رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نفهم الحزن ونبكي في الرواية. نقرأ عن موت أم لطفلها، عن سجين يعذب، عن مدينة تقصف، فنغلق الكتاب كي نتمالك دموعنا. نحزن على أبطال خياليين، ونشعر بمعاناتهم كما لو كانت معاناتنا. ولكن، حين يموت مئات الأطفال في غزة، حين تقصف المدارس والمستشفيات، وتباد العائلات، وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، نجد أنفسنا – نحن القراء، والمثقفون، والمشاهدون، بل حتى الساسة – عاجزين عن الفهم، عن الحزن، عن الغضب الصادق. لماذا؟ لماذا نفهم في الخيال ولا نفهم في الواقع؟. الرواية تمنحنا مسافة. هي مساحة مؤطرة ومغلقة، يمكن أن ندخلها ونخرج منها بسلام. في الرواية، لا نخشى العجز، لأن الأبطال يقومون بالفعل نيابة عنا. أما الواقع، وخاصة الواقع الدموي كما في غزة، فهو جارح أكثر من أن يحتمل. لا يمكننا أن نغلقه، لأنه يظل مفتوحا على الشاشات وفي ضمائرنا، حتى حين نتجاهله. ولهذا نخترع آليات دفاع: نقول «المسألة المعقدة»، أو «هناك طرفان»، أو «ليست قصتي»، بينما الصور واضحة، والدماء لا تحتاج إلى ترجمة. هل أصبحنا أكثر تعاطفا مع الخيال من الحقيقة؟ هل أصبح الحزن الأدبي بديلا عن الحزن الإنساني؟. ربما، لأن الأدب لا يطالبنا بالموقف، ولا يكلفنا شيئا. نقرأ، نحزن، نعجب، ثم نواصل حياتنا. أما غزة، فتطالبنا بما هو أثقل من الحزن: أن نكون بشرا. في كل مجزرة في غزة، تموت قصة حقيقية لن تكتب أبدا. تموت امرأة تحمل طفلها، وشاعر تحت الركام، وطفل لم يعرف بعد ما تعني الحياة. تموت صور لا تحتاج إلى حبكة، بل إلى ضمير. فهل يمكن للأدب أن يكون جدارا أخلاقيا؟. هل يمكن لثقافتنا أن تتحول من التماهي مع الضحية الخيالية إلى الوقوف مع الضحية الحقيقية؟. لقد أصبحنا نعيش في زمن يحتاج فيه الواقع إلى خيال كي يفهم. ما يفعله الاحتلال الصهيوني في غزة من تدمير ممنهج وتجويع جماعي وقتل متعمد للمدنيين، يتجاوز كل ما تخيله الروائيون. لكن المفارقة أن كثيرا من القراء ما زالوا يجدون في الرواية مساحة للفهم، بينما الواقع لا يحرك فيهم شيئا. وربما السبب في ذلك هو أننا نخشى أن يطالبنا الواقع بأكثر من المشاعر: أن يطالبنا بالصوت، بالانحياز، بالمقاطعة، بالموقف الذي لا يحتمل الحياد. وهنا نحن نعيش في زمن تختلط فيه الحقائق بالمجاز، ويبدو أن ضمير العالم لم يتعلم بعد أن يقرأ الواقع كما يقرأ الأدب. لكن غزة لا تنتظر روايتنا، ولا تأبه بعدد الجوائز، بل تنتظر ضميرا يصحو، وفعلا ينجز، وموقفا يقال ولو بكلمة.
180
| 27 يونيو 2025
في زمن اعتاد فيه العالم على التفرج، قررت «مادلين» أن تبحر. سفينة صغيرة في جسدها، عظيمة في مقصدها، تشق عباب البحر الأبيض المتوسط متجهة نحو غزة، لا لتكسر الحصار فحسب، بل لتكسر الصمت، ولتقول للعالم: إن من في البحر ليسوا وحدهم، ومن على البر ليسوا عميانا. «مادلين»، السفينة الإنسانية التي تشغلها اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، وكان على متنها 12 ناشطا من العالم – من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ والطبيب الفرنسي باتيست أندريه – لم يسافروا لأجل وطنهم، بل لأجل وجدانهم. سافروا باسم الإنسانية، حيث خذلها الآخرون. إيقاف «مادلين» ليس اعتراض سفينة، بل هو وقوف أمام فكرة. ومن يقف أمام الفكرة، يكون ضد الحياة ذاتها. «مادلين» حملت وجوها، نعم ولكنها حملت أكثر: حملت وصايا الشهداء، ودموع الأطفال، وحنين المحاصرين إلى سماء لا يلوثها طيران الموت. هذه ليست رحلة إلى غزة، بل عودة الضمير إلى موقعه، عودة العالم إلى إنسانيته. فـ»مادلين» ليست مجرد سفينة. إنها نشيد في وجه المدافع، وموجة لا تخاف من حديد. فقلت: مادلين تمضي، والنجوم دليلها والبحر يعرف أنها نبض الحنين ركبت على ألواح وجع مدمع تجتاز صمت العالم المتواطئين ليست تسافر كي ترى في صورة بل كي تضيء البحر للأسرى الحزين فيها العزيمة لا تنام، كأنها مركب نبي في جحود الطوفتين وغريتا هناك، والفرنسي الطبيب كأنهم قوم الضمير الغاضبين قالوا: إلى غزة سنمضي، إننا منكم، وإن خان الصحاب الصامتين يا من تريد الحيل، قفن وتذكر أن السفينة رمز حر لا يلين من يعترض مادلين، فقد جنى على القلوب، وخان عهد الطيبين هي لست وحدها، فكل محبة تسري بها، وعيون أم في السجون مادلين تمضي، والفؤاد يرافق الـ موج الحزين، كأنه طيف السجين.
168
| 13 يونيو 2025
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4803
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3528
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2871
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2595
| 21 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1455
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1041
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
963
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
807
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية