رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

التجريد والخلق

كل الأشياء مجردة، والعين هي من تخلقها. كتبت هذه العبارة في سبتمبر 2019، أتذكر هذا التاريخ؛ لأني أتذكر المشهد الذي كتبتها على إلهامه، نعم، أتذكره جيدا؛ ذلك الصباح الخريفي. ما قصدته في هذه العبارة؛ أن قيمة الشيء، أي شيء، صفر، فالشيء مجرد من أية قيمة، كما هو مجرد من التوصيف بماديته التي يتشكل بها، والعين هي من تخلق هيئته المادية، ومن ثم تخلق قيمته المنوطة بماديته. فالاختلاف بين الأشياء ليس اختلافا بين ذواتها المجردة، بل بين الأعين التي تنظر لها، فشكل الزهرة الصفراء التي أراها بعيني، ليس بالضرورة، البتة، يكون كشكلها الذي ترنوه بعينك، ولا أحد منا يعلم كيف يراها الآخر، إلا لو كان هو؛ لذلك فالأشياء مغلقة على نفسها، الأشياء مجردة، واللحظة التي تُخلق بها؛ هي اللحظة التي تراها العين، وكيفما رأتها خلقتها، فكان شكلها في عقل الإنسان، الذي أوحى إلى العين كيف تخلقها. إن الشيء لا يكتسب قيمته ما لم ترنُ إليه العين؛ فهو مجرد من ماديته، حتى تخلقه بالمادية التي تراها، كما هو مجرد من قيمته، حتى تعطيه إياها استنادا الى المادية التي خلقتها، إن الأشياء في معزل تجريدي ما لم تخلق العين وجودها، فارتباط الأشياء بقيمتها، هو منسوب إلى قيمتها في عقل الإنسان الذي حدده بالنظر إليها في عينيه، فكانت قيمتها في عقله؛ الذي خلق قيمتها في الوجود. ومما يعول على ذلك؛ هو اختلاف الأذواق بين الناس، وعلى ذلك جاء المثل «لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع» نلحظ في العبارة أن بوار السلع منوط باختلاف الأذواق، ليس بالسلع ذاتها؛ لأن العين هي من خلقت مادية هذه السلعة المجردة، فأعطتها الرفض أو القبول بناء على ماديتها التي خلقتها بها بعد التجريد. أمثل على ذلك بالحلي والثياب والديكورات، فالاختلاف بين تصاميم المنازل؛ هو اختلاف بين الأعين التي خلقت تلك التصاميم. وأيضا مما يعول على ذلك؛ اختلاف نسبية الجمال بين الناس، ولذلك تجد امرأً يراه أحدهم وسيما، بينما يراها الآخر عادياً. بل سأذهب لأبعد من المادية، وأقول إن مما يعول على ذلك أيضا؛ هو اختلاف الميول على الصعيد الغنائي، ومثله على صعيد الطعام؛ وذلك كله؛ لأن عقل الإنسان يتشكل من وعي تراكمي من إيديولوجيات متعددة في حياته، جعلت من عينه تخلق الماديات بالهيئة التي خلقتها عليها، وجعلت إحساسه يتقبل ذلك ويرفض ذاك. وهذا أيضا يفسر الانتماءات، والهويات، من تبني الأفكار، وسلك المذاهب، على أصعدة متعددة المشارب؛ من الأكاديمية والفنية والاجتماعية وحتى السياسية. إن ما يثير فضولي؛ هو الشكل الحقيقي للأشياء، فما تخلقه العين هو شكل زائف منوط بعقلية الإنسان الإيديولوجية، لكن شكلها الحقيقي، المجرد، نحن لا نعرفه؛ فكل الأشياء مجردة، والعين هي من تخلقها.

1116

| 19 أبريل 2023

في تسمية مركز «ابن خلدون» في جامعة قطر

فيما كنت أتجول في أروقة جامعة قطر، في إحدى ضحياوات شهر أكتوبر من العام المنصرم 2022 وقعت عيني على مبنى كُتب عليه «قاعة ابن خلدون»، أظنها «قاعة»، نعم، هكذا قرأت فيما أتذكر، تنفست الصعداء حين قرأت هذه التسمية الضاربة جذورها في أصالة التاريخ، تلك الحقب السالفة حيث تنتمي روحي، سحبتني قدمي خطوة نحو المبنى، وددت لو أني أدخله، لولا أني كنت في ضيق من وقتي، ولي مآرب أخرى في الدوحة، أتسابق مع الوقت لأنجزها، فأكملت طريقي نحو العربة. بعد ذلك الصباح بيومين، كنت مع أمي وأخي في عربته، عائدين إلى الديار، وكنا نتجاذب أطراف الحديث؛ لنقص به طريق السفر، وحيث إن حديثي مع أخي دائما يدور في فلك العروبة؛ كان قد قال شيئا ذكرني بطريقة ما في قاعة ابن خلدون، وبعد أن صمتنا لبرهة، تسارعت مخرجةً هاتفي لأبحث عن هذه القاعة، فوجدتها أكبر مما ظننت، حيث حسبتها قاعة مدرجة للمحاضرات الكبرى فحسب، وجامعة قطر زينتها بهذا الاسم، فإذا هي «مركز ابن خلدون» الذي يُعنى بالدراسات الإنسانية، وهنا زاد إعجابي بذكاء التسمية، فضلا عن انتمائي التاريخي لإرث العرب! ربما سألت نفسك: لِمَ السمية ذكية؟ وربما لم تسأل، سأخبرك في الحالتين: حين بحثت عن المركز، فهمت من رؤيته المدرجة في موقع الجامعة؛ أنه يهتم بالدراسات البينية في العلوم الإنسانية، فاهتمامه لا يصب في تخصص واحد، بل يضم أكثر من تخصص في هذه العلوم، وحيث إن «ابن خلدون» عالم جمع مشارب العلم في هذه التخصصات؛ كان من الذكاء أن يُسمى المركز باسمه، لا باسم عالم آخر عُرِف بعنايته في علم دقيق. فإن مقدمة ابن خلدون مرجع لكثير من هذه التخصصات، يجد المختص باللغويات تأصيلا بها، وكذلك المؤرخ، وأيضا علم الاجتماع يشغل حيزا في مقدمته، وأكثر من ذلك، وحيث إن «مركز ابن خلدون» في جامعة قطر معني بأكثر من تخصص في العلوم الإنسانية؛ فإن «ابن خلدون» أفضل عالم يُسمى المركز باسمه. «ابن عربي» يتمتع باسم يعكس الأصالة، لكنه يميل إلى النزعة الفلسفية أكثر من كونه متنوعا في العلوم - وإن كانت الفلسفة هي نواة كل العلوم-، «الفارابي» يمتلك اسما موسيقيا جميلا، بالإضافة إلى انسجام حروف اسمه مع كلمة «العروبة»، لكن علومه كانت تنحدر من منحى فلسفي على وجه الخصوص أكثر من التنوع بين العلوم الإنسانية، «المتنبي» ينفرد برمزية العرب، لكنه شاعر - وإن كنت أتحفظ على كونه شاعرا، ولعلي أناقش هذا لاحقا-، «سيبويه» اسمه يأخذ الإنسان إلى النحو قصرا؛ وهكذا ستبحث ولن تجد أفضل من اسم «ابن خلدون» يمثل رؤية المركز في الجامعة. في الأشهر اللاحقة، كنت أطلع على عناوين المحاضرات في المركز، فوجدتها بعيدة عن الطرح التقليدي المستهلك، ذلك الذي أكل عليه الدهر وشرب، وهذا ما زاد إعجابي بالمركز، حيث إنه لم يتبهرج إعلاميا فقط، بل إنه فاعل في تأدية رسالته؛ تمنيت، وما زلت أتمنى أن يتسنى لي حضور هذه المحاضرات، لا أعرف بعد إن كان المركز أو كانت جامعة قطر تسجل هذه المحاضرات أم لا؛ لكن إن لم تكن تفعل فأتمنى أنها تفعل ذلك؛ لسببين: ليكسب البعيد فرصة لحضورها؛ وليُحفظ العلم الذي أُلقى بها.

1011

| 06 مارس 2023

موضوية الأفكار في العولمة الفكرية

قبل أزيد من عامين رصدت ملاحظة؛ وهي أن الأفكار تفد على الناس فيهتدون إليها على مجموعات! جموع كثيرة من البشر تتبنى فكرة واحدة، بكيفية متشكلة في قالب على الهيئة ذاتها، وكأن هذه الفكرة سلعة تُباع في السوق، كالفستان -مثلا- الذي يتوفر منه أعداد في نفس اللون والتصميم، فتشتريه أكثر من امرأة، هكذا أيضا لاحظت وفود الأفكار وكأنها «موضة» يشتريها مجموعات من الناس بنفس التصميم، ثم بعد فترة تصبح موضة قديمة، وتُباع لهم أفكار بموضات جديدة، فيكبون على وجههم لشرائها. وحين لاحظت هذا الأمر نويت أن أكتب مقالا بعنوان «موضوية الأفكار» لكنه لم يتجاوز حدود الملاحظة عندي، أقصد: إني رصدت الملاحظة لكني لم أعرف بعد أسبابها، لكي أعرف من الأسباب كيف يمكن لنا مواجهتها؛ فتريثت إلى حين أن تنضج الفكرة في عقلي، وقبل فترة قصيرة وأنا أتأمل بالملاحظة وضعت أصبعي على السبب؛ والذي هو «العولمة»، فوسعت العنوان إلى «موضوية الأفكار في العولمة الفكرية»! سقطت الأندلس، جاءت على إثر سقوطها «محاكم التفتيش» الدموية، قريبا من هذه الأثناء ذهب «كريستوف كولومبوس» إلى أمريكا، فكانت رحلته النواة لدولة أمريكا، انبثق عصر النهضة الأوربية، على جثث المسلمين المعذبين في محاكم التفتيش، حُرق علمهم في كتبهم نعم، لكن أُخِذ منه ما من شأنه أن يعزى إليه الفضل في علوم عصر النهضة الأوربية، اخترع الغربي التلفاز والراديو، فبث منه الإعلام الذي يصل إلى كل مناطق العالم؛ هو سيد الإعلام إذن هو سيد العولمة، إذن هي ليست عولمة، هي شيء اسمه «النموذج الغربي». قديما، لم يكن هناك ما يصل بين الأمم المترامية الأطراف على رحاب هذه الأرض الشاسعة، كانت بينهم تجارة عبر السفن بين المدن الساحلية، وحتى تجارة برية على المواشي بين المدن غير البحرية، كانت هناك مراسلات بين الحكام، نعم، كل ذلك كان موجودا، لكنه لم يخول إلى سرعة التمازج بين الشعوب؛ لأسباب لا يجهلها القارئ: فالحركة فيها بطيئة، والفئة التي تتعامل مع الآخر محدودة، إلى غير ذلك. أما اليوم مع وجود جهاز التلفاز الذي يبث ثقافة الآخر كما يبث أفكاره فالأمر مختلف، التلفاز يوجد في كل بيت يشاهده الصغير والكبير؛ أشير إلى التلفاز لأنه بداية بث «النموذج الغربي» المسمى بالعولمة، ثم عقبته مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستقبل بها الإنسان العشرات وربما المئات من أفكار الآخر في اليوم الواحد. بداية كانت العولمة في الماديات، من الأكل واللبس وغيرها، ولاحظت أن العولمة التي اكتسحت العالم في هذه الأمور؛ هي عالم الغربي من الأوروبي والأمريكي، فمثلا العولمة، جعلت العديد من الأمم الأخرى تتناول «البان كيك» على الفطور، والقهوة الأمريكية، والبيتزا، فصارت هذه المأكولات عالمية، لكن الطعام الصيني والهندي لازال يمثل تلك الأمم، ولم يصل إلى العالمية، ومثلها القهوة الخليجية. انطلاقا من هنا أصل الآن إلى «موضوية الأفكار في العولمة الفكرية» فمادام الغربي هو المتحكم في العولمة، في نواحيها السابقة التي ذكرت، فهو أيضا المتحكم في الناحية الأشد خطورة؛ وهي «الأفكار». إن الأمم الأخرى غير الأمة الغربية، تستقبل الأفكار التي تفد عليها منها، دون أن تحاكمها ولا تشذبها لتقولبها بما ينسجم مع ثقافتها، بل تبتلعها كما هي، والأمر الأشد خطورة؛ أنها تنسلخ من أصالتها، وقيمها التي تتميز بها عن بقية الأمم؛ لأن الأفكار الوافدة تتناقض مع مبادئها، ولأنها أيضا توحي إليها أن مبادئها رجعية لا تناسب روح العصر! وهذا ما ينبغي التصدي له في عدة منابر، فالأساتذة في الجامعات ينبغي عليهم أن يرفعوا سقف الوعي عند طلبتهم، وكذلك الآباء. ولعل المدخل الأول الذي دخل به الغربي في بث أفكاره من منبر العولمة، أو ما سميته «النموذج الغربي»؛ هو مدخل اللغة، فإن اللغة الإنجليزية لم تكن هي اللغة العالمية دون غيرها من اللغات؛ إلا لأن «النموذج الغربي» هو نموذج العولمة، واللغة هي البوابة لبث أفكار الأمة من خلالها. نستطيع في أمثلة كثيرة أن نلاحظ الأفكار التي تجيء على هيئة موضة وتستهلكها شريحة كبيرة من البشر، فمثلا في بدايات الأعوام بين 2011 و2013 درجت موضة «النسوية» في عالمنا العربي، واليوم من يتحدث عن شؤون المرأة يُرد عليه إن أفكاره قديمة، فالعالم اليوم ينشغل بموضة فكرية جديدة؛ وهي الشذوذ الجنسي، والتي يسميها الغربي «المثلية»، وهكذا دواليك. ليست المشكلة في كل ما سبق الاطلاع على أفكار الآخر، ولا وفودها علينا، إن المشكلة الكبرى هي أن هذه الأفكار موضوية مسلعة، وما يدل على موضويتها هو تبني الناس لها على مجموعات، فلا يوجد استقلال فكري. منذ أن بدأت البشرية والناس تفكر، فالفكر جزء من تكوين العقل الإنساني، والإنسان الذي لا يفكر يموت، لكن الحدث المختلف في عصرنا هذا؛ هو أن الأفكار تجيء معلبة بكيفية واحدة، وتتبناها مجموعات من الناس بالكيفية ذاتها دون اختلاف، ثم بعد أن تؤدي غرضها، تفد عليهم أفكار أخرى فيتبنونها على مجموعات أيضا، وهكذا فإننا نقف أمام عقول ناس تُفرغ بها الأفكار من أعلى؛ وهذا ما لا يتوافق مع دينامية اشتغال العقل البشري، الذي تُعرض عليه الفكرة، فيستقبلها، فيشذبها، فإما أن يرفضها، أو يقبلها، أو يصححها بما يواءم وعيه التراكمي المستقل، الأمر في موضوية الأفكار هو التعامل مع هذه الأفكار وكأنها سلع جاهزة تُستعمل ثم بعد فترة لا تكون صالحة للاستخدام. إن استهلاك الأفكار كموضة يجعلنا نقف أمام مشهد ثقافي غير مسبوق، وانعكاسات نتائجه تظهر في أعمال فنية وأخرى نقدية، فالأمر لا يقف على حد عقول الناس المستهلكة لهذه الموضات الفكرية، بل يتجاوزها إلى توجيه تيار ثقافي يمثل عصرا كاملا سيخلده التاريخ في الأعمال الفنية على جميع أصعدتها السينمائية والأدبية، كما النقدية والأكاديمية، التي تعكس الاستهلاك الموضوي للأفكار. كما أننا نقف أمام ظاهرة ثقافية تتطلب منا رصد سماتها ودراسة نتائجها التي تربو بين حيوات الشعوب. إن موضوية الأفكار تجعلنا نقف أمام تساؤل: إلى أين يتجه فكر الإنسان العربي؟

1206

| 02 مارس 2023

alsharq
بائع متجول

يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...

5994

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
كبار في قفص الاتهام.. كلمة قطر أربكت المعادلات

في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...

5595

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4470

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3336

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الفن ضد الدمار

تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...

1596

| 26 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1323

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1185

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

900

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

870

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
خطاب صريح أقوى من السلاح

• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...

831

| 25 سبتمبر 2025

alsharq
حضور فاعل للدبلوماسية القطرية

تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...

831

| 25 سبتمبر 2025

أخبار محلية