رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يكثر في هذه الأيام ذكر سويسرا، والحديث عن مبادرتها المسماة بخارطة الطريق، للخروج من حالة المراوحة في المكان، حيث يبدو أن كل شيء تعاقدنا عليه كفلسطينيين غير قابل للتصديق أو التطبيق، فلا حكومة أنجزت ما كُلفت به، ولا تبدو أنها معنية بذلك، ولا إعمار موعودا ظهرت له معالم وآثار في غزة المدمرة، والحصار ما زال ضارباً أطنابه في كل أنحاء القطاع، والناس تسأل هل إلى خروج من سبيل؟.إن خارطة الطريق السويسرية (Roadmap) تبدو لجمهور الشارع الفلسطيني – اليوم - أنها طوق النجاة الوحيد المتاح لاستنقاذ الحالة الفلسطينية من الغرق. لذا، فالكل يسأل هل تمَّ التراضي والاتفاق بين جميع مكونات الحالة السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أم لا تزال هناك عقبات وتحفظات لهذا الفريق أو ذاك؟. إن هذا السؤال المشروع هو في الحقيقة "مربط الفرس" وبيت القصيد في كل نقاشاتنا السياسية، حيث تظهر دائماً اعتراضات أو تمنعات هنا أو هناك، فالكل يظن أن السياسة هي طريق الوصول إلى تحقيق الغايات، وما تتطلع له الفصائل والأحزاب من مكاسب وامتيازات، وليس الاتفاق في الوصول إلى أرضية مشتركة، حيث يقدم كل طرف من خلالها بعضاً من التنازلات، بهدف بلوغ نقطة اللقاء والارتقاء وتعانق الخطوات.إن ما يحاول السويسريون – مشكورين - الوصول إليه من خلال خارطة الطريق هو هذه النقطة من التوافق واللقاء، والتي هي – ربما - خارج توقعات الجميع، ولكنها تخرجهم جميعاً من حالة التخبط والمراوحة في المكان (still stand)، وتسهم في لحلحة الأمور إيجابياً، والابتعاد عن مربع الأزمة الخانق إلى مساحات جديدة يستطيع فيها كل طرف بناء لبنة من الثقة بالآخر.إن خارطة الطريق السويسرية هي محاولة من طرف مشهود له بصدقية مواقفه، ونزاهة سياساته تجاه الحالة الفلسطينية، وبالحيادية الإيجابية التي هي علامة عالمية مميزة لهذا البلد العريق بمواقفه وواقعية مبادراته السياسية، ودرجة الجدارة في الإنجاز.اليوم، هناك من يحاول تفريغ المبادرة من محتواها، والدخول في تفاصيل ليست في وارد من وضعوها، وهي في الحقيقة لم تخرج عن اجتهادات طرف محايد ونزيه، حاول التشاور مع الجميع، واستكمل ملامح الرؤية للخروج من نفق الأزمة الطويل، ليأخذ بأيدينا جميعاً إلى بر الأمان، وذلك عبر إيجاد حلّ عملي لمشكلة الموظفين العالقين لأسباب مختلفة، وإن كان ظاهرها فنياً وإدارياً، ولكن العارفين ببواطن الأمور يدركون أنها سياسية بامتياز.في اللقاء الأخير، والذي تمَّ مع قيادة الحركة ومع فصائل العمل الوطني والإسلامي، جرت هناك أحاديث مستفيضة ومداولات مطولة كنت شاهداً على بعضٍ منها، استدعت أن يبقى باب الأمل مفتوحاً، بهدف البحث عن مخارج وحلول للنقاط العالقة، والتي كانت هناك ملاحظات جوهرية، ونقاط لحركة حماس تحفُّظ عليها، والخاصة بالسلامة الأمنية.إن الورقة من حيث ما تضمنته من مبادئ وأفكار وأسس توزعت بين نصوصها وفي سياق ديباجتها هي محل إجماع الكل الوطني والإسلامي، ولا اعتراض من أي جهة عليها، وحتى البند المتعلق بموضوع "التشيك الأمني" فمن السهولة تجاوزه من خلال تسريح البعض على قوائم المتقاعدين، دون التوقف أمام دواعي وأبعاد هذه المغادرة الطوعية للسلك الوظيفي.لا شك أن الكثير من المماحكات والاعتراضات على المبادرة السويسرية لم تأت من أطراف دولية، ولكن – للأسف – جاءت من جهات محلية لتعقيد مخارج الرؤية والحل، وإبقاء الجرح الفلسطيني نازفاً - بدون تضميد - حتى تقع الكارثة، وتنكسر شوكة الجهاد والمقاومة، وتنحني غزة ظهر البطولات والعزة، ويفرغ القطاع من معاني الصمود والنخوة.. نقول: نعم هناك تحفظات، ولكن أيضاً هناك تصورات لتجاوز الأزمة إذا ما توفرت الإرادة السياسية، فالقضية ليست بمنطق أن تقبل هذا الكل - كما هو - أو تتخلى عنه.. لا، هناك مجالٌ للمراجعات وإمكانات التوافق، حتى نتجاوز عنق الزجاجة، ونصل إلى فضاء الرحمة والتغافر، لاستنقاذ شعبنا، والأخذ بيديه بعيداً عن الفاقة ومهاوي الردى.نحن في غزة نرحب بكل من يمد لنا يد العون والمساعدة، وعلى استعداد للتعاطي مع كل من يجلب الخير لساحتنا، ويأتي بمقترحات للتخفيف عن معاناتنا، حيث إن الأزمات المستشرية أخذت بتلابيب كرامتنا، وجعلت "الكابونة" عنواناً لأحاديثنا الوطنية، وتقدم منسوب اهتمامنا بذكرها والسؤال عنها على كل جوانب حياتنا، حتى المقدسات والمصالح الوطنية العليا تقزَّمت في مساحات التنافس للحصول عليها.إن من المحزن القول: إننا كلما اقتربنا لتفكيك أزمة من الأزمات تعالت الاتهامات بأن غزة تفكر في الانفصال والدولة، وكلما جاء من أبناء أمتنا من يحاول التفكير معنا أخذه البعض بألسنة حداد، فلا يبقوا له ستراً، وانهالوا عليه باتهامات الخيانة والتآمر.!! وآسفاه، لا أحد منهم تتحرك فيه النخوة أو تشده المروءة، فيما غزة العزة تئن وتتوجع، وتتعرض للموت البطيء وبمنهجية مدبرة، بل إن بعضهم يريد خرابها، لأنها صبرت وتعالت على الجراح، وأحرجت كل من تواطأ عليها أو راهن على أنها سوف تأتيهم صاغرة.. انتظروا إسرائيل وأسطورة جيشها أن تحقق لهم عودة ظافرة، إلا أن هزيمة المحتل الغاصب خذلتهم، وكانت عاقبة أمره خسرى، والآن يريدون من زعماء العرب أن يأتوا لهم بغزة برأسها مطأطأة!!.واحسرتاه على تلك النداءات البائسة، والتحريض الممجوج، والتشويه الذي لا يليق بقطاعنا الحبيب، الذي أعاد للأمة جزءاً من كبريائها السليب.لقد تنازلت حركة حماس عن الحكومة، وهيأت لكم الأجواء لكي يستعيد الوطن وحدته، وتصفو سماؤه من الكدر، ويلتئم شمل الجميع، ونقطع الطريق أمام مؤامرات الاحتلال لتأبيد الانقسام، تعالوا ابسطوا أيديكم على سهولها وشواطئها وبيوتها المهدمة، وافتحوا أبواب رحماتكم لتتنزل عليها، ومدوا أيديكم للمستغيثين من أهلها..لا نريدكم إلا أهلاً لنا، أبناء جلدتنا، نبني معاً هذا الوطن حجراً فوق حجر، ونغرسه زيتوناً وجنات غنَّاء من نخيل وأعناب، تليق بقداسة هذه الأرض التي جعلها الله مباركة للعالمين.. نريد أن نتجاوز حالة "نزغ الشيطان" بيني وبين إخوتي، وأن نزرع المحبة والفخر بأن "هذا أخي"، وأن العدو الإسرائيلي هناك في الجوار يتربص بنا وبمقدساتنا الدوائر، فاعتبروا يا أولي الألباب.إن أي مواقف أو حلول يمكن أن تبني على ما أوردته المبادرة السويسرية من نقاط اتفاق وتوافق اختصاراً للوقت، وأن اللجنة التي شكلتها الحكومة بإمكانها اعتماد هذه المبادرة كإحدى مرجعياتها التي حظيت بتفاهمات حول العديد من جوانبها، مما يجعل اللجنة الحكومية قادرة في فترة وجيزة - قد لا تتجاوز الشهر – على التوصل للاتفاق الذي ينهي كل الخلافات القائمة بيننا.
607
| 31 مارس 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قطر في دائرة الاستهداف!! لست أدري لماذا هذا التشكيك بكل جهد عربي عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدة لتخفيف المعاناة عن أهل قطاع غزة؟. فمرة تطال عملية الاتهام تركيا ومرة أخرى قطر!.. السؤال لكل هؤلاء وأولئك: هل المطلوب منا أن نلتزم الصمت ونبكي وحدنا، مع التلهي بطهو الحصى وشي الكلمات؟ فإذا كان الرئيس أبو مازن – حتى اللحظة - لا يريد زيارة غزة وتفقد حال أهلها، الذين أنهكهم الجوع والفقر والمرض، وأدركهم اليأس والقنوط، وفقدوا الأمل في فعالية كل فصائلهم الحزبية وقياداتهم السياسية، وإذا كان الرئيس مشغولاً عن غزة وأهلها، وحكومته - هي الأخرى - متجاهلة بالكلية عذابات الناس وبؤسهم فلا تحرك ساكناً، ولا تتحدث بما يبعث على الأمل والأمن والاطمئنان، والكل يجأر بالدعاء - مستغيثاً - طالباً للرحمة أن تتنزل عليه، فلماذا يغضب البعض إذا جاءت قطر أو تركيا لتملأ الفراغ نخوة وشهامة ومروءة، وبهدف مدِّ يد العون والمساعدة، فتحركت للتعجيل بإيواء النازحين ومن أثقلت الحرب العدوانية المدمرة حياتهم، لماذا يا ترى تثار الشكوك حول هذه الجهود الخيرة، ويتساءل البعض بأسلوب استنكاري: "ماذا تعمل قطر في قطاع غزة؟"، و"قطر تفاوض إسرائيل.. نيابة عن من؟!".. بالتأكيد ليس نيابة عن أحد، ولكن هناك شعبا مذبوحا وغيابا قياديا مفضوحا.إننا بدورنا أيضاً نتساءل وباستغراب: هل المطلوب من أهل غزة الخنوع ورفع الرايات والتسليم بالانكسار؟! وهل علينا أن نظل نكابد الجوع والحرمان وظلم ذوي القربي، وألا نبحث عن مخرج كريم لأزماتنا المعيشية الخانقة؟هل إذا فكرنا في إيجاد مطار وميناء، وحاول غيرنا مساعدتنا بالبحث عن حلول لأزمة الكهرباء، وإيجاد مصادر بديلة للحياة الكريمة، يستوجب ملاحقته بكل هذه الاتهامات والشكوك؟. إن البعض يصرخ - بانفعال مصطنع - متهماً حركة حماس بأنها تخطط لدولة في قطاع غزة، رغم أننا قلنا ألف مرة: "لا دولة في غزة، ولا دولة من دون قطاع غزة"، وقلنا كذلك: إن دولة في قطاع غزة وحدها تعني نهاية مشروعنا الوطني، وهذا خيار لا يفكر فيه أحد، لا في حماس ولا في غيرها من فصائل العمل الوطني والإسلامي.إن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان داخل ساحتنا الوطنية والشارع الفلسطيني، هي أن الحكومة لم تقم بواجبها، لكنها تركت فراغاً وعيوناً دامعة وجدت من تأخذ الرحمة طريقها إلى قلوبهم لإغاثتها.. إن الكل يعلم أنه لولا هذا الفراغ السياسي والأخلاقي والحالة المأساوية الطاحنة ما تجرأ أحدٌ على أخذ دورها وتجاوز صلاحياتها.. وإلى أن يستقيم حالنا السياسي، ونتخطى عضة الجوع ومسغبة الذل والحاجة التي أرهقتنا، سنظل نقول ونردد باعتزاز: شكراً قطر.. شكراً أردوغان.. شكراً يا أهل المروءات والجود والكرم.إننا في غزة لا نشعر بما ذكره البعض من تشكيكات بالدور القطري.. فالسفير محمد العمادي هو عربي مسلم أصيل، شاهدناه يتنقل متفقداً أصحاب الحاجات في المناطق المهدمة والمخيمات، كما شاهدناه يطرح حلولاً للمشكلات المزمنة في قطاع غزة. إننا نقول لبعض أهلنا وغيرهم ممن يحاولون إثارة الشكوك حول الدور القطري: رجاءً كفوا ألسنتكم عن قطر وعن جهود سفيرها الهمام، ذلك الذي كسب قلوب أهل غزة ومستضعفيها.. وإذا كانت هذه النخوة والكرم يملكها غيره ممن اعتدنا التغني بهم والقول: "بلاد العرب أوطاني"، فنحن بانتظارهم، وسنفرش لهم بساط الحب من قلوبنا. وإلى أن تتحرك حكومة د. رامي الحمد الله وتؤدي دورها، فسيظل السفير العمادي هو رجل المرحلة في غزة.. فالناس تريد من يقدم الحلول لمشاكلها، ويتقرب بالعطاء لها، وليس من خذلها وتخلى عنها.. ألف أهلاً ومرحباً بالسفير القطري بين أهله ومحبيه، الرجل الذي قدَّمت بلاده أكثر من مليار ونصف المليار لإعادة بناء غزة.. إن المُشاهد للحركة العمرانية وترميمات البنية التحتية لا يرى إلا جهوداً قطرية تستوجب من كل أهل غزة تقديم الشكر والتحية. وللمشككين والموتورين نقول: موتوا بغيظكم، ومليون ألف تحية لقطر، أميراً وحكومة وشعباً، حيث لا يضيع أجر من أحسن عملا.. دمتم قطر.سوابق بلا مخاوفإن من حقنا أن نستدعي التاريخ للشهادة والرد على أولئك الذين يبدون تخوفاً زائداً من التدخلات العربية والإسلامية في الشأن الفلسطيني، لنُذكّرهم بأن قطاع غزة كان تحت الرعاية المصرية لأكثر من عشر سنوات، وكان يخضع إدارياً وأمنياً لها، ولم يتذمر أحد، ولم يتم النظر إلى المسألة من أي جهة، باعتبارها حالة تدخل خارج سياق المسؤولية والواجب، الذي تستدعيه الالتزامات القومية والدينية، وكان فضل مصر في ذلك ملحوظاً وفوق مستوى الشبهات.وكما خضع قطاع غزة بعد النكبة بإرادته للإدارة المصرية، وشهد نهضة تعليمية نعتز بها اليوم ونفخر، فقد تمَّ – آنذاك - أيضاً ضم الضفة الغربية لتصبح جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية.. ولكن عندما تغيرت الأحوال السياسية بعد ذلك، وأصبح للفلسطينيين قيادة حاكمة، عاد القطاع إلى حاضنته الوطنية، كما عادت الضفة هي الأخرى للسيادة الفلسطينية، ليشكلا معاً ومن جديد أهم ملامح دولتنا الموعودة.لا خوف من أي تدخلات عربية أو إسلامية، فلا أحد في أمتنا له أطماع في أرضنا وديارنا، والكل يتطلع لأداء واجب الوفاء لفلسطين وقضيتها، والتي هي أمانة في أعناق الجميع، باعتبارها القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.اليوم، وبصراحة لا تستدعي القلق، نرى أن الواقع الذي عليه قطاع غزة يتطلب تدخلات عربية وإسلامية عاجلة، وذلك للنهوض بوضعية الشلل والعجز التي عليها السلطة الفلسطينية وحكومة د. رامي الحمد الله، والتي تقطعت بها السبل، وأصبحت كمن يمشي مكباً على وجهه، حيث أخفقت في كل الملفات التي تم التعاقد عليها، فلا نجاح في ترتيب البيت الفلسطيني، ولا إعادة إعمار، ولا انتخابات، ولكن مراوحة مملة في الزمان والمكان.وتأسيساً على ذلك، فإن ما تقوم به قطر أو تركيا لن يخرج عن هذا الفهم لحقيقة الجهد العربي والإسلامي تجاه قضية فلسطين وشعبها، والقائم على ضرورة إحياء نهج الجهاد والمقاومة، وثلاثية التأهيل له (اصبروا وصابروا ورابطوا)، حيث إن ما يتم تقديمه من دعم وإسناد إنما هو في الحقيقة عناصر لتثبيت أقدام الفلسطينيين فوق أرضهم، وإبقاء قضيتهم حية، حتى يتحقق وعد الآخرة بعودة الأمة لشد أزرهم، والعمل بكل قوة لنصرتهم وتمكينهم من تحرير أرضهم وديارهم.إن أصحاب المخاوف المفتعلة، والمشككين بالجهد العربي والإسلامي، يُذكروننا بالمثل الفلسطيني القائل: "ما بدهم يرحمونا، وما بدهم يخلو رحمة ربنا تنزل علينا".ارحمونا وارحموا أهل غزة يرحمكم الله.
638
| 20 مارس 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); سؤال برسم الجواب: هل الانتفاضة قادمة؟منذ زمن طويل ونحن نبشر بأن الانتفاضة الثالثة قادمة، لأن ممارسات الاحتلال وأساليبه القمعية تستفز الحجر، كما أن تعديات مستوطنيه وتعمد تدنيسهم للمقدسات أوصلت الفلسطينيين لحالة من الغليان والرغبة في الانتقام غير مسبوقة، ولكن واقع الحال القائم في فلسطين والمنطقة من حيث الانقسام والصراعات الدامية لا يشجع بما فيه الكفاية للتحرك والنهوض، وهذا لاعتبارات أوردها الأستاذ هاني المصري في النقاط التالية:أولاً) عدم وجود قيادة للانتفاضة، فالرئيس أبو مازن أعلن - مراراً وتكراراً - معارضته لاندلاع انتفاضة جديدة، وعبَّر هذا الموقف عن نفسه من خلال منع العديد من المظاهرات، وأي شكل من أشكال الاحتكاك بين قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في مناطق سيطرة السلطة، ودعا مؤخراً إلى التهدئة في القدس التي تشهد تصعيدًا إسرائيلياً غير مسبوق. ولعل هذا الأمر، يفسر لماذا تشهد المناطق غير الخاضعة للسلطة مثل القدس مواجهات أقوى وأعمق من غيرها.ثانياً) لعب الانقسام دوراً أساسياً في عدم اندلاع انتفاضة جديدة، كما لعب تعدد القيادات والمرجعيات والاستراتيجيات دوراً مهماً في الحؤول دون تحقيق الانتفاضات السابقة أهدافها، إضافة إلى أن الخلاف حول أهداف الانتفاضة وأشكال النضال المناسبة (سلميّة أو مسلحة) يلعب دورًا في تأخير اندلاع الانتفاضة.ثالثًا) عدم تحقيق الانتفاضات السابقة لأهدافها برغم البطولات الأسطوريّة والتضحيات الغالية، وانتهاؤها إلى حالة من الفوضى والفلتان الأمني، يجعل الشعب يخشى من الانتفاضة وغير واثق من انتصارها، فالانتفاضات الكبرى يحركها الأمل والثقة بالانتصار أكثر ما يحركها اليأس والإحباط، وإذا أضفنا إلى ما سبق نشوء طبقة ما بعد أوسلو التي ازدادت نفوذًا وثروة، أصبح من مصلحتها عدم اندلاع الانتفاضة وعدم انتصارها إذا اندلعت، ووقوع ثمار "السلم والحرب" في بطنها يجعل الشعب يفكر أكثر من مرة قبل الانتفاض مجددًا، إلا إذا جاءت الانتفاضة ردة فعل على تصعيد عدواني لا يتحمله الإنسان الفلسطيني كما يجري حاليًا في القدس.رابعاً) إن التغييرات العاصفة التي تشهدها المنطقة وما انتهت إليه من حروب داخليّة وطائفيّة ومذهبيّة تهدد في تفتيت - وحتى تقسيم - عدة بلدان عربيّة، تلعب دوراً في عدم إقدام الشعب الفلسطيني على الانتفاضة، لأنه يدرك أهميّة البعد العربي والإقليمي والدولي للقضيّة الفلسطينيّة ولمناصرة كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة والاستقلال.بصراحة، إن حسابات السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن تختلف 180 درجة مع رغبات الشارع بالضفة الغربية وفصائله الوطنية والإسلامية في التصعيد والمواجهة، ولذلك نشهد محاولات الأجهزة الأمنية العمل - دائماً - على تهدئة الأوضاع، وقمع أي تحركات ومظاهر احتجاجية ضد الاحتلال بكل الوسائل السلمية والعنفية.نتنياهو.. انقلاب السحر على الساحرمنذ أن بدأ يصعد نجم نتنياهو في الثمانينيات كدبلوماسي، ثم كرئيس للوزراء في التسعينيات، وحلفاء إسرائيل في الدول الغربية يتابعون أداءه السياسي، من حيث التزامه بالعهود والمواثيق مع الفلسطينيين ودول الجوار، ويبدو اليوم أن الكثيرين في دول الاتحاد الأوروبي قد فقدوا الثقة به، فهو بالنسبة لهم الآن ليس أكثر من كذَّاب أشر، ورجل يمتهن الدجل السياسي، ويعمل على التقرب من المستوطنين بهدف كسب أصواتهم، فكل ما يعنيه هو أن يبقى في السلطة إلى يوم يبعثون.لذلك، فإن التوجه العام في الدول الغربية أن هذا الرجل لا يحترم القانون الدولي ولا القانون الدولي الإنساني، وليس لديه رؤية سياسية ولا توجهات باتجاه تحقيق السلام مع الفلسطينيين، وهو متهم بجرائم حرب، وكل ما يقوم به هو التهرب من أي استحقاقات أو التزامات تجاه الفلسطينيين، والتحايل لشراء الوقت وفرض المزيد من الحقائق الاستيطانية على الأرض، وذلك بهدف الإجهاض على فكرة "حل الدولتين"، والتي تمثل منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م الرؤية الغربية لإنهاء الصراع في المنطقة، من خلال قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي تمَّ احتلالها في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م، والقدس عاصمة لها.لاشك أن هذه الرؤية تتآكل يوما بعد يوم، وهناك أكثر من شخصية إسرائيلية وغربية أشارت إلى أن "حل الدولتين" قد أصبح شيئاً من الماضي، حيث إن كل المعطيات على الأرض من حيث حجم الاستيطان وأعداد اليهود القاطنين في القدس والضفة الغربية، والتي وصلت إلى قرابة 750 ألف مستوطن لا تبعث على الاطمئنان، وهي بمثابة الحالقة لكل محاولات المجتمع الدولي تحقيق تسوية سلمية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.إن نتنياهو من خلال كل مواقعه السياسية هو من عمل على تعطيل ذلك، وهو يتحرش اليوم بالقدس والمقدسيين، وذلك بغرض إنجاز آخر مخططاته الاستفزازية بالاستيلاء على أكثر من موطئ قدم لليهود داخل ساحات المسجد الأقصى، والتي تنذر بحرب دينية صواعق تفجيرها بيد هؤلاء الغلاة من المستوطنين.ولعل هناك بعض التلميحات التي جاءت في هذا السياق على ألسنة الكثير من العرب واليهود محذرة من مخاطر وعواقب ذلك، ومنها ما صرَّح به يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك)، من أن دخول الاعتبارات الدينية في الصراع ستفضي إلى تأجيجه، محذراً من أن هذا التطور لا يهدد بتفجر الأوضاع مع الشعب الفلسطيني فقط، بل سيجلب أيضاً مواجهة مع العالمين العربي والإسلامي.وفي نفس السياق، كانت التحذيرات التي أوردتها وسائل الإعلام على لسان الرئيس محمود عباس، ووزير الأوقاف الأردني محمد نوح القضاة، والمهندس عدنان الحسيني وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، وكذلك بيان الجامعة العربية، وكلها تندد من استمرار سياسات الاستهتار بمشاعر المسلمين التي تقوم بها إسرائيل في المسجد الأقصى، وتحذر من اشتعال فتيل "الحرب الدينية"، التي قد تقود المنطقة بكاملها، ولن تقف تداعياتها عند حدود فلسطين فحسب بل ستمتد إلى مناطق أخرى من العالم.ومن الجدير ذكره، أن الدول الغربية هي بصدد إنزال بعض العقوبات على إسرائيل، كما أن بعضها الآخر قد لوَّح بورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كوسيلة للضغط على نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.. في الواقع، فإن ما نراه اليوم هو أن سحر نتنياهو قد انقلب عليه، وفقد بريقه السياسي، وأن مشروعه في السماح للمستوطنين في استباحة ساحات المسجد الأقصى وتدنيسه بأحذيتهم لن يؤتي أكله، وسوف تدفعه ردات فعل المقدسيين للتراجع والابتعاد وتجنب اللعب بالورقة الدينية مرة ثانية. إن نتنياهو اليوم، ومن وجهة نظر المجتمع الدولي، هو مجرم حرب مطلوب للعدالة، وسرعان ما ستلاحقه القضايا بمحكمة الجنايات الدولية (ICC) في لاهاي، وهو في المشهد الإنساني يشكل تهديداً للسلم العالمي، كما أنه "يشكل التهديد الأكبر لوجود إسرائيل" كما عبر عن ذلك بصراحة أستاذ القانون الدولي ويليام شاباس، رئيس لجنة تقصي الحقائق في جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.لن ينجو نتنياهو في علاقاته المتوترة مع أمريكا والمجتمع الدولي، وستكون المواجهات في القدس هي الحبل الذي يلفه بغباء حول عنقه أو الرصاصة التي تصيب ساقه وتشل حركته، ليعيش معها – كمعاق - مذموماً مدحورا.ختاماً: في القدس.. من في القدس؟ويبقى السؤال الذي يردده الفلسطينيون – باستنكار وغضب - حيال حالة التخاذل العربي والصمت الإسلامي تجاه ما يجري في القدس، والتي تستفز مشاعر المدافعين عن المسجد الأقصى والمرابطين فيه من شباب الحركة الإسلامية، أين العرب؟ أين المسلمون؟ ولولا بعض كلمات المواساة التي أطلقتها تركيا على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، حيث قال في كلمة ألقاها أمام منتدى رجال الأعمال الجزائري - التركي في الجزائر:"عشنا وشاهدنا جميعنا بكل أسف العمليات البربرية الإسرائيلية التي لا يمكن السكوت عليها".. وأضاف: "إن المسجد الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم، بل هو أحد أهم مقدساتنا المشتركة جميعاً. إن الاعتداء على المسجد الأقصى يعتبر اعتداءً على مكة المكرّمة، وإنّ على الحكومة الإسرائيلية أن تنهي هذه الأفعال الشنيعة فوراً".وبالتوازي مع تصريحات الرئيس أردوغان، فقد أكّد رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى لا يمكن قبولها، وأنّ تركيا ستفعل ما يلزم لإنقاذ الأقصى من دنس اليهود.. وأوضح قائلاً: "إنّ القدس أمانة في أعناقنا من سيدنا عمر، وأمانة "ياووز" سليم الأول، وسليمان القانوني، والسلطان سليم. فلو تخلى العالم كله عن القدس، فلن نتخلى عنها، لأنّ القدس قضيّتنا، وستظل إلى الأبد قضيّتنا".لقد كانت هذه المواقف هي الأقوى من بين كل التصريحات التي جاءت باهتة وهزيلة من جهات عربية وإسلامية أخرى.إن القدس والأقصى هما بوصلة الأمة الإسلامية لاستعادة مجدها التليد، وهما فتيلُ ثورة سوف تنتصر، وإذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء فسنجد أن فلسطين وأرضها المباركة كانت هي ساحة النصر والعنفوان لتجليات الظهور لأمتنا الإسلامية في كل معاركها الفاصلة عبر التاريخ، من اليرموك إلى حطين وعين جالوت. فالقدس هي عنوان الأمة ورايتها المنشودة، وأن الاحتلال ليس أكثر من ظاهرة عابرة وسيزول، وعن أرضها سيندثر، وسيبقى أبطال القدس ورجالها الأشاوس هم "رأس النفيضة" وسنان الرمح، وهم بمشاريعهم الاستشهادية لن يخذلوا مسجدهم المبارك وآثار الصحابة والتابعين في أكنافه، وسيان تحرك العرب أو استمروا في غفوتهم حتى حين، فستظل الصرخة التي أطلقها الشاعر تميم البرغوثي تدوي في الآفاق معبرة عن واقع الحال:في القدسِ، من في القدسِ، لكنْ.. لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ!!
1671
| 05 ديسمبر 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعرضت القدس منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية لعملية تهويد مستمرة بغرض طمس معالمها الإسلامية، وتفاوتت هذه العملية بين تجريف بعض أحيائها مثل حي المغاربة، والاستيلاء على الكثير من المباني ذات القيمة الأثرية والدينية، إضافة لعمليات الاحتيال الممنهج للسطو على الكثير من المباني السكنية فيها بدعوى البيع والشراء، وكذلك عمليات الحفر المستمرة تحت المسجد الأقصى بادعاء البحث عن هيكل سليمان.إن إسرائيل قد أطلقت العنان لأيدي المستوطنين للعبث بكل ممتلكات المسلمين والمسيحيين بالمدينة المقدسة، وحرصت على تنامي أعدادهم وإثبات وجودهم هناك، حيث إن أعداد المسلمين داخل أسوار المدينة والتي تجاوزت الـ 60 ألفاً في عام 1967م قد تقلصت اليوم إلى النصف، أما الاستيطان اليهودي فقد تضاعف أضعافاً كثيرة، وأصبح هذا الوجود يهدد مستقبل المقدسيين ليس داخل أسوار المدينة ولكن أيضاً في كل أحيائها السكنية، حيث تستمر الظروف المعيشية للمقدسيين من الصعوبة بمكان، وذلك جراء سياسات الاحتلال الضاغطة على كل ما هو عربي بهدف دفعهم للرحيل، وتفريغ المدينة من سكانها، والدفع بالمستوطنين اليهود لأخذ أماكنهم، وإعطاء المدينة طابعاً يهودياً يجعل من الصعب مستقبلاً تسوية مكانتها كعاصمة للدولة الفلسطينية.إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حرصت على إقامة التكتلات الاستيطانية حول القدس بهدف محاصرتها، وقطع التواصل معها باتجاهات عمقها الفلسطيني، وهذا معناه فرض سياسة الأمر الواقع، والعمل على إخراجها من دائرة التسويات والحلول السلمية للقضية الفلسطينية.ما حدث في القدس في الأسابيع الأخيرة كان محاولات يائسة وغير محسوبة من نتنياهو لكسب ودِّ المستوطنين، وذلك بالسماح لهم بفعل كل ما يستطيعون بالقدس والمسجد الأقصى، حيث إن عينه على الانتخابات القادمة، بعدما أظهرت التصريحات المتناقضة إرهاصات التصدع في التحالف الحاكم.. ولذا، فهو يتطلع لدعم وتأييد المستوطنين حال انهيار حكومته الحالية، والتي تتأرجح على صفيح ساخن من الجدل والخلافات منذ الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، والتي فشل فيها نتنياهو ووزير دفاعه موشي يعالون في تحقيق أي إنجازات ترفع من رصيد حكومته، حيث ارتدت سهام الفشل، وأصابت كل من هم في التحالف الحكومي.ومع وقفة المقدسيين البطولية في الدفاع عن المسجد الأقصى بكل ساحاته، والتصدي بكل جسارة لمن تعمدوا تدنيسه وانتهاك حرماته، وعملياتهم البطولية التي جاءت من حيث لم يحتسبوا طعناً ودهساً، وهزت كيانهم وهددت عرش وجودهم بالمدينة المقدسة، أخذوا بالتراجع، واستجاروا بالسلطة الفلسطينية وملك الأردن وكذلك بالولايات المتحدة، وذلك حتى لا تتسع دائرة المواجهات وتصل لصاعق "الحرب الدينية"، والتي إذا اندلعت فلن تبقي ولا تذر، حيث إن شراراتها إذا ما تناثرت في أرجاء الفضاء الإسلامي الواسع، والممتد على مساحة بشرية تتجاوز منطقة الشرق الأوسط إلى القارات الخمس، فإن لغة العداء والكراهية والغضب والرغبة بالانتقام سوف تستيقظ بوجه كل ما هو يهودي، بغض النظر عن مكان تواجده في أي بقعة من العالم.لقد أعاد المقدسيون وإخوانهم الذين انتصروا لهم داخل الخط الأخضر وفي باقي مدن الضفة الغربية تذكيرنا بمقولة "إن هؤلاء الصهاينة لا يفقهون إلا لغة القوة"، وبغير القوة فلن تُجدي أي محاولات أخرى، والحصيلة ستكون "لن تفلحوا إذاً أبدا". لقد دخل عليهم المقدسيون الباب بقوة فعادوا إلى جحورهم، ولو لم تظهر هذه البطولات وصور التضحية العظيمة للشهداء معتز حجازي، وعبد الرحمن الشلودي، وغسان وعدي أبو جمل وآخرين، لكانت هيبتنا في التراب، وأضحت مفاتيح بوابات المسجد الأقصى بيد حاخامات المحتلين الصهاينة.الاحتلال الإسرائيلي بين العبثية والغباء:منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م وإسرائيل الدولة المارقة لا تؤمن بغير سياسة القوة لتطويع نفسيته الفلسطينيين وقهر إرادتهم، وكانت ممارساتهم هي استخدام القوة والمزيد من القوة.ورغم هذه السياسة لم تنجح في الماضي، إلا أن الغباء المستشري بعقلية هؤلاء الصهاينة وقطعان المستوطنين يدفعهم للاعتقاد بأن كسر شوكتنا إنما هو مسألة وقت، وهذا هو ما يجعله يتمادى في عنجهيته، ويتجرأ أكثر وأكثر.. ولكن الحقيقة هي عكس ذلك، فالمارد الفلسطيني وشعب الجبارين لديه دائماً الجهوزية والقدرة على الرد، وقد أحسن المفكر والمحلل السياسي د. مصطفى اللداوي، التعبير عن هذا الواقع، حيث أشار إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يخطئ عندما يظن أن الشعب الفلسطيني قد أُعدم وسائل المقاومة والنضال، وأنه بات عاجزاً عن اجتراح وسائل جديدة وطرقاً مختلفة ليواجه صلف الاحتلال، ويتحدى إجراءاته، ويتصدى لسياساته، وينتصر على التحديات التي يضعها، والصعاب التي يفرضها أو أنه يئس نتيجة الاحتياطات الأمنية الإسرائيلية، والإجراءات العقابية، ومحاولات التحصين والعزل التي يطبقها العدو في مناطقه، والتي جعلت من كيانه "غيتو" أمني معزول، محصَّناً بالجدران والبوابات والأسلاك الشائكة، والبوابات الإليكترونية وكاميرات المراقبة، وأجهزة التنصت والتسجيل والتصوير، وعمليات التفتيش والتدقيق التي يمارسها على المواطنين الفلسطينيين، والتي تبدو في أكثرها مذلة ومهينة، وقاسية وصعبة، أمام عشرات الحواجز الأمنية، التي ينصبها بين المدن والبلدات الفلسطينية، وعلى مداخل وبوابات مدنه ومستوطناته، حيث ينتصب أمامها الفلسطينيون في طوابير كبيرة، وينتظرون لساعات طويلة، قبل أن يسمح لبعضهم بالدخول، كما يُمنع الكثير منهم من المرور، ولو كانوا مرضى أو نساءً، أو رجالاً وأطفالاً، بحجة الاحتياطات الأمنية، والإجراءات الاحترازية.وأضاف: "إن الكيان الصهيوني الغاصب يعتقد أنه بإجراءاته التعسفية هذه سيمنع الفلسطينيين من القيام بأي عملياتٍ مقاومة ضده، لاستعادة الحقوق، أو الرد على الانتهاكات والخروقات، انتقاماً من أعمال القتل والمصادرة، وصداً لسياسات الإغلاق والمصادرة، والاجتياح والاعتداء".ولعل د. مصطفى اللداوي قد أجاد كذلك وصف المشهد الذي عليه الحال في جدلية الشعب والاحتلال، بالقول إن "كل فلسطيني أصبح في عيون الإسرائيليين مشروع مقاوم، واحتمال استشهادي، فقد يحمل سكيناً أو مدية، أو يخفي مسدساً أو قنبلة، أو يبدي استعداداً للانقضاض بنفسه، والعراك بجسده، والاشتباك بيديه، ثأراً وانتقاماً مما يرتكبه الإسرائيليون بحقهم، وأصبحت كل سيارةٍ أو حافلة تسير بسرعةٍ، مقبلة أو مدبرة، وكل جرافةٍ أو دراجة، وأي آليةٍ متحركة أخرى، يقودها فلسطيني، عربي الوجه والسحنة، وكأنها تهمَّ بدهسهم، وتنوي قتلهم وسحق أجسادهم".ولقد أعجبتني تلك الإشارات المعرفية التي طرحها الصحافي حسين حجازي في مقالة له، حيث تساءل مستنكراً: "أي هراءٍ تحاوله اليوم يا نتنياهو في تغيير الطابع الديني والثقافي والتقليدي بل والرمزي لسكان القدس الإسلامية العربية، وقد فشل - قبلك - في ذلك اليونان والرومان والصليبيون؟".فكيف يمكن بعدئذ تغيير طابع ووجه مدينة تختزن تحت قبتها كل هذا الغضب والانفجارات، التي من شأنها أن تهز الأرض والسماوات؟ وأضاف "لقد اعتقد الإسرائيليون دوماً أنهم الأذكى، وأنهم على محور الزمن وعن طريق المخاتلة أو المحايلة يمكن تغيير الواقع بإرساء الوقائع الجديدة. وحتى يمد الله في أوهامهم فقد بدا في الآونة الأخيرة كما لو أن الرياح تدفع في أشرعتهم، وعلى قاعدة إذا هبت رياحك فاغتنمها"، حيث المشهد العربي من الهزالة السياسية بمكان، فالحروب والصراعات الداخلية قد استعرت في معظم الأقطار العربية، وهي تغري بضرب الذكر عنهم صفحاً، فلم يعد لهم شوكة ولا هيبة، كما أن السلطة الفلسطينية - في ظل الانقسام - تبدو عاجزة ومقطوعة الحيلة. لكن الذي حدث ولشدة غبائهم في تجاهلهم لفلسفة التاريخ، وجدوا أنفسهم بعد أن تخلصوا من قتال الجيوش التقليدية، يواجهون جيوشاً لا قبل لهم بها، ولم يعدُّوا أنفسهم من قبل لمحاربتها، وهي الجيوش الجديدة التي ورثت الجيوش التقليدية، وهكذا سوف يهزمون المرة تلو الأخرى، ولن تفلح نداءاتهم: "دعوا الجيش ينتصر"، وهذا ما شاهدناه في يوليو 2006م مع حزب الله، وأيضاً في يوليو 2014م في قطاع غزة، حيث حدث ما توقعناه "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ".
1431
| 01 ديسمبر 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن ما نشاهده اليوم من عدوان سافر على أرض قطاع غزة يستفز كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، حيث يتعاظم شكل الدمار والهمجية الصهيونية بصورة لم يسبق لي أن عايشتها طوال حياتي، وهي في فظاعتها وبشاعتها لا تماثل كل مشاهداتي لما تعرض له القطاع من عمليات اجتياح وحروب على مدار نصف قرن من الزمان.. إن الغارات التي تقوم بها الطائرات الحربية الإسرائيلية على مدن قطاع غزة وقراها، وهذه الصواريخ والحمم الملتهبة التي تلقي بها على بيوت الآمنين ومزارعهم، هي آخر صراعات "صناعة الموت" التي تمارسها هذه الدولة المارقة، والتي تجاوزت بما ارتكبته من جرائم حرب، وانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كل ما سبق من إدانات وردود فعل واستنكار دولية لممارساتها العدوانية التي لا تتوقف، والتي كان آخرها - على المستوى الأممي - ما ورد في تقرير جولدستون بعد عملية "الرصاص المصبوب" أو حرب الفرقان عام 2008/2009م.وإذا كان هذا هو الجانب المحزن في مشهد المعاناة الإنسانية لتغريبتنا الفلسطينية، فإن الصورة المشرقة لصمود الشعب والمقاومة في معركة كسر العظم وصراع الإرادة مع المحتل الغاصب، قد أبرزت تجليات ردع وانتقام لم يسبق لنا مشاهدتها والاعتداد بها، وذلك لما أظهرته المقاومة فيها من هندسة القوة والتخطيط، ومن حالة الاقتدار الفاعلة مقارنة بدول المحيط.إن المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها الإسلامية والوطنية قد برهنت بأنها تاج العز والكرامة والفخر الذي يجب أن نرفعه على كل الرؤوس، وأن الذين تعودوا التهوين والاستخفاف والسخرية - أحياناً - من المقاومة، عليهم – اليوم - أن يعتذروا لدماء شهدائنا الأبرار وجرحانا الأطهار، وأسرانا المطوقين بأكاليل الغار، وإلى كل الذين أداروا – بجهد الاستطاعة - معركة الإعداد والاستعداد لهذه المنازلة التاريخية مع الاحتلال.ولعلي اليوم أتذكر ما سبق أن سمعته من الأخ أحمد الجعبري؛ القائد العسكري لكتائب القسام، في أحد اللقاءات الحركية قبل حرب "حجارة السجيّل"، حيث سأله أحد الإخوة عن مدى جهوزية المقاتلين واستعداداتهم، وعن إمكانات المقاومة من حيث التسليح والقدرات العسكرية، فرد عليه رحمه الله، قائلاً: نحن الآن أنجزنا 80% مما نتطلع إليه، وإن شاء الله نتمكن من استكمال باقي تجهيزاتنا العسكرية في المرحلة القادمة.الآن أتذكر دلالات هذا القول ومغازيه.. لقد أبدع أحمد الجعبري (رحمه الله) هو وإخوانه في الإعداد للمعركة أيما إبداع، واليوم نشهد - ميدانياً - تجسيداً لما وعدوا به "إنَّا صُبُرٌ في الحرب، صدُقٌ في اللِّقاء". لقد طالت المقاومةَ في فترة الإعداد التي أعقبت حرب "حجارة السجيّل" وتوقيع اتفاق التهدئة ألسنةٌ حداد، واليوم مع هذه المواجهة المسلحة، والندية التي أظهرتها المقاومة في جمع المعلومات الاستخبارية، وحرفية الكر والفر حول خطوط القتال، والتي وصلنا فيها إلى حالة "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون"، لقد مضى زمن أن يكون الاحتلال بلا كلفة، وأن النزف يأتي من جُرح واحد.إننا اليوم نشهد للمقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها وتنظيماتها، وانتماءاتها الوطنية والإسلامية، أنها ارتفعت بقامات هذا الوطن، واستعادت لهذا الشعب شيئاً من هيبته الجريحة، وردت للأمة مكانتها المضيَّعة تحت الشمس. اليوم، الشارع الفلسطيني كله، وبكل فصائله الوطنية والإسلامية، يهتف للمقاومة ويتمنى عليها ألا تضع سلاحها قبل أن يتحقق لها الكسب والانتصار، وتغيير معادلة التهدئة والحصار، لأن ما نطلبه ليس شروطاً تعجيزية، بل هو الحد الأدنى الذي يحفظ لنا حق العيش بحرية وكرامة.. لقد ملَّ شعبنا مشهد الذلة والمسكنة واستجداء لقمة العيش، وقديماً قالوا: "طعم الحياة بذلة كجهنم"، ونحن نقول "هيهات منا الذلة"، وعلى نتنياهو أن يفهم بأن القسام وسرايا القدس وكتائب المجاهدين والأقصى وأبو على مصطفى هم – اليوم - قانون المرحلة، وأن الدم الفلسطيني ليس ورقة يتلاعب بها المتطرفون الصهاينة في صراعهم على السلطة والحكم في إسرائيل، وأنهم لن ينعموا بالأمن والأمان والراحة والاستقرار وشعبنا يعاني من الاحتلال والحصار.وإذا كانت صواريخ المقاومة الفلسطينية تغطي – اليوم - برعبها كل المدن والبلدات الإسرائيلية، ويتم سماع صفارات الإنذار للتحذير منها من إسيدروت إلى نهاريا، ومن ياد موردخاي في الجنوب إلى أسدود وتل أبيب وهرتسيليا وحيفا في الشمال، فإن المستقبل القريب سيحمل من سلاح الردع ما يتجاوز كل الحسابات والمخاوف الإسرائيلية. الحرب على غزة: وقائع وذكريات في كل الحروب التي شاهدتها منذ طفولتي حتى الآن، وقد تجاوزت الستين من عمري، لم أشهد حالة من الاعتزاز والفخر والشجاعة والطمأنينة والبسالة كتلك التي نعيشها هذه الأيام، خاصة ونحن نواجه غارات إسرائيلية لا تتوقف، وقصف متواصل بالمدفعية والبوارج الحربية مستمر على مدار الساعة، والأخطر من ذلك أنه لا تمضي ليلة دون مجزرة دامية يذهب ضحيتها النساء والأطفال، إضافة لسياسة الاحتلال الهمجية باستهداف هدم المنازل على ساكنيها.في عام 1956م، كنت طفلاً لم أتجاوز ست سنوات من عمري، ولكن مشاهد الخوف والهلع في شوارع رفح إثر الهجوم الذي قام به الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في سياق العدوان الثلاثي على مصر، والذي شاركت فيه إلى جانب الكيان الصهيوني كل من بريطانيا وفرنسا، جعلني أغادر البيت على غير هدى، وألهث خلف جموع الناس التي غادرت المخيم باتجاه منطقة المواصي المحاذية لشاطئ البحر، طلباً للأمان والنجاة بحياتها وحياة أطفالها.. كان مشهد الآلاف التي هرعت لا تلوي على شيء إلا الابتعاد عن المساكن والعمران، والذي كان عرضة لقصف الجيش الإسرائيلي من الجو والبر.ثلاثة أيام عصيبة عشتها بعيداً عن عائلتي في تلك الفترة من الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح والمخيم المكتظ بالساكنين فيها، حيث لم يتوقف البكاء والحزن للحظة واحدة، حيث تفرقت العائلات وتشتت أحوالها، بسبب حالة الإخلاء التي شهدها المخيم على عجل، واستمرت مواجع الناس وأحزانها عدة أيام بلا طعام وشراب، وتحت سماء مكشوفة لاحتمالات الموت وتهديدات القتل والفناء.. بعد تلك الأيام المفزعة بالخوف والقلق والتشريد، عاد الجميع إلى المخيم من جديد، وذلك بعد أن هدأت أصوات المدافع وخفت أزيز الطائرات.. بدأ الكل في المخيم يبحث ويتفقد ويسأل عن أولاده وأقاربه، كنت الطفل الكبير بين إخوتي، ولذا كان قلق العائلة مضاعفاً، وقد رأيت كل أوجاع الألم لا تزال بادية على وجوههم. وفي يوم 12 نوفمبر من عام 1956م ارتكب الاحتلال مجزرته بحق شباب ورجالات المخيم، حيث حصدت الرشاشات حياة أكثر من 124 شخصاً منهم، وذلك فيما عُرف بمجزرة المدرسة الأميرية، فالذي نجا من الهراوات عند الدخول للمدرسة لم ترحمه زخات الرصاص من ناحية، وانهيارات جدران المدرسة فوق كل من حاول الهرب من الموت من ناحية أخرى.إن آثار الدم ومشاهده ظلت لسنوات على جدران المدرسة، لتذكرنا ونحن أطفال بجريمة الاحتلال، الذي لم تعرف غلظة قلوب عساكره تجاهنا الرحمة، ولم يرقبوا فينا إلَّاَ ولا ذمة. لم يتنفس أهل قطاع غزة الصعداء، ولم يذهب عنهم الحزن ويغادر ربوع مخيمات القطاع وأحيائه الموجوعة، إلا بعد أن رحل جيش الاحتلال الصهيوني عن غزة، في السابع من مارس 1957م؛ أي بعد أقل من عام من ذلك العدوان.وفي عام 1967م كانت الطامة الكبرى، حيث انهزمت سبعة جيوش عربية خلال المواجهة العسكرية مع إسرائيل، والتي استمرت لمدة ستة أيام، لنجد أنفسنا مرة ثانية أمام مشهد الهلع والخوف ومسلسل الأحزان، والذي واجهته شاباً يافعاً هذه المرة.ومع النكسة التي لحقت بالأمة العربية بعد تلك الهزيمة المفجعة، تحطمت كل أحلامنا التي عشناها بأمل تحقيق الغلبة والانتصار، فبعد أن كنا نترقب تلك اللحظة التاريخية، وننتظرها بكل اللهفة والشوق، ونعد العدة للفرحة بها كل تلك السنوات التي أعقبت نكبة عام 1948م، إذ بنا نصحو وقد أطبق علينا فزع كابوس الاحتلال من جديد.. كانت مشاهد الخوف وترقب الأسوأ تعيش فينا، وترتعد لها أبداننا؛ شاهدنا في مرئيات تلك المرحلة أشكالاً مختلفة من المجازر وحمامات الدم الذي استباح بها جيش الاحتلال الإسرائيلي كل الحرمات وانتهك فيها كل القوانين والأعراف الدولية، وارتكب جرائم حرب وترويعٍ للآمنين، ولعلي هنا أشير لبعض منها، حيث كانت المجزرة الأولى التي استهدفت مجموعة من جنود الاحتياط المصريين، داخل أحد مدارس (الأونروا) بالقرب من محطة السكة الحديد برفح، وكانت الثانية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد أسرة القيادي الفتحاوي أبو علي شاهين (رحمه الله) في شمال شرق مخيم الشابورة، حيث تم قتل معظم أفراد العائلة بدم بارد.تلك المجازر شاهدتها، وشاهدت معها أجواء الفزع وحالات الهلع التي صاحبتها في وجوه الجميع؛ الأطفال والشيوخ والنساء، وحتى الرجال كان الخوف يتربع على محيَّا وجوههم، وقد بال البعض منهم في ثيابهم. في أكتوبر عام 1973م، وقعت الحرب ونحن في طريقنا إلى مصر للدراسة في جامعاتها، لذلك كانت المشاهد تختلف في تفاصيلها، صحيحٌ أن القلق انتابنا - في البداية - خوفاً على أهلنا في قطاع غزة، لكن نبرة الحديث عن المواجهات بين الجيش المصري وإسرائيل كانت تختلف إلى حد بعيد هذه المرة.كانت تكبيرات الله أكبر، وبطولات الجيش المصري، تمنحنا الثقة بأن النصر آتٍ لا محالة، وأنه آن الأوان ليسجل العرب أول انتصار لهم على الجيش الإسرائيلي، والذي تغنى به قادته بأنه جيشٌ لا يهزم.في الحقيقة، شعرنا بأن أملنا في التمكين لأمتنا وتحقيقها الانتصار هو أمل ليس بعيد المنال، وأن الذي ينقص جموع العرب والمسلمين هو اجتماع شملهم السياسي، وتوحيد ما لديهم من أدوات الحرب والقتال، وتعبئة حاشدة خلف نداء الله أكبر، ويكون فيها الكل على قلب رجل واحد.ومع عودة الحس الإسلامي إلى قطاع غزة، بعد عودة آلاف الخريجين من الجامعات المصرية أواخر السبعينيات، وقيام صحوة إسلامية قادها المجمع الإسلامي والجامعة الإسلامية، واتساع نطاق العمل الدعوي عبر المساجد والمؤسسات، شاهدنا بداية انطلاق الفعل المقاوم للاحتلال، حيث اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية العارمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي لعب فيها الكل الوطني والإسلامي دوراً ريادياً وتكاملياً بها، منحنا الشعور والثقة بإمكانية تمريغ أنف الاحتلال بالتراب، وكسر هيبة جيشه وقهره، رغم الاختلال الواضح في موازين القوى من حيث الجاهزية والإمكانات العسكرية؛ لأن معطيات معادلة الصراع تتحكم فيها فواعل الإرادة، وهي التي تمنح الأفضلية والتمكين - بعد حين - لمن يمتلك الصبر والقدرة على الصمود؛ فالنصر – أحياناً – هو صبر ساعة، كما يقولون.لقد شاهدنا ملامح العزة والكبرياء والتحدي في وجوه أطفال الحجارة، وسكنت عيوننا – نحن الشباب - تلك المشاهد لانتصار الكف على المخرز، والحجر والمقلاع على القذيفة والمدفع، والنبرة الجريئة لتعبيرات الاحتجاج التي عبرت عنها وجوه الأطفال والأمهات في مواجهة تهديدات الجنرالات، وهو شكل جديد من أشكال البطولة والفعل المقاوم، والذي طوى فيه أطفال فلسطين صفحة الخوف والجزع من عسكر المحتلين.في تلك السنة من عام 1988م، حدث التغيير الأهم في حياتي، حيث تأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك، أننا أمام الجيل الذي سيصنع الانتصار، وأن الاحتلال في طريقه للرحيل، وأن أحلامنا التي تآكلت فزعاً بكابوس الهزائم بدأت تنبعث من جديد. في عام 1994م، عادت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض الوطن، وشكلت ما يسمى بالسلطة الوطنية، وكانت المواجهة المسلحة "انتفاضة الأقصى" مع الاحتلال في سبتمبر 2000م، والتي أدارها الرئيس عرفات (أبو عمار) بجدارة واقتدار مع جيش المحتلين، وكان لقوى المقاومة الإسلامية والوطنية فيها نصيب الأسد، من حيث تلقين العدو الإسرائيلي درساً في كيفية التعاطي مع الفلسطينيين، واحترام كرامتهم الإنسانية. ومع العمليات الاستشهادية وإبداعات الفعل المقاوم، كان على إسرائيل وجيشها الرحيل عن قطاع غزة بذلة صاغرين، ومع الحرية التي حظي بها القطاع كانت الفرصة للمقاومة متاحة للتوسع والانتشار، وكان التأكيد على أن اعتماد أسلوب الجهاد والمقاومة ليس مجرد خيار، بل هو إستراتيجية معقود في نواصيها إمكانات التحرير والعودة.ومع فوز حركة حماس في انتخابات يناير 2006م، وتشكيلها للحكومة العاشرة، تعززت شوكة فصائل العمل المقاوم، وسجلت المقاومة في عملية "الوهم المتبدد"، التي تمكنت فيها ببسالة من خطف أحد جنود الاحتلال، ومن تسجيل أول إنجاز كبير لتحرير الأسرى من خلال "صفقة وفاء الأحرار"، كما أن المقاومة خاضت حربين داميتين عبر التصدي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في ديسمبر 2008م، وكذلك في نوفمبر 2012م.. وبرغم الخسائر في صفوف المدنيين من النساء والأطفال تمكنت المقاومة بصمودها ومواقفها البطولية من تلقين جيش الاحتلال دروساً في التضحية والفداء.في الحقيقة، كان حجم الدمار هائلاً على مستوى البشر والحجر والشجر في قطاع غزة، ولكن معنويات الفلسطينيين الذين خاضوا تلك الحربين في القطاع كانت هي نفسية المنتصر؛ لأن الاحتلال لم يحقق أهدافه، وخرج يجر أذيال الخيبة والعار. العصف المأكول والبنيان المرصوص: ثنائية التكامل والعنفوان في المعركة التي نشاهد وقائعها منذ يوم الثلاثاء 7 يوليو 2014م الموافق 9 من رمضان، يطرح الكثيرون سؤالاً مفاده: ما الذي تغير منذ حرب حجارة السجيّل في نوفمبر 2012م؟ ما الذي دفع الإسرائيليين لافتعال حرب جديدة بعدما أثبتت الحروب السابقة أن "علامة الانتصار" ستكون من نصيب المقاومة الفلسطينية، وأن جيش الاحتلال بإمكاناته الهائلة لن يحسم معركة الميدان لصالحه؛ لأن المواجهات العسكرية هي عتاد وتكتيكات، ومفاجآت في الخطط والإمكانات، وليست فقط تفوقاً في العتاد الحربي والقدرات. ففي الستينيات، خسرت فرنسا معركتها في الجزائر بعد احتلال دام أكثر من 132 عاماً، وذلك رغم تفوقها العسكري الهائل في مقابل الإمكانات المتواضعة لمحاربي جبهة التحرير الجزائرية، وكذلك خسرت أمريكا؛ القوة الأعظم في العالم، أمام مقاتلي "الفيت كونج" في السبعينيات، ولقد شاهد العالم سقوط الاتحاد السوفيتي المروع في مطلع التسعينيات، بعدما تداعت أسلحة ومعنويات الجيش الأحمر في أفغانستان في معاركه مع المجاهدين طوال سنوات الثمانينيات.. في أكتوبر 1983م، زرت أفغانستان في مهمة إعلامية، وقد سمعت من قادة المجاهدين هناك؛ قلب الدين حكمتيار وسيَّاف والشيخ عبدالله عزام، بأن الغزاة السوفييت سيهزمون، وسيتفكك ملكهم وتضيع هيبتهم بعد عقد من الزمان، وهذا – فعلاً - ما تحقق بالانتصار الكبير الذي صنعه المجاهدون الأفغان.لقد علمنا تاريخ السير والملاحم بأن المعارك الطارئة قد يربحها البعض بفضل تفوقه العسكري، ولكن نضالات الشعوب لنيل حرياتها واستقلالها هي من تأتي بالنصر والتمكين في آخر المشوار.. لقد جاء اليوم الذي يمتلك فيه الفلسطينيون الجرأة والإمكانات وقوة الصبر والإرادة على منازلة العدو وتحديه، وأن يفعلوا بجيشه ما عجزت كل جيوش العرب على فعله، وأن تصل صواريخ المقاومة لتغطى كل مدنه وقراه من الشمال إلى الجنوب، في سيمفونية رائعة وحالة اقتدار مبدعة في مفاجآتها، تجعلنا نضع المقاومة الباسلة ورجالاتها تاجاً فوق رؤوسنا جميعاً.لقد عبر الفلسطينيون بفخر عن اعتزازهم بالمقاومة بكل فصائلها المقاتلة؛ الوطنية والإسلامية، وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام وسرايا القدس وكتائب المجاهدين.. فمنذ الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تواصل معي الكثير من كوادر وقيادات حركة فتح، ومن الشخصيات الوطنية، ليشيدوا بما قدمته المقاومة من إبداعات عسكرية ومفاجآت في ميدان معركة الدفاع عن الكرامة الفلسطينية، ولقد أسعدني مشاركة الكثير منهم في أعراس تشييع الشهداء وفي مجالس العزاء، كما أعرب البعض منهم عن جاهزيته ليحمل السلاح جنباً إلى جنب مع إخوانه في حركة حماس.. ولعلي هنا أنقل أحد الرسائل التي جاءتني من أحد قياداتهم في منطقة خان يونس، حيث كتب يقول: "نقف انحناءً لإبداعاتكم الجهادية وتضحياتكم الجسام، فكل المحبة والتحية والإسناد لموقفكم الطليعي والمميز في معركة القدس؛ يداً بيد، وساعد بساعد نحو فلسطين المحررة".لقد كانت أيام المواجهة مع المحتل الغاصب فرصة لكي نجلس ونتحاور، ونعاود تجديد العهد بالعمل معاً من أجل فلسطين.طوبى لمن لقي الله شهيداً دفاعاً عن الوطن وكرامة أهله، والعزة والمجد لكل المرابطين على الثغور، والمجاهدين في ساحات الوغى في معركة العصف المأكول والبنيان المرصوص، حيث تهون علينا في المعالي نفوسنا. شعارنا: "احرص على الموت توهب لك الحياة"، إنني أومن – كما قالها عمر المختار - بحقي في الحرية، وبحق بلدي بالحياة، وهذا الإيمان عندي أقوى من كل سلاح.اليوم نقولها بقوة وثقة: ستنتصر المقاومة، وسترتفع راياتها إلى عليين، برغم أنف نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة وقادته العسكريين، وسنعود إلى بيتنا الفلسطيني، لإصلاح شرخ الانقسام، حيث يجتمع الشمل لنحتفل ببهجة ما أنجزناه لوطننا أجمعين.
1899
| 16 يوليو 2014
834
| 04 يونيو 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ومن الجدير ذكره؛ أن النقطة المحورية التي تَحدث عندها المراجعات هي لحظة المدخلات والمخرجات، حيث تمضي على أشكال الممارسة والخطاب وأنماط الفعل سنوات تكون كافية للحكم على حالة الإخفاق وتعثر المسار، وتصبح معها وظيفة التبرير غير قادرة على تجنيد التنظيم وتأطيره وضمان استمراريته على نفس الرؤية، مما يحرك الدافعية لإجراء عملية المراجعة، والتي تأخذ مساراً مطرداً إلى أن تصل إلى أحد المستويات الثلاثة التالية: تفجير نسق الرؤية أو تعديله أو خلق شروط تتعايش فيها مكوناته مع ما هي عليه من توتر.* حركة حماس: قراءة في المشهدكانت حركة حماس - وما زالت - هي الأقوى دعوياً وحركياً في ساحة العمل الإسلامي، فمنذ انتفاضة الحجارة في ديسمبر 1987م وحتى قيام السلطة الوطنية عام 1994م وما أعقب ذلك من تطورات سياسية وأمنية، ظلت الحالة الإسلامية التي تمثلها حركة حماس في تنامي مضطرد، وقد أضافت النجاحات التي حققتها الحركة في ساحة الفعل المقاوم والعمل الإغاثي مكانة متقدمة، بل وأعطتها قدم السبق، وجعلتها على رأس كل القوائم للنقابات العمالية والمهنية والاتحادات والكتل الطلابية، ومنحتها صدارة المشهد السياسي بامتياز بعد انتخابات يناير 2006م.في الحقيقة، جاءت نتائج الانتخابات مفاجأة للجميع، وإن كانت التقديرات لدى بعض الإسلاميين بأن حظوظ حركة حماس بالفوز كبيرة، وقد تتجاوز نسبة الـ40%.لا شك بأن الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية قد غيّر مسار النقاش والموقف داخل أروقة الحركة في الداخل والخارج حول قضية «المشاركة في الحكومة أو تشكيلها» أو الاقتصار فقط على ثقل الأغلبية في المجلس التشريعي.. وبدون الدخول في تفاصيل الكيفية التي تمَّت فيها عملية حسم الخيارات والبدائل باتجاه تشكيل الحكومة، انتهى المشهد بحكومة تقودها حركة حماس، وتفجر المواجهات مع حركة فتح - السلطة الحاكمة - على كل الصعد.. للأسف؛ لم يكن هناك أي دور مؤثر لفصائل العمل الوطني للعمل على تحقيق حالة من التوازن تسهم في استقرار الساحة السياسية والأمنية.استمرت أشكال التآمر الدولي والتواطؤ الإقليمي وأساليب الكيد والمناكفة السياسية والفلتان الأمني، وكذلك عمليات الاجتياح المتكررة لجيش الاحتلال وقصفه المستمر لقطاع غزة، إضافة للحصار الخانق والتضييق على أهل القطاع وتحويله إلى سجن كبير تحاصره إسرائيل من فضاءاته الأربعة، استمرت كل هذه المكابس المحلية والإقليمية والدولية تضغط بقوة، بهدف كسر إرادة حركة حماس وإفشال عمل الحكومة التي تديرها، ودفعها للاستسلام أو الغرق. أدت هذه الأوضاع غير المستقرة - أمنياً وسياسياً - إلى الانفجار والمواجهات الدامية في يونيه 2007م، والوصول إلى حالة من التشظي والانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وقيام حكومتين بلا رؤية وطنية واحدة، وتشرذم الساحة الفلسطينية واكتظاظها – للأسف - باصطفافات حزبية جناحاها هما فتح وحماس. في الحقيقة؛ كان هذا المشهد هو كل ما تريده إسرائيل للتهرب مما عليها من استحقاقات للطرف الفلسطيني، واتخذت من هذا الانقسام ذريعة لاستهداف غزة - عسكرياً - بأكثر من عدوان في ديسمبر 2008م وكذلك في نوفمبر 2012م، وأيضاً في إضعاف مكانة الرئيس أبو مازن؛ باعتبار أن ولايته أصبحت مقصورة فقط على الضفة الغربية.مع نسائم الربيع العربي ومظاهر الإصلاح والتغيير التي صاحبته كانت هناك فرصة لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، إلا أن البعض لم يحسن قراءة اللحظة ولم يوفق في تقدير الموقف، فضاعت الفرصة. اليوم، ومع الانتكاسة التي أصابت مستجدات الربيع العربي، خاصة في مصر وسوريا تلوح أمامنا الفرصة مرة أخرى لكي نجمع شتات هذا الوطن، ونخطو باتجاه الانتخابات التي هي اليوم بمثابة «طوق نجاة» للجميع لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني سياسياً وأمنياً ومجتمعياً، في سياق شراكة سياسية وتوافق وطني، وإصلاح لعلاقاتنا المتوترة نسبياً مع عمقنا العربي والإسلامي، وأيضاً التحرك باتجاه المجتمع الدولي الذي يبدو أنه بدأ يتفهم ضرورة إنهاء إسرائيل احتلالها للضفة الغربية، وأهمية قيام دولة فلسطينية حرة ومستقلة، لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والتي تشكل محطة استراتيجية لمصالحه النفطية وأسواق تجارته الحيوية.اليوم، وفي ظل حالة الأزمة الخانقة التي تعيشها غزة، والضغوطات التي يتعرض لها الرئيس أبو مازن، نجد أنفسنا جميعاً في مركب واحد يوشك على الغرق، الأمر الذي يفرض علينا أن نقدم من التسهيلات والتنازلات ما يمنحنا الأمل بإمكانية النجاة، حيث إن أي خيارات أخرى سترهننا للزمن الذي قد يأتي - ولكن - بعد فوات الأوان.لذا فأنا أضم صوتي لكل إخواني من جماهير هذا الشعب العظيم، ومن فصائل العمل الوطني والإسلامي ومنظمات المجتمع المدني، الذي نادوا بضرورة الإسراع بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، عبر تشكيل «حكومة تكنوقراط» بحسب المهام التي جاءت في تفاهمات اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.إن رأس حماس – الحركة والمقاومة - ما زال مطلوباً، والحكمة تقتضي – كما يرى البعض - أن تُعفي حماس نفسها من تبعات وتكاليف الحكم الباهظة؛ سياسياً ومالياً واقتصادياً، وأن تحرر نفسها وجماهيرها من مسؤولية الالتزام والمساءلة المباشرة أمام الشارع الفلسطيني في ظل تعاظم التآمر والكارثة الاقتصادية.. كما أن الابتعاد عن صدارة مشهد الحكم سوف يسد باب الذرائع أمام أي عدوان إسرائيلي قادم، وسيقطع دابر الفتنة على أية خلفيات دينية أو سياسية يتم الترويج لها، وسوف يمنح الحركة فرصة التفرغ لإعادة بناء وترميم وتدعيم مؤسساتها الحركية والتنظيمية والاجتماعية، ويهبها آفاقاً أرحب نحو تفكير أدق وأصوب حيال المشروع المقاوم، وسبل صيانته وتنميته وإرساء قواعده ونشر أشرعته وفق رؤى تجديدية وتطويرية تتم بلورتها في ظل التحديات التي تعصف بالوضع الفلسطيني قاطبة.ومن الجدير ذكره؛ أن عملية الخروج من الحكومة يجب أن تتم بتوافق مع الأخ الرئيس أبو مازن، والذي حرص في لقاءاته مع بعض قيادات الحركة في الضفة الغربية على التأكيد بأن الشراكة السياسية مع حركة حماس هي قناعة راسخة عنده وليس مسألة فيها نظر.المراجعات بين الواجب والضرورةفي الفترة الأخيرة تكاثرت الاقتراحات من داخل حركة حماس ومن خارجها تطالب الحركة بضرورة القيام بمراجعات لملفاتها السياسية والحركية والأمنية، وأنا أتفهم بواعث ذلك، حيث إن الكثيرين من هؤلاء وأولئك لهم دوافع صادقة، مبعثها الحرص على هذه الحركة الإسلامية التي شكلت عنواناً نضالياً كبيراً، وأسهمت بجهادها ودماء شهدائها وتضحيات أسراها داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية بصناعة ملحمة من البطولة والمجد، عجّلت بخروج المحتل من قطاع غزة في سبتمبر 2005م، ومنحت المقاومة رافعة تحملها وتحميها، وقد تبدّى ذلك في دفاعها الأسطوري عن قطاع غزة خلال حرب الفرقان وحجارة السجيل.اليوم، لا يشعر أحدٌ بالحرج عندما يتحدث البعض عن المراجعات؛ لأن هذا العمل قد باشرت الحركة العمل به بشكل رسمي وغير رسمي، فهناك داخل مؤسسات الحركة الشورية والبحثية من يتولى ذلك، وقد تأخذ المسألة بعض الوقت، لكن العمل قد بدأ وسوف يتمخض عن مواقف تعبر عن الإجماع داخل الحركة فيما يتعلق بشأن السياسة والحكم، والنظرة لشكل وفعل العمل المقاوم، وأيضاً لطبيعة السلوك وأنماط التحالف مع الآخر، وتوجهات وأبعاد العلاقة الإستراتيجية مع دول الجوار. إن الأسابيع والشهور القادمة سوف تشهد لقاءات فكرية موسعة، وحراكاً داخلياً للخروج برؤية أكثر وضوحاً تجاه التحولات السياسية المطلوبة والانفراجات باتجاه الكل الوطني في ظل صياغات أوسع نضجاً تجاه مشروعنا الوطني، وشكل الشراكة السياسية التي نتطلع إليها مع باقي إخواننا في فصائل العمل الوطني والإسلامي. وأختم - هنا - بهذا الاقتباس الذي يمثل موقف ورغبة الكثيرين من الكوادر والقيادات الإسلامية: «أخيراً.. على حماس أن تدرك أن حالة المراجعة والتقييم والاستدراك بقدر ما تُعبّر عن حكمة وحيوية وسعة أفق وفهم للمصلحة وإعمال لفقه الموازنات، بما يحفظ الوطن وفصائله المقاومة، والشعب وقضيته العادلة، وسط محيط التحديات العاصفة التي تنهشه من كل حدب وصوب، فإنها تعبر أيضاً عن فهم دقيق لنواميس الكون، وانسجام واضح مع قوانين الوجود والحياة، التي لا تُحابي أو تستثني أحداً مهما كان»، وللحديث بقية.
1099
| 22 فبراير 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تقف قصة المراجعات عند د. عمر عبيد حسنة، بل تبعه د. خالص جلبي في كتابه «النقد الذاتي»، وكذلك د. عبدالله النفيسي في كتابه «الحركة الإسلامية: ثغرات في الطريق»، إضافة للإصدار الذي أشرف على تحريره في بداية الثمانينيات بعنوان: «الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية: أوراق في النقد الذاتي»، إضافة لكتابات د. فتحي عثمان (رحمه الله) وأيضاً د. جمال الدين عطية في مجلة «المسلم المعاصر». لقد أشار كل هؤلاء وآخرون إلى أهمية إجراء المراجعات، باعتبار أن كل ما أنتجه الفكر الإسلامي من المعارف والعلوم لا يعدو أن يكون من باب الاجتهادات البشرية، والآراء الإنسانية، القابلة للنقد والتصوير، والمحتملة - أيضاً - للصواب والخطأ.وكما قامت بعض الحركات الإسلامية في إجراء تلك المراجعات والتكيف مع الظروف والمتغيرات بما يسمح باستمراريتها داخل ميادين العمل الدعوي ومراتب التأثير والحراك السياسي وساحات الفعل الجماهيري، فإن هناك أيضاً الكثير من الشخصيات المرموقة أمثال: الأستاذ د. طارق البشري، د. عبد الوهاب المسيري، د. عادل حسين، الأستاذ منير شفيق...الخ، حيث كان لهؤلاء منطلقاتهم الفكرية ورؤاهم التي تعبر عن انتماءاتهم لمعسكرات قوى اليسار أو الليبراليين.. وبعد إجراء المراجعات، كانت عملية التحول التي قادتهم - في نهاية المطاف - إلى معسكر الإسلاميين. المراجعات: الفكرة والتطبيقمن الجدير ذكره، أن العقدين الأخيرين قد شهدا إجراء الكثير من الحركات الإسلامية مراجعات تتعلق برؤيتها الفكرية أو تجربتها السياسية، وخلصت لنتائج وقناعات دفعتها إلى التصريح بوجود أخطاء وتنطع في التعاطي – أحياناً - مع مفاهيم إسلامية ذات علاقة بالدين والسياسة، وسوء تقدير لبعض الاجتهادات والمواقف المتعلقة بالنظر تجاه الآخر، وقد شملت هذه المراجعات حركات إسلامية جهادية مثل: الجماعة الإسلامية في مصر، وجبهة الإنقاذ الإسلامية (FIS) في الجزائر، وكذلك حركات إسلامية دعوية، مثل: الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في السودان، وحركة النهضة في تونس، وحركة مجتمع السلم (حمس) في الجزائر، وحركة التوحيد والإصلاح في المغرب، وحركة الإخوان المسلمين في سوريا، والجماعة الإسلامية في لبنان، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، والحركة الإسلامية في تركيا (حزب العدالة والتنمية)، وأيضاً الحركة الإسلامية في كل من ماليزيا وإندونيسيا.وبما أن مفهوم المراجعات هو مسألة مرتبطة بالأساس بعملية النقد الذاتي، وإعمال الفكر والتمحيص وإعادة النظر في بعض المفاهيم والقناعات والعمل على تصحيحها.. لذا؛ فإنه يمكننا - في الواقع - رصد وضعية هذه المراجعات التي أجراها الإسلاميون ضمن ثلاثة مستويات: أولها؛ الانتقال من العمل الجهادي العسكري إلى الخيار السلمي، وثانيها؛ الانتقال من العمل الثوري إلى المشاركة السياسية، وثالثها؛ مراجعات ما بعد المشاركة السياسية، ويمكننا هنا الإشارة إلى تجارب التيارات الإسلامية في تونس والسودان والمغرب.لقد أخذت التحولات التي حصلت عند الإسلاميين - بشكل عام - ثلاثة اتجاهات:الاتجاه الأول: تحولات فجرت نسق الرؤية (النسق الجهادي) من الداخل، وهو ما وقع للجماعة الإسلامية والجهاد في مصر، وكذلك الحركة الإسلامية في المغرب التي فجرت النسق القطبي من الداخل.الاتجاه الثاني: تحولات أبقت على الإطار في كليته وقامت بتعديلات داخله، والمثال على ذلك هو حركة النهضة التونسية، والحركة الإسلامية في السودان، والتي رغم تبنيها الواسع للبراغماتية السياسية، فإنها لم تستطع الخروج من الإطار العام لفكر سيد قطب ورؤاه السياسية.الاتجاه الثالث: تحولات تعكس توتر نسق الرؤية ومحاولة التعايش معه، ومثال ذلك هو حركة الإخوان المسلمين.إن هناك - أيضاً - ثلاثة مؤشرات مطردة في تحولات الإسلاميين الصاعدين إلى الحكم، وقد تمثلت في القطع مع المنطق الدعوي في الاشتغال السياسي، والتوجه نحو السياسات العمومية، والتخفيف من المفردات الدينية في الخطاب السياسي، والتدبير الذكي للعلاقة بين البعد المرجعي العقائدي والبعد البراغماتي في السياسة، من خلال اعتماد مدخل الدمقرطة والحرية والحكامة.إن هذه التحولات حدثت بشكل وازن لدى حزب العدالة والتنمية في كل من المغرب وتركيا، وأيضاً داخل حركة النهضة التونسية، فيما لا يزال الخطاب الدعوي والخطاب السياسي يتعايشان – بشكل عام - داخل الرؤية السياسية للإخوان المسلمين.ويُرجع البعض ذلك إلى التوتر القائم في الأصول الفكرية لحركة الإخوان المسلمين، والتي تجمع بين نسقين معرفيين: الأول؛ مقاصدي، والثاني؛ عرفاني صوفي، يعطي مساحة كبرى للمرشد أو الإمام، مما يبرر ارتهان السياسي للدعوي.
1118
| 21 فبراير 2014
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هل نحن كإسلاميين فلسطينيين بحاجة إلى المراجعات؟ وهل حركة حماس بعد سنوات الحكم التي قاربت على الثماني مطلوب منها كشف حساب يتم بناء عليه التأكيد على وجود ضرورة للمراجعة أو نفي الحاجة إليها.. كل المؤشرات واقتراحات النخبة الفلسطينية تلفت عناية الحركة إلى أهمية إجراء المراجعة؛ لأن متغيرات كثيرة سياسية ومجتمعية ومعيشية وأمنية طرأت منذ تسلم حركة حماس زمام الأمور، وتصدرها لمشهد الحكم والسياسة في يناير 2006م. وإذا سلمنا بذلك، فمن أين تبدأ المراجعات؟ سؤال يتوجب علينا الإجابة عليه، حيث إن هناك خمسة ملفات بانتظار أن نضعها على أجندة مفكري الحركة وقياداتها السياسية والميدانية ليقدموا – بعد المراجعات – معالم الرؤية حول المطلوب لتعزيز أو تعديل المسار، وهذه الملفات بتساؤلاتها المطروحة هي كالتالي: أولاً) المقاومة إلى أين؟ثانياً) تجربة الحكم، أين أصبنا.. وأين أخطأنا؟ثالثاً) المشروع الوطني في بعده السياسي، إلى أين؟رابعاً) موقع حماس من المرجعية الفلسطينية، هل هي جزء من منظمة التحرير أم فصيل يغرد خارجها؟رابعاً) إعادة بناء تحالفات الحركة بالمنطقة؛ كيف يمكننا استعادة التواصل مع عمقنا العربي والإسلامي؟خامساً) أين نحن من المصالحة الوطنية؟إن مدارسة هذه الملفات الخمسة سوف تمنحنا خارطة طريق واضحة المعالم للسنوات القادمة، من حيث الأولويات والرؤية الإستراتيجية، لاستعادة وحدة الفهم والموقف داخل الحركة، وإيضاح طبيعة التفاهمات والشراكة السياسية مع الآخرين.إن المراجعات هي سياسة حكيمة تلجأ لها الحكومات كما الحركات، وهي وسيلة للتصويب الذاتي، وقد سبقتنا خلال السنوات العشر الماضية الكثير من الحركات الإسلامية في إجراء تلك المراجعات، ونجحت في تصحيح أوضاعها لتنضبط مع واقع المتغيرات وشكل المستجدات والتوازنات الحاصلة. المراجعات: نبذة تاريخيةفي مطلع الثمانينيات تأسس المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT)؛ وهو مؤسسة فكرية علمية تعمل في ميدان الإصلاح الفكري والمعرفي، وتتعامل مع مصادر التراث الإسلامي والمعرفة الإنسانية المعاصرة؛ لبلورة تيار فكري إسلامي متميز، يمهّد لاستعادة قدرة الأمة على العطاء الحضاري، وتوجيه التقدم الإنساني. ويقوم على إدارة المعهد عددٌ من المفكرين الإسلاميين الذين تعود أصولهم العربية إلى العراق والسعودية والأردن وفلسطين، ولهم شبكة اتصالات واسعة مع قيادات الحركة الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي.وفي منتصف التسعينيات، بدأ الإخوة في المعهد، الدكاترة: جمال البرزنجي وهشام الطالب وعبد الحميد أبو سليمان والشيخ طه جابر العلواني وفتحي الملكاوي، باعتبارهم قيادات إسلامية في أمريكا إدارة العديد من النقاشات وجلسات الحوار والعصف الذهني (Brain Storming) الداخلي بين الإسلاميين، وطرح الكثير من التساؤلات والإشكاليات الفكرية بين شباب الإخوان المسلمين في أمريكا، والتي كنا ننظر إليها بدرجات عالية من القلق والتوجس على أساس أنها تمثل تجاوزات ودخول على خط المُحرَّمات أو المحظور من الحمى، لأنها – من وجهة نظرنا آنذاك – كانت تمس بطهارة ما نعتقده من أفكار، وتبعث على التشكيك بنهج الحركة التي تمثل جماعة المسلمين؛ أي الفرقة الناجية، وتهز قناعاتنا الراسخة بفكرها ذي الصبغة الربانية والذي لا يأتيه الباطل.ومع مرور الوقت، كثرت اجتهادات الإخوة القائمين على المعهد، وزاد نشاطهم من خلال دعم الكفاءات الإخوانية التي ترى في مراجعاتهم محاولة للتنوير الإسلامي، حيث أسهموا في دعم الإصدارات الفكرية التي تعمل على تحريك العقل المسلم، مثل مجلة "المسلم المعاصر"، ودورية "إسلامية المعرفة"، وشجعوا الكثير من طلبة الدراسات العليا في الجامعات الغربية والعربية على الاهتمام بتقديم أطروحات علمية تخدم مسار المراجعات وحركة الوعي والتنوير التي يتطلعون إليها، ولقد نجحوا – خلال عقد من الزمان - في تأسيس مدرسة فكرية جمعت الكثير من أساتذة الفكر الإسلامي في بلاد المشرق ودول المغرب العربي.اليوم، وأنا أسترجع الذاكرة لتلك المرحلة التاريخية، أشعر بأننا قد ظلمنا إخواننا الذين حاولوا مبكرين إيجاد تيار إسلامي متفتح يتمتع بذهنية حركية واعية، ومُحصَّن بفكر يستوعب مقاصد الشريعة وفقه المآلات، ويتفهم طبيعته الرسالية ودوره باعتباره "رحمة للعالمين".. لقد حاول د. عمر عَبيد حسنة؛ سوري الجنسية، وهو أحد المفكرين الإسلاميين الذين حملوا رسالة المعهد، وكان من أول الذين تناولوا موضوع الحركة الإسلامية، وطالب بضرورة إعادة النظر في العديد من المسائل الفكرية والدعوية والحركية في كتابه الشهير: "مراجعات في الفكر والدعوة والحركة" والذي أشار فيه لأهم مظاهر إصابات العمل الإسلامي، والتي عدّد منها: سيادة العقلية الذرائعية، وشيوع الفكر التبريري، وعجز الحركات عن تمثل المعاني المفقودة في الأمة، وحرمان أبنائها من ممارسة الحرية، وسيطرة الشخصية وتضييق نطاق الحرية بين الإطار التنظيمي، وانقلاب الوسائل إلى غايات، ومساهمة بعضها - بقصد أو من دون قصد - في بعثرة وتفرق المسلمين، والقضاء على مفهوم الأخوة الشامل، وعدم القدرة على ضرب أروع الأمثلة في الولاء للفكرة، وتحكم فكر المواجهة، وعدم تقدير قيمة التخصص، والضيق بالرأي الآخر، والعجز عن استنبات قيادات متجددة، وعدم القدرة على إظهار شخصيات فكرية كافية، والانشغال بحماية المرأة عن الانشغال بتنمية شخصيتها، وعدم الإفادة من الفرص المتاحة، والنظرة الساخرة للآخرين، والتمترس حول ما يسمى بالحق المطلق والصواب المحض، وتحكم العقلية الحزبية التعصبية الذميمة.. وبعد تعديده للمظاهر والصور السالفة الذكر وغيرها، اعتبر من أخطر الإصابات، انقلاب عددٍ من الجماعات الإسلامية إلى طوائف منفصلة عن جسم الأمة، وأهدافها وشعورها بتميزها، واستعلائها، وكأنها الناطق الرسمي باسم الإسلام، والممثل الشرعي والوحيد له، الأمر الذي جعلها تحيد عن مهمتها الأساسية في الدعوة والهداية والإرشاد إلى نطاق استعداء المخالفين وعدهم في صفوف المجرمين والحكم عليهم بالضلالة وعدم التفاعل معهم، والحرمان من الإفادة من خبراتهم.
561
| 19 فبراير 2014
مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...
13473
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...
1791
| 21 نوفمبر 2025
شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من...
1407
| 18 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...
1173
| 20 نوفمبر 2025
القادة العظام يبقون في أذهان شعوبهم عبر الأزمنة...
1137
| 18 نوفمبر 2025
كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...
987
| 20 نوفمبر 2025
في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، يقبع نصب تذكاري لرجل...
972
| 23 نوفمبر 2025
في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...
915
| 20 نوفمبر 2025
نعيش في عالم متناقض به أناس يعكسونه. وسأحكي...
807
| 18 نوفمبر 2025
أقرأ كثيرا عن مواعيد أيام عالمية اعتمدتها منظمة...
654
| 20 نوفمبر 2025
حينما تنطلق من هذا الجسد لتحلّق في عالم...
630
| 21 نوفمبر 2025
مع إعلان شعار اليوم الوطني لدولة قطر لعام...
618
| 19 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية