام ونمضي ونحن نحاول التخلص من إرهاق يتلوه إرهاق.. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. إحساسك بالمسؤولية لا يعني أن تلغي نفسك، وتنسى أنك إنسان ومن حقك أن تمارس إنسانيتك وتطلق قدراتها.

557

| 02 يناير 2014

أنا غاضبة

"أنا غاضبة" ولكني استطيع تجاوز غضبي وعصبيتي.. جملة بدأت أرددها بعد أن تعلمت تقنية الحرية النفسية من صديقتي جواهر المانع مدرب تطوير الذات في صدفة مهنية. في البداية لم أكن مقتنعة تماماً بجدوى هذه التمارين النفسية ولكن بعد أن لاحظت أن هناك تغيراً ملموساً على نفسيتي وسلوكي التابع لتقلب هذه النفسية، أيقنت أنها تجربة ناجحة وتحتاج إلى الاقتناع بها بأهمية تجاوز مشاكل النفس. الحرية النفسية هي برنامج تدريبي لتحريك مسارات الطاقة المؤثرة على العقل، حيث تقوم بتدريب الفرد على أن يردد العبارات التي تؤذيه كـ (أنا غاضب، أنا حزين، أنا خائف، أنا عاجز، ولكني أستطيع تجاوز هذا )، ويقوله وهو يربت على مناطق مختلفة ومحددة من جسمه عدة مرات. بدأت في محاولتي الأولى للسيطرة على حالات الغضب التي تتملكني أحياناً وأفقد معها قدرتي على السيطرة على مزاجي وردة فعلي، لأني كنت أعرف أنني استطيع أن أكون أفضل وأكثر قدرة على التحكم بأعصابي وأكثر حكمة وهدوءا. كل الحالات النفسية التي تحاصرنا في لحظات صعبة تضعنا دائماً في أماكن لا نحبها ولا نريد أن نكون فيها، وتنعكس على نفسياتنا بشكل أو بآخر بطريقة سلبية مما يجعلها تؤثر فينا وبسهولة وتحول سلوكياتنا في بعض الأحيان إلى صفات أو طبائع دائمة كالاكتئاب واليأس والتذمر وما إلى ذلك وبالتالي نتعامل مع الحياة ومن فيها بذات الطريقة.. قليل منا يدرك تأثيرها فيحاول أن يجد له مخرجاً سواء لوحده أو بمساعدة الآخرين.. ربما الايمان أو القناعة بأننا نستحق أن نكون بخير هي احدى الركائز الأولى التي تسهل نجاح محاولات التغيير أو العلاج، ولكن ما يحصل أن البعض يستسلم ويترك ضغوط الحياة تتحكم به وكأنه غير مدرك بحقه الطبيعي أن يكون انساناً سليماً نفسياً.. الحياة الوردية ليست إلا حلماً جميلاً زينتّها الكتب والروايات الحالمة فالواقع مختلف تماماً، إذ أن في كل يوم يأتي هناك شيء لابد أن يحصل ويؤثر علينا، لذا تحدي الذات والواقعية في فهم الحياة وإدراك أن كل ما يحدث فيها مجرد حقائق علينا أن نتعايش معها ونواجهها والأهم أن نحولها إلى إيجابيات تدفعنا إلى الأمام وليس إلى الوراء. هناك أشياء قد لا تخرج من الروح، تبقى عالقة في النفس، ولكن إذا فكرنا ملياً بأنها ليست إلا نتاج أحداث ومواقف وأنها ليست دائمة وزائلة، علينا أن نقتنع أننا نحجز أنفسنا في دائرتها وفي النهاية سنشبهها، ندور في ذات المكان وحول ذات المركز. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. أخرج كل ما لديك وتنفس بعمق وردد أنك بخير

850

| 25 سبتمبر 2013

الكروة يا كروة

في الخارج يستخدم الكثير منا سيارات الأجرة للوصول إلى هدفه، وفي الغالب نقع تحت رحمة سائق السيارة الذي يعرف كيف ينتزع منا حقه وما هو أكثر من حقه من خلال الأجرة التي يطلبها، لا أحد فينا يحب أن يُخدع ولكن أحياناً لا يستطيع فعل شيء لأنه لا يعرف فعلاً السعر الحقيقي أو نظام التسعير في البلد القادم إليها.. لكن ماذا عنا نحن هنا في قطر، ربما نادراً ما جربنا ركوب سيارات الكروة لأننا وبفضل الله نمتلك سياراتنا الخاصة، وبصدفة عابرة قد نجد أنفسنا نجرب استخدامها.. هذا ما حصل معي بعد أن وصلت للدوحة اضطررت لاستخدام إحداها من المطار، وبمجرد أن ركبت السيارة أخبرني السائق أن السعر سيكون 85 ريالا، سألته: لماذا هل ستوصلني للخور مثلاً؟ قال: لا هذا هو سعر المشوار إلى ما بعد منطقة الخريطيات، لم أكثر الكلام معه، قلت: افتح العداد، تمنع قليلاً ثم استجاب.. ربما الإرهاق لم يجعلني أنتبه كثيراً لتفاصيل هيئة السائق أو أسلوبه، ولكن وبمجرد أن انطلقنا بدأت تتضح ملامح شخصية هذا السائق، ما زالت الأغاني الآسيوية تصدح مع سرعته في القيادة، حيث انطلق بسرعة 120 ونحن ما زلنا في الدوحة، قلت له: خفف السرعة، أجاب: علي أن أعود سريعاً، قلت له: هذه ليست مشكلتي لا تسرع، لم يهتم برغبتي وظل يقود بسرعة، عيناي لم تكن تفارقان العداد لأتابع صحة السعر الذي طلبه في البداية، عندما وصلنا إلى جسر الخريطيات أو بالأحرى الخيسة كان السعر 65 وقبل أن ننزل من الجسر أصبح 113 ريالا، هل تتخيلون قفزة السعر خلال ثواني، قلت له: كيف زاد السعر دفعة واحدة أكثر من 30 ريالا، لم يجبني وظل ينظر إلى العداد متظاهراً بالاستغراب، وصلنا إلى المنزل وكان السعر 115، أخرجت كامرتي والتقطت صوراً للعداد قبل الوصول بدقائق، وعندما توقفنا قال لي: اعتذر الجهاز غير دقيق ولا يعمل بشكل جيد والسعر هو 73 ريالا، قلت له: سبحان الله فجأة أصبح بهذا السعر وأصبح الجهاز عاطلاً.. أعطيته حقه وأخذت الفاتورة، واتصلت بشركة كروة، وتحدثت مع أحد الإخوة العرب وشرحت له الموضوع، وقال: سنرى: وعليه أغلق الموضوع بلا اهتمام. قد يكون الموضوع بسيط بالنسبة لنا ونستطيع دفع المبلغ، لكن ماذا عن الآخرين؟! ماذا عن سياح قطر؟! عن الخليجيين الذين يتعرضون لمثل هذا النوع من الاستغلال والنصب، أليست هذه المواقف تغضبنا في سفرنا في الخارج؟! بالتأكيد!. من الذي يجعل هذا الآسيوي يعبث كما يشاء بلا حسيب أو رقيب؟! أليست هي ضعف الإدارة والرقابة عليهم؟، أليست هي عدم الاختيار الجيد لمستوى السائقين؟! هي كذلك وأكثر. في قطر لا تتوفر سيارات أجرة بديلة تجعل امامك خيارات مفتوحة في الاختيار حيث أنت مضطر إما إلى استخدامها أو استخدام سيارات الليموزين التي حدث ولا حرج أيضاً، ولا توجد تسعيرة واضحة وموحدة سواء كانت في المواصلات أو في المواد الاستهلاكية، إذ إن الاحتكار وحد العمل فيها جعلها تبرع في استغلال حاجات الناس. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. سيارات الأجرة هي إحدى العناوين التي تعكس تطور أي بلد ومستوى الأمان الأخلاقي فيه بالدرجة الأولى، فإذا كانت بهذه الطريقة السلبية، فسلام الله على الضعفاء الذين لا يجدون بُداً من استخدامها.

593

| 21 سبتمبر 2013

متنفس

ليست كل الأبواب تجيد حبس الهواء، هكذا آمنتُ منذ أن أغلقت أول باب على نفسي، إذ هناك تسربات نفسية تخرج من كل منفذ تصل إليه مهما اعتقدت العكس. ومع كل إغلاقة لباب من الأبواب أقرر أنه يجب وصده، عرفت أن كل منفذ ولو كان صغيراً هو متنفس لضغط الحياة التي أحتجزها خلف أبوابي. "أحب دائماً أن أخبركم عن نفسي لتشعروا بي إنسانةً لا كقلم فقط، لأن الحديث عن النفس هو أصدق ما يمكن أن نمرره للآخر؛ نتائج تجاربها، مشاعرها، مواقفها، إخفاقاتها، نجاحاتها، حزنها، سعادتها، كل ما تُلمّ به هو حقيقة تلك الشخصية المستترة تحت غطاء قلم، المهم أن نقول ما نشعر ونفكر بشفافية وصدق وببساطة". بعض الضغوط التي تواجهنا تحولنا دون أن نشعر إلى بالونات قابلة للانفجار في أبسط وأتفه المواقف.. أحياناً، موقف بسيط قد يخرج كل ما بداخلنا دفعة واحدة، وعلى درجة صعوبة هذا الاختبار إلا أنه من أكثرها رحمة، لأنك فجأة تجد أنك تقف أمام نفسك بكل ما تحمله، لتواجه حقيقة امتلائك بالكثير من الجميل والقبيح، ويبقى البكاء هو الحالة الوحيدة التي تغسل بها روحك، وتريح بها قلبك. ولكن ماذا بعد البكاء؟! ماذا بعد الانفجار؟! ماذا بعد الخروج من كتلة الضغط؟! هذه هي الأسئلة التي يجب أن نجد لها الأجوبة أو الجواب الواحد، هل ستعود لكبتها بنفس الطريقة؟، أعتقد أن مواجهة النفس بكل ما فيها أمام محكمة الضمير وغسلها من تضحياتها وآثامها، وإصدار الحكم بتغييرها وتطهيرها بالتصرف السليم، الصحي، الملائم، أفضل من الاستمرار بتكديس كل المواجهات وتحويلها إلى سلوكيات سلبية مزعجة لك وللآخرين.. البحث عن المنافذ والثقوب واستغلال كرمها الضئيل في إسعاد النفس هي مهمة ليست بالصعبة فقط، بل تحتاج إلى اكتشاف هذه المنافذ، والقناعة التامة بأنك تستحق أن تفصل نفسك عن ضغوط واقعك، والأهم، الثقة بأنك قادر على النسيان وتجاهل كل ما يثقل كاهلك من ذكريات وضغوط.. لابد أن يأتي يوم لتشرِع فيه أبوابك، ولكن ماذا لو تأخر ذلك اليوم؟ هل ستظل في انتظار طويل، لا تعلم متى يبدأ، وتضيع أجمل أيام عمرك في توتر وقلق، دون أن تنفس عن ذاتك؟!.. هناك منافذ كثيرة يمكن أن نخفف بها عن ضغوطنا، كالرياضة، السفر، القراءة، وغيرها، عليك أن تختار بين ما تحب ويريحك وتقرر تغيير رتابتك الثقيلة من فترة لأخرى. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح لا تقلل من جحم أي مساحة يمكنك أن تحلق فيها، قد تكون هي السماء التي تعطي أجنحتك القوة لتعود من جديد إلى الأرض، بتوازن يسعدك.

834

| 16 سبتمبر 2013

ليس كل ما يلمع ذهباً

رفوف ملونة تكفلت بحمل غرامي في جمع كتب لا أمل من اقتنائها كلما سنحت لي الفرصة.. وقفت أمامها كتائهة لا تعرف من أين تبدأ ترتيب ما تحبه في حياتها برغم أن الخريطة واضحة في يدها. بأصابع غاضبة من غبار يقتنص لحظات غيابي مسحت تراكمات الأيام عن وجه أول كتاب استنجد بي قبل أن يختنق ويموت في كفن النسيان. " إلى متى تجمعين هالكتب " " إلى متى تبذرين أموالك على الورق " (تقول أمي) عبارات تطايرت مع ذرات الغبار ووقفت على منافذ أنفاسي ولكن لفظتها عطساتي المتلاحقة لاتجاهل من جديد ما لا يروق لي أو يقنعني، فلست مستعدة للتخلي عن شيء أحبه وأريده كما أفعل أحياناً مع الأشياء الضرورية. غرقت في ترتيب كتبي علني اقنع وقتي المزدحم بمواصلة القراءة وتحدي تسارع الساعة ولهاث الحياة. يصيبنا الحزن عندما نستسلم لأشياء أقوى منا، أشياء تجعل التنازل لغة حتمية نلجأ لها عندما نفقد لغة الحياة التي نود أن نعيش بها كما نريد أو كما نحب. من يقنعنا بالعودة إلى أحلامنا.. بالعودة إلى أجمل الحكايات التي نود أن نختتم بها حياتنا، بيت صغير جميل التفاصيل.. شريك مبتسم يشاركنا ما نحب.. نتنقاش.. نضحك.. نغضب.. نكتشف العالم في رحلات ترافقنا فيها كتبنا حتى نكبر ونجلس في كل صباح على شرفة لا تفارقها ابتسامة شمس.. بعض الأحلام وإن كانت جميلة لا تشبه واقعنا، نختارها لنسّكن وجع الحقيقة.. ونظل في انتظارها حتى آخر رمق.. قد يلومننا لأننا (نحلم) لأننا لا (نشبههم) لأننا (نؤمن) بحقنا بامتلاك شيء نحبه، وقد نلوم أنفسنا لأننا نخضع، ونستسلم في حين أننا قادرون على المواجهة والنضال والوصول إلى أبسط الأحلام. في ترتيبي الجديد لمكتبتي توصلت إلى قناعة أن ليس كل ما يبرق ذهباً وليس كل ما يروق للآخرين يروق لنا، لذا سأعيد ترتيب أحلامي مع أوراقي وتشكيل ملامح جديدة تناسب قالبي الذي تغير كثيراً مؤخراً.. لا يهم أن أصل المهم أنني حاولت إيجاد السبيل إلى الطريق الذي أريده.. هناك تفاصيل صغيرة لو تأملناها ربما استطعنا تغيير حياتنا الروتينية وبدأنا نعيش كما نريد. بعض المواقف البسيطة قادرة تغيير دفة الحياة، ولكنها تحتاج إلى قرارات أكبر من حجم الموقف. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. لا تسمح لأشياء جميلة أن تغادرك دون أن تعيشها، ولا تسمح للحياة أن تسرقك منها.

1062

| 24 يوليو 2013

فرصة

طريق طويل لا تتضح ملامحه، يمتد كلما امتدت خطواتنا، يتسع، يضيق، يمتلئ بالعثرات، نترنح، نتعب، نبكي، نتفاءل، نبتسم، نصمت، برغم كل شيء نواصل المسير، لأنه لا خيار سوى أن نكمل ما بدأناه.. يربكنا الخوف من المجهول، يرعبنا أن لا نعرف مصيرنا، وهل سنجد طريقنا أم لا؟! يرعبنا أن نتغير كما تتغير ملامح الحياة فلا نفهم أنفسنا! فلا ننتبه للفرص التي تمر بنا لنسلم ونعبر طريقنا بأمان. ليس الكثير منا محظوظا، وليس الكثير منا يجد طريقه، هي أمور يقسمها الخالق بحكمته وعدله لكل مخلوق منا، سبحانه يُقدر لنا الفرص ويترك لنا الاختيار، فإما أن نصل وإما أن لا نصل، وطالما أن الاختيارات لنا والخيارات أمامنا، يتبقى علينا أن نتحلى بالجرأة والشجاعة ونقتنص ما نستحقه، وما قد يمكن أن يجعل طريقنا أكثر وضوحاً وأماناً، ولا أرى أجمل من رمضان قدوماً، لنختبر فيه قدراتنا على الاختيار بين ما تهوى النفس وما يجب عليها. أعتقد أن الكثير منا برغم فرحه بهذا الشهر الكريم إلا أنه قد يقع لحظات انفلات النفس ويُضيع فرصه الحقيقية في أن يغسل قلبه وسجله مما يحمله طوال عمره أو طوال عام، فالحياة المفتوحة المليئة بالمغريات، تستطيع خداع الانسان، واللهو بضعفه، وهنا تصبح المواجهة حقيقية وجهاد النفس صعب بين التغلب على الرغبات ودرء الأخطاء والشبهات. قد نبدأ مع رمضان باجتهاد أن نحسن العبادة، ونقوم على واجباتنا تجاه الله، ولكن إذا لم نتمسك بعمقه الديني والخُلقي، سنفشل في إتمامه كما يحب الله سبحانه وتعالى، إذ ان البعض منا يتهاون في العديد من الأمور باعتبارها بسيطة وتافهة، فيقع في أخطاء تفسد طهارة هذه العبادة العظيمة في قلبه، وينقص من أجرها، فقط لأنه اعتبر أن رمضان عبادة أكل لا خُلق. أعرف أن الجميع يدرك ما أعنيه، وأعرف أن الجميع لديه بإذن الله النية الحسنة بأن يُتم رمضان على أكمل وجه، ولكن دون أن يجاهد نفسه ويتخلص مما يحمل من سلبيات في سلوكياته وبالذات البسيطة لن يُشعر بحقيقة رمضان، ولا بفرصته العظيمة، فيضيعها ليضيع طريقه الأسهل إلى الجنة. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. لا تسمح لخوفك أن يغلبك وللطريق أن يضيعك، احمل فانوس ايمانك وتوكل على الله وستصل بإذنه إلى ما تحب، ولا تترك رمضان يمضي دون ان يساعدك لتجد نفسك. كل عام وانتم بخير

584

| 11 يوليو 2013

تغاريد

كما الطيور تعلمنا نغرد، ولكن هي لها أجنحة، ونحن بلا أجنحة، ومع هذا لا نتوقف عن المحاولة في الوصول إلى أهدافنا كما هى.. هنا أترك لكم تغاريد من نهارات عابرة.. * على طاولة حياة كل منا "قناني" من سعادة مهملة على رف الغفلة، لو انتبهنا لها، لربما سعدنا. * إذا أردت أن تكون بخير عليك أن تكون واقعياً تماماً، وتترك كل الافتراضات لأهلها. * ليست هناك ثرثرة معصومة من الزلل، كما ليست هناك آذان قابلة للصمم.. فاحذر. * عندما تقع أول مرة، سيصاحبك هاجس السقوط دائماً. * لا يكفي أن تكون قوياً كي تستمر في مواجهة الحياة. * على طبقٍ من وهم تأتي الخيبة. * الخيال مجموعة نساء بكين أنثى واحدة. * نحن نحتاج إلى الخيال لنواجه فظاعات الحياة وتراكمات الأشياء من حولنا. * لحظة تافهة قد تفسد كل احتياجاتك لإخفاء جانبك الضعيف وما أقسى لحظة الانكشاف تلك! * تكاليف باهظة ندفعها ثمناً، حين نكون أصحاب ضمير حي. * أحياناً تتكالب المسؤوليات دفعة واحدة فنصاب بالتشويش. بالهدوء والصبر والرضا والتأمل قد نتجاوز صعوبتها. * لم أجد سبباً مقنعاً يبرر لي سوء نوايا البعض. * من قال ان كل الأحلام بريئة. * يتناحر البعض من أبناء الخليج ويتراشقون بالإساءات والاتهامات من أجل أشخاص حمقى ويسيئون لوطنهم الأكبر (الخليج). * في هذا الزمن المتغير نحتاج إلى التحديث حتى في مشاعرنا وأحلامنا. * صحيح أن الأشياء الجميلة تزيدنا بهجة لكن بدون شعورنا بها لن يحدث هذا. * لا تحاول أن تغوص في شخصية أحدهم فمهما فعلت لن تعرفه كله. * الحب لا يشترط أحياناً وجود محبوب، أن تحب نفسك والناس وكل شيء حولك هو حب. * كي نبقى ضمن دائرة الحياة الاجتماعية قد نضطر إلى تفصيل أنفسنا على قياسات الآخرين. * لا يهم كم من الأصدقاء فقدنا، المهم من بقي معنا. * عندما تتنازل بسهولة عن بقايا الذكريات من قصاصات وصور وأشياء أخرى فأنت تجاوزت مرحلة الخيبة بتقدير "حزين". * كلما كبرنا ازددنا هشاشة وانحناءً أمام التفاهات. * يحدث أن يأتي البكاء ولا تسقط دمعة. * لا تكفي النية للثقة بنوايا الآخرين. * ولأننا نغرم بالأشياء حد التملك، نخسرها دائماً. * كل شيء قابل للتغيير طالما أن الزوال حقيقة. * يحدث أن يسقط الوجع من بين ثنايا ابتسامة أنيقة، يحدث أن نستمر ونعيد الكرّة. * الله أكبر لغة مستقيمة تعجز عن إدراكها القلوب العرجاء قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح وما زالت الشمس تشرق، وما زلنا نتعلم من الحياة.

696

| 19 يونيو 2013

مفهوم النقد

قال تعالى: " إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا" آية كريمة تتجلى فيها حكمة الله في خلقه بوصفه لهم بمنتهى الدقة والاختصار. بدأت بها استهلالاً لشرح ما يدور في ذهني، لماذا عندما لا يعجبنا شيء لا نتوانا عن مهاجمته وانتقاصه؟! لماذا عندما لا نتفق مع أحدهم نضعه في خانة خاصة محكوم عليها بالنفي؟! لماذا عندما يظهر أي شيء جديد نرى سلبياته قبل ايجابياته؟! لماذا دائماً ننظر إلى النصف الفارغ من الكوب؟ لماذا أحياناً نشيع أفكارنا النقدية لمن حولنا وكأنها دساتير لا تقبل التغيير؟! أسئلة كثيرة فكرت بها وأنا أرقب ما يُكتب في وسائل التواصل الاجتماعي، وما يخرج من الأفواه التي لا تسكت أبداً، ولا تستطيع أن تذكر شيئا دون أن ترى عيوبه أولاً. ذات نهار كنت أجلس مع صديقة من دولة خليجية، قالت لي: استغرب من القطريين انتقاداتهم المستمرة لبلدهم؟! عندما يُفتح مشروع جديد كمول أو غيره يبدأون برصد سلبياته، برغم أنه مشروع ناجح وطموح يحتاج إلى الدعم والآراء الايجابية، ويصرّون على مقارنته بالدول الأخرى.! ويحيلونه في ليلة وضحاها إلى شيء بشع.! من هنا تساءلت عن مفهوم النقد من واقعه العام وكيف نستطيع تقييم الأمور من حولنا بعدالة ومنطق بحيث نرى الجيد من الرديء على صورته الواقعية وليست الافتراضية، طبعاً المسألة محكومة بالعديد من الأمور وأهمها ثقافة المجتمع، والأسرة، وكيف أنها المؤثر الأول في رسم الخريطة الفكرية والمعرفية للإنسان، وهي من تجعله متقبلاً أو منقلباً على حياته وما يحيط بها، أيضاً النظرة السائدة بأن الخطأ يجب أن لا يقع برغم الإدراك التام بأن الخطأ أحد السمات البشرية التي لا يمكن أن تصل إلى الكمال. الحكم دائماً على الأشياء والأمور غالباً ما تتأثر بالدوافع الخاصة الكامنة في دواخلنا، فمهما كان الشيء حسناً أو مقبولاً لا يمكن أن نراه إلا من زاويتنا نحن المشحونة بميولنا الشخصية، الكثير لا يستطيع الفصل في نقده بين ما يراه هو وما يراه الآخرون، والكثير لا يستطيع أيضاً القبول بعكس ما يريده أو يراه. أؤمن دائماً أن مستوى النظر مختلف من إنسان لاخر كما هو مستوى الذوق والفهم والفكر، وأن لكل إنسان الحق في رؤية الحياة بطريقته، ولكن هذا لا يعني أن يكون صالحاً للتعميم، علينا أن نحاول نتجاوز النظرة الشخصية إلى الأبعد، وهذا لن يكون دون وعينا التام بكل ما في الصورة. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. انتقد لكن لا تحطم، فكل الأشياء الجميلة تبدأ بمبادرة صغير، ومحاولة أولى للجديد.

626

| 10 يونيو 2013

كوني حرة ولكن

لكل زمن موازينه وتشريعاته التي تتناسب مع حجم تطوره ونموه، كما هو زمننا الحاضر الذي أخذ يجري إلى الأمام بسرعة نتغافل عنها أحياناً، لأننا مدركون أن لا شيء يقف، وأن كل شيء سينتهي. مع تسارع الحياة تغيرت لدينا الكثير من المفاهيم وتبنينا الكثير من الشعارات الجيد منها والرديء، ولا أنسب من الحرية كرمز يلائم تطور هذا العصر، فهي تعتبر الآن أهم حقوق الإنسان العصري سواءً أكانت خاصة أم عامة، وبما أن لكل جيل ثقافته وتطلعاته، فلفتيات هذا اليوم تطلعاتهن وآراؤهن الخاصة التي منها ما يجاوز الحدود المتعارف عليها في مجتمعهن، فالفتاة الآن أصبحت تعي معنى وجودها أكثر وتسعى للاعتماد على نفسها كي تثبت شخصيتها المستقلة، وشعار الحرية هو اليوم أحد متطلباتها، وبعد أن كان حلماً أصبح واقعاً ملموساً لكثير من الفتيات المتمردات على واقعها، أمثال العاملات والمنتجات والمكافحات في سبيل حياة أفضل ولكـــن، هناك نوعية من الفتيات لا يفهمن الحرية بمعناها الحقيقي وينظرن إليها بشكل سطحي جداً، فهن يحلمن بالقشرة الخارجية لمفهوم الحرية.. كالسهر والسفر والخروج والدخول دون حسيب أو رقيب، وهناك من قد تخطين ذلك إلى الممارسة الفعلية لها ففشلن في استخدامها، لأنهن بالغن فيها وأسأن لأنفسهن عن طريق الممارسة الخاطئة لها، وللأسف هن يسئن لغيرهن من الجادات في طريق الحياة واللاتي يسرن بكفاح وجهد ويتدثرن بدثار الستر والعفة.. ما أريد قوله في نهاية كلماتي، أوجهه لكل الأخوات اللاتي يحلمن بالحرية ليل نهار ويتحدثن عنها باستمرار.. يا أختي.. إذا أردتِ الحرية وجاهدتِ من أجلها عليكِ أن تضعي لها في داخلك ميزاناً من القوانين والمبادئ التي تضبط وجهة تصرفاتك بشكل عقلاني كي تنطلقي إلى أهدافك بثقة وكي تكسبي ثقة كل من حولك وبالأخص معارضكِ الأول الرجل. أختي.. الحرية ليست الملابس الفاضحة ولا التسكع في الأسواق وغيرها.. الحرية ليست قول ما أريد دون ذوق واحترام لأسماع الآخرين. الحرية.. جميلة ومطلب لكثير من الفتيات ولكن لابد من مفتاح يُفتح لهن عند اللزوم ويغلق عند اللزوم.. يبدأ بأنفسهن وينتهي بأهلهن. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. الحرية برأيي لا تناسب جميع النساء وهناك نوعية منهن لا تستحقها.. مع احترامي لكل أخواتي..

526

| 22 مايو 2013

الستر زين

مع انطلاق الفضائيات، ودخول الكثير من الثقافات إلى عقولنا المنغلقة على اقليميتها، تغيرت الكثير من المفاهيم التي كنا ذات يوم (نحلف) بها، فقدناها في زحمة الفضاء المفتوح والحريات، وتكونت لدينا قناعات جديدة، تتناسب مع حياتنا العصرية واطلاعنا الأوسع على كل ما كان يخفى عنا، قدم لنا الانفتاح الفضائي عالم آخر، عالم لا يشبه تلك البساطة التي اعتاش عليها ومنها أهلنا والأولون. وبرغم هذا ما زالت الكثير من الأسر تناضل لتبقى على سجيتها، ويبقى أبناؤها محتفظين بثقافتهم وبأصالتهم، ومع هذا لا بد أن تنفرط الأمور، وتتغير الأحوال والأفكار من جيل لآخر، ويبقى الدين هو المقياس الأول الذي إذا ضاع ضاعت معه الأخلاقيات والمبادئ والهوية الأولى. بدأت مقالي بهذه المقدمة، لأن ما رأيته وأعرف أني سأراه كثيراً في المستقبل (محزن) جداً، ويدعو للتفكير والتأمل، جميعنا نعرف أن (العباءة) ستر وغطاء منذ افترق الشعر على جبين الأنثى في مراهقتها وهي ترتديها، حتى اصطبغ اللون بحشمتها وعرضها، واليوم ومع تغير الحياة، ودخول التغريب على كل شيء طعامنا وشرابنا وملبسنا وصل إلى رمز حشمتنا، ودخلت عليه بأسماء عدة تحت عنوان (الفاشن — اللايف ستايل) وغيرها، وبدأت الفتيات أنفسهن يرتدينها وفق ثقافتهن الجديدة، منذ متى والعباءة قطعتان تنورة وقميص ملون، منذ متى والعباءة مفتوحة تظهر مفاتن الفتاة بعزف (الليقنز)، منذ متى والعباءة (مخرمة) وقصيرة، منذ متى نغطي وجوهنا ونكشف أجسادنا، نغطي أخشامنا ونظهر شعورنا!، أخبركم أنا، منذ أن ضعف الدين في المنزل، ومنذ أن قلت الغيرة، وأصبح الرجال (مودرن)!، منذ أن اختفت الرقابة عن الأبناء، وبقيت الخادمة تربي!، من ترتدي العباءة المحتشمة أصبحت (غير متمدنة) وتفتقر الأناقة، هذا منطق الحداثة وعالم العولمة. الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من الكلام، يحتاج فقط إلى دين حقيقي، وحياء جميل، واسرة صحيحة. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. من يقبل أن يُكشف عرضه، فقد قبل أشياء أخرى.

688

| 08 مايو 2013

الاختلاط

في حديث ودي جرى بيني وبين إحدى الصديقات المقربات إلي والتي تحمل فكراً نقياً وثقافة واسعة، اعترفت لي بأنها لأول مرة تقتنع بتخليها عن أحد آرائها التي كانت تظنها صحيحة، فلقد كانت لها نظرة تفاؤلية تجاه الحياة، تريد من خلالها أن تغير بعض السلبيات الموجودة حولها في المجتمع، وكان الاختلاط إحداها، فالاختلاط أصبح هاجساً بدأ يؤرق الكثير من النساء القطريات، وأصبح حديث الكثير منهن في المجالس النسائية، إلا أن صديقتي هذه كانت تنظر إلى الموضوع ببساطة، حيث هي مؤمنة بضرورة التجانس الاجتماعي بطريقة حضارية راقية، بشرط أن تكون وفق الإطار الإسلامي، وقد كنت أشاركها الرأي، حيث أصبحت الحياة الآن مختلفة وتحتاج إلى التخلص من بعض الأمور التي تعوق مسار نهوض المجتمع القطري، والاختلاط هو احدى الظواهر الاجتماعية التي بدأت تظهر جلياً في المؤسسات الحكومية والمرافق العامة والتي لا بد من التعامل مع وجودها بطريقة واقعية وحضارية، فرغم هذا الاندماج العملي يظل هناك تخوف كبير من كلا الطرفين في التعامل مع بعضهما البعض وبالأخص النساء اللائي ينتمين إلى محيط محافظ يرفض الاختلاط، فالرجل والمرأة لدينا من الطبيعي أن يتوقفا عند نقاط لا يستطيعان من خلالها التواصل التلقائي دون تكلف أو حرج، وذلك لأسباب اجتماعية متوارثة، لذلك لا نستطيع أن نقول ان الاختلاط سهل فهو يحتاج إلى وقت ليتبلور وفق متطلبات حياتنا الحديثة، وكلامي هذا ليس معناه أنني مع الاختلاط أو حتى صديقتي، بل على العكس، ولكن كونه واقعاً أصبحنا نعيشه علينا أن نتعامل معه لا أن نهرب منه وأن نخافه. هناك سؤال كثيراً ما كان يدور بفكري، لماذا أغلب الرجال والنساء في مجتمعنا والمجتمعات الخليجية الأخرى عندما يتعاملون مع بعضهم في خارج إطار العائلة والقرابة لا يستطيعون الخروج عن النظرة التي لا تتغير أبدا؟، فالرجل ينظر إلى المرأة الغريبة (مع احترامي لجميع إخوتي الرجال) كفريسة يحاول اصطيادها أو استمالتها (بأي مصطلح لا يهم)، والمرأة تنظر للرجل الغريب عنها دائما بمنظار البحث عن زوج أو حبيب أو حتى اصطياد (صيدة) سمينة؟، لماذا لا تكون هناك بساطة وشفافية في التعامل دون الجنوح إلى الألوان الداكنة؟، لماذا يصر البعض بالخروج عن نطاق العمل ويفسد آليته في سبيل أهوائه غير المسؤولة في أحيان كثيرة؟ وبشكل عام أعتقد أن هناك شرخاً كبيرا بين المرأة والرجل سواء أكانا قريبين أم بعيدين، والدليل فشل الكثير من العلاقات الأسرية والاجتماعية التي وإن بدت ناجحة خارجياً فهي فاشلة أو لنقل باردة وفاترة وروتينية داخلياً، لأن كل طرف لا يعرف من هو الطرف الآخر، حيث يجهل كل منهما طبيعة الآخر ونفسيته وتكوينه وبالتالي حقوقه الكاملة، والسبب الرئيسي هو الثقافة التي يتشربها الفرد من بيئته والمحيط الذي حوله، فمجتمعاتنا التي لا تؤمن أو لا تهتم بفكرة الحوار الأسري كثيرا خلقت فجوة عملاقة سببها الخوف من الوقوع في الخطأ ولقنت بطريقة سلبية جدا في بعض الأسر، مما سبب اندفاعا سلبيا اتجاه الطرف الآخر، إن ديننا الإسلامي وضع النهج السليم في التعاملات الإنسانية ووضع القواعد التي تسهل التواصل بطريقة راقية من خلال اللبنة الأولى وهي الأسرة ولكننا (نحن) من تعامل مع هذا النهج بطريقته. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. هناك الكثير من الشباب والفتيات القطريين يتعاملون مع الاختلاط بطريقة راقية ومحترمة جداً نابعة من أخلاقهم وثقافتهم الاجتماعية الواعية، وهم مثال جميل يستحق الاحترام، ولكن علينا القيام بدورات توعوية وتثقيفية في إطار المدارس والمراكز التعليمية والإعلامية وحتى المؤسسات الحكومية لكيفية التعامل والاندماج والتكيف بطريقة سليمة طالما أن الاختلاط أصبح (شرا لا بد منه).

749

| 06 مايو 2013

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

3501

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

2895

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

2715

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

2406

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1185

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
قطر في الأمم المتحدة.. السيادة والإنسانية

يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...

1044

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
غزة.. حين ينهض العلم من بين الأنقاض

في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...

927

| 23 سبتمبر 2025

alsharq
الأمير يكشف للعالم حقيقة الكيان الإسرائيلي

صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....

894

| 24 سبتمبر 2025

alsharq
الفن ضد الدمار

تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...

894

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

843

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

825

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...

765

| 22 سبتمبر 2025

أخبار محلية