رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في بيئة العمل، نلتقي يومياً بأشخاص يختلفون عنا في أنماطهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم. منهم من يمر مرور النسيم؛ هادئاً، مبتسماً بشوشاً، وقوراً، سمته ومحياه لطيف ومهذب يشعرك أن الحياة أيسر مما نتخيل، ومنهم من يجلس أمامك وقد تراكمت في صدره هموم وأوجاع لا علاقة لها بك، لكنها تخرج دفعة واحدة في مواجهة قد لا تخلو من توتر وانفعالات غير مبررة. من بين هؤلاء، يظهر «العميل الغاضب» كأحد أبرز التحديات التي تختبر جاهزيتنا الذهنية والنفسية والمهنية مجتمعة. وليس التعامل معه أمراً عابراً، بل هو لحظة حرجة تضعنا على المحك، وتستخرج كل ما في جعبتنا من وعي وإدراك ومهارات وخبرات؛ إما أن ترفعنا وتحكي عنا قصة نجاح وتألق، أو تهزمنا وتكشف ثغراتنا ونقاط ضعفنا. العميل الغاضب ليس خصماً أو عدواً، بل هو زبون يتردد على منظمتنا، لديه توقعات لم تلب، أو تجربة لم تكن بالمستوى المطلوب، أو حتى تصورات مسبقة لم تصحح. في هذه المساحة من الانفعال والغضب الجامح، تظهر الشخصية المهنية الحقيقية، ويقاس نضج الموظف لا بما يقوله، بل بما يفعله حين يتعرض لضغط مفاجئ أو موقف غير متوقع، وصوت مرتفع، وكلمات حادة، وربما اتهامات بالتقصير أو التأخير في الخدمة. هنا بالضبط يكمن العلم والفن وتجذر الخبرات، ويتجلى الفهم الحقيقي للممارسات وردود الأفعال الإيجابية المطلوبة؛ أن تتحلى بهدوء رصين، وعقلٍ متزن، ونفسٍ تواقة للتقبل والاحتواء مهما بلغت التحديات، وتطرح الحل كمن يمد يده لا ليسكت الآخر، بل ليرفعه ويعلي شأنه. في كثير من البيئات الوظيفية، يلاحظ غياب التدريب العملي على مهارات احتواء الغضب وكيفية التعامل معه، ويغيب الذكاء العاطفي كأداة فاعلة في إدارة هذا النوع من المواقف. وقد أظهرت الدراسات الحديثة في مجال خدمة العملاء، ومنها ما نشرته Harvard Business Review، أن العملاء الذين يعاملون باحترام وهدوء في لحظة غضب، هم الأكثر ولاء وامتناناً للمنظمة لاحقاً، وأن الموظف الذي يمتلك قدرة على الإنصات النشط والفعال وتقديم ردود واعية ومدروسة، غالباً ما يحول التوتر إلى فرصة ذهبية لتعزيز الثقة والرضا. الأمثلة على هذه القدرة التحويلية كثيرة. كم من مرة خرج عميل منفعلاً، ليدخل في لحظات في حوار هادئ، ثم يخرج معتذراً وممتناً للموقف النبيل الذي تحلى به الموظف؟ وكم من قصة بدأت بشكوى حادة وانتهت بتوصية بأن هذه المؤسسة جديرة بالثقة والاحترام؟ كلها كانت بفضل موظف امتلك الحضور واللباقة والاتزان، وتحول من موظف خدمة إلى قائد موقف، وخبير في امتصاص الانفعال، ومثال يحتذى في التهذيب والتعامل الراقي. وقد أشار دانييل جولمان إلى أن الموظف الناجح في إدارة الانفعالات لا ينجح فقط في المواقف الفردية، بل يصبح قدوة مهنية يحتذى بها في فريق العمل. الاحتراف الحقيقي لا يظهر في اللحظات السهلة، بل في قلب العاصفة، وفي خضم المواقف الضاغطة وساعات التحدي، حين يكون صوت العميل عالياً، والشكوى شديدة، وتجد نفسك أمام خيارين: إما أن ترد بالغضب فتخسر، أو أن تتحلى بالحكمة فتفوز. الفائز ليس من يسكت الآخر، بل من يهدئ من روعه، ويبدل انفعاله بهدوء واتزان، ويقنعه من خلال الاستماع التقمّصي الفعّال، ويمنحه الفرصة للتعبير عن رأيه بحرية دون مقاطعة أو فرض سلطة. فالاحترام واجب، والكرامة مصونة، والحل موجود. من هنا، تتضح أهمية التدريب المتخصص الذي لا يقتصر على تقديم المهارات، بل يعزز القيم ويعيد تعريف المهنية والاحتراف بوصفهما سلوكاً إنسانياً راقياً. وهذا ما أؤمن به وأسعى إلى ترسيخه في البرامج التدريبية التي أقدمها، مستنداً إلى خبرة عملية، وإطار نظري حديث، وممارسة ميدانية مباشرة مع مؤسسات متعددة في العالم العربي وخارجه. التعامل مع العملاء الغاضبين ليس مهمة عابرة، بل امتحان للروح وتجربة حقيقية تكشف معدن الإنسان وقدرته على أن يكون مرآة لأخلاقه وقيم مؤسسته، وسفيرًا لثقافة الاحترام والاحتواء في مواجهة الغضب والانفعال. فعندما نتعامل مع هذه التحديات، لا نحل أزمة آنية فحسب، بل نبني جسوراً من الثقة والاحترام تستمر بيننا وبين عملائنا.
207
| 17 أكتوبر 2025
مع قدوم شبكة الإنترنت وتعاظم تدفق المعلومات وتنوع مواقع التواصل والمواقع الإلكترونية، تعددت المصادر وأصبحت تشكل ضغطاً على كاهل المتابع والمشاهد لها، وظهر في العام 2024 مصطلحاً غريباً ومثيراً للاهتمام والملاحظة، عرف ب « تعفن الدماغ « Brainrot «» وهو» التدهور المتوقع للحالة الذهنية أو الفكرية للشخص «، الناتج عن» الاستهلاك الزائد عن الحد والمفرط « للمواد التافهة قليلة الفائدة التي يشاهدها ويتابعها على الإنترنت. وقال (كاسبر جراثوهل)، رئيس لغات أكسفورد: « أن «تعفن الدماغ» يتحدث عن إحدى المخاطر المتوقعة للحياة الافتراضية، وكيف نستثمر وقت فراغنا بطريقة فعالة ومجدية «. وأن مؤشرات معدل استخدام التعبير عن هذه المشكلة ارتفع بنسبة 230 بالمائة بين عامي 2023 و2024، وكان شائعاً بشكل خاص هذا العام على TikTok. لقد تفوقت على خمس كلمات أخرى من تأليف لغويين في أكسفورد وتم تقديمها للتصويت العام، الذي شارك فيه 37000 شخص. التشويش العقلي إلى أين يعتبر تعفن الدماغ «Brainrot»هو حالة من التشويش العقلي والتدهور المعرفي الناتج عن التفاعل المفرط والزائد عن الحد في شبكة المعلومات الإنترنت. فهو مصطلح ليست طبياً، ولكنها ظاهرة حقيقية يعيشها من يدمن استخدامها. فعندما يقضي ساعات في المتابعة والتصفح، فإنه يستهلك كميات معلومات هائلة لا قيمة لها، وتمثل الأخبار السلبية والمحبطة، والصور المعدة باحترافية للمعارف والمشاهير وأصحاب التأثير على الشبكة، مما يشعر من يشاهده بضعف الكفاءة وقلة الحيلة. ويصاب بالإرهاق الذهني من جراء المشاهدة الحثيثة والمبالغ فيها دون فعل إرادي، وهذا بدوره يؤدي لضعف في التركيز والانتباه وتراجع في الطاقة الإيجابية ويضعف العمل والإنجاز والإنتاجية وخاصة لدى اليافعين والشباب. وقد دعا الجراح العام الأمريكي» مورثي» إلى وضع ملصقات تحذيرية على منصات التواصل الاجتماعي لتفادي ذلك التهديد، فمن المؤكد أن تعفن الدماغ كان مصطلحاً موجوداً منذ سنوات. وقد تتبعت أكسفورد استخدام هذا المصطلح في كتاب عام 1854 الذي ألفه هنري ديفيد ثورو. الذي أشار فيه « بينما تسعى إنجلترا إلى علاج تعفن البطاطس، لن تسعى أي دولة إلى علاج تعفن الدماغ، الذي ينتشر على نطاق أوسع بكثير وبشكل مميت وقاتل؟». وقد أكدت الدكتورة إيلينا توروني، استشارية علم النفس المؤسسة المشاركة لعيادة تشيلسي لعلم النفس أن« تعفن الدماغ مصطلح يستخدمه الناس لوصف ذلك الشعور الضبابي الذي ينتاب الشخص عندما يستهلك كثيراً من المحتوى المكرَّر منخفض الإيجابية والجودة ». وأن ذلك الشعور بالاستنزاف العقلي أو البلادة الذهنية الذي يحدث بعد ساعات من تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، أو مشاهدة البرامج، أو الانخراط في مواد لا تحفز العقل ولا تستثيره نحو التفكير والتحليل والاستنتاج. ويحدث تعفن الدماغ بسبب الاستخدام المفرط للتكنولوجيا من مشاهدة مقاطع الفيديو على YouTube، أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو التبديل الزائد المتصفح المتعددة الصور والمعاني والموضوعات المختلفة. ناهيك عن استخدام المقالب في الناس وإضحاكهم وتجد الملايين يتابعون ويحاكون هذه النماذج التي تقدم مثل هذه التصرفات الفجة التي تفتقد للمحتوى الجاد والهادف وقد تجد أن ألعاب الفيديو تتسبب في الإدمان، فيلاحظ أن بعض اللاعبين يلعبون بشكل قهري ويصابون باضطراب الألعاب والإلحاح في المتابعة. * * خلاصة القول ان التهديد مؤثر ووشيك من جراء إدمان مشاهدة مواقع التواصل الاجتماعي وقضاء ساعات طويلة من اليوم أمام التعرض للكم الهائل من تدفق المعلومات والأحداث غير السارة والمبالغ فيها، فيقع الشخص فريسة المقارنات بين نفسه ولآخرين في مهاراته ونجاحاته وحياة الآخرين، فتجعله في حالة من التخبط والعشوائية في السيطرة على تفكيره الذي هو في الأساس متلقي دون حراك فتجده معرض لتعطيل ملكات الذهن والتفكير، فهو معرض للإصابة بتعفن الدماغ الذي لا يستخدمه بطريقة جيدة أو فعالة، فالمطلوب العمل على تحديد الأوقات الملائمة التي تجعله يستفيد من الإنترنت بطريقة أكثر إيجابية والعمل على إيجاد بدائل حياتية من تفعيل قدراته وتشكيل عادات سلوكية ترقى للممارسة الإيجابية لممارسة الهوايات والمواهب بدل الانغماس في مشاهدة الإنترنت دون حراك.
549
| 17 يناير 2025
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...
7890
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...
6645
| 14 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...
3456
| 12 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2835
| 16 أكتوبر 2025
في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...
2802
| 12 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
1968
| 16 أكتوبر 2025
قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....
1554
| 14 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1281
| 16 أكتوبر 2025
الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...
1203
| 14 أكتوبر 2025
لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...
1068
| 14 أكتوبر 2025
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...
759
| 13 أكتوبر 2025
مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...
756
| 13 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية