رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

غزة..467 يوماً مخضبة بالدم لكن الفجر آتٍ

انتهى عام دراسى كامل وتعاقبت علينا فصول أربعة، أتى شهر رمضان المبارك وعيد الفطر المبارك وجاءت أيام العشر الأولى من ذي الحجة وانقضى عيد الأضحى المبارك؛ فهل تخيلتم أن تمر كل هذه المناسبات العظيمة وتلك الشهور الطويلة وغزة صامدة ؟! إن التغييرات والأحداث التي تحدث بصورة مفاجئة في حياتنا تجعلنا ننظر، نتفكر، ونقف أمام مرآة الحياة لنراها على حقيقتها لا على زينتها، فجأة تتغير ظروفنا، أولوياتنا ومسؤولياتنا ونظرتنا لأنفسنا وللعالم المحيط بنا؛ فماذا بقي من أهوال وشدائد ودماء وأشلاء، ودمار وخراب وتدمير وحرق ونزوح وتجويع وفقد لمظاهر ومعالم الحياة الحديثة يمكن أن تروى لكم وتبصر معها القلوب والعقول، وتستفزك كفرد، كجماعة، كوطن، كأمة، كعالم وكمؤسسات دولية يمكن أن تحرك قلوبكم وأفعالكم! فهل بقي أمل للنصرة والسند وفعل الواجب الأخلاقي والإنساني؟! ككل شعوب الأرض نتمنى لو كان لنا وطن حر نبنيه بعقولنا وسواعدنا، يكون لنا فيه منازل جميلة لا تدمر، ومؤسسات تعليمية وعلمية لا تتحول إلى ركام، ومكتبات علمية لا تحرق فتصبح رمادا، ومساجد لا تهدم قبابها على روادها، ومستشفيات لا تخرج عن الخدمة بفعل آلة التدمير والعدوان، وحدائق ومباهج، مؤسسات ومشاريع واقتصاد وعمران لا تتعطل فتصبح ذكريات. نحن نحب الحياة كثيرا، نحن نحب البناء والتعمير وأن يكون لنا أعراس لا مآتم! توقفت طيلة الشهور السابقة من أحداث العدوان عن الكتابة العلمية والبحثية؛ لما رأينا من اقتراب الموت كثيرا وقد خرجنا من تحت الركام، وزلزلزت الأرض من أسفلنا وتموج الطائرات من فوقنا بالمسامع رعبا، وقد نزحنا بين المناطق المدمرة تسعة أشواط ويزيد، صعدنا فوق الركام، تجرعنا صنوف الألم والشدة والتخاذل العالمي وعشنا كل شدائد الأيام، تحت العدوان وآلة التدمير الممنهج لكافة مظاهر الحياة، وها نحن امام الركام نعيش الابتلاءات المتعددة في تفاصيل أيامنا من العدوان، الخوف والجوع والعطش ونقص الأنفس والأموال والثمرات حتى أصبحت أيامنا مصبوغة بالألم والحزن وترقب الأمل وبشر الصابرين. عشان 467 يوما حالكة كل ما حولنا يهتز من شدة القصف، قصف جوي وبري وبحري عنيف مع تحليق مكثف ومزعج للطيران ليلا ونهارا،‏ ننام على مجزرة ونستيقظ على أخرى، يرحلون فرادى يرحلون جماعة، 467 يوما كانت مخضبة بالدم، بالألم، بالحزن وبالوجع الكبير، ضاقت بنا المسالك واحاطت بنا المهالك، وأغلقت في وجوهنا المعابر وتكالبت علينا الأمم، واشتد بنا الأمر وعظم علينا الخطب، واستحكمت حولنا الدوائر،وضاقت علينا الأرض بما رحبت وبلغت القلوب الحناجر. تلك الشدائد والأزمات ستصنع العزائم، وتنبت أشجارا من الصبر الجميل لا يقتلعها عدوان وتدمير،

315

| 31 يناير 2025

حرية الرأي والتعبير والإعلام الواجهة الحضارية للمجتمع

تعتبر حرية الرأي والتعبير أحد الحقوق الأساسية التي لا يكاد أي دستور مكتوب يخلو من النص عليها صراحة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن هذا الحق يعتبر نواة وأساسا لجميع الحقوق الفكرية، ودونه لا يمكن الحديث عن قيام هذه الحقوق. ويسعى الانسان بفطرته وطبعه الاجتماعي إلى تكوين نسق قيمي يلتزم به، ويمثل له إطاراً مرجعياً يحتكم إليه في كافة مواقفه وتصرفاته، بهدف تحقيق حالة من التوافق، والتكامل الاجتماعي، ويتلقى الإنسان القيم عبر مراحل حياته الاجتماعية المتعاقبة من خلال المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمحاضن التربوية والثقافية، ومن أبرزها تأثيرا حديثا منصات الإعلام الجديد. فقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية التأثير المتزايد لوسائل الإعلام في توجيه منظومة الحياة داخل المجتمع، بحيث يمكن استخدامها في عملية التطور والبناء وخدمة أفراد المجتمع؛ كون الإعلام وأدواته المختلفة السلطة المؤثرة في المجتمع، وكما يعتبر الدفاع إعلاميا عن ‏قضية أو مبدأ أو رأي مسؤولية وطنية، كذلك يعتبر تصحيح صورة ما أمام الرأي العام المحلي والعالمي مسؤولية أيضًا، وتناول قضايا المجتمع المختلفة يجب أن تكون أداة فاعلة لممارسة الدبلوماسية والديمقراطية الشعبية والاتصال بالمؤسسات التي تضع السياسة أو تؤثر في عملية اتخاذ القرار، وتوجيه الرأي العام، ونقل المعلومات، وتظل ممارسة ودعم حرية الرأي والتعبير الحلم المنشود إذا ما تحقق بصورة متكاملة، فإن ذلك يعكس بالضرورة طبيعة الحالة الحضارية داخل المجتمع. تعد حرية الرأي والتعبير قضية محورية وجوهرية في حياة المجتمعات، وهذه القضية شغلت اهتمام الباحثين والمتخصصين في شتى المجالات، وبرزت وسائل الإعلام وخاصة الإعلام الجديد أحد أهم قنوات التواصل حديثا التي تسعى باستمرار إلى توسيع مساحات حرية الرأي والتعبير، وترتكز على المناقشات والمحاورات وتبادل الأفكار والقضايا المختلفة، وليس على فرض وجهة النظر الواحدة أو الرأي الواحد، لأن الهدف الأسمى للإعلام الجديد هو إحراز تقدم للإنسان وتمكينه من تحقيق حرياته وتحقيق العدالة. كما أن حرية الإعلام هي الأسلوب الأمثل لتحقيق حرية الإنسان وتوفير حياة ‏كريمة وطيبة له، ومن الأمور التي يجب الإشارة إليها هنا هي الارتباط الوثيق بين الظاهرة الإعلامية والرأي العام، فوسائل الإعلام المختلفة، من صحف وإذاعة وتلفزيون وإعلام جديد، لها تأثير كبير في جمهور المواطنين وتوجيههم الواجهة التي تريدها. فضلًا عن ذلك، فإنها وثيقة الصلة ببناء المجتمع ككل، وتتأثر تأثيرًا مباشرًا بالأوضاع الثقافية والاجتماعية والتنظيمات السياسية والبنى الفكرية السائدة في المجتمع. وهذه العوامل تتدخل ليس في رسم السياسة الإعلامية، بل وفي تحديد الأهداف واختيار المادة الإعلامية.

576

| 29 يوليو 2023

مدخل في فهم الذكاء الاصطناعي

للإنسان قدرة هائلة على اكتساب المعرفة واستخدامها في معالجة الأزمات وحل المشاكل والقضايا التي يتصدى لها الإنسان جنبا إلى جنب مع خبرته في الحياة وتقديره للمواقف المتعددة، فالقدرة على التعلم واكتساب المعلومات والفهم سمات مميزة للذكاء البشرى. وينشأ ذلك من خلال التجارب التي يمر بها الإنسان والخبرة التي يكتسبها المرء ويساعده ذلك على التمييز الدقيق بين القضايا والخروج من الجزئيات إلى الكليات، وعملية احتفاظ العقل البشري بالمعلومات يسهل عليه التوصل إلى حل للمشاكل والقضايا التي تواجهه، فيقوم المرء باسترجاع الخبرات السابقة والاستعانة بها في المواقف الحياتية الجديدة وحسن التقدير للموقف والمعالجة المنطقية للمعطيات وصولا إلى الحلول الجيدة، فالمعرفة لدى البشر تراكمية قائمة على القياس والاستنباط والاستنتاج. إن الذكاء سمة اتصف بها الكائن البشري منذ نشأة الخلق، فكان من أكبر الأدلة على اصطفاء الخالق للكائن البشري على سائر المخلوقات الأخرى، ومن الطبيعي أن يكون هناك صفات تدعم هذا الاصطفاء فكان العقل البشري أهم دلائل هذا الاصطفاء ومقوماته. ويمكن القول إن الذكاء الطبيعي بشكل ما يكمن في قدرة الإنسان على اكتشاف أسرار وقوانين الكون والقدرة على إبداع الأفكار وإيجاد حلول المشكلات وتفسير الظواهر الكونية وفهم العلاقات بين الأشياء واختراع العديد من الوسائط التي تساعده على تطوير حياته، وقد توجت بصناعة الحاسوب الذي أدى إلى مضاعفة الأداء الذهني والابتكاري عند الإنسان مما جعل البعض يطلق عليه العقل الإلكتروني. نشأ الذكاء الاصطناعي في ظل اتجاه جديد هو الاتجاه التعددي، حيث إن البحث العلمي لم يعد مجهودا فرديا ذاتيا يقتصر على مجال واحد في تخصص علمي واحد. ويأتي علماء الذكاء الاصطناعي من تخصصات مختلفة منها الحاسب الآلي والرياضيات والمنطق وعلم اللغة والفلسفة وعلم النفس، والذكاء الاصطناعي حقل من الدراسة القائمة على فرضية أنه يمكن اعتبار التفكير الذكي شكلا من أشكال الحوسبة ويمكن تنميطها بل وميكنتها في نهاية الأمر، ولتحقيق ذلك هناك مسألتان رئيسيتان يجب التصدي لهما، تمثيل المعرفة ومعالجة المعرفة. يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه نمذجة جوانب من التفكير البشري على أجهزة الحواسيب، فهو الحقل الفرعي لعلوم الحاسب والمعنية بمفاهيم وأساليب الاستدلال الرمزي بواسطة الحاسب وتمثيل المعرفة الرمزية للاستخدام في صنع الاستدلالات. وتحاول برامج الذكاء الاصطناعي التعامل مع رموز تعبر عن معلومات غانمة مثل: الجو اليوم بارد، والطعام له رائحة زكية وهو تمثيل يقترب من شكل تمثيل الإنسان لمعلومات في حياته اليومية.. إذاً يحاول الذكاء الاصطناعي إضفاء إحدى السمات المميزة للعقل البشري وهي القدرة على التعامل مع المنطقة الغائمة غير الواضحة وغير المحددة الكامنة في الكثير من الأمور الحياتية لدى البشر كالتفكير، والحوار، والتي يصعب على الآلة بشكلها التقليدي التعامل معها. الذكاء الاصطناعي لا يطبق على الأجهزة، والآلات (الروبوتات) فحسب، بل يتم كذلك داخل أنظمة الحاسوب (البرامج الذكية، أو الخوارزميات)، كما تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات، وفي القلب منها البيانات المتاحة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي هي مزيج من التقنيات المختلفة سواء كانت برامج، أو أجهزة، أو مزيجًا بين الاثنين. فبعض هذه التقنيات قائمة على البرمجيات، والشبكات العصبية الاصطناعية، والحوسبة التطورية، والنظم الخبيرة، والتعلم الآلي. وهناك تقنيات تستند إلى البرامج الذكية، والبرمجيات التي تعمل على استخراج البيانات، والنصوص، وتحليل المشاعر، بالإضافة إلى تقنيات تعتمد على الأجهزة وبالأخص الروبوتات، والمركبات المستقلة، والرؤية الاصطناعية.

1338

| 26 مايو 2023

تراث القدس الزائر الذي استوطن الأفئدة والعقول

يصيغ التراث شخصية ووجدان وهوية الأفراد والأمم والمجتمعات؛ فالتراث بمثابة الذاكرة البيئية والوراثية، ونظراً لما للتراث من أهمية في تعليم الأفراد القراءة والكتابة لتاريخهم وثقافتهم فقد اهتم به في العلوم الإنسانية الأخرى من خلال الجامعات والدوريات والمؤسسات بهدف جمع وتوثيق ودراسة وتحليل التراث، ويمثل التراث لأي مجتمع شخصيته وخصائصه الحضارية المادية والمعنوية، لذلك اهتم أهل صناعة المناهج منذ وقت طويل بتضمين التراث الخاص بكل مجتمع وتراث المجتمعات المختلفة ليتعلم منه أبناؤه، وحتى يتمكن المتعلمون من التواصل والتفاعل فيما بينهم. يُطلق لفظ التراث على مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم وراثتها من السلف إلى الخلف، وهو نتائج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء كانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب، ويمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع، وتشهد المخطوطات الموجودة في مكتبات العالم، والآثار المنتشرة في متاحفه على ما تمتلكه الأمة من تراث ثقافي عريق. وينبغي لدارس التراث أن يتميز برهافة الحس النفسي ليختار من قديمه ليلائم جديده وأن يجمع بين مميزات التراث وأصالته وبين ما يحتاج الفكر المعاصر إليه. تولي الأمم والشعوب أهمية فائقة لجمع التراث الوطني بمختلف فروعه وأقسامه، ومن ثَمَّ توثيقه، وحفظه، فالتراث الوطني أروع وسائل التواصل بين الأجيال، كما يعزز الانتماء للأرض والوطن، ويثري الروح المعنوية ويحفزها على الإبداع والتفوق. والتراث يضم كل ما شيده الأجداد من عمائر دينية كالمساجد والكنائس ودور العلم والزوايا والتكايا، كما يضم الحرف اليدوية والصناعات التقليدية كصناعة الصابون والزيت، والخزف والنحاس والتطريز، وكذلك الفنون الشعبية كالأهازيج والأغاني الشعبية، وكذلك الفنون التشكيلية والفنون الشفاهية الأدبية. ولذلك ينبغي الرجوع إلى تراثنا واتخاذه نقطة انطلاق نحو المستقبل وليس مجرد تراكم حضاري لخبرات وتجارب ومعارف الماضي، بل يجب أن نتعامل معه باعتباره شخصية الأمة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها. كثيراً ما استخدمت عناصر التراث لتدعيم قضية صراع وطنية، وكسب حقوق، وتراث مدينة القدس نموذج حي بالغ الأهمية وفي حاجة ماسة للتعريف به، وتوطينه بين أبناء الأمة العربية الإسلامية. فتراثها له شأن آخر ذو خصوصية. فهي ليست مدينة الأرض والمكان والزمان فحسب بل هي امتداد طبيعي لأبجدية ثقافية عربية كاملة المواصفات شكلت مرجعية تواصل فني وجمالي مع أصولها المتوارثة وذاكرتها التاريخية والروحية التي استوطنت الأفئدة والعقول على مدى الحضارات الإنسانية. ونظراً لهذه الأهمية للتراث، فقد أدركت بعض الدول بأن جمع تراث الأمم وشرائه أو الاستيلاء عليه هو أحد الوسائل التي تتيح لهذه الدول معرفة حضارات الدول الأخرى، ولذلك فقد قامت دول استعمارية كثيرة بسرقة تراث كثير من المدن، كما هو واقع الحال في مدينة القدس، ولعل أفضل الوسائل للتعامل مع التراث لحمايته والمحافظة عليه هو الوعي بقيمته وأهميته الدينية والتاريخية والثقافية والفنية. ويتطلب هذا الوعي الاهتمام به، تعليمه وتذوقه والدفاع عنه، كما تنبع أهمية التراث المقدسي تحديدا بما يحمله من قيم الندرة، الهوية، القيم الفنية، الوظيفية، التعليمية، الاجتماعية، السياسية، وأفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد، كما يمثل ذاكرة الأفراد والأمة العربية والإسلامية. هذه الأهمية للتراث لا تقتصر على ما يتصل بالأمة الإسلامية فحسب، بل هي قانون حضاري يشمل كل الأمم، فلكل أمة تراثها الذي يشكل دورا محوريا في تكوين هويتها، إذ لا هوية للمجتمعات بغير الاستناد إلى تراثها، فهو رافد مهم للتراث الوطني يشكل الإطار التاريخي الذي تنطلق منه حضارة المجتمع، ويعد بمثابة الوعاء الذي يضم بين جنباته الحصيلة الإنسانية لكافة جوانب تطور المجتمعات ونموها. ويمثل الجزء المرئي من التاريخ، وهو ملك للبشرية جمعاء، غير قابل للتعويض، فإذا ما أتلف أو أزيل من الوجود فإنه لا يمكن أن يعود كما كان، ولا يمكن إعادة أصالته بعد تدميره. لذلك، لا بد من حمايته وصونه والمحافظة عليه. إن أبلغ الدروس الحضارية للمجتمعات لا يمكن أن نتصوره بأبهى صورة مثلما يقدمه تراث الأمم ليستخلص منه الأجيال معالم الواقع، وصورة الحاضر، وتحديد ملامح المستقبل؛ فالتراث بأنواعه المختلفة روح الوطن ووجدانه، وهوية المجتمعات البشرية، ودليلا حيويا على مراحل تطورها، كما يوضح لنا تركيب الأمة الاجتماعي والاقتصادي ومؤشر تقدمها الحضاري. بل يعد ذاكرة التاريخ الحية، فإن كان التاريخ هو ذاكرة الأمة، فالتراث روحها، لذلك فالتمسك بالتراث ظاهرة بالغة الأهمية، ولو لم يتعرف العالم على تراثهم المعرفي، ولو لم يدرسوا التراث الغني بالمعارف والثقافات كابن سينا والفارابي وغيرهم، لما استطاعوا أن يبنوا الحضارة الراهنة. وكما يقولون «من لا تراث له لا وطن له».

3393

| 27 مارس 2023

المرأة العربية كلمة السر في الريادة الحضارية

نظرة فاحصة معمقة عبر سجلات التاريخ الحافلة بالأحداث وذكريات العطاء والمجد المشرق، نجد دورا مؤثرا وعظيما حققته المرأة العربية عبر هذه النافذة، فكانت نموذجا مشرقا ومجدا من نور في جميع الأدوار المناطة بها داخل وخارج الأسرة، فهي المربية الماهرة، العالمة، الفقيهة، المرشدة، المعلمة، الشاعرة، الأديبة، والطبيبة التي تخيط الجراحات النازفة المرئية وغير المرئية، وصانعة أجيال أزهرت وأثمرت غراسا وأنضجت حضارة مشرقة في العديد من المراحل والعصور، وبرغم التحديات كافة، ما زالت تسطر المرأة العربية عظيم الإنجازات وأعظم معاني التضحية في المجتمع، نراها ليل ونهار تكدح وتكد وتساهم بكل طاقة تمتلكها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم القلب النابض حياة في كل طريق نسلكه، الزوجة الصابرة، الأخت الحانية، القريبة المشاركة، الرفيقة المعلمة، والعنصر الفاعل حياة في المجتمع، مما يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع لا يمكن إغفاله أو تقليل من قيمته وخطورته. لقد توقفت كثيراً عند اختيار عنوان يعطي للمرأة العربية والإسلامية مكانتها المتنامية وحقها المأمول، ويكاد من الصعب على فنان محترف مبدع أن يستطيع نقش مدى الصبر والعطاء والجمال اللامتناهي لعظيم دور المرأة العربية وتضحياتها، ولو أضفنا إلى ذلك الصبر الشامخ للمرأة في ظل التحديات التي تعصف بالأمة العربية والإسلامية لوجدنا أنفسنا أمام زهرة تنمية المجتمع، أيقونة العطاء، ميدان الحب والعطاء، روح المشاركة، أساس البنيان وقطاف الثمار، فالمرأة العربية في مجتمعاتنا هي الصورة الحقيقية الكلية للمجتمع، وهي المقياس الحقيقي للنظر إلى مدى التقدم والنهضة في المجتمع، فعند النظر إلى الرسالة المقدسة التي تؤدى من قبل المرأة العربية بكل معاني الصبر والأمل برغم عظيم الألم ومواجهة جميع التحديات وصولا لتأدية المهام الكبرى المتمثلة برسالة البناء والعطاء، من هنا نستطيع أن نقطف ثمرة بناء الأمة والمجتمع بشكل حقيقي تنموي، وبذلك يتكون الجيل الصاعد الجديد، وينشأ نشأة سليمة، فالمرأة التي تدرك حقيقة وعظيم دورها، وتلتزم بواجباتها على الوجه الأمثل، إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيراً بالغاً، يدفع به إلى فضاء التقدم والرقي والريادة الحضارية النشطة. إذاً فالمرأة العربية هي الركيزة الأساسية داخل الأسرة، والمجتمع، ومن دون تعظيم دور المرأة والاهتمام بها لا يمكن حدوث التنمية الفاعلة في المجتمعات، ومجمل التحديات التي تواجه المرأة العربية كالعنف، الظروف الاقتصادية وغيرها، يتوجب أن يتم العمل من منظور تنموي وبتعاون كامل من كافة الجهات القيادية وصناع القرار ومؤسسات المجتمع لمعالجة تلك التحديات كافة، وتوسيع الدور التنموي للمرأة العربية داخل المجتمع، وعليه بإمكان المرأة النهوض بشكل أكثر فاعلية وتأثيراً اذا ما أعدت بصورة صحيحة للقيام بدورها المناط بها، لأجل المساهمة في بناء المجتمع بشكل قوي قادراً على التعامل مع متغيرات وظروف الحياة بشكل يحقق التنمية والمساهمة بكفاءة في عملية الإعداد والبناء، ومن هنا جاء سبق وتركيز الاسلام على بناء شخصية المرأة بشكل أصيل متكامل. إن بروز المرأة العربية في العديد من المنابر الأكاديمية، التربوية، الاجتماعية والاقتصادية وغيرهما يعد في حقيقة الأمر تتويجاً للنجاحات المستمرة التي يتم إحرازها حتى الآن في عملية الكفاح المتواصلة الهادفة إلى تطوير وبناء المجتمع والمشاركة الفاعلة الحقيقية في عملية التنمية الشاملة، من خلال وجود المرأة العربية كعضو فعال في المجتمع العربي عبر فتح بيئة خصبة لعملية تمكين المرأة، وهذه هي المرأة العربية التي تسطر يوماً بعد يوماً ملامح الأفق الجميل، والمجد العظيم، والتضحيات التي تقوم بها بدءً من محيطها الأقرب أسرتها الصغيرة ومروراً بمجتمعها الخارجي ووصولًا إلى العالم أجمع، لتشكل بصمات واضحة في الإبداع والتفوق والريادة في كافة المجالات المجتمعية الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية. لا بد من التأكيد أن تعميق الاهتمام حول قضايا المرأة العربية في البحث العلمي يعتبر مقياسا حقيقيا ومركزيا لقياس تطور المجتمع من عدمه، فحدود تقدم مجتمعاتنا العربية والإسلامية مرهون بتقدم المرأة فيه، فلا يمكن تصور تقدم مجتمعاتنا تاركا وراءه نصفه الثاني في حالة تخلف وضياع وتهميش، وقد أثبتت التجارب الواقعية ما قدمته المرأة العربية من تضحيات عظيمة، وإنجازات كبيرة في العديد من الميادين برغم كل العقبات والتحديات وضعف الإمكانيات، وكم تحملت وصبرت وكافحت من أجل أن تشارك في صناعة حضارة مجتمعية مشرقة وتصنع جيلا واعيا يعزز ويقدر ويحترم المرأة ودورها العظيم في كل مرحلة من مراحل البناء والنهوض، ويمكنني القول بأن المرأة العربية هي الصورة المشرقة الكاملة عند النظر للمجتمع، ظروفها وأحوالها وخصائصها تنعكس فيها القيم الأساسية التي تحكم حركة المجتمع وتسير أموره، إنها خط الدفاع الأول، وكلمة السر في البناء والعطاء، ومفتاح الأمان والدفء ومنظومة التربية، وكفى بالأمهات العربيات كنموذج أصيل من شعب رائع، يتحملون كل شيء، يدركون أن الحزن والشدائد لا مفر منها ومستعدون أن يغوصوا فيها ليعبروا إلى الشاطئ الآخر بكل دفء وأمان. خبير في البحث العلمي والدراسات [email protected]

1048

| 31 مارس 2022

التخطيط الإستراتيجي المستقبلي في الجامعات ليس ترفاً

يعتبر التخطيط الاستراتيجي أحد أهم أنواع التخطيط المستقبلي طويل المدى، الذي يعد ركن الانطلاق للمؤسسات، عبر استراتيجية شمولية سعياً منها للتوجه نحو الوضع المأمول بفضل ما يتمتع به من سمات وخصائص تميزه عن غيره من الأنواع الأخرى، ولقدرته على وضع المؤسسات في موضع المنافسة والتميز عن مثيلتها من المؤسسات الأخرى، وحاجة الجامعات العربية للتخطيط الاستراتيجي المستقبلي حاجة وجود لا يمكن الابتعاد عنه أو تأخير العمل به عبر منظومة واضحة ودقيقة، إنه غاية لا يمكن تجاهله أو التفريط به، فإذا كان التخطيط في جامعاتنا العربية قوياً مبنياً على أسس سليمة ورؤى واضحة ضمن رؤية ورسالة وأهداف استراتيجية واضحة فإن المخرجات سوف تلبي الطموحات المنشودة وتخدم عملية التنمية المستدامة أسوة بالجامعات العالمية الريادية. وفي ظل الظروف المتغيرة والعاصفة بالجامعات العربية التي تتميز بعدم الاستقرار وتسارع وتيرة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وتراكم للأزمات، مضافاً إليها الفجوة الكبيرة في العلوم والتقنيات يصبح لزاماً على الجامعات العربية أن تعتمد التخطيط الاستراتيجي المستقبلي باعتماد أسلوب إداري هادف وواع يمكنها من تجاوز واقعها المثقل بالكثير من التحديات، وينقلها إلى مرحلة متقدمة تمكنها من زيادة فرص بقائها ونموها وتطورها في تحقيق أهدافها وضمان قيامها بالأدوار المنوطة بها على أفضل وجه. وبالنظر إلى الجامعات العالمية الرائدة في مجال التخطيط الاستراتيجي نجد الممارسة الواقعية التي يتم بواسطتها تصور وتخيل مستقبل المؤسسة، التي يتم من خلالها تحديد رسالتها ووضع أهدافها واستراتيجياتها، واتخاذ القرارات الخاصة بتطوير العمليات والإجراءات التي تسعى إلى تحقيق هذا المستقبل، ضمن برامج زمنية مستقبلية محددة يتم تنفيذها ومتابعتها بشكل دقيق. إن دعوتنا للتخطيط الاستراتيجي المستقبلي ضرورة، وليس ترفاً نظراً لأنه يؤدي إلى الكفاءة والفاعلية المتنامية للجامعات، وهذا ما خرجت به أحدث الدراسات العالمية في معظم المؤسسات العالمية التي تستخدم التخطيط الاستراتيجي منهجاً ومرشداً في عملياتها المستمرة. إن التخطيط الاستراتيجي المستقبلي لجامعاتنا العربية هو إدارة التغيير بأجمل وأبهى صورة للخروج من الأزمات كافة، فالتخطيط طويل المدى يعني تخطيطا تشغيليا وهو جزء من التخطيط الاستراتيجي ونتاج لهذه العملية، وهو برمجة للنشاطات والمشاريع والبرامج التي تساهم في الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية الموضوعة. إذاً التخطيط الاستراتيجي كعملية ليست مهمة بسيطة يتم اعتمادهاً قولاً ومنهجاً بشكل سلسل من قبل الجامعات العربية، وإنما هي إشراك وجمع لمجموعة مركبة من الخيوط والتحليلات للظروف التي تواجهها جامعاتنا، وهو تحديد هوية شاملة وترسيم الرؤية للمستقبل، وانتقاء الخيارات الاستراتيجية ووضع دلائل للنشاط والفعل. إن قيادة الجامعات العربية ومجالسها المختلفة مطالبة بالتحليل الاستراتيجي الشامل للقوى البيئية المحيطة بالمؤسسة، لأهمية تأثيره على أهدافها وأنشطتها، فهو مجموعة أدوات تستخدمها الإدارة الاستراتيجية لتشخيص مدى التغير الحاصل في البيئة الخارجية وتحديد الفرص والتهديدات بشكل يساعد في تحقيق العلاقة الإيجابية بين التحليل الاستراتيجي للبيئة وتحديد أهداف المؤسسة وتحديد الاستراتيجية المطلوبة. إننا بحاجة ضرورية لتوفير إدارة وعاملين قادرين على تنفيذ الخطط الاستراتيجية المستقبلية، وتحديد الخبرات المطلوبة للعمل، ودراسة الخبرات المتوفرة بالجامعات ومقارنة الخبرات المتوفرة بالخبرات المطلوبة وتحديد ما إذا كان سيتم الاعتماد على الخبرات المتوفرة أو سيتم الاستعانة بها من الخارج. كما أن القيادة الجامعية مطالبة بشكل مستمر بعملية مراجعة سنوية وتطوير وتعديل للخطط، ليس فقط لتحديث الخطة ولكن لمنح فرصة لأجيال جديدة من القيادات والعقول المعرفية التي تغذيها بشكل أعمق، كما لا ننسى أن دور القيادة لا يتوقف عند وضع تلك الخطط المستقبلية بل يجب أن تتأكد من تنفيذها وملاحظة أية انحرافات في الخطط والعمل على تلافيها. وتأتي عملية الرقابة والتقييم للخط الاستراتيجية المستقبلية في إطار كونها جزءاً ومكوناً رئيساً من عملية القيادة الجامعية للتأكد من صحة التفكير ودقة التخطيط وكفاءة التنفيذ، وإن عملية الرقابة تلك تمتد من التأكد من جودة التفكير الاستراتيجي، والتأكد من جودة الخطط الاستراتيجية، حتى التأكد من جودة الأداء الفعلي ومطابقته للمخطط المستهدف.

4257

| 17 نوفمبر 2019

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4617

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3507

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

1665

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

1296

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1233

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

885

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

879

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

789

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

756

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

642

| 30 سبتمبر 2025

أخبار محلية