بداية لا أحد ينكر دور قطر باحتضانها لجنسيات متعددة من العرب وغير العرب بشكل محترم من حيث الحقوق والاحترام، لا نجده إلا في عدد قليل من الدول وهذه مِنَّةٌ من الله خصَّ الله بها هذه الأرض الطيبة، وأهلها الكرام حتى من قبل الثروة النفطية، فأهل قطر كرام في طبعهم يميلون للتدين الوسطي، كأغلب الشعوب العربية، يكرمون الضيف ويحبونه ويعاملونه كشخص منهم. ولا أحد ينكر لدولة قطر دورها السياسي بالعالم، في فض المنازعات العربية والعالمية، لمصلحة الطرفين واحترام معنى الإنسانية، والتعايش المشترك بين شعوب العالم ولا شك أن لدولة قطر دورا كبيرا بالإعلام، والرياضة العالمية، التي هدفها التأليف بين البشر، على مبدأ شعوب وقبائل لتعارفوا. وإني كمواطن عربي سوري مسلم أعتز بعروبتي ووطني وديني، بل وأفتخر بهما، ولا أنقص أي وطن أو دين أو اثنية لأي إنسان آخر، فالوطن والعرق والدين كالأم يعتبرها الإنسان أفضل شيء في الدنيا، وأن أمه أجمل ما في العالم كله، وهذا الحق مشروع أجازه الخالق والمخلوق وبناء على ذلك وكوني أعيش في دولة قطر منذ عشرات السنين أعتبر نفسي واحدا وخمسين بالمائة سوري وتسعة وأربعين بالمائة قطري، وعوملت بهذه الدولة ومن شعبها الطيب معاملة كريمة أكثر مما أستحق، أنا ومن عرفت ممن قدموا إلى دولة قطر. لي وجهة نظر أكيد خطرت على كثير من المواطنين العرب وهي الوحدة العربية بين شعوب الوطن العربي دون وحدة الزعماء، وليست كالوحدة التي حدثت بين سوريا ومصر في 1958 بين الزعماء والحكومات، دون الوحدة بين الشعبين، ولذلك كانت خطأ على الجميع ولم تستمر والقصد منها أن التاجر يضع بضاعته على دابته في حلب ويذهب بها من حلب إلى دمشق ثم عمان بعدها إلى جدة ومن ثم إلى الدوحة وبعدها إلى دبي وعمان والإسكندرية والمغرب وتونس والجزائر والخرطوم، ثم يرجع كما بدأ إلى حلب، يبيع ويشتري يفيد ويستفيد، ولا يخاف على بضاعته ودابته إلا الله والوحوش الضارية، ولا يسأل بين الحدود من أنت وإلى أين أنت ذاهب ولماذا. وطبعا السوق الأوروبية المشتركة، خير مثال والذهاب من ستوكهولم إلى برلين ثم باريس كالمسافر من مدينة الخور إلى الدوحة ثم الوكرة. وتليها الوحدة في كثير من الأمور التجارية والمهنية والسياحية، كدولة واحدة فيها عدد لا بأس به من المدن والزيارات بين الناس بالأعياد والمواسم. وتبقى الحكومات السياسية كهيئات ودول كل له سياسته تتعامل مع بعضها البعض بلغة المصالح السياسية، كما قال تشرشل «الدول مصالح لا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون». ويبقى الإنسان العادي يتعامل مع الإنسان العادي من بلد لبلد وكأنهم ببلد واحد. ولديَّ مثال بسيط كطبيب حيث تأسست هيئة البورد العربي بنهاية السبعينيات ومقرها دمشق بناء على أسس ومعطيات عالمية رائعة، بمعظم مستشفيات الوطن العربي، تقليدا وتيمناً لهيئة البورد الأمريكي العالمية، وآتت أكلها، واستمرت بنجاح باهر، وبعد فترة ظهر البورد السعودي ثم الأردني ثم السوري ثم المصري.. إلخ.. والله من وراء القصد.

حصل التغيير في بلادي والحمد لله والخير فيما اختاره الله ونرجو العلي القدير أن يكون لخير أراده الله لنا. مرحلة انقضت بعجرها وبجرها بلاد الشام، ومركزها الفيحاء دمشق، عاصمة التاريخ، ملايين الناس يمَّمون وجههم شطرها، دمشق ماء وضوء محمد. ودرب المسيح في عيونها، وطن الشمس، دمشق يا أمة العرب، أعدمت قوافل الغزاة، وتاريخ زنوبيا، حيث رسل المسيح قد أرسلت، وصعود ابن مريم لربه قد ذكرت، وقدم أشرف الخلق محمد قد وطئت، حاضرة بني أمية، حيث شعرة معاوية قد اشتهرت، والخلاف على أسلوب الحجاج ونهجه قد نوقشت، ومرقد الأيوبي صلاح الدين وروحه قد استقرت، وفيلسوفها السباعي مصطفى ونهجه الإسلامي الوسطي قد عرفت، وعلى مائدة الإفطار لعبقريها علي الطنطاوي قد أبهرت، وأشعار أبو ريشة عمر وقبانيها نزار قد سجلت، وحنجرة فخرها صباح وألمستها الحناوي ميادة قد صدحت، وقوة صوت السلطان جورج وسوف قد حفرت وتمكنت، وشهدائها من الثوار ويوسف العظمة رحمهم الله جميعا وبدمائهم قد بصمت يا دمشق أتينا اليك عنك... عنك سألنا عانينا لأننا قاومنا ولأنك تعرفينا.. لأنك في ثقة تعرفينا عانينا لأننا قاتلنا الغربة وقاتلنا التوطين وألوان التقسيم ولأننا لم نرفع أيادينا إلا لصلاة ودعاء في جوف الليل يا بر الشام... تَحشَد... قد عدنا من خريطة التقسيم وألقينا مفاتيح الغربة في بردى وجمعنا الوجد وأخذنا شكل دمشق... وطن من لا وطن له ويبقى كانون الأول وربيع دمشق بالانتظار وتبقين يا شام الامل وأمل بالنصر من الله علينا كسوريين جميعا ودون استثناء: - نسيان المرحلة السابقة وأخذ منها العبر والدروس فقط - التسامح فيما بيننا ونسيان الماضي قدر الامكان والهدف من ذلك التقدم الى الامام والعمل على بناء دولة للجميع دون النظر للديانة والطوائف والاثنيات ونضع امام اعيننا القوانين المستمدة من الشرائع السماوية والقوانين البشرية للوصول لدستور يحمي الجميع ويكفل حقوق كل المواطنين وان الدولة هي التي تنفذ القانون بعد اعتماده. - علينا كل باختصاصه ببناء الوطن الذي يؤمن الأمن والأمان لنا وللأجيال القادمة والنظر للدول المجاورة بنظرة اقتصادية بحتة لتحقيق المصالح التجارية - علينا ببناء جيش وطني عربي للدفاع عن حدود وطننا المعترف بها عالميا وليس لخوض حروب ليس لنا بها ناقة ولا جمل وإننا الجمهورية العربية السورية ونحترم كل الأديان والمعتقدات الدينية وأن تنوع الأديان هو إثراء فكري، وأن الفكر العروبي بسوريا هو بيئة وليس تاريخا فقط - التعاون مع الدول المجاورة والصديقة بالمثل وبناء علاقات اقتصادية وتجارية تعود بالمصلحة على الجميع وأخيرا إننا وفي فترة قياسية سنبني سوريا الحبيبة ونجعلها في مصاف الدول الأولى المنتجة وان تاريخنا يشهد بذلك.