«إن أقصى ما وصلت إليه في فن الرسم، وجدت الخط العربي قد سبقني إليه منذ زمن بعيد». هذه المقوله لبيكاسو، الملقب بزعيم الرسم الحديث، تدل على أن الخط العربي ليس مجرد كتابة بقواعد معينة بل هو فن متكامل يتمكن من يتقنه أن ينتج عملاً فنياً متكاملاً ومتميزاً فالإبداع في تحوير الحروف يصل بالكتابة إلى ما يمكن أن نطلق عليه الرسم المقروء. لقد سمحت لي ظروفي كمتقاعد إعطاء المزيد من الوقت والاهتمام لهوايتي القديمة في الخط العربي عن طريق القراءة والدورات التدريبية والممارسة، وقد وجدت فعلاً أنه فن عظيم ويحتاج إلى كثير من الصبر والإحساس في تعلمه وإتقانه، وأستطيع القول من التجربة إن التمكن من الخط والإبداع فيه يتوقفان على كثرة التمرين والتكرار في كتابة الأحرف ورسمها، والخطاط كالفنان يتحسن خطه ويتألق فنه كلما زاد تدريبه وكثر تمرينه. «الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً» علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولحسن الحظ فالعديد من الجهات في دولتنا الحبيبة تولي فن الخط العربي اهتماماً خاصاً ومنها على سبيل المثال لا الحصر هيئة المتاحف ووزارة الأوقاف ومؤسسة الحي الثقافي (كتارا) ومكتبة قطر الوطنيه، وظهرت مؤخراً بعض المؤسسات الخاصة مثل أكاديمية الخط العربي والتي تخصص جزءاً من اهتمامها لفئة الأطفال لتحسين خطهم وهذا عامل مهم جداً حيث نلاحظ جميعاً الكثير من الشكوى من الأهالي والمعلمين من رداءة الخط لدى التلاميذ والسبب واضح جداً وهو أنه يتم إسناد تعليم الخط لغير المجيدين له ممن ليس لديهم خلفية فنية، وأثني هنا على مقترح سمعته من أحد المختصين بأن تكون حصة تدريب الخط العربي ضمن حصص التربية الفنية وليس بالضرورة حصص اللغة العربية. «إنه صناعة شريفة يتميز بها الإنسان عن غيره وبها تتأدى الأغراض لأنها المرتبة الثانية من الدلالة اللغوية» ابن خلدون في مقدمته من خلال تجربتي في تعلم الخط العربي أستطيع أن أختصر بعض النصائح الأساسية والضرورية في بداية مرحلة التعلم وهي التالية: أولاً: النقطة هي الميزان الحقيقي للحرف وذلك لأن حجم الحرف وامتداده يقاس بالنقاط، والنقطة هي عبارة عن مربع يرسم برأس القلم ويدل على مقاس القلم إن كان صغيراً أو كبيراً. ثانياً: زاوية القلم تختلف حسب نوع الخط فهي تحدد سمك الخط فعلى سبيل المثال تكون 90 درجة في الخط الديواني وفي حدود 75 درجة في خطي النسخ والثلث. كما أن الزاوية قد تتغير مع دوران الحرف والاهتمام بذلك يعطي الحرف شكله المتعارف عليه وجماله. ثالثاً: القراءة على شيخ بمعنى تلقي التدريب وقواعد الخط على يد متخصص متقن لأن المتعلم بحاجة لرؤية الحرف يكتب أمامه وليس مجرد أن يراه مكتوباً ويقلده بالإضافة إلى أهمية عملية التصحيح التي تصقل ما يكتبه المتدرب. وفي الختام نقول كما أن فترة التقاعد تمثل فرصة ذهبية للمتقاعدين لزيادة التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالعبادات والأعمال الحسنة، فهي كذلك توفر لهم أوقاتاً ذهبية لممارسة هواياتهم وتحسين مواهبهم، فلكل منا هواية وبداخل كل منا موهبة فلنستمتع بها بعد شكر المولى عليها.