رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في تشكيل الغياب شعراً.. تأملات في ديوان (تصحو في الغياب) للشاعرة سميرة عبيد يسعى الشعر دائما إلى أن يكون بوابة للحياة باشتغالاته الجمالية وفيضه الإبداعي وابتكاره المدهش، ولأنه بوابة للحياة في حضوره فلابد أن تكون هناك خريطة جينية للقصيدة مرتبطة بالشاعر بفكره وروحه وانتمائه، بالإضافة للفكرة والسيناريو والحوار والانتقالات المتعددة عبر الصور الشعرية المتحركة التي يحفزها الفعل السينمائي في حضوره الكلي هذا ما يتجلى بقوة في الصور التي تشكلت وتحلت بمعان عديدة ورمزية دالة وتدرجاته اللونية لإحلال مناخات الغياب والصحو فيه، وهذا ما تنضح به الكلمات التي تنبثق من حيويتها أشكال وصور مختلفة، وما دونته الشاعرة سميرة عبيد في ديوانها (تصحو في الغياب) والصادر عن دار أروقة للنشر والترجمة والتوزيع في مصر، والذي قدمت له بهذه الافتتاحية المعبرة عن قلق الإنسان الوجودي وعجزه وهشاشته النفسية، رغم أن البحث لديها يبدأ ببداية روحية تراوده نزعة صوفية فتقول الشاعرة: إِلَـى الغَرِيبةِ فِـي بَـحْثِهَا عَنْ شُرْفَةِ الـمُسْتَحِيلِ وَهِيَ تُؤَثِّثُ ذَاكِرَةَ الصَّحْوِ بِتَرْوِيضِ بُرْكَانِ اللُّغَةِ الصَّامِتَةِ فِي مَشَاعِرِ الـحَيَاةِ فبأي معنى يمكن الكتابة عن الغياب وعن الصحو فيه، ففي أحيان كثيرة نكتب هذه اللحظة شعراً وكأننا نكتبها للمستقبل، وكأننا نتعقب آثار المستقبل في الوقت أو اللحظة، وهذه هي لحظة إدراك الرؤيا، فهل الغياب حياة مؤقتة في تأويل والصحو في الغياب كالعبور إلى ضفة الزمن حيث الوقت هلامي لا يعترف بتوصيفاتنا النمطية، قد يكون الغياب فعلاً أو زمناً مضافاً الى الزمن الحاضر؛ فإذا كان زمناً ماضياً يضاف الى الحاضر فهو ذكريات ولا غياب في الذكريات، إذن ما هو الغياب وما هو الصحو فيه، فالحاضر حاضر في مضارع حضوره في الأشخاص والألوان والكلمات، وفي الزمن الذي سيمضي، حياة موازية للحياة، حياة في كلمات، حياة في حياة، أما الغياب مجهول الأشخاص والألوان والكلمات فلابد أن نبتكر كل ذلك، ونطلق مسباراً في اللغة للكشف عنه. تبدأ الشاعرة قصيدتها (دَوْامَةُ المُسْتَحِيل) بمشهد سريالي ملحمي تتوسع دواله الشعرية، حيث ننصت الى اللغة، ونرى الكلمات وكأنها تدور، تبدأ وتنتهي ثم تبدأ مرة أخرى في هذا الإحساس الدائري كقداس شعري تتموج فيه الكلمات، وتبتكر أصواتها وإيقاعاتها كالذهاب الى المستحيل بمعناه اللانهائي. والبحث هنا مسافة من القلق في الوقت يبدأ من الذات، لا نهاية له فهو دوامة الحيرة وأغصان متشابكة من الأفكار، لكن بعد (سِحْرُ الطَّرِيقِ) سنجد الشاعرة تخط كينونتها عبر حلم أثيري متحول ومتماه مع ما يحمله من مدلولات، فهو امتداد لذاتها الشاعرة، وإن بدأ هو الهاجس والدافع للكتابة، فهو ليس الحضور بالطبع ولا الغياب بالضرورة، وكأن الغياب يستحيل إلى لحن خفي في غموضه الميتافيزيقي والفلسفي يهب الحياة صفاته المميزة المدهشة، تحولاته الحاذقة، وكأننا نصغي إلى الغياب كإرجاع عكسي لحياة سابقة، متأملين الصحو الذي ستمر فيه فكرة الحضور، والذي سيأتي بعد ذلك، ببدايات على صوت الموسيقى. تقدم الشاعرة سميرة عبيد سرداً موازياً عبر الواجهة السينمائية لقصيدة (جَرَسُ الـحَيَاةِ)، فتخبرنا من خلالها لما يموج داخلها من مشاعر، عبر أداء تصاعدي، كأننا في أداء تمثيلي للكلمات فتتعدد المشاهد عبر الاختيارات البصرية والموسيقية في القصيدة، كتعدد الصور في المرآة، فهي تمتلك المزيد مما يمكن الحديث عنه من ثراء الصورة الشعرية المتحركة وتعدد أشكالها، كأننا في أداء تمثيلي مدهش للكلمات، وهذا يدل على قدرة الشاعرة على تسيير القصيدة على وقع تطور مشاعرها. وفي قصيدة (تصْحُو فِي الغِيَابِ) يبدو المشهد الشعري كلوحة ميتافيزيقية رسمها جورجيو دي شيريكو تصاحبها موسيقى قاسية كانكسار الضوء مع موسيقى الكونترباص حيث تصحو الشاعرة في الغياب لتجد أن الحياة التي تعرفها حياة غريبة (لَهَا ذَاكِرَةُ الخُيُولِ الْخَشَبِيَّةِ) رغم أن جاءت من آهات السنين: تبين أن الضياع لا يزال قريباً من الغياب، ثم تتوالى الصور الشعرية في القصيدة وكأنها ترسم الغياب بصور ظلية تتحرك أمام أنظارنا، ونحن نراقب ما يجري إلى أن تصمت الرياح الموسيقى الداكنة بين حد الغياب والحضور، حيث يسترسل الضوء في تحوله في الحلم حتى يجعل التكوين الشعري للحظة مكتملاً ومتناغماً، ويعزز الشعور بتأثير الميتافيزيقيا في ذلك التكثيف القاسي للغياب، عندما يصبح الغياب فعل حضور، والقصيدة فعل بقاء، كأنك طاف في الفراغ. الناظر إلى تجربة الشاعرة سميرة عبيد سيجد أن الشعر لديها يمنح الفكرة بعداً آخر، والطاقة التعبيرية للكلمات تؤكد ذلك، فهي تكتب عن وعيها بالزمان والمكان عبر لغة شعرية لامعة، تشير إلى ما تثيره لديها فكرة الغياب والحضور، هذه الرؤية التي تشكل ملامح مشروعها الشعري إجمالاً في ديوانها (تصحو في الغياب) الذي شكل حراكاً حراً للإبداع، وهي مغامرة شعرية، تشد المتلقي بدءا من العنوان، وتكشف عن جوهر تجربة إنسانية، وإذا كان (الغياب) وحده لا تدركه الكلمات، إلا بالحضور الذي يدفعها إلى أبعد حد؛ وبينهما الصحو الذي يبدو أنه خرج من العدم، فالغياب هو الإبداع الأكثر غموضاً، بعد أن أصبح شعراً في قصيدة جامعة لكل ما يمكن أن تحتويه من دلالات ومعان، فإنه يستبدل الوهم بالصحو، كنص شعري مفتوح على تأويلات عدة.
630
| 18 فبراير 2025
مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
1905
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1128
| 22 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...
1053
| 26 ديسمبر 2025
-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...
789
| 25 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
705
| 21 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...
705
| 24 ديسمبر 2025
لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...
654
| 24 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
609
| 23 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
549
| 23 ديسمبر 2025
في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...
498
| 23 ديسمبر 2025
لُغَتي وما لُغَتي يُسائلُني الذي لاكَ اللسانَ الأعجميَّ...
444
| 24 ديسمبر 2025
عندما نرى واقع الإدارة سوف نجد انها تبدأ...
432
| 22 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية