رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال وما يُكتم، وبين ما يُروى وما يُستر، يبرز خُلُق كريمٍ عزيزٍ على النفوس، لا يحمله إلا من صفا قلبه وتهذّب لسانه، ذاك هو كتمان السرّ. الكرم الحقيقي ليس في بذل المال ولا في طلاقة الوجه فحسب، بل في أن يملك الإنسان نفسه عند الكلام، فيُميت السر حتى كأنه لا يعرفه، فإذا استبحثوه عن حديثك جهلَه، لا توريةً ولا نفاقًا، ولكن مروءةً وحياءً وحفظًا للأمانة. لقد علّمنا القرآن أن الأمانة ليست محصورةً في الأموال، بل تمتد إلى الأقوال والأسرار، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]. ومن الأمانة أن تحفظ ما استُؤمنت عليه من قولٍ أو سرّ، فلا تُفشيه ولو على سبيل المزاح أو الفضفضة، فإنما القلوب مطايا الكلام، وما خرج من الفم لا يعود. ولذلك قرن الله بين ضبط اللسان وتقوى القلب، فقال سبحانه: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، إشارة إلى أن الكلمة مسؤولية، وأن كتمان السر عبادة خفية لا يراها الناس، ولكن يراها الله، فيجزي عليها صدقًا وأجرًا عظيمًا. القرآن يوجّهنا إلى أن الكرامة ليست في كثرة الكلام، بل في الصمت الحكيم، كما قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 3]، فاللغو يشمل كل ما لا فائدة فيه، وأي لغوٍ أعظم من بثّ سرٍّ أُؤتمنت عليه؟! إن الكريم لا يقتل السر خوفًا، بل حياءً من الله ووفاءً لصاحبه، يرى أن الستر جزء من شخصيته، وأن الصمت عن الأسرار أدبٌ إيماني قبل أن يكون خُلقًا اجتماعيًا. ومن فهم القرآن حق الفهم، علم أن الستر على الناس من دلائل الإيمان، قال النبي ﷺ: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة" (رواه مسلم). فما أجمل أن يكون الإنسان "كريمًا يُميت السر حتى كأنه لا يعلمُه"، يعيش القرآن خلقًا في قلبه ولسانه، فيجعل من كتمان الأسرار بابًا من أبواب الطاعة، ومن الصمت جسرًا نحو رضا الله وحسن المروءة بين الناس.
1011
| 24 أكتوبر 2025
توارثنا في تراثنا العربي والإسلامي قولًا حكيمًا يحمل معنى عميقًا: «وأنفعُ من شاورتَ من كان ناصحًا شفيقًا، فأبصر بعدها من تشاور». هذا القول يلخص فلسفة متكاملة في التعامل مع الرأي والمشورة؛ فلسفة تجد جذورها في القرآن الكريم، الذي جعل الشورى مبدأً أساسياً في الحياة الفردية والجماعية. فالقرآن يصف المؤمنين بأنهم: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38]. ووضع الشورى قرينةً لإقامة الصلاة، مما يكشف عن أهميتها في بناء مجتمع متماسك يقوم على المشاركة لا الانفراد، وعلى الحكمة لا الاستبداد. حتى النبي ﷺ، وهو المؤيد بالوحي، أُمر بمشاورة أصحابه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159]. ولم يكن الأمر شكليًا، بل كان أسلوب قيادة يرسّخ الثقة ويجمع الطاقات، ويمنح الأمة شعورًا بالشراكة في القرار. غير أن القول البليغ يلفت نظرنا إلى نقطة جوهرية: ليست كل مشورة نافعة. فالشورى تحتاج إلى شرط أساس: أن يكون المستشار ناصحًا شفيقًا. فالنصيحة الصادقة هي التي تخلو من الغش والمصلحة الضيقة، كما جاء على لسان الأنبياء: ﴿وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف: 68]. أما الشفقة فهي الرحمة والحرص على الخير، وقد وصف الله نبيه ﷺ بقوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]. إن المستشار الذي يجمع بين النصيحة والأمانة والرحمة، هو وحده من يجعل الشورى بصيرة، ويمنح القرار بعدًا إنسانيًا وأخلاقيًا. أما إذا غاب الصدق أو غابت الشفقة، تحولت الشورى إلى مجرد كلمات تُضل أكثر مما تهدي. واليوم، نحن أحوج ما نكون إلى إحياء هذا المبدأ القرآني في بيوتنا، ومؤسساتنا، ومجتمعنا. فليكن لكلٍّ منا “ناصح شفيق” يثق برأيه، يستشيره في الملمات قبل اتخاذ القرار. فمن استشار من يريد الخير له، أبصر، ومن أعرض عن النصيحة الصادقة، تعثر.
225
| 10 أكتوبر 2025
في عالم يموج بالتحديات والمخاطر، يظل الإنسان بحاجة دائمة إلى ما يربط قلبه بالسكينة والطمأنينة، وليس هناك سبيل أصدق ولا أعمق من التضرع إلى الله. فهو عبادة قلبية ولسانية تجمع بين الخضوع والرجاء، وتفتح للإنسان باب الأمل مهما اشتدت الخطوب. التضرع ليس مجرد دعاء يُرفع في أوقات الكرب فقط، بل هو منهج حياة يُظهر افتقار العبد إلى ربه في السراء والضراء. يقول الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام: 43]. إنه نداء إلهي للبشرية جمعاء، يدعوهم إلى الانكسار بين يدي الخالق، والاعتراف بضعفهم وحاجتهم إليه. فالتضرع يجمع بين التوبة من الذنوب، والاستعانة بالله على قضاء الحوائج، والاستغاثة به في الملمات. وقد علّمنا النبي ﷺ أن الدعاء هو «مخّ العبادة»، إذ يحمل روح العبودية والخضوع لله. ولا يكون التضرع باللسان فقط، بل بالقلب الذي يمتلئ خشوعًا، وبالجوارح التي تترجم صدق الالتجاء إلى الله عبر الطاعة والعمل الصالح. واليوم، ونحن نعيش أزمات عالمية وصراعات متلاحقة، يصبح التضرع إلى الله ضرورة روحية تعيد للإنسان توازنه، وتحرره من القلق والخوف. فهو يعمّق الصلة بالله، ويمنح النفس سكينة تعجز عنها كل أسباب الدنيا. إن التضرع ليس ضعفًا، بل هو قوة المؤمن وسلاحه الذي لا يُهزم، إذ يعلم أن وراء تدابيره وتخطيطه ربًّا رحيمًا بعباده، قريبًا من دعائهم. قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]. فليكن التضرع إلى الله ديدننا في الرخاء قبل الشدة، وفي الفرح قبل الحزن، فهو سبيل الفوز والنجاة، وهو سر الطمأنينة في زمن مضطرب.
210
| 19 سبتمبر 2025
حين يرفع المؤمن يديه إلى السماء، ويؤدي صلاته بخشوع، فإنه لا يضع حجرًا في بناء يومه فحسب، بل يخطّ سطرًا في صحيفةٍ تُعرض على الله يوم القيامة. الصلاة ليست مجرد أداء لحركات وأذكار محفوظة، بل هي كتاب يُكتب في عليّين، تشرق صفحاته بالنور كلما ازداد العبد قربًا من ربه. لقد وصف النبي ﷺ الصلاة بأنها «عمود الدين»، فهي التي تظلّ تربط العبد بربه في كل حال. وما أجمل أن تكون حياة المسلم سلسلة من الصلوات، «صلاة في إثر صلاة»، لا يقطعها غفلة ولا يطفئها انشغال بالدنيا، بل تظل مثل اللؤلؤ المنتظم في عقدٍ واحد، يزيد العبد زينةً ونورًا. إن في كل صلاة فرصة لمحو ذنب، وغرس عمل صالح جديد. وقد شبَّه رسول الله ﷺ الصلوات الخمس بالنهر الجاري على باب أحدنا، يغتسل فيه خمس مرات في اليوم، فلا يبقى من درنه شيء. فما بالنا إذا أضفنا إلى ذلك النوافل والقيام والوتر؟ إنها ليست مجرد عبادات إضافية، بل هي تزيين للكتاب الذي يُكتب في عليّين. وفي زمنٍ تتكاثر فيه المشاغل، وتزداد ضوضاء الحياة، تظل الصلاة هي المرفأ الآمن، واللحظة التي ينفصل فيها القلب عن صخب الدنيا ليتصل بالملكوت الأعلى. كل سجدةٍ هي سطر نور، وكل ركعةٍ هي صفحة بيضاء، وكل دمعة خشوع هي حرف من ذهب في كتاب العبد. فلنحرص أن تكون صلاتنا أكثر من عادة، بل عبادة تُخطّ في سجلّ الخالدين. ولنستضيء في حياتنا بقول رسول الله ﷺ: «صلاة في إثر صلاة، لا لغو بينهما، كتاب في عليين»، لعلنا نُبعث يوم القيامة وكتبنا مشرقة، وصحائفنا عامرة، ووجوهنا ناضرة.
255
| 12 سبتمبر 2025
في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث وتزداد فيه الفتن والابتلاءات، يبقى الملجأ الآمن للمؤمن هو الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء والاستعاذة من سخطه وعقوبته. فالاستعاذة ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عبادة عظيمة تعبّر عن شعور العبد بضعفه، وافتقاره إلى رحمة ربه، وخوفه من عدله إذا أخطأ. لقد حذَّر القرآن الكريم من عاقبة الإعراض عن طاعة الله، فقال سبحانه: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: 17]. فالعقوبة الإلهية قد تكون في الدنيا بما نراه من ضيق وكرب وفساد في المجتمعات، وقد تكون في الآخرة وهي أعظم وأشد. النبي ﷺ علّم أمته أن تستعيذ من سخط الله وعذابه، فكان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» [رواه مسلم]. وهذا الدعاء يضع المؤمن أمام حقيقة كبرى: أنه لا نجاة من الله إلا إليه، ولا حماية من قضائه إلا برحمته. إن سخط الله – والعياذ بالله – يحل حين يجاهر الناس بالمعاصي، ويتركون المعروف، ويظلم بعضهم بعضاً، ويشيع الفساد في الأرض. وقد دلّت السنن الإلهية على أن المجتمعات إذا لم تراجع نفسها وتتب إلى الله، فإن العقوبة تحل بها عاجلاً أو آجلاً. من هنا، فإن الاستعاذة من سخط الله وعقوبته ليست مجرد ترديد دعاء، وإنما هي منهج حياة: • تبدأ بالتوبة الصادقة. • وتستمر بالطاعة والحرص على رضا الله. • وتُترجم في السلوك اليومي بالعدل، والإحسان، وترك الظلم والمعاصي. وفي زمن تتكاثر فيه أسباب الغفلة والانشغال بالدنيا، تبقى هذه الاستعاذة صرخة إيمان توقظ القلب: أن النجاة الحقيقية ليست في المال ولا المنصب، بل في رضا الله وعفوه. إنها دعوة لكل مؤمن أن يجعل هذا الدعاء على لسانه وقلبه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك»، فهي كلمات جامعة تجمع بين الخوف والرجاء، بين رهبة العقوبة ورغبة الرحمة.
198
| 29 أغسطس 2025
في زحمة الحياة وتسارع الأيام، قد تنشغل الجوارح وتغفل القلوب، وتبهت البصائر وسط ضجيج الدنيا. ومن أخطر ما يصيب القلب في هذا الزمن، داءٌ خفيّ لا يُرى، ولكنه يُميت الروح ويُعطل البصيرة، ألا وهو الغفلة. الغفلة ليست مجرد نسيان مؤقت، بل هي إعراض دائم عن ذكر الله، وانشغال بالدنيا عن الآخرة. قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205]. وفي هذه الآية توجيهٌ إلهيّ صريح لليقظة، وتنبيهٌ من الغفلة التي تجرّ إلى المهالك. إن القلب الغافل كالأرض القاحلة، لا تُثمر ولا تُزهر، بل قد تموت وهي في ظاهرها حيّة. والغفلة تبدأ من صغيرة، كتأخير الصلاة، أو تجاهل القرآن، أو الركض خلف الدنيا، حتى تصبح حالة دائمة تُظلم معها النفس وتضعف الصلة بالخالق. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الداء، فقال: «تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشربها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء…» [رواه مسلم]. وفي الحديث إشارة إلى أن القلب الغافل يصبح معرّضًا للفتن، وتُطمس فطرته شيئًا فشيئًا حتى يصبح منكوسًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا. ولكن رغم خطر هذا الداء، فإن الدواء متاح، والشفاء قريب. فاليقظة تبدأ من لحظة صدق مع النفس، ومن عودة خاشعة إلى الله، ومن إحياء القلب بذكر الله وتلاوة القرآن، ومجالسة الصالحين، والتفكّر في الموت والآخرة. فلنُراجع أنفسنا، ولنُطهر قلوبنا من الغفلة قبل أن يُقال: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22]. إنها دعوة صادقة لاستيقاظ القلب، قبل أن يُطبع عليه، وقبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
249
| 08 مايو 2025
في هذا العصر المتسارع، حيث تختلط المفاهيم وتتداخل الشعارات، نعيش أزمة أخلاقية وفكرية حقيقية، تتجلى في محاولات ممنهجة لتزييف الحقائق وقلب الموازين. ومن أبرز مظاهر هذا التزييف أن تُقدَّم الرذيلة في ثوب الحرية، ويُروَّج للفواحش والانحرافات باعتبارها «حقوقًا شخصية» و«تعبيرًا عن الذات». لقد كرّم الله الإنسان ووهبه الإرادة والحرية، لكنه وضع لها ضوابط تحفظ كرامته وتصون فطرته. قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]. وهذه الحرية التي منحها الله تعالى للإنسان ليست مطلقة دون قيد، بل هي حرية مسؤولة، تُضبط بالشرع والعقل، وتُوجَّه نحو الخير والحق. لكن المؤسف أن بعض الأصوات اليوم تدعو إلى هدم القيم الدينية والاجتماعية باسم الحرية، حتى بات المجاهرون بالمعصية يُحتفى بهم، وتُفتح لهم المنابر والمنصات، في الوقت الذي يُتهم فيه المتمسكون بالقيم بالتشدد والانغلاق. وقد قال الله تعالى في التحذير من هذا المسلك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 19]. إن الحرية الحقيقية لا تعني المجاهرة بالفاحشة، ولا انتهاك ثوابت الأمة، ولا الطعن في المقدسات، بل هي ممارسة للحق دون ظلم، وبناء للإنسان لا تدمير له. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين…» [رواه البخاري]. فكيف يُعذر من لا يكتفي بالمعصية، بل ينشرها ويدعو إليها ويزخرفها بألفاظ خادعة؟ وإن المتأمل في خطاب بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل يدرك مدى التأثير الخطير لهذا الخطاب المسموم، حيث تُروَّج أنماط منحرفة من السلوك، ويُقدَّم الانفلات الأخلاقي على أنه «تحضُّر» و«تمدُّن»، حتى باتت القيم تُصور وكأنها عائق في وجه التقدم، والحياء عيبًا يُنتقد. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» [رواه البخاري]. من هنا، فإن مسؤولية الكلمة تتعاظم في هذا الزمان، ويجب على الكتّاب والمثقفين والدعاة أن يتصدّوا لهذا التزييف، وأن يوضحوا الفرق بين حرية مسؤولة تبني، وحرية مزعومة تهدم وتُفسد. إن إعادة الاعتبار للقيم، والتمسك بالأخلاق، ليس رجعية كما يُروَّج، بل هو حماية للإنسان، وصون لكرامته، وامتثال لأمر الله الذي قال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]. فلنكن صرحاء: الرذيلة لا تتحول إلى فضيلة لمجرد أن تُزين بألفاظ براقة، ولا يصح أن نقبل التعدي على قيمنا وهويتنا تحت أي مسمى. فالحرية التي تُفصل عن الدين، لا تلد إلا فوضى، والرأي الذي يتجاوز حدود الأخلاق، لا يُعد رأيًا ناضجًا، بل سقوطًا حضاريًا ينبغي التنبه لخطورته قبل فوات الأوان.
549
| 12 أبريل 2025
مساحة إعلانية
 
        نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6633
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6492
| 24 أكتوبر 2025
 
        المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2676
| 28 أكتوبر 2025
 
        كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2013
| 30 أكتوبر 2025
 
        جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1698
| 26 أكتوبر 2025
 
        على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1506
| 27 أكتوبر 2025
 
        النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1068
| 24 أكتوبر 2025
 
        لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1017
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1011
| 24 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1008
| 29 أكتوبر 2025
 
        “أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
942
| 27 أكتوبر 2025
 
        عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
852
| 26 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
