رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

سارة ناصر الهاجري

سارة ناصر الهاجري

مساحة إعلانية

مقالات

3130

سارة ناصر الهاجري

( ... إنهـــــا جميلــــة ... )

27 يونيو 2021 , 03:00ص

تصلبت يده فوق مقبض الباب ولم يتمكن من تحريك قدميه وقد اعترته موجة غضب عارمة وهو يهتف:

-هل رأيتِ وجهها قبل أن تخطبيها؟

لم تكن الصدمة من نصيب والدته فحسب بل كذلك عروسه التي تحول خجلها فجأة لطعنة وهي ترفع رأسها محدقة بالرجل المتخشب أمامها.

تحجرت دموعها وهي ترى والدته تحاول إسكاته مُحرجة.

أي عبقري هذا الذي يرفض الرؤية الشرعية في زمننا؟ ألم تسمع تلك عن عمليات التجميل؟.

ضاعت محاولات والدته في تهدئته عبثاً، لقد كانت أفضل الفتيات تتمناه ووالدته ورطته مع"تلك".

                                         **

لم يكلف نفسه عناء اصطناع رحلة شهر عسل وهمية أمام الناس فعاد لحياته كأعزب لتصبح هي مجرد عبء إضافي تقتص من راتبه بحكم الشرع الذي يلزمه بالنفقة فهو لا يطيق لها كلمة ولا يتوانى عن إهانتها أمام الجميع.

كما باشرت هي حياتها بأسى، فلن تتمكن من العودة لعائلتها بسبب قيود المجتمع التي ستُدينها بشدة وإن ثبتت براءتها من تهمة الطلاق.

(سيصبح أفضل إن التزم بتعليمات الأطباء)

لقد كان الحادث الذي تعرض له شديداً فجمد حركته، وعليه أن يبدأ رحلة العلاج الطبيعي.

اضطرت للانتقال لغرفته ووافق مجبراً بسبب وضعه وحاجته للاعتناء به على مدار الساعة، أما هي فلقد كانت تبدأ يومها برعايته، تبدل له ملابسه وتنظفه، تداويه وتطعمه، بعد أن أصبح عاجزاً عن الاعتناء بنفسه، وكأنها تعمل على رعاية طفل صغير، أو كهل كبير، بينما كان يصد عنها باشمئزاز يخالطه الاعتراض والتذمر.

لم يبالِ حتى بإخفاء كرهه لها..

لقد كانت مسألة وقت قبل أن يصبح قبحها في عينيه جمالاً، إنها ليست بالقبح الذي رآه أول مرة، وهناك سماحة وجهها الخالي من المساحيق، يبدو أن اعتياده على رؤيتها جعلها تبدو كأي فتاة، لكن هي بقيت كما هي منذ ليلة زفافها صامتة.. فهي لا ترفع عيناها عن الأرض أبداً إلا فيما ندر.

ومرت الأشهر تباعاً.. وبمرور الوقت تغيرت معاملته لها.

(مع قليل من الصبر ستتخلص من هذه العكازات)

أضاء وجهه بسعادة وهو ينظر لها ناسباً الفضل إليها وكعادتها كانت تحدق بالأرض.

منذ زواجه بها وهو يُقلل من شأنها ومع ذلك لم تُبدِ أي تذمر، يأمرها بالصراخ المغلف بالغضب وكأنها جارية على الرغم من حاجته لها، لكنها أبداً لم تنظر لوجهه إلا يوم نعتها بالقبح في ليلة زفافها.

(عرفت الآن كيف رأيتها جميلة!)

حدق بوالدته، نعم إنها جميلة بأخلاقها وهنا سر جمال البشر، كان شكلها زائلاً لا محالة وجمالها مهما بلغ له نهاية، ولن يبقى له منها إلا خُلقها، وهذا ما ستؤول إليه أية أنثى مهما أبدعت وهذا ما رآه مؤخراً روحها التي جعلتها أجمل سيدة.

فعلاً إن لم تكن الروح جميلة فسيفقد الجمال معناه الحقيقي.

(سنبدأ صفحة جديدة)

كان وجهها كعادته خالياً من المشاعر لكن الغريب هذه المرة، تحديقها به وبنفس هدوئها انسحبت لتعود بعد لحظات ترتدي عباءتها ويفاجأ بها تقول:

- عاملتكَ بالحسنى لأن هذا ما رُبيت عليه وإلى هنا ينتهي دوري كممرضة.

نظر إليها مصعوقاً لثوانٍ قبل أن يبتسم، فهي ما زالت غاضبة لكنه لا يتخيل حياته من دونها وتوقف بغتة كمن كاد يرتطم بحائط خفي عندما تابعت:

"طلقني"

مساحة إعلانية