رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كنت في مدينة بخارى التاريخية قبل عامين، وصادف أن حديث المجتمع هناك كان يدور حول مسلسل عمر بن الخطاب الذي أنتجته مجموعة الــ ( mbc )، وقد دبلج للغة الروسية، والمجتمع الأوزبكي بشرائحه كان متشوقا جدا لمعرفة تاريخه الإسلامي عبر هذا المسلسل، وهو الذي جثمت الشيوعية عليه طيلة سبعين عاما. أعاد لي تلك الذكرى اليوم، مسلسل (محمد رسول الله) الذي أنتجته إيران بميزانية بلغت 40 مليون دولار، وهو الفيلم الأغلى في تاريخ السينما الإيرانية، وذكر مخرجه مجيد المجيدي أن زمن الفيلم 177 دقيقة، ويهدف لتعزيز الوحدة الإسلامية، وبث الأسبوع الماضي خلال أكثر من 147 دار عرض في إيران، ومن المتوقع أن يدبلج باللغة العربية والإنجليزية ويعرض في دور السينما العربية والعالمية. السينما باتت اليوم تكتب التاريخ بديلا عن الكتب العتيقة، ومن يسبق في هذا الميدان فهو من سيصوغ رؤيته للتاريخ، وبالتأكيد أن إيران كسبت نوعا ما في هذا السباق، وإن كان سماحة مفتي عام المملكة والدنا الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ قال محذرا بأنه "فيلم مجوسي وعمل عدو للإسلام"، وحذّر من تداوله.. وقال سماحته في تصريحه لصحيفة الحياة اللندنية بأن "رسول الله صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، والرسول له صفاته المعينة وخلقية معروفة، وهؤلاء يصورون شيئاً غير الواقع، فيه استهزاء بالرسول وحط من قدره، صلى الله عليه وسلم، لأن هذا عمل فاجر، ولا دين له، وإنما تشويه الإسلام، وإظهار الإسلام بهذا السوء". طبعا مثل هذا التحذير من أعلى القمة الشرعية في السعودية له اعتباره، إلا أنه لن يمنع من رواج الفيلم إن لم يكن مساعدا في الدعاية له، والحل بما طالبت به دوما بالمزاحمة في هذه الساحة، وتأخرنا في الدخول له يكلفنا كثيرا، وأدعو هنا دولة قطر التي سبقت في مجال الإعلام أن تتبنى مشروع أفلام تاريخية عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كي نكتبها برؤيتنا التي تمثل السنّة، وتستعين بفريق علمي شرعي من السعودية وبقية الدول العربية السنية في تصحيح السيناريو، إننا بهذا نحفظ أجيالنا من المغالطات والتشويه للتاريخ الذي تقوم به إيران. قطر لديها الإمكانات المادية والإعلامية التي تجعلها تستثمر في إنتاج هكذا أفلام على مستوى احترافي عال، وفضلا على أن حدة المعارضة لمثل هذا المشروع الحسّاس يخف كثيرا مقارنة بما هو عندنا في السعودية مثلا. ها أنا ألفت نظر الساسة في دول الخليج العربي إلى خطورة ترك إيران تصوغ تأريخنا عبر هذه الأفلام التي هي لسان العصر، والتي تقبل عليها الأجيال الجديدة أكثر بكثير من الكتب الدراسية أو كتب التاريخ الضخمة. الدراما أداة فاعلة ومؤثرة، وبدلاً من الاحتجاج على إيران بإنتاج هذا الفيلم الذي ستعقبه -ولا شك- أفلام أخرى، لماذا لا نخطو نحو ردة فعل إيجابية عبر امتطاء هذه الأداة وصوغ تأريخنا برؤيتنا؟ دعوني أذكّر هنا ما فعلته الدراما التي تعدّى دورها إيصال وتجذير الرسائل الفكرية في عقول المشاهدين، إلى إعادة كتابة التاريخ، ودونكم مثالاً: مسلسل (الملك فاروق) قبل أعوام، فقد فوجئ الجميع – وخصوصاً الأجيال الجديدة في مصر- بصورة مغايرة تماماً لما قرأوه وتعلموه عن الملكية، وقد شوّهها عسكر يوليو، وبدا الملك الشاب فاروق في صورة غير التي صوّرها ضباط الثورة بأنه سكّير وعربيد وزير نساء وجبان، لا سيما أن الممثل السوري تيم الحسن بوسامته وإتقان دوره؛ سحر المشاهدين، وكسب تعاطفهم، وقلب كل الانطباع السابق عن ذلك الملك المخلوع. وككل جيلي، تفاجأت بالصورة الجديدة للملك فاروق -على قلة الحلقات التي شاهدت– لكن المسلسل أقنعني، بديكوراته الباذخة، وجودة إخراجه، وحسن أداء الممثلين، علاوة على أنه صوتٌ وصورة، أكثر بكثير مما قرأته من نتفٍ يسيرة تائهة عن الملك فاروق، وعبر سطور جامدة مرت عليّ لماماً، ولم أحرص عليها. هنا دعوة لدول الخليج بالانتباه لهذا التحدي الثقافي الإيراني الجديد، وأن أثر هذه الأفلام سيكون وخيما على أجيالنا إن أهملنا تصحيحه.
1993
| 07 سبتمبر 2015
لست بالمتفائل لما يفعله عسكر مصر هذه الأيام من تضييق على جماعة "الإخوان المسلمين" وقياداتها، وأنا أستحضر أمامي بعض الذين قابلت من أفراد "الجماعة الإسلامية" المصريين، في مدينة (بيشاور) الباكستانية، صيف عام 1986 م. الفكر التكفيري الذي اعتنقه لاحقا أسامة بن لادن في (أفغانستان)، كان مصدره أولئكم المصريين الذين خرجوا من معتقلات التعذيب والسجون السوداء، فقد كانوا يتحدثون عن فظاظة العسكر ووحشيتهم، وسردوا بكثير من الألم ما فُعل بهم بتلك الأقبية. وكان لهؤلاء التكفيريين المصريين حضور قوي إذاك في ساحة الجهاد بتلك الصقاع، ووجدوا من يعتنق معهم هذا الفكر، خصوصا من الشباب الجزائريين، بيد أن الشيخ عبدالله عزام -يرحمه الله- كان صمام الأمان ضد هذا الفكر، وهو العرّاب الفكري لأسامة بن لادن، ووقف –حتى استشهاده- أمام اعتناق أسامة هذا الفكر التكفيري، الذي يقول بكفر كل القيادات والزعامات في الدول العربية، وبعضهم تطرف، في تكفير المجتمعات العربية، لأنها لم تقم بالثورة على الحكام، فهم موالون للكافر، وبالتالي هم كفرة. إن أكبر خطأ سيرتكبه عسكر مصر اليوم، هو التشديد على هذه الجماعة، وملاحقة قياداتها، ودفع أفرادها إلى الارتماء في حضن التيارات الإسلامية المتطرفة، التي شمتت بما حصل في انقلابهم، وهم الذين يتبنون في أدبياتهم، حرمة الديمقراطية أصلا، وأن القوة والجهاد هما اللتان تسمحان بتطبيق الشريعة الإسلامية. فقد سارعت "حركة الشباب" الصومالية، وهي إحدى الجماعات التابعة لتنظيم (القاعدة)، في تعليق نشر على (تويتر) بعد أن أطاح العسكر بمرسي: "متى ستستيقظ جماعة الإخوان المسلمين من سباتها العميق وتدرك عدم جدوى جهودهم في إرساء التغيير بالديمقراطية؟" وقالت الحركة في تغريدة أخرى: "التغيير يأتي عن طريق الرصاصة وحدها وليس بالاقتراع". هناك حركة "طالبان" بحسب المتحدث باسمها محمد يوسف الذي كتب: "لقد أصبح واضحا أن ما يسمى بانتخابات ومطالب الشعب والعدالة والحرية والأمن والسلام، هي مجرد هتافات وشعارات جوفاء، تستخدم من قبل الغرب والعلمانيين لخداع الناس". الزميل جمال عرفة يرصد لنا في مقالة أخيرة له، تقارير الصحف الغربية حول هذا الموضوع، بأن الضغط اليوم على أفراد جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، يدفع بهم نحو التطرف، فصحيفة (واشنطن بوست) بعددها 9 يوليو 2013م، أكدت على أن انقلاب الجيش، والحملة الأمنية والإعلامية المتصاعدة على مؤيدي الإخوان وكافة الأحزاب الإسلامية الأخرى، بالاعتقالات وتكميم الأفواه والحريات وارتكاب المذابح ضد أنصارهم -كما حدث مؤخرا في مجزرة الساجدين بالحرس الجمهوري– "بات يُستخدم من قبل إسلاميين متطرفين كدليل على أن العنف، وليس الديمقراطية، هي الحل الوحيد لمشاكل المنطقة". ما يحدث في مصر، سينعكس بشكل عاجل وقوي على العالم العربي أيضا، ولا يتصورن أحد في الخليج أننا بمنأى عما يحدث في أرض الكنانة، فأي حدث سينعكس علينا، سلبا أم إيجابا، ومن هنا، أدعو الزعامات السياسية العربية، والقيادات الدينية والمجتمعية الذين يمثلون ثقلا، ولهم صوتهم عند عسكر مصر، بالتدخل العاجل، والدعوة لحوار وطني عام، وطرح مبادرة صلح، تتوافق عليها الأطراف المصرية جميعا، مع التأكيد على نصح العسكر بعدم الإيغال في البطش والتنكيل بقيادات الجماعة، لخير مصر بالدرجة الأولى، فضلا على أن الشرعية كانت لهم، وهؤلاء قادرون على مليونيات متعاقبة –بما رأينا- وستتوقف الحياة المدنية والاقتصادية في مصر، ولن يكسب أحد. السيناريو الأسوأ هو بما قلناه من تفشي العنف، ولجوء أفراد الجماعة لاعتناق الفكر المتطرف، وهو موجود أصلا في مصر، فالجماعات الجهادية في (سيناء) جاهزة، وهنا "ستيفن كوك" من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي يحذر من: "عودة الجماعات الإسلامية التي خاضت صراعا مسلحا مع النظام في مصر في 2003 م، إلى العنف، بعدما مالوا إلى السلمية، وأصبحوا أكثر ديمقراطية من غيرهم، وشكلوا أحزابا وانخرطوا في التغيير السلمي الديمقراطي، ثم وجدوا التجربة كلها سرقت منهم. وما يزيد الأمر خطرا هذه المرة هو أن مصر تعج بالأسلحة التي تم تهريبها من ليبيا عبر الحدود." برأيي الخاص أن الانتخابات لو أجريت اليوم، وسمح لجماعة "الإخوان المسلمين" المشاركة فيها، فلن تستطيع تكرار فوزها، فالخبز بالدرجة الأولى هو من سيشكل ولاء المواطن البسيط، وهو من يحدد لمن يعطي صوته، فالعاطفة الدينية لا تصمد طويلا أمام الجوع، وقد رأى المصريون بأمّ أعينهم كيف تكالب الكلّ على الرئيس محمد مرسي ووقفوا ضده، ولم يتقدم لدعم حكومته سوى القلة، فيما إيران انتهزت فرصة ضعفه وحاجته، وفرضت عليه أكلافا باهظة للدعم. فضلا على أن نسبة ال2% التي فاز فيها مرسي على خصمه، ستتلاشى مباشرة مع رؤية المواطنين المصريين لفترة حكمه القصيرة، وما صاحبها من أخطاء، فكما أوصله الناخب لسدة الرئاسة، فهو من سيسقطه، ولكن بطريقة شرعية، لا هذه الطريقة المستبدة التي رأيناها من أصحاب البساطير، وما زلنا نراها اليوم. يا أيها العسكر، لا تدفعوا بمصر نحو هاوية الفتنة الداخلية، فالجميع خاسر في هذا الطريق.
1050
| 03 ديسمبر 2013
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
5904
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
5595
| 25 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4470
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3327
| 29 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1596
| 26 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1320
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
840
| 30 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
819
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية