رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صرخ من أعمق «حنجوره»: (سأكتب رافضة للعمل). لا أنفك أقلبها على كافة الأصعدة، من جميع النواحي وما زالت خيالية، كم هو غريب إحالة موظف للتحقيق بهذه الطريقة!! بل كيف يمكن لـ»مسؤول ما» إحالة موظف للتحقيق بـ»كلمتين»؟! أليس من التعسف يا صاحب القرار اتخاذ إجراء في موظف لمجرد كلمتين كتبهما مسؤوله بدون أن يدعمها بأية إثباتات «ملموسة»؟! إن كنتُ صاحب القرار لكان إجرائي الأول هو المساءلة القانونية لمسؤول كهذا، لا لشيء، ولكن لأن (رافض/ـة للعمل) تلك شاملة « الرفض التام» لكل شيء، بينما قد يكون الموظف رفض فقط ما ليس من ضمن أعبائه الوظيفية. أضف أنه لو تم اتخاذ أي إجراء حيال الموظف بسبب كتاب من هذا النوع فإنه عوضاً عن إحقاق الحق، سيصبح هذا المسؤول أكثر تعسفاً وجبروتاً، وسيضمن الطاعة العمياء من جميع موظفيه دون استثناء، خشية قيامه بإحالتهم للتحقيق بما يؤثر سلباً على تقييمهم السنوي. بعض المسؤولين يستغل منصبه بالشكل الأسوأ حيث يتعامل مع الموظف وكأنما وقع معه عقد ((استعباد)) وليس عقد ((عمل)) فُيلقي إليه بالأوامر ضارباً بعرض الحائط ما ورد في القانون والتوصيف الوظيفي المعتمد على شهادته ودرجته المالية، وعند قيام الموظف بالمطالبة بأبسط حقوقه وهي الالتزام بقوانين الدولة التي كَفَلت له حقوقه كـ»آدمي» وعدم تكليفه بما هو خارج عما أقرته الدولة بهذا الشأن، فإن المسؤول وبكل «فرعنة» يُحيله للتحقيق ظلماً بحجة «رفض العمل». يا مؤمن؟! هناك فرق بين (الرفض) وبين (اعتذر لأنها ليست من مهامه قانوناً) خاصة إذا كان هناك في المقابل ذلك الموظف الذي يُسمح له بالتغيب، الاستهتار، أو عدم العمل، لعدة أسباب قد يكون منها ما هو لمعرفة شخصية، «منافق دبلوماسي» أو لأنه «يُطبل» مع مرتبة الشرف، وما أكثرهم!!! على الكتب المرسلة للجهات القانونية ألا تخل بشرطين أساسيين، هما: أولاً/طبيعة العمل الذي رَفَضَهُ الموظف، وثانياً/المرفقات التي تُثبت هذا الرفض، ما عدا ذلك فلا يجب قبول أي كتاب لم يستوفِ تلك الشروط. وإن استلمت الشؤون القانونية كتاب تحقيق يكون سببه (رافض/ـة للعمل) فإما أن تقوم بإحالة هذا المسؤول للتحقيق مباشرة، أو يُرفض الكتاب دون حتى قراءة بقية محتوياته لأن الكتاب أخل بأحد الشرطين الرئيسيين. ما عدا ذلك فإن هذا الكتاب لن يكون إلا «قرصة أذن» للموظف من باب ((انا اللي باربيك)) أو «استعباد» للموظف تحت بند «انا مديرك وغصب تنفذ». كيف يتم إثبات أن الموظف رافض للعمل؟! هناك العديد من الوسائل التي يمكن بها ذلك، والتي بها كذلك يتم إثبات مدى صدق المدير أو الموظف أو إدانة أي منهما. فما بالك لو ثبت أن الموظف هنا «مظلوم» وأن إحالته للتحقيق كانت (زوراً وبهتاناً)؟! هنا أيضاً يجب أن يُحال هذا المسؤول للمساءلة القانونية لتعسفه وتفادي تكرار هذه المأساة التي من شأنها «تطفيش» الكفاءات أو وأدهم. لا نسعى هنا لخلق مشكلة، بل نسعى إلى بيئة عمل صحية، تكاد تحمل ذرة عدل إنسانية، لا يستغل فيها أي مسؤول سلطته بطرق ملتوية لا تمت بأية صلة للإنسانية. فلقد كفلت الدولة للموظف حقوقه كإنسان، فكيف لك أيها المسؤول أن تتمادى على قوانينها وتنتهك هذه الحقوق كفرد يعيش تحت جناحها؟! ولا أشير بهذا للـ((الكــــل)) بل أقول ((البعــــــــــض)) من المسؤولين، فهناك أمثلة تفخر بالعمل تحت إدارتها.
603
| 06 أغسطس 2025
أتيت قبل موظفي المستشفى، تملكني الرعب وأنا أتحرى النتيجة، 11 يوماً وأنا أنتظر، استعدت اللحظات التي مرت بي هنا سريعاً.. قال بالإنجليزية: لابد من عمل الخزعة. أحاطني الصمت فشك الطبيب وسأل: هل أنتِ بخير؟! هززت رأسي بنعم، لم يصدقني وسارع بطلب ممرضة تتحدث العربية، لتشرح ما قاله مبررة: لا تقلقي، مؤكد النتيجة ستكون مطمئنة، ولكن هذا التورم يوحي بشيء آخر، ولابد من التحقق منه. ابتسمت قائلة: أعلم ولقد فهمت عليه. باستغراب سألت: لما استدعاني؟! أجبتها بنفس الابتسامة: يظنني حزينة أو عقلي لم يستوعب من هول الصدمة لذا خَرِست.ربتت على كتفي وهي تبتسم «مطمئنة»، تركته لأطرق باب الطبيبة الجميلة التي أحالتني إليه وأخبرها، أخفت نظرة حزن بسرعة لتجدني أواسيها: لا تقلقي يا دكتورة أموري ممتازة بإذن الله. أجابتني بسرعة: مؤكد هذا مجرد إجراء روتيني في الحالات المثيلة.شكرتُها مغادرة وأنا أفكر بكمية الأطباء الذين رأيتهم خلال هذا الشهر لم يطلب أحدهم تلك الخزعة المفجعة، لكن هذا ليس وقت الحزن، فكرت وعيناي تنتقلان إلى تلك الكافتيريا الصغيرة، لأسارع بشراء إفطاري منه، ولسان حالي يقول «أهم شيء الأكل الآن».في موعدي التالي تغير الطبيب، كنت أتمنى أن ينفي كلام طبيبي السابق لكنه أصر أكثر منه على تلك الخزعة، ضقت.. لما لا يُطمئنني أحدهم فيقول مجرد كيس دهني مثلاً؟!فحوصات لا حصر لها انتهت بذلك الفحص المقيت الذي لم أجربه مطلقاً، أشعة الصبغة، عزلة عمن حولي لحين انسحاب تلك المادة، ألم.. فقلق.. فخوف.. حزن، ورعب، تغلفه تلك الابتسامة الزائفة وادعاء «الطبيعية» في ممارسة حياتي الروتينية، مرت الأيام وكأنني بخير ظاهرياً، فارغة داخلياً، أصبح الأرق صديقي، وفراشي كتل من الجمر تلسعني، حتى نسيت كيف ينام البشر.اليوم الموعود! الخزعة! ما أثقله من إجراء وما أسخفه، ولكن الأثقل منه انتظاري للنتيجة.لماذا نخشى السرطان؟! فما هو الا مجرد مرض كباقي الأمراض، قد يعيش المصاب به لسنوات أطول من الشخص السليم. كم من شخص سليم قضى نحبه تحت عجلات سيارة! وكم من شخص أصغر مني توقف قلبه على حين غرة! وألم يمت أشخاص من «غصة بلقمة»؟! لماذا نسينا قوله بأن «لكل داءٍ دواء إلا الموت»؟! سألتني الممرضة أثناء الفحص: لماذا لستِ قلقة؟! لماذا تبتسمين هكذا وكأنكِ لا تعلمين؟! أجبتها: وماذا أفعل إن كان ظنه في محله؟! فعلاً، ماذا أفعل؟! انهياري لن يغير أي شيء، فـ»بي أو بدوني..الحياة ستستمر» لن أوقف حياتي على مرض لا أعلم آخره. النتيجة اليوم. لما الدقائق لا تمضي؟! لما الساعة ثابتة؟! أين طبيبي؟! وقفت عند الباب استمع للنقاش الدائر في الداخل، واسمي يتناثر بين الأسطر، «آآآخ لو كنت أتحدث لغتهم، لم أفهم سوا اسمي» استوعبت حينها (كم كنتُ غبية لاختياري اللغة الخاطئة لأتعلمها!) وأخيراً فُتح الباب وسُمح لي بالدخول وقبل أن أقول أي شيء سارع الطبيب وهو يشير بيده: اجلسي على هذا الكرسي رجاء لأتمكن من التحدث معكِ.فجأة هوى قلبي إلى قعر مظلم لا نهاية له، صعوبة في البلع، وعيناي تدوران في محجريهما، لماذا أصبحت الرؤية ضبابية هكذا؟! انتظار النتيجة في الأيام الماضية جعلني جسداً بلا روح، أما هذه اللحظة، فهي التي قبضت روحي.. وببطء لا يخلو من الرعب استدرت نحو طبيبي الذي لم أعد أراه. ماذا أفعل؟! إنه مرضي.. إنه أنا!
525
| 07 يونيو 2024
كان الأمر حلماً صعب المنال، لذا لم أجرب، بل لم أفكر بأن أجازف لأجرب، حتى قالت صديقتي التي تعمل معي في نفس المجال إن (فلان) يعمل بجريدة الشرق، فتدحرج سؤالي تلقائياً: هل يمكن له أن ينشر موضوعي؟! لكنه رد عليها بمنتهى البساطة: أكيد، ولكن لماذا لم تقم هي بإرسال مواضيعها لـ الشرق مباشرة؟ شعرت بأن سؤاله ينطوي على خدعة ما، فكيف أرسل لـ الشرق مباشرة؟ وإن أرسلت.. هل كانت لتنشره؟ مؤكد لديهم قائمة أولويات لستُ أنا من ضمنها، وستُردم بين طيات الزمن فتُنسى. الكثير من الاستنكارات بداخلي، ومع ذلك ألححت بأن يقوم هو بإرسالها علهم ينشرونها بسرعة، وتحت إصراري قامت صديقتي مشكورة بتزويده بنسخة، لأراها تتلألأ على صفحات الشرق في اليوم التالي، كان أول موضوع يُنشر لي على الملأ (ألا ليتهم يعودون) بحرفين فقط. فرحة غامرة؟، سعادة طاغية؟ لا، بل هو مولودي الجديد الذي كُتب له أن يرى النور بعد احتضانه لسنوات طوال، ومن ثم الصمت المطبق، توقفت عن إرسال أي شيء وها قد انقضى الزمن فالعمل والمدارس كانت تأخذ كل يومي ولم يتبق لي أي وقت إضافي للنوم فما بالك بهواية؟ ولكن عندما خذلتني جهة عملي، لوح الوقت لي بيده، ولم لا، لنعيد النشر، لكن هذه المرة ليست عن طريق أحد، بل عن طريق الشرق مباشرة، فأرسلت موضوعي الثاني، ولكنني هذه المرة جرأت أن أكتب اسمي، ما الذي سأخسره فلنجرب، فإن لم يُنشر كما ظننت، سنبحث عمن يسعى لنشره لاحقاً. وفعلاً.. نُشر الموضوع بسرعة، غريبة!! كيف؟! وبدون أي «تدخلات»؟ فلأجرب ثانية، لكنه نُشر أيضاً وثم الذي يليه فالذي يليه، والذي يليه.. حتى يومنا هذا. ما إن أُرسل لهم محتوى حتى أجده يبتسم لي على سطح صفحات الجريدة في نفس الفترة دون تأخير، وفي كل مرة أنتظر ألا يُنشر موضوعي، يتم تأخيره أو عدم النشر حتى إشعار آخر إلا أنني أفاجأ بالعكس تماماً، إذ أجد الشرق تخالفني الرأي دوماً وتنشره. لا يمكنني نسيان مدى تعاون الجريدة، سرعة استجابتها، وروعتها، أو تلك الموظفة الجميلة التي إذا اتصلت تتعامل معي بأسلوب يُخجلني بسبب ذوقها واحترامها، إنهم هناك دائماً، إنهم متاحون دائماً، إنهم يردون دائماً، سواء على البريد أو أي وسيلة تواصل أُخرى، فأنا لا أُرسل إلا وأجد استجابة مذهلة، ولا أكتب إلا وأجد الرد فوراً، ولا أتصل إلا وأجد السماعة تُرفع. لا أدري، لكنني فعلاً لا أعرف كيف أشكر جريدة الشرق أو أوفي حقها، في تلك المعاملة والصدر الرحب لنشر مواضيع الهواة مثلي، نعم قد لا يكون كل موضوع جيدا، ولكن قد يكون هناك موضوع يفتح لنا أبوابا من الآفاق المستحيلة، فعندما تقوم جريدة بهذه البادرة الرائعة عبر فتح باب النشر لمبتدئين أو هواة، فهي تقدم بذلك فرصا عديدة للنجاح أمام أحدنا عله بكلمة قد يجذب الأضواء إليه، فهي فقط تضعنا على طريق المستقبل ولنا الباقي. فشكراً لجريدة الشرق، على الرغم من أن الشكر لا يكفيكِ، كما أن لساني هنا يعجز عن التعبير، ولن تفيني الكلمات حق التقدير. فــــلكِ مني يا جريدة (الشرق) جزيل الشكر، الاحترام والتقدير، لكِ، ولكافة القائمين عليكِ، وإلى هنا تخذلني الأحرف فلا تكفي لرد هذا العرفان والجميل. وأخيراً.. إنها الشرق يا سادة، وها هي تشرق علينا من جديد.
483
| 25 مارس 2024
لم نطل في شهر العسل، لأن زوجي يشمئز من طهو الخدم والعاملين، وما إن عدنا حتى بدأت رحلتنا معاً في منزل عائلته، كانت والدته تُعد لنا الإفطار بنفسها صباح كل يوم قبل ذهابه لعمله، وبعدها يأتي دوري في إعداد وجبتي الغداء والعشاء. لكن ما إن أضع القِدر على النار وأستدير لعمل أي شيء آخر حتى تنطفئ النار فجأة، فأعود لأحاول معها، لكن النار مصرة على ألا تشتعل تحت قدري، فأضطر للتوجه إلى أسطوانة الغاز المتواجدة خلف المطبخ في هذا الحر الخانق، لأحركها فأجدها ما زالت ممتلئة، لكنها بشكل ما «مغلقة»!! فأقوم بفتحها وأعود إلى المطبخ لأتمكن من الطهو قبل عودة زوجي، ومجدداً تختفي النار أسفل القدر لتُعطلني، وأخرج للأسطوانة فأجدها مغلقة، ويستمر الوضع يتكرر هكذا حتى انتهاء اليوم وعودة زوجي من عمله بدون طعام. في البداية كان «متصابراً» ثم بدأ صبره ينفد وأخيراً أصبحنا نتشاجر كلما عاد ولم يجد طعامه جاهزاً، فيضطر لأكل الجبنة أو اللبنة، لأنني لم أتمكن حتى من سلق البيض. مضى شهران تصاعدت فيها خلافاتنا، التي أخذت تكبر وتستمر فيما بيننا بسبب طعامه، ولولا وجود والدته الطيبة والتي كانت دائماً ما تقف في صفي، لتدافع عني وتهدئ من روعه لما استمرت حياتي معه، فتنتهي المشكلة بقيام والدته بإعداد الطعام لنا في النهاية. بعد كل شجار بيننا كنت أحمد الله الذي رزقني بأم مثل أم زوجي، حنونة وطيبة تدافع عني دائماً بإصرار مميت أمام زوجي، وكأنها تدافع عن ابنتها ضد زوجها، وهذا ما كان يحسدني الجميع عليه. بدأت أعتقد أن مطبخ أم زوجي مسكون بشيء لا أعرفه، شيء يتربص بي فقط، فعندما تستعمله والدة زوجي يعمل جيداً، وما إن تلمسه يداي حتى تنطفئ ناره فجأة، وتُغلق الأسطوانة، حتى قررت يوماً أن أقوم بتجربة، فأخرجت القدر ووضعته مباشرة على النار، وقبل أن أتحرك طلبت من الخادمة أن تقف مكاني لتراقب النار وتنادي عند إنطفائها، بينما أسرعت بالجري إلى جوار النافذة التي تُطل على أسطوانة الغاز، ووقفت أنتظر هناك. فجأة لمحت طيف يهرول بسرعة وخفة لا أقوى عليهما، لأرى أصابع ذلك الطيف تعبث بإسطوانة الغاز فتغلقها في نفس اللحظة التي علا فيها صوت الخادمة تناديني: - مامااااا جاز مافي! لم أرد..فلقد تخدرت قدماي وجف حلقي، وبالكاد استطعت البقاء واقفة على الرغم من ارتعاشة جسدي، أريد أن أتحرك..أخرج..أمسك بهذا الشبح متلبساً وأواجهه، بل أسأله عن سر هذا التصرف الشاذ. وفي لمح البصر اختفى الشبح من حيث أتى.. لكن فاجعتي قيدتني فلم اتصرف، بل شُل لساني كما هي حركتي، وبقيت أحدق في الفراغ القاتل عبر تلك النافذة ببلاهة، إلى هذه الإسطوانة التي دمرت حياتي وأنا عروس، وأخيراً وبمنتهى الصعوبة تحركت، أسحب قدماي المتثاقلتين سحباً نحو المنزل كمن يُجر إلى موته. ما إن رأتني أم زوجي حتى استعاذت من «إبليس» وهي تقفز أمامي بسرعة متسائلة بقلق شديد عن سر شحوبي، حدقت بها بذهول، ولم أشعر بلساني الذي تحرك في مكانه أخيراً ليسأل: - اذا ما تبين تزوجين ولدج كان خليتيه جنبج ولا تبهدلين بنات الناس معاكم. شهقت أم زوجي وهي ترتد للخلف.. حتى قلقها أتقنت تمثيله.. فلقد كانت هي من يغلق تلك الإسطوانة.
2931
| 12 أغسطس 2023
(اتصلت عليك ولم تجب) هكذا اجبته عندما ثار ما ان دخل مكتبنا، غاضباً بسبب مشكلة حللتها البارحة.. صرخ: ومن أعطاكِ الأوامر لتتصرفي؟! بل كيف حصل مديرهم على رقمكِ ليتواصل معكِ أنتِ؟! أوشكت ان ارد عليه: لأنك كمسؤول "تداوم" في بيتك اكثر من المكتب. لكنني ألجمت لساني "كالعادة" مقابل هديره الذي بات مزعجاً في السنوات الأخيرة. مضى ما يفوق العشر سنوات اقوم فيها بكل اعماله كمدير إدارة واحياناً اعمال الأقسام المختلفة التابعة له ليس بمفردي فزميلتي كذلك. طبعاً بدون منصب.. بدون مسمى.. بدون أي مقابل إضافي سوى راتبي، مجرد "موظفة" وهو؟! لا يعلم عن تلك الاعمال شيئاً، بل لا يعلم بحدوث مشكلة من اي نوع وكيف حُلت، فقط يرفع السماعة ويسأل: -مدير إدارة(...) اتصل بي، هل هناك شي؟! - مشكلة، وقمنا بحلها. يحضر للعمل يوماً ويغيب اياماً ان لم تكن اسابيع ليطفو مجدداً على السطح بعد غياب طويل المدى وهكذا.. في بداية تلك السنوات، كان الجميع يتصل عليه إلى أن يتكرم ويرد ليتصرف أخيراً.. ثم أصبح الجميع يتصل عليه فإن لم يرد يتصل علي، وكذلك لم يكن لديه اي مشكلة فهم اتصلوا عليه أولاً.. لكن بدأت المشكلات تتفاقم فعلياً عندما بدأ مديرو الادارات الاخرى بالتواصل معنا دون الاتصال عليه.. بل أصبح كل كبير وصغير..موظف ومدير..يعمل او يطير... يتصل علينا مباشرة دون الرجوع إليه ويكتشف الأمر عندما "يداوم" من (عصفورة) صغيرة تغرد له بما يحدث. "استكبرها في حق نفسه"وأشار لها مراراً.. - كيف يتصلون بكِ بدون أن يتصلوا بي أولاً؟! أليس لكِ مدير؟! اصمت.. فواقع الحال يقول "ليس لدي" وواقع اللوائح تقول "لا تردي كي لا تخالفي القوانين فهو ما زال (المدير)" صحيح! كيف يتصلون علي وانا مجرد (موظفة) وهو (المدير)؟! صاح بي أمام جمع غفير من الأشخاص: - لا تتصرفي مستقبلاً إلا بعد الرجوع إلي؟! على الرغم من سوء الأسلوب تماسكت وانا أقول بأدب: - حتى لو كنت غير موجود؟! علا صوته أكثر مهيناً لي أمام موظفين منهم من هو اقدم مني ومنهم من هو أحدث ومنهم من هو مجرد ضيف: - لا تتصرفي في أي شيء إلا بعد الرجوع لي فقط، أتفهمين؟! كدت اقول "صح النوم" لكن تربيتي هي من عقد لساني هذه المرة. وفعلاً تعطل العمل وبعد فترة اتصل مفجوعاً، مغتاظاً: - لماذا العمل متعطل إلى الآن؟! الكل يشتكي، بسرعة أنجزيه! و..و..و.. واخذ يغني على ألحان المصائب التي تراكمت فوق رأسه فأجبته: - أرسلت لك كافة المراسلات عبر بريدك لكنك لم ترد على أي منهم ولم تمنحني الموافقة حتى، وبناء على تعليماتك، لا أستطيع فعل أي شيء الا بعد موافقة رسمية منك. أجاب بسرعة: -نعم نعم موافق بسرعة أنجزي كل شيء. لكنه ناكراً جداً اذا أعطاك اية أوامر شفهيه، فعند المصيبة، مهما كان نوعها سيُنكر كل شيء، بل سيدعي بأنه لم يتم ابلاغه حتى، ((عشرة العمل لديه لسنين هي من علمنا ان هذا هو تصرفه في أصعب المواقف واحلكها)): - بإذن الله، لكن رد بالموافقة على مراسلاتي أولاً. لا لشيء لكنني اريد ان احمي نفسي أيضاً، فغداً سيعاود صراخه ويسألني كيف أتممت العمل الذي أمرني هو به بدون إبلاغه!!!!! (وعجبي!) سيضحي بي فوراً ويجعل مني كبش فدائه "كالعادة" وسيقول بسرعة: - ابداً لم أقله. لم يعجبه اتباعي لأوامره لكنه جاراني فيها "مؤقتاً". بعد انتهائي من العمل بمفردي على اهم حدث في حياة الدولة والذي كان لمقر عملي دور فيه كباقي جهات وافراد الدولة المختلفة فاجأني بمكافأة لم أكن لأتخيلها يوماً في حياتي الماضية ولا حتى المستقبلية. قام بكل جدارة بـــــــ: إحالتي إلى لجنة تأديبية. السبـــــــب: مستهترة وترفض العمل. على الرغم من أن كل ما قام به هو خلال الحدث كان: نائماً في البيت.
2025
| 28 مايو 2023
ليست سيدة.. ليست زوجة.. ليست أماً.. إنها...أمي وضحى.. هل جربتم ألم اليُتم مبكراً؟! لقد فقدنا والدينا في سن مبكرة جداً مقارنة بذوينا، ولأسباب مختلفة فبقينا ثلاث فتيات وطفلا. أكبرنا في سنته الجامعية الثانية، ومع ذلك تابعنا تربية أنفسنا بأنفسنا دون اللجوء أو الاعتماد على أحد.. ومرت السنون... كان حفل الزفاف ملكيا، وكوننا لم نعتد الاختلاط بالناس، فعلينا المغادرة، وكيف لنا بذلك قبل رؤيتها، السلام عليها وتقبيل رأسها. احتضنت يدي بين كفيها: -أنت بخير؟!! -الحمدلله بخير ونعمة. جذبتني من كفي، فجلست على الأرض أمام ركبتيها لأسمع صوتها من بين الضجيج تقول: -أنا أمكِ.. لا تكذبي علي وقولي لي الصدق. أهل زوجك زينين معك؟!! -اي يمه. -تحلفين؟!! -والله العظيم يا يمه زينين معي. ربتت بأناملها على خدي وهي تقترب مني لتقول: «لا تحسبون إن مالكم ظهر ولا سند، أنتوا مهب يتامى، إحنا أهلكم وناسكم، إحنا ظهركم وأبوانكم وإذا بغيتوا أي شي..أي شي.. اتصلوا وقولوا يا يمه وضحى، فهمتي؟» تجمدت عيناي عليها.. «يمه وضحى»! فجأة.. ارتفع ذلك الجبل الشامخ ليسند أظهرنا ماحياً معه مرارة اليتم تلك.. وقف شاهقاً لتختفي معه سنوات الوحدة.. تحولت مرارة اليتم إلى قوة طاغية، نعم.. لسنا مقطوعات من شجرة، نعم لسنا يتيمات أو وحيدات.. يمكن لنا أن نلجأ لها في أية لحظة، وفي أي شيء.. صدق حدس والدي.. بل صدق حسن ظنه بها، عرف كيف يميز البشر وهو الجاهل الذي لم يقرأ حرفاً في حياته فلقد ميزها دوناً عن غيرها من الكثير.. شيء عجيب طوقتنا بهالته الفخمة من الفخر والقوة فتشعر بأنك قوة جبارة يستحيل كسرها. لا نعرف.. لكنه استمر معنا لأيام بل لأشهر وسنوات طويلة.. واختفينا، لا لشيء!! لكننا لم نعتد أن نطلب من أحد حاجتنا، لم نعتد أن نعتمد على أحد سوى أنفسنا، لم نعتد أن نوكل أمورنا إلى أحد غيرنا من بعد الله مكتفين بثلاثتنا وشقيق، هكذا رُبينا، وهكذا عودنا أبي.. 17/06/2021 - الخميس. صدمة وداع.. كم هو مفجع خبر رحيلها المفاجئ، ظننته تشابه أسماء، قد يكون خطأ، لكنها الحقيقة المرعبة، كنا ننتظر خبر شفائها على أمل زياراتها مجدداً، لكنها رحلت تاركة خلفها قلوبنا منكسرة يُثقلها الحزن ندعو لها باستمرار، قامت بالكثير الكثير للجميع، ولم تُقصر في شيء مع أي كان. إنما تلك الكلمات؟!! كانت أغنى وأجمل وأقوى من أي سلاح يمكن أن يلجأ إليه أي كائن حي من بعد الخالق. عذوبتها وهي ترن في أذني قوية، واضحة، وسط معزوفات الفرح السعيدة بالعروس الجميلة، كانت ترن بنعومة فريدة طغت على صوت المحيط الجميل، فهل يوجد ما هو ألذ وأكثر نقاوة من ذلك؟، إنها أمي وضحى. فماذا فعلت يا يونيو؟، لماذا أوجاعك أكبر من أفراحك هذه المرة؟، فعلاً.. الطيب لا يبقى، وما أطيبها من روح خالدة في قلوبنا. جعلها الله من سكان أعلى درجات جنانه.. اللهم إنا نستودعك روحها الطاهرة فلقد أصبحت أحد ضيوفك الكرام.. فهي كانت وما زالت (أمي وضحى) رحمة الله عليها.
1618
| 17 يونيو 2022
بردت قهوتي وأنا أشرح لابني على منصة التعلم الجديدة بعد أن قطعنا شوطاً كبيراً في تعلم المنصة السابقة. بردت قهوتي وأنا أناقش موظف المستشفى عن سبب منعي من رؤية طبيب الأسنان لعلاج ألم سني فقال مواعيد طبيب الأسنان "عن بعد" فقط. بردت قهوتي وأنا أتنقل بين المحلات للعثور على ملابس ملائمة لبناتي الأربع مع كافة مستلزماتها بأسعار واقعية وليست بمبالغ خرافية تكاد تكون ضرباً من الخيال. بردت قهوتي وأنا أطلب من مسؤولي مبرراً عن تقييمي بدرجة أقل من موظفة ما، لم تعمل أبداً عكس عملي المتواصل 24/7 طوال السنة، بحجة "يكفي تعرفين إنك تستحقين أكثر!!" بردت قهوتي وأنا أواسي ابنتي بسبب التنمر الذي تعانيه، لأن صديقتي أخبرتني بأن والدة المتنمرة ستقوم بتدريس ابنتي الأخرى، وبالتالي ستتنمر عليها إن اشتكيت على ابنتها. بردت قهوتي وأنا أشكر موظفة المواعيد على سرعة مواعيدهم، حيث إن أقرب موعد مستشفى بعد 9 أشهر من تاريخه. بردت قهوتي وأنا أقلب في الأوراق بحثاً عن بديل لخادمتي التي سافرت لأنني طلبت منها أن تساعد طفلي الذي في الروضة، وابني في الأول ابتدائي لحضور بثهما المباشر كوني ووالدهما في العمل صباحاً. بردت قهوتي وأنا أحدق في قيمة المبلغ الذي يجب أن أدفعه على القرض الضئيل الذي تقدمتُ به لأتمكن من دفع رسوم استحضار خادمة جديدة وسائق، لأن مبلغهما يوازي راتب شهر كامل. بردت قهوتي وأنا اشرح لموظف سبب تعذر تعديل وضعه لعدم وجود وفر مالي، بينما تم صرف مكافأة تشجيعية لموظفة تم إنهاء خدماتها بعد تعيينها بشهرين لسوئها، لكنها أعيدت إلى عملها، لأن قريبها الذي يعمل في مكتب سعادته توسط لها، دون علم سعادته طبعاً. بردت قهوتي وأنا أتشاجر مع موظفة الاستقبال عن سبب دخول مريضة قبلي مع العلم بأنني جئت الى المستشفى قبل فتح أبوابها بساعة، بينما جاءت هي بعد فتحها بساعتين!! بردت قهوتي وأنا أستمع لتذمر الموظفين المتواصل، فلقد كنت الوحيدة التي تفقه في الدورات لديهم، ومع ذلك تم إحالتها لغيري عندما كنت أعمل عليها في إجازة الوضع ودون إخطار، لكن البديلة للأسف "ما تداوم". بردت قهوتي وأنا أقف في الشمس لأقابل سعادته، بعد أن قام مدير مكتبه بطردي من الاجتماع الذي استدعاني إليه بنفسه، فقط لأنني ذكرته بأن كلامه يخالف تعليمات سعادته الكتابية، فقام بالتصدي لكل محاولاتي للوصول إلى سيادته سعياً وراء استعادة حقي المسلوب. بردت قهوتي وأنا أنتظر موظفة استقبال المستشفى لتلبي طلبي عندما تنتهي من أحاديثها مع زميلتها عن العشاء الذي تنوي إعداده، لأنني عندما قلت لها: لوسمحتِ.. رمقتني بنظرة عدائية جانبية قبل أن تتابع حديثها "الأهم من صحتي" وكأنها لم ترَني واقفة. بردت قهوتي وعيناي تتأملان التعميم الذي قام به صاحب قرار، فأزال المدير الفعال ليضع مكانه آخر عديم الخبرة في مؤسسة بهذا الحجم لمجرد أن قريبه من طرف.... بردت قهوتي وأنا أتفكر في أول قرار أصدره صاحب منصب مرموق بعد توليه لهذا المنصب، حيث جعل من فلان مديراً لإدارة بعد أن كان مجرد موظف غير ملتزم، لا لشيء، ولكن!!! لكفاءته المعهودة في إحضار ساندويتشات الفول والفلافل له قبل أن ترقيه إلى المنصب "المرموق"! بردت قهوتي... فبردت القهوة!
1438
| 22 أبريل 2022
اليوم: الإثنين. التاريخ: 23/06/2014 الساعة: 9 الوقت: صباحاً. منذ 7 سنوات تبدو طويلة جداً كان ذلك الاتصال البشع: "سارة تعرضت لحادث سيارة" الهواتف ترن متتابعة كصباح كل يوم عمل، لكن هاتف صديقتي امتلك رنته الخاصة لتقول باستغراب: - إيمان أخت سارة، غريبة لماذا تتصل علي!!! كم كانت مكالمة غريبة، كم كانت مكالمة بشعة ومريرة! كان شحوب وجه صديقتي عن ألف كلمة "سارة الكعبي سوت حادث". - حادث بسيط يارب. وتتكرر هذه الجملة في رأسي طوال الطريق، فـ " سارة " تلك ليست أي إنسانة، بل هي مخلوق جميل ذكي، قادر على تحمل المسؤولية ويستحيل أن تتسبب بأي حادث.. يا الله!! كيف تصبح الدقائق طويلة، والطريق لا ينتهي عندما تريد اللحاق بشخص يقبع بين جدران المستشفى، وكأنما لحظات الوقت قد اتحدت لتقف ضدك فيصبح الوقت فجأة... بلا نهاية! قبل الحادث بسويعات كنا على الهاتف الذي أشعلته "سارتنا" بالضحك.. بالحيوية.. بالنشاط نتشاجر، نضحك، نتحدث ونعود لنتشاجر، كانت ليلة حافلة امتدت بنا إلى ما بعد منتصف الليل حتى وصل بها الأمر إلى أن تهددنا: - أقسم أن أريكن غداً صباحاً ومن ثم سأذهب، لأنني إجازة وسأغادركن وأختفي لمدة طويييييلة جداً وستفتقدونني.. سترون!! وكأن ملَكاً مر حينها ليقول "اللهم آمين يا رب". كيف أننا ما زلنا في الطريق، الثواني تجري والطريق لا يمضي، كيف أنه بهذا الطول؟!!.. غريبة كيف تتوقف عقارب الساعة عن الحركة عندما تريدها أن تمضي!! وكأن يد الزمن أحكمت بقبضتها على تلك الدقائق لتحتضر وهي تتنقل بين الثانية والأخرى بزحف مميت.. وجدنا شقيقتها تبكي بحرقة في الطوارئ، شعرت بتلك الغمة التي تقتل القلب ببطء، لكنني ما زلت أعلق ذلك الأمل "مؤكد تخضع لبعض الفحوصات وستكون بخير". عندما يكون الحادث لشخص لا نعرفه ينكسر قلبنا حزناً ونردد "يا حرام مسكين استودعناه الله وليطل الله بعمره لذويه ومن يحبه". لكن عندما يكون الشخص قريباً لنا فكم هي موجعة تلك الكلمات ولا نستطيع حتى أن نتخيلها. طال الانتظار، وفُتح الباب أخيراً ليخرج منه سرير المستشفى الذي أصبح فجأة مرعباً وهو يمر من خلالنا، وجسدها هناك مسجى لا حول لها ولا قوة.. فعلاً إنها (سارة الكعبي) !! ولكنها.. ليست "سارتنا".. ذلك الجسد ينقصه شيء.. ينقصه المرح.. الحياة.. الضحكة الجميلة.. ذلك جسد بلا (سارة) !! كانت كراسي الانتظار هي ملاذ من وقع فينا، كانت حوائط المستشفى هي سند من ألقى بنفسه عليها.. أين.. أين سارة؟!! لا أعرف كيف للمرء أن يفقد السيطرة على دمعه، لينسكب في خيوط متتالية بلا حول منا ولا قوة.. ذهول.. دهشة.. فاجعة.. صمت.. العديد من المشاعر المختلطة التي ألجمت اللسان.. لسان جميع من وقف وشهد ذلك السرير يتحرك مبتعداً بين حشود الناس المرتدية للون الأبيض، ما بين أطباء وممرضات.. ونقف نحن على جانبي الممر يكتسحنا السواد.. سواد عباءتنا التي نرتديها، وسواد الفاجعة التي اكتسحت قلوبنا.. وكان ذلك اليوم هو آخر عهدنا بتلك الشعلة النابضة، والتي انطفأت بسبب حادث سيارة.. تركتنا سارة إلى عالمها الآخر، مخلفة وراءها فيضاً من الذكريات الجميلة الرقيقة.. مخلفة وراءها طفلة بريئة، وعائلة تستجدي رحمة الخالق ليعيدها إليهم.. فاللهم اشفها شفاءً لا يغادر سقماً.
4010
| 26 يوليو 2021
تصلبت يده فوق مقبض الباب ولم يتمكن من تحريك قدميه وقد اعترته موجة غضب عارمة وهو يهتف: -هل رأيتِ وجهها قبل أن تخطبيها؟ لم تكن الصدمة من نصيب والدته فحسب بل كذلك عروسه التي تحول خجلها فجأة لطعنة وهي ترفع رأسها محدقة بالرجل المتخشب أمامها. تحجرت دموعها وهي ترى والدته تحاول إسكاته مُحرجة. أي عبقري هذا الذي يرفض الرؤية الشرعية في زمننا؟ ألم تسمع تلك عن عمليات التجميل؟. ضاعت محاولات والدته في تهدئته عبثاً، لقد كانت أفضل الفتيات تتمناه ووالدته ورطته مع"تلك". ** لم يكلف نفسه عناء اصطناع رحلة شهر عسل وهمية أمام الناس فعاد لحياته كأعزب لتصبح هي مجرد عبء إضافي تقتص من راتبه بحكم الشرع الذي يلزمه بالنفقة فهو لا يطيق لها كلمة ولا يتوانى عن إهانتها أمام الجميع. كما باشرت هي حياتها بأسى، فلن تتمكن من العودة لعائلتها بسبب قيود المجتمع التي ستُدينها بشدة وإن ثبتت براءتها من تهمة الطلاق. (سيصبح أفضل إن التزم بتعليمات الأطباء) لقد كان الحادث الذي تعرض له شديداً فجمد حركته، وعليه أن يبدأ رحلة العلاج الطبيعي. اضطرت للانتقال لغرفته ووافق مجبراً بسبب وضعه وحاجته للاعتناء به على مدار الساعة، أما هي فلقد كانت تبدأ يومها برعايته، تبدل له ملابسه وتنظفه، تداويه وتطعمه، بعد أن أصبح عاجزاً عن الاعتناء بنفسه، وكأنها تعمل على رعاية طفل صغير، أو كهل كبير، بينما كان يصد عنها باشمئزاز يخالطه الاعتراض والتذمر. لم يبالِ حتى بإخفاء كرهه لها.. لقد كانت مسألة وقت قبل أن يصبح قبحها في عينيه جمالاً، إنها ليست بالقبح الذي رآه أول مرة، وهناك سماحة وجهها الخالي من المساحيق، يبدو أن اعتياده على رؤيتها جعلها تبدو كأي فتاة، لكن هي بقيت كما هي منذ ليلة زفافها صامتة.. فهي لا ترفع عيناها عن الأرض أبداً إلا فيما ندر. ومرت الأشهر تباعاً.. وبمرور الوقت تغيرت معاملته لها. (مع قليل من الصبر ستتخلص من هذه العكازات) أضاء وجهه بسعادة وهو ينظر لها ناسباً الفضل إليها وكعادتها كانت تحدق بالأرض. منذ زواجه بها وهو يُقلل من شأنها ومع ذلك لم تُبدِ أي تذمر، يأمرها بالصراخ المغلف بالغضب وكأنها جارية على الرغم من حاجته لها، لكنها أبداً لم تنظر لوجهه إلا يوم نعتها بالقبح في ليلة زفافها. (عرفت الآن كيف رأيتها جميلة!) حدق بوالدته، نعم إنها جميلة بأخلاقها وهنا سر جمال البشر، كان شكلها زائلاً لا محالة وجمالها مهما بلغ له نهاية، ولن يبقى له منها إلا خُلقها، وهذا ما ستؤول إليه أية أنثى مهما أبدعت وهذا ما رآه مؤخراً روحها التي جعلتها أجمل سيدة. فعلاً إن لم تكن الروح جميلة فسيفقد الجمال معناه الحقيقي. (سنبدأ صفحة جديدة) كان وجهها كعادته خالياً من المشاعر لكن الغريب هذه المرة، تحديقها به وبنفس هدوئها انسحبت لتعود بعد لحظات ترتدي عباءتها ويفاجأ بها تقول: - عاملتكَ بالحسنى لأن هذا ما رُبيت عليه وإلى هنا ينتهي دوري كممرضة. نظر إليها مصعوقاً لثوانٍ قبل أن يبتسم، فهي ما زالت غاضبة لكنه لا يتخيل حياته من دونها وتوقف بغتة كمن كاد يرتطم بحائط خفي عندما تابعت: "طلقني"
3130
| 27 يونيو 2021
هرولت مسرعة لتفادي درجة الحرارة المرتفعة في محاولة منها للحاق بمقر عملها الثاني في المبنى المجاور حيث تبدأ يومها وتنهيه بنفس التفاصيل التي تتكرر كل يوم وبنفس الأحداث مع اختلاف اسم اليوم فقط، كفاءتها هي ما قامت بترشيحها للعمل في إدارة أخرى فالعملين يتبعان لنفس الجهة مع اختلاف الإدارات. وما إن وصلت حتى تزاحم ضغط العمل على رأسها كما هي العادة بلا توقف..والغريب أنها لا تملك الوقت لتناول أية وجبة طعام، بل تعتمد في كامل يومها بما فيه من ضغوطات ومجاملات على الطاقة التي تسلبها بالقوة من الوجبة الوحيدة التي تتناولها ليلاً بعد عودتها للمنزل، وقد لا تأكلها أحياناً من شدة التعب والإرهاق، ولا يخلو الأمر من لومها أحياناً على أخطاء لم تقم بها. أضف إلى ذلك ما تعانيه مع عائلتها من تقريع وشجار مستمرين بسبب تأخرها وتفانيها المبالغ فيه للعمل خاصة أنها تعمل بدون مقابل، في حين قد يرفض موظف آخر أن يتأخر دقيقة قبل التأكد من إعتماد تلك الساعات كعمل إضافي يضاف إلى راتبه الشهري. لكن ضميرها يأبى إلا أن تتم عملها على أكمل وجه الأمر الذي ذاع صيتها في مختلف الجهات التي تتعامل معها، وبدأ يسطع نجمها لامعاً مقترناً بالغيرة منها أو فوقية التعامل معها. ولم تعلم أن نجاحها يزيد من قائمة أعدائها للأسف، وذات يوم (اخرجي من المكتب) هتف بها الموظف الشاخص أمامها فظنته يمزح لذا ابتسمت إلا أنه بادرها بغضب عارم أخرجي خارج مكتبي.. بُهتت!!! بل صُعقت!!! فلا يحق لموظف أن يطرد موظفا آخر من مقر العمل مهما كانت صفته الوظيفية فالمكان ملك للدولة وليست جهة خاصة. ومنذ تلك اللحظة سعت جاهدة لرد اعتبارها من الإهانة التي تعرضت لها بوجود العديد من الموظفين، ولكن..العدة كانت قد أعدت لنحرها في الخفاء. وكأن سعيها لدفاعها عن نفسها هي الفرصة السانحة لكثير من المتربصين ممن يخشون تألقها فتكالبت الأيدي لوأد وجودها، وتدريجياً تم استبعادها من كل مراكز القوة والعمل، وكان التهميش هو نصيبها لتعود إلى نقطة الصفر، مقر عملها الأساسي الذي بدأت منه، لتمارس الأعمال الروتينية العادية. وكل جريمتها أنها كانت تريد أن (تحق الحق) لها وللجميع مع إنها لم تكن مُجبرة بحكم القانون على العمل مجاناً فوق ساعات العمل الرسمية بأضعاف الساعات لكنها أجبرت بحكم الواجب والنداء الحي بداخلها ذلك الذي يُطلق عليه اسم (الضمير) ومات في أكثر البشر. وعند أول كارثة تم استدعاؤها لتسخير جهودها المميزة لحل تلك المصيبة وكون ضميرها لا يقبل بأقل من التفاني، وإحلال راتبها الذي من المفترض أنه يعطى لها مقابل جهدها، وجدت نفسها تعود لنفس الدوامة والعمل في مكانين مختلفين حتى انتهى العام المالي. انتهى بتجميد تقييم أدائها حتى إشعار آخر؟! وعند استفسارها عن الأسباب كان الرد أبرد من قطعة ثلج تصلبت في حلق طفل فخنقته تم حرمانك من تقييم الأداء فأنت لا تستحقينه. ومجهوداتي؟!! أنتِ تبرعتِ بها. " لم يطلب أحد منك ذلك."
1830
| 18 أغسطس 2018
أخفى وجهه في قطعة القماش السوداء التي تتوارى بين يديه وقام باستنشاق الهواء عبرها وكأنه يلتقط نفسه الأخير من خلالها. لقد رحلت! بدون سابق إنذار! كانت تطحن الطعام بأناملها لتطعمه. وتتذوق الطعام قبل أن تضعه بين شفتيه، وتتلقفه يداها قبل أن يقع مع أولى خطواته. تتعارك معه لتناول خافض الحرارة، وعلى الرغم من طمأنة الطبيب لها، إلا أنها أبت إلا أن تستلقي بجوار جسده حتى تجس حرارته بيدها وتسارع بإعداد الكمادات، بينما لا يعي سهرها بجواره. كانت المدرسة صعبة عليها فهي أمية، ومع ذلك كانت تجلس بجواره تحدق فيه بحنان وهو يستذكر درسه. وعندما أصبح شاباً بحثت له عن أجمل الفتيات، بل وحملت على عاتقها زفافه الإسطوري. كانت زوجته تهتم بكل شيء إلا هي! فإن جلست معها فهي صامتة. وإن تحدثت إليها فهي غاضبة. وتصاعدت الخلافات فيما بينهما. ألا تعلم تلك الزوجة أنها أخذت رجلاً عاش حياته السابقة بين طيات روحها؟ لقد كان لا يراوح مكانه إلا بعلمها ولكن بعد زواجه، لم يملك الوقت الكافي ليقسمه بينهما، بل أصبح يقتطع بعض اللحظات النادرة ليسلبها بقوة من الزمن، ولكن زوجته تفرض نفسها عليهم، فهي موجودة دائماً..لتقاطع أو تعترض. أليس من حقها أن تغار؟! رفع رأسه محدقاً بقطعة القماش التي كانت والدته تضعها على رأسها، حتى تشربت كل ذرة فيها من رائحتها. هل حقاً أُغلق باب الرحمة في وجهه الآن؟ ألم يعد هناك ما يشفع له ذنوبه في هذه الدار؟ أضاء هاتف صغير على يمينه، يعلن احتضاره بعد أن فرغت بطاريته. (إنها لا تحتاج لهاتف حديث فهي جاهلة) حينها صدقت زوجته، فجهلُ والدته بالهواتف سبب مقنع لشراء هاتف بسيط غايته استقبال المكالمات. كم من المرات شرح لزوجته أنه بقليل من الصبر والمجاملة ستصل إلى صميم قلبها وتملكه ولن تعود هي أم الزوج الشرسة العنيفة. ومن ناحية أخرى الواقع أمرُّ وأقسى عندما جعل الغيرة سمة المرأة الأنثى، المخلوق الرقيق الذي ينقلب إلى وحش كاسر بسبب الغيرة. والدته مثل كل نساء المجرَّة، يحق لها أن تغار على ما تملكه، وهو قبل أن يصبح مخلوقا ذا روح مُلكها..مُلكها منذ الأزل..فهو مُلكها منذ كتب الله الأقدار وقسمها. ( إنها في غيبوبة) رفع رأسه وتعلقت عيناه بشدة بوجه الطبيب أمامه،على أمل أن يلغي عبارته تلك بأخرى مطمئنة، لكن الطبيب غادر تاركاً وراءه سحابة حزن لم تتمكن من إطلاق أمطارها، إنه لا يستطيع التعبير عن ذلك الحزن بدموعه فهو "رجل" الرجل لا يجب أن يبكي. عندما انتقل إلى منزل منفصل مع زوجته، فكأنه ترك خلفه امرأة جبارة تقوى على فراقه، كما تقوى زوجته على ذلك. (شقيقاتك معها) صدقها كذلك وغادر على أمل وأد تلك الخلافات. "لماذا لم تضع نفسها مكان والدته؟" عندما تُخطئ الخادمة فإنها تغضب وتتشاجر معها، فماذا لو زوجت ابنها لامرأة ربيت في بيئة مختلفة عنها وترفض أن ترضخ لقوانينها؟! ألم تكن ستُحارب دفاعاً عن مملكتها؟ عن ابنها وحقوق مُلكيتها فيه تماماً كما فعلت والدته معها وتماماً كما فعلت والدته من قبلها مع جدته! عصر وجهه بقوة داخل القطعة لمنع دموعه مسترجعاً اللحظات الأخيرة، لسبب ما كان الوقت يمر بطيئاً، وبدا له ممر المستشفى طويلاً وكأنه بلا نهاية، ويا لها من نهاية تلك التي أعلنها الطبيب. أنا آسف آسف
2313
| 21 يوليو 2018
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4803
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3528
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2871
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2595
| 21 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1455
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1041
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
963
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
807
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية