رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مكافحة التستر التجاري

مزدحمة قاعات المحاكم القطرية بقضايا مجتمعية ومالية تُنظر أمام القضاء ويقف وراءها «التستر التجاري»، أطراف هذه القضايا مواطنون قطريون ومستثمرون غير قطريين، وعديدة هي القطاعات الاقتصادية التي تنشط فيها هذه الظاهرة، بدءا بالمحال التجارية والورشات المهنية، مرورا بالشركات الخدمية، وصولا إلى قطاع الإنشاء والعقارات. تبدأ القصة حين يرغب أحد أصحاب رأس المال من غير القطريين في ممارسة أنشطة اقتصادية غير مسموح له بممارستها على أرض قطر، فيلجأ إلى التستر بأسماء المواطنين القطريين واستغلال التصاريح التجارية المقصورة على أبناء البلد، مستغلا هشاشة الثقافة القانونية عند بعض المواطنين، فينجح عن طريق الإغراءات المالية في إقامة واجهات قانونية تمنحه فرصة العمل والربح الفاحش والتهرب من الضرائب. لقد طورت قطر أُطرها التشريعية والقانونية تصديا لهذه الظاهرة، فقد نظم قانون رقم (1) لسنة 2019 استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، ولاحقا أُقرَّ قانون مكافحة التستر التجاري رقم (3) لسنة 2023، لسد الثغرات التي لم يعالجها القانون السابق رقم (25) لسنة 2004. القانون الجديد عَرَّف حالات التستر، ونص على العقوبات المترتبة على إدانة المتسترين، وجعلها متنوعة بين الحبس والغرامة ومصادرة الأموال وإبعاد غير القطريين ووقف مزاولة العمل التجاري. ووفقا للقانون التستر هو: «تمكين غير القطري، سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا من القيام بممارسة أو الاستثمار في نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني غير مرخص له فيه بموجب القوانين المعمول بها في الدولة، بالإضافة إلى الحصول على نسب من الأرباح بما يتجاوز النسب المنصوص عليها في وثيقة تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي». إن نظرة فاحصة في الأثر السلبي الذي يتركه التستر التجاري في الجسد الاقتصادي القطري، تجعل متابعي السوق القطرية يدركون خطورة المشهد، والضرر الواقع على بيئة الأعمال، وتنافسية السوق. في استطلاع أجرته صحيفة «الشرق» في حزيران 2024 رأى المستطلعة آراؤهم أن سبب زيادة حالات التستر التجاري هو محاولة الشريك غير القطري التهرب من دفع الضريبة؛ فالشركة عندما تكون قطرية 100 % تُعفى من الضرائب، ولفتوا إلى أن بعض الشركات المخالفة للقانون تكون وهمية ومسجلة باسم مستثمر قطري على الورق، وهو لا يعلم أي شيء عن إدارتها ونشاطها، إذ يقوم المواطن القطري بتفويض المستثمر غير القطري بالإدارة والصلاحيات الكاملة، ثم يتفاجأ أن عليها ديونا ودعاوى قضائية، وذكروا أن هناك حالات هرب فيها الشريك غير القطري خارج البلاد من غير أن يتحمل أي مسؤولية قانونية. وطنيا، يسهم التستر بارتفاع معدلات البطالة وانحسار فرص العمل المتاحة للمواطنين؛ لأن رأس المال المتستَّر عليه يفضل الأيدي العاملة غير القطرية منخفضة الأجور، كما أن البيئة التنافسية النزيهة في القطاع الخاص تصبح على المحك؛ بسبب أن التستر يسمح للشركات الوهمية بمنافسة الشركات القانونية النظامية. وبالتستر التجاري يتأثر دخل الدولة من الضرائب؛ إذ تتهرب الشركات المتستر عليها من الأداء الضريبي العادل. من جهة الفرد والمجتمع، وتحريا لمبدأ الحلال والحرام من المنظور الشرعي، يجب الوقوف على آراء الفقهاء في التستر التجاري، فقد حظرت الشريعة الإسلامية التستر التجاري لجملة أسباب منها ضرره، ولما فيه من التغرير والخديعة والحيلة، وعدّته من العقود التي يخالف باطنها ظاهرها، ولكونه من أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا». ومن جهة الدولة فإن المسؤوليات الملقاة على عاتقها تتلخص فيما يلي: الاستمرار في إطلاق حملات إعلامية وطنية دورية، هدفها زيادة وعي الأفراد بآثار التستر السلبية على الاقتصاد الوطني، وعاقبته الجزائية في حال الإدانة، وإطلاق مبادرات تحفيز وطنية تشجع القطريين على الاستثمار المحلي، من دون الاعتماد على الآخرين، وتوفير آليات التمويل والإقراض اللازمة. إنشاء منظومة استشارية من أهل الخبرة والاختصاص تقدم الرأي القانوني للأفراد القطريين الراغبين بعقد اتفاقيات شراكة مع المستثمرين الأجانب، وتقدم كذلك دراسات جدوى حقيقية للمشاريع قيد التنفيذ. تبنِّي مبدأ الوقاية خط الدفاع الأول قبل العقاب، الأمر الذي يترتب عليه تشديد الرقابة على الأنشطة التجارية، وتيسير آلية إبلاغ سرية بالأنشطة المخالفة، تحفظ المبلغين من الملاحقة أو التبعات، وتكثيف الجولات الرقابية ضمن برنامج وطني قطري لمكافحة التستر. تعريف المواطنين بلجنة مكافحة التستر في وزارة التجارة والصناعة، وتسليط الضوء إعلاميا وتثقيفيا على آليات اللجنة في مكافحة التستر. الربط الإلكتروني بين المؤسسات الاقتصادية والمالية والضريبية القطرية، لتسهيل تبادل المعلومات، والتحقق من التزام الأطراف جميعها بنصوص القانون وتطبيقاتها. إعادة النظر دوريا بالقوانين والأنظمة واللوائح والتعليمات التي تعالج ظاهر التستر التجاري، وتغليظ العقوبات عند الحاجة، وفتح باب المصالحة بين الأطراف المتخاصمة إن كان ذلك يصب في المصلحة العامة. وأخيرا، إن الوقوف بحزم ووعي ووطنية أمام التستر التجاري هو مثلث أضلعه الدولة والمجتمع والفرد، الدولة علّقت الجرس، والمجتمع المدني مطالب بالاضطلاع بدور رقابي ووقائي، أما الفرد فإن الرهان الحقيقي عليه في صون المنجز الاقتصادي القطري، وبلوغ بر الأمان على المستويين الشخصي والعام.

699

| 13 يوليو 2025

قطر واحة رقمية في قلب الخليج

بينما كنت منشغلا في مكتبي، زارني أحد الأصدقاء طالبا استشارتي بشأن إعداد دراسة جدوى لمشروعه التقني. حين أنهيت معه العمل على المادة التي حضر بشأنها، اقترحت عليه الاستعانة ببعض الفنيين الذين تعج بهم مواقع الانترنت من مختلف الدول العربية، بل وحتى العالم، ممن باتوا يعرفون باسم المستقلين، أو Freelancers. أخذنا الحديث بعدها بعيدا باتجاه العمل الحر وميزاته وعيوبه وكيف يعمل المستقلون حول العالم، وما هي الضوابط التي تضبط عملهم، وبحكم عملي في الجانب الاقتصادي في دولة قطر، وادراكي لتوجه الدولة نحو اقتصاد المعرفة والاستثمار في التحول الرقمي، فإن الحديث انعطف بنا مرة اخرى في مسار مختلف. دولة قطر الغنية بمواردها النفطية، والمحافظة على ارث الآباء والاجداد، والتي تجمع بين المعاصرة والعراقة، هي دولة تمثل قاعدة خصبة للمستقلين أو ما أحببت أن أطلق عليهم مصطلح " البدو الرقميين" أو المتنقلين الرقميين Digital Nomads. أثار الحديث عن مصطلح " البدو الرقميين" خيال صديقي، فسألني عن ماهية "البدو الرقميين" وكيف يمكن الاستفادة منهم في مشروعه. أوضحت له أنهم أشخاص يعملون عن بُعد ويتنقلون بين البلدان بحرية، يستخدمون التكنولوجيا لتحقيق استقلالهم المهني، ويتنقلون بمرونة بين المشاريع والشركات المختلفة. "يمكنهم دعم المشروع من دون تكاليف توظيف محلية كبيرة، وهذا يتناسب تمامًا مع ما يحتاجه مشروعك. تتمتع قطر ببنية تحتية متقدمة، مع إنترنت فائق السرعة وأسعار معقولة، مما يجعلها وجهة ملائمة للمتنقلين الرقميين، خاصة وأنهم يحتاجون فقط إلى شبكة اتصال قوية ومساحات عمل مناسبة. بالاضافة إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يمثل العامود الفقري لرغبة مختلف الأشخاص بالسكن والعمل في هذه الدولة. فكّر صديقي للحظة وسألني عن كيفية جعل قطر جاذبة لهذه الفئة من العاملين. أشرت إلى أنه ينبغي توفير خيارات إقامة مرنة وإجراءات تسهيلية لتصاريح الإقامة، إلى جانب تأمين خيارات سكنية ميسورة التكلفة ومساحات عمل مشتركة مجهزة (وهو ما تعمل عليه الدولة اليوم من خلال QFC وغيرها من المؤسسات)، مما سيوفر بيئة ملهمة للإبداع والتعاون. أكد لي أنه بدأ يرى صورة أوضح، فأضفت أن وجود "البدو الرقميين" سيسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، حيث يمكنهم تأسيس شركات ناشئة وخلق فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار في مختلف المجالات. كما أكدت لصديقي أن أحد المكاسب غير المباشرة من استقطاب المتنقلين الرقميين يكمن في الترويج السياحي لقطر؛ إذ يشاركون تجاربهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز الوعي بقطر كوجهة سياحية واستثمارية متميزة، ويزيد من جاذبيتها في أعين السياح الرقميين من مختلف دول العالم. وبالنسبة "للبدو الرقميين" المسلمين، فإن قطر تُعد وجهة مثالية بفضل بيئتها الثقافية والدينية التي تحترم القيم الإسلامية وتلبي احتياجاتهم. استمر حديثنا، وأخبرته أن أعداد المتنقلين الرقميين تتزايد بانتظام، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى نحو 1.8 مليار بحلول عام 2035، مع إسهام اقتصادي يُقدر بـ 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2025. هذا العدد الكبير يشير إلى فرصة اقتصادية هائلة، خصوصًا مع تزايد تبني الشركات العالمية لنموذج العمل عن بُعد. تحدثنا أيضا عن أهمية أن تكون قطر وجهة جذابة "للبدو الرقميين" من العرب والمسلمين. "فقطر تتمتع ببيئة ثقافية ودينية تحترم القيم والتقاليد الإسلامية، وهذا يجعلها مكانًا مريحًا للبدو الرقميين المسلمين.“ أشرت له إلى تجربة دول أخرى في هذا المجال مثل تركيا، التي شهدت زيادة بنسبة 20% في أعداد "البدو الرقميين" خلال السنوات الأخيرة وفقًا لتقرير صادر عن "مؤسسة الإحصاء التركية" (Turkish Statistical Institute)، حيث اتبعت سياسات مشجعة مثل تسهيلات التأشيرات وبنية تحتية متطورة، ما جعلها وجهة جاذبة لمن يعملون عن بُعد. وتوضح هذه التجربة كيف أن سياسات حكومية مرنة يمكن أن تؤدي إلى استقطاب المزيد من هذه الفئة وتعزيز الاقتصاد المحلي. وبينما كنا نختتم جلستنا، أدركت أن فكرة جذب المتنقلين الرقميين ليست مجرد حلم، بل فرصة حقيقية يمكن لقطر أن تستفيد منها لتعزيز اقتصادها والمساهمة في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030. مع بنية تحتية قوية وسياسات داعمة، يمكن أن تصبح قطر مركزًا إقليميًا لجذب هؤلاء المهنيين الباحثين عن بيئة تجمع بين التوازن بين الحياة والعمل. ففي عصر تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، لم يعد جذب "البدو الرقميين" مجرد خيار، بل أصبح ضرورة لتعزيز الابتكار والاستفادة من المواهب المتنقلة عالميًا. في النهاية، يمكن للقليل من المرونة في بعض الاجراءات الحكومية، أو التسهيلات المصرفية، أو الخدمات الأخرى أن تشكل دافعًا اقتصاديا كبيرًا للدولة، ننتفع منه وننفع فيه غيرنا ممن تستهويهم الاقامة في دولة قطر الحبيبة.

2130

| 25 ديسمبر 2024

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

4086

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

4050

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2187

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
السودان.. حوار العقل العربي مع مُشعِلي الفتنة

في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف...

2139

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

1836

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

1446

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1344

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1056

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

1038

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

1020

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

990

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

981

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية