رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المترجم مسموح له استخدام الكثير من الوسائل المساعدة، بل وينصح له أن يستخدمها، مثل القواميس من اللغة المنقول عنها إلى اللغة المنقول إليها والعكس، وكذلك قواميس اللغة المنقول منها (مثال: إنجليزي-إنجليزي) وقواميس أو معاجم اللغة المنقول إليها (مثل لسان العرب وغيرها في حال اللغة العربية)، والموسوعات لكي يقف على الكثير من المعاني التي قد تستشكل عليه، وكذلك كتب اللغة مثل معاجم المترادفات وغيرها مثل فقه اللغة للثعالبي، ومعاجم الأمثال ومعاجم التعبيرات. وهنا يكون عمل المترجم كعمل الباحث سواء بسواء، لأن النقل من لغة إلى لغة يستدعي نقل الكثير من الأبعاد، مثل البعد اللغوي والبعد الجغرافي والبعد الزمني وغيرها، وكل بعد من هذه الأبعاد يزيد من تعقيد عملية تفكيك المعاني من اللغة المنقول عنها ومن ثمّ إعادة تركيبها في اللغة المنقول إليها بشكل سليم وبلغة تخلو من الركاكة مع الالتزام قدر الإمكان بالأمانة في النقل والتسديد والمقاربة بينها وبين النقل بشكل جمالي لا يخلّ باللغة المنقول إليها. كل هذه الوسائل متاحة بشكل رقميّ مع التسارع الرهيب في العلم والمعرفة والأرشفة، فإذا استخدم المترجم هذه الوسائل بصيغة بي دي إف، فلا أرى عيبًا في ذلك. وهنا يطرح سؤال ملحّ نفسه، إلا وهو: ماذا لو استخدمنا الوسائل نفسها ولكن باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ ميزة الذكاء الاصطناعي تكمن في مقدرته على تكييف المادّة والتعديل عليها، وليس جامدًا مثل المراجع الممسوحة. هل يُعتبر المترجم في هذه الحالة أنّه يفقد شيئًا من سلطته على عملية الترجمة والبحث؟ وهل هذه الميزة المضافة تنتقص من جهد المترجم؟ في نظري أنّها لا تنتقص من جهده وتعبه إذا ما استخدمها من باب الاستدلال والاسترشاد على أن يقبل بها إن كانت سديدة وأن يرفضها، أو يعدّل عليها، كما يرى مناسبًا، إن كانت خاطئة. إن التعامل مع الذكاء الاصطناعي مقسوم إلى ثلاثة فساطيط بألوان ثلاثة، ففسطاط أبيض يقوم المترجم فيه باستخدام كافّة المصادر المتاحة منذ الأزل ونظائرها الرقمية وأمثالها في الذكاء الاصطناعي، كأن يسأل: ما معنى كلمة الغراماطيق؟ أو متى وُلِد شارل ديغول؟ أو ما رأيك في ترجمة كلمة nod، أهي إيماءة أم لفتة؟ والفرق هنا يكمن في أن الذكاء الاصطناعي قادر على الإجابة، سواءً كانت صحيحة أو خاطئة، في أجزاء صغيرة من الثانية، في حين أن قاموس المورد لمنير البعلبكي أو دائرة المعارف البريطانية المشهورة باسم البريتانيكا قد تستغرق من المترجم جزءًا كبيرًا من أصيل يومه للوقوف على إجابة لهذا السؤال أو ذاك. وفسطاط أسود يقوم المترجم فيه بتحميل مادة الترجمة عند الذكاء الاصطناعي ثم يعطيه الأمر بأن يترجم المادّة كلّها لكي يجدها بين غمضة عين وانتباهتها مترجمة بلسان عربي شبه مبين. ومن ثمّ يسلّم الناتج إلى دور النشر دون مراجعة. هنا ينتقل المترجم من خانة الاستعانة إلى خانة الاتّكال والتواكل. وهذا الفسطاط لا يختلف اثنان على خلوّ صاحبه من الأمانة الأدبية في النقل والعمل. وأمّا الفسطاط الأخير ففسطاط رماديّ يجمع بين الفسطاطين السابقين. فمثلاً يحمّل المترجم المادّة بالإنجليزية ليحصل على مادّة مترجمة عربيّة. هذه المادّة المترجمة لن تخلو عيوب سآتي على ذكرها في فقرة آتية. بعد هذه النقطة يقوم المترجِم بقراءة الناتج المترجَم قراءة دقيقة ويقابل الكلمات والمعاني كلمة كلمة ومعنى معنى، ويضيف إليها بحثًا مكثّفًا على المعاني الخافية والدلالات الثقافية والمكانية والزمانية اللازمة ليستقيم المعنى حرفيًّا ومعنويًّا وروحيًّا (من روح النص) وفهميًّا. هل يعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة خيانة للأمانة التي في عنق المترجم؟ وأرى أن الفسطاطين الأبيض والرمادي مقبولان إذا كانت المهمة الرئيسة تقع على عاتق المترجم وإذا كان تخليق المادّة من الذكاء الاصطناعي بنسبة لا تتجاوز 20%، وهذا مقياس موجود وثمّة الكثير من البرامج التي تعمل على قياسه. ومن مزايا الذكاء الاصطناعي، اختصار الوقت والقدرة على معالجة كميات كبيرة من المعرفة في أزمان قصيرة، وفي حالة النصوص التي لا تتطلّب ترجمة احترافية فيمكن الاستعانة به لتخفيض الكلفة، وهو متاح على مدار الساعة بأسعار منخفضة وحتى بالمجّان. أما عيوبه فتكمن في عدم فهم السياق والمؤشرات الثقافية ولا سيما في الأعمال الأدبية الكلاسيكية، إضافة إلى ما يسمى بالهلوسة إذ يدخل الذكاء الاصطناعي في حالة هذيان ويأتي بما لم ينزل به الله من سلطان من معلومات مغلوطة ومصادر وهمية لا وجود لها. وزد على ذلك أن أسلوب الذكاء الاصطناعي جاف ناشف يخلو من اللمحة الإنسانية التي تفرّق بين كاتب وكاتب، وهذه العيوب غيض من فيض في مساوئ الذكاء الاصطناعي التي توجب على مستخدمه التدقيق الشديد للخروج بعمل أدبي مناسب.
615
| 17 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...
12807
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...
2463
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...
1770
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...
1350
| 18 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...
1152
| 20 نوفمبر 2025
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...
1134
| 18 نوفمبر 2025
كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...
960
| 20 نوفمبر 2025
في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...
909
| 20 نوفمبر 2025
الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...
894
| 16 نوفمبر 2025
نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...
804
| 18 نوفمبر 2025
يُعد البيتومين (Bitumen) المكون الأساس في صناعة الأسفلت...
690
| 17 نوفمبر 2025
أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...
645
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية