رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محاسبة النفس (2)

محاسبة النفس تكون على نوعين: النوع الأول: محاسبة قبل العمل، وهي: أن يقف عند أوّل همّه وإرادته، ولا يبادر بالعمل حتى يتبيّن له رجحانه على تركه. قال الدكتور عمر الأشقر: ينظر في همّه وقصده؛ فالمرء إذا نفى الخطرات قبل أن تتمكّن من القلب سهل عليه دفعُها.. فالخطرة النفسيّة والهمّ القلبي قد يقويان حتى يصبحا وساوس، والوسوسة تصير إرادة، والإرادة الجازمة لا بد أن تكون فعلاً. قال الحسن: كان أحدهم إذا أراد أن يتصدّق بصدقة تثبّت؛ فإن كانت لله أمضاها، وإن كانت لغيره توقّف. النوع الثاني: المحاسبة بعد العمل وهي على أقسام ثلاثة: أ — محاسبتُها على التقصير في الطاعات: في حق الله تعالى وذلك يكون بأن يديم سؤاله نفسه: هل أديتُ هذه الفريضة على الوجه الأكمل مخلصاً فيها لله ووفق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإن كان مقصّراً وأيّنا يسلم من ذلك؟ فليسدّ الخلل بالنوافل فإنها تُرقّع النقص في الفريضة وتربي لدى العبد جانب العبادة، وبالمجاهدة وكثرة اللّوم يخفّ التقصير في الطاعات إلى درجة كبيرة. ب — محاسبتها على معصية ارتكبتها: قال ابن القيم في ذلك: وبداية المحاسبة أن تقايس بين نعمته عز وجل وجنايتك؛ فحينئذٍ يظهر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمتُه أو الهلاكُ والعطب. وبهذه المقايسة تعلم أنّ الرّب ربّ والعبدَ عبد، ويتبيّن لك حقيقةُ النفس وصفاتُها وعظمةُ جلال الربوبّية وتفرّدُ الربّ بالكمال والإفضال، وأنّ كل نعمة منه فضل وكلّ نقمة منه عدل.. فإذا قايست ظهر لك أنها منبع كلّ شرّ وأساس كلّ نقص وأنّ حدّها: "انها" الجاهلةُ الظالمةُ، وأنّه لولا فضل الله ورحمتُه بتزكيته لها ما زكت أبداً. ولولا إرشاده وتوفيقه لما كان لها وصولٌ إلى خير البتة؛ فهناك تقول حقاً: أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبى. ج — محاسبتها على أمرٍ كان تركه خيراً من فعله، أو على أمرٍ مباح، ما سبب فعلِه له؟ فيُوجّه لنفسه أسئلة متكرّرة: لِمَ فعلتُ هذا الأمر؟ أليس الخير في تركه؟ وما الفائدة التي جنيتها منه؟ هل هذا العمل يزيد من حسناتي؟ ونحو ذلك من الأسئلة التي على هذه الشاكلة. وأمّا المباح فينظر: هل أردت به وجه الله والدار الآخرة فيكون ذلك ربحاً لي؟ أو فعلتُه عادةً وتقليداً بلا نيّةٍ صالحة ولا قصدٍ في المثوبة؛ فيكون فعلي له مضيعة للوقت على حساب ما هو أنفع وأنجح؟ ثم ينظر لنفسه بعد عمله لذلك المباح، فيلاحظ أثره على الطاعات الأخرى من تقليلها أو إضعاف روحها، أو كان له أثرٌ في قسوة القلب وزيادة الغفلة؛ فكلّ هذه الأسئلة غايةٌ في الأهمية حتى يسير العبد في طريقه إلى الله على بصيرة ونور. أورد أبو نعيم بسنده عن الحسن قوله: إنّ المؤمن يفجؤه الشيء ويعجبُه فيقول: واللهِ إنّي لأشتهيك، وإنّك لمن حاجتي؛ ولكن واللهِ ما من صلةٍ إليك، هيهات!! حيل بيني وبينك. ويفرط منه الشيء (يقع في الخطأ) فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردتُ إلى هذا، وما لي ولهذا؟ ما أردتُ إلى هذا، وما لي ولهذا؟ واللهِ ما لي عذرٌ بها، وواللهِ لا أعود لهذا أبداً إن شاء الله. إن المؤمنين قومٌ أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله عز وجل يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره وفي لسانه وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كلّه.

811

| 28 يوليو 2013

محاسبة النفس (1)

أولاً: معنى المحاسبة قال الماوردي في معنى المحاسبة: أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل. وقال ابن القيم رحمه الله: هي التمييز بين ما له وما عليه (يقصد العبد) فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود. وأما الحارث المحاسبي فقد عرّفها بقوله: هي التثبّت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفعل بالجارحة؛ حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله عز وجل جانبه بعقد ضمير قلبه، وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله عز وجل ومَنَع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض، وسارع إلى أدائه. ثانياً: أهمية محاسبة النفس: لمحاسبة النفس فوائد متعدّدة نذكر منها ما يلي: 1 — الاطلاع على عيوب النفس ونقائصها ومثالبها، ومن ثمّ إعطاؤها مكانتها الحقيقية إن جنحت إلى الكبر والتغطرس. ولا شك أن معرفة العبد لقدر نفسه يورثه تذلّلاً لله فلا يُدِلّ بعمله مهما عظم، ولا يحتقر ذنبه مهما صغر. قال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون أشدّ لها مقتاً. 2 — أن يتعرّف على حق الله تعالى عليه وعظيم فضله ومنّه؛ وذلك عندما يقارن نعمة الله عليه وتفريطه في جنب الله، فيكون ذلك رادعاً له عن فعل كل مشين وقبيح؛ وعند ذلك يعلم أن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته، ويتيقّن أنه من حقّه سبحانه أن يطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر. 3 — تزكية النفس وتطهيرها وإصلاحها وإلزامها أمْر الله تعالى. قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا). وقال مالك بن دينار: رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل فكان لها قائداً. 4 — أنها تربّي عند الإنسان الضمير داخل النفس، وتنمّي في الذات الشعور بالمسؤولية ووزن الأعمال والتصرّفات بميزان دقيق هو ميزان الشرع. ثالثاً: الآثار الواردة في المحاسبة: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )، وقال تعالى: (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) يقول الفرّاء: ليس من نفسٍ برّةٍ ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيراً قالت: هلاّ ازددتِ، وإن عملت شرّاً قالت: (ليتني لم أفعل)، وقال الحسن في تفسير هذه الآية: لا يُلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردتُ بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضي قُدُماً لا يعاتب نفسه. ويقول الله عزّ وجلّ في وصف المؤمنين الذين يحاسبون أنفسهم عند الزلّة والتقصير ويرجعون عمّا كانوا عليه: (إنَّ الَذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُونَ). قال الفاروق عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزيّنوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيةٌ). ويصف الحسن البصري المؤمن بقوله: المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله، وإنّما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنّما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. ويقول ميمون بن مهران: إنه لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة غيره.

4240

| 27 يوليو 2013

فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: اتفقت الأمة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي علن المنكر بلا خلاف بين أحد منهم؛ لقوله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). يقول الحسن البصري رحمه الله: من أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه، ويقول الإمام القرطبي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). يقول رحمه الله: "دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الأمم المتقدمة وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة.صفاتُ يجب أن يتحلى بها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.أولاً: العلم: فلا بد في الآمر والناهي أو من يقوم بعمل أو وظيفة الحسبة من أن يكون عالماً بما يأمر وينهى حتى لا ينهى الناس عما أحل الله أو يحرف على الناس أمرا مباحا أو يسكت عن أمر محرم، قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ). وليس لفظ العلم مقتصرا على العلم بما يأمر وينهى وإنما يشمل مفهوم العلم، العلم بطرق الدعوة وأساليب مخاطبة الجمهور.ثانياً: العمل بما يعلم: وقد عاب الله على من اتصف بالضد أو النقيض، فقال تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ). يقول الإمام الغزالي رحمه الله: إن هداية الغير فرع للاهتداء، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة والإصلاح زكاة عن نصب الصلاح، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره ومتى يستقيم الظل والعود أعوج.ثالثا: الإخلاص: لا بد للآمر والناهي والموجه والمربي وكل من يرجو قبول عمله الإخلاص مع الله فيما يقول ويفعل لأن الله لا يتقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) أي إنما يقبل الله من المخلصين في أعمالهم، وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.رابعاً: الأمانة: أي أن يكون الآمر بالمعروف صاحب أمانة وذمة وضمير حي في تبليغ وأداء ما أمر الله به قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).خامساً: الصبر: فلابد للآمر بالمعروف والداعي من الصبر، إذ به يتحمل أذى الناس فلا ولن يكون كلامك وأمرك ونهيك مقبولا لدى الجميع ولن يكون ماءً عذبا على قلوب الجميع بل سيرضى به البعض، والبعض الآخر لربما خالفك ولكن كتم في نفسه، والبعض لربما آذاك بكلامه أو أفعاله لذا اقتضى الحال أن يتحلى المحتسب بالصبر على ما يلقى من الأذى والبلى من الناس، قال تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ).سادساً: الرفق واللين والرحمة بالناس: قد حث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمر أمته بالرفق واللين والرحمة وسعة الصدر، فقال صلى الله عليه وسلم: (الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)سابعًا: الاستطاعة: ولا بد في الآمر بالمعروف حين الأمر والنهي أن يأمر وينهى قدر ما يستطيع ولا يحمل الناس ما لا يستطيعون إذ أن الله قد كلف العباد على حسب طاقتهم وتحملهم ولا يكون التكليف فوق ذلك: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ).

5458

| 26 يوليو 2013

التوحيد

التوحيد هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهو دين الرسل كلهم — عليهم الصلاة والسلام — الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، ولا تصح الأعمال إلا به، إذ هو أصلهـا الذي تُبنى عليه.أقسام التوحيد:ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية.1 — توحيد الربوبية:وهو الإقرار بأنه لا رب للعالمين إلا الله الذي خلقهم، ورزقهم، وهذا النوع من التوحيد قد أقر به المشركون الأوائل، فهم يشهدون أن الله هو الخالق، والمالك، والمدبر، والمحيي، والمميت وحده لا شريك له، قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)ولكن إقرارهم هذا وشهادتهم تلك لم تدخلهم في الإسلام، ولم تنجهم من النار، ولم تعصم دماءهم وأموالهم، لأنهم لم يحققوا توحيد الألوهية، بل أشركوا مع الله في عبادته، بصرفهم شيئاً منها لغيره.2 — توحيد الأسماء والصفات:وهو الإيمان بأن لله تعالى ذاتاً لا تشبهها الذوات وصفـات لا تشبهها الصفات وأن أسماءه دلالة قطعية على ما له سبحانه من صفات الكمال المطلق كما قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وأن طريق معرفة ذلك هو الوحي وحده.فيجب علينا: إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً يليق بجلاله من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تأويل، ولا تكييف، لا نحاول ذلك كله لا بقلوبنا وتصوراتنا، ولا بألسنتنا أن نكيف شيئاً من صفاته تعالى أو نمثلها بصفات المخلوقين.3 — توحيد الألوهية:وهو توحيد العبادة أي: إفراد الله سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة التي أمر بها كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها كلها، والدليل قوله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً)، فلا يجوز أن يصرف الإنسان شيئاً من هذه العبادات لغير الله سبحانه وتعالى لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله، فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد أشرك بالله شركاً أكبر وحبط عمله.وحاصله: هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، ولا يكفي في التوحيد دعواه، والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين وما هم عليه من دعاء غير الله.وتحقيق التوحيد: هو بمعرفته، والاطلاع على حقيقته، والقيام به علماً وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح أو القلب إلى الله محبة، وخوفاً، وإنابة، وتوكلاً، ودعاءً، وإخلاصاً، وإجلالاً، وهيبة، وتعظيماً، وعبادة، وبالجملة، فلا يكون في قلب العبد شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله من الشركيات، والبدع، والمعاصي كبيرها وصغيرها، ولا كراهة لما أمر الله به، وذلك هو حقيقة التوحيد، وحقيقة لا إله إلا الله.

9736

| 25 يوليو 2013

صنائع المعروف وسعادة الآخرين...

أولاً: حكم التوكلجعل الله تعالى التوكل عليه شرطاً في الإيمان، قال الله تعالى: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين) وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ، فَقَالُواْ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا). قال الله تعالى: (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) قال ابن القيم في مدارج السالكين: التوكل نصف الدين.وقالت رسل الله تعالى لأقوامهم الذين لم يؤمنوا بهم (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).قال ابن القيم رحمه الله معلقاً على هذه الآية: فالعبد آفته إما من عدم الهداية، وإما من عدم التوكل، فإذا جمع التوكل إلى الهداية فقد جمع الإيمان كلَّه) فالتوكل على الله هو شأن الأنبياء والمرسلين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل. قالها إبراهيم صلوات الله عليه حين أُلقي في النار،وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).قال ابن تيمية: التوكل على الله واجب من أعظم الواجبات، كما أن الإخلاص واجب، وحب الله ورسوله واجب.ثانياً: معنى التوكل على الله.التوكل على الله هو صدق اعتماد القلب على الله في جميع الأمور، مع بذل الأسباب المشروعة.قال ابن رجب: وحقيقة التوكل هو صدقُ اعتمادِ القلب على الله عز وجل في استجلابِ المصالحِ ودفعِ المضارِ من أمور الدنيا والآخرة كلها.فالمتوكل على الله: يبرأ إلى الله من حولهِ وقُوَّتِه، ويعلمُ علماً يقينياً أنه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. ولذلك كانت هذه الكلمة كنزٌ من كنوز الجنة لعظم شأنها وأثرها، فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (..قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنزٌ من كنوز الجنة).ومعناها: أنه لا تحول لنا من حالٍ إلى حال، ولا قوة لنا على فعل شيء إلا بالله وحده. فلا نستطيع التحول من حال الضعف إلى حال القوة، ومن المرض إلى الصحة، ومن الفقر إلى الغني، ومن الخوف إلى الأمن، ومن المعصية إلى التوبة، ومن الضلال إلى الهداية.. إلا بالله تعالى وحده لا شريك له. ولا قوة لنا على إقامة شرعه، وتبليغ دينه، وتحقيق عبوديته إلا بالله، ولا قوة لنا على القيام في الصلاة والركوع والسجود إلا بالله، ولا نستطيعُ الحصولَ على المال، ولا النجاح الدراسي، ولا التوفيق في تربية الأولاد، ولا الصبر والثبات على أمر الله إلا بالله، ولا نستطيع أن نسمع أو نبصر أو نتكلم أو نقف أو نمشي أو نرفع أو نخفض.. إلا بالله. ولذلك كان من أهم معاني التوكل على الله ولوازمه: الاستعانة بالله؛ فالمؤمنُ بالله المتوكل عليه يستعينُ بالله دائما في أموره كلها ويُلِحُّ في الدعاء: إياك نعبد وإياك نستعين. فنحنُ لا نعبدُ إلا إياك ولا نستطيعُ عبادتك إلا بمعونة منك، فأعنّا.فالمؤمنُ يدعو اللهَ تعالى أن يعينَه على طاعتهِ وعلى أمورِ معاشه، والنصوصُ في طلب إعانة الله على فعل الطاعة وطلب النصر كثيرة في الكتاب والسنة، ومن ذلك: قول الله تعالى:( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي)واعلم أن ثمرة التوكل الرضا بالقضاء، فمن وكَّل أموره إلى الله، ورضي بما يقضيه له ويختاره، فقد حقق التوكل.والمتوكِّلُ على الله: يُفَوِّضُ أمرَه إلى الله. قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) فكان جزاؤُه من الله على هذا التفويض (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ).

1050

| 24 يوليو 2013

صنائع المعروف وسعادة الآخرين..

لقد أكد العلماء والخبراء والمربون والأطباء النفسانيون أن من أسباب سعادة المرء وسمو منزلته بين الناس وحصوله على الراحة النفسية في هذه الدنيا هو بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين من حوله، ولا شك أن هذا خلق من أخلاق العظماء وهو من قيم الإسلام العظيمة وبه تخلق الأنبياء والصالحون وتسابق للقيام به أصحاب المروءة.. فالمسلم لا يعيش لنفسه وحسب بل لابد أن يتعدى نفعه وخيره للآخرين ورتب الله على ذلك الجزاء العظيم في الدنيا والآخرة وجعل أسعد الناس وأحبهم إليه أكثرهم نفعا لمن حوله قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وقال تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وقال تعالى: (ف َاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ). وقال صلى الله عليه وسلم: (كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة).إن الناس معادن وكل واحد منهم يحمل بين جوانحه قيما وأخلاقا تعبر عن شخصيته وإن منهم مفاتح للخير ومغاليق للشر.. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه).إن مشاغل الحياة ومشاكلها وظروفها وأحوالها تقتضي أن يتعاون الناس مع بعضهم وأن ينفع بعضهم بعضاً وأن يبذل المعروف من يقدر عليه دون أن يطلب أحد منه ذلك ولا ينتظر من الآخرين أن يكافئوه أو يشكروه فالإنسان العظيم لا ينتظر جزاءه ممن حوله بل غايته أسمى وهدفه أكبر من ذلك ويكفيه ثواب الله ورضاه.. هذا موسى عليه السلام في أرض لا يعرف فيها أحد وهو خائف ومطارد من فرعون وجنوده ومع ذلك لم يتأن وهو يرى امرأتين ضعيفتين لا تسقيان بسبب الزحام وكثرة الرجال فبادر إلى بذل المعروف وتقديم النفع فسقى لهما قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) سقا لهما ثم تولى إلى الظل؛ ليشكر الله على ما حباه من النعم وهيئ له الأسباب لنفع الآخرين.. وكم دعا صلى الله عليه وسلم هذه الأمة إلى بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين وكم حثهم على ذلك ورغبهم في هذا العمل بل وتمثل هذا الخلق وهذا السلوك واقعاً عملياً في الحياة فنفع الله به الصغير والكبير والرجل والمرأة والمسلم والكافر والطير والحيوان، وكان مما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو أمامة: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب) بل جعل سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف من العلامات التي يعرف أهل الكتاب بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ). ثم أمر المسلمين بما أمر به نبيهم عليه الصلاة والسلام فقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).إن منع الآخرين من الانتفاع بما تقدر عليه وتستطيعه ولا تحتاج إليه له عاقبة وخيمة فإلى جانب سخط الناس وبغضهم فإن الله سبحانه يجازي العباد على أفعالهم جزاءً وفاقاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم)، فذكر منهم: (ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك) إن سيد القوم خادمهم هكذا قالت العرب قديماً ولذلك لما سأل أعرابياً أناساً من أهل البصرة: من سيد القوم في بلدكم؟ فقالوا الحسن أي البصري.. فقال بم سادهم؟ قالوا احتاج الناس إلى علمه فنفعهم واستغنى هو عن دنياهم..والله تعالى يقول: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) وعن أبى ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).فلنحرص على بذل المعروف وتقديم النفع فأبواب الخير في هذا الجانب كثيرة والموفق من وفقه الله إلى كل خير.

2495

| 23 يوليو 2013

مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة

هناك أسباب لمرافقة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، من هذه الأسباب: 1 — المتابعة والطاعة ثبت في المعجم الكبير للطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، حَتَّى إِنِّي لأَذْكُرُكَ، فَلَوْلا أَنِّي أَجِيءُ فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي تَخْرُجُ، فَأَذْكُرُ أَنِّي إِنْ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ صِرْتُ دُونَكَ فِي الْمَنْزِلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي الدَّرَجَةِ. فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ )، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلاهَا عَلَيْهِ. 2 — محبة النبي صلى الله عليه وسلم لحديث الصحيحين، عن أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ السَّاعَةِ، فَقال: مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا»؟ قال: لَا شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم. فَقال: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)، فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ. لكن المحب الصادق الذي يناله هذا الفضل من سلك طريقه، واقتفى أثره، واستنار بنهجه، واهتدى بهديه، هل يشك أحدٌ في حب أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم؟ قاطعته قريش فآثر جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لحبه له، لكن لماذا غاير الله بين مآليهما في الآخرة؟ لأن أبا طالب لم يتبع النبي صلى الله عليه وسلم. إذاً المرء مع من أحب، لكن لابد أن تسلك سبيل من أحببت لتكون معه، ولئلا يكون الحبُّ دعوةً جوفاء. 3 — كثرة الصلاة في صحيح مسلم، قال رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: (سَلْ). فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: (أَوَغَيْرَ ذَلِكَ)؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ). قال ابن القيم رحمه الله: وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى همَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلني )، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة. وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه، أو يواري جلده. والحديث دليل على أن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم لا تنال بالتمني، فلابد من العمل لنيلها. ومعنى أسألك مرافقتك في الجنة، أي: سل لي ذلك وادع لي به، ومن المعلوم قطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لأحد أن يُدخله الجنة. 4 — حسن الخلق في سنن الترمذي، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: (الْمُتَكَبِّرُون). ومعني: (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة )، أي: "في الجنة؛ فإنها دار الراحة والجلوس، أما الموقف فالناس فيه قيام لرب العالمين. 5 — الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً). قال المناوي رحمه الله: (إن أولى الناس بي يوم القيامة): أقربهم مني يوم القيامة، وأولاهم بشفاعتي، وأحقهم بالإفاضة من أنواع الخيرات ودفع المكروهات. 6 — كفالة يتيم إنّ الإحسان إلى الأيتام من أسباب الفوز بأعلى الجنان، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) وأشار بالسبَّابة والوسطى وفرَّجَ بينهما. قال النووي رحمه الله: كَافلُ اليَتيم: القَ‍ائِمُ بِأمُوره. وقال ابن بطال رحمه الله: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به؛ ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك. ولمسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم له أو لغيره وأنا وهو كهاتين في الجنة). قال النووي رحمه الله: (اليَتِيمُ لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ) مَعْنَاهُ: قَريبُهُ، أَو الأجْنَبيُّ مِنْهُ، فالقَريبُ مِثلُ أنْ تَكْفَلهُ أمُّهُ أَوْ جَدُّهُ أَوْ أخُوهُ أَوْ غَيرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ.

30856

| 21 يوليو 2013

ثمرات الحسنات في يوم القيامة..

لأهل الحسنات مراتب وفضائل سيشاهدونها هناك في أرض المحشر، فمن ثمرات الحسنات: 1 — الأمن يوم الفزع الأكبر؛ فهناك في يوم القيامة الخوف والأهوال والفزع الأكبر، ولكننا نجد أن الحسنات تنفع أصحابها هناك حيث تمنحهم الطمأنينة والنجاة والأمن، قال — تعالى—: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة، وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا، كما قال: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وقال: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ). فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله مآلهم وثوابهم، فنجاهم من العذاب، وحَصَل لهم جزيل الثواب، فقال: (أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا) أي: حريقها في الأجساد. 2 — الثبات على الصراط ونحن نعلم أن مما يكون يوم القيامة أن يُنصب الصراط على متن جهنم ثم يمر الناس عليه فيا ترى ماذا تصنع الحسنات بأهلها عند مرورهم على الصراط؟. قال تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). 3 — ثقل الميزان يوم القيامة؛ لأن يوم القيامة يضع الله فيه الميزان وهو كفتان، كفة توضع فيها الحسنات وكفة توضع فيها السيئات، ويؤتى بالحسنات لتوزن، قال تعالى: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). فهنيئاً لصاحب الحسنات والصالحات حينما تكون حسناته على الميزان لتمنحه الفلاح والنجاة هناك، وأما من فقد حسناته بسبب غفلته وتفريطه فكيف يكون حاله؟ قال عز وجل: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ). 4 — أخذ الكتاب باليمين، وذلك أن يوم القيامة تنشر صحف الأعمال لكل واحد منا، قال ربنا تبارك وتقدس: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ). وعندما يؤتى بها ينقسم الناس إلى قسمين: قوم يأخذون كتابهم باليمين، قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) وهذا إنما أخذ كتابه باليمين؛ لأنه كان من أهل الحسنات والصالحات في الدنيا كما في نهاية الآية: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) فتأمل تجد أن الله وهبهم هذا الفوز بسبب اجتهادهم في الأيام السابقة في الحياة الدنيا. 5 — دخول الجنة؛ وهي الدار التي أعدها الله لأصحاب الحسنات جزاء لأعمالهم، قال تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). وقال جل وعلا: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا). وقال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). وقال تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ). 6 — رؤية الرحمن؛ وهذا أعظم نعيم في الجنة لأهل الجنة، ولنتدبر هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل الله موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم). ووالله إن هذه اللحظة التي يتمتع فيها أهل الجنان برؤية الرحمن لهي أجمل اللحظات التي يتنافس فيها المتنافسون. فيا صاحب الحسنات.. هذه بعض فوائد الحسنات التي تحصل عليها في أرض المحشر وما بعده، فابذل المزيد وجاهد نفسك لتفوز بتلك الكرامات من الرب الكريم: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).

8579

| 20 يوليو 2013

ثمرات الحسنات في يوم القيامة

لأهل الحسنات مراتب وفضائل سيشاهدونها هناك في أرض المحشر، فمن ثمرات الحسنات: 1 — الأمن يوم الفزع الأكبر؛ فهناك في يوم القيامة الخوف والأهوال والفزع الأكبر، ولكننا نجد أن الحسنات تنفع أصحابها هناك حيث تمنحهم الطمأنينة والنجاة والأمن، قال — تعالى—: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة، وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا، كما قال: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) وقال: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ). فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله مآلهم وثوابهم، فنجاهم من العذاب، وحَصَل لهم جزيل الثواب، فقال: (أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا) أي: حريقها في الأجساد. 2 — الثبات على الصراط ونحن نعلم أن مما يكون يوم القيامة أن يُنصب الصراط على متن جهنم ثم يمر الناس عليه فيا ترى ماذا تصنع الحسنات بأهلها عند مرورهم على الصراط؟. قال تعالى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). 3 — ثقل الميزان يوم القيامة؛ لأن يوم القيامة يضع الله فيه الميزان وهو كفتان، كفة توضع فيها الحسنات وكفة توضع فيها السيئات، ويؤتى بالحسنات لتوزن، قال تعالى: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). فهنيئاً لصاحب الحسنات والصالحات حينما تكون حسناته على الميزان لتمنحه الفلاح والنجاة هناك، وأما من فقد حسناته بسبب غفلته وتفريطه فكيف يكون حاله؟ قال عز وجل: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ). 4 — أخذ الكتاب باليمين، وذلك أن يوم القيامة تنشر صحف الأعمال لكل واحد منا، قال ربنا تبارك وتقدس: (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ). وعندما يؤتى بها ينقسم الناس إلى قسمين: قوم يأخذون كتابهم باليمين، قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) وهذا إنما أخذ كتابه باليمين؛ لأنه كان من أهل الحسنات والصالحات في الدنيا كما في نهاية الآية: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) فتأمل تجد أن الله وهبهم هذا الفوز بسبب اجتهادهم في الأيام السابقة في الحياة الدنيا. 5 — دخول الجنة؛ وهي الدار التي أعدها الله لأصحاب الحسنات جزاء لأعمالهم، قال تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). وقال جل وعلا: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا). وقال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). وقال تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ). 6 — رؤية الرحمن؛ وهذا أعظم نعيم في الجنة لأهل الجنة، ولنتدبر هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل الله موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، وينجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم). ووالله إن هذه اللحظة التي يتمتع فيها أهل الجنان برؤية الرحمن لهي أجمل اللحظات التي يتنافس فيها المتنافسون. فيا صاحب الحسنات.. هذه بعض فوائد الحسنات التي تحصل عليها في أرض المحشر وما بعده، فابذل المزيد وجاهد نفسك لتفوز بتلك الكرامات من الرب الكريم: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).

12022

| 19 يوليو 2013

الظلم

ظلم الناس غالبا يكون بالاعتداء على النفوس والأبدان والأموال والأعراض، ففي حديث أبي بَكْرَة: (إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحُرْمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلَدِكم هذا ). وأغلب الناس قد يَسْتعظم الاعتداء على النُّفوس والأبدان، لكن يَسْتَسهِلون الاعتداء على الأموال والأعراض، ويُسوِّغون ذلك بِحُجج واهية، فربَّما اعتدوا على أراضي الناس، فيَدْخلون في قول النبي: (مَن أخذ شبرا من الأرض ظلما، فإنَّه يُطَوّقه يوم القيامة من سبع أرَضين) وربما غيَّروا مراسيم أراضي جيرانهم، أو الطُّرق؛ ليأخذوا جُزْءا من الأرض ليس لهم، فيستحقُّون لعنة الله، فعن عليِّ بن أبي طالب أنه أتاه رجل، فقال: ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليك؟ فغَضِب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليَّ شيئًا يَكْتُمه الناس، غير أنه قد حدَّثَني بكلمات أربع، قال: فقال: ما هُنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: قال: (لعَن اللهُ مَن لعن والِدَه، ولعن الله من ذبَح لغير الله، ولعن الله من آوى مُحْدِثًا، ولعن الله من غيَّر منار الأرض ). وربَّما جحَد بعض الظَّلمة الحقوق التي عليهم إذا لم تكن موثَّقة بشهود، ونسوا شهادة أعضائهم عليهم يوم القيامة. مِن أعظم ظُلْم الناس أَكْلُ أموال اليتامى، والاستيلاء عليها بغير حق، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا )، هل يَرْضى الظَّالم هذا لأولاده الصِّغار؟ فليتمثَّلْ نفسه بأنه مات، وخلَّف ذُرِّية صِغارا لا يستطيعون دَفْع الظلم عنهم، قال الله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدا). فلْيُعامِل الأيتامَ بما يحب أن يُعامَل به أولادُه الصِّغار بعد وفاته. ومِن الظُّلم ظلم الخَدَم والعُمَّال بتحميلهم من الأعمال أكثر من طاقتهم، ومن ظلم الخدم والعُمَّال إعطاؤُهم رَدِيء الطَّعام واللِّباس، ومن ظُلْم الخدم والعمَّال إركابهم في أماكن سيِّئة في السيارة، مع وجود مكان حسَن، كمن يركبهم في صندوق السيارة أو (الشنطة)، مع خُلوِّ المقدِّمة! عن المَعْرُور بن سُويْد قال: رأيتُ أبا ذرٍّ الغِفاريَّ رضي الله عنه وعليه حُلَّة، وعلى غلامه حلة، فسألناه عن ذلك، فقال: إنِّي سابَبْتُ رجلاً، فشَكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (أعيَّرْتَه بأُمِّه)؟ ثم قال: (إنَّ إخوانكم خوَلُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمَن كان أخوه تحت يَدِه فلْيُطْعِمه ممَّا يأكل، ولْيُلْبِسه مما يَلْبَس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ). مِن ظُلْم الخدم والعُمَّال احتقارُهم والاستخفاف بهم، وهذا ناتج عن ضعْفِ العقل، وعدَمِ شُكْر النِّعمة، أليس الذي خفضهم في الدُّنيا بقادر على أن يرفَعَهم ويخفضك؟ بلى، ولو سألْتَ بعض كبار السِّن لأَخْبروك أن أباء أولئك الذين تحتَقِرهم كان أجدادُك يَعْملون عندهم ويقصدون بلادهم طلبًا للرِّزق والتِّجارة، ولكنها حكمة الله في المُداولة، ولو لم يَرِد في احتقار العُمَّال والخدم إلاَّ قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: (بِحَسْبِ امْرئٍ من الشرِّ أن يحقر أخاه المسلم )، لكفَى به زاجرا.

597

| 18 يوليو 2013

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (3)

(12) تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ "قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قَالَ قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وسُئل شيخنا أبو العباس بن تيمية — رضي الله عنه تفسير هذا الحديث، فقال: كان لأُبَيِّ بن كعب دعاء يدعو به لنفسه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يجعل منه ربعه صلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟. فقال صلى الله عليه وسلم: (إن زدت فهو خير لك، فقال له النصف. فقال صلى الله عليه وسلم: فإن زدت فهو خير لك، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها؟. أي أجعل دعائي كله صلاة عليك، قال صلى الله عليه وسلم: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه، وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه.(13) إجابة الدعاء: أن يدعو الله بعد إجابة المؤذن وصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله له الوسيلة: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ).وعَنْ فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِد، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ، فَاحْمَدِ اللهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ، ثمَّ ادْعُهُ، قَالَ: ثُمً صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْعُ تُجَبْ). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم —، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ)).(14) محبة الله للعبد المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لإيثاره محبة الله على طلب حوائجه: يقول ابن القيم في الفائدة الأربعين للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ان الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء، ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته، وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال؛ وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.والثاني: سؤاله أن يثنى على خليله وحبيبه، صلى الله عليه وسلم ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه، ولا ريب أن الله يحب ذلك ورسوله يحبه، فالمصلي عليه — صلى الله عليه وسلم — قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله تعالى ورسوله، وآثر ذلك على طلبه وحوائجه ومحابه هو، بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما يحبه هو، وقد آثر الله ومحابه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل، فمن آثر الله على غيره، آثره الله على غيره، واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب والمنزلة عندهم، فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه أحب رعيته إليه، وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه، علت منزلتهم عنده، وازداد قربهم منه، وحظوا بهم لديه؛ لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه، فأحبهم إليه أشدهم له سؤالًا ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه، هذا أمر مشاهد بالحس، ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة من سأل المطاع حوائجه هو، وهو فارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة، فكيف بأعظم محب وأجله لأكرم محبوب وأحقه بمحبة ربه له؟، ولو لم يكن من فؤائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب وحده، لكفى المؤمن به شرفا.

37920

| 17 يوليو 2013

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (2)

(8) صلاة الملائكة عليهم السلام على من صلى على خير الأنام صلى الله عليه وسلم: عَنْ عَبْدِ اللهِِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّى عَلَىَّ، إِلاَّ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ مَا صَلَّى عَلَىَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ). (9) من أسباب إخراج الله للعبد من الظلمات إلى النور: لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) وقد تقدم أن منْ صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عز وجل عليه. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: إن الذكر يوجب صلاة الله عز وجل على الذاكر، ومن صلى الله عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح، وفاز كل الفوز، قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، فهذه الصلاة منه تبارك وتعالى ومن ملائكته إنما هي سبب الإخراج لهم من الظلمات إلى النور، وإذا حصلت لهم الصلاة من الله تبارك وتعالى وملائكته، وأخرجوهم من الظلمات إلى النور، فأي خير لم يحصل لهم، وأي شر لم يندفع عنهم؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم، ماذا حُرموا من خيره وفضله، وبالله التوفيق. وعن بكر القشيري: قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله تشريف وزيادة تكرمة وعلى من دون النبي رحمة، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)، وقال قبل ذلك في السورة المذكورة: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها. (10) من أسباب دخول الجنة: عَنِ الْحُسَينِ بْنِ عَلَي ـ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَخَطِيءَ الصَّلاَةَ عَلَىَّ خَطِئ طَرِيْقَ الْجَنَّةِ). وذكر ابن القيم رحمه الله: أنها ترمى صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها. وقال محمد فؤاد عبد الباقي: قوله: (خَطِئ) أي الأعمال الصالحة طرق إلى الجنة، والصلاة من جملتها، وتركها كلية ترك لطريق الجنة، أي لطريقها. وأقول: بمفهوم المخالفة عند العلماء يتبين لنا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (خَطِئ طَرِيْقَ الْجَنَّةِ) لمن نسي الصلاة عليه، فدل ذلك على أن لزوم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة التي ثوابها دخول الجنة، وهذا مما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيِّ بن كعب: (إِذاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ)، ولاشك أن من أعظم ما يهم المؤمن أن يدخله الله الجنة، وأن ينجيه من النار، وذلك لقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) ولقوله تعالى عن المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ)، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في قوله، وفعله، وإقراره، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: (مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: أَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فَقَالَ: " حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ). وأيضاً دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،...) (11) يُدرك شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِيْنَ يُصْبِحُ عَشْراً، وَحِيْنَ يُمْسِي عَشْراً، أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علىّ، أو سأل ليّ الوسيلة، حقت عليه شفاعتي يوم القيامة). وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (سَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسأَلهَا لِي عَبدٌ فِي الدُّنْيَا، إِلاَّ كُنتُ لَهُ شَهِيداً، أَوْ شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

5693

| 16 يوليو 2013

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6564

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6432

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3156

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2262

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1878

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1683

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1317

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1035

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

999

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

966

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
توطين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي القطري

يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...

906

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

900

| 27 أكتوبر 2025

أخبار محلية