رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عندما تذكر مفردة (الخيانة) يَذهب الفكر الإنساني مباشرة إلى مَن يبيع وطنه، ويتعامل مع العدوّ في أوقات السلم والحرب! ويبدو، ومع تعقد الحياة، اتّسعت دائرة بعض المفاهيم والمصطلحات، ومنها (الخيانة)، ولهذا صرنا نواجه عشرات آلاف الخونة في غالب البلدان! وهؤلاء الخونة المُتَنَكِّرون يشتركون في التوصيف، ويختلفون في المقام والمهام، فمنهم مَن يقود مَرْكب الخونة، ومنهم من يُنفذ أوامر الخائن (الكبير)، ومنهم مَن يستغل منصبه ومكانته، وربما، (نضاله) لخيانة الوطن والناس، وغيرها من الأدوار الخبيثة القاصمة لظهر الوطن والناس! ولا يمكننا حصر أعداد هؤلاء الخونة بسهولة، ولكن، مَن يعزف سيمفونيات الوطنية على المواطنين، وهو أول مَن يعمل لمصالحه الخاصة والحزبية دون النظر لمصلحة الوطن والناس فهو خائن! والمسؤول الذي يعمل عبر سياسات شاذة وبعيدة عن التخطيط الدقيق والمدروس ولا ينقل الحقائق لمسؤوليه فهو خائن! والمسؤول الذي يشلّ طاقات شباب الوطن فهو خائن للحاضر والمستقبل! والمساهمون في التخلف الحضاري والعلمي والعملي هؤلاء في تشكيلة فريق الخونة! والذين أهلكوا الأراضي الزراعية الشاسعة والصالحة للزراعة خونة! والذين حطموا المصانع والمعامل، وأوقفوا دواليب الإنتاج خونة! ومَن يَخدع الناس بمشاريع وهمية هزيلة ظاهرها التقنية والتطور، وباطنها الهشاشة والتراجع فهو خائن! والذي يُنَمّي أمواله عبر سراديب الفساد الإداري والمالي ويقتات على أموال الدولة والشعب فهو خائن! ومَن يسرق أموال الدولة، ويساهم في تنمية آثارها المتعفنة التي فَرَّخت جيوشا من الفقراء والمحطمين فهو خائن! ومَن يسعى لتضييق الخناق على أرزاق الناس ومصادر عيشهم فهو خائن! والمتشبثون بالخراب، بعناوين براقة، والداعمون للفساد العام، والرشاوى والمحسوبية بمؤسسات الدولة خونة! والذين يحطمون كيان الدولة، وبأساليب شيطانية قائمة على المصالح الشخصية وبعيدة عن أدوات التطور، خونة! والمتملقون، وسماسرة المناصب والعلاقات، والذين يسعون لتخريب ضمائر الناس، وأفكارهم وثقافتهم خونة من نوع مميز! والذين ينفخون كروشهم بأموال المشاريع الهزيلة والخالية من أبسط مواصفات الجودة المحلية، وليست العالمية، فهم خونة! ومَن لا يُقدم النصيحة للوطن والناس، وهو قادر على ذلك، فهو خائن! والذين يكممون أفواه الناصحين، ويحطمون أقلام المحبين، ويكبلون حرية الحريصين فهؤلاء هُم قادة مَرْكب الخيانة! ورجال الأمن والدولة الذين يتلذذون بهدر كرامة المواطنين خونة! والمشجعون على الطائفية والتناحر بين المواطنين خونة! والمستغلون للمنابر الدينية لنشر الأفكار الهدامة خونة! والذين يتهمون الناس بالباطل، ويحاربونهم في مناصبهم ووظائفهم وأرزاقهم خونة! ودعاة الإعلام الهزيل، والمُسَلِّط الضوء على آليات انهيار منظومات القيم الوطنية والفكرية والتربوية والإنسانية والأخلاقية، والناشر للخراب الأخلاقي وسموم العري، والإغراء والبهيمية بين الناس فهم خونة! والذين يرمون الوطن بمستنقعات التهلكة عبر تجارة المخدرات خونة! والذين يستوردون البضائع والمواد الغذائية والاستهلاكية السيئة الجودة خونة! والذين ينثرون أموال الوطن في الملاهي الليلية خونة! وهؤلاء جميعا هم جزء من منظومة الخيانة الخفية، ولكنهم، ومع جميع هذه المآسي، فإن انغماسهم بالخيانة جعل، غالبيتهم، كائنات خالية من الإحساس والضمير! الدول التي يتمتع بخيراتها ثلة من الخونة والسراق جديرة بالبحث عن حياتها، وحاضرها ومستقبلها، وإلا فإن السكوت عن الخيانة والفساد هو بحدّ ذاته خيانة للنفس والوطن، ولهذا ينبغي على الشعوب الحرّة أن تعين الحكومات النقية، وبالطرق الحكيمة والقانونية، للقضاء على منابع الخيانة والفساد! لنحترم الوطن ونحافظ عليه بقوانين لا تُسَن وفقا لمصالح ضيقة بل وفقا لمصلحة الوطن والمواطنين! العمل الطاهر، والمال الناصع، والجهود الصافية، والقلوب المتلاحمة، والسواعد المتكاتفة قادرة على زراعة الأمل، واجتثاث الخونة والعملاء من الأرض حتى تعود الأوطان صافية نقية كما ينبغي.
2727
| 23 مارس 2024
على الرغم من التقدم العلمي الهائل، والتطور الفكري المذهل إلا أن هنالك الكثير من أسرار هذا الكون بقيت غامضة، ولا يمكن للعقول البشرية أن تقتحمها، رغم المحاولات الجادة والحقيقية. ومن بين أهم الألغاز هي «الروح والنفس والعقل»، وربما قوله تعالى: (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)، يجعلنا نترك التعمق في هذه الألغاز والمفاهيم. والحديث عن النفس من المواضيع المعقدة، والإنسان السوي يفترض به أن يعرف نفسه، وكيانه وفكره، وأن يعمل جاهدا لتحقيق ذاته، وسعادته الروحية والفكرية. وينبغي أن يتساءل: هل أنا أتعامل مع نفسي بالشكل الصحيح، أم أنا أعاملها معاملة العدو الذي لا يهمه نتيجة الهجوم وأسلوب الخطاب والتعامل؟ وحينما نتحدث عن النفس فنحن لا نتحدث عن الأسئلة الجدلية التي تدور في الفكر الإنساني، والتي حاول الفلاسفة والحكماء الإجابة عنها بتعقيدات مرهقة، بينما أجابت عنها الكتب السماوية بردود واضحة وحازمة، تحسم الجدل. وقد حثت الرسالات السماوية والمدارس الفلسفية الصافية على ضرورة تكريم النفس الإنسانية. ومعلوم أن المناعة الجسدية تنعكس على قوة الجسد كذلك المناعة النفسية كلما قويت قلّت الأمراض النفسية وبالنتيجة تقل الأمراض العضوية. ويفترض التركيز على السبل المحققة لصيانة النفس ومنها التمسك بالإرادة، والثقة بالذات ومراجعتها، والإصرار على النجاح، وتحديد الهدف المطلوب بلوغه، والتصالح مع النفس، والتسلح باليقين والعلم، وعدم التعصب، والتفاؤل، والابتعاد عن التعميم. ونحن هنا لا نريد أن ندخل في نظريات أو أفكار علم النفس بل نحن نتحدث مع النفس (الذات والقارئ) مباشرة بعيدا عن الخلط في كثير من النظريات التي لم تتمكن غالبيتها حتى اليوم من زراعة السعادة في النفس البشرية. إن تهذيب النفس ورعايتها لا تقل أهمية عن رعاية الجسد، وربما، تفوق أهميتها على أهمية الجسد لأن النفس المُرهَقة والقلقة تقتل صاحبها، وتتركه يدور في الجحيم. وحماية النفس توجب العناية المركزة على تهذيبها بالتربية والتعليم والتثقيف، ولجمها عن مدمرات الفكر والجسد، وصيانتها من أصدقاء السوء، والأفكار الهدامة، والنظريات الهابطة التي تحاول الكيانات الشريرة تلميعها والتسويق إليها. ولا يمكن التغاضي عن دور الأخلاق الفاضلة في سعادة النفس، وإقبالها على الحياة بخطوات مليئة بالثقة والبهجة بينما الأخلاق السيئة تدفع الإنسان لكراهية الناس والحياة. إن التعامل القاسي، والأخلاق الجافة مع الآخرين قد تدفع العقلاء للشعور بالألم لأنهم حريصون على التفكير من أجل سعادة الآخرين، وربما، يتمنون لو تركوا الأمور بلا تخطيط، ولكن تجارب العظماء في الحياة علمتنا أن اليأس ليس من سمات العاملين، ولهذا يُفترض التحلي بالصبر والثبات حتى تحقيق الغاية من وجودنا على هذا الكوكب. وأَنْفُسنا هي الأجساد الشفافة غير المنظورة، والعناية بها تقود لصحة وسلامة الأجساد المادية المنظورة، ومن أكبر أسباب إرهاق النفس الإنسانية بالتعمق في السياسة لغير ذوي الاختصاص. لنرحم أنفسنا من ملاحقة السياسات الوضيعة لأنها تدمر النفس، وترهق الأعصاب، وتُعطل التفكير، ولنُلاحق السياسات الصافية لأن الإنسان والأوطان لا يُبنون إلا بالسياسات الرصينة. لنعتذر لأنفسنا على إهمالنا لها، وإرهاقها بالعكوف على فعاليات عبثية لم نجن منها إلا العداوات وضياع الصحة والأوقات، ومن ذلك عكوفنا، غير المُبرر، على الهواتف النقالة ولأكثر من عشر ساعات يوميا، وكذلك متابعتنا للحوارات السياسية السقيمة في غالبية مجاميع مواقع التواصل الاجتماعي النقاشية، والخالية من الفائدة والمليئة بالكراهية والهامشية والسطحية. لنعتذر من أنفسنا لأننا أنهكناها بأشياء لم نجن منها غير المشاكل والتعب. لنعتذر من أنفسنا ونرحمها لأنها أغلى ما نملك، وإلا فسنبقى ندور في دوامات عبثية سقيمة ومهلكة.
891
| 16 مارس 2024
يُقال بأن اللغة التي لا تتطوّر تندثر، وهذه حقيقة أثبتتها التجارب الإنسانية في التعامل مع اللغات، التي هي الأداة الأوسع في التواصل بين الشعوب. والكتابة الصحفية، وبالذات مقالات الرأي، متحرّكة ومتطوّرة لارتباطها بالإنسان والمجتمع وبتطوّرات حياة الناس اليومية، ومن هنا تأتي أهمية العناية بها. ومما لا خلاف عليه بين ذوي الاختصاص، وربما عموم الكُتّاب والقراء على حدّ سواء، بأنه لا يمكن القفز على دور الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في خلق جمهور يَميل إلى العبارات القصيرة، ويَنفر من الفقرات الطويلة، فضلا عن الدراسات والبحوث والمقالات.والكتابة من الأدوات القيّمة في التخاطب الإنساني، ولهذا حَدّد العديد من علماء اللغة وغيرهم بعض الصفات الواجب توفرها في الكتابة الإبداعية. ومن أبرز تلك الصفات الوضوح، وذلك لأن الخطاب الغامض لا يُحقّق هدف التواصل مع الآخرين.وينبغي أن تَتّسم الكتابة، أيضا، بالحيادية والموضوعية قدر الإمكان، وكذلك الإيجاز، والبعد عن الإطناب المُخِلّ. وسنركز على «خصيصة الإيجاز» باعتبار أن التعلّق بالإسهاب والإطالة من المشاكل التي تعاني منها الكثير من الكتابات اليوم. وقد صرنا اليوم في عصر مختلف تماما عن العصور السابقة، وهو ليس عصر التواصل والنقل والأكل السريع فقط، بل هو عصر القراءة السريعة، ولهذا يفترض أن تبتعد الكتابة عن تنفير القارئ، والسعي لشَدّه للموضوع عبر الأسلوب المُنَمَّق، والأفكار الجديدة والمشوقة والتنويرية، والتعليمية والتثقيفية! والإيجاز هو تنقية الكتابة من الشوائب اللفظية والفكرية، ومن الغموض والتعقيد. ومع ذلك قد تكون بعض المواضيع بحاجة إلى استدلالات أكثر وهنا يُجْبر الكاتب على إطالة الكلام، وهذا الأمر مختلف من حال إلى حال، وفي كل الأحوال فإن الإيجاز جزء من مهام العقل الذكي كون الكلام الموجز يدفع المتلقي لحفظه. ولهذا نجد أن الأمثال الدارجة والأقوال المأثورة والحكم الإنسانية لمختلف الثقافات والشعوب تمتاز بالإيجاز وتُتَداول على ألسِنة الناس لأنها موجزة، ومليئة بالحكم والخير والوعي والتجارب. وأتصوّر أن المقال الطويل ليس دليلا على القدرات البارعة لكاتبه لأن الصعوبة ليست في الإسهاب وإنما في إمكانية الإيجاز، والقدرة على توصيل الفكرة، وبمعان عميقة ورصينة، رغم قلّة الكلمات. وكلامنا لا يعني الدفع للإخلال بالمعنى لأن الإيجاز المشوّه خلل في الفكر، ويفترض أن تَكْتَمل الفكرة وإلا فهي فكرة مشوّهة.والغاية من الإيجاز هي الابتعاد عن إرهاق كاهل فكر القارئ بالعبارات الطويلة، والكلمات الغامضة الغريبة، وربما، المندثرة، وكذلك العمل على إيصال الرسالة، وإنعاش الفكر بكلمات سليمة وقليلة العدد، بعيدا عن التكلّف والحشو. ولا يغيب عن فكر الكاتب الحاذق أن لكل مَقام مَقالا يَليق به وبأهله، وهذه قاعدة دقيقة وذهبية ينبغي الاهتمام بها والعناية بتفحّصها والتركيز عليها. ولا يفوتنا التذكير بضرورة الدقّة في المعلومات الواردة بالمقال لأنها مسؤولية إنسانية، وأخلاقية، ومهنية، وتاريخية، وقانونية، ويفترض عدم استغلال رصانة المؤسسة الصحفية والإعلامية، وثقتها بكاتب المقال، وكذلك ثقة المتلقّي (القارئ) بالكاتب لتمرير معلومات سقيمة وضعيفة! وينبغي على الكاتب المُمَيّز أن يرتقي بكلامه إلى مستوى الفكر الإنساني الناضج، وتمحيص الكلام قبل نقله للجمهور.ونكاد نجزم أن النضج في الكتابة يقوم على اللغة السليمة الواضحة والبسيطة والموجزة بعيدا عن المفردات السقيمة، والبناء الركيك للجمل، والتكرار السقيم المُمِلّ. وهذا ما أكدت عليه كتب التراث التي ينبغي الرجوع إليها وتوظيفها بما يخدم عصرنا الحاضر الذي اختلفت فيه الكثير من المقاييس والموازين والتطلعات. وخلاصة الكلام يُفترض بالكاتب النبيه ملاحقة الحقائق وتصفيتها من الشوائب، والاقتصاد في الكلمات دون المساس بجوهر الأفكار المطروحة والمعلومات.
1014
| 11 مارس 2024
حينما كتب الراحل المصري «عبد الوهاب المسيري» (1938 – 2008) كتابه الكبير «انهيار إسرائيل من الداخل»، الذي هو عبارة عن مجموعة مقالات منشورة، كانت «إسرائيل» ترى نفسها في «قِمّة مجدها»!. والكتاب يُظهر زيف وهشاشة كيان «إسرائيل» من الداخل، ويَفضح الخلافات السياسية والفكرية والعقائدية والعسكرية والمجتمعية «الإسرائيلية». وتناول الكتاب، على سبيل المثال، هروب شباب «إسرائيل» من الخدمة العسكرية، والتي أرجعها الكاتب إلى جملة أسباب، وأبرزها: - سقوط نظرية الأمن الإسرائيلية. - وسقوط الأيديولوجية الصهيونية، وتصاعد معدّلات العلمنة، والاستهلاكية، والأمركة. ويؤكد الكتاب على أن الشباب الصهيوني لم يَعد يأخذ الأيديولوجية الصهيونية على محمل الجِدّ، وهذه الفئة تزداد باستمرار، لأن غالبيتهم من المهاجرين ودافعهم دافع اقتصادي مَحْض، ولا تشوبه أي شوائب أو ادّعاءات. وبعيدا عن الخوض في مواضيع الكتاب المميزة، يهمنا أن نقف عند السؤال الأبرز: هل ستنهار «إسرائيل» من الداخل، ومِن تلقاء نفسها، بسبب أزماتها وتناقضاتها الداخلية الحادّة؟ أشارت معطيات نشرت في تل أبيب، منتصف عام 2000م، إلى تفاقم ظاهرتي معاقرة الخمور وتعاطي المخدرات بين الطلاب «الإسرائيليين»!، وكذلك تآكل الحياة العائلية «الإسرائيلية»، وانتشار حالات الطلاق، وازدياد معدّلات العنف بين الأطفال والشباب، وتنامي الشذوذ الجنسي، رغم أن اليهودية الحاخامية التقليدية تُحرِّمه، إلا أن العديد من المذاهب الدينية اليهودية المعاصرة تَقبّلته! ويُخْتَم الكتاب بعبارة مهمة، وهي ضرورة مواصلة النضال اليومي ضد الصهاينة، وأن عوامل تآكل المجتمع الصهيوني هي عوامل يُمكن توظيفها، كما أنها «تُبين حدود العدو الصهيوني، وأنه ليس قوة لا تُقْهر، ولكن عوامل التآكل، بحدّ ذاتها، لا يمكنها أن تؤدي إلى انهياره»!. واليوم، وبعد أكثر من عشرين عاما على كتاب المسيري، يمكن أن نقف ونتساءل: هل تحققت نبوءة المسيري، وأن إسرائيل اليوم هي قريبة من الانهيار، وبالذات بعد السابع من أكتوبر 2023؟ حقيقة لا يمكن الجزم بهذه الفرضية على المدى القريب، ولكن المقاومة الفلسطينية أثبتت أن «إسرائيل» يُمكن إرباكها، والتأسيس لمرحلة هزيمتها التامّة لاحقا، وأن حرب الأنفاق قد أرهقتها، وحتى بعد قرابة خمسة أشهر من البطولات الفلسطينية تجد «إسرائيل» صعوبة كبيرة في كيفية السيطرة على مداخل ومخارج تلك الأنفاق! ويمكن القول إن العشوائية النارية الصهيونية في التعامل مع أهالي غزة في ملحمة «طوفان الأقصى» أثبتت أن «إسرائيل» في حالة ربكة، وتريد حَسْم المعركة بأي طريقة، ولو كانت بسحق كافة أهالي القطاع!. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية، يوم 7 كانون الثاني/ يناير 2024، أن حرب غزة تسببت بمواجهة «إسرائيل» لتحديات وصعوبات سياسية واقتصادية لم يسبق لها نظير، مع تأزم لوضع المجتمعات المحلية. وتَوقّع محافظ «بنك إسرائيل» أمير يارون، يوم 27/ كانون الثاني/ يناير 2024 أن تصل نفقات الحرب على غزة إلى 255 مليار شيكل (67.6 مليار دولار)! وهنالك أنباء نشرت يوم 27 شباط/ فبراير 2024، تتحدث، وفقًا لمسؤول مالي «إسرائيلي» كبير، بأن «إسرائيل» تُخطّط لجمع حوالي 60 مليار دولار من الديون هذا العام، وتجميد التوظيف الحكومي، وزيادة الضرائب، نتيجة لتضاعف إنفاقها الدفاعي لدعم حرب غزة، فضلا عن تأثير الحرب على جودة القطاعات التعليمية والصحية والخدمية. وهنالك أزمات حادّة أخرى تَتعلّق بالجيش «الإسرائيلي»، ونقلت صحيفة «يديعوت» الصهيونية السبت الماضي عن هيئة الأركان أن الجيش «يُطالب بـ(7500) ضابط وضابط صف آخرين، فيما لم توافق الخزانة سوى على (2500) فقط»! نهاية «إسرائيل» باتت وشيكة رغم همجيتها وقسوتها في التعامل مع غزة، وأن انهيارها من الداخل سيُسرّع من انهيارها الشامل، القريب والوشيك.
870
| 06 مارس 2024
يحتفل العالم سنوياً في العشرين من شباط/ فبراير باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية. والعدالة الاجتماعية من المصطلحات التي غَزَت الأدبيات الرسمية والسياسية والحزبية والثقافية، ولكنها عصية على التطبيق في غالبية دول العالم. وهذه المناسبة يفترض أن تكون مناسبة للعمل وليس للمرور عليها مرور الكرام الذين لا يعنيهم الأمر!. ومنذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 شباط/ فبراير يوما عالميا للعدالة الاجتماعية ونحن في حالة تزاحم معرفي بخصوص تعريف هذا المفهوم. وتعرف الموسوعة العدالة الاجتماعية بأنها «مفهوم معقد يشمل قضايا مثل المساواة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، ودولة الرفاهية، ومكافحة الفقر، وطلبات العمل، ومناهضة العنصرية وغيرها، والتي لها هدف مشترك هو بناء المزيد من العدالة والتقليل من الفوارق». ورغم أن الظهور الأول لمفهوم العدالة الاجتماعية كان في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي فإن الشرائع السماوية، وغالبية المدارس الفلسفية النقية والعلماء والحكماء، دعوا لمفهوم العدالة، ولكن يبدو أن التغيير فقط في إضافة (العدالة) إلى (المجتمع)، ولا أظن أن هذه الإضافة تدفعنا للتسليم بأن (العدالة الاجتماعية) قد ظهرت منتصف القرن التاسع عشر، بل هي قديمة قِدَم الإنسان على الأرض، وإن لم تُذْكر بهذا المصطلح (العدالة الاجتماعية) تحديدا. والعدالة الاجتماعية تشمل الجهود الرسمية لتقليل آثار آفات الفقر والاستعباد، والسعي لمحاربة البطالة، وضمان حقوق الإنسان. وتشمل أيضا الاحترام العقائدي والثقافي لكل إنسان، دون النظر للعرق والجنس والأبعاد الإنسانية والثقافية الأخرى؛ وبالتالي فالعدالة الاجتماعية منهج حياة لحماية الإنسان من كافة أنواع الظلم العقائدي والفكري والمالي والاقتصادي والاجتماعي، وزراعة الأمان والسعادة في الأرض. وتهدف العدالة الاجتماعية لمكافحة البطالة، وتمكين الفقراء، والشباب والنساء من أخذ دورهم في بناء المجتمع، وكذلك التوزيع العادل للثروات، وتكافؤ فرص التعليم، والوظائف العامة، وتنظيم العمل، ومنح العمال الأجور المناسبة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والعناية بذوي الاحتياجات الخاصة والعاجزين، وتوفير الحماية الاجتماعية، وتأمين الضمان الاجتماعي لعموم المواطنين. إن السياسات الخالية من العدالة الاجتماعية هي سياسات سقيمة، لأن بناء المجتمع من أهم عوامل بناء الدولة، وقوة المجتمع من قوة الدولة، وقوة الدولة من قوة المجتمع. فالمواطن الذي يجد أن الدولة تُحابي فئة من المواطنين على حساب فئة أخرى لأسباب عرقية أو مذهبية لا يمكن أن تكون علاقته بالدولة متينة ومستقرة. والمواطن الذي يَلمس أن الدولة لا تُميز بين المواطنين على أي اعتبار عرقي أو ديني نجده متمسكا بالدولة، ومستعدا للتضحية في سبيلها بالغالي والنفيس. ومؤكد أن من أهم واجبات الدولة النقية حماية الأفراد، والمساواة بينهم في المكاسب والامتيازات، وفي التعامل أمام القضاء، وعند تطبيق القانون. والعدالة الاجتماعية ينبغي أن تكون بوابة لتشجيع التكافل الاجتماعي، بين أفراد الأسرة الواحدة، والقبيلة، والحي والمدينة، والوطن. والعدالة الاجتماعية موجودة في بلدان تدعي التحضر، ولكن ذات تلك الدول تتجاهل، وتُغلس عن ضياع الإنسان حقوقه والعدالة في أماكن أخرى من الأرض، وربما، تدعم هذا الضياع، وهذا ما يحصل اليوم مع غزة، التي أصبحت رمزا لضياع معاني حقوق الإنسان، وفقدان العدالة الاجتماعية التي يتغنى بها «الغرب المتحضر» في قريتنا العالمية الصغيرة!. العدالة الاجتماعية المُزيفة كشفتها جرائم «إسرائيل» في غزة، وأثبتتها بجرائم القتل العمد، والحصار الاقتصادي، وظهرت العدالة المزيفة، أيضا، بالفيتو الأمريكي الذي عارض التصويت لوقف القتال في غزة، الثلاثاء الماضي!. لندعم العدالة الاجتماعية لتعزيز الإنصاف في العالم، ولتحسين مستوى حياة الناس، ولتقليل الفوارق الاجتماعية، وبالذات في التعليم والصحة والإسكان والخدمات العامة.
1059
| 27 فبراير 2024
هنالك عدة أنواع من الخطابات، ومنها الخطابات الدينية والسياسية والإعلامية، والثقافية، وغيرها. وتمتاز الخطابات السياسية عن غيرها بآثارها، الآنية والمستقبلية، الضخمة رغم تَأثّرها ببقية الأنواع، وتأثيرها عليها. والخطاب السياسي مُرْتبط بالدولة والإنسان، والحاضر والمستقبل، وقد يكون أرضية صالحة لبناء الأوطان، أو شرارة لحرقها وتدميرها وإدخالها في دهاليز مظلمة قاصمة للظهر! ويختلف الخطاب السياسي تبعا لظروف كل بلد، وتبعا لشخصية السياسي المُخَاطِب، والجمهور المُخاطَب. والخطاب قد يكون خارجيا بين الدول، وقد يكون داخليا بين الدولة وجماهيرها. ويفترض بالخطاب العاقل الحكيم ألا يتدخل في شؤون الدول الأخرى إلا في الحالات السلمية والإنسانية. ويَهدف الخطاب السياسي الداخلي إلى إيصال الخبر للجمهور، وكلما كان المُوْصِل للرسالة السياسية شخصية مُؤثّرة كلما كانت ثمرات الخطاب أكبر وأنضج. ويمتاز الخطاب السياسي الحكيم والناجح بالسهولة والواقعية والمنطقية، ويبتعد عن التضخيم والعبارات والإشارات الطائفية والهمجية والتخريبية والإرهابية. وتنبع صلابة الخطاب السياسي من القدرات اللغوية، وطريقة استخدام الكلام المناسب في المكان المناسب، وفقا لقاعدة لكلّ مقام مقال. وهذه تعتمد على الثقافة الشخصية للسياسي المُتَحدّث، ونجاحه في استخدام البراهين الداعمة لفكرته ورأيه، وهذه تستند على قوّة شخصيته وقدراته في بناء جسور الثقة مع الجمهور، وإتقانه لكلامه حتى لا يقع في هفوات لغوية، أو تاريخية، أو معرفية تُضْعِف خطابه، وتُقلّل الاهتمام بخطاباته المستقبلية. ومن هذه المنطلقات يفترض بالمسؤول الحكيم، السياسي المتألق، أن يَدْرُس خطابه قبل أن يُنْشر، أو يُطرح للجمهور، حتى ولو أُلقي بطريقة ارتجالية. ويفترض كذلك تنقية الخطابات من الكلمات والعبارات والإشارات التي تُثير الفتن الطائفية والسياسية والدينية والفكرية، وهذا يتطلب أن تكون هنالك هيئة خُبراء لمراجعة خطابات كبار المسؤولين والمتحدثين الرسميين، وكذلك لعموم المسؤولين البارزين لتكون خطاباتهم أساسا، ووسيلة لبناء روح التكاتف والتلاحم والوئام في المجتمع. وأصعب أنواع الخطابات هو الخطاب «الشعبي» الموجه إلى الجمهور، وذلك لأنه خطاب بسيط وحساس وينبغي أن يُبنى على الصراحة والدقة. والمنطق السياسي الحكيم يقوم على الأدلة والبراهين الصافية، وليس على التلاعب بالعبارات والحقائق والتحايل والالتفاف. ويُعَدّ الخطاب القادر على إقناع عموم الجمهور من أصعب أنواع الخطابات السياسية، لأن إقناع الجمهور من أبرز فنون التفاعل الإنساني، والذي يُظْهِر قدرات رجل الدولة في التعامل مع الناس. وصرنا، اليوم، أمام أزمة واضحة في الخطابات السياسية النقية والدقيقة والشفافة، وهذه إشكالية كبرى؛ لأن الجمهور يُمْكنه معرفة الحقيقة، وبالذات في عصرنا الذي يمتاز بسهولة الوصول إلى المعلومات، وعليه يُفترض بالخطاب السياسي أن يُبنى على الوضوح والدقة والشفافية والصراحة حتى يُحَقِق أهدافه بعيدا عن الأساليب الملتوية. ورجل الدولة لا يُعيبه صوته الأجش، أو جسمه الضعيف، ولكن الذين يُعيبه، وينهي تاريخه السياسي هو خداع الجماهير، وعدم مصارحتهم، ولهذا فإن المسؤول الحكيم يسعى، بصدقه وشفافيته، لإقناع المُتلقي ببرنامجه السياسي وطروحاته وقراراته. والواقع لم يَعُد الخطاب السياسي مرتبطا بالدولة فقط، أو بقادة وأعضاء الأحزاب، بل صار الخطاب السياسي الآن في متناول الجميع، وكل مَن يملك القدرة على الكلام المنمق والمرتب يمكنه أن يَفتح بابا لمخاطبة الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت). إن خطابات الإقصاء والتقليل من شأن الآخرين لا يمكنها أن تقنع الجمهور، وربما، تكون نتائجها السلبية أكبر بكثير من الأضرار التي قد تُلحق الطرف المقصود بالتسقيط. الخطاب مرآة عاكسة لشخصية المُتَكَلِم، ومن هنا تأتي أهمية وضرورة العناية بالخطابات السياسية، وبتطبيقها على أرض الواقع بعيدا عن التدليس والخداع.
1515
| 17 فبراير 2024
مهمة الإعلام كبيرة وخطيرة، ولهذا فإن تَجَنُب الموضوعية والمهنية، والميل نحو التحيّز مشكلة أخلاقية ومهنية ساحقة! وعَرّف «مجلس أوروبا» في العام 1997 (خطاب الكراهية) بأنه «جميع أشكال التعبير التي تنشر وتروّج أو تحرّض، أو تبرّر الكراهية العنصرية، أو كراهية الأجانب وغيرها من أشكال الكراهية القائمة على التعصب». ورسالة الإعلام هو الخطاب الذي تسعى الوسيلة الإعلامية لإيصاله للمجتمع، وتغذيته به. وقد تكون هذه الرسالة إيجابية، أو سلبية، أما الإيجابية فهذا هدف الوسائل الإعلامية الرصينة، والقريبة من الإنسان والخير، والبعيدة عن الشرّ والكراهية. أما الرسالة السلبية فهو الخطاب الذي يحثّ ويحضّ على الكراهية الموجهة لمجموعة من الأفراد، أو الدول، أو دولة بعينها، أو لكيانات شخصية وحزبية ومعنوية. ويفترض بالصحفي النقي، وكذلك المؤسسة الإعلامية الناجحة، أن يعزل أفكاره وتحيّزاته عند تناول أي قضية من القضايا حتى لا يَشط، ويبتعد عن الموضوعية والحيادية والمهنية. وخطاب الكراهية من الأفعال التي تحاسب عليها القوانين الدولية والمحلية للدول المعتبرة، لأن مَن يسعى لنشر التفرقة بين بني البشر، أو لتمزيق المجتمع يُمثّل صورة من صور الإرهاب الفكري التخريبي. وخطاب الكراهية قد يقوم على أساس ديني، (طائفي ومذهبي) أو عرقي، أو سياسي، أو فكري، أو عشائري أو حتى شخصي، وبالنتيجة هي خطابات أو محاولات لهدم وتخريب للدولة والمجتمع معا. إن من أبسط حقوق الإنسان (أي إنسان) أن يُحترم كيانه وألا تمسّ عقائده وأفكاره بأيّ خطاب همجي فوضوي مليء بالحقد والخبث. وبموجب التجارب الإنسانية القريبة ينبغي تسليط الضوء على خطورة وضرورة التحذير من خطابات الكراهية ضد المهاجرين والنازحين، والدول المحتلة كونها جرائم مركبة بحق الإنسان المظلوم، الذي يفترض أن يجد مَن يسانده ويقف بجانبه، وليس مَن يحرض ضده! إن تجنب خطابات الكراهية ينبع بداية من التربية الذاتية، والثقافة الشخصية للإنسان (الصحفي والإعلامي) ثم تُصقل، لاحقا، بأخلاقيات العمل في المؤسسات الرصينة. وتُوجب المعايير الصحفية والإعلامية على الصحفي (الإعلامي) أن ينقي قلمه ولسانه وأفكاره من الكراهية والبغضاء ليس للإنسان فحسب بل للحيوان، والنبات والجماد وللكون، وكل ما يحيط بالإنسان. وأخطر أنواع خطابات الكراهية تلك المدعومة من الدول أو كياناتها الأمنية والإعلامية، وهذا مؤشر سلبي أثبتت التجارب أن سلبياته أكثر بكثير من إيجابياته، هذا إن وجدت له إيجابيات! وهذا يعني أن هنالك إصرارا ونوايا خبيثة من وراء بثّ هذه السموم، وهي ليست مجرّد اجتهادات شخصية لصحفي في مؤسسة إعلامية! وتسعى بعض وسائل الإعلام والصحافة الشريرة إلى نشرّ الكراهية، وحقن التحريض ضد فئات محددة بقصد الإضرار بها ماديا ومعنويا. وخطاب الكراهية قد يصف الطرف الآخر، ظلما، وزورا، بالإرهاب والدونية، ويلصق به صفات بعيدة عن الإنسان. وكلامنا لا يعني أن المؤسسة الإعلامية والصحفية تغلّس أو تحابي الأشرار بحجة عدم إيذاء مشاعرهم، بل يفترض بها أن تحذر الدولة والناس من شرورهم! وهذا لا يعني، أيضا، أن الصحفي (الإعلامي) يفترض أن يبتعد عن التحيّز تماما، بل يفترض به أن يقف مع التحيّز الإيجابي المناصر للحقوق الإنسانية، والداعم للأبرياء والمستضعفين والمظلومين، والمواجه للمجرمين والأشرار، والمتلاعبين بالقانون، والمتاجرين بالدولة والناس! أما التحيّز السلبي، أو التحيّز ضد الحقيقة والسعي لطمسها وتهميش حقوق الإنسان فسيبقى وصمة عار في جبين وتاريخ الأفراد، والمؤسسات الصحفية والإعلامية! يفترض بالإعلام المثمر أن يساهم في إطفاء نبرات الكراهية، ويبتعد عن إيذاء مشاعر الأفراد الأنقياء والجماعات النقية، لأن هذه الأعمال بعيدة عن الأخلاق الكريمة فضلا عن أخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي.
972
| 12 فبراير 2024
لا شك أنه ما تذكر الحروب والمعارك إلا وتذكر الجوانب السلبية فقط، ويتغافل غالبية العقلاء والناس عن الجوانب الإيجابية للحروب رغم قساوتها وفاتورتها البشرية والمادية الباهظة! والجوانب الإيجابية في الحروب كثيرة وحاسمة، رغم الدماء والخراب والموت والتهجير التي تُخلّفها في الأوطان والأبدان والنفوس!. ومن أبسط الجوانب الإيجابية للحروب ظهور الدول والجماعات والكيانات والأفراد على حقيقتهم، وهذا ما أبرزته ملحمة غزة منذ أربعة أشهر. أظهرت غزة مجلس الأمن الذي يَدّعي أنه يسعى للحفاظ على الأمن والسِّلم الدوليين على حقيقته، وفضحت زَيْف شعارات المجتمع الدولي المتعلّقة بكذبة حقوق الإنسان. وكشفت غزة كيف أن العالم يُمارس إنسانيته بازدواجية مقيتة، ففي الوقت الذي يتباكى على أطفال أوكرانيا، نجده يغفل عن مقتل عشرين ألف طفل وامرأة، وتهجير أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني!. وأثبتت غزة أن أسطورة جيش «إسرائيل» الذي لا يُهْزم هي مجرّد دعاية دولية يُراد منها دعم الصهاينة وترهيب دول المنطقة. غزة قلعة البطولة والرجال صَمَدَت لأكثر من عقد ونصف العقد أمام وحشية الصهاينة وحصارهم الجائر، ورغم ذلك فقد أبهرت العالم بهجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي ستدرس في المعاهد العسكرية العالمية، لتميزها بدقتها، وتوقيتها، وجرأة التنفيذ والاقتحام لمناطق محفوفة بالمخاطر والقتل. غزة عَلّمَت العالم أن المستحيل لا مكان له في قاموسها، وقد بنى رجالها مدينة كاملة من الأنفاق تحت مدينتهم الظاهرة، والعدو، حتى اليوم، لم يكتشف ربع هذه الأنفاق التي كلفته الكثير من الخسائر البشرية والمادية. إن استمرار الحصار والقتل الجماعي بالسلاح والطعام لأهالي غزة لا يمكن أن يُزيد أهلها إلا المزيد من الصبر والتحمل، وكأنهم جنس نادر من البشر لا يشبهون بقية بني آدم على كوكب الأرض. لم نرَ، ولم نسمع مثل رجولة أهالي غزة إلا في الأزمنة المباركة والنادرة، هُم جيل يقاتلون بأرواح مليئة باليقين، وَهُم نماذج نادرة للتضحية والصمود. أثبت رجال غزة أنهم رجال المهام الصعبة، وأثبتت نساء غزة أنهن نساء نادرات في زمن الميوعة والرفاهية، وأثبت أطفال غزة أنهم أطفال بأجسادهم رجال بمواقفهم وصبرهم. ومن أبرز ثمار النضال الفلسطيني التوسُّل الصهيوني لدفع المقاومة للقبول بهدنة جديدة للحرب، ولتبادل الأسرى. ومن ثمارها تأكيد بريطانيا، الثلاثاء 30/1/2024، أنها «تنظر مع حلفائها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية». وآخرها مناشدة بنيامين نتنياهو وزراءه «عدم الخروج من الحكومة لأن ذلك سيضر بوحدة «إسرائيل». ومقابل هذه الصور الإيجابية أظهرت غزة عشرات المواقف السلبية، وجيوشا من الخانعين والمتصهينين الذين يفضلون الدم الصهيوني على الدم العربي. والمتصهينون سوسة قاتلة للكيان العربي، وجزء من مشروع صهيوني خطير، وإن انتسبوا للعرب بهوياتهم!. ويحاول المتصهينون صَمّ آذانهم عن آلام الفلسطينيين ويتجاهلون، عمدا، صرخات الأطفال والثكالى في غزة، وهذا الإجحاف جزء من مساهمتهم الخائبة في دعم «إسرائيل». لقد احتل الصهاينة أرضا ليست لهم، وطردوا قوما من بيوتهم إلى العراء، ومع ذلك نجد بين العرب مَن يتعاطفون معهم، وكأنهم هم أصحاب الأرض، وأن الفلسطينيين هم الغرباء! مهما حاول المثبطون والمتصهينون أن يَنخروا جسد الأمة فإن محاولاتهم مصيرها الهزيمة والفشل، وسنكون أمام مرحلة قريبة تكشف الحقائق، وتؤكد بالأدلة والبراهين الملموسة أن المجتمع «الإسرائيلي» مجتمع مزيف ومرقع من قارات العالم المختلفة. لقد علمتنا غزة أن الحقوق لا تُؤخذ بالخنوع والذل والهوان، وأن الرجال هُم الذين يحصدون النصر رغم التضحيات، وأن الأمم النبيلة تنهض بسواعد رجالها وعقولهم. أهل غزة هم قمم البطولة، وهم قمم الصمود والتحدي والأصالة.
1848
| 07 فبراير 2024
المعطيات الميدانية بأرض المعركة في غزة جميعها تؤكد أن «إسرائيل» وقعت في أوحال المقاومة، وأبهرتها صور الصمود والبطولة والرجولة الفلسطينية! ويحاول قادة الاحتلال، في الميادين السياسية والعسكرية، القفز على الحقائق، وأن يستخدموا النيران الكثيفة والقاتلة لتحقيق « انتصارات» وهمية، ولو على حساب الأبرياء من النساء والأطفال والمرضى، ولا يريدون أن يعترفوا بهزيمتهم الساحقة في غزة! ولقد وصلت الهزيمة لدرجة أن الاحتلال صار يعاني من كابوس اسمه «السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، 2023»، ولهذا رأينا التعليق المخجل والغريب لزعيم المعارضة الصهيونية «يائير لابيد» بخصوص افتتاح «مطعم للشاورما» باسم (7 أكتوبر) بمنطقة المزار في مدينة الكرك الأردنية بقوله: «تمجيد 7 أكتوبر المخزي يجب أن يتوقف، نتوقع إدانة علنية وقاطعة من الحكومة الأردنية»! إن الوحشية «الإسرائيلية» أحرجت الدول الغربية الداعمة لها، وقد قتلت الآلة الحربية، لحد الآن، أكثر من 27 ألف مدني في غزة، وأعداد المفقودين لا أحد يعرفها بالضبط، وهنالك حديث عن عشرة آلاف مفقود! وقد جرح وأصيب أكثر من 70 ألف مدني بإصابات مختلفة، خطيرة ومتوسطة، غالبيتها أصابت الأطفال والنساء! وأغلبية المعطيات في الداخل الفلسطيني المحتل تؤكد الهزيمة النفسية والمعنوية والميدانية للاحتلال، ومن بين صورها، الشجار الذي وقع يوم 20 كانون الثاني/ يناير 2024، وفقا لموقع «والا الإسرائيلي»، بين وزير الدفاع الصهيوني يوآف جالانت الذي حاول اقتحام مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى كادت الأوضاع أن تتدهور نحو شجار بالأيدي لولا تدخل حرس مقر نتنياهو، وبعدها هدد جالانت «بإحضار قوة غولاني للسيطرة على مجلس الحرب»! وأمام هذه العوامل المتنامية والمؤكدة للهزيمة الصهيونية نجد أن سلطات الاحتلال تحاول جعل غزة مكانا غير صالح للحياة نهائيا، ولهذا وصفت الأمم المتحدة القطاع بأنه «غير صالح للسكن»! وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2023 إن الدمار الذي أصاب منازل غزة لا مثيل له في حرب المدن الحديثة، وإن إعادة المنازل المدمرة سيستغرق ما بين 7و 10 سنوات! وقد دَمّر الاحتلال، وفقا للوزارات الفلسطينية المختصة، أكثر من ألف مسجد وعشرات المدافن، وأن نصف مستشفيات غزة أصبحت خارج الخدمة، وغيرها من صور الوحشية الصهيونية! وتستخدم «إسرائيل» اليوم سياسة تجويع المدنيين في غزة، فضلا عن نفاد المياه الصالحة للشرب، وهي جرائم حرب وفقا للقانون الدولي! الأوضاع المأساوية في غزة تقابلها أوضاع مليئة بالخوف والقلق في الداخل الصهيوني حيث المظاهرات المستمرة لعوائل الأسرى لدى المقاومة، والتي تقض مضاجع حكومة نتنياهو! وقد تطورت تلك المظاهرات بعد أن عجزت «إسرائيل» عن إقناع المقاومة بهدنة جديدة لتبادل الأسرى، ووصلت المطالب الجماهيرية إلى إجراء انتخابات مبكرة للإطاحة بنتنياهو! وهذه الأيام اختلفت الرؤية الصهيونية للحرب فبعد أن كانت غايتها إنهاء المقاومة وتحرير الأسرى الصهاينة، نجدها تؤكد حاليا على منع قيام «دولة فلسطينية» بعد أن أرغم الصمود الفلسطيني غالبية دول الغرب للحديث عن «حلّ الدولتين بين الفلسطينيين والصهاينة»! الربكة الصهيونية دفعت زعيم المعارضة يائير لابيد للقول إن «حكومة نتنياهو لا تستطيع إدارة الحرب ويجب تغييرها الآن». إصرار «إسرائيل» على الحرب، رغم وحشتيها، والخسائر الفادحة التي مُنيت بها، دليل قطعي على سعي قادتها للحفاظ على ما تبقى من «مكانة» لأحزابهم في الشارع الصهيوني! ولا ندري متى ستعلن «إسرائيل» أنها شبعت من دماء المدنيين في غزة وفلسطين؟ كل المعطيات تؤكد أن «إسرائيل» هُزِمت، وأن التاريخ سيسجل هذا الانتصار الباهر لفلسطين ومقاومتها الرجولية النادرة!
720
| 28 يناير 2024
يسعى الإنسان لضمان أمنه الحياتي والغذائي والصحي بعيداً عن المخاطر التي تُهدّد جسده وممتلكاته وفكره. والأمن كلمة قديمة قدم الإنسان على هذا الكوكب، والفعل أَمَّنَ على يؤمِّن، تأمينًا، فهو مؤمِّن، والمفعول مؤمَّن، وأَمَّنَ فلاناً: جعله في أمن، وهكذا جميع هذه المعاني اللغوية تصل لغاية واحدة تتعلّق بضمان حاجيات الإنسان الضرورية، ومنها الغذاء والدواء. ولا شك أن الحفاظ على حياة الإنسان من الضروريات الخمس التي حَثّت عليها الشرائع السماوية، والقوانين الإنسانية العادلة. وتختلف تعريفات (نظام التأمين الصحي الشامل) ولكنها بالمطلق يقصد بها: المنظومة التكافلية الاجتماعية التي تقدم الخدمات الطبية بجودة عالية لكل فئات المجتمع دون أي تمييز، وتتحمل الدولة كافة أعباء العلاج بمراحله المختلفة، سعيا لخدمة المواطنين وحمايتهم من تداعيات الأمراض. وبهذا فإن أنظمة التأمين الصحّي ليست حاجة ترفيهية، بل هي خدمات تتعلق بالإنسان وحياته الفكرية والنفسية والعائلية والإنتاجية، وحاضره ومستقبله. ويقع على الدولة مسؤولية تَكَفُّل علاج مواطنيها داخل البلاد وخارجها، لأن حماية حياة المواطنين وصحّتهم جزء رئيس من مهام الحكومات والدول المُعتبرة، وبخلاف ذلك يضيع الإنسان، المريض والسليم، في دوامات البحث عن العلاج الشافي. وهنالك بعض الدول يَضطرّ غالبية مواطنيها لبيع منازلهم وأغلى ممتلكاتهم لتوفير العلاج لمرضاهم، وبالذات بالأمراض السرطانية التي صارت تجارة لكثير من الأطباء والمستشفيات أكثر منها محاولات إنسانية لمعالجة المرضى، والتخفيف من معاناتهم!. وقد تابعنا أن الأموال المستهلكة في العلاجات السرطانية لا تثمر غالبا عن نتيجة، وتنتهي بالوفاة، وتدخل العائلة بعدها في دوامات جديدة. إن وزارات الصحة لا تقل أهميتها عن وزارات الداخلية والدفاع، وجميع هذه الوزارات تعمل للحفاظ على الإنسان، وبالتالي لا يمكن تصوّر مجتمع ناجح، أو ليس مريضا، في ظل ظروف صحية هزيلة، وخدمات طبّية لا يمكن وصفها إلا بأنها متأخرة بقرون عديدة عن دول أخرى في المنطقة، وليس في الغرب. وهنالك شعوب غنية ومع ذلك يحلمون بمستشفيات تُقدم خدمات جيدة، ولا تفكر بقضية التأمين الشامل؛ ولهذا يفترض أن تكون من أولويات المجالس النيابية أن تعمل على سن قوانين التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين، من الموظفين وغير الموظفين، والعناية ببناء المستشفيات والمراكز الصحية في عموم البلاد. والدول الحكيمة تضع في خططها الوطنية بناء القطاع الصحي وتطويره، وتهتم بكليات ومعاهد الطب والتمريض والصيدلة لأنها من الكيانات العلمية والخدمية اللصيقة بالإنسان منذ ولادته حتى آخر لحظة من حياته. الدول التي تحافظ على صحة مواطنيها تستحق الثناء والتقدير، والدول التي تتجاهل صحة المواطنين هي دول مريضة تحتاج للعلاج والتطبيب.
834
| 23 يناير 2024
لأول مرّة في التاريخ تجد «إسرائيل» نفسها أمام ملاحقة قانونية دولية حقيقية! وتتجه الأنظار، هذه الأيام، لمدينة لاهاي الهولندية، وقد تابع العالم يومي الخميس والجمعة 11/ 12 كانون الثاني/ يناير 2024 جلسات المحكمة الدولية المتعلقة بالجرائم «الإسرائيلية» في غزة! وقدمت جمهورية «جنوب أفريقيا» مرافعة للمحكمة الدولية اتهمت فيها «إسرائيل» بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة، المُوَقِّعة عليها، لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعية للعام 1948، وتتهمها بتعمد الإبادة الجماعية في غزة، وفشلها في منعها، وعدم معاقبتها للمسؤولين الذين يحرضون على الإبادة الجماعية! وتحاول «جنوب أفريقيا» دفع المحكمة لاتخاذ إجراءات مستعجلة لإيقاف مجازر غزة، ووقف عرقلة تدفق الاحتياجات الإنسانية إليها قبل قرارها النهائي لأن غزة تفقد، يوميا، مئات الشهداء والجرحى، وعليه يفترض المسارعة في اتخاذ الإجراءات العاجلة لتلافي المزيد من الخسائر، وجميع هذه الخطوات تُعدّ ضربات قانونية وسياسية «لإسرائيل»! ويعتبر تبرير «إسرائيل» بحضور أمام المحكمة الدولية للرد على ما أسمته «دحض الاتهامات السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني»! هذا التبرير بحد ذاته يؤكد تهكمها بالقوانين الإنسانية الدولية، واستخفافها بقيمة الإنسان الفلسطيني! وعليه كيف يمكنها تبرير جرائمها التي خلّفت أكثر من 24 ألف شهيد، وعشرة آلاف مفقود، وأكثر من 60 ألف جريح، ومليون ونصف المليون مهجر داخل القطاع، غالبيتهم العظمى يعانون من المجاعة! فهل جميع هذه الأفعال طبيعية وفقا للرؤية «الإسرائيلية»؟! وسبق «لإسرائيل» أن تجاهلت قرارات مجلس الأمن الداعية لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وتقديم المساعدات العاجلة لأهالي غزة! وبرز الاستهتار «الإسرائيلي» عبر إسقاطها لمئات أطنان المتفجرات على المنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات والجوامع والكنائس وكل شبر في غزة! ويَلفّ الخطر المحدق كل متر من غزة، وكأن «إسرائيل» تريد محو القطاع وأهله من الوجود في جريمة بشعة لم نر مثيلا لها حتى في الحرب العالمية الثانية! ورغم أننا في فصل الشتاء القارس في فلسطين إلا أن الفلسطينيين ينامون في العراء وفي خيام هزيلة، ويعانون من أزمات إنسانية قاتلة في المجالات الصحية، والإغاثية! وتعاني غزة من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وكأنهم في بقعة من الأرض مليئة بالموت والخوف والإرهاب، وكذلك الصمود والتحدي، بينما الغالبية العظمى من دول العالم صامتة! وتسعى «إسرائيل» بجدية كبيرة لترهيب أي مسعى لتقديم المساعدات لغزة، وهذا الترهيب جزء من محاولاتها للانتقام من الفلسطينيين، وقتل المزيد من الأبرياء نتيجة المجاعة والحصار! حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها «إسرائيل» في غزة اليوم، يفترض أن تُحاسب وتُعاقب عليها، وإلا فإن القانون الدولي الإنساني سيبقى بموقف هشّ، وسيتحول العالم لغابة كبيرة، يقتل القوي فيها الضعيف، وهذا المآل لا يليق بالإنسان! ولا ندري ما ذنب الأطفال الذين كُتِبَ لهم النجاة بينما عوائلهم مُحِيت بالكامل من الوجود؟ ويبدو أن الأدلة المقدمة للمحكمة الدولية كانت أدلة جيدة، وتثير الإعجاب حقيقة! وقال «رونالد لامولا» وزير عدل جنوب أفريقيا، إن «إسرائيل أخفقت في الرد على ما تقدمنا به ومتمسكون بوقائع القانون والبراهين التي قدمناها»! ولاحظنا دعما عربيا ودوليا وشعبيا للمحاكمة نتيجة الوحشية «الإسرائيلية» في غزة، وهي انطلاقة مهمة لإقامة العدل، ولو بشكل نسبي في العالم! ومعلوم أن قرارات المحكمة الدولية لا يُبتّ بها بسرعة، ولكن الجانب المُلفت بالموضوع هو تسليط الضوء على الهمجية «الإسرائيلية»! المحكمة الدولية أمام اختبار حقيقي في ضرورة استصدار قرار حازم وجازم ضد الكيان الصهيوني وقادته، وذلك من أجل الحفاظ على السلم العالمي، ومنع تنامي الإرهاب في الأرض!
765
| 15 يناير 2024
يقصد بمفهوم «العنف الأسري» أنه الأفعال الجسدية أو النفسية أو العاطفية أو الاقتصادية المؤثّرة في الفرد الآخر، سواء داخل الأسرة الصغيرة، العائلة، أو الأسرة الكبيرة، العشيرة. وتنامت في عصرنا الحاضر العديد من الظواهر المخيفة التي تُدلّل على هشاشة الترابط الإنساني، وقلّة الوعي بقيمة البيت الساكن، والحياة الآمنة الناعمة، وبرزت هذه الهشاشة بشكل كبير وعملي في «العنف الأسري»! ويساهم «العنف الأسري» في تهديد سلامة الفرد والمجتمع وبالمحصّلة النهائية الدولة، ولهذا فنحن لا نَتحدّث عن مشكلة شخصية وأسرية يمكن أن تنتهي خلف جدران المنزل، بل هي معضلة مجتمعية، قومية وإستراتيجية، ينبغي التوقف عندها وتفحص أسبابها والعمل قدر الإمكان على تقليل آثارها التخريبية، للحفاظ على كيان الإنسان والمجتمع والدولة. ولا يذكر «العنف الأسري» إلا ويذكر العنف ضد الزوجة، ولكن لا تذكر أنواع العنف الأخرى، ومنها العنف ضد الأطفال، وضد النساء المطلقات أو اللاتي فاتهنّ قطار الزواج لأسباب اجتماعية أو صحية وغيرها. ومن أبشع أنواع «العنف الأسري» هو العنف النفسي القائم على تهديم نفسية الإنسان، البنت أو الابن وغيرهما، وتداعياته لا تعالج بسهولة، وقد تقود لآفات مجتمعية أخطر وأشدّ، ومنها الهروب نحو المخدّرات ورفاق السوء!. إن «محاربة» الأسرة للأبناء، في وقتنا الحالي، المليء بالكثير من المغريات، وربما، «البدائل» عن الأهل، ومنها العلاقات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي، أو أماكن الدراسة والعمل، هي معضلة خطيرة ينبغي الانتباه إليها والسعي لمعالجتها. ومن أبرز أسباب «العنف الأسري»: - الفهم السيئ للدين، وعدم الصبر والتحمّل والتدرج في معالجة الحالات السلبية. - البيئة السقيمة القائمة على تقليل دور الإناث والعناية بالذكور. - السياسات الخبيثة الساعية لتفكيك الأسرة، المجتمع. - الحروب ونتائجها التخريبية، ومنها الهجرة الداخلية والخارجية. - الثقافات العليلة، وقلّة الوعي بأهمّية الأسرة في بناء الإنسان. - اختلاف الثقافات والمفاهيم بين الأجيال السابقة والجديدة. - ضعف الميل نحو التعليم الهادف لبناء الإنسان والمجتمع وبالنتيجة الدولة. - سوء اختيار الزوجة، وحتى الزوج، والتي تُعدّ المرحلة الأخطر، وحينما نفشل نرمي الكرة بملعب «القسمة والنصيب»، بينما المطلوب شرعا، وعقلا البحث عن المرأة المناسبة، والزوج المناسب. - تعتبر الظروف المعاشية من أسباب «العنف الأسري»، وبالذات حينما يحاول بعض الأبناء «التغليس» على قدرات العائلة المالية، وبالتالي تنشأ حالة التنافر والتناحر، والتي ستقود بالنهاية لتنامي «العنف الأسري». - التطور المذهل في الاتصالات التي قربت البعيد وبعدت القريب، وخلقت مشاكل أسرية مركبة تقود للعنف. إن الحَلّ الأنجع لهذه الآفة، يبدأ من البيت، ومن الضروري أن تُحاول الأسرة، قدر الإمكان، نشر أجواء التآلف والمحبّة مع الأولاد، والعمل بموجب سياسة التعاون المشترك لمواجهة ظروف الحياة المختلفة. وجميع الحلول العائلية لا يمكن أن تُثمر إن لم تقم على الاحترام والتقدير والعرفان، وإلا فإن نكران الجميل من أشدّ وأخطر الوسائل التدميرية للأسرة. ولا ننسى دور المدارس والجامعات ومراكز البحث والكيانات الدينية في التحذير والتقليل من «العنف الأسري». ولخطورة «العنف الأسري» ولشدة آثاره المهلكة تعمل الدول «الملوّثة» على تجاهل آثاره المجتمعية، وتسعى لتوسيع انتشاره لأنه يقود إلى هشاشة الإنسان، وضعف التفكير، وإهمال الحاضر وضياع المستقبل، وبالمحصلة التغاضي عن سياساتها التخريبية!. يفترض بالدولة النقية أن تكون بديلا عن الأُسر السقيمة، وتكون هي الحامي للمواطنين في مراحل حياتهم الأولى حتى يصلوا لمراحل النضوج الفكري والعقلي. التصدع الأسري قنبلة موقوتة، ويفترض بالدول الحكيمة مواجهتها قبل أن تنفجر، وتدمّر الإنسان والمجتمع والدولة، وحينها لا ينفع العمل ولا الندم.
852
| 10 يناير 2024
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
5190
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4401
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4251
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1587
| 26 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1302
| 28 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1299
| 29 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1053
| 29 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
939
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
825
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية