رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فقد غيب الموت أحد الكُتَّاب والأدباء الكبار الذين أنجبتهم هذه المملكة، وقد ترك إرثاً كبيراً من الكتب والمقالات الكثيرة التي تتميز بأسلوب أدبي رائع وقلم سيال. رحم الله الشيخ عبدالله بن خميس وأسكنه فسيح الجنان وطرح البركة في ذريته. أما عنوان هذا المقال حول آخر ما كتبه قلمه وأملاه بلسانه فلذلك قصة طريفة رأيت أن أعرضها لكون هذا الوقت هو مناسبتها، وحاجتي لكتابة مقدمة لكتابي "جواهر الشعر" هو الذي دفعني لزيارة ابن خميس ومحاولة الحصول منه على مقدمة قد لا تساعده صحته على كتابتها. ولكتاب "جواهر الشعر" قصة هي أني وجدت وأنا أقَّلب في أرشيف والدي الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود _ رحمه الله_ الكثير مما يمكن أن يشكل مادة لأكثر من كتاب، وكان منها ما لاحظته من كثرة الأشعار التي اختارها وكتبها رحمه الله في مفكرته وفي أوراق كثيرة مبعثرة بين ملفاته وكتبه، فقد كان رحمه الله ذواقة للأدب والشعر يهتم بالبلاغة ويحفظ جيد الشعر وقطع النثر الرائق، خاصة مايحتوي على الحكمة. ووجدت أن ما اجتمع عندي من الأشعار كمية كبيرة تكفي لتأليف كتاب في هذا المجال يحتوي على اختياراته الشعرية التي جمعها خلال مراحل حياته المختلفة. فأكملت عملي بجمع كل ما أجده من الأشعار، حيث كنت أجد بين الحين والآخر قصاصات أخرى بين كتبه الكثيرة، وأظن أن هناك مالم أتمكن من الوصول إليه ولكن ما اجتمع عندي كان كافياً لمادة كتاب كبير. فقمت بمراجعة هذه النصوص وتصحيح ما أتمكن من تصحيحه اعتماداً على ماأحفظه وبمساعدة الموسوعات الشعرية الكبيرة حتى تمكنت من تصحيح غالبية الأبيات الشعرية غير الواضحة أوالمكسورة وتحديد اسم قائلها وساعدني في إعداد الكتاب الدكتور رياض عبدالحميد مراد من سوريا. فكرت من البداية في طلب كتابة مقدمة من إحدى الشخصيات المعروفة، وكان الشيخ عبدالله بن خميس هو الخيار الأول لكونه من أصدقاء الشيخ _ رحمه الله_ وكان مناصراً له عندما أصدر رسائله الشهيرة، كما أنه يعتبر حالياً شيخ الأدباء السعوديين بما أصدره من كتب وأبحاث أدبية رائعة. كنا قبل سنة من هذا التاريخ عندما جهزت نسخة أولية من الكتاب وتحينت الوقت المناسب لحالته الصحية حيث كان في حالة صحية مضطربة، ورتبت موعداً معه وتوجهت للرياض، وكان قد أسنّ _ رحمه الله_ بما خشيت معه أن لا يتمكن من إجابة مطلبي. وقد أحسن استقبالي عندما عرفني وكانت صحته طيبة نسبياً، وكان اللقاء حميماً حيث فرح بزيارتنا وكان يلح على جلوسنا كلما أردنا الاستئذان، وقد أكثر الثناء على والدي رحمه الله. وقد أرسلت له نسخة أولى من الكتاب قام بقراءتها على عدة أيام حسبما تسمح ظروف صحته المتداعية واستغرق ذلك عدة أشهر كان يدخل أثناءها في فترات من المرض أو فقدان الشعور. ثم بدأ بكتابة المقدمة بمساعدة ابنه المهندس عبدالعزيز وكنت أدعو الله أن تساعده صحته على كتابتها وإكمالها، فقد كان وضعه الصحي حرجاً وتأخر الأمر حتى بدأت أفكر في أسماء أخرى لكتابة المقدمة. وفرحت كثيراً عندما بشرني الأخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل محمود الذي كان يتابع الأمر بأنها أصبحت جاهزة وأرسلها لي وكانت تستحق كل هذا العناء. وقد تدهورت صحة إبن خميس بعد ذلك وقد زرته في المستشفى فلم أتمكن من محادثته حيث كان في غيبوبة وتابعت حالته بالهاتف حتى وصلني خبر وفاته رحمه الله رحمة واسعة وأنزله منازل الأبرار. لقد كانت هذه المقدمة هي آخر ما كتبه عبدالله بن خميس، وهي قطعة أدبية رائعة تظهر مقدرته الأدبية الفذة التي لم تتأثر بكبر السن والهرم. وإنني أترك للقاريء أن يستمتع بها فهي حقاً ممتعة لمن يتمكن من فهمها. أما بالنسبة لكتاب جواهر الشعر فقد طلبت وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية إصدار الطبعة الأولى منه وقد سلمته إليهم وهو في مرحلة إعداده للطباعة ولا أعرف متى سيصدر. والآن إلى المقدمة. ◄ مقدمة كتاب جواهر الشعر "الإختيارات الشعرية للشيخ عبدالله بن زيد آل محمود" بقلم الشيخ عبدالله بن خميس قبل عـدة عقود كنت تلقيت كتاباً جديداً ’حـول الأضاحي‘ من تأليف شيخي واستاذي فضيلة العلامة الجليل الشيخ/ عبدالله بن زيد آل محمود رئيس محاكم قطر آنذاك، تغمده الله بواسع رحمته وغفرانه.. وتمرّ الأيام وتتعاقب السنون لأجد بين يدي نسخة من كتاب تحت الطبع عنوانه "جواهر الشعر" قام بجمع مادته الأساسية رحمه الله ولم يقم لا بتأليفه ولا الإشراف على تبويبه وتنسيقه ولا حتى تسميته، وكان من أرسل لي هذه النسخة فضيلة الأخ الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله بن زيد آل محمود حفظه الله طالباً مني أن أضع مقدمته، وقد أرفق لي صورة من خطاب قديم كنت قد وجهته لوالده ووالدنا الشيخ الجليل رحمه الله، أشكره من خلاله على هديته وأشيد بفكره وعلمه وراجح عقله وسعة أفقه، ولا أجد ضيراً في اقتطاف بعض مما كتبته لشيخي آنذاك كي يدرك القارئ عن أي علمٍ وقامةٍ نتكلم، ولأي شيخٍ وأديبٍ وقاضٍ جليل نقدم: (ولقد تلقيت نسخةً من كتابكم الجديد ’حول الأضاحي‘ وما يصل ثوابه للميت بنص الشـرع، وقرأته بكل شـوقٍ واغتباط، والواقع أن استنتاجاتكم واجتهادتكم الإسلامية ومآخذكم الموفقة لما يتفق وروح الإسلام ومقاصده المرنة السمحة إذ هي تهدف إلى تحكيم الكتاب والسنة والرجوع إلى معينها الصافي دون الالتفات إلى التقليد والمحاكاة وتحكيم آراء الرجال الأمر الذي يجعلنا نطمع في أن يكثر الله من أمثالكم أهل العقول النيرة والأفكار الرحبة الذين تنشرح بهم الصدور وتطمئن إليهم القلوب ويجتذبون الناس بما أعطاهم الله من الحكمة والموعظة الحسنة والمنطق الهادف والبحث عن الحق أين ما كان وحيثما كان، ولا أكتم شيخي الفاضل أنني من المعجبين باجتهادته الشرعية وبصراحته في الحق ولا أزال ولن أزال أكرر إعجابي وأدعو من صميم قلبي أن يكون قدوة الرجال من هذا الطراز لا تأخذهم في الحق لومة لائم ولا يركنون إلىالتقليد الجامد الأعمى بل يجاهرون بالحق ويجأرون به، وأنا واثق "وإن حف اجتهاداتكم الإسلامية ما حف بها من تنفجات ومخالفات" إلا أن النية الحسنة وسلامة الطوية وعمق المأخذ وسلامة التفكير وتلمس مقاصد الإسلام الكريمة وأهدافه السـمحة، كل ذلك سوف يكتب لهذه الاجتهادات الخلود والبقاء رغم ما يثار حولها من غبار طال الزمن أو قصر.. {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105. ذلكم كان الشيخ، وتلكم كانت العقلية المستنيرة والبصيرة الثاقبة والآفاق الرحبة المترامية.. أما "جواهر الشعر".. هذا السفر الرائع الذائع الجميل، فقد وجدته بمنزلة الواسطة من العقد وبمكان الدرة من التاج أو كمثل النابغة في سـواد الملأ.. إنه فريد الشعر ووحيده.. إلهامٌ يُلقى على ذهن الشاعر، فيترجمه بيتاً شارداً يبلغ الآفاق، ويلقى الحظوة والحفاوة ما يجعله يحتل من الكتاب ناصيته ومن المنتدى صدره ومن بيان الخطيب الوقفة المعجبة المطربة.. ولقد كتبت يوماً حول فريد الشعر: أنه عندما يريد المتحدث أن يدعم فكرته، ويريد الكاتب أن يلقى الضوء على قصده أو أن يريد المناظر أن ينتزع الانتصار أو يفحم الخصم.. فيأتي أيٌ منهم بالبيت أجيد سبكه، ونُغم جرسه، وشرُف معناه، وأحكم مبناه.. فيحل من ذهن السامع وأذنه محل القبس لخابط الدجنة، ومحل المؤشر لضارب بيداء التيه. كل الناس لقي من دهره ما لقي، واحتسى من حلوه ومره، وصافح من صنوفه وصروفه، فإذا وجد بيت الشعر أو قطعته.. تواسيه أو تسليه، أو تريه العظة والعبرة، أو الأسـوة والقدوة، أو الشـبه والنظير.. تنفس من خلالها الصعداء، واستجاب لنداء الفكر وثمرات التجارب.. وفي الشـعر العربي من هذا الطراز نفحـاتٌ وفرائـد، في غاية الروعة والجمال والتأثير.. فيه كنوزٌ حفل بها عبر القرون، وجاءت شواهد ناطقة على ما لهذه الأمة من فكر أصيل، ضرب بسهمٍ وافر في تكوين الفكر العالمي عبر القرون المتعاقبة. ولست أصدر عن عاطفةٍ، ولا أحكم عن تأثير شعري، كمتذوقٍ يهزني جيد الشعر، ويبهرني منتقاه.. ولكني أتحرى قول الحق، وأحاول التجرد عما سواه عندما أؤكد، بعد منادمتي لهذه الجواهر الشعرية، أنني لم أكن أتوقع أن يكون الفكر العربي قد بلغ عن طريق الشعر هذا المبلغ.. عمقٌ في التفكير، ودقة في التعبير، وإحاطةٌ بتيارات الخواطر، وضروب الحياة، وتلون المجتمعات وتصوير البيئات، إلى ما هنالك من انتفاضات ذهنية، وتأملات كونية، وتعمق في سلوك الناس، وطبائعهم، وانفعالاتهم.. تتمثل في النكتة تنتزع الابتسامة من القارئ مهما كان ظرفه، وفي المثل يطبق المحز، ويصيب شاكلة القول، وفي الهجاء يقطع النياط في السخرية، في التلوين، في الغمز وفي المماحكة، في التعريض، في العظة والعبرة، وفي الخَلق، وفي الخُلُق، فيما يخطر ببالك، وما لا يخطر.. ولعلك تدرك حقيقة هذا حينما تكون لهذه الجواهر مسامراً، وحينماتستطعم نماذجها، وتتذوق مجانيها، وتجدك مشدوداً بعد كل نفحةٍ إلى أخرى، ومن كل نغمةٍ إلى ترنيمة، ومن كل أنشودةٍ إلى تغريدة تعيد لك ذكرى، أو تروي لك مجداً، أو تسبح بك في حلم، أو تنبه فيك عاطفة، أو تحملك على عزم، أو تصرفك عن خاطر، أو تعيـش بين هذه وهذه متلذذاً مستطرفاً. هذه هي التي نالت من حفاوة العرب وعنايتهم المكان الأسمى، حينما كان الأدب غاليـاً، وحملته مجدودين.. يقول ابن نباتة السـعدي حسبما يروي ابن خلكان ضرب على بابي رجلٌ فقلت: من؟ قال: سائلٌ من أهل المشرق، فقلت: اسأل.. فقال هل أنت القائل:[من الطويل] ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب والموت واحدُ فقلت: نعم.. فقال: أروي عنك؟.. قلت: نعم. قال ابن نباتة: وبعد مدة ليست بطويلة تكررت القصة مع رجلٍ من أهل المغرب.. فبلغ هذا البيت مبلغه من المشرق والمغرب، في زمن ابن نباتة ووسائل التبليغ بدائية آنذاك، وأدوات النشر خطية، ولكن سوق الأدب رائجة وهبوبه مزعزعة. ومدرك قصب السبق، والمبرز في هذا الميدان، أبو الطيب المتنبي، تواتيه القريحة وينتشي عند مواصلة القريض، فيطلق البيت، يذهب مثلاً على ألسنة الناس، ويخلد خلود الدهر، فما هي القدرة التعبيرية، وما هو الوقت، وما هو حجم القول المرسل حينما تريد أن تقول لجاهلٍ أو متجاهل: أريد أن أقنعك بوجود النهار، وليس هذا فحسب، بل بمقالٍ مؤثر، ومنطقٍ لا يماحك في قبوله، اقرأ لأبي الطيب: [من الوافر] وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليلُ ألا ترى أن المتنبي قد ألهم أيما إلهام، حينما ترك بيته هذا للناس مثلاً، وجعلهم في كل قضية تتطلب قولاً فاصلاً في هذا المعنى يفزعون إلى بيته؟!. وما يفيد البصر عند من لا يميز بين النور والظلمة، ولا بين الحق والباطل، ولا بين الجمـال والقبـح، ولا بين العلم والجهـل، ولا بين مئـات من هذه المتضادات، سـواء أكان الإبصار فيها إبصار رؤية، أو بصيرة، في كل ذلك وغيره مما هو على شاكلته يعود الناس إلى بيت آخر لأبي الطيب: [من البسيط] وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظلمُ ثم لو لززت عبقرياً مبرزاً مع نكرة بليد، ثم قلت: إن الأول أفضل من الثاني، فما هو المفهوم لهذا القول لدى العقلاء، وما هو رد الفعل له، وما هو القول الفصل في جملة مقتضية مفيدة ماذا يقول الشاعر؟: [من الطويل] ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا ولعل الدرب لا يطول بك، إذا انتقرنا لك بعضاً من نماذج معبرة تشفُّ عما قصدناه، وتومئُ إلى ما أردناه عبر أبواب هذا السفر الجليل: فمن واحد من فصول باب الحكمة تعال واقرأ معي للمتنبي: [من الطويل] وأتعب خلق الله من زاد همه وقصّر عما تشتهي النفس وجده فلا ينحلل في المجد مالك كله فينحل مجدٌ كان بالمال عقده ودبره تدبير الذي المجد كفه إذا حارب الأعداء والمال زنده فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده ولشاعرٍ آخر في الباب نفسه: [من الكامل] إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلاحُ وللشاعر القطامي: [من البسيط] قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزللُ وفي باب الرثاء.. تعال اقرأ معي بعضاً مما قالته الخنساء في رثاء أخيها صخر: [من الوافر] ألا يا صخر إن أبكيت عيني فقد أضحكتني زمناً طويلا دفعت بك الخطوب وأنت حي فمن ذا يدفع الخطب الجليلا إذا قبُح البكاء على قتيلٍ رأيت بكاءك الحسن الجميلا وفي باب الزهد قول ابن المعتز: [من الطويل] نسير إلى الآجال في كل لحظةٍ وأيامنا تطوى وهن مراحلُ ترحل من الدنيا بزادٍ من التقى فعمرك أيامٌ وهن قلائل وما أقبح التفريط في زمن الصبا فكيف به والشيب للرأس شاعل ولشاعر آخر: [من الطويل] إذا كثرت منك الذنوب فداوها برفع يدٍ في الليل والليل مظلمُ ولا تقنطن من رحمة الله إنما قنوطك منها من ذنوبك أعظم فرحمته للمحسنين كرامةٌ ورحمته للمسرفين تكرم وفي باب الغزل العذري العفيف.. قول أبي القاسم القشيري: [من الطويل] سقى الله وقتاً كنت أخلو بوجهكم وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحكُ أقمنا زماناً والعيون قريرةٌ وأصبحت يوماً والجفون سوافك وقول ابن الملوح (المجنون) في معشوقته ليلى: [من الطويل] تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابةٍ ولم يبد للأتراب من ثديها حجمُ صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا إلى اليوم لم نكبر ولم يكبر البهم وفي باب الفخر.. نقتطف بعض أبياتٍ من لامية السموأل: [من الطويل] إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداءٍ يرتديه جميلُ وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل تعيرنا أنا قليلٌ عديدنا فقلت لها: إن الكرام قليل وما قل من كانت بقاياه مثلنا شبابٌ تسامى للعلا وكهول وما ضرنا أنا قليلٌ وجارنا عزيزٌ وجار الأكثرين ذليل ولأبي فراس الحمداني: ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به وما كان يغلو التبر لو نفق الصفرُ ونحن أناسٌ لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكرم من فوق التراب ولا فخر وفي باب المديح.. قال أبو طالب معرضاً بحمايته للنبي (صلى الله عليه وسلم ): [من الكامل] والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا وفي مدح زين العابدين بن علي بن الحسين ، ننتقر بعضاً مما قاله الفرزدق: [من البسيط] هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرمُ هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم وليس قولك: من هذا؟ بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم أما في باب الهجاء، كفانا الله شره، لن نذهب بعيداً كي نلتقي الحطيئة وهو يهجو الزبرقان بن بدر: [من البسيط] والله ما معشرٌ لاموا امرأً جنباً من آل لأي ابن شماسٍ بأكياسِ دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وفي باب الوصف.. قول بشار بن برد: [من الطويل] خليلي ما بال الدجى لا تزحزح وما لعمود الصبح لا يتوضحُ أضل الصباح المستنير سبيله؟ أم الدهر ليلٌ كله ليس يبرح وطال علي الليل حتى كأنه بليلين موصولٌ فما يتزحزح وفي باب الشعر الديني.. قول عمرو القنا العنبري: [من الطويل] فلا خير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار القرار نصيبُ وقول الأعشى في مدح رسول الله (صلى الله عليه وسلم): [من الطويل] إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على ألا تكون كمثله فترصد للموت الذي كان أرصدا وأخيراً، وفي باب الشعر الديني أيضاً.. قول الشاعر: [من الطويل] دعا المصطفى دهراً بمكة لم يجب وقد لان منه جانبٌ وخطابُ ولما دعا والسيف صلتٌ بكفه له أسلموا واستسلموا وأنابوا وأيضاً قول الشاعر: [من الكامل] الرب يغضب إن تركت سؤاله وبُنيُّ آدم حين يُسأل يغضبُ كل هذه النماذج أقتطفها اقتطاف المتعجل، ولم أتعمل في انتقائها أو أخذها على أنها العيون، وإنما هي حبات القلادة، ومن محتويات السمط.. ستعيش مع مثلها، ومع أجود منها عبر أبواب هذا الكتاب وفصوله المتنوعة المتشعبة.. من ناحيةٍ أخرى فقد أصاب الفرزدق كبد الحقيقة، حينما قال: لا يكون الشاعر متقدماً حتى يكون باختيار الشعر أحذق منه بعمله. كما أجاد وأفاد من قال: [من الطويل] ولله در الإختيار فإنه يبين فضل السبق من غير سابق فالشعر إلى جانب كونه ملكةً واستعداداً صاحبا تكوين الشاعر الذاتي، وفطرا معه.. فهو أيضـاً رياضـة نفـس، وإدمان درس، ومعاناة، وحفظ، واستقراء، واستزادة، واستجادة.. لتتنمى الملكة، وينضج الاستعداد، وتثرى الحافظة، وتخصب لغة الشعر، ومقاييسه، وترسخ مصطلحاته.. فحفظ الشعر وتذوقه، ومن ثم اختياره، ونقـده، واصطفاء الأجود منـه.. مراحل تسـبق قرضـه، وتأتي موطنةً لإنتاج ثمينه، وجيده، حينما تتلاقى روافده، ويطيب غراسه.. والشعر له صيارفةٌ يستعملون الحاسة السادسة في نقده، وتذوقه.. وبقدر محصول الإنسان من جيده، ومحفوظه من رصينه ومتينه، ومعاناة دراسته، وإدمان استقرائه.. بقدر كل ذلك تكون ملكته في نقده مؤاتية، وحاسته واعية صافية.. وإذا صادف هذا طبعٌ شاعري، وخاطر لماح، ورغبة مشوقة.. فقد تكاملت مادة الاختيار، وتوفرت عناصر النقد.. والأمر بعدئذ في تصنيف اختياراته أمرٌ نسبي، فضروب القراء وأذواقهم، واتجاهاتهم، ومحصولهم الثقافي.. متباينة، فكلٌ منهم يحركه جانب، ويعلق بذهنه معنى، ويهمه ضرب من الضروب.. فقد يستجيد فرد أو أفراد من الرواة بيتاً، أو أبياتاً من الشعر، لا يوافقهم الآخرون على استجادتها.. والحكم في ذلك من قبل ومن بعد لمن يحمل مؤهلات الاختيار، ويتوفر لديه الذوق السليم، والحاسة المدركة، وتتلاقى أحكام الأكثرين على علو كعبه، واستعداده وتبريزه. ولقد كان لتلك الشوارد والشواهد الشـعرية دورٌ كبير في حياة العرب السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية.. كان البيت يغير مجرى حياة جيل، ويقيم أوار حرب، ويحط قبيلة ويرفع أخرى، ويحوِّل عزماً، ويقحم آخر.. وكانوا إذا استجادوه حكموا للشاعر بالتبريز من أجله، أو حكموا على أنه أحسن ما قيل في بابه، ومن أجل هذا قالوا: [من السريع] أحسن من خمسين بيتاً سدى جمعك معناهن في بيت ولقد كان عجز بيتٍ لعمر بن أبي ربيعة مهمازاً بين يدي نكبة البرامكة يردده الرشيد ليله كله: [من الرمل] إنما العاجر من لا يستبدْ فكان ما كان بعده. وكان الفرار ما عزم عليه معاوية في صفين، حتى تذكر قول ابن الإطنابة: [من الوافر] أقول لها وقد جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي فكرَّ بعد العزم على الفرار، وثبت واستبسل. وما أباد السفاح بني أمية في مجلسه، إلا قول سديف: [من الخفيف] لا تقيلن عبد شمسٍ عِثارا واقطعنْ كل رقلةٍ وغراسِ خوفهم أظهر التودد فيهم وبهم منكمُ كحزِّ المواسي وقصة زفر بن الحارث، وعبد الملك بن مروان، حول قول زفر: [من الطويل] وقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هيا قصة مشهورة مذكورة.. وبيت جرير في بني نمير، وبيت الحطيئـة في بني أنـف الناقـة، وبيت الأعشى في آل المحلق، وبيت أبي حفصة في شيبان، وبيت قريط بن أنيف في مازن، وبيت ابن دارة في فزارة، وبيت الطرماح في تميم، وبيت حسـان في قريـش، وبيت جرير في حنيفة.. أبياتٌ وشـعراء لها مكانتها المعروفة في الأدب العربي.. وأبياتٌ أخرى كان للإسلام موقفه الإيجابي منها: [من الطويل] ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيمٍ لا محالة زائلُ هذا قال عنه النبي عليه السلام: ’إنه أصدق كلمةٍ قالها شاعر‘.. ولما قال النابغة الجعدي: [من الطويل] بلغنا السماء مجدُنا وجدودُنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا قال عليه السلام: ’إلى أين يا أبا ليلى؟‘ قال: إلى الجنة يا رسول الله قال عليه السلام: ’إن شاء الله‘.. ثم قال بعد إكمال قصيدته: ’لا فض الله فاك‘ على ما يروى. وشفع شعر كعب لكعب، بعد إهدار دمه، وشفع شعر الحطيئة له عند الفاروق بعدما ألقاه في قعر مظلمة.. ولما أنشدت قتيلة بنت الحارث قصيدتها في النبي عليه السلام بعد قتل أخيها، وجاء في قصيدتها هذا البيت: [من الكامل] ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحامٌ هناك تمزقُ قال عليه السلام فيما يروى ’لو سمعت هذا قبل قتله ما قتلته‘.. وفي كتاب ’بهجة المجالس‘ لابن عبد البر قال: قال محمد بن سلام الجمحي عن ابن جعدبة قال: ما أبرم عمر بن الخطاب أمراً قط إلا تمثل فيه ببيت شعر.. وقال محمد بن علي بن عبدالله بن عباس: كفاك من علم الأدب أن تروي الشاهد والمثل.. وروي عن مخلد بن يزيد، عن جابر بن معدان قال: كل حكمةٍ لم ينزل فيها كتـاب، ولم يبعـث بها نبـي، ذخرهـا الله حتى تنطـق بها ألسـن الشعراء.. ويضيق المقام عن الاسترسال في هذا المجال، وإلا فمادته خصيبة، ومعينه ثر، ومرادي من إيراد هذه النماذج الإشارة إلى الأهمية التي تحملها شواهد الشعر وشوارده.. وفي الختام.. وأنا أنحني ظامئاً لأعب من مجج هذه اللجج الشعرية الثرة، وأغوص متشوقاً لأجني وبكل لهفةٍ ما احتواه (جواهر الشعر) من درر.. ليس لي إلا أن أتوجه بجزيل الشكر وعظيم الثناء لفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن زيد آل محمود على هذا الجهد الرائع وهذه الأريحية والوقفة الصادقة الوفية لإبراز هذه الجواهر بعد انتشالها من غياهب الاختباء القسري، كما أتوسل كل جليسٍ أتاح له الزمان أن يتواصل مع محتويـات هذا السـفر الفريد، أن يدعو الله من الأعماق لأستاذنا وشيخنا العلامة / عبدالله بن زيد آل محمود، يدعو له بالرحمـة والمغفرة وحسـن المآب مع الأبـرار والصديقين، وأن يجعل من هذا الإرث الفكري الجليل وهذا المدد الثقافي اللامتناهي، في موازين حسـناته الممتدة عبر عقـودٍ من الإحسـان وصالـح الأعمال.. وما هذه المقدمة إلا إطلالة وفاء، ووقفة برٍ ومحبة واصطفاء لشيخٍ وأديب وعالم وفقيه قلما يجود العصر بأمثاله من الرجال المؤمنين الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. والله لا يضيع أجر المحسنين. عبدالله بن محمد بن خميس الرياض 18/8/ 1431ﻫ - 07/30/ 2010 م نُشر هذا المقال بتاريخ الإثنين 20 جمادى الآخرة 1432 هـ / 23 مايو 2011 م
4406
| 18 مايو 2015
4225
| 18 مايو 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وفي ما يتعلق بردود الفعل فمن ضمن المراسلات التي وصلتني بالإيميل كانت هذه الرسالة من أحد أحفاد ضيوف الشيخ قاسم الذين ذكرتهم في المقال وهذا نصها: الشيخ عبدالرحمن آل محمود المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد أطلعت على مقالكم الرائع في جريدة الشرق القطرية والمنشور يوم الخميس بتاريخ 15 ديسمبر من عام 2011 بخصوص العظماء وحكمتهم الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله والملك عبدالعزيز رحمه الله. فأنا ابن حفيد الامير عبدالله بن نادر الذي لجأ الى الشيخ العظيم قاسم آل ثاني طيب الله ثراه وتم ذكر اسمه في الخطابات بين الشيخ قاسم والملك عبدالعزيز رحمهم الله. فاسمي نــادر بن تركي بن فراج بن عبدالله بن نادر الدوسري، والجدير بالذكر أن الظروف جمعت أيضا ابن حفيد الشيخ قاسم آل ثاني وحفيد عبدالله بن نادر رحمهم الله. جمعت ظروف الحياة وطلب العلم سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله ووالدي تركي بن فراج بن نادر رحمه الله أثناء الدراسة في كلية ساندهيرست البريطانية، وكانت بينهما المحبة والزمالة والاحترام المتبادل والعرفان الذي أورثه الأب للابن، فقد زرع والدي رحمه الله محبة آل ثاني في نفسي ومحبة سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله، ولقد تشرفت بأن حللت ضيفاً على سموه الكريم في عام 2002 وكان سموه قمة في التواضع ولمست المحبة من سموه، وكان يحفظه الله يروي ويتكلم عن الأيام التي جمعته بوالدي وكيف أنه افتقده كأخ عزيز له. يجد سعادتكم في المرفق صورة الأمير عبدالله بن نادر وقصيدته في الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني. أخيكم نادر بن تركي بن نادر ◄ قصيدة ابن نادر قصيدة مدح وثناء وعرفان من الأمير عبدالله بن نادر رحمه الله في الشيخ العظيم قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله حاكم دولة قطر، وذلك عندما لجأ اليه واستجار به من الملك عبدالعزيز أثناء حروب توحيد المملكة ويتذكر عندما كان في ديرته (السليل): أول جوابي طلبتي ذكر الله وأنا دخيله من عذاب النار أنا دخيله من عذاب جـهنم وأسـأله الجـنة مـع الأبـرار البارحه هيضتـني يـاماجــد ودمـوع عيني كنها المطار مـن كلـمة ياليتها مـن جاهـل يـاليتهـا مـن واحـد عـيـّار من طول غربتنا ندور عزنا لاحنا جماميل ولا دوار الهون مايصبر عليه أمجرب لا عاد له عز ولا له كار أتلا العهد بديارنا يوم علمنا حامينها من فشلة ودمار تتوجد علينا كل يوم يزلها وحن سترها لاعسمت لشوار سلامي عليهم عد ماهل بارق سلامي على شيبانهم وصغار ياطول ماحنا شيوخ وسطها واليوم ننشد من الطروش أخبار يـاما حـضرنا دونها من عجه قـول بـلا فـعـل عـلـيـنا عـار ويـاما لطمنا وسطها من عايل نـشـق ونـرفـا والله الغفار وياما حملنا من نوايب وسطها لامل خاطي واحد جضار ننقل مع الحمل الكبير أوساطه ونصبر الى عاد الحمول كبار وياما هجينا وسطها من جايع تفرح بنا ضيفانها والجار وياما عبينا وسطها من كرامه تلقاء لها تالي النهار أقتار وياما حضرنا وسطها من برزه شن بالخفاء منهن وشن بجهار وياما طمرنا وسطها من زله أفوز بها ماهي علي أبعار خليتنا كنار أمس الوضيحي مجنب شمنا جنوب والشمال يسار ثمانية أيام على السير والسرا ومن عقبها كتن بنا المحدار وردنا على (يبرين) لا سقى جاله قدها تضالع من الحفاء جمار وردتها من عقلة الى عقلة ماني بمغلول جداه ثبار العز لا من البحر حال دونه جيناه ماحنا حمايم دار سرنا وسيرنا على كل ديرة وهوى النفس معها ودها تختار اخترت أنا الشيخ المسمى (قاسم) سهيل اليماني ماغوى المختار ياشـبه عــدّ بـينـات عـلايمه يفداه عـــدٍّ مـشربه قـطار كم فرّقت يمناه ماله تِعمد ماعــلّقه في دفتره تجار يا ما عطى من سابق مْعلومه ويا ما عطى من قرّح وأمهار وأكرم سلاطين الدول في ديرته وبالعشر نزّل مركب الكفار عليه حراراً بينـات فـتـوقـهـم عـدوا عـلى طلع المراجل كار مثل الأسود اللي ربو وسط هيشه بمصقلات حدها جوار عندي لهم البيضاء مع كل ساير ثناها بالصوت به خفا وجهار صلاة ربي عد ما ناض بارق واعداد حجّاج رمو بجمار انتهت رسالة الأخ نادر ◄ تبرع لمجاهدي ليبيا: وجدت هذا الخبر الذي يتضمن تبرعاً لمجاهدي ليبيا في عام 1330هـ (1912م) حيث أرسل الشيخ قاسم إعانة لمجاهدي طرابلس الغرب الذين كانوا يحاربون الإيطاليين وذلك عن طريق وكيله في البحرين مقبل الذكير الذي أرسل الحوالة إلى الهلال الأحمر المصري فرأيت أن أتحف بها القارئ بمناسبة تسمية سمو الأمير المفدى أحد شوارع الدوحة باسم (المجاهد عمر المختار) وهذا نص الرسالة: "بسم الله الرحمن الرحيم سعادة رئيس الهلال الأحمر المصري المكرم سلام واحترام لمقامكم العالي، ثم تعرف جنابكم أنه قد وصلت من سمو الشيخ قاسم آل ثاني أمير قطر ورئيس عشائرها عشرون ألف روبية إعانة منه ومن جماعته أهالي قطر لمجاهدي طرابلس الغرب، وبتاريخه صدّرنا هذا المبلغ لرئيس اللجنة العليا سمو الأمير الجليل عمر طوسون باشا، بعضه مباشرة منا والبعض بواسطة أولادنا عن طريق البصرة، وخصصنا من هذا المبلغ ثلاثة آلاف روبية للهلال الأحمر، وعرّفنا دولة الأمير المومى إليه بذلك. تجدون في باطن هذا حوالة على الأمير المذكور، الرجاء من سعادتكم استلامها وإفادتنا وإفادة الشيخ قاسم آل ثاني ليطمئن الخاطر. " فإذا علمنا أن تاريخ هذه الرسالة هو قبل الحرب العالمية الأولى بسنتين والمال قليل في يد الناس لعرفنا قيمة هذا المبلغ. كما كان توصيل المال من بلد لآخر صعباً وكانت وسيلة النقل الوحيدة هي السفن أو الدواب. رحم الله الشيخ قاسم وغفر له وطرح البركة في ذريته. والله من وراء القصد. "عن الثمر الداني لعمر المختار " الحمدلله، فقد أسعدني ما غمرني به إخوان أعزاء ممن أعرف وممن لا أعرف بإطرائهم للمقال الذي كتبته يوم الخميس الماضي 15/12/2011 م سواء مشافهة أو بالإنترنت. ولعل هناك ملاحظتين لابد لي من تصحيحهما في المقال قبل أن استرسل: أولاً: نص الرسالة التي كتبها الشيخ قاسم "أو جاسم كما تنطق في قطر" رداً على الملك عبدالعزيز منقول عن الأصل، وقد أخطأ المؤلف حين قال إن مدة بقاء الإمام عبدالرحمن وعائلته ثلاث سنوات والصحيح أنها ثلاثة أشهر فلزم التصحيح. ثانياً: صورة الرسالة المرسلة من الشيخ عبدالله بن قاسم ذكر في الشرح أنها مرسلة للملك عبدالعزيز والصحيح انها مرسلة لوالده الإمام عبدالرحمن آل فيصل آل سعود. نُشر هذا المقال بتاريخ الخميس 27 محرم 1433 هـ / 22 ديسمبر 2011 م
7191
| 18 مايو 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وكانت علاقة كلا الرجلين قوية جدا حيث دعم الشيخ قاسم الملك عبد العزيز عند ما قام بمحاولة استرجاع ملك أجداده الذي سقط للمرة الثانية وأصبح ابن رشيد يسيطر على نجد كلها كما كان الإحساء والحجاز تحت سلطة الأتراك العثمانيين. وكان عبد العزيز أحوج ما يكون للسلاح والخيل والمال حتى يستكمل فتوحاته فكان الشيخ قاسم ممن بذل المال والسلاح وكرائم الخيل دعما لعبد العزيز. وكان الشيخ قاسم يقوم بهذا الأمر من منطلق عقيدته السلفية فهو يعتبر أن حكم آل سعود يطبق الشرع ويبسط الأمن بينما يعود العرب لعادتهم من الغزو والسلب والنهب وأكل القوي للضعيف حالما يزول هذا الحكم. وقد كنت سمعت من بعض كبار السن عن رسائل متبادلة بين الشيخ قاسم والملك عبد العزيز تسببت في سوء تفاهم وخلاف قصير لم يطل ولكن رد الشيخ قاسم الذي رد به على تهديد الملك عبد العزيز قد اشتهر ونسجت حوله الحكايات ولكن لم يعثر على نص الكتاب. وقد عثرت على نص الرسائل المتبادلة أثناء بحثي في مخطوطات تاريخ الجزيرة العربية. وأنا أعرض هنا لما حدث بين الرجلين أود أن أنوه إلى أن الملك عبد العزيز هو في سن أبناء الشيخ قاسم. لذا فقد كان يجلّه ويقدّره كوالده. وعندما اضطر الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود للخروج من الرياض فقد لجأ إلى قطر ومعه أولاده وعائلته ومنهم عبد العزيز الذي كان صغيرا في ذلك الوقت وذلك لمدة ثلاث سنوات فأقاموا معززين مكرمين حتى قرروا الإنتقال إلى الكويت. وبعد أن تمكن عبدالعزيز من إزالة حكم آل رشيد ودانت له معظم أنحاء الجزيرة فإنه لم يتردد في تلبية طلب الشيخ قاسم عندما احتاج لدعم عسكري فسار إليه على رأس جيش وقاتل أعداءه. وقد وجدت نص الرسالتين المتبادلتين بين الشيخ قاسم والملك عبد العزيز في مخطوط لم يطبع بعد لمحمد العلي العبيد الذي كان تاجرا يتنقل بين مختلف مناطق المملكة ويسجل ما يصل إليه من معلومات يستقيها مباشرة من كبار القوم الذين يتصل بهم. وقد أورد الكاتب جزءا من قصة الملك عبد العزيز مع الهزازنة (وهم أمراء منطقة الحريق) وسجنه لعدد منهم وكانوا يبلغون أحد عشر رجلا وكان رأسهم راشد بن عبد الله الهزاني وأقاموا في حبسه سنة كاملة. وقد سمعت جزءا من قصة هؤلاء وأن الشيخ قاسم كان عنده إمام من أهل (الحريق) وهي بلدة الهزازنة وتقع شمال غرب حوطة بني تميم، ولقد استعبر هذا الإمام في أحد الأيام أثناء قراءة بعض آيات الإبتلاء فاستدعاه الشيخ قاسم بعد الصلاة وقد أحس أنه مصاب في بعض أهله وسأله فقال إني تذكرت جماعتي الهزازنة المحبوسين في سجن ابن سعود فوعده أنه سيسعى لفك أسرهم. أرسل الشيخ قاسم أحد رجاله مع رسالة للملك عبد العزيز يطلب منه فيها أن يفك أسرهم ويرسلهم إليه في قطر وبذل في ذلك ما يعد ثروة في ذلك الوقت، وقد فعلها رحمه الله لوجه الله تعالى. وكان ذلك في عام 1328 هـ (1910 م ) ويقول الكاتب العبيّد: ".... ثم إن الشيخ قاسم بن ثاني راجع عنهم عبد العزيز بن سعود وترجى منه وبذل 40،000 روبية على أن يطلقهم فأطلقهم وقبض عوض ذلك أسلحة. ثم إنهم توجهوا إليه ضيوفا ونزلوا عنده وأقاموا عنده سنتين. ثم إنه نزل عنده فهد بن سعد العرافه ضيفا (العرايف من آل سعود ولكنه من فرع منافس للملك عبدالعزيز على الحكم وحاربوه ولكنه هزمهم )، ثم نزل عنده أيضا عبد الله بن نادر أمير السليل من وادي الدواسر، وكان هذا الأخير يحب أبناء سعود الفيصل (العرافة )، فخاف عبد العزيز أن هؤلاء اجتمعوا عند قاسم وكلهم أعداء له، فكتب للشيخ قاسم كتاباً يتهدده فيه حتى يفسح لهم ويبعدهم عنه، وكان كتابه كما أخبرني به راشد الهزاني من رأسه وقد أطلعه عليه الشيخ قاسم بن ثاني وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب المكرم الشيخ قاسم بن ثاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، تعرف أنك زبنت عدواني من الملا وجمعتهم عندك فهذا فهد العرافه عندك وهو يدوّر على راسي، وهذا عبد الله بن نادر وأنت تعلم وش أفعاله مع عيال سعود، وهؤلاء الهزازين عندك ولا يجهلك ما أجروه معنا. بالحاضر إذا وصلك كتابي هذا ترخّص لهم ويرحلون عنك، ولا يجلسون أكثر من ثلاثة أيام بعد وصول كتابي إليك، وإلا فإنت احتسب بضد ما عاملتك به سابقاً ليكون معلوماً والسلام. وشرح الكاتب المقصود بذلك فقال " أي فيكون بعد السلم الحرب، وبعد الصداقة عداوة فاختر لنفسك ما ترى هو الأمثل". ويستأنف فيقول " فلما قرأ الشيخ قاسم كتاب الإمام عبد العزيز أخذه المقيم المقعد ( أي انزعج غاية الإنزعاج) فدعا برجل من ضيوفه محنك قد عركته الحوادث فاختصر معه سراً، وأطلعه على كتاب عبد العزيز واستشاره فقال له المستشار يا حضرة الشيخ قاسم، هذا ملك حشو ثيابه الدهاء، وقد اعطي فكر ثاقب وغور عميق. وخطاباته تفلّ عزم عدوه حينما يتلقى منه الخطاب، ففي خطابات عبد العزيز سحر صائب، وقلما تجد من الرجال من يقابله بمثل ما يقول. وإني أرى اليوم معاملة الخطاب باللين لم يعد لها محل، فأنت عامله بالشدة والغلظة ولا توريه لين فيطمعه ذلك فيك ". ويتابع المؤلف وصف ما جرى فيقول: ثم إن الشيخ قاسم دخل على كاتبه في غرفة السر (وهي كناية عن المكتب الخاص للحاكم) وأمره أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من الشيخ قاسم بن ثاني إلى جناب المكرم العزيز عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل تحية ووقاراً، تلقينا كتابكم الكريم وتلوناه مسرورين بصحتكم ونهوض عزكم، وكان جوابنا لكم أن قلنا ونحن نقرأه: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. وأما الجواب المودع ببطن الصحف فإليك نص خطابه، فقد ذكرت لنا في كتابك أننا نطرد عن ضيافتنا فلان وفلان، أما الهزازين فقد جاوبتك عنهم مراراً أيام كانوا في حبسك وبذلت لك جاهي ورجائي شافعا إليك بهم أن تطلعهم فلم تشفّعني فيهم، ثم آل الأمر أن تجعلهم رقيقاً ومماليك يشرون بدراهم معدودة فاشتريتهم منك بمالي ( 40،000) ألف روبية دفعتها إليك وخلصتهم من حبسك ومن رقّك ودخلوا في رقّي أنا وحدي ولا فخر في ذلك. وأما فهد بن سعد آل سعود وعبد الله بن نادر فهم ضيوف عندي مكرمون، ومعاملتي للضيف: أحمله على رأسي وإن نزل من رأسي فعلى أكتافي إلى أن تحين الفرصة لمغادرتي رغبة منه، فحينئذ هو حر بنفسه ولن أجد مسوّغاً لمنعه، ومعاذ الله أن يتحدث العرب عن قاسم بن ثاني أنه طرد ضيفه وضيوفه. أما هذا الكتاب الذي أتاني منك تهددني به فهو خير جزائي منك حينما أتاني والدك عبد الرحمن الفيصل ومعه حريمه وعياله فأخرجت حريم آل ثاني من غرفهن وصناديقهن وملابسهن وأصواغهن وأنزلت حريمكم مكانهن، فكانوا جميعا في ضيافتي وهم في كل يوم لهم عندي عيد يتجدد حتى استكملوا عندي ثلاث سنوات، فرغبوا في الرحيل إلى الكويت فما وسعني أن أمنعهم فتركتهم وحريتهم. فغاية ختام القول ان كنت ترى بنا ضعفا عنك وتشتهي حربنا فلا تذخر من قوتك بشيء، ولكل باغٍ مصرع والسلام عليكم. فختم الكتاب، وكان رسول الملك عبد العزيز في انتظار رد الجواب. فاستدعاه الشيخ قاسم وبدّل مطيته بأطيب منها، وأمره أن يحث السير إلى الرياض. وبعد أن مضى اثنا عشر يوماً لا غير فإذا عبد العزيز الرباع خادم الملك عبد العزيز قد أناخ مطيته عند باب الشيخ قاسم ومعه أهل أربع ركائب غيره يحملون من الإمام عبدالعزيز كتاباً وهو جواب لكتاب الشيخ قاسم بن ثاني، ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم من الولد عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب الوالد المكرم قاسم بن ثاني الموقر. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، على الدوام دمتم بأحسن صحة. كتابكم الشريف وصل وكان جواباً لما كتبناه لكم، فنرفع لكم خطاباً بنية خالصة وهو أني أقول والله وبالله وتالله يا كتاب كتبته لك إني كتبته وشعوري غائبٌ عني في تلك الساعة وإني أراك مثل والدي عبد الرحمن الفيصل، ووالله لو في بطنك عشرة من آل مقرن (وهم أجداد آل سعود) إني فلا أعاتبك عنهم، ولا تسمع مني ما يكدر الصفو بيني وبينك، فافعل ما شئت مع ضيوفك فليس لك لائم ولا معارض والسلام". ويختم الكاتب بقوله: فبهذا كلٌ رضي على صاحبه وانحسم الخلاف. إنتهى ما نقلته من المخطوطة. وأقول رحم الله الشيخ قاسم والملك عبد العزيز فكل منهما وحّد بلده ودافع عن كيانها حتى اعترفت بها كل الدول المجاورة والقوى الكبرى وكانت علاقتهما من القوة بحيث لا يؤثر فيها خلاف بسيط. لقد استمرت العلاقة بين العائلتين الحاكمتين في قطر والمملكة السعودية خلال عهد العاهلين حتى انتقل الشيخ قاسم إلى رحمة الله واستمرت العلاقة بين الشيخ عبد الله بن قاسم والملك عبد العزيز إلى أن توفاهما الله. وكان الملك عبد العزيز يقدّر حكام قطر وأسرة آل ثاني تقديراً كبيراً ويكرم كل من يأتي للمملكة من أبنائها. أما الشيخ قاسم بن محمد رحمه الله فإن فعله في حماية ضيوفه وإكرامهم وبذله المال في فك أسارى من رعايا بلد آخر لهو غاية في سمو الأخلاق العربية التي لا يوفق إليها إلا القلة النادرة من أفذاذ الرجال. بل إن فعله يصبح مما يذكر فيشكر على مر السنين، وتسير به الركبان ويعتبر فخرا لأسرته وبلده. ولا ننسى ما وصفت به خديجة رضي الله عنها أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة حينما قالت: " والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق". وإن المراقب للأحداث الأخيرة من أعمال الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أعزه الله ليرى فيها نفس الروح من نصرة الشعوب المظلومة ومساعدة الدول الضعيفة وإصلاح ذات البين واستضافة من نبذتهم بلادهم. ما يجعل أبناء قطر يشعرون بالفخر أن أصبحت بلدهم عاصمة وقبلة للمنطقة العربية والإسلامية. ونحمد الله أن وجد من ذرية الشيخ قاسم من يفعل فعله وأكثر. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. الشيخ قاسم بن محمد هو من ذلك النوع من الرجال الأفذاذ الذين يصنعون التاريخ، وقد صنع لبلاده اسما ومجدا وحماها من كل أعدائها، وله الفضل على كل من يعيش على ثراها، فهو بحق مؤسس قطر ككيان مستقل ولن استطيع أن أوفيه حقه في مقال صغير. ولكنني سأتناول هنا موقفاً تبرز فيه عبقريته ودهاؤه رحمه الله في مقابلة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أحد الزعماء الكبار الذين برزوا في النصف الأول من القرن العشرين. نُشر هذا المقال بتاريخ الخميس 20 محرم 1433 هـ / 15 ديسمبر 2011 م
33641
| 18 مايو 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دور الشيخ قاسم فى نشر الدعوة السلفية: كان الشيخ قاسم رجل علم وحكم فقد اقتنع بعد دراسة حجج الفريقين أن الدعوة السلفية هى الأقرب الى عقيدة الاسلام الصافية التى كانت زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه. وقد طبق ما اعتنق به فخالف جميع الحكام من حوله والذين كان حكمهم يقوم على المنفعة والمصلحة بغض النظر عن المباديء. وكان للشيخ قاسم الفضل فى تحويل البلاد الى أن يصبح غالبية أهلها حنابلة سلفيين وهو الذى يرجع اليه فضل تأسيس قطر ككيان مستقل وحماية حدودها من جيرانها ومن غارات البادية، بحيث نعم أهلها بالأمن والأمان والاستقرار فى عهده. ان الشيخ قاسم بن محمد رجل متدين الى حد كبير وكان هو امام البلاد وخطيبها فى الجمع والأعياد وكان قاضيها ومفتيها وأكبر المتصدقين والمزكين فيها، وكان يتاجر فى اللؤلؤ وكوّن ثروة يوم لم يكن فى البلاد نفط أو أى مورد تعتمد عليه الحكومة حتى الجمارك كان يعتبرها حراماً ولا يأخذها من التجار ودخل فى حرب مع الترك العثمانيين عندما أراد الباشا العثمانى ارغامه على الترخيص بانشاء مركز للجمارك. وكان يستخدم ثروته فى أعمال الخير الكثيرة التى اشتهر بها، من أوقاف فى عمل الخير ومنها عدد من الأوقاف فى قطر والمملكة السعودية فى الرياض والدرعية والخرج والحوطة والمذنب والأفلاج وحريملا وذلك على طلبة العلم وغيرهم. ومنها طباعة الكتب الدينية وتوزيعها على طلبة العلم فى الخليج ونجد والحجاز والعراق والشام ومصر. وقد دخل فى صراعات مع القوى الكبرى والجيران المخالفين له فى المذهب بسبب تمسكهبعقيدته السلفية. فحاول ابعاد الانجليز الذين وقعوا معاهدات مع بقية دول الخليج، واختار التعاهد مع الأتراك العثمانيين لكونهم يمثلون دولة الخلافة. كما أبعد كل من تظهر منه بدع من أى نوع. ويظهر ذلك فى شعره بشكل واضح: فأوصيك منى يافتى يابن جاسم فلا تكن عنها يا فتى الجود غايب تمسك بتقوى الله واخلص له العمل بعلمٍ على حقٍ صواب وصايب ترى من أطاع الله طاعت له الملا وذلّت له رقاب الملوك الصعايب فانا اقول ذا وأرجو من الله عفوه والأقوال فيها مخطيات وصايب دفاعه عن الدعوة السلفية فى مواجهة مناوئيها كانت الدولة العثمانية تسيطر على معظم الدول العربية بما فيها الحرمان ومصر والمغرب العربى والشام والعراق واليمن والاحساء، وقد اعتبرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب مصدر خطر فأخذت تشوه صورتها عند الشعوب التى تحكمها ومن يتصل بهم من شعوب وبشكل جعل هذه الدعوة مقترنة بالكفر والعياذ بالله. وينقل بعض كبار السن أن أهل البحرين كانوا عندما يجدفون فى المراكب يغنون اغنية جماعية تشجعهم على التجديف برتم معين، فكان من أغانيهم تلك: حسبى الله على النيادى دين الله غيروه حتى جاسم عن دينه غيروه وقد وقف الشيخ قاسم موقف المناصر لهذه الدعوة بل أصبحت قطر فى وقته مركزاً للدفاع عن الدعوة السلفية والرد على الهجوم الشرس الذى كانت تتعرض له. وقد استخدم علاقته الطيبة مع السلطان العثمانى لمحاولة اقناعه بعدم محاربة الملك عبدالعزيز بقصد القضاء على هذه الدعوة. فيقول فى رسالة منه للسلطان: "... وقد عرضت بلسان الصدق والصداقة واسترحمت عدم سوق العساكر الشاهانية على ابن سعود، وان كل مطلب ومقصد يحصل بدون أن تطلقوا على نجد وأهلها اسم العصيان، الذى يكلف الحكومة السنية من المشاق والمصاريف والخسائر ما هى غنية عنه بدون فائدة. على أن ابن سعود ليس بعاصٍ ولا خارج عن رسم الطاعة. نعم ان الذين أدخلوا فى أفكار مولانا أمير المؤمنين سوء قصد ابن سعود وأن منه الخطر على نجد ومايليها هم أعداء الدولة والملة الذين يريدون تفريق الكلمة... " استقدام العلماء السلفيين للعمل كمدرسين وأئمة وهؤلاء كانت غالبيتهم من نجد ومنهم: الشيخ عيسى بن عكاس والشيخ أحمد بن حمد الرجبانى والشيخ محمد بن حمدان والشيخ عبدالله بن أحمد بن درهم والشيخ على بن سليمان البصرى والشيخ الشاعر حسين بن على بن نفيسة وغيرهم. وقد أفادوا فى نشر العلم الشرعى وتوعية الناس بشرع الله وتحذيرهم من المنكرات والبدع. محاربة البدع وابعاد أهلها من البلاد وفى هذا يقول محمد بن حسن المرزوقى وكان اماماً مرافقاً للشيخ قاسم من منظومة قالها بعد وفاته رحمه الله: وأجلى دعاة السوء من كل مشرك ومن كل جهمى أخى لبسات طرائق صوفى وزارٍ ومولدٍ نفاها بحد السيف والكلمات وعلمهم نكر الفواحش جهرة وأذهب مألوفاتهم بعظات جهوده فى نشر كتب الدعوة السلفية استخدم الشيخ قاسم امكاناته المالية الجيدة لخدمة الدعوة، وكان هو من أوائل من تنبهوا لأهمية الكتاب خاصة وقد كتب أعداء الدعوة الكثير من الكتب ضدها. فكان يراسل العلماء ويطلب منهم تزويده بالكتب ليقوم بطباعتها فى الهند أو العراق أو مصر أو الشام ومن العلماء الذين كان يراسلهم: 1 - الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ فى الرياض وكان مفوضاً منه فى ادارة أوقافه فى الرياض. 2 - الشيخ محمود شكرى الألوسى فى العراق 3 - الشيخ محمد حسين ناصيف فى جدة 4 - الشيخ جمال الدين القاسمى فى دمشق 5 - الشيخ مقبل الذكير من وجهاء وتجار البحرين وكان وكيلاً عنه فى الأمور المالية 6 - الشيخ عيسى بن عكاس فى الاحساء 7 - الشيخ سليمان بن سحمان فى الرياض 8 - الشيخ صالح البنيان فى حايل 9 - الشيخ عبدالله الزامل فى المذنب وكان وكيلاً على أوقافه هناك ومن الكتب التى وزعها: 1 - الايمان لشيخ الاسلام ابن تيمية 2 - المقنع وشرح الاقناع فى الفقه الحنبلي 3 - مجموعة التوحيد لابن تيمية 4 - الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان 5 - التوضيح عن توحيد الخلاّق فى جواب أهل العراق 6 - جامع البيان فى تفسير القرآن 7 - منهاج التأسيس فى كشف شبهات داوود بن جرجيس لعبداللطيف آل الشيخ 8 - فتح المنّان للالوسي 9 - مقدمة فتح الباري 10 - لسان العرب لابن منظور 11 - اجابة السائل على أهم المسائل لابن عكاس 12 - الدين الخالص لصدّيق حسن خان 13 - مصباح الأنام لعبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ 14 - رد صلح الاخوان للشيخ داوود العاني. وقد سار الشيخ عبدالله بن قاسم على نهج والده من الاهتمام بالتعليم والدعوة السلفية فاستدعى الشيخ محمد بن مانع من البحرين ليكون قاضياً ومعلماً حيث افتتح مدرسة سماها بالأثرية، وكان يدرس فيها علوم الشريعة واللغة واجتمع عنده عدد من أبناء البلاد كما أرسلت الشارقة بعثة من طلابها للدراسة عنده اضافة لطلاب من الاحساء ونجد. وقد تخرج من هذه المدرسة العديد من العلماء الذين استفادت منهم قطر والدول المجاورة. رحم الله الجميع وجعل ما عملوا وبذلوا فى ميزان حسناتهم يوم القيامة. تلقيت دعوة من جامعة الامام محمد بن سعود فى الرياض للمشاركة فى ندوة (السلفية، منهج شرعى ومطلب وطني، وقد افتتحها سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ولى العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء فى يوم الثلاثاء 27/12/2011 م. وقدمت فيها بحثاً عنوانه هو نفس عنوان هذا المقال، وكان الحضور كبيراً من المملكة وخارجها. وقد تناولت فى مقالى بدايات الاتصال بين قطر والدعوة السلفية منذ بداية عهدها زمن الامام محمد بن عبدالوهاب ومؤسس الدولة السعودية الأولى الامام محمد بن سعود. وأنا أنقل هنا ملخصا للبحث وأركز على الشيخ قاسم بن محمد الذى كان له الدور الأبرز فى نشر الدعوة السلفية فى قطر. نشر هذا المقال بتاريخ الخميس 18 صفر 1433 هـ / 12 يناير 2012 م
10337
| 18 مايو 2015
مساحة إعلانية
التوطين أو التقطير ليس مجرد رقم أو نسبة...
1266
| 02 سبتمبر 2025
على رمالها وسواحلها الهادئة كهدوء أهلها الطيبين حيث...
1023
| 08 سبتمبر 2025
في السنوات الأخيرة، غَصَّت الساحة التدريبية بأسماء وشعارات...
870
| 04 سبتمبر 2025
تم إنشاء فكرة الإسكان الحكومي للمواطنين بهدف الدعم...
699
| 07 سبتمبر 2025
يعتبر القرار الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ...
621
| 02 سبتمبر 2025
عندما تدار الوظيفة بعقلية التسلط وفرض الأمر الواقع،...
582
| 04 سبتمبر 2025
غالبية الكتب الفكرية والأدبية والاجتماعية مثل الناس، منها...
513
| 05 سبتمبر 2025
تتموضع حقوق الملكية الفكرية في قلب الاقتصاد المعرفي...
489
| 08 سبتمبر 2025
كلما وقعت كارثة طبيعية في أي مكان من...
486
| 03 سبتمبر 2025
العلاقات العامة عالم ديناميكي جميل، متكامل، بعيد عن...
483
| 04 سبتمبر 2025
أتابع دورينا لأرى النتيجة الحقيقية لما يبذل من...
465
| 05 سبتمبر 2025
لا يمكنه السيطرة على انفعالاته؛ وبنبرة تعاطف قالت...
423
| 05 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية