رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تكن كلمة سموّ الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة، في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي هي الكلمة الأولى، حيث سبق لسموّه أن ألقى العديد من الخطابات، بدءًا من كلمته الأولى في الدورة (68) وحتى كلمته الأخيرة في الدورة (80) للجمعية العامة. وكانت كلمة سموّه يوم 24 أيلول/ سبتمبر 2013، خلال الدورة (68) قد أدان فيها «الاحتلال الإسرائيلي وسياسات التهويد والاستيطان». وهكذا كافة كلمات سموّه في الجمعية العامة لم تتجاهل الهمّ الفلسطيني، وكانت على رأس الهموم العربية والإسلامية، وتُركّز على وجوب نهاية الاحتلال ومشاريعه التوسعية. والدبلوماسية القطرية تمتاز بالقدرة الواضحة على التأثير والفاعلية الإقليمية والدولية، ولهذا لعبت العديد من الأدوار الحاسمة في نزاعات الفرقاء بأفغانستان ولبنان ودارفور وفلسطين وغيرها. وسبق أن ذكرت بمقالي «رسائل الدوحة» في الشرق الغراء يوم 19 أيلول/ سبتمبر 2025، أن قمّة الدوحة، العربية الإسلامية الطارئة، يوم 15/9/2025:»خطوة دقيقة لمرحلة مفصلية ستكون لها ثمارها وتبعاتها الكبيرة على المنطقة والعالم». واليوم نَلمس بعض ثمار تلك القمّة وتأثيرها الجليّ على مجريات النقاشات الإقليمية والعالمية، وحضورها البارز ضمن مواقف وكلمات زعماء الدول في الدورة (80) للجمعية العامة! والكلمة الدقيقة لسموّ الأمير أمام الجمعية العامة، الثلاثاء الماضي، وضعت النقاط على العديد من القضايا الشائكة بعموم منطقتنا، وخصوصا الصراع العربي – «الإسرائيلي»، وتعالي «إسرائيل» على القوانين والمواثيق الدولية! ولا يوجد ما هو أدلّ وأبرز على سياسات «إسرائيل» الهمجية من هجومها الغادر على مدينة الدوحة، والذي استهدف اجتماعا للوفد المفاوض لحركة حماس يوم 9 أيلول/ سبتمبر الحالي، والذي يُعدّ، بحسب خطاب سموّ الأمير: «انتهاكا خطيرا لسيادة دولة، وخرقا سافرا وغير مبرر للأعراف والمواثيق الدولية، واعتداءً على دولة وساطة صانعة للسلام وكَرّست دبلوماسيتها لحلّ الصراعات بالطرق السلمية، وتبذل، منذ عامين، جهودا مضنية من أجل التوصل إلى تسوية توقف حرب الإبادة في غزة»! وعليه، ومع هذه السياسات الصهيونية الغادرة، كيف يمكن الوثوق بالمعاهدات مع «إسرائيل»؟! وقد اختصر سموّ الأمير، وبعبارات مباشرة، حقيقة الغدر «الإسرائيلي» في هجوم الدوحة بقوله:» يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال أعضائها، من الصعب التعامل مع هذه الذهنية التي لا تحترم أبسط المبادئ في التعامل بين البشر، فتوقع تصرفات أصحابها يكاد يكون مستحيلا، أليس هذا هو تعريف الحكومة المارقة؟»! وقد ركّزت كلمة سموّه على تمسك قطر بالوساطة والشرعية الدولية، وضرورة «احترام العمل الدبلوماسي والوساطة، وألا تُستخدم القوة لعرقلة التفاوض»! وبهذا لم يكن خطاب سموّ الأمير مُجرّد خطاب روتيني على منصة دولية بل كان دعوة لإعادة النظر في المواقف الدولية، وبالذات تلك المتعلّقة «بإسرائيل» وتَغوّلها في المنطقة، وسحقها لأرواح الناس وحقوق الفلسطينيين، وانتهاكها لسيادة الدول، وتهديدها لأمن واستقرار الأبرياء، وكأنها فوق القوانين، ولا تُسأل عمّا تَفْعَل! والملاحظ أن الخطاب الأميري لم ينحصر بالملفّات القطرية والفلسطينية و»الإسرائيلية» بل تناول الملفّات السورية واللبنانية والسودانية وغيرها! لقد كان للحكمة القطرية دور فاعل في الوساطات العسكرية، والاستخدام الذكي للقوة الناعمة، وكذلك قدرتها الفائقة للمناورة في بيئة إقليمية معقدة! ويمكن القول بأن عموم الخطابات الرسمية القطرية تقوم على عدّة عوامل رصينة، وأبرزها الهدوء والاتزان، والابتعاد عن الخطابات العاطفية، والتركيز على المنطق والوضوح، وأهمية سيادة الدولة، ورفض الوصاية الخارجية، والإصرار على الحوار والدبلوماسية المثمرة، والاستثمار في الإنسان والموارد العامة والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية والإنسانية! وهكذا أتوقع، وكواحدة من ثمار قمّة الدوحة، أن تشهد كلمة «بنيامين نتنياهو» في الجمعية العامة يوم 26/9/2025 انسحابا كبيرا من القاعة العالمية كما حدث في كلمته بذات المكان العام الماضي! إن الأمان الحقيقي للعالم وللمنطقة وشعوبها يكون بحلّ الدولتين، وكفّ «إسرائيل» لعبثها واستخفافها بالقوانين الدولية والإنسانية، وإلا فستبقى منطقتنا بؤرة للظلم والمواجهات والقتل والدماء والدمار والتخريب!
537
| 26 سبتمبر 2025
القمّة العربية الإسلامية الطارئة التي عُقدت في الدوحة الإثنين الماضي، 15/ 9/ 2025، لم تكن مُجرّد فعالية لتجميع قادة الدول العربية والإسلامية على صعيد واحد، بل خطوة دقيقة لمرحلة مفصلية ستكون لها ثمارها وتبعاتها الكبيرة على المنطقة والعالم. وصدر عن القمة بيان ختامي صارم، حَمل عدّة رسائل دقيقة وفاعلة، وأهمها: - إدانة شاملة لإسرائيل: بعد إدانة مجلس الأمن الدولي، وبالإجماع، للهجوم «الإسرائيلي» على الدوحة، جاء الموقف العربي – الإسلامي داعما ومؤيّدا للإدانة الدولية. وقد رفعت القمّة العربية – الإسلامية من مستوى الخطاب ضد «إسرائيل»، واستخدم البيان الختامي عبارات شديدة اللهجة تتعلّق بهجوم الدوحة، ومنها «العدوان الجبان وغير الشرعي» و»جريمة ضد الإنسانية». وأن العدوان «انتهاك مباشر لسيادة دولة عربية ومن الدول المحورية في الوساطة». وهذا تطور كبير في الخطاب الرافض للعبث «الإسرائيلي» بأمن المنطقة عموما، وفلسطين خصوصا. وبيان الدوحة بداية لتصعيد مرتقب ومتوقّع على المستويات الدبلوماسية والقانونية الدولية والاقتصادية وغيرها. -الموقف القطري الصلب مَن يُتابع الخطاب القطري الرسمي منذ اللحظات الأولى للعدوان الصهيوني على الدوحة يجد «الغضب» الرسمي القطري واضحا وصريحا، وبالذات كَون الدولة القطرية كانت تلعب دور الوسيط في ملفّات حساسة بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين ومنها ملفّ وقف الحرب. وهذا الموقف القطري الصلب كانت من أولى ثماره القمّة العربية- الإسلامية الطارئة والمساندة للدولة القطرية. - نصرة فلسطين: لا شكّ أن قمّة الدوحة كانت لمساندة الموقف القطري الرافض للعدوان «الإسرائيلي» إلا أنها لم تتراجع عن مواقفها الإنسانية ودعم جهود الوسطاء، قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف العدوان الصهيوني بغزة رغم المحاولات «الإسرائيلية» لإجهاض تلك الجهود. وشدّدت القمّة على رفض السياسات الهادفة لإعادة رسم خارطة المنطقة، وأدانت أيّ «محاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين». سَعَت القمّة إلى تسليط الضوء على ضرورة تَحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته أمام الانتهاكات «الإسرائيلية»، وذَكّرت بخيبة الأمل العربية – الإسلامية من الأداء المتقاعس للمنظمات الدولية في مواجهة الانتهاكات «الإسرائيلية» الخطيرة والمتكررة. وأصرّت على ضرورة متابعة محكمة العدل الدولية لمهامها المتعلّقة بالجرائم «الإسرائيلية» ووجوب ملاحقة أيّ مُتّهم بهذه الجرائم. - مراجعة العلاقات الاقتصادية مع «إسرائيل» ركّزت القمّة على ملفّ «مراجعة العلاقات الاقتصادية» مع «إسرائيل»، وهذه المراجعة من الأدوات الفاعلة كونها ستترك الكيان محاصرا وسط الدول الضاغطة عليه قانونيا واقتصاديا، وبالمحصّلة سيُجْبَر على مراجعة سياساته الضاربة للقوانين والأعراف الدولية. وهذه الفعّاليات الدبلوماسية والقانونية تتطلّب تحرّكات عربية – إسلامية جماعية ومنفردة لتحقيق هذه الغايات القانونية الحساسة والضاغطة على تل أبيب. - تقويض السلام: وفي تطوّر دبلوماسي مُتقدّم جدا، ركّزت القمة على أن عدوان «إسرائيل» الغاشم على قطر يُقوِّض أي فرص لتحقيق سلام بالمنطقة. وهذه رسالة كبيرة لقادة «إسرائيل» ولمَن يساندونهم بأن السلام لا يعني القبول بالعبث الصهيوني بأمن الدول. وأكدت القمّة على ضرورة «تنسيق الجهود الرامية لتعليق عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة». وبعد البيان الختامي للقمّة بساعات حذّر رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، من أن «إسرائيل» تواجه نوعًا من العزلة قد يستمر لسنوات. وكذلك جَدّد مجلس الأمن الدولي ادانته للهجوم «الإسرائيلي» على قطر بعد ساعات من انتهاء أعمال قمة الدوحة. اللغة الدبلوماسية الصلبة والموحّدة للبيان الختامي، وتركيز القمّة على رفض العدوان «الإسرائيلي» على قطر وغزة وبقية الدول، وتسليط الضوء على مبدأ سيادة الدول، وربط هجوم الدوحة بالموقف القطري الإنساني المتميّز والداعم للقضية الفلسطينية جميعها كانت رسائل عربية – إسلامية من قمّة الدوحة ليس «لإسرائيل» فحسب بل للمجتمع الدولي والدول الداعمة لتل أبيب. وهكذا، ورغم التهديدات «الإسرائيلية» اليومية باحتلال كامل غزة، ومهاجمة بعض الدول إلا أن موقف تل أبيب، إقليميا ودوليا، سيكون ضعيفا ومنبوذا ومختلفا تماما بين مرحلة ما قبل قمّة الدوحة وما بعدها! وبهذا تواصل الدبلوماسية القطرية حَصْد ثمار الحوارات الحكيمة والسياسات الدقيقة القادرة على تحويل الأزمات إلى مكاسب للإنسان والكون.
384
| 19 سبتمبر 2025
الدوحة تلك المدينة الهادئة الآمنة المطلّة على الخليج العربي لها نصيب كبير من اسمها فهي مَظلّة للخير والسلام والمحبّة والأخوّة والتلاحم الإنساني! والدوحة رغم صغرها مساحةً إلا أنها كبيرة وعملاقة في أدوارها الإقليمية والدولية، وقد لعبت عشرات الأدوار الفاعلة وساهمت في ترميم العلاقات الممزّقة، واخماد الحروب واحلال السلام في العديد من المناطق! والدوحة هي الشجرة العظيمة التي يستظل بها الضيوف الذين تخنقهم الأرض، وهي المضيف المفتوح للقاصي والداني دون النظر لقوميته ودينه وشكله وغيرها من الهويات الفرعية، فهي أرض الاستقرار لمَنْ لا يجد الأمان في الأرض! والدوحة المحروسة هي عاصمة الدولة القطرية ومقر المؤسسات المالية والتجارية المحلية والدولية، وتمتاز بمطارها ومينائها وكثرة مساجدها والمباني العملاقة والحديثة والتراثية، والمكتبات العامرة بالكتب الجديدة والقديمة، وهي مدينة السياحة والنقاء والصفاء! هذه المدينة الآمنة حاولت خفافيش الظلام الصهيونية أن تعكّر صفوها، وتهزّ أركان أمنها، وتكسر طمأنينتها، ولكنها خابت وفشلت وكسرت! إن المحاولة الاجرامية «الإسرائيلية» يوم التاسع من أيلول/ سبتمبر 2025 لاستهداف الوفد المفاوض من قادة المقاومة الإسلامية «حماس» في الدوحة فعل لا يمكن تبريره، وضرب لسيادة دولة معروفة بحبّها للسلام، وعملها الدؤوب لحسم ملفّ المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية حتى خلال لحظات الهجوم الإرهابي، وهذا دليل على عبثية قرار تل أبيب باستهداف الدوحة، ويثبت عدم جدّية حكومة بنيامين نتنياهو في حسم ملفّ المفاوضات مع الفلسطينيين! وقد أدانت الخارجية القطرية «وبأشد العبارات، الهجوم الإسرائيلي الجبان الذي استهدف مقرّات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة الدوحة» وأكدت بأن «الاعتداء الإجرامي يشكل انتهاكا صارخا لكافة القوانين والأعراف الدولية، وتهديدا خطيرا لأمن وسلامة القطريين والمقيمين على أرضها». ونوّهت الوزارة إلى أن دولة قطر تؤكد أنها «لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهوّر والعبث المستمر بأمن الإقليم، وأي عمل يستهدف أمنها وسيادتها»! وقد حاولت «إسرائيل» بعمليتها الخائبة والفاشلة اغتيال وفد قادة المكتب السياسي لحماس، وهم ضيوف قطر، حينما كانوا في اجتماع يتعلّق بالمفاوضات، وخطّة التهدئة، ودراسة المقترح الأمريكي لإنهاء حرب غزة! وبهذا فإن الغدر «الإسرائيلي» يتنافى مع الجهود القطرية لإحلال السلام، ودور الدوحة المحوري في الافراج عن عشرات الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية ! وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول «إسرائيل» فيها اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة، وسبق للقوات الخاصة «الإسرائيلية» أن اغتالت، يوم 10 نيسان/ أبريل 1973، كمال عدوان، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في بيروت، واغتالت معه «كمال ناصر» المتحدث الرسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية، ومحمد يوسف النجار مسؤول العلاقات الخارجية للمنظمة ! ولاحقا، يوم 16 نيسان/أبريل 1988 اغتالت «إسرائيل» «خليل الوزير» (أبو جهاد) نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية داخل منزله في تونس! وفي يوم 14 كانون الثاني/يناير 1991 اغتال الموساد رئيس جهاز الأمن الموحد لحركة فتح «صلاح خلف» (أبو إياد) في تونس أيضا! وفي 31 تموز/يوليو 2024، قُتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في طهران، ونقلت رويترز «تأكيدًا رسميًا من إسرائيل بأن الهجوم كان عملية اغتيال نفذتها القوات الإسرائيلية»، وغيرهم العديد من شهداء القيادات الفلسطينية في الخارج فضلا عن المئات من قيادات الداخل الذين اغتالتهم «إسرائيل»! هجوم الدوحة الغادر فشل فشلا شنيعا في قتل قادة حماس رغم الإعلان المتسارع من الجانب «الإسرائيلي» عن نجاحه! ومن الضروري التركيز بأن الهجمات الجوّية «الإسرائيلية» على الدوحة كان بأكثر من 15 طائرة، ومع ذلك خابت وفشلت في محاولتها، وبالمقابل نجحت قطر في حماية ضيوفها، وهذا انجاز أمني واستخباري يُحسب لدولة قطر! وأخيرا أظن أن العملية الإرهابية هي المسمار الأخير في نعش المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية! وهكذا ستبقى قطر أكبر من هذه الهجمات الشريرة، وما التلاحم الدولي والعربي مع الدوحة إلا دليل قاطع على مكانة قطر وأهلها في العالم! حمى الله قطر وأهلها، وخيّب الله أعمال المخربين والكارهين للدوحة أينما كانوا!
339
| 12 سبتمبر 2025
غالبية الكتب الفكرية والأدبية والاجتماعية مثل الناس، منها المتميّز، ومنها مجرّد أوراق سُوّدت بحبر المطابع بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع! وهنالك بعض الكتب التي تُطْبَع في الذاكرة الإنسانية، ومنها كتاب «مَن حرّك قطعة الجبن الخاصة بي؟» (Who Moved My Cheese?) للكاتب الأمريكي «سبنسر جونسون»، والمعروف بكتبه التحفيزية والتعليمية للأطفال وغيرهم، وهذا الكتاب، ورغم صدوره في العام 1998، إلا أن الدروس المستخلصة منه كبيرة وعديدة! ويمكن الاستفادة من الكتاب في كافة جوانب الحياة بما فيها الأعمال التجارية والمالية والإدارية، وجوانب الحياة الإنسانية، والسياسية، والاجتماعية، والعلمية وغيرها! والكتاب يتضمن حكاية رمزية ليست معقّدة ولكنّها عميقة، وتهدف إلى تقديم المساعدة للتعامل مع المتغيّرات الحياتية، الشخصية والمهنية. وحاول الكاتب، بطريقة ذكية، تقريب المعنى للجمهور عبر استعارة مفردة لأحد مشتقّات الحليب، والمنتج المعروف للجميع إلا وهو «الجبن» (The Cheese) لتمثيل ما يطمح إليه الإنسان في الحياة، مثل التفوّق، والسعادة، والعلاقات المميّزة، والعمل المثمر وغيرها من صور النجاح، وقد عَبَّر عن الواقع برمز «المتاهة»، وهي البيئة المحيطة بالناس، ويبحثون فيها عمّا يريدونه من معان نبيلة وسامية! وفكرة الكتاب تدور حول عَالَم خيالي، وعَالَم حقيقي، ومثّل العَالَم الأول بفأرين (سنيف وسكوري)، وهما يصوّران الجانب الفطريّ البسيط، ويتعاملان مع أيّ تغيير بسرعة كبيرة، ويتكيّفان معه دون أيّ تفكير أو تردّد! والعَالَم الحقيقي تمثّل بقزّمين صغيرين وهما (هم وهاو)، وهما يرمزان لعَالَم البشر الذين يخافون ويتردّدون ويتحيّرون عن حدوث التغيير أو عند مواجهته. ويحاول الكاتب، ومن جانب ذكي، أن يقارن بين تعامل الفئران والكثير من الناس مع التغيير، حيث يذكر بأنّ الفئران حينما يختفي الجبن عن مكانه المعتاد تتكيّف مباشرة مع الواقع الجديد، وهو انعدام الجبن، وتبحث، دون أي تردّد، عن جبن جديد! بينما الأمر مختلف عند الشخصين الصغيرين (هم وهاو)، ويبيّن بأنهما يشعران بالخوف والغضب والتردّد، ولكن، وهنا مربط الفرس، نجد في النهاية أن أحدهما وهو (هاو) يتعلّم الدرس، ويبدأ بالتكيّف مع الواقع الجديد، أيّا كان هذا الواقع، وفي أيّ مجال من مجالات الحياة، ويخرج (هاو) للبحث عن جبن جديد، أيّ عن فرصة جديد، وأمل جديد، وحياة جديدة، وعالم جديد بعد أن فقد قطعة الجبن، الفرصة، أو أيّ أمر آخر: المال، الوظيفة، المنصب وغيرها! وهذه الحكاية فيها الكثير من الدروس، وربّما من أبرزها هي أنّ تَقَبّل الإنسان للواقع الجديد والتكيّف معه، ولو بعد حين، من أهمّ أسباب النجاح، واستمرار العطاء والتمسّك بالحياة! وكذلك ضرورة تَقَبّل فكرة أو فرضيّة بأن الحياة تتغيّر، تماما مثلما يتغيّر الليل والنهار، والصحّة والعافية، والنور والظلام، والحياة والموت! ومن أبرز دروس الكتاب أنّ الخوف يعيق النجاح والتقدّم، وأن الخوف من المجهول والفشل من أبرز أسباب الخمول والتراجع والتردّد، وأخيرا فإنّ التجارب الجديدة مليئة بالمتعة، والماء الراكد يأسن ويصاب بالعفن، والبلبل المحبوس يموت! وهكذا فإن الكتاب يُعدّ نبعا صافيا ودليلا عمليّا وتحفيزيّا لفهم متغيّرات الحياة والعمل وكيفية التعامل معها وخصوصا في مجالات التنميّة الذاتية والإدارة! إن الحركة في الحياة هي تماما مثل الروح في الجسد، فحينما تغادر الروح يبقى الجسد جثّة هامدة تتعفّن خلال أيّام معدودات، وكذلك الحركة حينما تنعدم من الحياة فحينها ستكون حياة الناس هشّة، ومملّة، ومحاطة بالوساوس والمشاعر السلبيّة السقيمة! لنتّفق بإخلاص ألا نضيع أيّ ساعة من حياتنا بلا هدف حقيقي، وأن نتمسّك بالحياة تمسّكا منتجا، مثمرا، مليئا بحبّ الناس والعمل وبعيدا عن الكسل والفراغ والناس السلبيّين والمثبّطين! لنحرّك حياتنا بالإيمان والعمل والتعاون والتلاحم والحبّ والعطاء والسلام والنور!
576
| 05 سبتمبر 2025
تختلف رؤية الإنسان لغالبية ما يُحيط به من مشاهد ومواقف وأشياء ساكنة ومتحرّكة تبعا لحالته النفسية والجسدية والفكرية وأحواله المادية والزمانية والمكانية. ونظرة الشخص المترف الشبعان للحياة والكون تختلف عن رؤية الشخص الفقير الجائع، فالأول يرى أكثرية الأمور وردية وساكنة وممتعة، بينما الثاني يراها مظلمة ومزلزلة ومرهقة. ومن هنا تختلف، مثلا، لحظات النظر والتأمل بالبحر، حيث يراها المترف الشبعان بأنها لحظات راحة نفسية وعاطفية وإنسانية رقيقة، وهي كذلك، بينما، المعدم الجائع يراها لحظات مليئة بالتوتر والضغوط النفسية، وهو يتمنّى، لحظتها، لو تَمكّن من اصطياد سمكة لسَدّ رمقه، وهكذا تختلف أحوال الناس عند النظر للحقول والبساتين والمتاجر والمخابز وغيرها. والمحاصرون في غزة، ربما، يحلمون برغيف خبز في ظل الحصار «الإسرائيلي» عليهم، وَيُمنّون النفس بوجبة بسيطة من الأرز أو الشوربة أو غيرهما من الأكلات الزهيدة والمبذولة في أغلب دول العالم الفقيرة. ومن أفضل أعمال الخير والتعاطف الإنساني على مَرّ العصور هو إطعام الطعام للفقراء والمساكين والأرامل والأيتام وغيرهم من المحتاجين والذين سحقتهم الحروب والكوارث الطبيعية. ومجاعة غزة بدأ شبحها منذ بداية العام الحالي، وتضييق «إسرائيل» الخناق على أهلها بعد أن فشلت في هزيمتهم عسكريا ونفسيا. وسبق للأمم المتحدة أن كشفت يوم 12 آذار/ مارس 2025 عن أن «470 ألف شخص سيواجهون المجاعة في غزة». وأعلنت المنظمة الدولية يوم 22 آب/ أغسطس 2025، ولأول مرّة، حالة «المجاعة رسميًا في غزة»، وطالبت «إسرائيل بتوفير الغذاء والدواء دون إعاقات». وغزة عُرِفت باسم (غزة هاشم)، وهو جَدّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واسمه «عمرو بن عبد مناف» وسُمّي باسم «هاشم» لأنه كان يُهشِّم الخبز لقومه بمكّة المكرّمة لعمل الثريد، وقد خرج في تجارة إلى الشام وتوفّي في غزة ودفن فيها. والمفارقة أن غزة «مدينة هاشم» تعاني اليوم من الجوع، وكأن «إسرائيل» تريد الانتقام من كرم الهاشميين ومقاومة الغزيين، وكل ما يتّصل بالعرب والمسلمين من قيم نبيلة وأصيلة. ونحاول، وبعجالة، تسليط الضوء على أهم المطابخ والتكايا الساعية لتوفير الطعام لأهالي غزة رغم الحرب التي لا تُميّز بين مقاتل ومدني، وصحفي، وإعلامي، ومتطوّع، وطبيب، ومضمّد، ورجل، وامرأة، وطفل، ومسنّ، ومريض. وأبرزها حاليا مبادرة منظّمة «المطبخ المركزي العالمي» التابع للشيف الاسباني «خوسيه أندريس»، الذي أعلن يوم 21 آب/ أغسطس 2025 أن «المجاعة في غزة حقيقية، ولا يُمكن إنكارها». وكشف عن أنهم يُخططون لتوفير مليون وجبة يوميًا، وهم يُديرون حاليا 68 مطبخا، ويُقدّمون 200,000 وجبة يوميًا للغزّيين!. وسبق للمنظمة أن فقدت سبعة من موظفيها في ضربة جوّية «إسرائيلية» مُتعمّدة يوم 1 نيسان/ أبريل الماضي، ومع ذلك عادوا لعملهم الإنساني بعد شهر من الجريمة. وهنالك أيضا مطابخ «مبرة الخير»، و»غزة الخيري»، و»إغاثة فقراء غزة»، و»الشوربة»، و»الصليب الأحمر»، و»طِبّاخ الغلابة»، وشركة غزة الإنسانية الأمريكية. وتوجد، كذلك، عشرات التكايا الخيرية، ومنها تَكيّة «فرج الله»، و»غزة»، ومشروع دعم تكايا الطعام، وغيرها العشرات من التكايا والمطابخ الثابتة والمتنقّلة والمبادرات الفردية، الفلسطينية والعربية والأجنبية، التي تُقدّم آلاف وجبات الطعام المجانية يوميا. وتأكيدا على بشاعة سياساتها لم تراعِ «إسرائيل» المشاريع الإنسانية في غزة، واستهدفت، مع سبق الإصرار والترصّد، 68 مركزا وتَكيّة لتوزيع الطعام، وقتلت (197) متطوّعا في تلك المبادرات وذلك لغاية أيار/ مايو 2025، وقتلت، وبدم بارد، أكثر من 1400 شهيد من منتظري الطعام منذ أيار/ مايو الماضي ولغاية الرابع من الشهر الحالي. وهكذا لم يَسْلم من الهجمات «الإسرائيلية» حتى المنظمات الإنسانية الساعية لرفد الناس بالطعام والماء والدواء، وكأن «إسرائيل» تضغط على تلك المنظمات لتوقف مساعداتها، ولمشاركتها في حرب الأمعاء الخاوية والتجويع التي تمارسها، ولتستمرّ مظاهر الجوع والعطش والألم والخراب والدماء في غزة! فعن أيّ إجرام نَتحدّث؟ فهل رأيتم حقدا أكبر وأشدّ وأوسع من حقد حكومة «إسرائيل» على الفلسطينيين؟!
318
| 31 أغسطس 2025
نادرة هي المواقف التي تُنقش في الذاكرة الإنسانية ولا تُمحى منها بسهولة، وذلك لتميّزها من حيث الأفراد والظروف المحيطة والزمان والمكان. ولا يَنسى ملايين، وربما مليارات، الناس صورة الشاب القطري «غانم المفتاح»، الذي تلا آيات من القرآن الكريم خلال حفل افتتاح كأس العالم «فيفا» 2022 في دولة قطر الشقيقة. ووقف «غانم» خلال الافتتاح وكأنه العملاق الذي لا يُقهر أمام الممثّل الأمريكي الكبير «مورغان فريمان»، وألقى واحدة من أروع الكلمات العالمية حول التعايش وقبول الآخر. وهذه الأيام تَصّدرت أخبار «غانم المفتاح» مواقع التواصل الاجتماعي، والعديد من القنوات الفضائية بعد دخوله المستشفى في ألمانيا لإجراء عملية جراحية. وقال «غانم» قبيل العملية إن «حالته الصحية تستدعي بين الحين والآخر إجراء تَدخّلات جراحية ضرورية». ولاحقا، وتحديدا منتصف الشهر الحالي، كشف شقيق «غانم» عن أن شقيقه، ورغم تعرّضه لمضاعفات خطيرة عقب العملية الجراحية، إلا أنه «تَمكّن من الكلام بعد تَحسّن حالته»، وسيُكمل العلاج في «مركز تأهيلي» خلال المرحلة القادمة. وحقيقة يستحق «غانم» أن يكون قدوة لشباب العالم، وبالذات دولنا العربية، حيث إن بعضهم تعايشوا مع البطالة والعيش الرغيد دون السعي الجادّ للعمل والبذل والعطاء، رغم أنهم في تمام الصحة والعافية. ولد «غانم» في 5 أيار/ مايو 2002، ويُعاني من حالة نادرة ومع ذلك رفض الاستسلام، وناضل حتى النهاية، وبدعم أمه التي تستحقّ لقب «الأم المحاربة لليأس». ولم يكن «غانم» مجرّد شخص حاول مقاومة الإعاقة الجسدية فحسب بل أراد أن يَنقش اسمه في عدّة مجالات وضمن أصحاب الإرادات النادرة والمتميزة. وساهم «غانم» في المنصات الإعلامية، ونشر الكثير من رسائل التحفيز للشباب، ودعاهم إلى عدم اليأس والقنوط، وشارك، وبنشاط مُتميّز، في مجال توعية الدول والمنظمات بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، واليوم لديه قرابة 5.9 مليون متابع على الانستغرام. ولاحقا أسّس «غانم» شركته الخاصة بصناعة الآيس كريم «غريسة»، وعُيّن، كذلك، سفيرا للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة، ومؤسسة «أيادي الخير نحو آسيا»، ومركز قطر للمال، وغيرها. وانضمّ «غانم» في كانون الأول/ ديسمبر 2023 لوفد قطري مُتوجّه إلى مصر لدعم المصابين من غزة، وزار مستشفى العريش ليُقدّم الدعم المعنوي للمرضى. ويُعدّ «غانم» من الطلبة المتفوّقين في دراسته، وشارك في قمّة المستقبل 2024 في نيويورك، وألقى كلمة ملهمة تهدف إلى زيادة الوعي بذوي الهمم، وقبلها أسس جمعية «غانم الرابح» للكراسي المتحرّكة لتوزيعها لمَن يحتاجها. وبعدها تخرّج «غانم» بمرتبة الشرف في العلوم السياسية في عام 2024، ويطمح للعمل في السلك الدبلوماسي مستقبلاً. وأدى «غانم» العمرة لأكثر من مرّة، وشارك في تَسلّق أعلى قمّة جبلية في الخليج «جبل شمس» وغيرها من الفعاليات الصعبة والمعقّدة. إن روح التفاؤل التي ملأت فكر «غانم» وروحه شجّعته للتغلب على إعاقته، ولهذا دعا كل من أُصيب بهذه الحالة النادرة أن يسعى لتحقيق حلمه رغم الظروف القاهرة المحيطة بهم، وتجربة «غانم» المميّزة تُدّرس اليوم في العديد من المناهج المدرسية. فأيّ إرادة تلك التي ترعرعت وسط أمواج طوفان التحدّيات القاهرة، وكيف غُرِسَت، ومَنْ الذي أنبتها، وسقاها، ورعاها، وحفظها من الذبول؟ حقيقة الكلام عن هذه التجارب القاسية ليس سهلا، ولكن «غانم» جعل المستحيل في قاموس حياته ليّناً هيّنا، وجعل الصعوبات سَلِسَة وممتعة، وهنا تكمن قوة الإرادة، وصلابة التحمّل، والصراع مع الظروف القاسية. صدقا يستحقّ «غانم» أن يكون قدوة للتحدي والصبر والصمود للشباب الناجحين، وبمثابة منارة يُفترض أن يتعلّم منها الذين آثروا النوم والكسل على العمل، والاعتماد على الغير بدلا من العطاء والمحاولة للنجاح والبناء. وأخيرا ننقل كلمات «غانم» وقوله: «هناك مَن يقول إنّني تَحدّيت إعاقتي، ولكن أنا أقول إنّني لم أتحدها، بل تَعايشت معها».
735
| 22 أغسطس 2025
يقصد بالتعبئة، ببساطة، تحويل غالبية قدرات الدولة بشكل عام، والقدرات العسكرية بشكل خاص من مرحلة «السلم» إلى مرحلة «الحرب» لمواجهة أخطار داخلية وخارجية متوقعة، أو متوهمة، سواء أكانت بشرية، أو طبيعية. وتشمل «التعبئة العسكرية» القدرات الأمنية والبشرية والمالية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية وبما يخدم الجاهزية الوطنية، وتعزيز قدرات الدولة على التصدي للمخاطر وتحقيق المصلحة العليا. والتعبئة العسكرية قرار مفصلي لمواجهة تهديد محتمل أو لتنفيذ مخططات معينة، ولذلك، ومنذ عدة أشهر، وخصوصا بعد فشلها الذريع في القضاء على المقاومة الفلسطينية، تحاول «إسرائيل» احتلال غزة بالكامل. وسبق لمجلس الوزراء الصهيوني المصغر «الكابينت» أن مَدّد يوم 2 آذار/ مارس 2025 صلاحية «التعبئة الاحتياطية»، بحيث يُمكن استدعاء حتى 400 ألف جندي احتياط لغاية 29 أيار/ مايو 2025. ووافقت الحكومة يوم 8 آب/ أغسطس الحالي على اقتراح رئيسها «بنيامين نتنياهو» لغزو غزة، والمخيمات الوسطى، وتهجير مليون فلسطيني جنوباً، رغم المعارضة الدولية والداخلية لهذه الخطة الجنونية والانتقامية!. وبعد يومين منح «نتنياهو» لوزير الجيش «يسرائيل كاتس» الصلاحية لاستدعاء ما يقرب من 430 ألف جندي احتياطي حتّى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، استعدادا لاحتلال غزة!. وهنالك الآن تسريبات تؤكد أن ست فرق عسكرية «إسرائيلية» ستشارك في الحرب البرية لاحتلال غزة، ونقل سكانها إلى «مراكز إيواء» ومراكز لتوزيع المساعدات قبل انطلاق العملية المرتقبة بشهر ونصف الشهر!. وعندما ندقق في قدرات «إسرائيل» العسكرية، ومن مراكز متخصصة، سنجدها تمتلك 173 ألف جندي بالخدمة الفعلية، وأكثر من 465 ألف جندي احتياط. ولديها 595 طائرة مقاتلة ومسيّرة ومروحية، وجميعها تمتاز بقدراتها التكنولوجية المتقدمة. وتمتلك أيضا 1650 دبابة، وقُرابة 7500 مدرعة قتالية، ونحو 950 مدفعا ذاتي الحركة وميدانيا وغيرها من المعدات الحديثة. ولو افترضنا استخدام 600 ألف عسكري «إسرائيلي» على أقل تقدير في الهجوم المرتقب، فهذا يعني، وبحسبة بسيطة، أن كل مدني في غزة سيقابله ثلاثة جنود وبأحدث الأسلحة، عدا آلاف الدبابات والمدرعات والطائرات! وأمام هذه المعطيات نتساءل، وبحيرة مزعجة: - ما الغاية من تجييش مئات آلاف المقاتلين لمواجهة نحو مليون ونصف المليون مدني أعزل في غزة؟ - وهل أصبحت غزة تُهدد الوجود «الإسرائيلي» بعد صمودها لعام وعشرة أشهر، ولهذا يُريدون محوها؟ - وكيف ستَنْقل «إسرائيل» أكثر من مليون شخص نحو الجنوب رغم المقاومة والدمار، وكيف ستتعامل مع هذه الأعداد الهائلة وبينهم المرضى وكبار السن، فهل ستسحقهم، ويكون مصيرهم بين قتيل، وجريح، ومعوق، وأسير، ومهجر، ومطارد، وكأنها لم تُشْبِع أحقادها بأكثر من 120 ألف فلسطيني بين شهيد ومعوق ومفقود، منذ 679 يوما؟ - وهل سيستسلم أهالي غزة بهذه السهولة التي تتصورها «إسرائيل»، أم أنها ستستخدم القوة المميتة لتحقيق خطتها؟ - وهل «نتنياهو» يهرول نحو الحرب الشاملة لحفظ ماء وجهه، وتجنب مواجهة تداعيات الغضب الداخلي، وخصوصا ملف الأسرى لدى المقاومة؟ - وأخيرا، فإن التعبئة العسكرية، وفقا للأدبيات العسكرية، تُعْلَن أوقات الحروب الحاسمة والتهديدات الضخمة، فهل هذه الأسباب متوافرة في غزة الآن؟ يبدو أن «إسرائيل» تريد إعلان «التعبئة» للخلاص من الموقف الهزيل القائم نتيجة لصلابة المقاومة الرافضة للاستسلام والتراجع! ولهذا قال رئيس الأركان الجيش «الإسرائيلي» الفريق «إيال زمير»، إن خطة «نتنياهو» ستُعرّض «حياة الرهائن للخطر»، وستُرسل جنود «إسرائيل» إلى «فَخّ الموت». فهل عرفتم الآن كمية الرعب في قلوب قادة «إسرائيل» وعقولهم؟ عملية غزة المرتقبة ستُزيد من عزلة «إسرائيل»، وستجهض أي محاولة لإنقاذ أسْراها لدى المقاومة، وربما، لا تحصل حتى على جثثهم، وهذا سيفتح الباب لمظاهرات عارمة بالمدن «الإسرائيلية». التطورات الخطيرة تُحتِّم على المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية ضرورة الإسراع لتخليص المدنيين الغزيين من مجزرة «إسرائيلية» محققة ووقف الحرب قبل أن يكون العالم، بعد شهر ونصف الشهر، بمواجهة مجزرة جديدة قد تتجاوز كافة التوقعات من حيث الكم والنوع والبشاعة!.
777
| 15 أغسطس 2025
يطلق مصطلح «النداء الأخير» على الفترة الحرجة التي يقترب فيها الموقف أو الإنسان، من الوصول الحتمي لتوقيت معين لا يمكن تدارك تبعاته بسهولة، وغالبا ما نسمع هذا النداء في المطارات! وهي دعوة للركاب الغافلين، أو المتأخرين لتدارك الصعود للطائرة قبل إغلاق البوابة، وحينها يغدو الصعود ضربا من المحال! والمصطلح استخدم في عموم مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية وغيرها. واستعير في السياسة والحروب لبيان المواقف العسيرة والمعقدة، وضرورة اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية قبل الوصول لمرحلة الانفجار العام والانهيار نتيجة السياسات الخاطئة والفوضى الإدارية. واستفيد منه اجتماعيا للتحذير من الظواهر الساحقة ومنها المخدرات والتلاعب بالقوانين وغيرها من السلوكيات الضاربة لأمن الدولة والمجتمع! واستعمل المصطلح طبيا في أوقات السلم والحرب، ولهذا وجدنا أن القائمين على القطاع الصحي لغزة أطلقوا، الثلاثاء الماضي، «النداء الأخير» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البشر الذين تاهوا بين الضربات الجوية والصاروخية «الإسرائيلية» العشوائية، والحصار الظالم المطبق على القطاع! وأطلقت صحة غزة «نداءها الأخير» للمجتمع الدولي بضرورة التدخل السريع لإنقاذ الأرواح التي لم تعد مرتبطة بالحرب فقط بل بانتشار أمراض قاتلة مثل مرض متلازمة «غيلان باريه» النادر! وفي هذه الظروف المشحونة بالرعب والجوع والموت يسعى رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو للحصول على موافقة مجلس الوزراء لدعم خطته الخيالية لاحتلال غزة كاملة رغم رفض جيشه لفكرته الجنونية! وكشفت بعض الصحف العبرية، الثلاثاء الماضي، أن نتنياهو أبلغ فريقه: « قد حُسم الأمر، نحن نهدف إلى احتلال كامل لقطاع غزة»، وأكد بأنه ستكون هناك عمليات حتى في «المناطق التي يُحتجز فيها الرهائن»، وإذا لم «يوافق رئيس الأركان»، الفريق إيال زمير، «فعليه الاستقالة»، كونه يُعارض احتلال غزة! التوجه «الإسرائيلي» الجديد يؤكد سعي «تل أبيب» الحثيث لإفشال مفاوضاتها مع الفلسطينيين في الدوحة، ويثبت بأن «إسرائيل» لم تأت للمفاوضات للوصول إلى حلول مقبولة للطرفين، ولكنها أرادت أن تُملي شروطها على الفلسطينيين، وهذا الرأي لا يمكن قبوله بعد التضحيات الفلسطينية الضخمة، والاستخفاف «الإسرائيلي» بحياة الفلسطينيين، وحاضرهم ومستقبلهم! وتسيطر «إسرائيل» حاليا، وفقا لحكومة غزة، على 77 بالمئة من مساحة غزة؛ وهذا يعني أنها تُخطط لاحتلال الربع المتبقي من القطاع! وبعيدا عن المؤيدين والمعارضين لخطة نتنياهو، أرى بأنه يفترض الوقوف أمام عدة أسئلة كبرى، ومنها: - ما مصير أكثر من مليون ونصف فلسطيني من المحاصرين داخل غزة، ومَنْ سيحميهم، وخصوصا أن نصفهم، ربما، سيُسحقون بمخطط نتنياهو الجديد؟ - ثم بأي أرض يمكن أن يؤول مصير هؤلاء المحاصرين بعد الحرب؟ - ومَن سيضمن سلامة الأسرى الصهاينة داخل القطاع، وهل مسؤولية قتلهم «المتوقعة» خلال الهجوم المرتقب تقع على نتنياهو أم على المقاومة التي حافظت على حياتهم في أصعب الظروف؟ - وما الموقف الدولي والعربي من هذه الخطوة الصهيونية المصيرية والفاصلة، وما تداعياتها؟ هذه التساؤلات والاحتمالات الجوهرية وغيرها تجعل العالم على مفترق طريق حاد جدا، وعليه ينبغي العمل بالوسائل الدبلوماسية وعبر المحافل الدولية والعلاقات مع الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات الأمريكية، لإنقاذ ما تبقى من غزة، وإلا فإننا سنشهد أكبر مجزرة إنسانية تُغذّي غرور نتنياهو وتسحق الأبرياء! وهكذا، وفي ضوء تراخي غالبية الدول عن نصرة غزة، أعتقد أن هذا النداء هو «النداء الأخير» للإنسانية لتنقذ سمعتها من «الموقف المخجل» الذي سيلاحقها إلى يوم القيامة! إن «النداء الأخير» يَفرض على الأنقياء العمل لدعم غزة، كلٌ من موقعه، وأقل الدعم هو الرفض للهمجية «الإسرائيلية»، ولو في القلب، بعيدا عن الموقف «السقيم» بالوقوف مع «إسرائيل» ضد المقاومة الفلسطينية! هي فرصتنا التاريخية لنصرة غزة، رمز البطولة والرجولة والتمسك بالحقوق، وبوابة صيانة الماضي والحاضر والمستقبل! وهي «النداء الأخير» للعالم أجمع: «فهل ستتحرك الدول قبل أن يلفظ مَن تبقى من سكان غزة أنفاسهم؟ كما قالت صحة القطاع في «صرختها الأخيرة»!
549
| 08 أغسطس 2025
تدخل المدن لكتب التاريخ بمواقفها النبيلة والمشينة، تماما، مثلما يدخلها العباقرة والعلماء والنوابغ بإنجازاتهم، والكثير من المجرمين والقتلة والإرهابيين بجرائمهم. وتُسطّر عموم كتب التاريخ الأحداث الكبرى والصغرى المتعلّقة بالإنسان والحياة بحيادية وموضوعية، وهنالك أحداث تفرض نفسها على كتب التاريخ رغما عن بعض المؤرخين الذين، ربما، لا يَميلون ولا يَتعاطفون مع مَن غيّروا اقتحموا التاريخ وغيروا مجراه. وغزة اليوم هي الخبر الأول والأبرز في عموم النشرات الإخبارية العالمية والمحادثات بين غالبية الدول، وكأنها عملاق اسطوري يفرض نفسه على القاصي والداني، والحاضر والمستقبل. عالميا وشعبيا هنالك الكثير من الحكايات، الحقيقية والخيالية، التي تتناقلها الشعوب، ومنها حكايات ألف ليلة وليلة، وسندريلا، وعلاء الدين والمصباح السحري، والسندباد البحري، وغيرها، وستضاف إليها، حتما، «حكايات فلسطين». والحكايات الفلسطينية كتبت بمداد دماء الشهداء، وصرخات اليتامى والثكالى، وها هي «إسرائيل»، ومنذ أكثر من 665 يوما، ما تركت سلاحا تمتلكه إلا وجربته ضد الغزّيين العزّل، وقتلت، حتى الساعة، أكثر من 60 ألف مدني، وهنالك، وفقا لمنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، «مليون امرأة وفتاة في غزة يواجهن المجاعة». وها هي جثث الشهداء في كل مكان، وكل مَن يعيش في غزة عرضة للموت، وهكذا هم أهل غزة يُصارعون مخططات «إسرائيل» الساعية لمحوهم وقطع أي صلة لهم بالحياة عبر عمليات قتل وتجويع مدروسة تُتَرجم الحقد «الإسرائيلي» الدفين وغير المبرّر. وهكذا فنحن أمام همجية «إسرائيلية» مُتجذرة، وكراهية عميقة، وصور تزرع الأسى والألم في النفوس، وقنابل تهبط من السماء، تُدمّر الناس والبيوت، ووسط هذه الفوضى هنالك ما يقرب من مليوني شخص أعزل يهيمون في أرجاء القطاع لا يدرون إلى أين يذهبون، بحثا عن الأمان والطعام. وها هي غالبية دول العالم تُتابع بعض مجازر «إسرائيل» في غزة، والتي تهز الضمائر، حيث الموت بالجملة، والصراخ والجوع في الأرجاء، دون أن تتحرك، حقيقة، لوقف تلك المجازر. هذه الحكايات الفلسطينية الفريدة دفعت 25 دولة، بينها بريطانيا وفرنسا، يوم 21/7/2025، لمطالبة «إسرائيل» بالرفع الفوري للقيود التي تفرضها على تدفق المساعدات لغزة، وأكدت رفضها «أي إجراء لإحداث تغيير ديمغرافي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فمَن الذي غيّر المواقف الدولية غير الصمود الفلسطيني؟ أظنّ أن حكايات الصمود الغزّي التي أذهلت العالم هي السبب الذي دفع غالبية الدول والشخصيات المشهورة للاهتمام بغزة وما يقع على أهلها وأرضها من جرائم قتل وتجويع وسحق للحياة. وبالمقابل فإن الدول الغربية المترددة في دعمها لغزة، والمستمرة بدعمها «لإسرائيل»، ضربت بدساتيرها الضامنة لحقوق الانسان وكرامته عرض الحائط. إن الحكايات الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اللحظة، والتي ستحكى للبشرية في غالبية بقاع الأرض، ليست نسجا من الخيال، بل أحداث واقعية، تُثبت أن الفلسطينيين والغزّيين وقفوا في وجه واحدة من أعتى الهجمات الهمجية بعد الحرب العالمية الثانية. والحكايات الفلسطينية والغزّية مَزجت الحاضر بالماضي والمستقبل، والحياة بالموت والأمل، وذَوّبت الشبع بالجوع والسلام، وكأن غزة تُعلّم العالم أن الموت، ورغم هيبته، كونه الحقيقة المخيفة المرعبة إلا أن إيمان أهلها جعلهم لا يهابون الموت، ويتعايشون معه، ولم يتركوا، حتى، صلوات الجنائز على شهدائهم رغم الصواريخ والجوع والإرهاب. فعن أيّ شعب نتكلم، وكيف سيؤرخ المؤرخون هذه الأحداث، وكيف سيَصفون هذا الصمود النادر للرجال والنساء والأطفال والأصحاء والمرضى والحوامل، وكيف سيكتبون عن تعايشهم مع الموت والحرب، تماماً مثلما يحلمون بالحياة والسلام؟ وقريبا ستكون غزة واحدة من مصادر الابداع لشركات إنتاج الأفلام السينمائية العالمية، وسيقف العالم حينها، كما هو اليوم، احتراما لصور الصمود والصبر والثبات الغزّي. فلسطين وغزة حكايتنا المثالية التي نتباهى بها أمام العالم لأن أهلها جزء منا ونحن جزء منهم، ولأنهم عنوان للفخر والعزّ والبطولة والبسالة والقيم النبيلة الرفيعة الراقية. أما نحن فسنبقى نكتب عن بطولات غزة وتضحياتها وثباتها وآلامها، وهذا أقل الواجب الواقع علينا تجاه أهلها الأنقياء الأوفياء.
390
| 01 أغسطس 2025
أبشع الجرائم في عصرنا الحاضر تلك التي تُنقل على الهواء مباشرة للقريب والبعيد، والأشد بشاعة أن ملايين الناس صارت تنظر لتلك الجرائم وكأنها أحداث عادية، ويُمكن للجميع متابعتها وهم يتناولون الطعام، أو يحتسون الشاي! ولا خلاف حول أهمية الإعلام المحايد ودوره في نقل الحقائق للعالم، حيث تُعدّ وسائل الإعلام المتنوّعة ركيزة أصيلة في حياة الدول والشعوب. ويتركّز دور الإعلام في نقل الحقائق والأحداث والأخبار فضلا عن تشكيل الرأي العامّ، وتوجيه المجتمع والتوعية والتثقيف والترفيه والرقابة الأصيلة النقية باعتباره السلطة الرابعة في الترتيبات الهرمية للسلطات في غالبية الدول! وهذا الدور الدقيق، غالبا، يكون في أوقات السلم، والسلام، ولكن في أوقات الحرب والتناحر يختلف دور الإعلام تماما، بل وتتضاعف أهميته ومسؤوليته قياسا بالأوقات الطبيعية! وتأتي أهمية الإعلام في الحرب بنقله للحقائق الميدانية، أو تضليل العدو ضمن عمليات التمويه والحرب النفسية، ورفع معنويات المقاتلين والتعبئة العامّة بما يضمن إلحاق الهزيمة المادية والمعنوية بالعدوّ! والدور الأبرز للإعلام الحربي هو توثيق جرائم العدوّ وانتهاكاته في أرض المعركة وضد المدنيين العزل! والإعلام اليوم، في زمن القرية الصغيرة التي نحن فيها، بات من الضروريات التي لا يُمكن الاستغناء عنها في جميع المجالات، وخصوصا تلك المتعلّقة بالإنسان! ومنذ أكثر من 655 يوما تُتابع «إسرائيل» جرائمها البشعة بحقّ أهالي غزة، وكأنها تُسابق الزمن لقتل المزيد من الأبرياء، وهدم المزيد من البنايات، وسحق المزيد من مظاهر الحياة، وكأننا أمام سياسة محو مدروسة وتُنفّذ بدقة متناهية وأمام أنظار العالم! وقتلت «إسرائيل»، حتى ساعة كتابة هذا المقال، 59219 فلسطينيا في غزة، وفقا للجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء! والجرائم «الإسرائيلية» البعيدة عن الإعلام لم تقتصر على الطائرات المسيّرة التي لا تُفرّق بين الضحايا، بل هنالك اليوم أسلحة التجويع التي تَتَفنّن «إسرائيل» في استخدامها، بصمت وهدوء، ضد ما يقرب من مليوني نسمة في غزة! ومن هنا، ولمعرفتها بأهمية الإعلام، حاولت «إسرائيل» نحر الإعلام المحايد والشعبي في غزة حتى لا يَنقل بعض الحقائق للعالم! ومن هذا المنطلق طالب «فيليب لازاريني»، المفوّض العامّ للأونروا يوم 18/7/2025 برفع الحظر المفروض على دخول وسائل الإعلام الدولية لغزة، لأنه «الحظر» سيُغذّي حملات التضليل المشككة بالبيانات والروايات» الناقلة للجرائم «الإسرائيلية»! والصحفيون الناقلون للحقائق في غزة هم أهداف أصيلة للطائرات المسيّرة، وأكّد «لازاريني»: «مقتل أكثر من 200 صحفي فلسطيني»! وهنالك احصائيات تؤكّد مقتل أكثر من 230 صحفيا خلال 655 يوما، وآخرها استشهاد الزميلة «ولاء الجعبري» وأطفالها الخمسة، الأربعاء الماضي، في غارة «إسرائيلية»! ورغم التحذيرات العالمية تواصل «إسرائيل» استخفافها بالإنسان والقوانين الدولية، وتتابع جريمة تجويعها لأهالي غزة! وشاهدنا، وخلال البث المباشر، سقوط عشرات الغزيين على الأرض من شدّة الجوع، وقد مات منهم حتى اللحظة 115 شخصا، فيما حذّرت صحة غزة من تفاقم المجاعة، وتأثيرها على حياة المواطنين! والمدهش أن جنود «إسرائيل» يتلاعبون بأرواح الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات الإنسانية بالرصاص الحيّ، وكأنهم يلعبون لعبة إلكترونية، وهذه الجرائم البشعة، نقلها الإعلام الشعبي الفلسطيني للعالم! هذه الحقائق دفعت «أفيغادور ليبرمان» زعيم حزب «إسرائيل بيتُنا» للقول، الثلاثاء الماضي، بأن هذه «الحرب شَوّهت صورة إسرائيل»! والاستخفاف «الإسرائيلي» دفع العاهل البلجيكي «الملك فيليب» للقول يوم 21/7/2025:»ما يجري في غزة عار على الإنسانية»! وحثّ الإعلامي الأمريكي «جنك أويغر» لينتقد بشدة وسائل الإعلام الغربية، ويكشف «تحيّزها الواضح لصالح إسرائيل وتجاهلها لمعاناة فلسطين»! إن الجرائم «الإسرائيلية» سواء أكانت أمام الإعلام، أم في الظلام فسيكتبها التاريخ بمداد الخزي والعار! ومهما حاولت «إسرائيل» أن تخفي الحقيقة فستفشل، واليوم الإعلام الشعبي الفلسطيني ينقل جرائمها لحظة بلحظة حتى يَطّلع العالم على بعض جناياتها المتوحّشة والفظيعة! وأخيرا ننقل رسالة فريق قناة «غزة الآن» للعالم بسبب المجاعة، قبل يومين: «نكتب إليكم كلماتنا في لحظات حرجة، وقد لا نتواصل بعدها»!
345
| 25 يوليو 2025
يعاني قطاع غزة من مخطّطات مركّبة مليئة بالقتل والإرهاب والإعاقة والتهجير وسحق كرامة الإنسان ومحاولات هدم للحاضر والمستقبل، بالأسلحة القاتلة المتنوعة والتجويع! وسبق للسلطات «الإسرائيلية» أن سمحت، ولغاية نهاية العام 2024، بمرور عدد قليل من شاحنات المساعدات والبضائع، وبمعدّل 50 شاحنة يوميا، وهي تمثّل 10 بالمائة فقط من الاحتياجات الحقيقية لغزة، وهي تسمح اليوم، وبضغوط دولية، بدخول بضع شاحنات يوميا، وتستهدف غالبيتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة خلال مراحل التوزيع! وسياسة غلق المعابر والتجويع بدأتها تل أبيب منذ 2 مارس/ آذار الماضي بشكل محكم تهدف لتحريك الشارع الغزي ضد المقاومة الفلسطينية وخلق ربكة شعبية، وصراعات داخلية، وهذا ما لم يتحقّق! واللافت للنظر، والمحيّر للفكر كيف أن المجتمع الدولي يتابع قصف «إسرائيل» وقتلها وترهيبها للمدنيين العزل وهم يحاولون الحصول على المساعدات الغذائية الشحيحة التي تدخل القطاع بصلابة لا يمتلكها إلا من سُلبت منهم جميع خيارات النجاة! وقد ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان منتصف الشهر الحالي أن «إسرائيل» قتلت 865 شخصا قرب مراكز مساعدات غزة خلال الأسابيع الـ 6 الماضية، وأن عمليات القتل والهجمات ضد الفلسطينيين تكثّفت في الأسابيع الأخيرة! وهكذا حَوّلت «إسرائيل» مراكز توزيع المساعدات كمائن لصيد الأبرياء، وهنا نلاحظ أن الفلسطينيين، وبسبب شدة المجاعة التي يعانون منها، يضطرون لدخول هذه المناطق المرعبة للحصول على المساعدات لتقديم العون لعوائلهم، وخصوصا للأطفال والنساء! ومع تأكيد منظمة «الأونروا» على ارتفاع معدلات سوء التغذية في القطاع، ذكرت حكومة غزة أن أكثر من 66 طفلا فقدوا حياتهم بسبب مضاعفات سوء التغذية والمجاعة الناتجة عن سياسة التجويع الممنهج! وتتزامن الضربات «الإسرائيلية» الانتقامية مع تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة في غزة نتيجة لسوء التغذية التي تُهدّد الأطفال وكبار السنّ والمرضى، ومع ذلك فإن غالبية دول العالم تتجاهل هذه المأساة، وكأن غزة من كوكب آخر! وأعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، يوم 8/7/2025 أن نحو 112 طفلا يدخلون مستشفيات غزة يوميا للعلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الجاري، جرّاء الحصار «الإسرائيلي» الخانق! والحصار لم يستثن أحدا، وقد طال أكثر من مائة ألف مسنّ، وهم يمثّلون 5 بالمائة من سكان غزة! وجرائم استهداف المساعدات تُعدّ جريمة جسيمة وفقا للقانون الدولي الإنساني، وقد أكدت اتفاقيات جنيف لعام 1949، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: على أن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، يمكن أن يُشكِّل جريمة حرب! وتحاول «إسرائيل» فرض واقع جديد بعيد عن القوانين والأنظمة الدولية، حيث ترى نفسها فوق القانون، وهي تتنصّل عن كافة المواثيق والقوانين الدولية، وتنفّذ ما يحقّق أطماعها التوسعية ولو على حساب حقوق وممتلكات الآخرين، وحياة المدنيين والأبرياء! وهذه الجرائم الصهيونية هي محاولات من حكومة بنيامين نتنياهو للتغطية على الفشل الميداني في معارك غزة، ولهذا وجدنا أن زعماء المعارضة «الإسرائيلية» قد اتهموا نتنياهو بـ»بيع جنوده والتضحية بدمائهم في سبيل البقاء السياسي» بعد مقتل ثلاثة جنود الاثنين الماضي بغزة! وهكذا تستمر العمليات «الإسرائيلية» بنحر الساكن والمتحرّك، والصغير والكبير، والسقيم والسليم، والشاب والمسنّ، والنساء والرجال، والأموات والأحياء في غزة، وكأنها سياسة محو واقتلاع وانتقام وتهشيم للمدنيين العزل وذلك بعد أن عجز الجيش «الإسرائيلي» عن مواجهة المقاومة الفلسطينية فأراد أن يظهر «بطولاته» المزيفة على المدنيين العزل! وأخيرا ننقل كلام «عمير بارتوف» أستاذ دراسات الهولوكوست بجامعة براون، في مقاله المنشور منتصف الشهر الحالي في «نيويورك تايمز»: «لقد أصبح استنتاجي الحتمي أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني»! الحقيقة الصادمة لقادة «إسرائيل» أن عمليّاتهم العسكرية، ورغم قساوتها وهمجيّتها، لم تُحقّق غايتها في كسر ارتباط الفلسطينيين بأرضهم وحقوقهم، وهذا هو النصر الفلسطيني الحقيقي، وإن لم يتحقّق الآن على أرض الواقع!
378
| 18 يوليو 2025
لاحظنا خلال الأشهر الماضية، وقبل عودة «إسرائيل» للمفاوضات التي نقضتها سابقا بأن جيشها كثّف من عملياته العسكرية العشوائية ضد المدنيين العزل في غزة سعيا منها لكسر المقاومة في الميدان، ولكنها عجزت عن ذلك، ولهذا اضطرّت للعودة للتفاوض مع الفلسطينيين.وحقيقة لا يوجد في القانون الدولي ما يمنع أي جيش أو مقاومة من تصعيد العمليات العسكرية خلال المفاوضات، ولكنها، وفقا لبعض المنظرين، تعتبر خرقا لنيّة السلام، ومع ذلك فهي شائعة في غالبية الصراعات والحروب والمواجهات. وتَستخدم غالبية الدول أسلوب تكثيف العمليات العسكرية خلال المفاوضات لتقوية موقعها على طاولة المفاوضات، وفرض شروطها عبر القصف المكثّف، والتركيز على تصفية القيادات الميدانية، وتهشيم البنية التحتية للمقابل لدفعه لقبول الواقع وقبول شروط الطرف الضاغط، وهذا ما سعت تل أبيب لتحقيقه خلال الأشهر الماضية وحتى الآن!. ومع الإصرار «الإسرائيلي» على التصعيد العسكري خلال المفاوضات الحالية وجدنا أن المقاومة الفلسطينية لم تقف مكتوفة الأيدي بل قلبت المعادلة، وجعلت الجيش «الإسرائيلي» وقادة الاحتلال في مواقف هزيلة، وإحراجات ساحقة ميدانيا وسياسيا واجتماعيا. ومن أبرز ثمار الإصرار الفلسطيني العمليات والكمائن النوعية للمقاومة، وبالذات الأخيرة منها، كونها أحرجت الكابينة الحكومية «الإسرائيلية»، والقيادة الميدانية للجيش التي فشلت بعد عشرات الوعود في إنهاء المقاومة، وبالمحصّلة إشعال الغضب الشعبي الصهيوني ضد الحكومة والحرب. وسنذكر هنا أبرز الكمائن التي وقع فيها الجيش «الإسرائيلي» منذ نهاية عام 2023 وحتى الآن: - كمين الشجاعية يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 10 جنود وضبّاط من لواء غولاني. - كمين المغازي يوم 22 كانون الثاني/ يناير 2024، وأسفر عن مقتل 21 جندياً وضابطاً. - كمين الزنة في خان يونس يوم 6 نيسان/ أبريل 2024 وقُتل فيه أربعة جنود، بينهم ضابط. - كمين تل السلطان منتصف حزيران/ يونيو 2024 في رفح، وأوقع 8 قتلى. - كمين مركب في خان يونس يوم 24 حزيران/ يونيو 2024، وقتل فيه أربعة جنود وجرح 17 آخرون! - كمين «كسر السيف» ببيت حانون شمالي غزة، حيث استهدفت المقاومة يوم 19 نيسان/ أبريل 2025 جيبا عسكريا للاحتلال وأوقعوا أفرادها ما بين قتيل وجريح. - كمين «الفرقة 98» في الشجاعية، يوم 3/7/2025، والتي وجدت نفسها أمام ثلاث عمليات فدائية أوقعت قتيلا و8 مصابين من وحدة «إيغوز» النخبوية، بينهم 3 في حالة خطرة. - كمين بيت حانون شمالي غزة يوم 7/7/2025 وتسبب بمقتل 6 جنود، وأسر اثنين، واصابة 19 آخرين. والكمائن الأخيرة في الشجاعية وبيت حانون نُفّذَت خلال مفاوضات الدوحة، وكمين بيت حانون أفقد الجيش الصهيوني السيطرة على العمليات الأرضية، خصوصا بعد تأكيد الإعلام «الإسرائيلي» أن «مقاتلي القسام دخلوا بالكمين بلباس جنودنا ولم يَتعرّفوا عليهم». والكمين الأخير نُفّذ بدقة متناهية بحيث إن المقاومة زرعت الألغام عند كافة المداخل، ونفّذت خطّتها على الدبابة الواقعة بالكمين، ثم هاجمت القوة المساندة، ثم أطاحت بقوتي الانقاذ الأولى والثانية، وأخيرا فجّرت الموقع المزروع بعشرات الألغام المضادّة للدبابات، وتلاها عملية فتح النيران على الموقع. وذكرت بعض الوكالات أن عدد الأحداث الخطيرة ضد الجيش «الإسرائيلي» يصعب حصرها بدقّة، ولكنها أكثر من 200 حادث أمني نوعي منذ نهاية 2023 ولغاية منتصف 2025. وهكذا فإن ضربات المقاومة النوعية أربكت المفاوض «الإسرائيلي» وجعلته يتردّد في اتخاذ القرار الصائب خصوصا بعد أن وضعته تلك الضربات أمام معادلة جديدة لا يمكنه معها فرض شروطه على المفاوض الفلسطيني. التناغم الفلسطيني، الميداني في غزة ، سيُجبر «إسرائيل» على النزول من برجها العاجي والقبول بالكثير من شروط المقاومة الفلسطينية رغما عن إرادتها.
585
| 11 يوليو 2025
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
4569
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4128
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4083
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1533
| 26 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1284
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1254
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1173
| 28 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1047
| 29 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
948
| 23 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
930
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية