رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عَرَف الإنسان البيع والشراء منذ القدم، وكانت صوره بدائية تماما مثل حياة الناس حينها، وكانت البيوع، قديما، تتمّ بالمقايضات، ويقال بأنها استمرت حتى الألفية الثالثة قبل الميلاد. ولاحقا اختلفت أساليب التبادل التجاري بعد أن بدأت النقود تتبلور بشكلها الحالي، وتحديدا منذ عام 600 قبل الميلاد، عندما سَكّت الحكومة الليدية «منطقة الأناضول القديمة» عملة معدنية من الذهب والفضة، لتكون أول عملة وطنية. وبمرور الزمن تطوّر البيع والشراء بالعملات العالمية والمحلية، وفي العقدين الأخيرين صار التبادل التجاري عبر الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، وبكبسة زر. والبضائع المُبيعة تشمل الحاجيات الأساسية والضرورية والكمالية والترفيهية. والغريب أن البيع والشراء وصل لقضايا من المدهش أنها تدخل سوق البيع، ومنها شراء أقلام بعض الصحفيين والكتاب، وبيع رسائل الماجستير والدكتوراه وأبحاث الترقيات العلمية والوظيفية!. وبخصوص الأقلام الصحفية فإن غالبية الصحف والقنوات الفضائية ومراكز الدراسات والمواقع تنشر ما يتفق مع سياساتها، وبالتالي نجد بعض الكتاب يقلب رأيه ليتفق مع سياساتهم لضمان حصوله على «المكافأة»! واذكر موقفا ذكره لي مدير لقناة عراقية في دولة عربية بقوله: كنا ندفع مكافأة مقابل اللقاءات التلفزيونية، واتصلنا بأحد المحللين السياسيين وأخبرناه بموضوع اللقاء الشائك، وعند وصوله قال لنا: أنتم ماذا تريدونني أن أقول؟ وهذه كارثة تؤكد أن القضية مالية وبعيدة عن الموضوعية والرأي السليم!. ومن المهلكات غير المنظورة المكاتب والمراكز التي تعرض خدماتها مقابل مبالغ مالية ضخمة لكتابة رسائل الماجستير والدكتوراه وبحوث الترقية، وفي جميع التخصصات مع «ضمان الجودة والسرعة والأمانة»! والسؤال الذي يبرز هنا هل العلوم والترقيات بضاعة تُباع وتُشترى؟ ربما هنالك من سيقول نعم، العلوم بضائع تباع وتشترى بدليل دور الطباعة والنشر التي تدفع للكتاب، وأيضا المحاضرات والدروس التي يدفع لأصحابها. والجواب على هذه الاعتراضات بسيط كون البيع هنا لجهود حقيقية من الكتاب والعلماء والمحاضرين، ولكن اعتراضنا الحالي يتناول قضية بيع الرسائل العلمية التي يفترض أن تكون من جهود كاتبها وليس من جهود الآخرين!. وعليه فإن كانت تلك المكاتب والمراكز تتعهد باختيار المواضيع وتقديم المقترحات للجامعات ذات الصلة، وبعد قبولها يكتبون الرسالة من الألف إلى الياء، فأين دور الباحث؟ تولي المراكز والمكاتب التجارية كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه وبحوث الترقية يُعَدّ خيانة للعلم، وللعملية التعليمية والتدريسية، والطالب، والباحث المفترض، الذي يحصل على هذه الشهادة أخطر من أيّ مزوّر في عالم الجريمة لأن تزوير العلوم من أكبر أنواع التزوير. والمذهل أن غالبية الرسائل العلمية والبحوث تُكْتب مِن قبل بعض أساتذة الجامعات الذين وجدوا في هذا العمل «غير القانوني والمَعِيب» موردا ماليا مُهمّا، ربما، يفوق رواتبهم الجامعية، بينما ينحصر دور «الباحث» والدكتور المُقْبِل والمُعيد، ربما، في ذات الجامعة بدفع الأموال فقط!. ولا أدري هل هذه ميزة أخرى يمتاز بها أولاد الأغنياء على الفقراء، أم هذه آفة أخرى تضاف للترف المالي الذي يسحق بعض العوائل؟ منطقيا يمكن قبول إسناد دور المراجعات اللغوية والنحوية لمكاتب مختصة، وهذا ممّا يَدْعم الرسائل العلمية، أما أن يجلس «الباحث» في بيته، ويقضي مرحلة الكتابة في حالة سُبات تامّ لحين إتمامها من المكاتب التي تبيع العلوم، ويذهب للمناقشة دون أيّ جهود حقيقية فهذه حالة خطيرة وشاذة!. يفترض بالحكومات النقية والجامعات الحكيمة متابعة هذه الظاهرة والسعي لتحجيمها، قبل أن نجد أنفسنا أمام جيل من « الخريجين والموظفين بمختلف التخصصات» لا يعرفون أبجديات العلوم وهم يحملون شهادات عليا في العلوم الدقيقة المُتعلقة بمستقبل الوطن ومصير المواطنين!.
669
| 08 يوليو 2024
جاء في قواميس اللغة العربية أن مَوَّهَ: (فعل)، وموَّهَ يموِّه، تَمويهًا، فهو مُمَوِّه، والمفعول مُمَوَّه – للمتعدِّي! ويقال مَوَّهَ الحقيقة: أَلْبَسَهَا الباطل، وأَفْسَدَهَا، وزَوَّرهَا عليه وزَخْرَفَهَا على خِلاَفِ ما هي عليه. ومَوَّهَ عليه الأَخبار، زَوَّرهَا، ومَوَّهَ الشيء: طلاه بفِضَّة أَو ذهَب وليس جوهرُه منها! والتمويه ليس «فَنّا» من الفنون الأدبية، والعسكرية، وإنما يقال (فنّ التمويه) جزافا، وهناك مَن يرى أن التمويه «فنّ» «يعتمد على تناسق الأشكال مع الألوان المناسبة»! والتمويه، ربما هو نوع من التمثيل (الحقيقي)، إن صح التعبير، ولهذا يُقال التمويه «عملية إخفاء حقيقة الشيء تحت رداء مستعار بغية التضليل، أو المفاجأة، أو الإغراء، أو الخداع». والتمويه ممارس بوضوح في عالم الحيوان، وبالذات بالنسبة للحرباء والكثير من الحشرات في البر، وبعض أنواع سرطان البحر، والضفادع وبعض الأسماك، وكذلك الفراشات، وغالبيتها تمتلك القدرة على التشكل وفقا للمكان الذي تتواجد فيه! والتمويه «فنّ» قاتل ومزور للواقع استخدمه الإنسان والحيوان على حدّ سواء عبر الزمن وذلك لخداع الفريسة، أو العدو! والحقيقة يمكن تسمية «التمويه» بالمهارة، وهذه الكلمة أدق من كلمة «الفنّ»، ولهذا رأينا أن «مهارات التمويه» برزت عبر خداع العدو ببنايات وأهداف وهمية، وحتى بالمدن والمطارات الوهمية، بينما القطعات العسكرية الحقيقة تكون في أماكن أخرى، غير ظاهرة، ولم يُسَلَط عليها الضوء، وقد تكون وصلت للأهداف الحقيقية! ولا يُذكر «التمويه» إلا وتذكر العمليات العسكرية والحروب، ورغم أن هنالك مَن يرى أن التمويه استُخدم لأول مرة في الحرب العالمية الأولى، عبر استخدام تلوين الأماكن والملابس وإخفاء الأسلحة وغير ذلك من الأساليب إلا أن هذا القول لا يُمكن التسليم به كون «التمويه» لصيق الحروب، وهو جزء من الخديعة والمكر، وقد عرفه العرب وغيرهم منذ مئات السنين ولكن، ربما، لم يُدَوّن في كتب التاريخ بهذه التسمية! واليوم، ومع التطور الهائل في التكنولوجيا والتصوير الثلاثي الأبعاد وغيرها، يمكن للتمويه أن يُستخدم بأساليب أكثر دقة، وخداعا في الحروب، وحتى في التجارة والتسويق! ومع استخدام الإنسان التمويه في الحروب والصيد، لاحظنا أن «التمويه» استخدم أيضا في السياسة، وليس في الميادين العسكرية فقط! ونحن لا نريد أن نخوض في دراسة أساليب التمويه البشري الواقعي والعملي عبر الألوان ومزجها، وتقنيات ما يحيط بالميدان العسكري، ولكننا نريد أن نؤكد أن «التمويه» السياسي وغير السياسي يمكن أن يكون بالخطابات والوعود وخداع العقول وليس خداع العيون والأنظار عبر التمويه الميداني! والتمويه في السياسة له العديد من الصور، وهي في الغالب ظاهرها الرحمة والإنسانية والعدالة والخير والنجاح، وباطنها الانتقام والوحشية والظلم والشر والفشل! وخداع الجماهير أشرّ أنواع «التمويه»، وبالذات في المراحل السابقة للانتخابات، وأوقات الأزمات، وهذا النوع من «التمويه»، ربما، يصل في المراحل المرتبطة بمستقبل الناس والوطن إلى الخيانة العظمى! إن الفرق بين التمويه مع الأعداء والتمويه مع الجماهير يتمثل بكون الأول مقبولا، بل ومطلوب حتما لتحقيق الظفر وغلبة الأعداء، والثاني مَعِيب، بل وقاتل للمستقبل السياسي لأي «سياسي» يبني برنامجه الانتخابي على الخداع والكذب والوعود الفارغة! قطعا إن السياسي المُمَوِّه يخدع نفسه قبل أن يخدع الجماهير، ولكن بالمقابل فإن المواطن المُمَوَّه إن أعاد انتخاب أو تصديق السياسي المُمَوِّه فهنا يقع اللوم على المواطن رغم ارتكاب السياسي لجريمة التمويه! يفترض أن تكون هنالك حملة شعبية وإعلامية لكشف السياسيين المُمَوِّهين وإثبات تَمويههم، والتأكيد بأن التمويه خيانة وكذب وتضليل! ولا خلاف بأن السياسي الخائن والكذّاب والمُضلِّل لا يُوثق به ولا بوعوده!
1041
| 02 يوليو 2024
هنالك حاجيات مادية أساسية للإنسان لا يمكنه العيش بدونها، وهي الهواء والماء والطعام. ولا يمكن للإنسان أن يعيش بلا هواء لأكثر من ثلاث دقائق إلا في حالات نادرة قد تصل لخمس أو عشر دقائق! أما بالنسبة للماء فربما يمكن العيش لأسبوع في أعلى التقديرات، وهذه تختلف من إنسان لآخر! أما بخصوص الطعام فإن التقديرات العلمية تشير إلى أن إمكانيات التحمُّل الإنساني للجوع تُقدّر بالأسابيع وليس بالدقائق والساعات والأيام، وقد تصل إلى شهرين في حالة حصل الجسم على كفايته من المياه. وحينما يُحْرم الإنسان من الهواء يختنق، وحينما يُحْرم من الماء يموت بسبب الجفاف، وحينما يُحْرم من الطعام يموت بسبب الجوع. والجوع إحساس مزعج لنقص الطاقة الكافية لتغذية خلايا الجسم. وهذه الحالة تضعف النظام العام في الجسم بسبب نقص السعرات الحرارية! وتؤكد الأمم المتحدة أنه من المتوقع أن يواجه أكثر من 600 مليون شخص في العالم معضلة الجوع في العام 2030! والجوع ليس فقط بسبب نقص المواد الأساسية للحياة وفي مقدمتها الحنطة والأرز والذرة، ولكن بسبب السياسات الشريرة الهادفة للحفاظ على أسعار الحبوب، والهيمنة على مقدّرات وإمكانيات الشعوب الضعيفة، وكذلك بسبب الفساد الإداري الذي يدمر الاقتصاد المحلي، وينعش الاقتصاد الأجنبي! ومن أسباب الجوع البارزة، وبالذات في بلداننا العربية، هو الهدر في الطعام، وقد أكد تقرير «مؤشر هدر الغذاء» التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الصادر بداية العام الحالي، أن نحو 931 مليون طن من الطعام تهدر سنويا! وأكد ذات المؤشر بأن الأسر أهدرت في جميع القارات أكثر من مليار وجبة يوميا عام 2022، في حين تضرر 783 مليون شخص من الجوع! والمؤلم أن متوسط إهدار الفرد العربي الواحد للطعام في السنة وصل حَدّ 100 كيلوغرام بأكثر من 40 في المائة من المعدلات العالمية، وفقا لمؤسسة “فيتش سوليوشنز” المتخصصة. وهذه الكميات الهائلة من الطعام العالمي والعربي المهدور كافية لإطعام الفقراء في العالم، فكيف يمكن تَفَهُّم الأمر وهنالك فقراء في ذات الأماكن التي تهدر فيها مئات أطنان الطعام؟ وسبق لمنظمة «أوكسفام» (Oxfam) الدولية أن قالت بأن حوالي 11 شخصا يموتون كل دقيقة بسبب الجوع وسوء التغذية في العالم! ووفقا للتقرير العالمي حول الأزمات الغذائية الصادر نهاية نيسان/ أبريل 2024 واجه أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص في 59 دولة انعدام الأمن الغذائي الحاد عام 2023. ولا يذكر الجوع اليوم إلا ويذكر أهالي غزة الذين ينتظرون الموت بالقنابل الصهيونية الإرهابية والحصار الاقتصادي الخانق. وبسبب الحصار الصهيوني القاتل على غزة توقع مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يوم 12 حزيران/ يونيو 2024، بأن نصف سكان غزة يواجهون الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل! ويبدو أن أطفال غزة هم الضحية الأكبر في حرب التجويع حيث أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في 7 يونيو/ حزيران 2024 بأن 9 من بين كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء! إن محاربة الجوع مسؤولية إنسانية قبل أن تكون مسؤولية رسمية حكومية دولية أو داخلية، ولهذا ومن أجل حماية الإنسان على كوكب الأرض ينبغي العمل للقضاء على الجوع كُلٌ في منطقته ومحلته ومدينته ووطنه، وبالتالي، وبتكاتف الجهود، نكون قد سرنا على الطريق الصحيح والآمن والعلمي للقضاء على الجوع عبر محاربة الهدر بالطعام، وترتيب الطعام المتبقي لإطعام الفقراء وبأساليب حضارية تحفظ كرامة الفقراء وتصون إنسانيتهم! حاربوا الجوع بثقافة الاقتصاد، ومد يد العون للفقراء! ولا ننسى أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين!
681
| 23 يونيو 2024
السياسة كلمة ضخمة وضابطة لحركة غالبية الدول والجماعات والأفراد منذ مئات السنين. وكل ما يجري حولنا في العلاقات الدولية والداخلية والمنزلية تَتحكّم فيه مفاهيم سياسية تَختصّ بكل صنف منها. والسياسة فنّ أو علم حُكْم الدول والمجتمعات الإنسانية وتنظيم شؤون الحياة العامّة والخاصّة، وهي من العلوم المختصّة بدراسة ممارسة السلطة لتحقيق غايات مُعيّنة في إطار الدولة، أو المجتمع. وهذا الفنّ المتعلّق بالدولة مارسه مجموعة من السياسيين يتمّ اختيارهم إما من الشعب أو من النخب لإدارة زمام الأمور على مَرّ العصور. والسياسة ليست لعبة لهو أو مضمارا لتضييع الأوقات والأموال والجهود بل هي ممارسة لنشاط هادف يسعى لتحقيق أهداف عامّة نافعة وخادمة للدولة والمجتمع، وهذه هي السياسة الإيجابية. وبالمقابل هنالك السياسة السلبية العبثية التي تُمثّل الناس تمثيلا صُوَريّا مزوّرا ومُزيّفا، وهذه من أخطر أنواع السياسات الضاربة للدولة والمجتمع، والحاضر والمستقبل!. وبالأمس كُنّا نسمع بالدكاكين السياسية، ولم نكن نستوعب معناها الدقيق!، وحينما كبرنا، واستوعبنا بعض الحقيقة، عرفنا لماذا يطلق على بعض الأحزاب والكيانات السياسية، وحتى بعض الشخصيات البارزة، بأنها دكاكين سياسية، أو مُلاّك لدكاكين سياسية. والدُكّان، وجمعه: (دكاكين) هو المتجر والحانوت، وبلغة اليوم هو السوبر ماركت، والمتاجر الكبرى التي تبيع حاجيّات الناس المختلفة. والفرق بين الدكاكين الحقيقية التي تبيع حاجيات الناس الضرورية والكمالية وبين الدكاكين السياسية أن الأولى تبيع للناس حاجيّاتهم حقيقة وبوضوح وبأسعار ظاهرة، وبلا كذب، ولا خداع في غالب المحلّات. أما الدكاكين السياسية فبضاعتها، بضاعة وهمية قائمة على بيع الوطن والناس وقضايا الأمة الكبرى والصغرى، وتجارتها، تُرَوّج عبر الخطابات الرنّانة المليئة بالوعود الضخمة، والوردية، والقائمة على التلاعب بمشاعر الناس، وبالذات الفقراء منهم!. إن تجار القضايا الوطنية والقومية والشعوب والحروب من أبشع الناس لأنهم يمتازون بالكذب والخداع والتزوير والنفاق والتلاعب بمشاعر الجماهير!. ويؤكّد علماء السياسة أن السياسة تمثّل القواعد المُنظّمة لعلاقة الحاكم، أو المسؤول بالناس، وهذا يعني أن العلاقة بينهما ليست عبثية بل قائمة على أسس متينة أبرزها الصدق والوضوح والشفافية والوفاء بالعهود من كلا الطرفين. فهل نضع الوعود الكاذبة في خانة السياسات، أم خانة المؤامرات على الوطن والناس؟ أظن، وبلا تردّد، أن السياسي الذي يُغلّف برنامجه الانتخابي، وخطاباته العامة بالمشاريع المزيفة، والوعود الفضائية، والكلام المبالغ فيه، هذا السياسي لا يقل خطورة على الوطن من الإرهابيين لأن كليهما يقتلان الحياة، فالأول يقتلها ببناء الأسس الهزيلة والوهمية المخرّبة للدولة والناس، والثاني يقتلها بالسلاح والتخريب!. إن السياسي الذي يُقدّم الوعود الكبيرة في الخطابات الجماهيرية والرسمية ثمّ يَتنصّل عنها ويَتهرّب منها من الظلم أن يدخل عالم السياسة. ومَن يظنون أن السياسة هي فنّ الكذب، هم ساقطون أخلاقيا، ولا يملكون ذرّة من الرجولة والقيم والمبادئ، لأن السياسي الكَذّاب لا يؤتمن على الوطن والناس، ويمكن أن يتاجر بهم في أي فرصة وأي مكان. ويتوجّب أن نوضح حقيقة دور الجماهير في دوام واستمرارية هذه النماذج المخادعة في سَدّة الحكم وفي المناصب المتنوعة، ويفترض بالمواطن، الناخب، ألا يلدغ من الجحر مرّتين وألا يُعيد انتخاب السياسي الذي يقدّم الوعود المزيّفة، وإلا فإن الناخب هنا ليس ضحيّة وإنما شريك في المؤامرة على الوطن والمواطنين. لتكن هنالك حملة وطنية في كل بلد تنمو فيه الطفيليات السياسية، تدعو لضرب مشاريع السياسات الكاذبة، وتشجيع السياسات الصادقة القائمة على الواقعية والوعود الدقيقة والقريبة. لا تقتلوا الناس بسياسات مليئة بالكذب والتزوير والعبثية، وابنوا الوطن واحموا الناس بالعمل والصدق والنزاهة والشفافية.
1407
| 16 يونيو 2024
أُقرّت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وعُرِضَت للتوقيع وللتصديق أو للانضمام بقرار الجمعية العامة المرقم 260 ألف (د-3)، والمؤرخ في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1948. وبيّنت المادة الثانية من الاتفاقية أن الإبادة الجماعية تعني أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: (أ) قتل أعضاء من الجماعة. (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة. وقد ذكرت المادة الأولى من الاتفاقية بأن الأطراف المتعاقدة تصادق على الإبادة الجماعية، سواء ارتُكِبَت في أيام السلم أو أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها. وبقراءة ومتابعة الجرائم «الإسرائيلية» في عموم فلسطين نجد أن «إسرائيل» قد استخفت بالقوانين الدولية، وآخر جرائمها مجزرة يوم 28/5/2024 حيث قتل أكثر من 50 شخصا في رفح على الحدود المصرية جنوبي غزة. وهذه ليست المجزرة الأولى للاحتلال، وسبق لوزارة الصحة في غزة، نهاية شباط/ فبراير 2024، أن كشفت عن إحصائية لعدد المجازر الصهيونية التي ارتكبها الاحتلال منذ بدء «الإبادة الجماعية على غزة» في السابع من أكتوبر الماضي، وأن الاحتلال ارتكب 2581 مجزرةً خلال 141 يوما من العدوان المتواصل على كافة مناطق غزة، وأدت المجازر إلى ارتقاء أكثر من 36 ألف شهيد ومفقود، وإصابة أكثر من 69 ألفا آخرين بينهم 11 ألف إصابة تستدعي عمليات جراحية «معقدة» و»طارئة» في الخارج. ومجازر غزة ليست الأولى في تاريخ المجازر الصهيونية في فلسطين منذ عام 1948، وسبق للصهاينة أن ارتكبوا مجزرة دير ياسين في أبريل/ نيسان عام 1948، وراح ضحيتها حوالي 250 ضحية أغلبهم من كبار السن والأطفال والنساء. ثم تلتها مجزرة قرية الطنطورة بحيفا في مايو/ أيار 1948 والتي خلفت أكثر من 200 شهيدا دفنوا في حفرة كبيرة أو قبر جماعي أُجبر بعض الفلسطينيين على حفره. وبعدها وقعت مجزرة كفر قاسم تشرين الأول/ أكتوبر 1956، ووقعت المذبحة في نهار بدء العدوان الثلاثي على مصر، 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956 وقتل حوالي 49 فلسطينيا خلال ساعة واحدة فقط. ثم نفّذ الصهاينة مذبحة اللد في الجنوب الشرقي من مدينة يافا في حزيران/ يونيو 1948، وراح ضحية المجزرة أكثر من 400 فلسطيني. ونَفّذ الجيش الصهيوني في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 1956 مذبحة ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس جنوبي غزة، وراح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا، ثم مذبحة الأقصى الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول 1990، وراح ضحيتها 21 فلسطينيا وإصابة أكثر من 150 آخرين. وفي شباط/ فبراير 1994، ارتكب طبيب «إسرائيلي» متطرف مجزرة قتل 29 مصليا فلسطينيا وجرح 150 آخرين. وفي أبريل/ نيسان 2002 قتلت «إسرائيل» أكثر من 59 فلسطينيا في مخيم جنين. ويبدو أن تاريخ الصهاينة مليء بالمجازر البشعة، وهي جرائم تؤكد أن «إسرائيل» فوق القانون الدولي، وأن البيت الأبيض هو الداعم الأقوى للصهاينة بارتكاب مجازرهم، ومنها مجزرة رفح الأخيرة. وقد حملت حركة حماس الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن بشكل خاص المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة. وهكذا يبدو أن جيش «إسرائيل» الحاقد يواجه أطفال غزة الرضع بكل ما يملك من أدوات قاتلة وهمجية ومحرمة دوليا. فهل هنالك مجلس للأمن في هذا الكوكب؟ وأين دور الدول الأوروبية؟ وأين دور الدول الإسلامية؟ وأين دور الدول العربية؟ وأين الضمير الإنساني؟ ثم أيعقل يُقتل الأطفال والنساء بنيران الأسلحة «الإسرائيلية» المحرمة والثقيلة والعالم يتفرج؟
870
| 03 يونيو 2024
منذ أن مُهد ليّ الطريق لكتابة المقالات في الصحف العراقية والأردنية منذ ما يقرب من 20 عاما، وأنا أحاول أن أكتب بروح الثكلى، وليس بلسان النائحة، لأن النائحة ليست كالثكلى كما يقال. وقد كتبت مئات المقالات السياسية والاجتماعية والإنسانية، وبين حين وآخر تنهال عليّ التعليقات المؤيدة، وربما المعارضة والمستغربة لفكرة المقال، وهذه، حتما، علامات تفاعل مع الفكرة، وهذا هو المهم. الأفكار التي يطرحها الكاتب ليس بالضرورة أن تكون محطّ اتّفاق وتأييد الجميع، والكاتب الذي يكتب ما يُريده عامة الناس، ولا تبرز بكتاباته بصمته وأسلوبه الخاصّ لا يمكن عدّه من الكتاب، بل هو مجرّد آلة بشرية فارغة من الأحاسيس تُسود أوراق الصحف والمجلات بكلمات سقيمة، ولا قيمة لها. ومقالي الأخير قبل خمسة أيام: (اتّهامات باطلة وجاهزة) في جريدة الشرق القطرية الغرّاء فيه غَصّة، وألم وحسرة. وقد كتبته بسبب أن ظلم تقييمات بعض المأجورين قد بلغت درجات خطيرة، ولكونها قائمة على مجرّد نقل طروحات أُناس لهم قيمتهم في زمانهم ومجتمعاتهم وعموم الفكر الإنساني، سواء اتفقنا معهم أم اختلفا! وقد وصلتني العديد من التعليقات والتساؤلات المتعلقة بفكرة المقال، وبعيدا عن الإطالة أحاول هنا نقل أهم تلك التفاعلات: أغلب التعليقات تطرّقت لأسباب كتابة المقال، ومشكلته! وعلّق صديق كريم بقوله تعالى: «خذ العفو وأمر بالعُرْف وأعرضْ عن الجاهلين، [الأَعرَاف: 199]». وأشار أحد العلماء الفضلاء: يبدو أن أحداً قد آلمَك! وذكر صديق: أحسنتم الوصف... أقوال وحكم أكثر من رائعة وأعجبتني: عدو حكيم أفضل من صديق جاهل... فعلا الجهل أعدا أعداء الإنسان، فالجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به! وبيّن عالم من كركوك: فعلا الحكيم تكفيه الإشارة إن كان يبصر أو يسمع! وعَلّق صديق مناضل: «واضح الغرض هو حماية قلمك من أن يُتّهم.. ولكن مهما سقت من لطائف الحكم لا أظنّك تَسْلَم، وقد أفتاك إمام المسلمين أحمد: كيف السبيل الى السلامة من الناس؟ قال تعطيهم ولا تأخذ منهم، ويؤذونك ولا تؤذهم، وتقضي مصالحهم ولا تكلّفهم بقضاء مصالحك، قالوا إنها صعبة يا إمام! قال وليْتك تَسلم! وقال مهندس ذكي: موضوع مهم جدا في ظل اختلال المنظومة الأخلاقية والقيمية! وقال صديق آخر: مقال ثري بالحكم، والتراث الأدبي والأخلاقي، وتزكية النفس الإنسانية، وتوعية العقل البشرية إلى ماهيته، فاذا وصل إلى قراره جازت مخاطبته والنهل من علومه.. ومن حكم سيدنا علي رضي الله عنه»: «المرء مخبوء تحت لسانه تكلموا تعرفوا، فلغة الكلام دليل على رجاحة العقل وقبح الكلام دليل الجهل». وأخيرا قول صديقي المُقرّب: «صح لسانك، ولكن قلّ المتعظون»! والتعليق المميز لصحفي عربي كبير: «مقالة جميلة تستظهر معاناة عميقة وعنيفة، رشق الناس ولي أعناقهم وأيديهم ونواياهم وأفكارهم مسألة عبثية يقوم بها غالبا عبثيون متعيشون على العبثية». وأخيرا كتب لي قائد سياسي عراقي: مَنْ هذا الذي أزعجك يا أبا محمد ...فكتبت عنه تلميحاً لا تصريحاً! وأجمل التعليقات وصلني من ابنتي التي قالت: طريقتك بالكتابة متغيرة هنا، كأنني أقرأ مقالا لشخص آخر وليس لأبي! وهكذا بقية التعليقات تدور حول ذات الغرض، ويمكن القول إن سبب المقال عامّ، حيث يُتّهم الناس بسبب النقولات البريئة، وحاولت، جاهدا، تصحيح مسار اتّهامات الناس، وبيان الفرق بين النقولات وبين الإيمان بهذه النقولات! وهكذا هي الحياة صراع بين العلم والجهل، والوفاء والخيانة، والسعادة والتعاسة، والقوة والضعف، والأمن والخوف، والإيمان والكفر، والأنقياء والخبثاء! وليْتنا نَسْلَم!
1125
| 25 مايو 2024
ملئت الأدبيات الإنسانية بالكثير من الحِكم والكلمات المأثورة والكتب المخطوطة المميزة، والمقالات المنحوتة النادرة، وكلها أدلة على رُقيّ الفكر الإنساني سواء اتفقنا مع القائل أم اختلفنا! وقد قرأنا آلاف المقالات والأقوال والحِكم لرجال الفكر الإنساني على مَرّ العصور. وقرأنا قول افلاطون: «الظلم بحدّ ذاته معضلة، إلا أن الأسوأ من ذلك ألا يتجرع الظالم مرارة ظلمه». وحكمة سقراط: «عداوة العاقل خير من صداقة الجاهل»، وقوله: «الفقر والِد الثورة والجريمة». وكذلك قول ماركوس أوريليوس، الإمبراطور الروماني والفيلسوف: «لا تحتقر أحدًا، ولكن لا تكن عبدًا لأحد». وتنبيه سيدنا عيسى عليه السلام: «بالتواضع تُعَمّر الحكمة لا بالتكبر، كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل»! وقول العرب في عصر الجاهلية: «كل المصائب قد تمر على الفتى، فتهون غير شماتة الأعداء». وقول نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقوله: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». وكذلك قول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: «لا تعتمد على خلق رجل حتى تجربه عند الغضب». وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «دولة الباطل ساعة، ودولة الحق حتى قيام الساعة». وفطنة عمر بن عبد العزيز بقوله: «إذا رأيتم الرَّجل يطيل الصَّمت، ويهرب من النَّاس، فاقْرَبوا منه؛ فإنَّه يُلقَّى الحِكْمَة». وقول ذو النون: «الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا عن الطريق»! وقول الحسن البصري رحمه الله: «احذر ممن نقل إليك حديث غيرك، فإنه سينقل إلى غيرك حديثك». وتذكرة الشافعي رحمه الله: «مَن وعظ أخاه سرا فقد نصحــه ومن وعظه علانية فقد فضحه». وتأكيد نيكولو ميكافيلي « إذا أردت أن تقضي على منافسيك وأن تبرز قوتك للجميع، أخلق انقلاباً وقم بالقضاء عليه». وتوصيف المهاتما غاندي بأن « القوة لا تأتي من الإمكانات الجسدية بل من عزيمة الإرادة». وسياسة كارل ماركس بقوله» يسمح للمظلومين كل بضع سنوات، بأن يختاروا نوابا عنهم من الطبقة التي تضطهدهم، ليمثلوهم وهم يقمعونهم». وبيان فلاديمير لينين» المثقفون هم أكثر الناس قدرة على الخيانة، لأنهم أكثرهم قدرة على تبريرها». ووصية ملك العراق فيصل الأول: «إن الحُكْم يقوم إما على المحبة أو على الرهبة، وأنا أريد أن يكون حكم شعبي على المحبة». وقول جون كنيدي (الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية):»من يجعلون الثورة السلمية مستحيلة يجعلون الثورة العنيفة حتمية». ونصيحة ونستون تشرشل» أدرس التاريخ، أدرس التاريخ، فهناك تكمن أسرار الحكم». وحكمة الفنان شارلي شابلن: «لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق.. ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة». وكلمات نزار قباني» ليس كل شيء في القلب يقال لذلك خلق الله التنهيدة، الدموع، النوم الطويل، الابتسامة الباردة، ورجف اليدين». وهكذا فنحن يمكن أن نقرأ للمؤمنين وللكفار، وللأنبياء والفجار، والأنقياء والخبثاء، والصالحين والطالحين، والمفكرين والعبثيين، والمصلحين والمخربين، وللأصدقاء والأعداء؛ لأن الحكمة ضالة الإنسان الحيّ الحكيم يبحث عنها أينما كانت وفي أي وعاء حُفِظَت، وعليه من المخجل والمعيب اتهام الناس بسبب ميلهم لمقولة شخص ما! ومن هنا ينبغي أن نكفّ عن توزيع الاتّهامات على الناس بمجرّد ميولهم الثقافية العامة، وحبّهم للاطلاع والمعرفة والحكمة، وإلا فهذا ظلم مُركّب سيقود للخراب والضياع والكراهية. مَن يوزع الاتهامات على الآخرين: إما حاقد، أو جاهل، أو مأجور، ولا أظن أن هذه الصفات تستحق الاحترام والتقدير والتبجيل. والحليم تكفيه الإشارة!
1311
| 21 مايو 2024
تابعت، قبل أيام، مقطعا مُصوّرا، يَصف الحياة في غزة، ويؤكد بأن الموت ينتشر في كل مكان. ويتساءل: ماذا تفعل إن أردت أن تنجو من الموت في غزة؟ لا تجلس بالبيت، ولا تخرج منه، ولا تنزح لمدرسة، أو مؤسسة حتى لو حملت بطاقات كل الهيئات الدولية! ولا تلجا لمستشفى، صحيح أن القانون الدولي يمنع قصف المشافي، ولكن ليس إذا كانت في غزة! لا تذهب لبقالة، أو مخبز، أو تمشي في منتصف الشارع، أو تحت البنايات! لا تبقى في منطقتك، ولا تنزح لأي مكان قريب، أو بعيد! ولا تجلس وحدك ولا تجتمع مع عائلتك، ولا تقترب من مسجد ولا كنيسة، ولا...، ولا...، فلا مكان آمن في غزة! شهيد كل خمس دقائق يوميا بقنابل تلقيها «إسرائيل» على رؤوس الغزيين! وفي أسبوع واحد فقط قصفت «إسرائيل» غزة أكثر مما قصفت أمريكا أفغانستان في عام كامل! هذا هو واقع الحال في غزة، فكيف ينجو الناس من الموت وسط هذه المحرقة المستمرة أمام أنظار المجتمع الدولي؟ لا خلاف بين العقلاء أن «إسرائيل» أجرمت بحق الفلسطينيين في واحدة من أبشع المعارك بين قوات محتلة حاقدة، وشعب يقاوم بأبسط الإمكانيات المتاحة. إن العار الذي لحق العالم، كل العالم، إلا الدول والأشخاص الذين كان لهم موقف مميز من غزة، هذا العار لا يُمحى بسهولة لأننا نعيش في عصر يقال عنه عصر التطور والتحضر والتقدم، ولكن الواقع مختلف جدا حيث إننا نتابع، وعلى الهواء مباشرة، آلة الحرب الإسرائيلية الإرهابية، وهي تقتل وتدمر وتذبح وتهجر أهلنا في غزة بهمجية وحقد دفين قلّ نظيره، وهي لا تفرق بنيرانها الشريرة بين الأطفال والرجال والنساء والمسلحين وغير المسلحين، وهي تحرق كل ما يتحرك! وتحاول «إسرائيل» الاستعانة بواشنطن للقضاء، أيضا، على قادة المقاومة الفلسطينية في غزة، وعلى رأسهم يحيى السنوار العقل المدبر لهجمات السابع من أكتوبر 2023. وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» «الإسرائيلية» يوم 11/5/2023 أن «إسرائيل جعلت من القضاء على السنوار عنصرا أساسيا في هدفها الذي أعلنت عنه والمتمثل في تدمير حماس»! صدقا هي حرب إبادة وتدمير، وهي حرب حرق لكل إنسان فوق الأرض، وتدمير لكل صورة من صور الحياة، وهذا الواقع الإرهابي لا يتفق لا مع القوانين الدولية، ولا مع أبسط أخلاق الحروب القديمة والحديثة. هذه الحرب الهمجية لا يمكن أن تستمر، وفي لحظة ما ستتوقف، وسيكتشف العالم حينها حجم الدمار والهمجية الصهيونية التي مُورست في غزة. ووفقا لهذه الهمجية طالب مجلس الأمن الدولي، 10/5/2024، بإجراء تحقيق «مستقل» و«فوري» بعد اكتشاف مقابر جماعية في مستشفيي ناصر والشفاء وبمحيطهما في غزة، حيث عثر على مئات الجثث التي تعود خصوصا لنساء وأطفال وشيوخ». إن الفاتورة الباهظة التي دفعتها المقاومة الفلسطينية سواء من مقاتليها أو من المدنيين لم تذهب أدراج الرياح! والتضحيات الفلسطينية الغالية أثمرت عن قرار أممي، ولو كان رمزيا، صدر يوم 10/5/2024 حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبرى تأييدا «لطلب عضوية فلسطين في المنظمة الأممية». وهذه الخطوة أضافت حملا ثقيلا جديدا على حكومة بنيامين نتنياهو، وأكدت وزارة خارجيته أن التصويت «يبعث برسالة إلى حماس مفادها أن العنف يؤتي ثماره». النصر الفلسطيني لا يمكن أن يكون بالمجان، وهذا هو واقع المقاومات في التاريخ، ولكن النتيجة القطعية المؤكدة أن النصر سيكون لصالح غزة وأهلها، والخزي والعار «لإسرائيل» ومَن يقف معها!
1005
| 14 مايو 2024
قيل الكثير من الكلام عن الضمير البشري، ودوره في تماسك العلاقات، والترابط الإنساني، والتمسك بالقيم والمبادئ. والضمير هو جوهر من جواهر وأسرار الإنسان، ويرى الفيلسوف اليوناني «أرسطو» أن «الضمير هو أقوى محكمة على الأرض»، ويقول الأديب الفلسطيني غسان كنفاني: «لو أراد الرجل أن يكون شجاعاً فليقم بمطاوعة ضميره»، ويعتقد نيلسون مانديلا بأن «مَن يملك ضميراً حياً لا يخشى أحداً». ومع هذه الأقوال الراقية وغيرها وجدنا الملايين من أصحاب الضمائر الحية، وهم يقفون بثبات ضد الجرائم الصهيونية المستمرة في غزة منذ سبعة أشهر!. وقد لاحظنا ملايين العرب والمسلمين من المعارضين لقتل أهالي غزة قد خرجوا في مظاهرات عارمة بداية معارك «طوفان الأقصى»، وبعدها خرجوا في مظاهرات خجولة هنا أو هناك، ثم بعدها دبّ الملل ليقتل غالبية تلك الفعاليات الضرورية وكأنه استسلام وهروب من مواجهة الواقع، وبعدها عاد كل إنسان ليمارس حياته بصورة طبيعية!. وبالمقابل رأينا بعض المواقف العربية والأجنبية الرصينة التي رفضت الاكتفاء بالمراقبة، ومن ذلك الوفد الطبي الكويتي الذي دخل غزة، وغيره من الكوادر الطبية العربية والأجنبية التي رفضت الهروب من الجحيم وآثروا مواجهة الهمجية الصهيونية والوقوف مع الجرحى في مستشفيات القطاع!. وقد دفع بعض الأجانب حياته وهو يعمل لمساعدة أهالي غزة، وفي الأول من نيسان/ أبريل 2024 قالت منظمة «وورلد سنترال كيتشن» غير الحكومية، إن سبعة أشخاص يعملون لصالحها، بينهم مواطنون من أستراليا، وبريطانيا، وبولندا، لقوا حتفهم في ضربة جوية «إسرائيلية» على غزة!. والمواقف الإنسانية الأجنبية في الوقوف مع مأساة غزة لا يمكن حصرها، وهنالك العديد من المدن الأوروبية لم تمل، أو تتوقف عن مظاهراتها المعارضة للحرب حتى اليوم!. ونهاية نيسان/ أبريل الماضي خرجت مظاهرات حاشدة في عدة دول أوروبية، ومنها العاصمة البريطانية لندن، ومدينة إسطنبول التركية، والعاصمة أنقرة، وبعض المدن الفرنسية، على رأسها العاصمة باريس، وكذلك العديد من المدن الهولندية والدنماركية والسويدية والنرويجية ومحيط البيت الأبيض الأمريكي ومدينة مونتريال الكندية، وأخيرا عواصم إسبانيا وألمانيا، وأستراليا واليابان!. والموقف الإنساني المذهل تمثل، حقيقة، بالحراك الطلابي الدولي المناصر لغزة حول العالم، حيث انطلق في أمريكا ووصل إلى المكسيك، وأستراليا، وأوروبا، واليوم هنالك محاولات مستميتة لإجهاضه في الولايات المتحدة. وقد أوقفت الشرطة الأمريكية أكثر من ألفي متظاهر في الجامعات الأمريكية خلال أسبوعين من الاحتجاج، وهنالك دعوات للتحقيق في تجاهل الشرطة هجوم مؤيدي الاحتلال على الطلاب المعتصمين بأمريكا. ومنذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع يتواصل حراك طلابي في جامعات أمريكية وأوروبية رفضا لاستمرار الحرب «الإسرائيلية» على غزة والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار، ووقف المساعدات العسكرية الأمريكية «لإسرائيل»، وسحب استثمارات الجامعات مع الشركات الداعمة «لإسرائيل»، ووقف التعاون الأكاديمي مع الجامعات «الإسرائيلية»، والتراجع عن الإجراءات القمعية التي واكبت الحراك. إن هذه المواقف الإنسانية الطلابية وغيرها تؤكد أن الضمير الإنساني بخير، وأن الملايين من المواطنين الأوروبيين يرفضون همجية «إسرائيل»، ويقفون مع حقوق الفلسطينيين المدعومة بالقوانين الدولية وضمائر الأحرار في العالم. ونظّمت عدة طواقم طبية بداية أيار/ مايو الحالي في غزة «وقفة شكر» لطلاب جامعات أمريكية وأوروبية؛ لرفضهم حرب «إسرائيل» المتواصلة على القطاع للشهر السابع، والتي خلفت أكثر من» 40 ألف شهيد ومفقود معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 70 ألف جريح بينهم عدد كبير ممن أصيبوا بإعاقات دائمة»، شكرا لجميع أصحاب الضمائر الحيّة، وطلاب العالم في أمريكا وأوروبا الذين وقفوا مع غزة. فعلا جعلتمونا نخجل من أنفسنا!
549
| 06 مايو 2024
الغريزة قوة مركبة في الإنسان، ويتصف بها كل موجود على الأرض، وهي التي بموجبها نرى هذا الالتصاق بالكون وحب البقاء والمال والتملك والأمومة، وكذلك التراحم والارتباط بالحياة لدى القطعان الحيوانية بكافة صنوفها وسلالاتها. ومن هنا ليس عيبا، أن ينكسر الإنسان حينما يتألم لأي ضرر يصيب ما يحب من الأبناء والأموال والسلطات، ولكن الغريب هو حالة الصمود والثبات والصبر منقطع النظير. وهذه المعاني النبيلة والراقية في الصبر والتحدي قرأنا عنها في كتب الأثر المباركة، ولكننا نراها اليوم تتجسد في العديد من الشعوب الصامدة وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، والأروع أنها تتجسد في ثبات القيادات اللصيقة بشعبها. وقد استشهد يوم 10 نيسان/ أبريل 2024 ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وثلاثة من أحفاده خلال قصف «إسرائيلي» استهدف سيارتهم بمخيم الشاطئ غربي غزة! وكان الموقف الأبرز لهنية «أبو شهداء»، بعد سماعه لخبر استشهادهم بأن دعا لهم بكلمة: (الله يسهل عليهم) رغم صدمته، ثم طلب من مرافقيه إتمام زيارة بقية الجرحى الفلسطينيين في المستشفى القطري!. وفي أول تصريح صحفي أدلى به هنية بعد الحادثة: «أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض الأحفاد. ما يقرب من 60 من أفراد عائلتي ارتقوا شهداء شأن كل أبناء فلسطين ولا فرق بينهم، والعدو واهم إذا ظن أنه بقتله أبنائي سنغير مواقفنا»!. فأي صبر، وأي قدرات تمتلكها هذه القيادات النقية!. وموقف هنية ليس الأول في غزة وفلسطين، وهنالك عشرات آلاف المنكوبين الذين صرحوا بذات الكلمات وبأن الشهادة شرف لهم ولعوائلهم. ويأتي حادث استشهاد عائلة هنية بعد أيام من اعتقال شقيقته «صباح هنية» ببلدة تل السبع جنوبي فلسطين. وقد استشهد العديد من قادة حماس، منذ معركة طوفان الأقصى، ومنهم نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي، وهم «زكريا معمر، وجواد أبو شمالة، وجميلة الشنطي»، وابن وابنة وزوج وأخت وحفيدة عضو المكتب السياسي فتحي حماد، واثنان من أبناء عضو المكتب السياسي ياسر حرب، وابن عضو المكتب السياسي نزار عوض الله، وابنة وحفيد عضو المكتب السياسي محمود الزهار، ووالدة عضو المكتب السياسي باسم نعيم، وثلاثة من أبناء وثمانية من أحفاد عضو المكتب السياسي كمال أبو عون، وأسرة عضو المكتب السياسي أبو جهاد الدجني كلها، وغيرهم من الشهداء، المدنيين والعسكريين. وهذه أدلة قاطعة على أن قادة المقاومة جزء من الشعب الفلسطيني ولهذا لم نر أي تململ، أو غضب شعبي ضد المقاومة رغم الخراب الذي عم غالبية مدن غزة لأنهم يرونهم يعانون كما يعانون، ويموتون كما يموتون، وهم لم يتخلوا عن المواطنين في غزة. وحادثة استشهاد أبناء هنية وأحفاده أثبتت زيف الإعلام العربي والأجنبي البعيد عن الحيادية والموضوعية والذي أكد أن عوائل قيادات المقاومة، ومنها عائلة هنية، هربت إلى أوروبا لتخليصهم من جحيم المعارك والموت في غزة. الاستهداف الصهيوني لعائلة هنية «علامة إفلاس تشير إلى أن إسرائيل تبحث عن مخرج لنهاية الحرب»، كما قال رئيس «حماس» في الخارج، خالد مشعل، يوم 12 نيسان/ أبريل الحالي! إن حالة الثبات والتحمل الفلسطينية والتضحيات الجسام لقيادات المقاومة الفلسطينية لدليل قاطع على الإيمان بالقضية، والذوبان بالمبادئ القائمة على العمل والبعيدة عن خداع الجماهير، وهذه من أهم عوامل النصر والظفر. الأيام القادمة سنرى فيها الإعلان الرسمي الصهيوني بالفشل، ونهاية حكومة بنيامين نتنياهو، وبداية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ومقاومتها الخيالية.
393
| 30 أبريل 2024
وقع بين يدي كتاب (إسرائيل جريمتنا) تأليف (ميلر بوروز) أستاذ الدراسات التوراتية في جامعة ييل بالولايات المتحدة، وكانت طبعته الأولى في العام 1952. والكتاب يعود لعَلَم من أعلام الدراسات التوراتية وتاريخ الأديان في الولايات المتحدة. ورافق مؤلفه المأساة الفلسطينية منذ نشأتها حتى المرحلة التي أقرت فيها هيئة الأمم المتحدة مشروع التقسيم، وما تلاها من اضطرار العرب للهجرة من فلسطين وغيرها من المآسي! ومُؤلّف الكتاب مؤمن أشدّ الإيمان بأن الصهيونية مخطئة في الأساس وإلى حدّ فاجع، وكتابه يتطرق إلى المظالم التي نزلت بعرب فلسطين والمزاعم الصهيونية والمصالح الأمريكية واليهودية! ويؤكد الكتاب بأن مجزرة دير ياسين في التاسع من نيسان/ أبريل 1948 كانت واحدة من أبشع المجازر الصهيونية، حيث هاجمت القوات «الإسرائيلية» ثلاث قرى جنوبية، وأخرجت منها 8000 عربي، ودمّرت منازلهم؛ وبالتالي يبدو أن هذه السياسات الصهيونية هي سياسات مُمنهجة منذ العام 1948 وحتى اليوم! وأبرز ما ذُكر في الكتاب أن مسؤولية المأساة الفلسطينية لا يمكن أن تُلْقى على أكتاف فريق واحد من الفرقاء المعنيين، وأن المسؤولية تقع على «الإنجليز، والأمم المتحدة والولايات المتحدة، ومسيحيي العالم، والعرب واليهود»، وأنهم جميعا مسؤولون، وبنسب ودرجات متفاوتة، عن مأساة فلسطين! ولا شك في أن قسطا كبيرا من مسؤولية المأساة الفلسطينية تَتحمّله هيئة الأمم، وأن «مشروع التقسيم الذي تَبنّته الهيئة لم يكن ذلك المنهج الحكيم، وأنه ما كان عادلا ولا واقعيا»! ومَن يعود للتاريخ الحالي يجد أننا أمام ذات المآسي والمجازر بحق الفلسطينيين! واليوم، صرنا أمام أكثر من 33 ألف شهيد قتلتهم الآلة الصهيونية المتوحّشة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى الآن، فضلا عن قرابة 100 ألف جريح، وأكثر من مليون مهجر داخل قطاع غزة وخارجه، وهذا يعني أن استمرار الدعم الأمريكي والبريطاني، القديم الجديد، للكيان الصهيوني يؤكد استمرار تلك السياسات الانتقامية من العرب، والساعية لضربهم وتدميرهم، وتحطيم حقوقهم التاريخية والإنسانية؛ وهذا دليل على المواقف الغربية المتناقضة! ولاحظنا أن الغربيين يتحدّثون بخطاباتهم عن الحياة والتعايش، ويدّعون الدفاع عن الحقوق الإنسانية والوقوف مع الحق، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالكيان الصهيوني فإن القضية تختلف، ونكون حينها أمام مواقف غربية متناقضة، لا علاقة لها لا بالمنطق، ولا بالأخلاق، ولا بالإنسانية، ولا بحقوق الإنسان! إن استمرار قتل الفلسطينيين في غزة، واحتمالية الهجوم الصهيوني على رفح، وعدم احترام الكيان الصهيوني لتصويت مجلس الأمن الدولي على القرار (2728) بشأن وقف إطلاق النار في غزة، يوم 25 آذار/ مارس الماضي، وكذلك تجاهل «إسرائيل» لحرمة شهر رمضان المبارك على رغم من وجود معاهدات صهيونية مع دول عربية وإسلامية جميع هذه المعطيات تؤكد أن «إسرائيل» تتجاهل مَنْ تمتلك معهم معاهدات سلام! إذا نحن أمام كيان متغطرس يرى نفسه فوق القانون، وفوق المواثيق الدولية، وفوق اتفاقيات السلام! وبناء على ذلك فإن «إسرائيل» ليست كيانا مُؤهّلا لأن تكون معه اتفاقية سلام لأن الأنظمة التي ترى نفسها فوق القانون لا يمكن أن تحترم القانون، ولا تتفق مع الآخرين بجوانب إنسانية تتعلق بالإنسان وحقوقه، وهذه منطلقات لا تؤسس لحالة تعايش دائم، كون «إسرائيل» أصلا تنظر إلى العرب والفلسطينيين نظرة خالية من الإنسانية، ومليئة بالتكبر والكراهية والانتقام! إن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير ينطبق تماما على الشعب الفلسطيني المظلوم؛ وعليه لا يوجد أي حق تاريخي، ولا أخلاقي، ولا قانوني يدعم إقامة الكيان الصهيوني الخبيث على أرض فلسطين المغتصبة! فعلا «إسرائيل» جريمة الدول التي دعمتها!
1422
| 06 أبريل 2024
تدخل السياسة في إدارة الدول والجماعات والكيانات والتحالفات والمنظمات، وحتى العشائر والبيوت والأفراد، ولهذا تتنامى معانيها وأدواتها يوما بعد يوم! والسياسة مفردة مليئة بالمعاني والأبعاد الظاهرة والخفية، والحقيقية والمزيفة، ولكنها في نهاية المطاف تحقق الهدف الساعي لتحقيقه مَن يملك السلطة والمال والحيلة. وتنوعت اليوم صور السياسة العالمية فهي قد تكون هادئة أو صاخبة، ومسالمة أو تهديدية، ومتفقة أو مختلفة وغيرها من الأساليب التي تختلف سبل التعاطي معها وفقا لكل نوع. ومن المصطلحات السياسية الرائجة مصطلح سياسة (فَرّق تَسُد)، وهو، وفقا للموسوعة البريطانية، مصطلح سياسي عسكري اقتصادي يعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة، وغير متحدة مع بعضها مما يَسْهُل التعامل معها. ويصعب تحديد بداية نشوء المصطلح لأنه قرين السياسات التوسعية والاستعمارية والتخريبية، وعليه أينما وجد الاستعمار ومصالح الدول التوسعية وجدت سياسة (فرّق تسد) الشيطانية. وهذه السياسة الخبيثة قد تكون بين الدول أو الأقاليم أو الأحزاب والشركات وحتى الشخصيات الكبيرة، وتشمل غالبية المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والمجتمعية. وسياسة (فرّق تسد) قد تكون على شكل تفجير، أو اغتيال، أو خبر مزيف، أو صورة مفبركة، أو نكتة، أو دعاية وغيرها من الأساليب التي يمكن أن تنتشر اليوم انتشار النار بالهشيم عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وبجميع برامجها الواسعة والمتنوعة. وتهدف هذه السياسات الشريرة إلى تهديم وإضعاف كيان الخصوم وتشويه سمعتهم، وتنظيم حملات لتزييف الحقائق، ونشر القلق بين أتباعهم، وإشعال وإدارة الحروب النفسية. وتهدف كذلك للسيطرة على الدول والجماعات والشعوب، وربما الإغواء، وهذه السياسات، رغم بشاعتها، لكنها تملك طاقات تأثيرية شاسعة وواسعة. وتحاول جماعات سياسة (فرّق تسد)، ومنذ سنوات طويلة، كسر غطاء أسرار الدول لاستخدامها في مخططاتها الخبيثة. وقد رأينا في بعض الصراعات شركات رسمية وغير رسمية تبيع أسلحتها لطرفي النزاع وكأنها في بازار (سوق) عالمي لبيع الأسلحة بعيدا عن حسابات آثارها التدميرية. وسياسة (التخريب والتفريق) تسعى لتهيئة أرضية خصبة لزراعة الكراهية لنشر هذه الكوارث والأحقاد في الأرض وذلك لأن جنون الارتياب السياسي من الخصوم يدفع العديد من أجهزة التجسس للاستعانة بالشيطان لتحقيق أهدافها ولو بفاتورة باهظة الثمن من دماء الأبرياء. وهنالك العديد من الدول في شرقنا الأوسط تمتلك إمكانيات بشرية هائلة، وثروات نادرة ولكنها تعاني من الفقر والاقتتال والفتن والتناحر بسبب سياسات (فرّق تسد). ويحاول زعماء سياسة (فرّق تسد) زرع البذور الخبيثة لسياساتهم المليئة بالحقد والكراهية والمزج بين الحق والباطل، والوطني والخائن، والواضح والغامض حتى يتمكنوا من خلط الأوراق والأفكار وتمرير مشاريعهم العدائية التخريبية التقسيمية. وسياسات التفرق الخطيرة تتنقل في الساحة الدولية، وربما هي تنتعش وتزدهر في دول لا تملك قيادات أصيلة وأجهزة أمن رصينة. وسياسات التشتيت السقيمة تبتهج في البلدان الفقيرة ثقافيا واجتماعيا، وتفشل في بثّ سمومها بين الشعوب المحصنة بالثقافة والمحبة. ويحاول قادة سياسات التمزق السياسي والمجتمعي، عادة، الضرب على الأوتار الحساسة التي يمكن من خلالها تحريك الجماهير أو الشارع ضد سياسات داخلية وخارجية محددة، وهي، قطعا، ليست في مصلحة تلك الجماهير المُغَرَّر بها، وإنما لمصلحة الدولة والكيانات والشخصيات الناشرة لسياسات التناحر والتفرق. النجاح المذهل لغالبية سياسات «فرّق تسد» تدعو إلى ضرورة الحذر منها، والعمل لإخماد آثارها التخريبية. وتعتبر سياسة التثقيف المجتمعي والمؤسساتي الطريقة المثلى لتدمير سياسات التفرّق تدميرا ذاتيا. وينبغي التركيز على سياسات «فرّق تسد» الخبيثة والدقيقة والعزيزة، والعناية بملاحقة من يروجونها في بلداننا قبل فوات الأوان وتهديم الأوطان والإنسان بسببها.
3186
| 30 مارس 2024
مساحة إعلانية
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
5568
| 25 سبتمبر 2025
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
5409
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4437
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3303
| 29 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1596
| 26 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1314
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1053
| 29 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
828
| 25 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
828
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
813
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية