تُشكل مسألة تقييم أداء الموظف أهمية بالغة على حياته الوظيفية، لذا حرص المشرع والفقه القضائي الإداري القطريان على أن يحيطه (بضوابط) صارمة ضماناً لعدم تأثره بالأهواء الشخصية والدوافع المنبتة الصلة عن الصالح العام، كي يجيء تقييم الأداء مرآة صادقة وتعبيراً حقيقياً عن جهد الموظف وعمله وسلوكه خلال سنة التقرير، وإذا كان لتقرير تقييم الأداء أثر بالغ على الحياة الوظيفية، فإنه يقتضي لتحقيق الضمانات الأساسية أن يتوافر فيمن يشارك في وضعه الحيدة حتى يحصل الاطمئنان على عدالته وتجرده عن الميل والهوى والتأثير. ونظمت المواد (34) وحتى (42) من قانون رقم (15) لسنة 2016، بإصدار قانون الموارد البشرية المدنية، إجراءات تقييم أداء الموظف لدى الجهات الحكومية، من بينها، وفقاً لما هو مقرر بقضاء محكمة التمييز، وجوب إشراك الموظف في عملية مراجعة أدائه بمناقشة نتائجه مع مسؤوله المباشر، بما يعني ألا يأتي التقييم بمنأى عن الموظف، وإنما بمشاركته فيه، والغرض من ذلك أن تتاح له مناقشة نتائج التقييم لكي يقف على مواطن التميز في أدائه، ليحافظ عليها وينميها، ويقف على مواطن الضعف لتحسينها وتداركها مستقبلاً. قد يرى البعض ـ لسبب أو لآخر ـ أن نتيجة تقييم أدائهم غير منصفة، وأن ظلماً وقع عليهم جراء ذلك التقييم، ويرغبون في التظلم عليه، فما الطريق الذي رسمه القانون في هذه الحالة؟ بمعنى آخر: هل التظلم في القرار الصادر بتقييم أداء الموظف من قبل رئيسه المباشر، أمر وجوبي أم جوازي، وفقاً للقانون رقم (7) لسنة 2007، بشأن الفصل في المنازعات الإدارية؟ وهل يجوز للموظف اللجوء إلى الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية، بغرض إلغاء قرار تقييم أدائه دون أن يتظلم فيه؟ لابد من القول إنه وبمجرد اعتماد تقرير تقييم الأداء وإعلانه إلى الموظف، فإن هذا الأخير يجوز له أن يتظلم منه إلى الرئيس سواء الوزير أو رئيس الجهاز الحكومي أو الهيئة أو المؤسسة العامة، بحسب الحال، خلال 15 يوماً من تاريخ علمه، ويبت فيه الرئيس خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، ويعتبر انقضاء الميعاد المذكور دون إخطار الموظف بتعديل التقرير بمثابة رفض له، ويكون قرار الرئيس في التظلم نهائياً. (المادة 42 من قانون الموارد البشرية). بمعنى أن التظلم من تقييم الأداء هو أمر جوازي للموظف، بدلالة عبارة (ويجوز للموظف أن يتظلم منه) الواردة بالمادة أعلاه. وهذا ما أكده حكم محكمة التمييز الموقرة بالرقم: 592 لسنة 2018 ـ إداري والتي قررت المبدأ القانوني التالي: (أوجب المشرع بالمادة «5» من القانون، التظلم من القرار الإداري النهائي في حالة وحيدة دون غيرها هي المنازعات المتعلقة بموظفي الدرجة الأولى فما دونهم فيما يخص ترقياتهم أو إنهاء خدماتهم أو القرارات التأديبية، أما غير ذلك من عموم القرارات الإدارية النهائية، فإن التظلم منها هو أمر جوازي واختياري لصاحب الشأن، فله أن يسلكه لعل جهة الإدارة تنصفه وتعفيه من تكبد مشقة التقاضي، أو أن يتغاضى عنه ويلج مباشرة سبيل التقاضي كحق مكفول بالدستور والقانون دون أن يستعمل حقه في التظلم، فهو ليس بشرط لقبول الدعوى، وإنما لا يعدو إلا إجراء قاطعاً لسريان ميعاد الستين يوماً الذي خصه المشرع لدعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية فقط. كون قرارات تقييم الأداء بحكم مآلها وآثارها، تندرج في عموم القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بالمكافآت والعلاوات، ومن ثم فإن التظلم منها اختياري للموظف، وله الحق في الطعن عليها مباشرة أمام القضاء ما دام القرار قد أضحى نهائياً. خلاصة الأمر أن التظلم من تقييم الأداء مسألة جوازية وليست وجوبية، على ضوئها يحق للموظف الولوج إلى ساحات القضاء مباشرة، ودون التظلم منه.