اللغة مرآة لأخلاق الفرد المسلم وسلوكه، لذلك فإن اللسان في الإسلام من الأعضاء التي يجب الحفاظ عليها، حيث إن طريقة حديث المسلم تعكس مستوى أخلاقه الروحية والاجتماعية وتشير إلى ما يستره باطنه. لقد اهتم الإسلام باستخدام اللغة في الكلام بطريقة جيدة وصحيحة. وهذه العناية وردت في عدد من الأحاديث النبوية منها قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) رواه البخاري ومسلم. إن استخدام اللغة الجيدة في التحدث الذي قام برعايته الإسلام لا يقتصر فقط على الكلمات المهذبة، بل يشمل أيضًا إيصال الرسالة بنية بنّاءة ومحبة. فعلّم الإسلام كل فرد أن يحترم مشاعر الآخرين ويتجنب الكلمات التي قد تجرحهم أو تؤذيهم مع مراعاة سياق التحدث متى يستخدمها ومتى يتجنبها. من خلال الحفاظ على اللسان، يحافظ المسلم على التناغم في العلاقات الاجتماعية ويتجنب النزاعات التي قد تضر بالأخوة الإسلامية والإنسانية. في عالمنا المعاصر المترابط بشكل متزايد، يواجه المسلمون في جميع أنحاء العالم تنوعًا في اللغات والثقافات. على الرغم من أن المسلمين منتشرون في مختلف البلدان ويتحدثون بلغات متعددة، تبقى اللغة أداة أساسية لتعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية الأخوة بين المسلمين. علّمنا الإسلام أن تنوع اللغات هو نعمة من الله يجب احترامها بدلًا من أن تكون مصدرًا للخلاف، كما ورد في سورة الحجرات 13: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلَنَاكُمْ شُعُوْبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا). قدم الإسلام إرشادات شاملة بشأن استخدام اللغة. كيف يجب على المسلم أن يستخدم اللغة بشكل صحيح وفقًا للسياق الذي يتحدث فيه، من أمثالها استخدام اللغة عند التحدث مع الوالدين يختلف عن التحدث مع الأصدقاء. وكذلك الحال مع قائد الشعب مثلا، يجب عليه أن يفهم جيدًا كيفية التواصل باستخدام اللغة المناسبة التي تتناسب مع موقعه أو منصبه أمام شعبه، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهر ذلك كقائد للأمة الإسلامية. بل كان القرآن الكريم يعلمنا استخدام اللغة بشكل صحيح وبما يتناسب مع السياق. على سبيل المثال، عندما أراد الله أن ينادي رسوله، كان دائمًا يستخدم النداء بقوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) أو (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)، وكان ذلك تعبيرًا عن الاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت ذاته يكون درسًا لجميع المسلمين لاستخدام اللغة الحسنة، والتي تُعتبر سمة من سمات الشخصية الإسلامية. لذلك، على الرغم من أن المسلمين يستخدمون لغات متنوعة في جميع أنحاء العالم، إلا أنهم إذا اتبعوا الطريقة التي كان يستخدمها رسول الله في استخدام اللغة الحسنة وطريقة الخطاب المهذبة في التواصل، فإنهم في الحقيقة يتحدون بلغة واحدة، وهي اللغة الإسلامية.