رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاطمة سعد النعيمي

* أستاذ التفسير وعلوم القرآن- كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر

مساحة إعلانية

مقالات

198

د. فاطمة سعد النعيمي

درعُ المؤمن في زمن الفتن

29 أغسطس 2025 , 04:51ص

في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث وتزداد فيه الفتن والابتلاءات، يبقى الملجأ الآمن للمؤمن هو الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء والاستعاذة من سخطه وعقوبته. فالاستعاذة ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عبادة عظيمة تعبّر عن شعور العبد بضعفه، وافتقاره إلى رحمة ربه، وخوفه من عدله إذا أخطأ.

لقد حذَّر القرآن الكريم من عاقبة الإعراض عن طاعة الله، فقال سبحانه: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ [الجن: 17].

فالعقوبة الإلهية قد تكون في الدنيا بما نراه من ضيق وكرب وفساد في المجتمعات، وقد تكون في الآخرة وهي أعظم وأشد.

النبي ﷺ علّم أمته أن تستعيذ من سخط الله وعذابه، فكان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» [رواه مسلم].

وهذا الدعاء يضع المؤمن أمام حقيقة كبرى: أنه لا نجاة من الله إلا إليه، ولا حماية من قضائه إلا برحمته.

إن سخط الله – والعياذ بالله – يحل حين يجاهر الناس بالمعاصي، ويتركون المعروف، ويظلم بعضهم بعضاً، ويشيع الفساد في الأرض. وقد دلّت السنن الإلهية على أن المجتمعات إذا لم تراجع نفسها وتتب إلى الله، فإن العقوبة تحل بها عاجلاً أو آجلاً.

من هنا، فإن الاستعاذة من سخط الله وعقوبته ليست مجرد ترديد دعاء، وإنما هي منهج حياة:

• تبدأ بالتوبة الصادقة.

• وتستمر بالطاعة والحرص على رضا الله.

• وتُترجم في السلوك اليومي بالعدل، والإحسان، وترك الظلم والمعاصي.

وفي زمن تتكاثر فيه أسباب الغفلة والانشغال بالدنيا، تبقى هذه الاستعاذة صرخة إيمان توقظ القلب: أن النجاة الحقيقية ليست في المال ولا المنصب، بل في رضا الله وعفوه.

إنها دعوة لكل مؤمن أن يجعل هذا الدعاء على لسانه وقلبه: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك»، فهي كلمات جامعة تجمع بين الخوف والرجاء، بين رهبة العقوبة ورغبة الرحمة.

مساحة إعلانية