في زمن تتسارع فيه التحديات الصحية عالميًا، تبرز قطر كنموذج متكامل يضع صحة الإنسان – مواطنًا كان أو مقيمًا – في صميم رؤيتها التنموية. فالصحة لم تعد مجرد علاج، بل ثقافة تبدأ بالوقاية وتمر بالتوعية وتنتهي برفاهية الفرد والمجتمع. منذ إطلاق رؤية قطر الوطنية 2030، أصبح قطاع الصحة حجر زاوية في خطط التنمية. ترجمت الدولة هذه الرؤية عبر استثمارات ضخمة، تخطيط إستراتيجي، وتبني التكنولوجيا الحديثة، لتقديم خدمات صحية عادلة وشاملة. من أبرز إنجازات قطر مشروع “المدينة الصحية”، الذي يتجاوز كونه تجمعًا طبيًا ليصبح نموذجًا حضريًا متكاملاً. تحتضن المدينة مؤسسات طبية كبرى كمؤسسة حمد الطبية ومركز السدرة، إلى جانب بيئة خضراء وشوارع تشجع على المشي ومرافق رياضية تعزز الصحة النفسية والجسدية. إنه نموذج يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان ومكان عيشه. ما يميز قطر هو العدالة الصحية. فالمراكز والمستشفيات مفتوحة للجميع، مع برامج تطعيم مجانية، رعاية منزلية، دعم للصحة النفسية، وحملات توعية مستمرة. الدولة تؤمن بأن الصحة حق إنساني لا يرتبط بالجنسية أو الوضع المادي. تحوّلت قطر من تقديم العلاج إلى ترسيخ الوقاية كثقافة مجتمعية. من اليوم الرياضي للدولة، إلى حملات التغذية في المدارس، ومبادرات مكافحة التدخين، تؤسس قطر لوعي صحي يجعل العناية بالنفس جزءًا من نمط الحياة. تبنّت قطر الرقمنة في القطاع الصحي بكفاءة. تطبيق “احتراز” خلال جائحة كورونا، وأنظمة التطبيب عن بُعد، ومواعيد العيادات الرقمية، كلها أدوات تجعل الرعاية الصحية أكثر سهولة وسرعة. ختامًا الصحة العامة في قطر ليست سياسة مؤقتة، بل التزام طويل الأمد يُدار بعقلية مؤسساتية وقلب إنساني. إنها دعوة للعيش في بيئة تحقق الأمان الصحي كما تحقق الازدهار الاقتصادي، حيث يكون الإنسان هو الأولوية دائمًا.

في قلب شبه الجزيرة العربية، حيث كانت الرمال تمتد بلا نهاية، تنبض اليوم حياة خضراء تعكس إرادة دولة قطر في مواجهة تحديات التغير المناخي. لم تكن هذه التحولات وليدة الصدفة، بل نتيجة رؤية استراتيجية وعمل دؤوب جعل من قطر نموذجًا يحتذى به في الاستدامة البيئية. استراتيجية وطنية لمستقبل مستدام أطلقت قطر استراتيجيتها الوطنية للبيئة والتغير المناخي 2024-2030 تحت شعار “معًا نحو بيئة مستدامة لمستقبل أفضل”، مستهدفة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25% بحلول عام 2030. تشمل هذه الاستراتيجية حماية 30% من المناطق البرية والساحلية، واستعادة 30% من الموائل الطبيعية المتأثرة بيئيًا، في إطار جهودها للحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق التنمية المستدامة. التحول إلى الطاقة النظيفة في أكتوبر 2022، دشنت قطر محطة الخرسعة للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تبلغ 800 ميغاواط، ما يعادل 10% من ذروة الطلب على الكهرباء في البلاد. هذا المشروع، الذي بلغت تكلفته 1.7 مليار ريال، يعكس التزام قطر بالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. مبادرات خضراء تعيد تشكيل المشهد البيئي أطلقت قطر مبادرة لزراعة عشرة ملايين شجرة بحلول عام 2030، بهدف زيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحر. كما تم تنفيذ أكثر من 35 مبادرة للحد من الانبعاثات، وأكثر من 300 مبادرة للتكيف مع آثار التغير المناخي، بما في ذلك استخدام الغاز الطبيعي المضغوط كوقود في قطاع النقل، ومشاريع لحقن غاز ثاني أكسيد الكربون في الأرض لتحسين استخلاص النفط. الابتكار في مواجهة التحديات البيئية تعمل قطر على تطوير تقنيات حديثة لمواجهة التحديات البيئية، مثل مشروع الأمونيا الزرقاء الذي يهدف إلى إنتاج 1.2 مليون طن سنويًا من الأمونيا منخفضة الكربون، ومبادرات لاحتجاز وتخزين الكربون بقدرة تصل إلى 11 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035. الوعي المجتمعي والشراكات الدولية تولي قطر أهمية كبيرة لرفع الوعي البيئي بين مواطنيها والمقيمين، من خلال حملات توعوية ومبادرات مجتمعية. كما تعزز شراكاتها الدولية في مجال البيئة، حيث شاركت في منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات، مستعرضة تجربتها في تعزيز النظم البيئية المستدامة والحلول القائمة على الطبيعة. ختامًا تحولت قطر من صحراء قاحلة إلى واحة خضراء بفضل رؤية واضحة وجهود متواصلة في مجال الاستدامة البيئية. هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة التزام حقيقي من القيادة والشعب نحو مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.