رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الجدالات التي تسرق أعمارنا

منذ عشر سنوات، كنت أدخل النقاشات كما يدخل أحدهم في معركة مصيرية. جلسة عائلية تبدأ بسؤال عابر عن خبر في الجريدة، أو لقاء مهني ينحرف فجأة إلى جدل عن الدين أو السياسة أو كرة القدم. الكل يرفع صوته، الكل متأكد أن الحقيقة تعيش عنده وحده، وكأن إقناع الطرف الآخر سيغيّر وجه الأرض. كنت أخرج من تلك الجلسات كما دخلت: برأيي نفسه. لكنني أعود مثقلة بتوتر داخلي، وصداع مجاني، وشعور غامض أن شيئًا ما قد انكسر بداخلي. وقتها كنت أظن أنني “دافعت عن الحقيقة”. لكن مع الوقت اكتشفت أنني لم أكن أدافع إلا عن غرور صغير في داخلي لا يحتمل أن يخسر. الحقيقة الوحيدة أنني كنت أُهدر وقتي… والوقت ليس ورقة في دفتر المواعيد، بل هو عمري نفسه، إن ذهب فلن يعود. مع العمر تفهم أن النقاشات العقيمة ليست معارك فكرية ولا فرصًا للوعي، بل هي ببساطة طواحين هواء. تصرخ، تلوّح بيديك، تستشهد بأمثلة… وفي النهاية تكتشف أنك تركض في المكان نفسه. كل ذلك الجهد لا يضيف شيئًا سوى استنزاف مشاعرك ووقتك. ثم تأتي لحظة الإدراك الأوضح: لا أحد أصلًا يملك الحقيقة كاملة. كل ما نملكه مجرد شظايا نراها من زوايانا الخاصة. ثقافتك، قيمك، تربيتك، تجاربك… كلها تلوّن نظرتك. ما يبدو لي بديهيًا قد يراه غيري عبثًا، وما يراه الآخر يقينًا قد لا يتجاوز عندي رأيًا شخصيًا. الحقيقة تشبه لوحة ضخمة، كل واحد يراها من نافذة ضيقة، ولهذا نادرًا ما يقتنع أحدنا برأي الآخر. فنحن لا نتجادل عن “الحقيقة”، بل عن “نسختنا الخاصة” منها. وأحيانًا يأخذ الحوار شكلاً أقسى، حين يتحول من مجرد اختلاف رأي إلى تجريح في الدين أو الثقافة. عندها لا يعود الأمر مجرد جدل، بل كلمات ثقيلة تترك أثرًا طويلًا. ومع ذلك، يبقى القرار بين يديك: أن ترد وتشرح إذا شعرت أن الآخر صادق ويريد أن يفهم، أو أن تصمت إذا كان يريد فقط أن يجرّك إلى معركة خاسرة غايتها الاستفزاز لا الحقيقة. ومع السنوات، تعلمت أن النضج لا يعني أن تنتصر في النقاشات، بل أن تختار منذ البداية أيها لا يستحق أن تخوضه أصلًا. أن تبتسم بدلًا من أن تنفعل. أن تغيّر الحديث قبل أن يتعقّد. أن تترك الكلمة تمرّ كأنك لم تسمعها. ليس ضعفًا، بل ذكاء يهمس لك: «سلامك الداخلي أثمن من أي بطولة كلامية». اليوم أعرف أن الحياة أقصر من أن نبددها في «مناظرات» لا نتيجة لها. أن العلاقات أغلى من أن تُكسَر بسبب فكرة عابرة، وأن الوقت أثمن من أن يُستنزف في محاولة إقناع إنسان يرى الحقيقة من نافذته وحده. لذلك أسأل نفسي دائمًا قبل أن أفتح فمي: هل يستحق هذا النقاش أن أُعطيه دقيقة من عمري؟ أم الأفضل أن أتركه يتبخر في الهواء، وأمضي لأعيش ما تبقى من وقتي بسلام؟

183

| 17 أكتوبر 2025

جبل القرود في بيئة العمل.. دروس في القيادة

في كل بيئة عمل، هناك قصص صغيرة تتكرر: موظف يطلب منك المساعدة في مهمة، زميل يترك لك مسؤولية متابعة أمر ما، أو فريق ينتظر منك أن تحلّ مشكلاتهم بدلًا عنهم. وفي لحظة غير واعية، تجد نفسك تحمل على كتفيك «قرودًا» لم تكن من حصتك أصلًا. هذه القرود ليست حقيقية بالطبع، بل استعارة قدّمها الباحثان ويليام أونكن جونيور ودونالد واس في مقالة شهيرة نُشرت في هارفارد بزنس ريفيو قبل عقود. شبّها المشكلات والمهام بالقرود، وحذّرا القادة والمديرين من عادة تسلّق هذه القرود على أكتافهم. فالمدير الذي يستجيب بسرعة لكل طلب، أو يقبل أن يتابع كل صغيرة وكبيرة بنفسه، يجد نفسه محاصرًا بجبل من القرود التي لم يطلبها ولم يخطط لها. أتذكر بوضوح أيامي الأولى حين عملت منسقة في إحدى المدارس. بحماس البدايات، كنت أظن أن النجاح يعني أن أساعد الجميع، وأن أتأكد أن كل شيء يسير بلا أخطاء. فإذا سلّمني أحدهم مهمة ناقصة، أتممها عنه. وإذا كتب تقريرًا مرتبكًا، أراجعه وأعيد صياغته من جديد. لم يكن الأمر مجرّد تعاون، بل كان شعورًا خفيًا أنني لو لم أفعل ذلك سينهار العمل. ومع مرور الأيام، وجدت نفسي غارقة تحت أكوام من المهام الصغيرة والكبيرة. كل «قرد» تركه زميل في بريده الإلكتروني كان يقفز إلى صندوق الوارد عندي، ثم يستقر على كتفي، يمنعني من التنفس. كنت أصل إلى نهاية اليوم مُرهقة، لا لأنني أنجزت ما يخصني، بل لأنني أنجزت ما يخص الجميع. وحين كنت أسأل نفسي: لماذا لا أفوّض؟ لماذا لا أعلّم غيري بدلًا من أن أعدل وراءه؟ كانت الإجابة واحدة: لم أرد أن أصطدم بأحد. كنت أخاف أن يظنوا أنني قاسية أو أنني لا أتعاون. فقبلت كل شيء بصمت. لكن الثمن كان باهظًا: ثقل على كتفي، إرهاق يزداد، وفريق لم يتعلّم كيف يتحمل مسؤولياته. الذين يحملون «قرود» الآخرين قد يُنظر إليهم في البداية كأشخاص لطفاء، قادة داعمين، وزملاء متعاونين. لكن الحقيقة المؤلمة أن هذا السلوك يضر الجميع: القائد يتآكل وقته وجهده في التفاصيل بدل أن يتفرغ للرؤية الأكبر، والموظفون يفقدون فرصة التعلم والنمو، لأن كل خطأ يُصحَّح عنهم، وكل تقصير يُغطّى عليهم، والفريق ككل يعتاد ثقافة الاعتماد على الآخر بدلًا من ثقافة المسؤولية المشتركة. وبينما يظن القائد أنه «يخدم» فريقه، يكون في الحقيقة قد أفسد التوازن: جعل نفسه مستنزفًا، وجعل الآخرين متكئين. ومع مرور الوقت، بدأت ألاحظ أن المشكلة لم تكن في حجم العمل نفسه، بل في طريقتي في التعامل معه. لم يكن الأمر يتطلب مزيدًا من الجهد، بل مزيدًا من الوعي. كان عليَّ أن أتعلم كيف أعيد كل قرد إلى صاحبه، وكيف أضع حدودًا واضحة دون أن أشعر أنني أقل تعاونًا أو أنني «أخذل» أحدًا. فصرت أدرّب نفسي على التمييز بين ما هو فعليًا من دوري وما تسلّل إليَّ من مهام الآخرين. وحين يصلني إيميل من أحد الزملاء يتوقع أن أتكفل بمهمته، كنت أبتسم وأرد: «أثق أنك تستطيع إنهاء هذا، دعني أعرف فقط إن احتجت دعمًا». شيئًا فشيئًا، أدركت أن تقديم الإرشاد أعمق أثرًا من القيام بالمهمة بدلًا من صاحبها، وأن الفريق ينمو حقًا عندما يتعلم كل فرد أن يرعى قرده بنفسه بدل أن يُسقطه على الآخرين. تعلّمت أن القائد الحقيقي ليس من يحمل كل شيء على كتفيه، بل من يعرف متى يقول: «هذه مهمتك أنت، وأنا هنا لأدعمك لا لأقوم بها عنك». أدركت أن رفضي للتصادم لم يكن رحمة، بل كان عائقًا يمنع الآخرين من التطور. وأن خوفي من كلمة «لا» جعلني أظلم نفسي وفريقي في آن واحد. ومع الوقت اكتشفت أن التفويض ليس ضعفًا ولا تهرّبًا، بل هو تدريب حيّ على القيادة. أن أعطي المهمة لزميل مع معايير واضحة وجدول زمني، ثم أتابعها دون أن أستحوذ عليها، هو فعل قيادة أعظم من إنجاز المهمة بنفسي. القيادة الحقيقية لا تُقاس بعدد القرود التي تحملها على ظهرك، بل بقدرتك على أن تبقي القرود حيث تنتمي: على أكتاف أصحابها. ومن هنا يولد الفرق بين قائد غارق في التفاصيل لا يجد وقتًا للتفكير، وقائد يحرّر نفسه ليقود المستقبل. في النهاية، نحن لا نحتاج إلى قادة أبطال ينهكون أنفسهم، بل إلى قادة أذكياء يعرفون أن أعظم خدمة يقدمونها لفريقهم هي أن يثقوا بهم، ويدربوهم على تحمّل المسؤولية. فالقرد إذا حمله كل فرد عن نفسه، صار الطريق أخفّ وأوسع للجميع. واليوم، حين أعود بذاكرتي إلى تلك المرحلة، لا أرى جبل القرود بقدر ما أرى نفسي وأنا أتعلم أثمن درس في القيادة: أن تكون قائدًا لا يعني أن تُرهق كتفيك، بل أن تُحررها لتبني مستقبلًا مع فريقك، لا بدلًا عنه.

417

| 29 أغسطس 2025

حين يصبح الذنب قيدًا من حرير

أكثر الجمل التي تؤلمك… ليست تلك التي تُقال بغضب، بل التي تأتيك بهدوء، في لحظة غير متوقعة، وبنبرة تُشبه العتب: «أنت تغيّرت.» جملة قصيرة، عابرة، لكنك تسمعها كأنها اتهامٌ … فتبدأ بمراجعة نفسك: هل كنت قاسيًا؟ هل جرحت مشاعره؟ هل أسأت من حيث لا أدري؟ وفجأة، تجد نفسك تعتذر. لا لأنك متأكد من خطئك، بل لأن الشعور بالذنب بدأ يتسلل إليك… نحن لا نتنازل في العلاقات القريبة لأننا ضعفاء، نتنازل لأننا نُحب، ثم نستمر لأننا نخاف، ثم نصمت… لأننا لا نعرف كيف نقول «لا» دون أن نبدو أنانيين، نتنازل خشية من كلمات بسيطة تُقال بحزن: «ما عدت تهتم.» «صرت تفكر في نفسك أكثر منّا.» كلمات لا تُقال بنبرة عالية، لكنها توجعك، وتُربكك وأنت تحاول أن تثبت لهم أنك كما كنت… وربما أكثر. وهكذا، دون أن تشعر، تدخل في لعبة خفية لا تُرى، ولا تُسمّى، لكنها تستنزفك من الداخل، تلك اللعبة اسمها: الابتزاز العاطفي. أحيانًا لا يكون ما تعيشه واضحًا… لا إساءة واضحة، ولا خطأ يُمكن تسميته، فقط ضباب يُربكك، ويُشوّش عليك صوتك الداخلي، ويجعل قراراتك رمادية، تشعر بالخوف من ردّ فعلهم، وبالواجب أن تُرضيهم دائمًا، وبالذنب لأنك لم تكن كما يريدون — حتى لو لم تُخطئ. تسميه سوزان فورورد «الضباب العاطفي» ذاك الشعور المُربك الذي لا تفهمه تمامًا، لكنه يُثقلك بمزيج من الخوف، والواجب، والذنب… ثلاثة مشاعر تختلط فيك حتى تفقد البوصلة، وتبدأ في قول «نعم»، بينما داخلك يهمس: «لا». والمؤلم أن هذا الضباب لا يأتيك من غريب، بل من أقرب الناس إليك؛ من وجوه تحبها، وتخشى أن تجرحها بكلمة أو رفض، قد يكون شريك حياتك، أحد والديك، أو حتى ابنك. ومع كل محاولة لاختيار ما يُناسبك، يتبدّل شكل العلاقة …لا صراخ، لا لوم مباشر، بل شيء في النظرات… في النبرة… في المسافة التي باتت تُبعدك عنه. في بعض المرات، لا يقول لك «افعل»، بل يربط محبته بطاعتك: «إذا هيك رح تعمل… انساني.» وكأنك إن اخترت نفسك، فإنك تخسرهم، وكأن محبتهم مكافأة مشروطة. وفي مرات أخرى، لا يصرخون… بل ينهارون، ينخفض الرأس، يتنهّد أحدهم، ويقول بصوت مكسور: «براحتك… بس أنا فعلًا ما بقدر أتحمّل.» فتجد نفسك تُذعن، لا عن اقتناع، بل لأنك تخشى أن تكون السبب في ألمه. وأحيانًا، لا يُقال لك شيء صريح، لكن العتاب يأتيك بنظرة، أو بجملة تُقال بخفوت: «كنت مفكّرك غير عن الكل… حتى إنت؟» فتغرق في الشعور بالذنب… فقط لأنك لم تفعل ما يُرضيهم. وإن حاولت الصمود، يأتيك الوعد: «ساعدني هالمرة… وبعدها كل شي بيتغيّر.» فتمنحهم فرصة جديدة، ثم تعود إلى النقطة ذاتها… بخيبة أعمق، وصوت داخلي أكثر إنهاكًا. لا أحد منهم يصرخ، لا أحد يُجبرك صراحة، لكن كل ما فيك يبدأ بالإذعان...حتى يبدو التنازل هو الخيار الوحيد. لكن كيف تخرج من هذا دون أن تصبح قاسيًا؟ الخلاص لا يأتي من المواجهة الحادة، بل يبدأ حين تفتح عينيك على الحقيقة: أن راحتك… ليست أنانية، وأن احترامك لنفسك… ليس قسوة، وأنك لست مسؤولًا عن شعور كل من حولك، بل فقط عن توازنك… وسلامك الداخلي. لكن معرفة الحقيقة لا تكفي. أن تُدرك شيئًا… لا يعني أنك تعرف كيف تتصرّف حياله، لهذا، حين يُربكك الموقف القادم، حاول أن تبدأ من هنا: أن تتوقف، ولا تُسارع بالموافقة، قل بهدوء: «خليني أفكر…» واجلس مع نفسك ثم اسألها بصوت منخفض: «هل أنا فعلاً أريد هذا؟ أم أنني فقط خائف؟ أخشى أن يُغضبهم رفضي؟ أخشى أن أبدو أنانيًا؟» وإن عرفت الجواب… فقل ما تشعر به دون اعتذار زائد، ودون محاولة لإرضاء الجميع، ببساطة ولطف وثقة: «أنا مقدّر مشاعرك… بس هذا القرار اللي يناسبني.» كلام بسيط، لكن في داخله إعلان واضح: أنك بدأت تعود إلى نفسك، وتمنحها ما تستحق… دون أن تعتذر عن ذلك. الذنب شعور نبيل… حين يكون ضميرًا يوجّهك، أما حين يتحوّل إلى أداة يُدير بها الآخرون اختياراتك، فهو قيدٌ ناعم… يخنقك بهدوء. لا تقبل أن تكون طوال الوقت في امتحان: إما أن تُرضيهم… أو تُتّهم بأنك أناني. من يُحبك حقًا، لن يُربكك، لن يضعك في امتحان دائم، ولن يجعلك تختار بينه… وبين نفسك.

474

| 15 أغسطس 2025

وجوه مألوفة.. تسرق سلامك النفسي

ليس من الضروري أن يُوجّه إليك أحدهم كلمة قاسية لتشعر بالتعب. أحيانًا، يكفي وجود شخص بعينه في حياتك لتبدأ طاقتك بالتناقص دون سبب واضح، قد تلتقي به في العمل، أو بين الأصدقاء، أو حتى داخل العائلة، لا يُظهر عداءً صريحًا دائمًا، كل تواصل معه يجعلك تشعر وكأنك تمشي في غرفة مُظلمة لا تعرف متى تتعثر. تحاول أن تكون متفهمًا، مرنًا، صبورًا… لكنك في نهاية كل لقاء، تخرج مشوشًا، متوترًا، وفي داخلك شعور غامض بأن هناك خطبًا ما. المتخصص النفسي والمحامي الأمريكي «بيل إيدي» أطلق على هذا النوع من الناس اسم: الشخصيات عالية الصراع. هم أشخاص يُديرون علاقاتهم بطريقة تُربك، وتُتعب، وتُرهق من حولهم، حتى دون وعي منهم أحيانًا. قد يكونون زملاء عمل، شركاء مشاريع، أصدقاء مقربين، أو حتى أقرباء. والمفارقة أنهم يأتونك بأقنعة مألوفة، يصعب تصنيفها، لكنهم يتركون في داخلك أثرًا لا يُنسى… من التعب. ستجدهم حولك، بأشكال متعددة في المنزل، والعمل، والمجتمع … وهذه أبرز ملامحهم: 1. المتقلّب المزاج: يُحبك اليوم… ويُشكك فيك غدًا، تبدأ العلاقة معه بدفء واهتمام، ثم فجأة يتحول إلى شخص جاف، غاضب، أو منسحب دون تفسير، تعاملك معه يجعلك تُشكّك في نفسك أكثر مما تُشكّك فيه. وإن تجاوزت مزاجية الشخص المتقلّب، ستصادف من يرى نفسه محور الكون. 2. النرجسي: يتحدث عن إنجازاته بلا توقف، ويبحث دائمًا عن الانتباه والمديح، أي نقد ولو كان لطيفًا يُفسّره على أنه هجوم شخصي. في العمل، يحتكر الأضواء، وفي العلاقات، يتجاهل حاجاتك، ويرى نفسه فوق المساءلة. وما أن تبتعد عن هالة النرجسي، حتى تصطدم بمن يُتقن فن التلاعب دون أن يرفع صوته. 3. العدواني المقنّع: يوهمك أنه متعاون وداعم، لكنه يتأخر عن مواعيد مهمة، أو يتجاهل تعليمات واضحة، ثم يقول بابتسامة هادئة: ‹كنت فاهمها بطريقة مختلفة.›… وكأن الخطأ خطأك أنت. وبعد هذا العداء، ستواجه من يشكّك في نواياك من الأساس. 4. الشكاك المراقب: يُشكك في كل كلمة، ويفسر أبسط تصرف بأنه إشارة خفية، تشعر معه وكأنك في محكمة… عليك أن تُثبت براءتك في كل مرة، رغم أنك لم تُتهم رسميًا. وإن كنت تبحث عن هدوءٍ بعد كل هذا، فقد تصادف من يجعل كل لحظة بسيطة… مسرحًا مفتوحًا للدراما. 5. الدرامي العاطفي: يضخّم كل حدث… ويحول كل اختلاف إلى مأساة، كل تفصيلة تُصبح قضية، كل خلاف صغير يتحول إلى رواية طويلة فيها دموع، وتفسيرات، وشعور دائم بأنه «ضحية العالم». توقف قليلا... هل مرّ في بالك أحدهم وأنت تقرأ؟ هل وجدت نفسك في دائرة استنزاف متكررة مع أحد هذه الأنماط؟ ربما حان الوقت لتسأل نفسك بصدق: • من الشخص الذي تُرهقك علاقته أكثر مما تُسعدك؟ • هل تمنحه من وقتك وطاقة تفكيرك أكثر مما تستحق العلاقة؟ والحل ليس أن تقطع علاقاتك بالجميع، ولا أن تُرضي الكل على حساب نفسك، بل أن تتصرف بوعي: ✔️ حدّد ما يُتعبك بدقة. ✔️ لا تُسرف في التبرير والتفسير. ✔️ لا تدخل في جدالات لا نهاية لها. ✔️ تجنّب التوقع المستمر بأن يتغيروا. ✔️ وإذا احتجت أن تنسحب، فافعل ذلك بلطف… لكن بثبات. وأخيرًا… في عالم مزدحم بالمطالب، ومليء بالضغوط الخفية… سلامك الداخلي ليس رفاهية، ولا امتيازًا نادرًا… إنه حقك ومسؤوليتك، فلا تُساوم عليه، اختر العلاقات التي تطمئن فيها لا التي تُرهقك. ضع حدودك بوعي، واحمِ نفسك… وكفى.

261

| 01 أغسطس 2025

حين يصبح التوقف هو أعظم إنجاز

حين يصبح التوقّف هو أعظم إنجاز بقلم: كوتش ميسون أبو حمَدة في لحظة هادئة وسط زحام المهام، وجدتني أبكي دون سبب واضح. لا أحد جرحني، ولا شيء خارجي انهار. لكنني شعرت فجأة أنني كنت أركض طوال الوقت، ونسيت أن أعيش. كنت أظن أن الإنجاز يعني أنني بخير، طالما أن كل شيء يتم، والكل راضٍ، فلا داعي للشكوى. لكن الحقيقة؟ كنت أُخفي تعبًا لا تراه الفحوصات، وأهرب من سؤال ثقيل: «أين أنا وسط هذا الركض المستمر؟» نحن نتحدث كثيرًا عن الإرهاق والتوازن، لكننا نادراً ما نعترف أن أخطر ما في الإرهاق أنك تتأقلم معه. وفي لحظة ما، أدركت أنني لا أريد أن أستمر بهذه الطريقة. لم أبحث عن خطط مثالية، بل عن خطوات صادقة، أُمارس فيها الحياة ببطء… لا لأنني وصلت، بل لأني لم أعد أحتمل. وهنا… أشاركك ما بدأ يُحدث فرقًا في حياتي : 1.لا تبدأ صباحك بالهاتف أعرف أنك تقول: هناك أمور مستعجلة، رسائل، عمل، مواعيد... لكن جرّب - فقط ليومٍ واحد - أن تبدأ يومك دون هاتف. افتح عينيك بهدوء، خذ نفسًا عميقًا، تمشَّ في بيتك، اشرب قهوتك ببطء. دع أول ساعةٍ في يومك تكون لك، لا لأحد غيرك. 2.توقّف بعد الإنجاز... نحن نُنجز، ثم نُكمل كأن شيئًا لم يكن. لا نحتفل، لا نقول لأنفسنا: «أحسنت» ابدأ بعادة صغيرة: حين تُنهي شيئًا، اجلس دقيقة واحدة تقول فيها لنفسك: «أنا سعيد، وأرى جهدي» 3.غيّر معنى النجاح في داخلك هل النجاح يعني أن تكون مشغولًا طوال الوقت؟ أن ترضي الجميع؟ أن لا تتأخر في الرد؟ أم أن النجاح يعني.. أن تشعر بالسلام؟ أن تنام مرتاحًا؟ أن تحبّ حياتك؟ أن تعيشها بقلبك، لا بتوقيعك؟ أعِد تعريف النجاح كما يُشبهك، لا كما ينتظره الآخرون منك. 4.قل: «كفى» كفى مجاملة، كفى مسايرة، كفى محاولة أن تكون مثاليًّا دائمًا، كفى تجاهلًا لحاجتك إلى الراحة، كفى خوفًا من أن تَظهر بمظهر الضعف، قلها بينك وبين نفسك: «أنا تعبت.. وكفى.» التوازن لا يعني أن ننجز كل شيءٍ في وقته، ولا أن نكون في قمة عطائنا كل يوم. التوازن الحقيقي؟ هو أن نعرف متى نتوقّف، ومتى نستعيد أنفاسنا، هو أن نحمي أنفسنا دون أن نشعر بالذنب. في عالمٍ لا ينتبه لتعبك.. كن أنت من يلاحظ، كن أنت من يربّت على قلبك، ويقول له : «أنا أراك، ، ولن أتركك تذوب وسط الزحام» قد لا يتغيّر شيء في الخارج، لكن حين تختار أن تتوقّف. شيء عميق في الداخل يعود للحياة.

351

| 18 يوليو 2025

الركض الصامت في زمن الإنجاز

استيقظتُ يومًا، ووجدتني أركض. لا موعد ينتظرني، ولا خطر يلاحقني… لكنني أركض. أفتح الهاتف، أقرأ، أُجيب، وأشعر بالذنب تجاه ما لم أردّ عليه. أنهي مكالمة لأبدأ مهمة، أُنجز مهمة لأُفكر في التالية، دون أن أتوقف لحظة لأسأل نفسي: ما الذي أفعله حقا؟ بمرور الوقت، لم تعد هذه الحالة استثناءً… بل أصبحت عادة. ركضٌ صامت يلتهم كل شيء: الوقت، الانتباه، الراحة، وحتى الملامح الحقيقية لما كنا عليه. صرنا نعيش وكأن هناك من يُراقب أداءنا باستمرار. نفتخر بالضغط، ونمجّد قلة النوم، ونتعامل مع الإرهاق وكأنه شارة فخر. لكن… لا أحد يسأل: ما الثمن؟ ولا أحد يلاحظ كم خسرنا من ذواتنا ونحن نحاول أن نكون «كاملين» للجميع. لقد تحولنا من كائنات حية إلى كائنات مُنفّذة. نستيقظ، نُنجز، نردّ، نُربّي، نُخطط، نُحمّل أنفسنا فوق طاقتها… ثم ننام. وفي هذا الزحام، ننسى أن نسأل: هل هذه فعلًا الحياة التي نريدها؟ أم أننا نؤدي أدوارًا رسمها غيرنا، ونخشى أن نبدو «مقصرين» إذا توقفنا؟ كل يوم يُشبه سابقه. لا جديد سوى مزيد من المهام، ومزيد من الركض، ومزيد من الغياب عن ذواتنا. حتى كلمة «التوازن» صارت طوق نجاة نظريا، نراه على دفاتر التخطيط، أغلفة الكتب، وفي المحاضرات… لكننا لا نمارسه. نُؤجّل الراحة، ونُؤجّل الحضور، ونُؤجّل أنفسنا… إلى أجل غير مسمّى. نُقنع أنفسنا بأن «لاحقًا» سيأتي: «حين أُنهي هذه المرحلة»، «حين تهدأ الأمور»، لكن لا شيء يهدأ. ومع الوقت، نُتقن التأجيل… إلا في تنفيذ المهام. كأن الواقع يُطالبنا أن نكون كل شيء في وقت واحد: ناجحين، محبّين، متعلمين، مثاليين، متصلين، متجددين… دون خطأ، دون ضعف، دون توقّف. وهكذا، يتحوّل التوازن إلى مفهوم خيالي، لا تجربة إنسانية. لم يخبرنا أحد أن التوازن ليس قائمة مهام ولا تطبيقًا لإدارة الوقت… بل لحظة صدق مع النفس. لحظة نختار فيها أن نكون حاضرين، لا منتجين فقط. أن نغلق الهاتف بلا شعور بالذنب. أن نُعيد ترتيب حياتنا لا لإرضاء الآخرين… بل لنشعر أننا ما زلنا نعيشها، لا نُؤديها فقط. في النهاية… لن يتذكّرك أحد بعدد المهام التي أنجزتها، ولا بعدد الرسائل التي رددتَ عليها. لكنّك أنت، ستتذكّر جيدًا: هل كنتَ حاضرًا في أيامك؟ أم كنتَ فقط تتقن أداء الدور؟ أنا لا أقدّم حلولًا هنا. ولا أدّعي أنني عرفت الطريق. أنا فقط أكتب… لأتأكد أنني ما زلت أفكر. أنني لم أصبح آلة تُنجز وتردّ وتبتسم في الصور. الركض ما زال مستمرًا، نعم… لكني أحاول، كل يوم، أن أُبطئ ولو خطوة. أن أُقاوم الذوبان في الزحام. وأعترف… أحيانًا، قبل النوم، أُطفئ الهاتف لا لأرتاح، بل لأقنع نفسي أنني توقّفت… ثم أمدّ يدي إليه من جديد.

753

| 27 يونيو 2025

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7890

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6747

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3462

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2835

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2811

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1980

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1554

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1341

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1203

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1071

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

765

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

762

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية